دليل الطالبين إلى معرفة القراء الجزائريين المجازين
11-03-2015, 03:46 PM
إنَّ الله قد شرَّف هذه الأمَّة ببعث خاتم النَّبيّين لها، وأكرَمَها بالكتاب المبين، وبيَّن تفاعُل المؤمنين معه ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ ﴾[البقرة: 121]، ومن حقِّ تلاوته ترْتيله كما نزل على النَّبيّ الأمّي؛ إذْ على الله حفْظُه وقرآنه؛ ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، فتلقَّاه الصَّحابة مِن في النَّبيّ - عليْه الصَّلاة والسَّلام - ومنهُم إلى تابعِيهم، ثمَّ مَن تلاهم يقرؤونه كما نزل، فحفِظوا حرفه وكيفيَّة قراءته.
ولمَّا بزغ نَجم الإسلام وسطع نورُه على أرض الشّمال الإفريقي، كانت عِناية القوم بكتاب الله تعالى، فشيَّدوا المدارس والكتاتيب والزَّوايا؛ لحفظ القرآن وتلْقين علومِه للنَّاشئة، فكان ذاك امتِدادًا تاريخيًّا حضاريًّا لسلَف الأمَّة في عنايتهم بالكتاب المبين، حتَّى برز في ربوع البلاد عُلماء في القِراءات ممَّن تلقَّوا القرآن مشافهةً من لدُن أولي الإتقان، جامعين بين الدّراية والرّواية.
غير أنَّ بلاء البلاد بغزْو الفرنجة، وحرْبهم المسْعورة على الهويَّة الإسلاميَّة لأهلها، جعلَهم يستهْدِفون ركيزتَها وهي القرآن الكريم، حتَّى انقطع سند القِراءة، "ولَم يكن لذاك سببٌ سلْبي أو إهمال حضاري ... بل ما تعرَّضت له الجزائر من احتِلال دام قرنًا وثلاثين عامًا، وهو يعنِي بالنّسبة لعلم القراءات ثلاثةَ أجيال أو ثلاثَ طبقات من طبقات الأخْذ والتلقِّي ... غير أنَّ المرجعيَّة التي كانت موجودة في الزَّوايا والمساجد في المدُن والقرى، استطاعتْ أن تحافظ على النَّصّ القرآني بِرَسْمه العُثماني في غاية التَّدقيق والتَّوفيق ... وأصْبح الإقْراء في بلادِنا يعتمِدُ على حِفْظ النَّصّ القرآني دون ترْتيله وتَجويده، بعيدًا عن أصول الرّواية المعْروفة والثَّابتة عن ورش من طرقه ... غير أنَّ ماضيَ الجزائر يشهد لآثار العُلماء المقْرئين، الَّذين حطُّوا رِحالَهم في هذه الأرض الطَّيِّبة، عبر تاريخها العريق"[2].
مشايخ القراءات سنوات الاحتلال:
الشَّيخ محمَّد بن أبي القاسم البوجليلي، تلميذ الشيخ أمزيان بن الحدَّاد بطل ثورة 1871م، وهو صاحب تأْليف يزخَر بفوائد مهمَّة، وأثبت سندَه في عِلْم القراءات ببلاد زواوة[3]؛ الَّتي اشتهرت بمعاهدِها الخاصَّة بفنّ القِراءات،
تلك المعاهد الَّتي كانت محطَّ رِحال المقْرئين طيلة العهد العثماني، وكان يقْصدها الطلاَّب من القطاع القسنطيني وتونس، قال الشَّيخ محمد بن أبي القاسم البوجليلي في رسالته بعد الدّيباجة: "وبعد، فهذه تبصرة لما قرأْناه من روايات العشْر عن أساتذتِنا المشايخ الأعلام..."[4].
ولمَّا بزغ نَجم الإسلام وسطع نورُه على أرض الشّمال الإفريقي، كانت عِناية القوم بكتاب الله تعالى، فشيَّدوا المدارس والكتاتيب والزَّوايا؛ لحفظ القرآن وتلْقين علومِه للنَّاشئة، فكان ذاك امتِدادًا تاريخيًّا حضاريًّا لسلَف الأمَّة في عنايتهم بالكتاب المبين، حتَّى برز في ربوع البلاد عُلماء في القِراءات ممَّن تلقَّوا القرآن مشافهةً من لدُن أولي الإتقان، جامعين بين الدّراية والرّواية.
غير أنَّ بلاء البلاد بغزْو الفرنجة، وحرْبهم المسْعورة على الهويَّة الإسلاميَّة لأهلها، جعلَهم يستهْدِفون ركيزتَها وهي القرآن الكريم، حتَّى انقطع سند القِراءة، "ولَم يكن لذاك سببٌ سلْبي أو إهمال حضاري ... بل ما تعرَّضت له الجزائر من احتِلال دام قرنًا وثلاثين عامًا، وهو يعنِي بالنّسبة لعلم القراءات ثلاثةَ أجيال أو ثلاثَ طبقات من طبقات الأخْذ والتلقِّي ... غير أنَّ المرجعيَّة التي كانت موجودة في الزَّوايا والمساجد في المدُن والقرى، استطاعتْ أن تحافظ على النَّصّ القرآني بِرَسْمه العُثماني في غاية التَّدقيق والتَّوفيق ... وأصْبح الإقْراء في بلادِنا يعتمِدُ على حِفْظ النَّصّ القرآني دون ترْتيله وتَجويده، بعيدًا عن أصول الرّواية المعْروفة والثَّابتة عن ورش من طرقه ... غير أنَّ ماضيَ الجزائر يشهد لآثار العُلماء المقْرئين، الَّذين حطُّوا رِحالَهم في هذه الأرض الطَّيِّبة، عبر تاريخها العريق"[2].
مشايخ القراءات سنوات الاحتلال:
الشَّيخ محمَّد بن أبي القاسم البوجليلي، تلميذ الشيخ أمزيان بن الحدَّاد بطل ثورة 1871م، وهو صاحب تأْليف يزخَر بفوائد مهمَّة، وأثبت سندَه في عِلْم القراءات ببلاد زواوة[3]؛ الَّتي اشتهرت بمعاهدِها الخاصَّة بفنّ القِراءات،
تلك المعاهد الَّتي كانت محطَّ رِحال المقْرئين طيلة العهد العثماني، وكان يقْصدها الطلاَّب من القطاع القسنطيني وتونس، قال الشَّيخ محمد بن أبي القاسم البوجليلي في رسالته بعد الدّيباجة: "وبعد، فهذه تبصرة لما قرأْناه من روايات العشْر عن أساتذتِنا المشايخ الأعلام..."[4].