تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > منتدى الأدب > منتدى القصة القصيرة

> ميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنو

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
أبو المجد مصطفى
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 28-03-2016
  • المشاركات : 191
  • معدل تقييم المستوى :

    9

  • أبو المجد مصطفى is on a distinguished road
أبو المجد مصطفى
عضو فعال
ميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنو
02-06-2020, 07:50 PM
مينــــــــــــــــــــــــــــــــــو
(ميو.ميو.ميو)
هذا صوت الهر مينو...صوت خافت و لحوح أجبر حميد على أن يتريث قليلا قبل الإقدام على تنفيذ قراره.
كان الهر هنا وسط الشرفة التي تزين هذا المسكن الجميل...
المنزل يقبع في الطابق العشرين من هذه العمارة السامقة التي تناطح كبد السحاب...
نسيم منتصف الليل البارد يداعب فرو مينو الوديع.
ألتقط حميد الحيوان اللطيف بين ذراعيه...قبله بين عينيه بشفتين مرتعشتين. لقد كان الهر حائلا بينه و بين موت محقق...
هرع حميد إلى المطبخ ...أخرج من الثلاجة قارورة لبن طازج و سخن نصف الكمية و قدمها إلى الهر الذي يرتعد من وطأة البرد ..
راح مينو يلعق اللبن في نهم و نشوة بالغين...
ويمم حميد شطر الشرفة مجددا. عزم هذه المرة ألا يصرفه أمر آخر على تنفيذ قراره...أجال بصره للمرة الأخيرة على جدران البيت و متاعه...و على أطار خشبي مثبت على الحائط يحتوي صورته مع زوجته يوم الزفاف...يومها كان أنيقا و بريئا.
تسمر بصره أخيرا على مينو الذي لا يزال يلتهم طعامه...
أسرع صوب سياج الشرفة ليقفز إلى الأسفل و يسافر نحو المجهول.
-احترس يا هذا أن تهشم سطح سيارتي عندما تنتحر-
كان الصوت هادئا تكتنفه القسوة و الجفاء...
رجل حميد كانت قد جاوزت السياج حين التقطت أذناه ذلك الهمس الآتي من قريب...
انه صوت جاره الذي كان جاثما على الشرفة المجاورة.
كهل قد انطفأت ملامح الشباب من قسمات وجهه لتفسح المجال لطلائع الشيخوخة.
خرج من السجن حديثا بعد أن قبع في محبسه خمسة أعوام...
لا أحد يعلم حقيقة حبسه...لكن بائع اللبن في الحي همس في سمع حميد ذات مرة بأن الرجل قد اختلس أموالا طائلة من خزينة مصنع الملابس الجاهزة...
سحب الكهل نفسا عميقا من سيجارته و أردف :
– لقد أنفقت مالا طائلا على إصلاح تلك السيارة عند ميكانيكي متغطرس و لست مستعدا للإنفاق مجددا-
تطلع حامد في ضجر صوب هذا الجار النزق و لاذ بالصمت ...
في هذه اللحظة كان مينو يتمسح بالساق الثانية التي ما تزال فوق الشرفة و كأنه ممتن لصديقه على وجبة اللبن الساخن التي التهمها للتو..
انبعث الصوت الهادئ مجددا من جوف سحابة عظيمة من الدخان :
– كل هذا الضجيج فقط لأنهم طردوك من الشركة ؟-
امتلأ حميد غيظا و نطق هذه المرة مرغما :
– من أنبأك بهذا الأمر؟-
أجاب الرجل و هو يتطلع إلى أسفل العمارة:
- -لا تنس أن زوجتي و زوجتك جارتان حميمتان و أكيد أن أسرارهما مشتركة -
طأطأ حميد رأسه و قال في أسى:
– لقد سئمت الحياة و سئمتني الحياة. أنا كائن ميت قبل الأوان-
- و تزعم أن الانتحار هو الحل ؟-
قال حميد بصوت متهدج:
– اليوم لم يحيني ولدي كريم بتحية الصباح كما العادة-
قاطعه الرجل و هو يشعل سيجارة جديدة:
- فقدانك الوظيفة ليس هو خراب البصرة كما يقولون –
أجاب حامد و ساقه لا تزال متوثبة للقفز وراء الشرفة:
– لأول مرة منذ زواجنا قدمت لي زوجتي اليوم على مائدة الغذاء حساء باردا لا مساغ له-
نفث الكهل ما تبقى من دخان من أدغال رئتيه قائلا:
– قال الأقدمون أن التجربة هي نصف العلم و الحق أن تجربتك في الحياة متواضعة -
أجاب حميد في ثقة:
- أنا موظف مستقيم و لا أعرف الالتواء و التملق إلى المسؤولين-
أسفل العمارة كان صخب السيارات كبيرا...حشود بشرية ضخمة ترتاد الأرصفة في ليلة رأس السنة.
الأضواء تلف كل الشوارع و واجهات الحوانيت الفاخرة تبهر العيون المتعطشة للحياة و البذخ...
حميد كان يرمق هذه المشاهد جميعا بعين كاسفة . لقد زهد في الحياة و زهدت فيه الحياة أيضا...
منذ أن افتقد الوظيفة أصبح يشعر أن جزءا كبيرا من كيانه انطفأ كما تنطفئ الشمعة حينما تعبث بها الرياح..
لكنه افتقد مينو فجأة و صاح ما وسعه الصياح: (مينوووووووووو).
كان الهر يتشبث مذعورا بقمة الماسورة مسترسلا في مواء حاد.
رمى الكهل بقايا سيجارته و قال متهكما :
– أكيد أن مينو يود الانتحار أيضا اقتداء بسيده-...وأغلق شرفته و اختفى.
لم يحفل حميد بكلام الرجل و على الفور تسلق الماسورة الملساء بصعوبة بالغة...
كانت مبللة ببخار الضباب الذي بدأ يبسط سلطانه على قمم العمارات الشاهقة. الطقس المتجمد كان يلسع جميع الأشياء.
كانت يداه الخشنتان تنزلقان في كل مرة على سطح الماسورة الموغلة في الارتفاع ...
وصل حميد إلى القمة بعد لأي و جبينه يتفصد عرقا رغم برودة المكان.
في أسفل العمارة تكدس الفضوليون و المتسكعون و هم يتطلعون نحو الماسورة في خوف و جزع...و صرخت عجوز قد فقدت جميع أسنانها تقريبا :
- أدركوا الرجل يا شباب...سوف يسقط لا محالة -
التقط حميد الهر بلهفة و ضمه إلى حضنه في عطف بالغ و نزل من الماسورة بسلاسة و هو يردد:
( لن نفترق أبدا يا مينو)...
التعديل الأخير تم بواسطة أبو المجد مصطفى ; 02-06-2020 الساعة 07:52 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية Mavi gül
Mavi gül
مشرفة (سابقة )
  • تاريخ التسجيل : 28-09-2009
  • المشاركات : 2,044
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • Mavi gül is on a distinguished road
الصورة الرمزية Mavi gül
Mavi gül
مشرفة (سابقة )
رد: ميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنو
02-06-2020, 08:08 PM
الله !! جميلة جدا قصصك القصيرة أتهلف دائما لقراءتها
لماذا لا تجمعها وتُصبح كتابا يُروّج له !

إني اذوب في الجحيم صديقي أو ما أطلقته عنك الوتين ..أراني أنحدر في الهاوية أتمنى يا صديقي أن تغفر لي الندوب الظاهرة واللاظاهرة لم أتعمد إحداث كل هذه الكوارث العابرة لديك .

كنت تظن بانك تستطيع إخفاء الوجع لكنك مخطئ، مثلما أخطأُتُ_أنا_كثيرا يوم هربت و مازلت أهرب ظنّا مني أن ما نهرب منه لا يظهر على أجسادنا ، و أنه يمكننا أن نُخفي كل الثقوب بثوب أو قطعة قماش أو حتى كريم من كريمات التجميل القذرة.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية Ayate.dz
Ayate.dz
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 27-03-2017
  • الدولة : الجزائر (جيجل)
  • المشاركات : 2,091
  • معدل تقييم المستوى :

    10

  • Ayate.dz will become famous soon enough
الصورة الرمزية Ayate.dz
Ayate.dz
شروقي
رد: ميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــنو
02-06-2020, 11:11 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قصة جميلة ..كالعادة ..
دمت ودام قلمك ينبض ..

تحياتي ..

" لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
وهو على كل شيئ قدير"
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 01:40 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى