نلتقي عناقاً ثـــم نفترق خصاماً !!
19-10-2018, 08:30 AM
بسم الله الرحمن الرحيم











نلتقي عناقاً ثـم نفترق خصاماً !!
عجباً كيف أبدو طاغياً حين أبدو صاغياً ؟!. وتلك عيني تغافلت ولم تنم تكاسلاً .. ولكنها تعمدت أن تهجر العناد .. فلنقل أن إبهار الجمال قد أسدل الستار .. والإحداق في الشمس مستحيل بالنهار .. عفواً وأعذاراً نبذلها لنخلق حالة الوفاق .. رغم أن الطباق يضطرب في قلب لا يرتقي بالحوار .. كانت دائماً رشفة اللوم والعتاب منها تمهيداً للخصام .. رشفات لكؤوس مريرة المذاق شربناها وعهدناها بالتكرار .. فكم كانت تلك الكؤوس وفيرة في مدى المشوار .!. كنت وفياً أستر الكؤوس تلو الكؤوس حتى أصونها من المساس والانكسار .. وكانت في قمة الجفاء تبحث دائما عن شوكة في سلة الورود لتعلن لحظة الانهيار .. كانت تتعمد أن تصيب الإحساس بالجراح !.. حتى توجد الجدال تلو الجدال .. النفي من جانبنا والإثبات من جانبها حتى كلت الأسباب !.. ورغم ذلك فإن القلب يشتكي هياماً ويجتهد لينسى حروب العتاب .. لما لا تتركي الأحوال على السجية الرحبة والانسياب يا ابنة الأجاود ؟.. ولما ذلك التبشير دائماً يعقبه ذلك التكشير ؟.. ولما تلك الضحكة دائماً تعقبها الدمعة والتكدير ؟.. أين نزعة السماحة والعفو في قلب دائماً يطالب بالتفسير ؟؟ .. لما لا تكوني كالسحابة تجود فيضا وكرماً ينتشي بوجدان الصغير والكبير .. وهل يعقل أن تمطر السحابة جمراً يحرق بالقسط والتقطير؟.. في الماضي كانت روائع الألحان تعزف نغمات اللقاء عذبةً دون عائق يشطر الأوتار .. وقد تبدل الحال من الوفاق للشجار !.. وكل مرة نلتقي فيها يتردد القلب في خطواته ويقول هل ينتهي الحفل اليوم بالوئام ؟؟. أم ذلك الخصام والحروب كالعادة عند الختام ؟؟ .. وتلك هواجس تغم الأنفس وتفقدها عذوبة اللقاء قبل اللقاء .. وقد تكررت الحالة بقدر يماثل الهلال في الإشهار .. فلماذا العسر لديكم دائما بعد اليسر .. ولا يكون اليسر لديكم دائماً بعد العسر ّ!.. نلتقي حين نلتقي عناقاً ونحن فرح وطرب .. ونفترق حين نفترق خصاماً ونحن سخط وغضب !.. ومن الأمور العجيبة أن نواميسكم ترفض تلك الخاتمة السعيدة .. ومهما نحسن النوايا ونطرد الماضي عن الأذهان تنمو خصومات جديدة !.. حين نلتقي أحسن النوايا وأجلب لها باقات الزهور علامة الوداد والترحاب والخضوع .. وهي تبيت النوايا وتجلب لنا باقات اللوم والعتاب ثم المناديل للدمــوع !.. فنحن لا نلتقي ونفترق أبداً في لحظات حبور واتفاق !. بل نلتقي دائماً في لحظات حبور وسرور ثم نفترق في لحظات ويل وثبور !! .. ولديها حكمة عجيبة حيث ترى أن الجدال والخصام فرضاً يؤكد عروة الحب والوداد !.. وأنا أرى أن كثرة الطرق في موضع الجرح يترك الآثار بكثرة المساس !.. وتلك الطرقات تؤكد أن الموضع قد ينال كفايته وينتهي يوماً بقلة الإحساس !.. آثار لا تليق بطارق يمتطي المهارة والعقل فرساً من الأفراس .. ولا تليق بصاحب حكمة يتجاهل التنبيهات بالتحذير والأجراس!.. وتلك العلامات كلها تؤكد أننا نختلف نهجا في الأساليب والمقاصد .. والمعضلة تتجلى في سؤال يقول : إذا كانت تلك هي الأحوال ونحن في الطريق إلى الأسواق فكيف يا ترى حدة الأحوال بيننا ونحن في قلب الأسواق ؟.. ورغم التباين في المواقف فإن القلوب في غفلة تقيم جسور البين دون اكتراث ودون أن تبالي !.. وتلك حماقة ما بعدها حماقة في المودة وفي خطوة المشوار .. شمل يجمع القلبين هياماً ثم شتات يفرق القلبين خصاماً !.. يد تارة تلبس دبلة الخطوبة رغبة وشغفا وتارة أخرى تنزعها سخطاً وغضباً ! .. وذاك ناصح حكيم ينصح ويقول أن البر أسلم للسابح في اتخاذ القرار قبل أن يغوص في الأعماق !.. أما القرار في لجة العواصف والأمواج فذاك قرار الإنسان الغشيم !
ــــــــــــ
الكاتب السوداني / عمرعيسى محمد أحمد