"أمّ" تعذّب رضيعها وتمزّق جسده بسكين في تلمسان
19-09-2016, 10:11 PM


سميح. ب


عرفت قصة الطفل "محمد مهدي"، الذي تجاوز سنتين بأشهر معدودات، نهاية دراماتيكية،. الطفل الذي سبق لـ"الشروق" أن زارته ببيته العائلي بقرية "العقيد عباس" المعروفة محليا باسم "أولاد قدّور"، التي تبعد عن بلدية مغنية ببضعة كيلومترات، وهناك التقينا بالأم التي صرّحت بأن ابنها يعاني منذ أخذه لقاح خمسة أشهر، ووسط توسلات الطفل الذي كان يبكي وينادي على جدّته "ميم ميما"، حينها لم نكن نفهم السبب الذي يدفع رضيعا للاستنجاد بجدته وأمه بجانبه. وتحدثت الأم عن مخلفات اللقاح، وحتى عن إهمال طبي بمستشفى تلمسان الجامعي.
موضوع ألّب الرأي العام، وعبّر الكل عن تضامنه مع العائلة، التي زارها عضو من مجلس الأمة، الذي أخد القضية على عاتقه ووعد العائلة بإيصال نداءاتها إلى أعلى السلطات. بعد موضوع "الشروق اليومي" الذي سلّط الضوء على قضية مهدي، تفاجأنا بكم هائل من الاتصالات، من طرف أخصائيين في قطاع الصحة، أجمعوا في حديثهم إلينا على إبداء شكوكهم حول الرواية، ومؤكدين أن اللقاح لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يخلف أعراضا على جلد الإنسان، خاصة وأن الأمر يتعلق بلقاح خمسة أشهر والطفل حاليا يبلغ من العمر عامين وشهرين.
من جهته، مدير الصحة بولاية تلمسان، وفور اطلاعه على الأمر أمر بتكفل تام وعاجل بالطفل على مستوى طب الأطفال بمستشفى تلمسان. ومن هناك بدأت خيوط القضية تتضح، خاصة أن تسليط الضوء عليها إعلاميا زاد من حدّة الضغوطات. وبدأت الصدامات منذ الساعات الأولى، حيث لم تتوان الأم في توجيه اتهام للطبيب المشرف على حالة ابنها بأنه هدّدها. لكن ملف الطفل محمد مهدي كشف أمورا أخرى، وأبرزها أنه سبق له أن زار ذات المصلحة مرتين، ففي الأولى تعرض لكسر في أصابع يده، وقالت العائلة حينها إنه سقط خلال نومه. سبب لم يقنع الأطباء أو بعبارة أخرى أثار دهشتهم، وسجّلوها في خانة كل شيء ممكن. ثم عاد مهدي مرة أخرى وفي حالة أخطر مصابا بكسور في الرجل. ليعالج ويعود إلى عائلته من جديد، قبل أن يأتي في المرة الثالثة ولحمه ممزق، إضافة إلى عينه المنتفخة التي تنزف دما.
وضعية مرعبة لم يجد لها الأطباء تفسير، خاصة وأن اللقاح الذي تحدثت عنه العائلة مرّ عليه وقت طويل. ليبقى الطفل محمد مهدي تحت معاينة طبية مستمرة ساهمت في تحسن حالته بشكل كبير، كما أثارت حالته شكوكا كبيرة، وساهم اتهام العائلة للعيادة متعددة الخدمات بمغنية بكون لقاحها تسبب في هذه الحالة المرضية الغريبة، إضافة إلى تواصل اتهاماتها ومحاولاتها لتوريط الطاقم الطبي السّاهر على علاج الابن على مستوى المستشفى الجامعي بتلمسان، إلى بقاء القضية تحت التحقيقات الأمنية. ليبدأ مسلسل كشف الحقائق، بعدما عادت حالة الطفل لتسوء مجدّدا وظهور جروح جد خطيرة مع تدفق الدماء من ركبته، لتستنجد الأم بالممرضين والأطباء، حيث على الفور تنقل إلى عين المكان الأطباء الذين تفاجؤوا من الحالة. فتقرر على الفور تحويل الطفل إلى الطبيب الشرعي من أجل معاينته.
كما تنقل وكيل الجمهورية المساعد المكلف بالقضية إلى عين المكان ووقف على الجريمة رفقة مصالح الأمن التي اقتادت والدة الطفل فورا للاستماع إليها، خاصة أن تقرير الطبيب الشرعي أشار إلى تعرض الطفل إلى طعنات بسلاح حاد، لتنهار الأم بعد مواجهتها بالحقائق كاشفة بأنها مزّقت جسد صغيرها بسلاح أبيض. مبررة فعلتها ببحثها عن المال من خلال استجداء تعاطف المحسنين، وهو الأمر الذي نجحت من خلاله خاصة أن عدة شباب بادروا إلى إنشاء صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي لمساندة الطفل، كما ذهب الإعلام ضحية إنسانية، كنّا نظن أنها لن تصل إلى حد تعذيب البراءة.
الأم تمّ تقديمها صبيحة الإثنين، أمام السيد وكيل الجمهورية لدى محكمة تلمسان، بتهمة سوء المعاملة والعنف الجسدي ضد الأطفال. أين أودعها الحبس الاحتياطي في حين قد تطالها تهم أخرى مثل الإساءة إلى هيئة عمومية والوشاية الكاذبة، وحتى تضليل الرأي العام. حيث سبق لمدير الصحة بولاية تلمسان، أن أكد أن الدعايات حول التلقيح من شأنها أن تدفع ببعض العائلات إلى عدم تلقيح أبنائها رغم أن هذا الأمر سيشكل خطرا كبيرا على صحة أبنائهم، فاللقاح ساهم في القضاء على عدّة أمراض خطيرة كالسل والشلل وغيرها. داعيا المواطنين إلى عدم تصديق الدعايات وتلقيح أبنائهم لحمايتهم من مختلف الأمراض.