دول العالم الثالث و الكهرباء ! قصة حبٍّ أزلية !!
15-07-2017, 03:07 PM
دول العالم الثالث و الكهرباء ! قصة حبٍّ أزلية !!


أتى فصل الصيف بدرجات حرارته المرتفعة ليجد الجزائريين بلا كهرباء أو لنقل شبه كهرباء تقيهم حره و ثِقَل وطأته ، فالإنقطاع المتكرر للتيار الكهربائي صار عشوائيَ الوقت و المكان من غير سابق إنذار أو إشعار ، فلا يمكنك توقع وقت انقطاعه و لا المكان الذي سينقطع فيه ، و لم تسلم المدن الكبرى من ويلات هذه الانقطاعات المتتالية للكهرباء و هي التي تُعتبر مركزا للمؤسسات الإقتصادية الخاصة و العمومية إضافة إلى المؤسسات الإجتماعية على غرار المستشفيات و المصالح التي تُعنى بالحالة المدنية للمواطن الجزائري فكلُّ ذهاب للكهرباء لن يجعل بورصة الأموال و التعاملات التجارية تشفق على اقتصادنا الوطني و لن يجعل أجهزة الإنعاش المستعملة في العمليات الجراحية و المداومة العلاجية لأصحاب الأدواء المزمنة تشفق على صحتنا و صحة مرضانا و لن يجعل من التطور و التقدم في قضاء حوائج المواطنين بمرونة و يُسر أمرا هيّنَ المنال لنبقى نحوم في عِيٍّ لازمنا لسنوات عديدة قد خلت و ستأتي ، فمتى سينصرف عنّا هذا العِيُّ إن لم نهيئ الظروف و الأسباب لذلك !

ليس تزيدا و لا نكاية إن قلنا أنّ المصالح المعنية بتوزيع و مراقبة الكهرباء هي المسؤول الأول عن هذه المعاناة الكهربائية ! ، آلاف المكالمات ترد مصالح سونلغاز ساعيا و لكن هل من مجيب ؟ ،
أمّا إنْ حالفك الحظ يوما و كلمت عاملا هناك فلا تنتظر حلا واقعيا و عمليا يشفي غليلك و يُذهبَ فيض الحنق المتأجج في ذاتك بل بالعكس تماما ستستمع إلى فيضٍ غزير من الوعود السحرية بحلولَ آنية ، فقط أثناء ثواني تلك المكالمة !

ما سر هذه الإنقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي يا ترى و نحن في القرن الواحد و العشرين قرن الفوتون و الالكترون و الكوارك ! ، كان من المفروض أن لا نشغل ذواتنا و عقولنا بمسائل كهذه في وقتنا الحالي ، أوروبا على سبيل المثال لم تعد تعترف بمصطلح اسمه انقطاع الكهرباء منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية و إعادة تعمير أوروبا و انصرف سكانها إلى العلم و المعرفة و إلى الصناعة و التكنولوجيا إضافة إلى كثير من الأمور المفيدة التي ترتقي بالمجتمع و أفراده ليعيشوا "بريستيجا" حقيقيا في حياتهم اليومية ناهيك عن عطلهم و فترات الراحة لديهم ، أما دول العالم الثالث فلا زال شغلها الشاغل انتظار عودة التيار الكهربائي و وقت قدوم شاحنة الحليب أو شاحنة شحن وتفريغ القمامة و الإصطفاف في طوابير على مدّ البصر من أجل قبض راتب زهيد لا يسمن و لا يغني من جوع !

أ يعُقل في جنة تجري من تحتها أنهار النفط و آبار الغاز أن ينقطع فيها التيار الكهربائي يوميا و بلادٌ أخرى تستورد من عند هذه الأخيرة النّفط و الغاز لا ينقطع فيها التيار أبدا ؟ ، إن هذه المفارقة الصارخة و الصامّة للعقول تلخص كل شيئ و تثبت حقائق كثيرة مؤسفة الخاسرُ الأول و الأخير و ما بين ذلك هو الشعب ، إن قدِم فصل الشتاء لا يجد قارورة غاز تدفئ مفاصله و توقف أسنانه من الإصطكاك ، و إذا جاء فصل الصيف لا يجد تيارا كهربائيا ليشرب ماءا باردا يُثلج به صدره و لا مكيفا هوائيا ينسيه لهيب يوم شاق من الكد و العمل في ورشات عمل على الهواء اللاّهب أم أنّها سُنَةُ العالم الثالث و ما علينا إلا الصبر !

العالم الغربي المتحضر في تقدم معيشي و تكنولوجي غريب و عالمنا الثالث في تقادم كهربائي و خدماتي رهيب و سأمحضكم القول و لن أستزيد فيه إن قلت لكم : "الحَسْ خُو البعير " و اللبيب بالإشارة يفهم ، و بشر الصابرين على التيار الكهربائي !