تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية تـقــ الله ــــوى
تـقــ الله ــــوى
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-01-2009
  • الدولة : L'Algerie
  • المشاركات : 4,034
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • تـقــ الله ــــوى will become famous soon enough
الصورة الرمزية تـقــ الله ــــوى
تـقــ الله ــــوى
شروقي
رد: القانون الجنائي للأعمال
05-12-2011, 09:40 PM
ثانيا: عدم مشروعية العمل وتعارضه مع مصلحة الشركة L’illicéité de l’acte et la contrariété de l’acte à l’intérêt social

تتعدد التطبيقات القضائية لفكرة العمل المضاد لمصلحة الشركة وتدور أكثر هذه التطبيقات حول الأفعال التى تؤدى إلى إفقار الذمة المالية للشركة دون وجود مقابل حقيقى ويبدأ ذلك من أول المكافآت والمرتبات المتجاوزة التى لا يقابلها عمل جاد أو الممنوحة بقرار فردى مرورا بالمزج بين الذمم المالية سواء الذمة المالية للقائم على الإدارة والذمة المالية للشركة وسواء الذمة المالية لعدد من الشركات التى تجرى إدارتها بواسطة ذات القائم على الإدارة. ويمثل لذلك أيضا برحلات الأعمال الوهمية والغرامات الشخصية مدفوعة بواسطة الشركة واستخدام موظفو ومهمات الشركة لأغراض شخصية أو إجراء صفقات بأسعار بخسة وبشروط مجحفة أو تسليم بضائع دون قبض الثمن أو إجراء مقصات وهمية Pseudo compensation لديون مستحقة للشركة أو إجراء بيوع بخسارة Vente à perte إلى أخر هذه النماذج التى نحيل القارئ الكريم إلى رسالتنا لمراجعتها والتعرف على الأحكام الصادرة فيها .

غير أن أهم التطبيقات التى أثارت جدلا خصبا فقها وقضاء هى تلك التى تدور حول مدى اعتبار العمل غير المشروع - كأن يدفع صاحب الشركة ومديرها رشوة مثلا لإرساء عطاء أو صفقة - عملا مضادا بذاته وبالضرورة لمصلحة الشركة مستوجبا توجيه الاتهام عن إساءة أموال أو ائتمان الشركات.

يبدو لنا من مطالعة أحكام القضاء والمتعلقة بقضايا شهيرة تنوع الحلول حول هذه النقطة، حتى أن أحد الفقهاء أكد بأن موقف محكمة النقض الفرنسية فى هذا الصدد متغير حسب تشكيل المحكمة ذاتها ويشبه التردد أمام هذه المشكلة رقصة الفالس Valse. ويبرر التردد فى الإجابة على هذا السؤال الخلط الدائم بين متطلبات حياة الأعمال وأسلوب حركتها وبين القواعد والقوالب القانونية السارية التى تشير بإصبع الاتهام إلى كل سلوك أو تصرف غير مشروع Pratique illicite.

إن أول الأحكام التى أثارت هذا التساؤل كان الحكم الصادر فى قضية Carpaye فى 22 أبريل 1992 والتى اتخذت فيها محكمة النقض موقفا حازما يهدف إلى تنقية حياة الأعمال متشبثة فى هذا الصدد باتجاه أخلاقى بحت Tendance moralisatrice. فى هذه الدعوى قام مديرين من مديرى شركة Carpaye - وهى شركة ذات مسئولية محدودة - بمحاولة رشوة عمدة مدينة Salazie- إحدى مقاطعات جزيرة Réunion الفرنسية - بهدف الحصول على صفقة تتعلق بالنقل المدرسى لمصلحة الشركة. وقام المديرون بدفع 200.000 فرنك من أموال الشركة فى سبيل ذلك. أدانت محكمة الاستئناف المتهمين عن إساءة أموال الشركة على أساس أن "ارتكاب الجرائم هدف لا يمكن أن يتوائم مع مصلحة الشركة محل الدعوى". وفى طعنهم على الحكم أمام محكمة النقض دفع المتهمون بأن محكمة الاستئناف لم تحدد المصلحة الخارجة عن مصلحة الشركة التى جرى سحب الأموال من أجاها سواء كانت مصلحة شخصية أو مصلحة شركة أخرى. إن سحب الأموال كان بهدف تحقيق مصلحة الشركة ألا وهو حصولها على صفقة ما، وأن من المتعارف علية فى حياة الأعمال هو ‘‘دفع العمولات المشبوهة بهدف الحصول على صفقة جديدة قد تكون حيوية وهامة للشركة ذاتها ولمصيرها فى السوق‘‘. غير أن محكمة النقض رفضت هذه الدفوع مؤكدا فى حزم " أن استعمال الأموال يكون بالضرورة تعسفيا إذا ما تم لهدف غير مشروع"
L’usage des biens de la société est nécessairement abusif lorsqu’il est fait dans un but illicite.

ولقد قيل أن هذا الحكم يخلق شكلا من عدم الاستقرار القضائى Insécurité judicaire بالنسبة لرجال الأعمال والقائمين على إدارة الشركات. بل ويقول أحد الفقهاء بأن هذا الحكم من الناحية العملية غير مبرر بل أنه فاضح Scandaleuse، حيث يتضح من هذا الحكم أن القضاء يستخدم إساءة أموال وائتمان الشركات لعقاب أفعال تدخل تحت أوصاف قانونية أخرى ولكن لم يتيسر توجيه الاتهام عنها لأسباب وظروف بعضها قانونى وبعضها من الواقع . لذلك يصف البعض هذه الجريمة بأنها "العربة الجنائية" Véhicule pénal أو أنها "عربة القمامة" Voiture-balai بالنسبة لقانون جنائى الأعمال وقانون جنائى الشركات، وهى بالنسبة لهذين القانونين شأنهما شأن المادة 1382 من القانون المدنى : بمعنى يلجأ إليها لتأسيس المسئولية عندما لا نجد أساسا أخر يلجأ إليه. إن هذه الجريمة صارت بحق أداة للسياسة الجنائية تستعملها كحيلة تمكن سلطة الاتهام من الوصول إلى الإدانة إذا لم يوجد بالملف شيئا أخر خاصة إذا تعذر إثبات وقائع الرشوة .

ومن أجل تبرير هذا القضاء قال بعض الفقه أن جريمة إساءة الأموال هى جريمة تخص الأشخاص المعنوية وبأن المساواة بين العمل التعسفى والعمل غير المشروع قائم على الأخذ بمفهوم ضيق للشخصية المعنوية يؤسس على نظرية عمل الحكومة Acte de gouvernement ومؤداها أن الشخصية المعنوية هو عمل يصدر من قبل الدولة وأن كل من يمنح هذه الشخصية - ومنها الشركات - تكتسب من الصفات ما هو ملازم للدولة ذاتها، ومن ذلك عدم إمكانية القيام بالأفعال المحظورة قانونا. فكما أن الدولة لا يمكن أن تفعل شرا فالشركة أيضا عملا بالقول القديم "أن الملك لا يرتكب شرا" Le roi ne peut mal faire وأن الجماعات التى تشكل شخصيتها تخضع لذات المبدأ.

هذا التبرير الوحيد لقضاء Carpaye محل نقد كبير. يكفى القول بأنه منذ بدأ سريان قانون العقوبات الفرنسى الجديد فى الأول من مارس 1994 ومع قبول مبدأ المسئولية الجنائية للأشخاص المعنوية لم تعد هذه الحجة محل قبول. فمنذ هذا التاريخ أصبح من الممكن أن تسأل جنائيا كل الأشخاص المعنوية العامة والخاصة فيما عدا الدولة.

كما يمكن أيضا انتقاد هذا القضاء لعدة أسباب . فمن ناحية يبدو أن النصوص قد فسرت بشكل واسع حيث لم يكن للمصلحة الشخصية وجود فى الدعوى بينما كانت المصلحة العامة للشركة هى الغرض من ارتكاب الجريمة، والمصلحة الشخصية ركن فى الجريمة يتعين إثباته من قبل الاتهام. بالإضافة إلى أن هذا القضـاء يخلط بين فكرتى محل أو غرض الشركة وفكرة مصلحة الشركة. فإذا كان ارتكاب جريمة يمثل عملا مخالفا ومتعارضا مع هدف الشركة وغرضها لكنه ليس بالضرورة مخالفا ومتعارضا مع مصلحة الشركة خاصة وأننا إذا طبقنا منطق هذا القضاء حتى النهاية فإن ارتكاب أى شكل من الجرائم كبر أو صغر بل والذى قد يمثل مخالفة تأديبية أو مدنية سيكون عملا خارجا عن هدف الشركة وبالتالى مسببا لجريمة إساءة الأموال.

يضاف إلى كل ذلك أن هذا القضاء يتجاهل حقائق حياة الأعمال والتى قد يمثل دفع العمولة غير المشروعة أو المشبوهة أمرا حيويا بالنسبة لمصلحة الشركة. ويكفى أن مصلحة الضرائب الفرنسية لم تكن تعتبر دفع مثل هذه العمولات عملا من أعمال الإدارة الشاذة Acte anormal de la gestion الذى يعرف بأنه العمل الذى يتم ارتكابه لتحقيق مصلحة أخرى مغايرة لمصلحة المشروع التجارى أو يحقق لهذا الأخير مصلحة ضعيفة أقل مما كان ينبغى جنيه من العمل. وبالتالى فالعمل غير المشروع لم يكن بالضرورة عملا من أعمال الإدارة الشاذة. ولما كان مفهوم هذا الأخير فى المجال الضريبى هو المعادل لفكرة العمل المضاد لمصلحة الشركة فى مجال الشركات فإنه يتعين الوصول لذات النتيجة وهو أن العمل الغير مشروع ليس بالضرورة عملا مضادا لمصلحة الشركة. ويجرى عمل مصلحة الضرائب على أنه إذا استوجب الحصول على صفقة دفع عمولة معينة ذات طبيعة غير مشروعة فإن مبلغها يتم استنزاله من وعاء الضريبة باعتبارها أموال دفعت لمصلحة المشروع .

وإذا كان مجلس الدولة الفرنسى كان فى فترة سابقة يعتبر العمل غير المشروع بالضرورة عملا شاذا من أعمال الإدارة باعتباره يعرض المشروع للخسارة أو لإنفاق زائد ويحرم المشروع من حصيلة أموال كانت فى ذمته المالية إلا أنه يتبين من ثلاث أحكام صادرة فى عام 1983 ما يغير هذا الموقف وإن اصطدام الأمر بأسس ومبادئ أخلاقية . فإذا كان يحكم المجال الضريبى فى هذا الشأن اتجاه أخلاقى سابق واتجاه واقعى حالى فإن هذا الأخير هو الذى ساد وصارت له الغلبة. ويتبين من مجمل هذه الأحكام الثلاث أن لاعتبار العمولة غير المشروعة عملا غير شاذ من أعمال الإدارة - وبالتالى تستنزل من وعاء الضريبة - يتعين توافر عدة شروط منها إثبات أن هناك صفقة معينة جرى دفع العمولة بشأنها وتناسب العمولة مع الصفقة محل التعاقد وتوافر أدلة ثبوت كعقود مكتوبة أو أذونات تحويل مصرفية. وقد يبرر هذا الاتجاه من قبل مجلس الدولة ومصلحة الضرائب ما تتعارف عليه الحكومة الفرنسية ذاتها فى تعاملها مع بعض دول أفريقيا ودول شرق أسيا وبلاد الخليج من دفع العمولات الخفية Commissions occultes لتمرير الصفقات .

بالطبع إن دفع رشوة معينة باستخدام أموال الشركة ليس عملا أخلاقيا ولا يمكن التساهل نحوه باعتبار ذلك قد يمثل هدما بطيئا لاقتصاد الدولة ذاتها لما فيه من مساس بأسس التنافس التجارى وباعتبار أنه لا يمكن أن تكون هناك جرائم سيئة يتعين تتبعها وجرائم حسنة يتعين التسامح فيها طالما فيها إفادة للمشروع التجارى. ولكن فى ذات الوقت لا يمكن التضحية بمبدأ الشرعية الجنائية حيث يستوجب هذا المبدأ الالتزام بصريح النص ومستوجباته فمثلا لا يمكن القول بأن القائمين على الإدارة حال دفعهم لعمولة على سبيل الرشوة للحصول على صفقة لصالح المشروع أنهم قد قاموا بعمل مضاد لمصلحة الشركة بل فى رأينا أن ذلك هو عين مصلحة الشركة مما يتعذر معه اكتمال أركان الجريمة عملا بمبدأ التفسير الضيق للنصوص الجنائية واحتراما لمبدأ الشرعية الحصن الحصين للقانون الجنائى وحامى حمى الحريات المدنية. ففى رأينا كان يجب فى هذه الدعوى أن نتبع التكييف السليم على الوقائع - وليكن بوصف الرشوة - ولا يجب أن تقف الصعوبات القانونية والواقعية التى حالت دون توجيه الاتهام بهذا التكيف باعثا على استخدام سلاح أخر المتمثل فى جريمة إساءة أموال الشركات إذ لا يجب أن تختلط الغايات بالوسائل.

على أثر الانتقادات التى قيلت بشأن حكم Carpaye والخوف الذى أصاب رجال الأعمال عقب صدوره أصدرت الغرفة الجنائية لمحكمة النقض حكما فى 11 يناير 1996 فى قضية Rosemain خففت فيه من غلواء قضائها السابق. وتتحصل وقائع الدعوى فى أن مدير أحد الفنادق التابع لشركة Berdal السياحية كان قد كون "حسابا سريا" Caisse noire يتم تغذيته خفية من مدفوعات تضاف على فواتير البار والمطعم الملحق بالفندق. ومن جملة 1.2 مليون فرنك تم جمعها تم تخصيص الربع لدفع مرتبات وحوافز عمال جرى استخدامها دون إخطار الجهات المختصة بوزارة العمل ولم يعلم باقى المبلغ – ثلاثة أرباع - أين يذهب. قضت محكمة الاستئناف بإدانة المدير عن إساءة أموال الشركات. وبالطعن على الحكم قضت محكمة النقض بتأييد الحكم على أساس "أن الأموال المسحوبة بطريقة خفيه بواسطة أحد المديرين يكون بالضرورة جرى استعمالها لهدف شخصى مما يكون جريمة إساءة أموال وائتمان الشركات"
Les fonds sociaux, prélevés de manière occulte par un dirigeant l’ont nécessairement été dans son intérêt personnel.

ويمثل هذا الحكم تخفيفا من القضاء السابق على أساس أن المحكمة لم تشر إلى المبلغ الذى يمثل ربع الحصيلة والذى استخدم فى تعين عمال بشكل غير مشروع. فما أدانته المحكمة هو المبلغ الذى يمثل 3/4 المبلغ والذى جرى استخدامه فى أمور خفية لم يعلن عنها. والنتيجة أن المحكمة لم ترى فى الفعل المفيد لمشروع المتمثل فى استخدام عمال دون إخطار الجهات المختصة و تخصيصا أموال لدفع رواتب لهم عملا يستوجب الإدانة عن إساءة الأموال. وهذا قضاء ضمنى بأن ليس كل عمل غير مشروع يمثل عملا مضادا لمصلحة الشركة. هذا التحليل هو ما أكده رئيس الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بعد صدور هذا الحكم بوقت قليل حيث قال بأن قضاء الدائرة فى عام 1992 الخاص بحكم Carpaye يجب نسيانه وأن عقيدة محكمة النقض لا يمثلها إلا هذا الحكم الجديد الخاص بقضية Rosemain.

وهذا ما أكدته المحكمة فى حكم أخر صادر فى 20 يونيه 1996 حيث قام المدير الفعلى والمدير القانونى بخصم 10% من الحصيلة اليومية للشركة. نسبة معينة من هذه الحصيلة كانت تستخدم فى تغطية قيمة قرض كان قد عقده مدير الشركة ذاته لصالحه أما الجزء الباقى فلم يظهر فى أى الأغراض كان يستخدم. وقد أيدت محكمة النقض الإدانة بناء على قضائها السابق حيث أكدت أن ما ينفق من أموال بشكل خفى دون أن يعلم وجه الإنفاق يفترض أنه استخدم فى غرض شخصى مضاد لمصلحة الشركة ما لم يقم المدير بإثبات عكس ذلك. ويفهم من هذا الحكم أن المحكمة قد فتحت الباب للمدير بأن يثبت أن الأموال التى أنفقت ولو على أمر غير مشروع كانت لتحقيق مصلحة الشركة مما ينفى جريمة إساءة أموال أو ائتمان الشركات .

هذا الاتجاه الضمنى وغير الصريح قد تأكد صراحا فى حكم أخر صادر عن محكمة النقض فى 7 فبراير 1997 أطلق عليه رجال الأعمال لفظ "المفاجأة الإلهية" Divine surprise. فى هذه القضية الشهيرة المسماة قضية Noir-Botton أدين رئيس مجلس إدارة شركة kis عن إساءة الأموال بدعوى أنه قد دفع مبلغ مالى قيمته 760.000 فرنك إلى المدعو Botton بحجة قيام هذا الأخير بعمل دراسات جدوى لصالح شركة الأول. غير أن الاتهام أثبت أن هذه الدراسات كانت وهمية وأن المبلغ المدفوع ما كان إلا رشوة لكى يتدخل السيد Botton لدى صهره السيد Noir الذى يعمل وزيرا للتجارة الخارجية, لكى يرفع عن الشركة مبالغ مستحقة للخزانة العامة كانت حصلت عليها الشركة كإعانة تقدر بمبلغ 15 مليون فرنك على أساس أنها لم تحترم شروط منح الإعانة وشروط التعاقد. قضت محكمة استئناف ليون Lyon بإدانة مدير الشركة عن إساءة الأموال بحجة أن الفوائد المصاحبة للدفع كانت وهمية وأن دفع هذه المبالغ كان مخالفا لمصلحة الشركة، إذ أن هذا الفعل أدى وبدون مقابل إلى افتقار خزانتها. وبالطعن على الحكم أشار الطاعن إلى أن الحكم لم يستظهر المصلحة الشخصية كركن فى الجريمة وأن الدفع كان يستهدف أولا وأخيرا مصلحة الشركة حتى وإن كان ذلك تم بوصف الرشوة رغبة فى الاستفادة من نفوذ أحد رجال السياسة والحكم فى الدولة. فعدم مشروعية العمل لا تنفى أنه كان يستهدف مصلحة الشركة.

ولقد قضت محكمة النقض بقبول هذا الطعن على أساس القصور فى التسبب حيث لم تمكن محكمة الاستئناف محكمة النقض من أعمال رقابتها لأنه وإن كان سلوك رئيس مجلس الإدارة لدى صهر وزير التجارة مشكلا لجريمة - لم يرفع عنها اتهام - إلا أنه لا يخفى ما كان قد حققه هذا المسلك من فائدة للشركة أدت إلى تخفيض المبلغ واجب الدفع بنسبة 10 مليون فرنك كنوع من الإعفاءات الضريبية مما يقطع بعدم إفقار خزانة الشركة ويقطع بأن مصلحتها تم مراعاتها تماما.
هذا الحكم يمثل خطوة على الطريق الصحيح الذى يحترم مبدأ الشرعية والتفسير الضيق للنصوص ويمثل رسالة ضمنية إلى سلطة الاتهام وقضاة الموضوع بوجوب مراعاة التكييف الصحيح وبوجوب بدء التحقيق عن وقائع الرشوة واستغلال النفوذ وليس عن إساءة الأموال. فمتطلبات العقاب والسياسة الجنائية يجب ألا تقود إلى تبنى تفسيرا موسعا لنصوص جريمة إساءة الأموال وإن تطلبت فى الحقيقة تعديل النصوص الخاصة بالرشوة واستغلال النفوذ التى لا تسمح شروطها وقيودها الإجرائية من توجيه الاتهام أو الإدانة فى مثل هذه الدعاوى. وبمعنى أخر فإن أصول السياسة الجنائية والعقابية تفرض أن يكون العقاب من خلال الأدوات الطبيعية وبالنصوص الحقيقية المخصصة لذلك Textes ad hoc وليس باستعمال أداة ملتوية أو نص مشوه Texte déformé. إن إساءة الأموال لا يجب أن يكون السلاح المطلق L’arme absolue أو الأداة العامة أو تكون الوسيلة المهداة لسلطة الاتهام لكى يلجأ إليها فى كل مرة يغلق فيها باب التحقيق عن وقائع معينة بحجة وجود صعوبات معينة تتعلق بالإثبات أو بتقادم الدعوى.

غير أن محكمة النقض, وبعد عدة أشهر من هذا الحكم الأخير, وكعادتها المتقلبة بشأن النقطة مثار البحث ورغبتها الدائمة فى التوسع فى تفسير النصوص الجنائية الخاصة بالشركات، قضت فى حكم لها فى 27 أكتوبر 1997 فى الدعوى الشهيرة المسماة قضية Carignon بأنه أيا ما كانت المصلحة المحققة للشركة أو التى يمكن أن تجنيها فى المدى القصير فإن استعمال أموال الشركة لهدف واحد وهو ارتكاب جريمة كالرشوة مثلا يعد عملا مخالفا لمصلحة الشركة حيث يعرض هذا الأمر الشخص معنوى إلى خطر شاذ وهو الجزاءات الجنائية والضريبية ضده وضد القائمين على إدارته ويمس بائتمانه وسمعته .
Quel que soit l’avantage à court terme qu’elle – la société – peut procurer, l’utilisation des fonds tel que la corruption est contraire à l’intérêt social en ce qu’elle expose la personne morale au risque anormal de sanctions pénales ou fiscales contre elle-même et ses dirigeants et porte atteinte à son crédit et à sa réputation.

فى هذه الدعوى رفضت المحكمة الطلب المقدم من السيد Alain Carignon الوزير للبيئة فى عام 1988 والاتصالات فى عام 1993 وعمدة مدينة جرونوبل Grenoble السابق ضد حكم محكمة استئناف Lyon والذى أدانه بخمس سنوات حبس إحداها مع إيقاف التنفيذ وغرامة 400.000 فرنك عن جريمة إخفاء إساءة أموال الشركات Recel d’abus de biens sociaux على أساس أن الاتهام قد أثبت فى حقه أنه قد غير إسناد صفقة خدمات المياه فى مدينة جرونوبل من شركة تتبع مجموعة شركات Lyonnaise des eaux إلى شركة تتبع مجموعة شركات Merlin فى مقابل عدد من المزايا من بينها شقة بأشهر أحياء باريس (سان جرمان Saint-Germain) ثمنها سبعة ملايين فرنك إلى جانب عدد من الرحلات البحرية ورحلات طيران يزيد ثمنها عن مليونين من الفرنكات.

غير أن أهم ما يظهر عن صيغة الحكم هو أن العمل غير المشروع لم يعد بالضرورة وفى حد ذاته Ipso facto عملا تعسفيا مضادا لمصلحة الشركة. فذلك أصبح يخضع لعدد من الظروف والوقائع تختلف من دعوى إلى أخرى وهذا يغاير بالتالى موقف المحكمة فى عام 1992 فى قضية Carpaye عندما اعتبرت العمل مضاد لمصلحة الشركة لمجرد كونه غير مشروع. فحكم Carignon يدعو قضاة الموضوع إلى فحص عدد من المعايير قبل القول بكون العمل غير المشروع مضادا لمصلحة الشركة أم لا. ومن ذلك أن ينظر للجريمة الأصلية ( رشوة – استغلال نفوذ الخ......) ما إذا كانت تعرض الشخص المعنوى إلى مخاطر شاذة لا تتناسب مع المصلحة التى يجنيها أم لا. مما يعنى أننا لا يجب أن نأخذ فى الاعتبار إلا المخاطر الشاذة ويمكن قبول المخاطر التى تتصف بأنها عادية Normaux. بالإضافة إلى ذلك فإن العمل يجب أن يعرض الشركة لجزاءات جنائية أو ضريبية مما يعنى استبعاد ما يقضى به فى حق الشركة من تعويضات أو القضاء ببطلان بعض التصرفات التى أجريت بإسم الشخص المعنوى. كذلك تستبعد الغرامات المدنية والإدارية.

وجملة القول, ولكى نجيب عن التساؤل الذى طرحناه فى صدر هذه النقطة والذى يخص ما إذا كان العمل غير المشروع يجب أن يكون بالضرورة عملا مضادا لمصلحة الشركة مما يوجب الإدانة عن إساءة أموال أو ائتمان الشركات، فإننا نجيب بأن الصفة الجنائية للفعل بوصف معين - كالرشوة مثلا - لم تعد شرطا كافيا للإصباغ وصف أخر عليه متمثل فى إساءة أموال الشركات. فذلك يمثل أحد المعطيات التى يجب أن يزنها ويقدرها قاضى الموضوع. فإذا قدر القاضى أن الفعل غير المشروع يجب أن يكيف تكييفا إضافيا متمثل فى إساءة أموال الشركات فما ذلك لكونه يشكل جريمة جنائية ولكن لأن هذا الفعل (إجرامى أو غير إجرامى) يجلب على الشركة مخاطر شاذة لا تناسب مع ما سوف يحصل عليه من مزايا ناشئة عن هذا العمل، ولعل أشد هذه المخاطر هى إسناد المسئولية الجنائية للشركة باعتبارها شخصا معنويا.



ثالثا: دور القاضى الجنائى فى تقدير مصلحة الشركة

بعض الفقهاء - ممن تبنوا المفهوم النظامى أو الفنى للشركة Conception institutionnelle de la société ويرون فى إساءة أموال الشركة جريمة تكون فيها الشركة ذاتها باعتبارها شخصا معنويا المجنى عليه المباشر - وظاهرة الإنابة على بياض, يتجهون إلى إعطاء القاضى الجنائى وحده سلطة تقدير ما إذا كان العمل يمثل عملا متوافقا مع مصلحة الشركة أم لا، ويبررون ذلك بما يسود واقع الشركات وجمعياتها العمومية من سلبية ناشئة عن شيوع ظاهرة الغياب من قبل المساهمين والإنابة على بياض. يضاف إلى ذلك أن تقدير هذا العمل قبل أن يحقق مصلحة الشركة أو المشروع ذاته فإنه يحقق مصلحة أكبر وهى حفظ النظام الاقتصادى العام فى الدولة ومصلحة طوائف متنوعة من الأفراد المتعاملين مع المشروع التجارى (كعمال المشروع - المستهلكين - الدائنين – الموردين – الدولة ممثلة فى مؤسساتها) وحفظ المصلحة العامة من بين ما يكلف القضاة بصيانته والدفاع عنه .

ويبدو من الأحكام الصادرة فى هذا الشأن أن القضاة قد انتزعوا بالفعل سلطة تقدير العمل المضاد أو الموافق لمصلحة الشركة مستفيدين من غموض النصوص في هذا الشأن وعدم وجود تعريف واضح لفكرة العمل المضاد لمصلحة الشركة. ويكفينا كدليل علي سيادة سلطة القاضي في هذا الصدد أن نعطى بعض التوضيحات حول التكريس القضائي لفكرة عدم فاعلية الإذن أو التصديق الصادر من الشركاء أو من الجمعية العمومية لإعفاء مديرى الشركة عن إساءة أموال الشركات وعدم فاعلية الإعفاء العائلى الناشئ عن رابطة القرابة التى تربط الجانى بالمجنى عليه لنفى المسئولية رغم صلاحية هذا السبب كمانع عقاب فى بعض جرائم الأموال وفق ما اخذ به المشرع والقضاء في كثير من الدول.

1- عدم صلاحية الإذن أو التصديق L’inefficacité des autorisations et des approbations

القانون الجنائى للشركات، خاصة في مجال إساءة أموال وائتمان الشركات، والذي يتميز بتركيزه للمسئولية الجنائية علي عاتق مديرى الشركة فقط لا يقبل بشكل مطلق إعفاء القائمين علي الإدارة من المسئولية حتى ولم يظهروا في واقع الأمر بوصفهم المحرك الدافع للأفعال والأعمال المنسوبة إليهم. وعلي ذلك لا يمكن للمدير أن يتنصل من مسئوليته بحجة تدخل أجهزة استشارية أو رقابية فاحصة لأعمال الإدارة، ومنها الجهات التي تأذن بعمل معين وفق ما يتطلبه المشرع في بعض الحالات لصلاحية هذا العمل. ومن قبيل ذلك تطلب المشرع إذن مجلس الإدارة حتى يمكن للشركة أن تمنح قرضا أو ضمانا معينا (المادة 98 من قانون 1966) ومنه أيضا الإذن المتطلب صدوره من مجلس المراقبة Conseil de surveillance لصلاحية الاتفاق المعقود بين الشركة وأحد أعضاء حكومة المديرين Directoire أو أعضاء مجلس المراقبة ذاته المتضمن منحا باسم الشركة لضمانات أو لسلف للأحد هؤلاء (المادة 143 من القانون 1966). ومنها أيضا الجهات التى تصدق على عمل معين وهى الجمعية العمومية للشركاء في شركات الأشخاص أو للمساهمين فى شركات الأموال ومنها أيضا الأجهزة ذات الطبيعة الجماعية Collégial كمجلس الإدارة في شركات المساهمة العادية وحكومة المديرين ومجلس المراقبة في شركات المساهمة ذات النظام الحديث.

وقد يبدو أمرا مستغربا أن يتجه القضاء إلى العقاب عن فعل بوصفة جريمة فى فروض يكون فيها الشركاء أو المساهمين قد أذنوا أو صدقوا علي العمل الصادر من القائمين علي الإدارة، ذلك لأنه إذا كانت مصلحة الشركة تتميز كما سبق القول عن مصلحة أعضائها أو المساهمين فيها إلا أن لهؤلاء دورا في تحديد مضمونها.
غير أن أحكام محكمة النقض الفرنسية تتجه إلى أن "رضاء مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية للمساهمين لا ينفي الصفة الجنائية عن السحوبات التعسفية المنصبة على أموال الشركة"
L’assentiment du conseil d’administration ou de l’assemblée générale des actionnaires ne peut faire disparaître le caractère délictueux de prélèvements abusifs de fonds sociaux.

وعلي هذا جري قضاء المحاكم الدنيا حيث أكدتا محكمتا استئناف مونبليه Montpellier وكولمار Colmar أن هدف المشرع من تجريم إساءة أموال وائتمان الشركات ليس فقط حماية الشركاء ومصالحهم بل أيضا حماية الذمة المالية للشركة كشخص معنوي وحماية مصالح الغير المتعاقدين مع الشركة مما مؤداه عدم انتفاء الصفة الجنائية عن الفعل بحجة الإجماع الصادر من الشركاء معبرا عن رضائهم بالفعل .

ويتأسس هذا القضاء على أن رضاء الشركاء قد يتأتى بشكل يحتمل الخداع نتيجة فنية المسائل المالية المتعلقة بالشركة مما يعيب هذا الرضاء. يضاف إلى ذلك أن الأذن السابق لا يتشابه مع رضاء المجنى عليه، فحماية المصلحة العامة تترك بصمتها فى مجال التجارة بحيث تقل شيئا فشيئا الحرية الاقتصادية وتزداد رقابة الدولة حتى فى أكثر الدول رأسمالية. بمقتضى هذا الأفول التدريجى لمبدأ سلطان الإرادة لم يعد التصرف فى الأموال شأنا خاصا يترك أمره لمشيئة الأفراد مما مؤداه التضييق من صلاحية الأذن الصادر من الجهة العليا فى الشركة كسبب مبيح لجرائم الشركات ومنها إساءة الأموال أو الائتمان.

ويأخذ ذات حكم هذا الرضاء السابق العفو أو الرضاء اللاحق Quitus ولو كان صادرا أيضا بالإجماع. ويبرر ذلك، كما يقول الفقيه Chavanne أن السماح بنفي الصفة الإجرامية عن الفعل بحجة صدور تصديق لاحق يعنى أن يترك للأغلبية داخل الشركة أن تفعل ما يحلوا وأن تحدد مسار الشركة . لذا كان موقف محكمة النقض هنا هو المساواة بين الإذن السابق والإبراء اللاحق أو التصديق فكلاهما لا يصلح سببا للإباحة في مجال إساءة أموال أو ائتمان الشركات. فمحكمة النقض تنظر بعين الشك إلى مثل هذه القرارات اللاحقة التى قد تكون فى حقيقتها تصديقات وهمية Pseudo décisions.

ولعل ما يؤكد سلامة هذا الاتجاه أن موقف القضاء الجنائى يتشابه مع ما تقضي به المواد 52/5 و246/2 من قانون الشركات الفرنسى وكذلك المادة 1843/5 فقرة 3 من القانون المدنى التى يجرى نصها على النحو التالى "ليس لأى قرار صادر عن الجمعية العمومية أن يغلق باب دعوى المسئولية في مواجهه القائمين علي الإدارة من خطا أرتكب حال إدارتهم للشركة". وإلى هذا ذهبت أحكام القضاء التجارى.
غير انه إذا كان من المنطقى عدم قبول الإبراء أو التصديق اللاحق كسبب إباحة فإن لنا نتشكك فى سلامة القضاء بعدم إباحة الفعل بناء علي الرضا السابق، ذلك أن رضا المجنى عليه ينفى عدم المشروعية إذا كان سابقا على الفعل وذلك في مجال جرائم الأموال Atteinte patrimoniale. فمن الصعب في رأينا القطع بانتفاء أحقية الجمعية العمومية بصفة خاصة باعتبارها الروح وباعتبارها السلطة العليا في الشركة أن تقدر أين مناط مصلحة الشركة في العمل المعتزم صدوره من القائمين علي الإدارة وتقدير خطورة هذا العمل من عدمه بالنسبة للشركة.

ولحل هذا الخلاف ولرفع الشك ولتحديد دور القاضي الجنائى فى تقدير العمل المضاد لمصلحة الشركة يتعين التفريق بين ثلاثة فروض:
- الأول هو الفرض الذى فيه تجتمع الجمعية العمومية حتى تتشاور وتأذن بعمل معين يقوم به مجلس الإدارة أو أحد الأعضاء القائمين علي الإدارة ؛

- الثانى هو الفرض الذى يكون فيه العمل المرخص به يشكل جريمة مع العلم بذلك ؛
- الثالث هو الفرض الذى يثبت فيه عدم مصداقية الترخيص الصادر بالنظر للظروف والشروط التي صدر فيها.

عندما نقارن بين هذه الحالات الثلاث فإننا نلحظ عدم التناسق والشذوذ. ذلك أنه إذا كان منطقيا عقاب أفعال معينة على أساس أنها تشكل جريمة رغم الترخيص أو الإبراء الصادر إلا أنه يبدو شاذا أن تقع الأفعال تحت طائلة العقاب رغم صدور الأذن أو التصديق عن الجمعية العمومية التى ثبت صحة انعقادها وجدية المشاورات والمناقشات التى سبقت صدور الأذن أو التصديق بهذه الأفعال.

هنا يبدو لنا الحد الذى عنده يقف القاضي الجنائي في تقدير مصلحة الشركة. ففي رأينا يجب أن تبقى الجمعية العمومية للمساهمين الجهاز الأسمى والأعلى لتحديد إذا ما كانت هذه الأفعال أو الأعمال تتطابق أم تتعارض مع مصلحة الشركة، أما دور القاضى الجنائى فيجب أن يقف عند حد تقدير المشروعية في صدور الأذن أو التصديق وإعمال رقابة ملائمة Contrôle de l’opportunité . فلا يراقب القاضى توافق العمل من عدمه مع مصلحة الشركة بل ما يهمه هو مشروعية الترخيص أو التصديق من حيث شروطه القانونية أو الظروف التي صدر فيها . فعليه مثلا فحص ما إذا كانت القرارات الصادرة عن الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة لم تتخذ إلا لمجرد تفضيل مصالح شخصية معينة علي حساب مصلحة الأغلبية ومصلحة الشركة كشخص معنوي بالنظر لظروف الواقع التي صدر فيها القرار أو إذا كان قد شاب عملية التصويت بشان الأذن أو الترخيص ما يبطلها. وهذا ما اتجهت إليه بعض أحكام محكمة النقض إذ قضت بان الأجور الممنوحة للمدير والتي قررتها الجمعية العمومية لا يمكن الشك فيها من قبل القاضى الجنائى متى لم يثبت أن قرار الجمعية كان مخالفا للقواعد القانونية أو كان تعسفيا .

2- عدم صلاحية الإعفاء العائلى L’inefficacité de l’immunité familiale

إذا كان الأذن السابق أو الإبراء أو الإقرار اللاحق الصادر من الجمعية العمومية أو من الشركاء - ولو كان صادرا بالإجماع - لا ينفى المسئولية الجنائية، بمعنى انه لا يشكل سببا من أسباب الإباحة، إلا أن قانون العقوبات يتجه كما نعلم إلى قبول رضاء المجنى عليه كسبب من أسباب الإباحة فى بعض المسائل المالية التى تتصل بالعلاقات العائلية أو فى محيط الأسرة. ويمثل لهذا الإعفاء المبنى على صلة القرابة الحائل دون ممارسة الدعوى العمومية بحالة السرقة بين الأزواج والأصول والفروع (المادة 311-12 عقوبات فرنسى والمادة 312 عقوبات مصرى) والتى مد القضاء الفرنسى حكمها إلى جرائم أخرى كالنصب (مادة 313-3) وخيانة الأمانة (مادة 314-4) والابتزاز Chantage (مادة 312-12) إذ القياس فى مجال الإباحة جائز .

غير أن السؤال عندما طرح علي القضاء بشان مدى انطباق فكرة الإعفاء العائلى فى مجال إساءة أموال الشركات كانت إجابة القضاء بالنفى بحجة أن الجريمة تمس ليس فقط مصالح الطرف الأخر فى الحياة العائلية ولكن تمس أيضا الذمة المالية للشركة ذاتها كشخص معنوى مستقل. ويتفق هذا الموقف مع القضاء عموما الذي يتجه إلى عدم انطباق هذا الإعفاء في الأحوال التى تمس فيها الجريمة مصالح أخرى خلاف مصالح الأسرة . وعلى هذا رفضت محكمة النقض دفع إحدى الزوجات التى اتهمت باختلاسها أدوات مملوكة للشركة التي يديرها زوجها ويملك أغلبية رأسمالها بحجة أن الجريمة يتعدى أثرها إلي الذمة المالية الخاصة بالشخص المعنوي الذى هو محل اهتمام المشرع في مجال الشركات .

ولقد تأكد هذا الاتجاه في دعوى تتعلق بشركة طرفاها أب وابنه عبارة عن مطعم ملحقاً بفندق وكان الأب قد اتهم باختلاسه 250.000 فرنك. وفي حكمها الصادر في 26 مايو 1994 أوضحت محكمة النقض أن الشركة رغم صلابة مركزها المالى ورغم أن الأب لم يضر إلا ابنه الذى لم يدعي مدنيا في الدعوى إلا أن الشركة ذاتها أصابها ضررا في ذمتها المالية المستقلة .

هذا الموقف القضائي يؤكد علي أن محكمة النقض الفرنسية تجعل من جريمة إساءة أموال أو ائتمان الشركات جريمة تهدف إلي حماية الصالح العام Délit d’intérêt général تعلقا بالمفهوم النظامى للشركة الذي يأخذ في الاعتبار المصالح المتميزة للشركة كشخص معنوى بعيدا عن المصالح الخاصة بالشركاء أو المساهمين. وهنا يظهر دور القاضى الجنائى كراعى للمصلحة العامة فى المجتمع والتي تدعو إلى التدخل فى رقابة الأداء المالى للشركة وتوجيه الاتهام والإدانة عند الضرورة إذا ما ظهر خلل يمس بتلك المصلحة حتى ولو لم يكن هناك مضرورا من الشركاء أو المساهمين. فللشخص المعنوي مصالحة الذاتية - والتى تعبر فى حقيقتها عن المصلحة العامة للمجتمع ككل - التى يقدرها القاضى الجنائى ذاته دون تدخل من المضرور أو من المجنى عليه.
  • ملف العضو
  • معلومات
bilal.bilou
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 14-11-2011
  • الدولة : الجزائر*مستغانم*
  • العمر : 32
  • المشاركات : 10
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • bilal.bilou is on a distinguished road
bilal.bilou
عضو مبتدئ
رد: القانون الجنائي للأعمال
01-12-2012, 04:52 PM
السلام عليكم...أرجوا من سيادتكم المحترمة مساعدتي في انجاز بحث مختصر حول قانون العمل و علاقته بقانون العقوبات...في أقرب وقت ممكن من فضلكم سأقدمه يوم غد انشاء الله....تقبلوا مني فائق الاحترام و التقدير ....شكرا
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية fati@
fati@
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 07-05-2012
  • الدولة : قلوب الناس
  • العمر : 32
  • المشاركات : 484
  • معدل تقييم المستوى :

    12

  • fati@ is on a distinguished road
الصورة الرمزية fati@
fati@
عضو فعال
رد: القانون الجنائي للأعمال
01-12-2012, 05:02 PM
علاقة قانون العمل بقانون العقوبات
تتمثل في النصوص الآمرة المرتبطة بالجزاء حيث أن قانون العمل يحتوي على عقوبات جنائية لقمع الجرائم التي ترتكب بمخالفة قواعده , فإلزامية القواعد القانونية الآمرة تكمن في العقوبات الجزائية المطبقة على مخالفيها
ارجو ان اكون قد افدتك و لو بالقليل
الحياة قد تتعثر لكنها لا تتوقف
و الامل قد يختفي لكنه لا يموت ابدا
و الفرص قد تضيع لكنها لا تنتهي
و مهما ضاقت الدنيا عليك
ففرج الله قريب
  • ملف العضو
  • معلومات
bilal.bilou
عضو مبتدئ
  • تاريخ التسجيل : 14-11-2011
  • الدولة : الجزائر*مستغانم*
  • العمر : 32
  • المشاركات : 10
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • bilal.bilou is on a distinguished road
bilal.bilou
عضو مبتدئ
  • ملف العضو
  • معلومات
NAIMOU
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 10-12-2011
  • المشاركات : 85
  • معدل تقييم المستوى :

    13

  • NAIMOU is on a distinguished road
NAIMOU
عضو نشيط
رد: القانون الجنائي للأعمال
27-12-2012, 03:27 PM
من مواضيعي
  • ملف العضو
  • معلومات
DAHO_MATRIX
عضو جديد
  • تاريخ التسجيل : 15-03-2008
  • المشاركات : 3
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • DAHO_MATRIX is on a distinguished road
DAHO_MATRIX
عضو جديد
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 07:36 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى