القذافي واوراق الموساد
23-02-2011, 09:20 AM
لما قرأت في صغري كتاب اوراق الموساد المفقودة وحديثها عن القذافي لم اعطها الاهتمام لانها لم تكن منطقية ولكن الان تبين لي فعلا ان القذافي هو فعلا يخدم المصالح الاسرائلية علما ان الاوراق فقدت في عام1975 ونشرت على يد صحفي ائرلندي واليكم الفقرة التي تكلمت عن تجنيد القذافي .
-------

برونو كرايسكي كان في سجن نازي, وتم إطلاق سراحه واستطاع الخروج إلى السويد حيث قضى أغلب فترة الحرب. ولكن السر الذي لم يكن كرايسكي يرغب في خروجه هو أنه كان يعمل كجاسوس على الحلفاء ويشى باليهود. تمكنا من أن نحكم قبضتنا عليه بالتهديد: إما أن يعمل لصالحنا أو نفشي سره. الخدمة التي أداها لنا عادت علينا بأكبر فائدة وهي تَحَكُّمنا الرئيسي بالقذافي. بدون كرايسكي كان العقيد القذافي سيفلت من أيدينا منذ زمن طويل.

بجانب كرايسكي والعقيد نفسه, لا يوجد أكثر من ثلاثة أشخاص في العالم يعرفون أن القذافي كانت له علاقة بنا منذ أكثر من عشر سنوات.
الإتصال الأول بالقذافي كان بواسطة "يهودي إيطالي" كان عضو هيئة تدريس في جامعة بنغازي. بالمصادفة وجد أن أحد الطلبة المتقدمين للتسجيل في الجامعة كان ذو أصول يهودية – كانت جدة القذافي من جهة والدته من أسرة يهودية معروفة في مصراتة- وقد أنشأت والدته قبل زواجها نشأة يهودية. الذي جعل القذافي جديرا بالإهتمام هو أنه كان يأمل أيضا بأن يصبح طالبا بالكلية العسكرية في بنغازي. هذه المعلومة التي تبدو غير ذات أهمية, وجدت طريقها إلى عميل إسرائيلي في إيطاليا بعد بضعة أشهر. من هناك تم إبلاغ تل أبيب, ومن ثم تم ذكرها في إحدى إجتماعات موظفينا.

كان من الممكن أن ينتهي الموضوع هنا – كجملة واحدة فقط في تقرير روتيني – ولكن المدير كانت له حاسة تمييز خاصة ينتقي بها ما يبدو للغالبية غير ذو أهمية. عندما إنتهى الإجتماع أراد أن يعرف كل شئ عن هذا الشاب الليبي. وعندما يقول "إسّار هاريل"[14] أنه يريد أن يعرف كل شئ, فإنه فعلا يعني "كل شئ" بكل ما تحمله الكلمة من معنى. عندما يولي هاريل إهتمامه لشئ ما, فإنه لا يتخلى عنه حتى يحصل منه على الثمن الذي يريده أو يصل إلى قناعة أن الأمر لا يستحق العناء.

أ
ول خطوة كانت هي فحص ملفاتنا لنعرف من لدينا بالمنطقة. لم تكن المعلومات مفيدة. غالبية ناسنا كانوا في طرابلس, كذلك, في ذلك الوقت برقة وطربلس كانتا كدولتين منفصلتين. وفي الواقع كانت توجد بوابات تفتيش بينهما! أول تقرير مطول وصلنا كان من "ليبي- مالطي". لم يكن به الكثير, ولكنه بدا وكأنه يشير إلى أن القذافي قد يستحق الإهتمام. من بين الأوصاف التي وصفه بها قال أنه كان "رافض, متمرد, طَموح, وقلبه لا يعرف الرحمة". هل يوجد أفضل من هذا؟ الآن أحضرنا كرايسكي في الصورة. لقد كان العميل الوحيد عندنا والذي تتوفر فيه المواصفات المطلوبة للوظيفة: السلطة الوظيفية, وسببٌ وجيه لزيارة ليبيا. كان كرايسكي حينها يعمل لصالحنا لمدة تفوق ال 10 سنوات, وقد قدّمنا له مساعدات كثيرة ليحصل على كرسي في البرلمان النمساوي.

كانت أول رحلة لكرايسكي إلى برقة لغرض زيارة مقابر النمساويين الحربية. وتمكن بدون أي صعوبة من الحصول على القذافي كمترجم ودليل خاص به طوال زيارته تلك. كان هذا اللقاء مبدئيا فقط والهدف منه أن يدرس كرايسكي القذافي ليقرر ما إذا كان سيكون مفيدا لنا في المستقبل. كرايسكي تعدَّى هذا الهدف وعرض على القذافي أن يبحث له عن طريقة لمساعدته في تحقيق أهدافه الوطنية.


على الهامش ----------------------------------
*** جايمس فوريستال كان وزير الدفاع الأمريكي وكان رافضا لتقسيم فلسطين لخلق دولة يهودية منفصلة. توفي بحادثة قذف من نافذة في مستشفي البحرية الأمريكية في مايو1949.

**** راجع الجزء الرابع - ورقة الإرهاب, وبها إعتراف ضمني بيد الموساد في مقتل روبرت كينيدي.

-----------------------------------------------


تبع اللقاء الأول بين كرايسكي والقذافي لقائين آخرين في السنوات الثلاثة التي تلت. وفي النهاية أعطينا صلاحية للسفارة النمساوية بأن تحث القذافي ليتقدم بطلب لبعثة تدريبية بالخارج. كانت الخطة الأولي بأن ننسق له للذهاب إلى أمريكا حيث كان لدينا بعض العلاقات من الدرجة الأولى مع برنامج التدريب العسكري. أضطررنا لإلغاء هذا المخطط عندما وجدنا أن ال سي آي أي كانوا يستخدمون وسائلا شتى ومكثفة لاستقطاب هؤلاء الطلبة القادمين من الخارج كمتدربين أجانب خاصين بهم. ولذا فقد تغير موقع التدريب إلى إنجلترا. والحقيقة فإن هذا كان أفضل من أمريكا, فقد كان من الأسهل لكرايسكي أن يراقب تقدم القذافي, وعندما اكتمل البرنامج, عمل على تمكينه من الحصول على ثلاثة أسابيع من التدريس التابع في مركزنا في باريس.

في باريس تم وضع القذافي في الصورة الكاملة. إلى ذلك الحين لم يكن يعرف بالتحديد ما وراء كرايسكي. لا بد أنه شك في الأمر, إذ أن كرايسكي سأله مرة أو أثنين عن أبناء أخواله اليهود, والذين بعض منهم كان يقطن حينها في طرابلس. تم كذلك إعلامه أنه إذا أراد أن لا يكون له دور في المخطط, فإن بإمكانه التخلي عن البرنامج. كان الأمر متروكا له – إما أن يكون قائدا لهذا البلد وربما للعالم العربي بأكمله, أو يرجع إلى ثكنته في بنغازي وربما لا يرقى إلى أكثر من ملازم أول أو نقيب في وحدة الإشارة بالجيش الليبي.

أخبرنا القذافي عما يمكنه أن يتوقع منا بالضبط, وكذلك بما كنا نريد منه بالمقابل. عندما يأتي الوقت المناسب, سيمكننا تزويده بخطة عن كيف يمكنه الإستيلاء على الحكم. سيشمل ذلك قائمة بأسماء يمكنه الوثوق بها, وإرشادات عن كيفية إختبار أولائك الذين ليس متأكدا من ولاءهم, وكذلك سنزوده بأسماء من سيكونون أعداءه. سيتم إعطاءه إرشادات عن التوقيت, الأهداف, الدعم المالي, وسيُعطى حتى الدعم المادي إذا احتاج ومتى احتاج. نحن لدينا بالفعل فريق جيد في ليبيا يعرف البلد عن ظهر قلب. ماذا كنا نريد بالمقابل؟ شرح كرايسكي أننا من حين إلى حين قد نقوم باقتراحات أو نطلب بعض الخدمات. لن يعود أي منها بالضرر على ليبيا, بل على العكس, ستصب أهداف هذه الخدمات في إحباط أعدائنا المشتركين.

كان أول طلب جدي تقدمنا به في حرب ال67. كُلَّف القذافي حينها بقيادة فرقة صغيرة من الجيش الليبي لتلتحق بالمصريين المتمركزين ضدنا في السويس. طلبنا منه أن يعرقل عبورهم. ماديا, لم يعنِ لنا هذا أي شئ. عمليا لقد انتصرنا في الحرب حتى قبل أن يبدأ هذا الفصيل, ولكنه كان من الضروري أن نرى كيف يمكنه أن يتجاوب في ظروف كهذه. واستجاب لطلبنا. عندها عرفنا أنه كان يستحق كل المجهود الذي بذلناه. منذ ذلك الحين بدأنا بالعمل بجدية لكي يستولي على السلطة.

لم تكن الأمور دائما سهلة, فقد تبين لاحقا أن شخصيته كانت ما نسميه "شخصية المرآه", فقد كان يعكس طباع من يكونون معه. كرايسكي يتمتع بشخصية قوية, وهو ذو طبع قيادي وواثق من نفسه, وعندما يكونا معا فإن القذافي أيضا يبدو ذو طبع قوي. ولكن, الكثيرين من رفقاء القذافي كانوا على العكس تماما, وعندما يكون معهم يصبح هو أيضا غير قادر على إتخاذ القرارات ومترددا مثلهم.

لم ننتبه لهذا إلا عندما وصلنا إلى نقطة ال"لا رجعة". لحسن الحظ, عند الإنقلاب لم يكن ليبيا واحدا بروح كافية ليُصَعِّد مقاومة ضد "ثورته" التي كانت تشبه "الأوبرا الكوميدية". لو كانت هناك مقاومة, لانهارت كما ينهار بيت من ورق. وكما سارت الأحداث, فقد حبسنا أنفاسنا لمدة أسبوعين. كنا متأكدين أن القذافي والقلة التي تبعته سيفقدون أعصابهم وسيهربون إلى براح الصحراء الكبرى المفتوح.

ل
م يكن يكن همنا الحقيقي فقط في أن يكتشف من سيحل محله أننا قمنا بمساندته, بل أيضا, وهو الأسوأ, أن يكتشف المساعدة التي أعطاها له آرماند هامر . سيكون ذلك ضربة حقيقية لنا إذا اضطررنا للتخلي عن حقول البترول بسيناء, حيث أن إسرائيل قد بدأت في اعتبار شركة أوكسيدينتال أنها شركتنا الوطنية للبترول.

الوقوف بجانب القذافي كان كهدف بعيد المرمى, ولكنه حتى الآن قد عاد علينا بمردود لا بأس به. بعض العوائد الأكثر وضوحا جاءت على شكل النزاعات التي تمكن من التحريض عليها بين مختلف الدول العربية. المدير إعتبر هذا النشاط ذو قيمة عالية إلى درجة أنه أصر على إعداد ورقة تدريب خاصة عن هذا الموضوع.

بوجه عام, نحن نشعر برضى شديد عن علاقاتنا مع القذافي, بالرغم من أنك عندما تتعامل مع العرب لا تكون دائما متأكدا ما إذا كنت أنت الذي يناورهم أم أنهم هم من يناورك! نحن الآن نخطط لمجموعة من المشاريع التي تعتمد على مساعدته.

واحد من هذه المشاريع يخص تخمينا كبيرا عن البترول والذي نرجو أن نقوم به في إجتماع الأوبيك القادم, إذا إستطاع أصدقاؤنا في ليبيا أن ينبهوننا مقدما بمدة كافية.

المشروع الآخر – وهو موضوع ذو حساسية سياسي أكبر من السابق- يخص التخلص من شخصية دينية قيادية متعبة جدا في بيروت*. إذا نجح في هذا, سيكون حقا قد إستحق ما قدمناه له.

بالطبع توجد مسؤوليات عند التعامل مع هذا الثوري اليافع المبهرج. إذا عرف العالم أننا ندعمه, فإن الليبيين قد يشنقونه والإسرائيليين سيضعون قضبان حديدية على نوافذ وأبواب مبنى الموساد, وستوزع علينا جميعا بزة المجانين! وعلى صعيد أكثر جدية, فإنه يوما ما سيُقتل, وبدون القذافي ليزعزع إستقرار العالم العربي, فإن مستقبل إسرائيل لن يبدو بنفس التفاؤل الذي هو عليه الآن. لذلك, ومهما بدا الأمر غريبا, فإننا سنحميه من أي محاولة ضده. لدينا "أصدقاء" آخرين موزعين في منطقة الجوار, ولكن لا أحد يُقارن بأخينا العقيد.


* يبدو أن المعني هو الإمام موسى الصدر قائد المسلمين الشيعة في لبنان والذي إختفى خلال زيارة قام بها إلى ليبيا بعد ثلاث سنوات من سرقة هذه المستندات.