لماذا إذن نشتكي الفقر!!؟
07-11-2017, 03:26 PM
لماذا إذن نشتكي الفقر!!؟



الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

ضاعت البسمات من وجوه الكثيرين, و امتلأت العيون حيرة، و انشغلت العقول فكرا، فقد كثرت الأعباء, و زادت الضغوط, و توالت المتطلبات، و أصبحت الحياة هما على هم!!؟.
الكل يخشى الغد، ويحمد الله عندما يرحل يوم وينتهي بمسئولياته!.
لقد قلت الموارد، و اشتكى الآباء الفقر, فيا تري لماذا إذن اشتكوا الفقر!!؟.
عادة ما يشكو المرء الفقر عندما يعجز عن تلبية ما يحتاج حاجة ماسة، فيستشعر به، وهذا الشعور من أشد وأقسى المشاعر على العائل.
لكن الحقيقة: أن هناك مشاركة عميقة من الجميع في أسباب فقره، بل قد يكون الشخص ذاته سببا في فقر نفسه!!؟.
فالتقصير في الاستغفار والتوبة مع التلبس بالذنوب: سبب من أسباب المعاناة، فالاستغفار سبب في زيادة الرزق، يقول سبحانه:
[فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10)يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12)].
والذنوب تتراكم على المرء فتهلكه، والرجل يحرم الرزق بالذنب يصيبه،
والقبول بالربا يمحق بركة المال، إذ يقول تعالى:[ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا] ، قال الإمام البغوي:" أَيْ: يَنْقُصُهُ وَيُهْلِكُهُ وَيَذْهَبُ بِبَرَكَتِهِ".
والغش في السلعة سبب من أسباب المحق والأزمات، إذ يتكسب صاحبه من حرام، والحرام لا يبارك فيه.
وعدم إتقان العمل سبب آخر, فإن المهمل في عمله يؤذن الناس بالبعد عنه ويدعوهم للنفور منه، فهل سيطلبك الناس لعمل يخصهم: إذا وجدوا عملك غير متقن!!؟.
والإسراف في النفقة سبب من أسباب الفقر أيضا، فالاعتدال والوسطية: خير وحكمة، كما أن الادخار سلوك راشد لأوقات الأزمات، بشرط ألا يمنع من زكاة أو صدقة أو بر.
بل، إن الكسل والقعود والخمول والاعتماد على الغير في قضاء المطالب، والتأجيل والتسويف: سبب آخر من أسباب العوز والحاجة، فقد تعوذ النبي صلى الله عليه وسلم من تلك الصفات قائلا:
" اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل..".
واليأس وعدم إحسان الظن بالله تعالى: سبب من أسباب العوز، فإذا كنت تخشي الفقر، وتحب أن يزيد رزقك، فعليك أن تطمئن بأن الله تعالى هو: الرزاق الذي يضمن لك رزقك, وقد تكفل سبحانه بتوفير الرزق لعباده أجمعين، فيسوقه إليهم كما بينه في قوله تعالى :
[وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا].
فما عليك بأن بحسن التوكل عليه، وبذل الأسباب الشرعية لتحصيل رزقك.

على الجانب الآخر، فإن هناك أبوابا كثيرة هي أيضا أسباب في بركة الرزق وزيادته:
فتقوى الله تعالي، سبب عظيم في البركة والرزق، يقول تعالى:
[ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ].
وصلة الأرحام تكثر الرزق، و تبارك في العمر لقوله صلي الله عليه وسلم: " من أحب أن يُبسط له في رزقه، ويُنسأ له في أثره، فليصل رحمه". متفق عليه.
فقطع الرحم: يمنع الرزق، ويصيب صاحبها بالهم والغم، وينزع البركة من ماله.

إن الأرزاق مقسمة من عند الله تعالى، ولكنها تتفاوت بتفاوت ما قدر لكل امرئ، ومعلقة بأسباب وأساليب السعي للحصول عليها, فالرزق مضمون لمن يسعي إليه بحسن توكل وبذل مجهود بسعي محمود، يقول تعالى:
[هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ].

فاجتهد ولا تتواكل، بل توكل على الله، وخذ بالأسباب، وكن مثل الطير كما وصفها النبي صلي الله عليه و سلم:
" لو أنكم تتوكلون علي الله حق توكله: لرزقكم كما يرزق الطير، تغدوا خماصا و تعود بطانا ". أخرجه مسلم.
وكن من الشاكرين الحامدين، فقد قال سبحانه:[ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ].
تصدق ولو بالقليل إن استطعت، فما نقص مال من صدقة.
فإذا افتقدت كثرة المال يوما، فانظر إلي صحتك، واحمد الله، وإذا افتقدتهما، فأنظر لأولادك: تجدهم في خير عن غيرهم، وان افتقدت الثلاثة، فانظر لأهلك وسكنك, واحمد الله على كل هذا الخير.
وإذا افتقدت كل ما سبق، فانظر إلى نعمته عليك من سمع وبصر وكلام وحركة، وأعظم ذلك كله:" نعمة العبودية وقدرتك على العبادة والشكر والذكر"، بل إنه صلى الله عليه وسلم لم يعتبر الغنى أبدا غنى المال، قال:
" ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس". أخرجه مسلم.

أفبعد كل هذه النعم، يوجد فينا أحد فقير!!؟.

منقول بتصرف يسير، جزى الله خيرا راقمه.