وقد رأت الكاتبة التونسية هالة الوردي أنّ محمّدًا كان داهيّة سياسيّة
01-12-2018, 11:11 AM
وقد رأت الكاتبة التونسية هالة وردي أنّ محمّدًا كان داهيّة سياسيّة..

لا أدري ما تقصد به الكاتبة بكلمة (الداهية)؟ فإن كانت تقصد الخداع و المكر ، فهذا ليس من أخلاق الأنبياء و الله تعالى يعرف اين يجعل رسالاته ، فلا يصطفي لها إلا خيار أخيار عباده ، و إن كانت تقصد بالكلمة(الداهية) الفطنة و الذكاء ، فهي مصيبة في ذلك ، و الله تعالى لا يجعل رسالاته في أغبياء الناس و المتقاعسين منهم ، لأنهم مكلفون بأمر جلل و هو التبليغ عن الله تعالى و العمل على تحقيق و تجسيد الوحي على الأرض ، و الواقع ليس سهلا ، فهم سيواجهون مشركين اشربو ا الكفر ، و المنافقين ، أخطر أعداء الرسل، و ملوكا حريصين على سلطانهم و أغنياء لا يريدون أن تمسهم أحكام الشرائع السماوية في أموالهم ، و لنا من تاريخ الأمم السابقة كثير من هذه النماذج و أكثر ، كفرعون و النمرود قبله و عرب قريش فيما بعد ، و ملوك الروم و الفرس و هلم جرا ، فإن لم يكن النبي فطنا ذكيا فإنه لا يعرف كيف يتعامل معهم لتبليغ رسالته ، و هذا الذكاء و الفطنة مما يزودهم به ربهم تعالى و هو المعبر عنه ب(الحكمة)، فنذكر بعض القصص عن فطنة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و نشير إلى أن الأنبياء كلهم لم يستعملوا هذه القدرات العقلية إلا في الخير :

أ)عن أبي هريرة قال:

قال رجل: يا رسول الله, ان لي جارا يؤذيني.
فقال: انطلق وأخرج متاعك الى الطريق.
فانطلق وأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه, فقالوا ما شأنك؟
قال: لي جار يؤذيني, فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلّم فقال:" انطلق وأخرج متاعك الى الطريق".
فجعلوا يقولون: اللهم العنه, اللهم اخزه.
فبلغه فأتاه, فقال: ارجع الى منزلك فوالله لا أؤذيك.

ب ) بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم بين اصحابه جاءه أعرابي فقال : يا محمد من أين جئت بهذا القرآن
فقال له عليه الصلاة و السلام : من عند الله .
قال الأعرابي : لا يا محمد لوكان من عندالله ما وجدنا فيه هذه الكلمات الأربع فقال له رسول الله هاتِ ما عندك يا أعرابي بأسلوب جذاب فذكرهن الأعرابي :" يستهزئ " اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ) و العرب يقولون(يهزأ)**و الثانية"قسورة"(كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ) و العرب يقولون ( أسد و هزبر و ليث)** و الثالثة " كُباررا"( وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) و العرب يقولون (كبير) و الرابعة "عُجاب" (أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) و العرب يقولون (عجيب) .. و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كلما أتى الأعرابي بكلمة يشجعه على الاتيان بالتالية.
فسكت الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة ينظرون إليه وجلس الأعرابي ينتظر الجواب ،
وفجأة دخل أعرابي آخر من البادية إلى مجلس الرسول عليه الصلاة والسلام وقال " يا محمد أعطني مالاً فالمال ليس لك ولا لأبيك "
فقال له عليه الصلاة والسلام : ماذا تريد ؟
قال الأعرابي : اعطني مالاً
قال عليه الصلاة والسلام : ماذا تريد ؟
قال الأعرابي " أتستهزئ بي يا ابن قسورة العرب و أنت تراني رجلا كبّارى إن هذا لشيء عجاب "
فقال الأعرابي الأول : أشهد يا محمد أنه لا إله إلّا الله و أشهد أنك يا محمد رسول الله.
و تكرار الرسول صلى الله عليه و سلم للأعرابي الثاني (ماذا تريد) كان بقصد استدراجه لقول ما قال بهذه الكلمات التي لا يعرفها قوم الأعرابي الأول .

ج) في احدى غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم اراد ان يستطلع اعداد جيش المشركين فلقي رجلا من المشركين فقال عليه السلام : كم عدد جيوش المشركين .
فقال الرجل: من انتم ؟
فقال الرسول الكريم : اخبرنا بعدد الجيش وعتادهم ثم نخبرك من نحن .
فاخبرهم بعدد الجيش وعتادهم , ثم قال للرسول الكريم من انتم ؟
قال له صلواتالله عليه وسلم نحن من ماء , فظن الرجل انه من ماء دجله او النيل او الفرات . والرسول الكريم كان يقصد من ماء مهين .
صلوات الله عليه وسلم

د) وعن علي رضي الله عنه قال:
لما سار رسولالله صلى الله عليه وسلم الى بدر وجدنا عندها رجلين: رجلا من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط. فأما القرشي فأفلت, وأما مولى عقبة فأخذناه, فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول:هو والله كثير عددهم, شديد بأسهم.
فجعل المسلمون اذا قال ذلك ضربوه, حتى انتهوا به الى النبي صلى الله عليه وسلّم, ثم ان النبي صلى الله عليه وسلّم سأله: كم ينحرون من الجزر؟
فقال: عشرا لكل يوم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: القوم ألف, كل جزور لمئة وتبعها.
و هذاغيض من فيض .

ومن ذكاء الأنبياء عليهم السلام :


1) قال ابن عباس: لمّا شبّ اسماعيل تزوّج امرأة من جرهم, فجاء ابراهيم فلم يجد اسماعيل, فسأل عنه امرأته فقالت:
خرج يبتغي لنا.
ثم سألها عن عيشهم فقالت:
نحن بشر في ضيق وشدّة, وشكت اليه, فقال:
فاذا جاء زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له: يغيّر عتبة بابه.
فلما جاء أخبرته فقال: ذاك أبي وقد أمرني أن أفارقك, الحقي بأهلك.


2) ومن المنقول عن سليمان عليه السلام:
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
خرجت امرأتان ومعهما صبيّان, فعدا الذئب على أحدهما, فأخذتا تختصمان في الصبي الباقي, فاختصمتا الى داود عليه السلام, فقضى به للكبرى منهما, فمرّتا على سليمان عليه السلام, فقال ما أمركما؟
فقصّتا القصّة.
فقال: ائتوني بالسكين أشق الغلام بينكما.
فقالت الصغرى: أتشقه؟
قال: نعم.
قالت: لا تفعل, حظي منه لها.
فقال: هو ابنك. فقضى به لها.

3)وعن محمد بن كعب القرظي قال:
جاء رجل الى سليمان النبيعليهالسلام فقال: يا نبيّ الله! ان لي جيرانا يسرقون أوزي.
فنادى الصلاة جامعة.
ثم خطبهم, فقال في خطبته: واحدكم يسرق اوز جاره, ثم يدخل المسجد والريش على رأسه!
فمسح رجل برأسه, فقال سليمان: خذوه فانه صاحبكم.

4)ومن المنقول عن عيسى عليه السلام: أن إبليس جاء اليه, فقال له: ألست تزعم أنه لا يصيبك الا ما كتب الله لك؟
قال: بلى.
قال: فارمِ بنفسك من هذه الجبل, فانه ان قدر لك السلامة تسلم.
فقال له: يا ملعون, ان لله عز وجلّ أن يختبر عباده, وليس للعبد أن يختبر ربّه عز وجلّ.
بلادي و إن جارتْ علي عزيزة ٌ** و قومي و إن ضنوا علي كِرامُ
التعديل الأخير تم بواسطة بلحاج بن الشريف ; 01-12-2018 الساعة 11:23 AM سبب آخر: تصويب أخطاء مطبعية