أوروبي .... وقف مع الجزائريين ضد الإستعمار.
06-12-2013, 11:46 AM
فيكتور سبيلمان (1866/1936)
(الأوروبي البرايجي المناهض للاٍستعمار )
وفد اٍلينا من اٍقليم الألزاس ، جاء مع أبيه وعمره اٍحدى عشرة سنة(عام1877) ، بعدما تحصل أبوه على قطعة أرض في اٍطار تعويض الألزاسيين من تدهور غلاتهم الزراعية نتيجة [مرض الفيلوكسيرا]. عاش طفولته في مدينة (برج بوعريريج) مثله مثل مختلف أبنائها من الأهالي ،ذاق صعوبة الحياة بعد تجريده من الأرض الممنوحة ، وتابع عن كثب سياسة فرنسا في المدينة والجزائر مع أهالي البلاد خاصة بعد ممارسته لمهن متنوعة كاٍسكافي، وعارض بضائع، وذاق مرارة ما يعانيه الجزائري ( القهر ، التجويع ، الظلم، مصادرة الأملاك) وهو ما دعاه اٍلى امتهان الصحافة التي غدت سلاحا له في محاربة سياسة المستعمر للبلاد والعباد.
في أواخر القرن التاسع عشر ،وبدايات القرن العشرين ، وبعد تنامي الثراء لدى اليهود على حساب الأوربيين متوسطي الحال ، برز في منطقة قسنطينة اتجاه مضاد لهم بتأليب وتأييد من (اٍميل مورينو) عمدة البلد آنذاك ، وتشكل تدريجيا اتجاه اديولوجي مضاد لليهود خاصة بعد حصولهم على الجنسية الفرنسية بأثر قانون كريميو 1970 .
بدأت أفكار [ فيكتور سبيلمان ] تتضح تجاه الحزب المضاد لليهود والبورجوازية ، وانخرط مع هذا التيار الذي تشكل اٍبتداء من عام 1902 وبدأ في النضال السياسي بكتاباته في الجرائد المحلية ( صدى عين تاغروت )( صيحة الهضاب العليا)(مستقبل برج بوعريريج) كل ذالك تعاطفا مع الجزائريين ونضالا مع جمعياتهم الفلاحية والاجتماعية ...
وتضافرت جهوده مع (فولبيليير)الأوربي الاٍشتراكي الاٍنساني الذي يتشابه مع فيكتور سبيدلمان في الدفاع عن الغلابى الجزائريين ،خاصة بعدما لاحظا معاناتهم في القرية الحمراء للقنطرة بقسنطينة ، وتضامنا معه ومع فكره ونهجه بدأ التحرير في جريدته ( الهلال والصليب) التي تعد خلية للدفاع عن حقوق [ الأندجينا ] ، خاصة وأنها واكبت اٍصلاحات الحاكم العام للجزائر السيد [شارل جونار ]، وهي مطالب دفعت ببعض الساسة الفرنسيين اٍلى المطالبة علنا بٍالغاء قانون الأندجينا (1887)الذي رسم قيم التمايز، وهيمنة الاٍدارة ، وهو الأمر الذي خلق جيشا من العبيد والبروليتاريا ، وهي سياسات رسختها تجاوزات [الكولون الكبار ]و[البنوك ] و[الباشاغوات] ، وأصبح بعدها عضوا فاعلا في تحرير صحيفة (الاٍسلام) للصادق دندن والمعبرة عن تطلعات الشباب الجزائري .
°°°مراسل لجريدة صرخة الجزائر .
ابتداء من عام 1914 عمل فيكتو ر سبيلمان مراسلا لجريدة صرخةالجزائر التي كا نت ملكا لصديقه فولبيليير ، وكانت معارضة الصحيفة جلية لقانون التجنيد الاٍجباري الصادر بتاريخ31 جانفي 1912 الذي يرى فيه اجحافا في حق شباب الجزائر ، لأنه سيزيد من ترسيخ الهوة بين البرجوازيين والفقراء، وهي معانات عاشها الألزاسيون بعد انتصارات ألمانيا في حرب السبعين .
وحاول في مقالاته المنشورة كشف التلاعبات الاٍدارية التي أدت اٍلى ثراء البعض على حساب الآخر ، زيادة عن قوانين ادارية مرهقة ضد الفلاحيين الجزائريين. واستطاعت مقالاته المنشورة رسم صورة قاتمة لفترة ماقبل الحرب الكونية الأولى ، هذه الحرب التي لم يظهر فيه فيكتورسبيلمان لكونه كان منشغلا مع حزبه الشيوعي الجزائري الذي همش فيه ، وهو الرجل القوي بفكره لايقبل التدجين ولا المساومة وقال عنه صديقه الجزائري الشيوعي أحمدخوبزي ( انه كثير التمرد ، غير قابل للاٍنضباط ، )
°°°صاحب الملفات الثقيلة :
عاد اٍلى النشاط الحزبي بعد الحرب ، ونشط في الحزب الشيوعي كمسؤؤل خلية في سيدي بلعباس ، وتضافرت جهوده مع مناضل شيوعي آخر ، هو شارل الذي أصبح فيما بعد مؤرخا مرموقا في تاريخ شمال افريقيا باسم شارل اندري جوليان .
وحاول فيكتور سبيلمان بكل ما أوتي من فكر ، وقوة شكيمة ، وما يملكه من ملفات ثقيلة على الحكام توضيح جرائم فرنسا الاستعمارية وفضح السياسة الفرنسية القائمة على التمييز والتجويع والاٍرهاب ، وبفضله أصبحت المعاناة الجزائرية قائمة في الصحافة الشيوعية ، والتي تحولت تدريجيا الى لسان حال الشعب الجزائري بنزعة الجزائر الجزائرية.
°°° في صحيفة الاٍقدام 26077126_
ظهرت جريدة الاٍقدام للأمير خالد كبديل لجريدة [الاٍسلام ]التي كانت رائجة فيما قبل الحرب ، وأصبح سبيلمان عضوا نشطا فيها بحكم صداقته الراسخة مع الأمير خالد ، و هو يشعر في اعماقه بوجود تقارب بين الجزائريين والفرنسيين ، وهو مادعاه اٍلى تأسيس جريدة (TRAIT-D UNION )
ثم (la tribune) المناوئتان في سياستهما للاٍستعمار .
°°°اٍن هذا الألزاسي البرايجي ( نسبة اٍلى برج بوعريريج) الشجاع طرح قضايا الجزائريين بعمق وجرأة ، وحاول الوقوف في وجه غلاة المستعمرين وأذيالهم ، وكشف أساليبهم في تجويع الأهالي واستعبادهم وقهرهم ، وكانت مقالاته المنشورة تحمل في طياتها مطالب شعبية تعبر عن معاناة الجزائري المنهك مليئة بالتهكم والعبارت الدالة على الدونية مثل (أقنان الأرض، الاٍقطاع ، حكم الأقلية ، الآفات ..الخ)
°°°نضاله مع الأمير خالد
بهتت نضالاته الآجتماعية ، وتحول اٍلى مناصر قوي لنضال الأمير خالد خاصة بعد نفيه بين عامي 1919م 1923 ، سبيلمان الذي تحول اٍلى محرر ذائع الصيت في جريدة(الاٍقدام) ، وساهم بقسط وافر في صنع مجد الأمير خالد ، الذي كان كثيرا ما يشبهه بشخصية سعد زغلول باشا زعيم مصر ، وبعد نفي الأمير لم تتوقف مطالب فيكتور سبيلمان باٍطلاق صراحه بعبارته المدوية ( أعيدوا لنا أميرنا .... أعيدوا لنا سعد زغلول باشا.) .
واستمر التواصل بين الشخصيتين رغم التباعد ، وأوكل له الأمير عام1925 التفكير في مشروع تأسيس صحيفة فرنسية /جزائرية التي لم تر النور بسب المضايقات والعجز المالي، لذا استمر في نشر مقالاته في صحيفة (trait d’union ) التي كانت بديلا لصحيفة الاٍقدام ، وسعى الى تكوين دائرة التقارب (الفرنسي /الشمالي افريقي) بعيدا عن تأثيرات المد الشيوعي السوفياتي .
شرع فيكتور سبيلمان في تحرير مذكراته التي لم تر النور سنة 1934 تحت عنوان ( نصف قرن كجزائري ) وبموته انتقل ارثه المادي والمعنوي اٍلى فرحات عباس .
نعاه مصلحنا عبد الحميد بن باديس بمرثية رائعة نشرت في مجلة الشهاب وصفه فيها (بالملاك) الحارس الأمين لمصالح الشعب الجزائري ، ونفس المنحى سار عليه فرحات عباس عندما تولى رئاسة الحكومة المؤقتة في 1958 عرفانا لجهود الرجل في نصرة قضايا الشعب الجزائري .
°°°صفوة القول ان نضالات [ فيكتور سبيلمان ] على مدار الخمسين سنة من أجل نصرة قضايا أمتنا ، يمكن تصنيفها في اٍطار كسر حواجز الكراهية بين شعبين، وهي ٍاشعار بأن الشعب الفرنسي بوجهين وجه المناصرة ووجه العداء . ولكل وجه دلالالته وملامحه البارزة في تاريخنا الجزائري المليء بالدروس والعضات والعبر .
منقول للفائدة .
