الأزمة المالية "نهشت" 200 ألف مليار من المشاريع خلال 3 سنوات
16-09-2017, 03:19 AM




سميرة بلعمري

رئيسة تحرير جريدة الشروق اليومي




كشفت أرقام الحكومة أن الأغلفة المالية المخصصة للمشاريع التنموية الممولة من الخزينة العمومية تراجعت ثلاثة مرات، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، أو ما يعرف بسنوات الأزمة، حيث عمدت حكومة الوزير الأول السابق عبد المالك سلال إلى فرض التقشف على رخص برنامج الاستثمارات التي عرفت تخفيضا بـ2100 مليار دينار(أكثر من 200 ألف مليار سنتيم)، وبعد أن كانت عند 3500 مليار دينار سنة 2015 لم يصادق الجهاز التنفيذي لسلال آنذاك سوى على 1400 مليار دينار لتغطية كلفة مختلف المشاريع قيد الإنجاز، الأمر الذي خلف تراكم ديون الدولة لدى المتعاملين الإقتصاديين.
في سابقة هي الأولى من نوعها، اعترف الوزير الأول احمد أويحيي أن الدولة على مختلف مستوى فروعها تعاني من ديون كبيرة متراكمة لدى مختلف المتعاملين الاقتصاديين، وأشار أويحيي في مخطط عمل الحكومة الذي سيعرضه أمام نواب المجلس الشعبي الوطني غدا، أن ديون الدولة أو ما يعرف بمستحقات الشركات المنجزة للمشاريع تؤرق الحكومة، وتشكل أولوية بالنسبة لها، وإن لم يتناول مخطط عمل الحكومة هذا الدين الداخلي بأرقام وتفاصيل، فيكفي الرأي العام أن يعرف أن الشركات المنجزة لمشاريع السكن فقط لديها مستحقات تجاوزت 1400 مليار دينار.
ويرجع مخطط عمل حكومة أويحيي تراكم ديون ومستحقات شركات إنجاز المشاريع إلى تقليص رخصة برنامج الاستثمارات المصادق عليها، في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث شهدت رخص برنامج الإستثمارات العمومية التي تكفل التغطية المالية لمشاريع الدولة في مختلف القطاعات بداية من السكن والأشغال العمومية والنقل وصولا إلى مشاريع التجهيز في قطاعات الصحة والتربية وغيرها، حالات انخفاض متتابعة؛ حيث انخفضت من قرابة 3500 مليار دينار في سنة 2015 أي 350 ألف مليار دينار الى 1900 مليار دينار في سنة 2016 أي أن الحكومة وبعد قرارها تجميد المشاريع التي لا تحمل طابع الأولوية وكذا إرجاء ما لم ينطلق منها لم ترصد سوى 190 ألف مليار في حين خفضت من قيمة الأموال المرصودة لإنجاز مختلف المشاريع لهذه السنة إلى 1400 مليار دينار.
هذا التخفيض لرخص برنامج الاستثمار، رافقه تراكم في الديون التي لم تسدد لدى العديد من المتعاملين الاقتصاديين على مستوى الفروع المختلفة في الدولة.
هذا التقليص لرخص برنامج الاستثمار، ورغم دراية وعلم جميع أعضاء الحكومة، إلا أنه أثار في العديد من الأحيان معارك هامشية بين أعضاء حكومة سلال الذي وجد نفسه مرغما على التدخل لدى وزارة المالية تارة ولدى البنوك تارة أخرى لتسوية خلافات ومعارك، أكثرها كان تلك المواجهة المفتوحة بين وزارة المالية ووزارة السكن التي كانت ترفض تبريرات الحكومة المتعلقة بنقص الموارد المالية، قبل أن تخرج للعلن وتتهم صراحة وزارة المالية والقرض الشعبي الجزائري بمحاولة عرقلة برنامج الرئيس في مجال السكن.
وبالعودة الى التعديل الذي أجري على الأمر المتضمن قانون النقد والقرض، تشير كل المعطيات أن جزءا من أموال السندات التي سيشتريها بنك الجزائر من الخزينة العمومية سيوجه لتغطية الدين الداخلي والذي تعد مستحقات الشركات المنجزة للمشاريع أحدها، خاصة وأن مخطط عمل الحكومة أشار صراحة أنه عملا على تجاوز هذه الأزمة المالية للدولة والحفاظ على حركية التنمية للبلاد، وأمام محدودية السوق المالية الداخلية فإن الحكومة، قررت اللجوء إلى تمويل غير تقليدي يضمن تمويل الاستثمارات ودفع الدين لاستعادة توازن المالية العمومية .
حكومة أويحيي التي بدأت تشكو من ديون المؤسسات المنجزة للمشاريع وتكتمت عن إعطاء تفاصيله، قدمت حصيلة مفصلة عن الأموال التي مولت المشاريع طيلة 17 سنة، حيث أشارت الأرقام الرسمية إلى أن 716 مليار دولار صرفت في إنجاز المشاريع خلال هذه الفترة، وذلك ضمن ما عرف ببرنامج الإنعاش الاقتصادي وبرنامج دعم النمو.