المحافظة على المكتسب كلمات بعد رمضان
06-07-2018, 05:01 PM
المحافظة على المكتسب
كلمات بعد رمضان
عادل بن عبد العزيز المحلاوي


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:


الطاعة ليست بالأمر الهين، فهي ثقيلة وشاقة على النفس، قال تعالى:
[ إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا].
وقال سبحانه عن الصلاة:
[ وَإِنَّهَا - أي: الصلاة - لَكَبِيرَةٌ - أي: لشاقة - إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ].
ولو لم تكن كذلك، لرأيت النّاس كلهم على استقامة تامة، ولكنهم يتفاوتون في فعلها قلة وكثرة، والتزاماً وتركاً، ولكن من تذكّر الجنّة والثواب: هان عليه كل شاق.
ومن فضل الله على عباده: أن يهيئ لهم بعض المواسم لتنشط النفس في الطاعة بأسباب كثيرة، منها:
البيئة المعينة، ومنها الزمان الفاضل، والمكان الفاضل ونحوها.
واليوم يخرج المسلمون من موسم عظيم مبارك، ألا وهو موسم رمضان، وفضله وحال الناس فيه لا يخفى، وأريد هنا أن أذكر نفسي وإخوتي:
( بالمحافظة على مكتسبات هذا الشهر )، ففي رمضان - خصوصاً العشر الأواخر منه - نشطت كثير من النفوس، وأقبلت على الطاعات أكثر من ذي قبل، وهذا الأمر فرصة عظيمة للاستمرار على جزء كبير منها بعد رمضان.
فالنفس الكسولة تصحّح عندها: أنها غير قادرة بما رأت من نفسها من الإقبال على الخير.
وتصحّح عندها: أنّ بإمكانها أن تحافظ على الصلاة في جماعة، وقيام جزء من الليل، وتفريغ الوقت للتلاوة، وتعويد اللسان على الذكر والجلوس للمناجاة، ومخالفة شح النفس بالصدقة، وحفظ الجوارح ونحوها من ميادين الأخير.
هذا التعوّد والعمل فرصة كبيرة للاستثمار والسعي للمحافظة على هذا المكتسب.

* من قال لك: إنّك لا تستطيع المحافظة على صلاة الجماعة!؟.
* من قذف في روعك: أنّك لستَ من أهل القيام!؟.
* من لبّس عليك: أنّك لا يمكن أن تكون من أهل القرآن!؟.
* من أوهمك: أنّ بينك وبين الذاكرين بوناً شاسعاً!؟.

يا مؤمن...نعم أنتَ يا مؤمن - أنتَ أريد لا غيرك - أيقن أنّك:
أنت المصلي.
وأنت القانت.
وأنت التالي.
وأنت الذاكر.
وأنت المطيع لربك.
أيقن: أنّك أنتَ العابد الحق، والمستقيم الصدق.
وأنت الذي تطمع في جنة عرضها السموات والأرض، استثمر هذا الحال الذي كنتَ عليه، وزد استقامة وفعلاً للطاعات.

نعم لن يكون الحال كالحال في رمضان، ولكن استمر على الخير الذي اكتسبته فيه، فهو فرصة عظيمة وقد تعوّدت النفس عليه.
ستضعف النفس: إن لم تحافظ على هذا.
ستضعف عن الجماعة والصلاة في وقتها: إذا تكاسلت.
ستضعف عن فتح المصحف، ستضعف عن الذكر: إذا لم تستغل هذه الفترة وتحافظ على هذا المكتسب دون أن تُعطيها فرصة الكسل.
ألزمها هذه الطاعات - وهي سهلة وقد كنتَ من أهلها – .
ذكرّها بالأجر.
ذكرّها بأنّ هذه الطاعات هي ( الخير كله في دنياك وآخرتك ).
ذكّرها بأنّ الحياة قصيرة، والموت يأتي بغتة، وأنّه لن يكون مع المرء في رحلته الطويلة - والطويلة جداً جداً في قبره إلا العبادات -.
استعن بالله، وكن كثير اللجوء إليه.
هيئ لك بيئة صالحة، ولا تُجامل في هذا.

همسة أخيرة:
من كان مقصراً في رمضان، فبإمكانه التدارك، فالله يُعبد في كل زمان، وكم من أشخاص كانت استقامتهم بعد رمضان.

اللهم تقبل منّا وزدنا من فضلك وإحسانك، وثبتنا جميعاً على ما تحبه وترضاه.