"السعودية تعيش ربيعا عربيا على طريقتها الخاصة"
07-11-2017, 03:53 AM


حاوره: عبد السلام سكية

صحافي ورئيس قسم القسم الدولي بجريدة الشروق اليومي

يصف الكاتب والمحلل السياسي، أنور مالك، التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية، وآخرها حزمة التوقيفات التي طالت أمراء ووزراء، بأنها "ربيع عربي على طريقتها الخاصة"، واستبعد وجود ربط بين ما حصل ونقل ولاية مقاليد الحكم إلى محمد بن سلمان، ويؤكد مالك في هذا الحوار أن التحولات التي تشهدها السعودية ضرورية جدا لتجاوز مخاطر تهدد مستقبلها.
ما هي القراءة الأولية لحزمة القرارات المتخذة من طرف الأمير محمد، البلاغات الرسمية تربط التوقيفات بخيار مكافحة الفساد، هل تقرأها في هذا الاتجاه؟
القرارات متخذة من قبل الملك سلمان في إطار لجنة مكافحة الفساد التي أعلن عنها ويترأسها ولي العهد محمد بن سلمان.
كل من تابع التطورات في المملكة العربية السعودية كان يتوقع اتخاذ هذه الإجراءات فيما يخص الفساد وخاصة أن رؤية 2030 للأمير محمد بن سلمان ركزت على الشفافية ومكافحة الفساد والحوكمة الرشيدة، ونجاحها مرهونٌ بالحد من نفوذ المفسدين.
السعودية تعيش تحولات كبرى، تبدأ بانتقال الحكم من أولاد الملك عبد العزيز إلى أحفاده، كما أن القيادة الجديدة تدرك أن منطق الأحداث التي تعرفها المنطقة تفرض التغيير فإن لم يبادر به الحاكم ستفرضه الظروف المفتوحة على كل الاحتمالات الممكنة وغير الممكنة.
في تقديري أن السعودية تعيش ربيعا عربيا على طريقتها الخاصة، وهذا تؤكده كل القرارات الزلزالية التي تشهدها البلاد منذ اعتلى الملك سلمان سدة الحكم وخاصة في الأشهر الأخيرة التي صار فيها ابنه محمد وليا للعهد.
يذهب اتجاه آخر إلى أن القرارات المتخذة أنها تندرج في إطار ترتيبات نقل السلطة إلي ولي العهد محمد بن سلمان، عبر إبعاد الأطراف التي قد تكون عقبة في هذا التوريث؟
ما يخص نقل السلطة فاعتقد أن أمرها حُسم فيه، وكل من تم توقيفهم كانوا من أوائل المبايعين لمحمد بن سلمان كولي للعهد، ولا أعتقد أن ما يحدث يرتبط بمشاكل في نقل السلطة، بل له علاقة قوية بمستقبل رؤية 2030 التي يراهن عليها بن سلمان لدخول عهدٍ جديد للدولة السعودية وأرى أنها تستحق أن تكون الدولة السعودية الرابعة لما فيها من تحولات كبرى وخاصة مع عهد الشفافية، حيث لأول مرة يحدث توقيفٌ لأمراء من الدرجة الأولى في النفوذ ووزراء ورجال أعمال ظلت تحوم حولهم شبهاتٌ كثيرة طالما تداولها السعوديون في مواقع التواصل.
هل يمكن أن تكون الأحداث المتسارعة في محيط المملكة، وآخرها استقالة الحريري على علاقة بهذه التحولات السريعة في المملكة؟
استقالة الحريري لها قراءاتٌ كثيرة، فكل ينظر إليها من زاوية، ويوجد حتى من ربطها بقضايا فساد وخاصة أن والده رفيق صنع ثروته في السعودية وفي ظرف قياسي، لكن إذا نظرنا إليها من زاوية تتعلق بحزب الله وربما ستكون هناك حربٌ في الأفق ضد الحزب ومعاقله سواء في الضاحية أو ربما في سورية.
المملكة ستشهد قرارات كثيرة وجريئة وهذا لا يدعو للتأويلات والتكهنات وكل ما في الأمر أن الملك سلمان يريد أن يضع الدولة في سكتها الصحيحة بعد استئصال كل المخاطر التي تهددها من الداخل عبر فساد فكري ومالي وسياسي، أو من الخارج عبر مشاريع معادية وعلى رأسها إيران وميليشياتها وأيضا الإرهاب الذي يضرب بقوة.
في أي اتجاه تستشرف تطورات الوضع الداخلي في المملكة؟ وهل تعتقد أن لها القدرة على تجاوز ما حصل بسلاسة؟
اعتقد أن التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية كانت ضرورية جدا لتجاوز مخاطر تهدد مستقبلها، ولهذه اللحظة كل الأمور تسير على ما يرام والدولة مسيطرة على الوض، بل أن الالتفاف الشعبي على الملك سلمان وولي عهده غير مسبوق، خاصة مع ضرب الفساد والمفسدين، وكلنا يدرك تماما أن الشعب السعودي كان يشتكي من ظاهرة الفساد وطالما طالب السعوديون بضرورة مكافحته بمواجهة الحيتان الكبيرة المتمثلة في أمراء ورجال أعمال نافذين.
كل ما يحدث يزيد في الطمأنينة على مستقبل المملكة، فلا يوجد ما كان يهددها مثل الإرهاب والفساد وإيران، ونحن نرى حزمة من قرارات تدكها بقوة وجرأة غير معهودة.
واعتقد أن معالجة التحول في السعودية تحتاج إلى صرامة وجرأة وقرارات صادمة وهذا ما يحدث تباعا.
كيف تتوقع ردود أفعال خاصة من النخب السياسية والمالية والثقافية؟
القرارات المتخذة إلى حد اللحظة تلقى الإجماع وخاصة ما يتعلق بالفساد والمفسدين ومواجهة تهديدات إيران، لذلك قد تختلف القراءات للقرارات في حينها، لكن مع مرور الوقت ستغدو الصورة واضحة ويزداد التمسك بها في حال نجاحها ورؤية ثمراتها في أرض الواقع.
الأزمة التي تعيشها دولُ الخليج، لعبت دورا في تأويل القرارات ومحاولة استغلالها لتصفية الحسابات، ولهذا نرى تأثيراتها على مواقف النخب، والأمور ستتغير لاحقا في حال حلحلة الأزمة.
لا توجد نخبة مثقفة لا تفرح ولا تبارك مناهضة الفساد، ولكن بعض النخب تساعد الفاسدين عندما تذهب إلى التشكيك وقراءة الكف بدل التعامل معها بشفافية ووضوح.
الدولة السعودية توقف بتهمة الفساد أمراء ووزراء في سابقة فريدة، وهنا دورنا كمثقفين أن نبارك ذلك وندعو للمزيد، فلا يوجد ما يدمر مستقبل الأوطان مثل الفساد ووجود أشخاص فوق القانون.