رد: التبرُّع بالأعضاء بعد الموت!!
03-07-2009, 11:19 PM
مشكورة أختي مريم على التطرق لهذا الموضوع الحساس و هي فرصة لسبرالأراء في قضية التبرع من الناحية الأخلاقية و الاجتماعية أيضا ،و لا ننسى أن الوازع الديني يلعب دورا مهما في تصور المسألة ومن ثم إبداء حكم فيها.
أريد فقط الاشارة إلى أن المسألة أصلا موضع جدل دائر ليس فقط بين الفقهاء بل حتى الأطباء أيضا و إن كان ميل أغلبهم إلى الجواز لاعتبارات عديدة.
فالاستعانة" بأعضاء ميت لأجل انقاذ حي يكون في حالة خاصة و هي في حالة الموت الدماغي (توقف الوظائف الحيوية لموت جذع المخ)في حين قلبه لازال يضخ الدم في انحاء جسمه أو توقف و تم وصله فورا بأجهزة تعمل على ذلك كبديل عن القلب و الرئتين (ميكانيكيا).
أما الذي مات و شبع موت فلا يصلح للتبرع ،هذه واحدة
ثانيا :حتى وفاة الدماغ لا يكتفى بتشخيصها بالفحص السريري فقط بل يجب أن تترجم توقف كهرباء المخ عن طريق أجهزة خاصة تعلن أن توقفه لا رجعة فيه ،و يكون ذلك مرتين تأكيدا.
و احتجاج البعض بأن الميت دماغيا قد يرجع الى الحياة إذا ما بقي موصولا باجهزة الانعاش المستعملة عادة فليس واردا طبيا و السبب عادة يعود الى الخطأ في تشخيص حالات غيبوبة عميقة لأسباب مختلفة و مطابقتها بالموت الدماغي(لأن الأعراض تتشابه سريريا) و هذا في غياب الأجهزة المتطورة التي تفصل في موت الدماغ (وهي غائبة عن مستشفياتنا حتى الجامعية منها !)
و حتى الفقهاء الذين أجازوا التبرع من الميت قد اشترطوا تأكيد الموت الدماغي من أطباء متخصصين و ثقة.
و أذكر أني اطلعت على شروط التبرع لاحدى الدول الاوروبية 'لا أذكرها لأني وقفت عليها منذ فترة)فكانت شروطا صارمة و مقبولة راعوا فيها الجانب الأخلاقي منها عدم ذكر اسم المتبرع (المتوفي) و عدم دفع أي مبلغ (تكاليف عملية التبرع على حساب الدولة و لا يدفع المتبرع اليه سنتيما واحدا) و جواز أخذ موافقة أقارب المتوفي إذا لم يكن المتوفي قد أعلن قبل وفاته قبولا أو رفضا للاستفادة من اعضائه حال الموت وأن الاطباء الذين يقومون بتشخيص الوفاة (موت الدماغ) و اعلانها (طبيبان) يجب الا يكونا من الطاقم المشرف على اجراء عملية الزرع و لا منتمون إلى نفس الادراة و شروط أخرى لا تحضرني الآن.
و بالنسبة للفقهاء فقد أجاز مؤخرا المجمع العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ القرضاوي التبرع و بشروط توصلوا اليها بعد مباحثات طويلة مع الاطباء المتخصصين ،وهي مسألة فقهية -طبية معاصرة تحتاج إلى اجتهاد من أهل العلم و إلمام بكل المعطيات (خاصة الطبية منها) لأجل الفصل فيها.
وما أشار إليه الإخوة من الممارسات اللاأخلاقية لبعض الأطباء و التجار على السواء (و هو أمر مؤسف حقا) ليس حجة لأجل رد أمر قد تكون منفعته أكثر من ضرره ،و التجاوزات موجودة دوما سواء في الأمور المجمع عليها أو تلك التي هي محل جدال في المجتمعات و الحل هنا يكون بالنظر في صرامة العقوبات المفروضة على مثل هذه التجاوزات -التي قد تصل إلى حد الجرائم - و التشدد فيها حتى يتم ردعها.
"...والصَّبرُ ضِـيــاء..."
التعديل الأخير تم بواسطة بنت أبيها ; 03-07-2009 الساعة 11:32 PM