فلة أهانتنا و"عمارة الحاج لخضر" غلطة حياتي وأتقاضى راتبي من فرنسا
01-03-2015, 10:56 PM

استقبلتنا الفنانة القديرة "سلوى" في بيتها بالبليدة، بابتسامتها الجميلة التي لا تغيب عن محياها، تكلمت بكل عفوية، كاشفة عن وجهها الآخر لقراء الشروق: تزوجت مرتين... فلة عباسبة أهانتنا وأساءت لتاريخ والدها الحافل... جائرة الأوسكار الأغلى في مشواري... وهذا سر اسم "سلوى" وغيرها من التصريحات المثيرة في هذا الحوار.

- والد فلة كان يخيط العلم على ربطات العنق ويبيعها من أجل الثورة

- لم استفد من تغطية اجتماعية وأعيش براتب فرنسا عن 3 سنوات عمل

- أديت فريضة الحج واعتمرت 4 مرات وزرت القدس

- لم أندم على رفضي الغناء باللهجة المصرية في القاهرة

- والد أبي مغربي ووالد أمي تركي وأنا جزائرية

- قدمت الأخبار ودبلجت الأفلام في إذاعة فرنسا سنة 1959

- اتصلت بي الحكومة المؤقتة قبل الاستقلال لإحياء حفل الأطلس



* ما سر اختيارك اسم سلوى كاسم فني؟

- اسم سلوى لديه معنى، عنده ذكرى وموضوع، لم يأت صدفة، القصة وما فيها انه في صغري التحقت بالإذاعة "حصص الأطفال" كانت تذاع على المباشر بعد منتصف النهار، وحصة "بين أحضان الطبيعة" كل يوم أحد، وقتها تقدم مني

السيد الطاهر فضلاء الذي قال لي بالحرف "اسمك الحقيقي ليس له معنى فني،سنسميك "سلوى"، لأن هذا الاسم فيه التسلية والسلوان والفرح"، ومنذ تلك الفترة أصبح اسمي سلوى.

* أثير جدل كبير حول مسقط رأسك، أين ولدت سلوى؟

- عائلتي معروفة ومشهورة بالبليدة "بدار المغيربي"، وهذا راجع لعائلة والدي المغربية، الذي استقر بالبليدة، غير انه وبعد زواجه انتقل إلى أعالي بوزريعة واشتغل كحارس بمدرسة "نورمال"، وفي تلك الفترة وضعتني والدتي قبل العودة والاستقرار بحي الدويرات في البليدة.

* هذا يعني أن سلوى ذات أصول مغربية؟

- يمكن قول هذا، لأن والد والدي مغربي الأصل، كما أن والد والدتي تركي الأصل، كان يعمل بأحد حقول مدينة بوفاريك، أصولي مغربية تركية، لكن أنا جزائرية.

* حدثينا عن تجربتك وسفرك إلى فرنسا إبان الثورة التحريرية<

- غنيت كثيرا بالجزائر قبل انتقالي إلى فرنسا، حيث سجلت العديد من الأغاني والحصص بالإذاعة الوطنية، بعدها سافرت إلى فرنسا سنة 1959 واشتغلت كمنشطة برامج في الإذاعة النسائية بباريس، حيث أصبحت معروفة ومشهورة لدى الجالية العربية هناك، خاصة لدى النسوة.

* لماذا أعدت أغاني الفنانة ليلى الجزائرية بفرنسا رغم انك غنيت الكثير بالجزائر؟

-لا، لقد أعدت أغنية واحدة فقط لا أكثر، وبعدها استقليت بشخصيتي الفنية، هذا بعد ان سمعني الفنان الكبير عمراوي ميسوم أغني، أعجب بصوتي كثيرا، إلى درجة انه قدمني إلى الكاتب الكبير الحبيب حشلاف، وفي تلك الفترة بالذات توفي الملك المغربي محمد الخامس الذي كان سندا للثورة الجزائرية، أصبنا بصدمة كبيرة وبكيت عليه كثيرا مثلي مثل بقية الجالية الجزائرية والمغربية بفرنسا، ما تسبب في إعفائي من العمل لمدة 15 يوما كاملة، بعدما غنيت أغنية "لالة أمينة" وأنا اذرف الدموع، سجلناها وبثت عبر الأثير، ولقيت نجاحا كبيرا وصلت شهرتها إلى دولة افغانستان، لقد اشتهرت بهذه الأغنية التي وضعتني في مصاف الكبار، بعد ما حققت أكبر نسبة مبيعات في تلك الفترة، حيث اقترح الكاتب حشلاف أداء أغنية "كيف رايي يهملني" التي أديتها وجلت بها عبر اغلب البلدان العربية.

* بعيدا عن الغناء، كيف تحولت إلى دبلجة الأفلام؟

- كنت أعيش في باريس، وكان هناك ابراهيم السايح المغربي، الذي كان يملك شركة لدبلجة الأفلام والحصص، اقترح علي العمل معه بحكم أنني متمكنة من اللغة العربية والفرنسية، عملت معه مدة معينة.

* لماذا تحولت إلى طابع الحوزي مباشرة بعد وفاة الفنانة فضيلة الجزائرية؟

- المرحومة فضيلة الجزائرية كانت صديقتي المقربة، أنا احترمها وأحبها كثيرا، كانت تزورني مرارا بمنزلي العائلي، أسمعتها في أحد الأيام بعض الاستخبارات بطابع الحوزي، أعجبت بأدائي وتساءلت عن عدم اهتمامي بهذا الطابع، كانت لديها ثقة كبيرة في نفسها. بعد موتها أخذت بنصيحتها ونصيحة مصطفى كشكول الذي كان دائما يحرضني على غناء الحوزي، بعدها أعطاني بعض الأغاني من بينها "الغريب" التي نجحت بها وأصبحت غير مقيدة في حفلاتي بأداء العاصمي فقط، بل أصبحت أغني الحوزي والعروبي كذلك.

* بصراحة، لماذا رفضت سلوى الغناء باللهجة المصرية؟

- لقد سافرت إلى مصر، لكنني لم استطع المكوث فيها طويلا، لأن إمكانياتي المادية لم تكن تسمح وقتها، وفي فترة مكوثي هناك طلب مني إحياء حفلات باللهجة المصرية، لكنني رفضت الفكرة جملة وتفصيلا، حيث أعلمتهم أنني لا استطيع الغناء باللهجة المصرية، ووردة الجزائرية موجودة، غير أنهم حاولوا إقناعي بحجة أن الجماهير المصرية لا تفهم ولا تستوعب اللهجة الجزائرية. وكان جوابي لهم "كيف يعقل أن الجماهير المصرية تفهم وتستوعب اللغة العبرية ولا تستوعب اللهجة الجزائرية التي لا تختلف عن اللهجة المصرية إلا في مخارج الحروف"؟ بعدها غنيت باللهجة الجزائرية في الزمالك و منطقة العريش وأديت أغنية "أغلى حبيبة أغلى حميدة" التي تجاوب معها الجمهور كثيرا، مرددا "أختي حميدة"، بعد تجربة مصر، سافرت إلى سوريا الشقيقة.

* على ذكر سوريا، هل تعاملت مع بعض الفنانين هناك؟

- أكيد، تعاملت مع العديد من الفنانين، كما تربطني علاقة صداقة مع المطربة كروان، التي استضافتني في بيتها ورفضت أن أبقى في الفندق. قائلة "بيتنا صغير، لكن قلبنا كبير"، ورغم أن ديانتها مسيحية، كانت في شهر رمضان تصوم عن الأكل رفقة أهلها احترما لديانتي الإسلامية وتقول "مش معقول نحن نأكل وأنت صائمة"، وبالمناسبة أدعو للشعب السوري الطيب أن يتجاوز محنته ويسود السلام والاطمئنان بأرضه الطاهرة من جديد.

*- أين عشت فرحة الاستقلال هنا بالجزائر، أم بفرنسا؟

- فرحة الاستقلال حكاية طويلة وعريضة، قبل عيد الاستقلال بأيام كنت بفرنسا، قبل أن تتصل بي الحكومة المؤقتة عن طريق الفنان ميسوم من اجل إحياء حفلات بالمناسبة، هذا ما جعلني أطلب من مدير إذاعة باريس منحي ترخيص للسفر، لأنني كنت وقتها مقدمة أخبار بالإذاعة، غير انه رفض الفكرة جملة وتفصيلا، ما جعلني احمل حقائبي والتحق بالجزائر، وفي 05 جويلية 1962 شاركت بحفلة الأطلس رفقة الفنان الكبير والقدير محمد العنقى التي كانت أول حفلة تقام بعد الاستقلال، بعدها واصلنا جولتنا الفنية عبر كافة التراب الوطني.

* أصبحت بعدها مقربة جدا من الفنان الحاج العنقى، كيف جرى ذلك؟

- الأمر الذي قربني من الفنان القدير محمد العنقى، إحيائي حفل ختان ابن ابنته، العنقى كان إنسانا عصاميا، لكنه كان يمتاز بثقافة عامة مهمة. يجيب على أي سؤال وفي شتى المجالات التي تطرح عليه، اذكر مرة عندما كنت أحاول أداء بعض مقاطع من الشعبي خاطبني قائلا "ما طوليش لسانك بزاف في هذا الموضوع"، أصبت بصدمة وخيبة أمل كبيرة، لقد زرته عدة مرات بمستشفى الشراڤة، وفي إحدى المرات أجهش بالبكاء، قائلا "أنا كانوا يرشقوا عليا بالذهب واللويز، ماشي بالدراهم، شوفي وين راني مرمي في الشراڤة"... هنا تأثرت سلوى وذرفت الدموع... لقد تركوه يموت في صمت، فنان كبير بلغ رسالة يعامل بتلك الطريقة؟ والمسؤولين في بلدنا يصابون بنزلة برد فقط يسافرون للعلاج بفرنسا.. الفنان مظلوم في الجزائر.

* هل سلوى مظلومة أيضا

-أنا مثلا، لم استفد من تغطية اجتماعية ولا منحة تقاعد هنا بوطني الجزائر، لكن بالمقابل استفدت من تغطية اجتماعية وأتقاضى راتبي بانتظام من دولة فرنسا، لأنني وبكل بساطة اشتغلت هناك 3 سنوات فقط، هنا يكمن الفرق بيننا وبينهم. الفنان بالجزائر حالته مزرية جدا يعاني التهميش والظلم وحقوقه مهضومة.

* هذا يعني انك تؤيدين صرخة الفنانة فلة عبابسة الأخيرة وتصريحاتها ضد المسؤولين عن الثقافة؟

- أنا مع فلة 100 بالمائة في قضية أن الفنان مظلوم بالجزائر، لكنني لا أوافقها في الطريقة التي عبرت بها عن تعرضها للظلم، فلة أهانتنا نحن الفنانين جميعا بطريقتها "الذل والبكاء والتسول". إذا كانت تعاني الجوع كما قالت "سلوى موجودة"، أنا ضد الطريقة التي استعملتها لإيصال صرختها، هناك طرق أكرم وأنبل وأرقى للتعبير عن الظلم واسترداد حقها المهضوم.

بصراحة لقد أساءت لتاريخ والدها المجاهد الفنان الكبير عبد الحميد عبابسة "شاعر لعراش"، الذي أفنى حياته في خدمة الثورة التحريرية والجزائر، اذكر انه قبل الاستقلال كان يقوم بخياطة العلم الجزائري على أربطة العنق ويبيعها، ويحول مداخيلها إلى صندوق الثورة، عائلة عبابسة عائلة فنية نبيلة،لديها تاريخ عريق، لماذا فلة تتكلم بتلك الطريقة العشوائية، كان حري بها توكيل محام. أؤكد وأقول أنها أهانتنا نحن الفنانين جميعا.

*- كيف تجدين الساحة الفنية اليوم مقارنة بالأمس؟

ليس هناك ساحة فنية، يوجد أفراد هنا وهناك، تجدهم يتجمعون عند إحياء حفل في طوابير طويلة وراء خشبة المسرح ،كل واحد منهم ينتظر دوره للصعود "البيانو والدربوكة وروح غني"، هذا هو الفن الذي يتكلمون عنه؟ هذا الموضوع يستفزني ويهيج مشاعري، كل من هب ودب أصبح يغني، هذا تغييب تام وكلي للثقافة في بلدنا.

* لماذا رفضت أن تكوني ضمن لجنة تحكيم ألحان وشباب؟

- بكل بساطة.. أريد عندما أسمع الصوت يدخل في قلبي

قبل أذني، القائمون على البرنامج سهلوا الأمور من اجل استمرار برنامجهم على حساب المستوى، هذا ما عجل في تدني مستوى الفن وأصبح الجمهور لا يستمع للفن الراقي.

*مقولتك الشهيرة "الإذاعة ولدتني والتلفزيون رباني"، لماذا ابتعدت عنهما؟

المناخ غير مناسب، أنا عندي شروط، ليست شروطا مادية وإنما فنية.

*لماذا اعتزلت الفن مبكرا؟

- أنا لم اعتزل، كلمة اعتزلت قاسية نوعا ما، لقد انسحبت من الساحة الفنية، لأن ظروف العمل لم تساعدن، رغم أن حبالي الصوتية لاتزال أصغر من جسدي.

* نجحت في فيلم "حسان النية"، لماذا لم تكرري تجربتك في التمثيل؟



- كان لي شرف التمثيل مع الفنان القدير رويشد، ولم أكرر

تلك التجربة، لأنني لم أتلق عرضا بذاك المستوى.

*ولكنك مثلت بعدها في سلسلة عمارة الحاج؟

- لا أبدا، أنا اعتبر سلسلة عمارة حاج لخضر "غلطة" في مسيرتي الفنية، كما أنني لم أجد راحتي في العمل معهم، ولهذا اعتبرها تجربة فاشلة.

* هل تنوين إصدار مذكرات حياتك الشخصية والفنية؟

- في حقيقة الأمر لقد أوكلت مهمة كتابة مذكرتي لأحد الكتاب، وأعطيته كل المعلومات والصور والوثائق وتفاصيل حياتي الشخصية.

* تزامن تكريمك بالبليدة مع يوم وفاة المرحومة وردة، كيف كان شعورك، وهل حضرت مراسيم جنازتها؟

- لقد حزنت كثيرا على فقدنا للفنانة المحبوبة وردة، تنقلت رفقة ابنتي وحضرنا مراسيم جنازتها. بالمناسبة أترحم على الفنان مصطفى بن قرقورة والمرحومة نورة. كما أنني حزنت مؤخرا على وفاة حبيبتي وصديقتي الشحرورة الفنانة صبوحة.

* حدثينا قليلا عن حياتك الشخصية وعن سلوى الأم؟

لقد تزوجت مرتين، زوجي الأول أنجبت معه 4 بنات،

بعدها تزوجت بالفنان بوجيمة مرزاق أول مؤسس الأوكسترا السنفونية، قضيت معه 14سنة قبل أن يتوفى بعد إصابته بداء السرطان في الكبد، لم أنجب معه أولادا، غير انه اثر في حياتي كثيرا، خاصة أننا كنا من مهنة واحد، واذكر أنني علمته "ربع المقام" من الطبوع العربية الأصيلة التي نقلها زرياب من بلد الأندلس زرت بيت الله مرة واحدة، و اعتمرت أربع مرات، كما أنني زرت القدس.

*ما هي أجمل ذكريات سلوى في مسارها الفني، وما هي أسوأها؟

- تحصلت على جوائز وتكريمات كثيرة، لكن تحصلي على جائزة أوسكار بمدينة وهران سنة 1966 تعد أحلى ذكرى، خاصة أن لجنة التحكيم المكونة من 22 عضوا من مختلف البلدان صوتوا جميعا لسلوى، واسوأ ذكرى هي تعرضي لعملية سرقة طالت كل أموال الحفلات التي أقمتها في لبنان وسوريا، واكتشفت الأمر في الأردن بعد تقدمي إلى فندق "الهيلتون" لحجز غرفة، ما اضطرني إلى رهن مجوهراتي التي كنت أضعها بعد ما حاولوا احتجازي بالفندق.