"الاتجار" بلاعبي كرة قدم أفارقة صغار في لاوس
22-07-2015, 08:04 PM
بيرس ادواردز
بي بي سي- رياضة أفريقيا



كسيلي كامارا، 14 عاما، أكد عدم حصوله على أية أموال ونومه على أرضية الملعب طوال إقامته في لاوس

علمت بي بي سي أن لاعبي كرة قدم أفارقة صغار السن أجبروا على توقيع عقود للعب ضمن صفوف فرق في لاوس في جنوب شرق آسيا.
ووفقا لتحقيق أجرته بي بي سي، فإن ستة لاعبين صغار مازالوا يلعبون لنادي تشامبزاك يونايتد في لاوس، والذي جلب 23 لاعبا تحت السن من غرب أفريقيا للانضمام إلى أكاديمية كرة قدم غير مسجلة في فبراير / شباط الماضي.
وتحظر قواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) انتقال اللاعبين إلى نادي أو أكاديمية قبل بلوغ 18 عاما.
ومن جانبه أنكر النادي الموجود في مدينة باكس، جنوبي البلاد، ارتكاب أي خطأ.
وقال متحدث باسم الفيفا لـ بي بي سي :"الفيفا تجري اتصالات مع العديد من الاتحادات لجمع كل المعلومات لتقييم الأمر وحماية مصالح الصغار (القُصّر)."


نادي تشامبزاك يونايتد في لاوس، جلب 23 لاعبا تحت السن من غرب أفريقيا للانضمام إلى أكاديمية كرة قدم وهمية في فبراير / شباط الماضي

وكان هناك مزاعم بأن نادي تشامبزاك يونايتد، الذي تأسس حديثا في العام الحالي ويلعب في دوري الدرجة الأولى، يرغب في الاستفادة من بيع هؤلاء اللاعبين في المستقبل.
وبالمخالفة للوائح الاتحاد الدولي الحاكم لكرة القدم في العالم، فإن النادي أرسل لاعبين تتراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما لخوض مباريات بالدوري الموسم الحالي.
وقال اللاعب كسيلي كامارا، 14 عاما من ليبيريا، "إن النادي كان قد أجبره على التوقيع على عقد لمدة ست سنوات قبل اللعب للفريق الكبير."
وضمن العقد حصوله على راتب ومكافأة، لكنه أكد أنه لم يحصل أبدا على أي شيء واضطر للنوم على أرض ملعب النادي، كما فعل بقية اللاعبين المسافرين معه.
وأضاف كامارا، الذي يلعب حاليا لنادي بالدرجة الأولى في ليبيريا :"كان الأمر سيئا جدا، لأنه من الصعب النوم مع 30 شخصا في غرفة واحدة."
وعانى كل من سافر للانضمام لأكاديمية "تشامبزاك أسيا أفريكان فوتبول أكاديمي IDSEA" من هذا، وذلك بعد أن تلقوا دعوة من اللاعب الدولي الليبيري السابق أليكس كارمو، والذي كان قائد الفريق في هذا الوقت.
وتقبل اللاعبون الصغار الدعوة بامتنان، في ظل عدم وجود أكاديمية لكرة القدم في ليبيريا، على الرغم من أنها البلد الأفريقي الوحيد التي فاز أحد لاعبيها بلقب أفضل لاعب كرة قدم في العالم، وهو الإنجاز الذي حققه النجم جورج وايا، عام 1995.


أكثر من 30 لاعب بينهم قُصّر كانوا ينامون في غرفة واحدة بدون نافذ ومغلقة بقفل على الباب ويتدربون مرتين يوميا

وأوضح الصحفي الليبيري والمسوق الرياضي، والذي قاد مجموعة اللاعبين إلى لاوس في فبراير/ شباط الماضي قبل أن يعود مرة أخرى، أنها "أكاديمية وهمية ووجودها لم يكن بشكل قانوني أبدا."
وقال :"إنها أكاديمية بلا مدرب أو دكتور، كارمو كان يقوم بكل الأدوار المدرب والمدير المالي، كان أمر سخيف تماما."
وتحت وطأة ضغوط الفيفا والاتحاد الدولي للاعبي كرة القدم المحترفين "فيفبرو"، أطلق نادي تشامبزاك سراح 17 مراهقا من الوفد الأول، من بينهم كامارا، قبل ثلاثة أشهر.
لكن ستة مراهقين فضلوا البقاء والاستمرار مع النادي.
وقال فيفبرو، كل اللاعبين وقعوا عقودا قدمها لهم رئيس النادي فونسافان كيولافونغ، والليبيري كارمو، الذي يصف نفسه بأنه "مدير لاعبين أفارقة في تشامبزاك."
وتسمح تلك العقود للنادي بعدم دفع أي شيء للاعبين على الإطلاق، بينما تضع شروطا تعجيزية أمامهم إذا ما أرادوا الرحيل.


النادي أجبر اللاعبين الصغار على التوقيع على عقود ولم يمنحهم أي مقابل مادي أو مكافآت ولم يقدم لهم الطعام الكافي

ويقول كارمو إن النادي يقدم ثلاث وجبات للاعبين يوميا ويدفع لهم راتبا شهريا.
بينما قال كيولافونغ رئيس النادي لـ بي بي سي :"اللاعبون الصغار لم يحصلوا على عقود لاعبين محترفين، فقط عقد يتيح لهم الحصول على مكافآت."
ولم ينف أيا من رئيس النادي أو كارمو حقيقة وجود لاعبين صغار (قُصَر) في الأكاديميات، لكن كارمو زعم وجود لاعب واحد فقط من غينيا يبلغ 16 عاما.
وعلمت "بي بي سي" أن خمسة لاعبين صغار آخرين من ليبيريا موجودون في النادي.
وبجانب ثمانية لاعبين كبار (ستة من ليبيريا وغيني وسيراليوني) فإن الجميع يعيش في ظروف، وصفها الصحفي الليبيري بيدل، بأنها "يرثى لها ومثيرة للقلق."
وطوال خمسة أشهر، كانوا ينامون على مراتب صغيرة في حجرة واسعة نوافذها بدون زجاج، وكان يوجد قفل على الباب.


الدولي الليبيري السابق أليكس كارمو هو من قدم الدعوة للاعبين الصغار لزيارة الأكاديمية في لاوس لأن ليبيريا لا يوجد بها أكاديميات للموهوبين

ويقول كامارا :"من الصعب النوم في مكان بدون نوافذ، فالنوم يكون صعب جدا، لأنك تفكر في حياتك."
وأوضح بيدل، الذي عاصر فترة الحرب الأهلية في بلاده من 1989-1996 ومن 1999 -2003، أن اللاعبين في مثل هذا المكان الموحش يذكرنا بفترة الحرب الأهلية في ليبيريا، عندما ترك الناس منازلهم، واتخذوا من المباني المؤقتة والقاعات الكبيرة ملاجئ لهم.
وكانت حرية حركة اللاعبين في لاوس مقيدة، وذلك لأنهم أصبحوا مهاجرين غير شرعيين في مارس/ آذار بعد انتهاء تأشيرة دخولهم للبلد.
ويأملون الحصول على تصريح للعمل، لكن هذا أمرا مستبعد نظرا لأنهم جميعا تحت السن القانونية.
ويصر كارمو على أنه دفع أموالا لكامارا، لكنه اعترف أن تسعة من 14 لاعبا أفريقيا لا يملكون تصاريح عمل، لكنهم لديهم وثائق سليمة للبقاء في لاوس.
وقال :"لا يوجد شخص غير قانوني، كل شخص موجود بصورة قانونية."
ولأن النادي أخذ أوراقهم وجوازات سفرهم فور وصولهم، نادرا ما يغادر الأولاد الملعب الذي يعيشون فيه ويتدربون عليه مرتين يوميا.
ورغم هذا الوضع، فإن هناك من يريد بقاء هؤلاء الصغار في لاوس.
بيلا تابيه، والدة لاعب 17 عاما مازال في باكس حتى الآن تقول :"لا أريده أن يعود إلى ليبيريا حتى ينجح في تحقيق حلمه."


فيفبرو طالب الفيفا باتخاذ إجراءات صارمة ضد الاتحادات التي تخرق اللوائح وتسمح بانتقال لاعبين دون 18 عام

لكن بعض من عادوا إلى ليبيريا أخبروا بي بي سي أنهم لم يحصلوا على طعام كاف، ونادرا ما أخذوا مالا أو تلقوا رعاية صحية من النادي، رغم الإصابة بالملاريا والتيفوئيد بسبب الظروف المحيطة.
ووصف أحدهم فترة وجودهم في نادي تشامبزاك بأنها كانت نوع من "العمل في العبودية."
وقال ستيفان برتشكالتر، مسؤول في فيفبرو لـ بي بي سي :"هذا وضع خطير للغاية."
من المؤسف لفيفبرو أن نادي من لاوس، "مع كل الاحترام، بلد صغير في كرة القدم، يجلب لاعبين قاصرين من ليبيريا بدون علم الفيفا."
وقال اتحاد اللاعبين المحترفين في بيان أنه يشك في أن هذه الحالة كانت فقط مجرد "قمة جبل الجليد."
وقدرت منظمة "كالتشر فوت سولدير" غير الحكومية أن 15 ألف لاعب قاصر ينتقلون من غرب أفريقيا كل عام، غالبيتهم بطريقة غير شرعية.


منظمة غير حكومية قدرت أن 15 ألف لاعب قاصر ينتقلون من غرب أفريقيا كل عام، غالبيتهم بطريقة غير شرعية

وطالب فيفبرو الفيفا باتخاذ إجراءات ضد اتحاد لاوس لكرة القدم، والذي فشل حتى الآن في التصدي لخرق نادي تشامبزاك للقواعد.
ويعد دليل كسر الأندية للوائح بالحصول على توقيع لاعبين دوليين تحت 18 عاما أمر نادر الحدوث، ولكن برشلونة بطل أوروبا يقضي حاليا فترة عقوبة بسبب ارتكابه هذه المخالفة.
من ناحية أخرى يواجه أباء 12 صبيا من ليبيريا مشكلات مالية بسبب القروض التي حصلوا عليها لدفع تكاليف رحلة انتقال أبناءهم إلى لاوس، والتي تكلفت 550 دولار أمريكي، وتحقق الشرطة الليبيرية في إحدى هذه القضايا الآن.
ويوجد بلوائح الفيفا ثلاثة استثناءات فقط لانتقال اللاعبين تحت سن 18 عام، لكن لا ينطبق أيا منها على هذه الحالة.