تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
04-03-2010, 09:30 PM
الخلق التاسع:الحياء
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الحياء فقيل :
1.الحياء من قبيل الوقار وهو غض الطرف والانقباض عن الكلام حشمة للمستحى منه وهو عادة محمودة مالم يكن عن عي ولا عجز
2.هو انقباض النفس من شيء وتركه حذرا عن اللوم فيه
3.هو انحصار النفس خوف إتيان القبائح والحذر من الذم والسب.
4.هو خلق يبعث علي فعل الحسن وترك القبيح
5.هو خلق يبعث علي ترك القبيح من الأقوال والأفعال والأخلاق يمتنع صاحبه من التقصير في حق ذي الحق
6.هو ملكة راسخة في النفس تدفعها علي إيفاء الحقوق وترك القطيعة والعقوق
7.هو تغير وانكسار يعتري النفس من خوف مايلام منه.
أقسام الحياء
قسم ابن القيم الجوزية رحمه الله الحياء إلي عشرة أقسام وصار علي نهجه كثير من علماء الأخلاق.وهذه الأقسام هي :
1.حياء الجناية فمنه حياء آدم عليه السلام لما فر هاربا من الجنة فكان فراره هذا حياء من الله تعالي
2.حياء التقصير أن تؤدي ما عليك لكن تشعر بالتقصير فيظهر عليك الحياء كحياء الملائكة عليهم السلام فهم يسبحون بالليل والنهار ومع ذالك يشعرون بالتقصير في حق المولي تبارك وتعالي
3.حياء الإجلال:وهو حياء المعرفة بأن تعرف عظمة من تعصي فتستحيي منه.وعلي قدر المعرفة برب العالمين يكون الحياء منه
4.حياء الكرم بأن يأتي عندك جماعة فتقوم بإكرامهم ويظهرون شيئا من اللامبالاة أو الانتقاص فلا تستطيع أن ترد لهم كلمة لأنهم في بيتك وقد فعلها رسول الله صلي الله عليه وسلم بأن أتاه جماعة من الضيوف فقام بإكرامهم ولكن أطالوا الجلوس عنده فلم يستطع أن يقول لهم انصرفوا فانصرف هو
5.حياء الحشمة بأن يستحيي الكبير من الصغير والإبن من الأب وهكذا كما استحيا سيدنا علي رضي الله عنه أن يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن المذي وكحياء ذالك الصحابي الجليل الذي أراد أن يسأل السيدة عائشة رضي الله عنها عن أمور تخص الرجال مع النساء فقالت له أنها بمثابة أمه فسألها
6.حياء الاستحقار واستصغار النفس كحياء العبد من ربه حين يتوسل إليه وهو مكبل بالذنوب
7.حياء المحبة.هو حياء المحب من محبوبه فمن شدة تعلقه به لايستطيع حتي النظر إليه أو التكلم معه .وأحسن الحب حب العبد لله جل وعلا قال تعالي : (يحبهم ويحبونه ) وقال (والذين آمنوا أشد حبا لله )
8.حياء العبودية .وهو حياء ممزوج بالخوف والرجاء وإجلال الله تبارك وتعالي .فالعبد يعلم لامحالة أنه لاغني له عن ربه وكل حياته وآخرته متعلقة بربه ومع ذالك يغفل عنه فيشعر بالتقصير والحياء
9.حياء الشرف والعزة.وهو حياء الخاصة من العلماء والكبراء .فالمعصية منهم ليست كالمعصية من غيرهم .هاهو ربنا تبارك وتعالي يقول لزوجات النبي عليه والصلاة والسلام (يانساء النبيء من يات منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذالك علي الله يسيرا)فأنت تري زوجات النبي لمكانتهن العالية عقوبتهن لاتكون كعقوبة الناس العاديين وعقوبة العبيد علي النصف من ذالك.
10.حياء العبد من نفسه.وهو حياء النفوس الشريفة لاترضي بالدون وتشعر دوما بأنها دون المستوي هذا يتطلب مجاهدة ومزيدا من المراقبة والمحاسبة.
والحياء عموما كما قال العلماء ينقسم إلي ثلاثة أقسام
1.حياء من الله :ويكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه .ولهذا كان السادة الصوفية يقولون ينبغي ترك المعاصي لالأن الله جل وعلا يعاقب عليها ولكن لأنك مؤمن واستحياء من كرمه فلو فرضا أن الله جل وعلا لايؤاخذنا ببعض الذنوب ينبغي تركها استحياء من الله ولأنك مؤمن والمؤمن له مكانة عند الله
2.وحياء من النفس.ويكون باجتناب المعاصي في الخلوات فرفعة لنفسه وعفتها ومكانته وأن الله جل وعلا يراه وأن المعاصي تحط من قيمته يتركها .
3.حياء من الناس ويكون بكف الأذي وترك القبيح خوفا من الناس وهو أحسن من المجاهرة بالمعاصي لأن هذا علي الأقل يستحي من الناس ومن يأتي المعاصي مجاهرة لايستحيي من الله ولا من الناس
والحياء كما قال ابن حجر رحمه الله غريزي ومكتسب
والحياء المكتسب من الإيمان
منزلة الحياء
الحياء خلق جميل يدل علي نفس طيبة وقلب فيه شيء من الإيمان وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحياء لايأتي إلا بخير)
ولولا الحياء لما تلاطف الناس بينهم ولا أكرموا ضيفا ولا وفوا بالعهد ولا أدوا أمانات.ولولا الحياء لم يؤدي شيء من العبادات لأن الباعث إما ديني فيرجوا عاقبتها المحمودة في الآخرة وإما باعث دنيوي يخشي مذمة الناس ويحب مدحهم.قال ابن القيم الجوزية رحمه الله (إن للإنسان آمرين وزاجرين آمر وزاجر من جهة الحياء.فإذا أطاعه امتنع من فعل كل ما يشتهي . وله آمر وزاجر من جهة الهوي والطبيعة.فمن لم يطع آمر الحياء وزاجره أطاع آمر الهوي والشهوة)
وقد وصف الله جل وعلا نفسه بالحياء فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (إن ربكم حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهما صفرا)
والحياء هنا يليق بجلال الله وكرمه وبره وجوده كما يقول الفيروزآبادي
وقد رد الله جل وعلا علي المنافقين واليهود يوم ضرب أمثلة في القرآن الكريم فأنفوا منها .فأنزل الله (إن الله لايستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها ).
مظاهر الحياء في حياة النبي صلي الله عليه وسلم
1.وصفه بعض الصحابة الكرام فقالوا (كان أشدا حياء من العذراء في خدرها فإذا رأي شيئا يكرهه عرفناه في وجهه).
2.كان بعض المسلمين يدخلون بيته يتحينون إنضاج الطعام وكان رسول الله يستحيي من إخراجهم .فأنزل الله (إن ذالكم كان يؤذي النبيء فيستحيي منكم والله لايستحيي من الحق ).
3.بعد زواجه من زينب بنت جحش وكانت زوجة لزيد بن حارثة وزيد بن حارثة كان يعرف عند الناس بأنه إبن رسول الله فكان من العار أن يتزوج الأب زوجة إبنه ولكن زيدا ليس بابن رسول الله فقال الله تعالي (وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه)أي وتستحيي من الناس والله أحق ان تستحيي منه ثم قال جل وعلا (ماكان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيئين وكان الله بكل شيء عليما)
4.وكان رسول اله يستحيي ان يواجه إنسانا بما يكره فقد رأي مرة رجل عليه صفرة فقال (لو امرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة ) وحين رأي أبا قحافة أبو أبي بكر رضي الله فقال لهم :مروه فليغير من شعره
5.وكان إذا رأي خطأ من إنسان ما لايواجهه ولكن يلمح إلي ذالك فيقول (مابال أقوام يقولون كذا وكذا )
6.ومن شدة حيائه صلي الله عليه وسلم لم تكشف له عورة قط حتي قبل النبوة فتكشف يوما وهم في بناء الكعبة فسقط مغشيا عليه من شدة حيائه
7.وكان إذا أرد قضاء حاجة ابتعد عن الناس ولم يرفع له ثوب قط
8.وفي قصة المعراج حين كان سيدنا موسي عليه السلام يقول له lارجع إلي ربك )مرة بعد مرة حتي قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (استحييت من ربي )
9.وكان الحياء خلقا عاما في حياة النبي صلي الله عليه وسلم فهاهي أم سليم تسأله (هل علي المرأة من غسل إذا احتلمت فيقول لها رسول الله lنعم إذا رأت الماء فتقول أم سليم :أو تحتلم المرأة؟ قال:نعم تربت يداك فبم يشبهها ولدها )فانظر إلي قوله (تربت يداك)
10.وتقول السيدة عائشة رضي اله عنها أن امرأة من الأنصار جاءت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم تسأله عن الاغتسال من الحيض فقال لها lخذي فرصة ممسكة فتطهري بها )فقالت :كيف أتطهر بها يارسول الله ؟فقال لها : تتبعي بها أثر الدم قالت : كيف ؟ فأعلرض عنها رسول الله فجذبتها السيدة عائشة وشرحت لها .
11.ودخل رسول اله صلي الله عليه وسلم يوم فتح مكة مطأطأ رأسه مغطيا وجهه من شدة حيائه فلم يكن كقادة الجيش والظلمة والطواغيت يوم يفتحون مدينة يدخلونها وعليهم مخايل التكبر والعجب والغرور
حث رسول الله أمته علي الحياء
1.( الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان)
2.(الحياء والإيمان قرنا معا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر )
3.وجاء رجل وطلب من رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يزوده ببعض الوصايا فقال له رسول الله : (أوصيك أن تستحيي من الله عز وجل كما تستحيي رجلا من صالحي قومك )
4.وفي الحديث (استحيوا من الله حق الحياء فقالوا :يارسول الله :إنا نستحيي والحمد لله قال :ليس ذاك ولكن الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعي والطن وما حوي ولتذكر الموت والبلي ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا فمن فعل ذالك فقد استحيا من الله حق الحياء).
5.(إن لكل دين خلقا وخلق الإسلام الحياء ).
قال وهب بن منبه :الإيمان عريان ولباسه التقوي وزينته الحياء وماله العفة
وذكر لعمر بن عبد العزيز رضي اله عنه ان الحياء من الدين فقال : (بل هو الدين كله )
6.وها هو رسول اله صلي اله عليه وسلم يذكر لنا سيدنا موسي عليه السلام : (إن موسي كان حييا ستيرا لايري من جلده شيئا استحياء من الله فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا : ما يستتر إلا من عيب بجلده إما برص وإما أدرة)
7.(الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء من النار ).
8.ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي رجل من الأنصار وهو يعظه في الحياء فقال له : (دعه فإن الحياء من الإيمان )
9.ولما سأله أحد الصحابة الكرام رضوان الله عليهم فقال : يارسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ماملكت يمينك فقال :ارجل يكون مع الرجل ؟قال : (إن استطعت أن لايراها أحد فافعل فقال الرجل يكون خاليا .قال : (فالله أحق أن يستحيا منه ).
10(إن مما أدرك الناس من كلام النبوة : إذا لم تستح فاصنع ماشئت )
قال الفضيل بن عياض رحمه الله : خمس من علامات الشقاء القسوة في القلب وجمود العين وقلة الحياء والرغبة في الدنيا وطول الأمل )
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ماتشاء
فلا والله مافي العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقي العود مابقي اللحاء
وخطب أبا بكر الصديق رضي الله عنه فقال : (يامعشر المسلمين استحيوا من الله .فوالذي نفسي بيده إني لأظل حين أذهب الغائط في الفضاء متقنعا بثوبي استحياء من ربي عز وجل )
وقال سيدنا عمر رضي الله عنه (من قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه).
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
04-03-2010, 09:33 PM
الخلق العاشر :الزهد
اختلفت عبارات العلماء في تعريف الزهد فقيل :
1.الزهد ترك ما لاينفع في الآخرة والورع ترك ما تخاف ضرره في الآخرة
2.الزهد كما قال الجنيد رحمه الله هو في قوله تعالي (لكيلا تاسوا علي مافا تكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور ).فالزاهد لايفرح من الدنيا بموجود ولا يأسف علي مفقود
3.هو ترك ما يشغل عن الله
4.هو استصغار الدنيا ومحو آثارها من القلب
5.هو عزوف القلب عن الدنيا بلا تكلف
وقد أجمع العارفون علي أن الزهد هو سفر القلب من وطن الدنيا وأخذه في منازل الآخرة.
إن لله عبادا فطنا طلقوا الدنيا وخافوا الفتنا
نظروا فيها فلما علموا أنها ليست لحي وطنا
جعلوها لجة واتخذوا صالح الأعمال فيها سفنا
قال تعالي (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس و الأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها و ازينت و ظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الأيات لقوم يتفكرون".
و قال سبحانه :
" و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شيئ مقتدرا".
قال علماؤنل: في ضرب الله تعالى المثل في الدنيا بالماء المنزل من السماء بدائع:
أولا:
أن المطر لا يستنزل بالحيلة ، فكذلك الدنيا.
ثانيا:
أنه و إن كان المطر لا يجيء بتقدير فإنه يستنزل بالرغبة والسؤال، وكذلك الرزق الدنيوي يلتمس من الله قال سبحانه:" واسئلوا الله من فضله"
ثالثا: أن الماء إذا جاء به نفع و إذا زاد على الحاجة ضر و كذلك المال إذا كان بقدر الكفاية فصاحبه في نعيم و إذا زاد فصاحبه في نصب و طغيان.
رابعا:
إذا كان الماء جاريا كان طيبا و إذا اختزن تغير كذلك المال إذا أجراه في مجاريه طاب و إذا احتجبه خبث عليه و غاب.
خامسا:
أن الماء إذا كان طاهرا صلح للثياب و العبادات و إذا كان نجسا لم يصلح للعبادة كذلك المال إذا كان حلالا استقام به المعاش والطاعة و خلص من التباعة و إن كان حراما فقد أبدى عورته و أسقط حرمته.
سادسا:
التنبيه باختلاف أحوال الزرع من حين خلقته على أن المرء من أول نشأته الى وفاته و الزرع لا يخرج زرعه إلا بعد الجفاف.
أخا الإسلام..
و لو تتبعنا آيات القرآن العظيم لوجدنا أن الرب الكريم وضح لعباده أن هذه الدنيا فانية حقيرة لا قيمة لها:
" قل متاع الدنيا قليل و الآخرة خير لمن اتقى و لا تظلمون فتيلا".
فهي زاد للمسافر الى ربه ومولاه و مطية السائر و قنطرة العابر قال تعالى:" و ما الحياة الدنيا في الاخرة الا متاع "
و قال سبحانه و الاخرة خير وابقى
و قال: فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة إلا قليل
الزهد لا ينافي تناول الحلال المكباح:
اخي الحبيب:
بعض الذين ينتسبون الى الصوفية يعتقدون أن لبس المرقع من الثياب هو الزهد وهو رأس التصوف و أساسه و لكن هذا بخلاف ما كان عليه أهل التصوف و أهل الزهد فتأمل ذلك...
قال أبو علي بن الفضيل لأزهد أهل زمانه و عصره عبد الله بن المبارك انك تامرنا بالزهد و التقلل و البلغة و نراك تاتي بالبضائع من بلاد خراسان الى البلد الحرام فكيف ذا؟
و انت تامرنا بخلاف ذا؟
قال ابن المبارك يا أبا علي إنما افعل ذلك لأصون وجهي و أكرم بها عرضي وأستعين بها علي طاعة ربي .لا أري لله حقا إلا سارعت إليه حتي أقوم به
وقال سفيان الثوري :الزهد في الدنيا قصر الأمل وليس بلبس الصوف.فقال له الفضيل :ما أحسن ذا إن تم ذا.
كان الحسن البصري رحمه الله إذا ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : (لكنه غلب الناس بالزهد في الدنيا والصرامة في أمر الله ولا يخاف في الله لومة لائم
وكان الحسن البصري رحمه الله رغم زهده يأكل من الطعام الحلال ويشبع منه حتي يقول أبو الأصمعي أنه ما رأي زندا عريضا كزند الحسن البصري.
وكان سفيان الثوري رحمه الله يقول :الزهد في الدنيا ترك المحمدة أي أن تعمل عملا لا تريد أن يحمدك الناس عليه

وقال : حد الزهد أن تكون شاكرا في الرخاء صابرا في البلاء
وذكر ابن الجوزي في المواعظ رحمه الله أن جارية كانت تلبس الصوف سألت بنان الصوفي عن الزهد فقال لها :الزهد قطع الحظوظ النفسانية وعدم التعلق بالبرية والتسليم في جميع الحالات والرضا بجميع الأقدار الكائنات.
فقالت له : الزهد زاي وهاء وذال .الدنيا فمن ترك الزينة والهوي والدنيا فقد سلك طريق الزهد
الله جل جلاله يحذر أنبياءه عليهم السلام من الدنيا
1.حذر داوود عليه السلام فقال له :يادوود.مالقلوب أحبائي وما للغم بالدنيا.إن الغم بها يمص حلاوة مناجاتي من قلوبهم مصا.يادوود لاتجعل بيني وبينك عالما قد أسكرته الدنيا.فيحجبك بسكره عن محبتي أولئك قطاع طريق عبادتي )
2.ويحذر موسي عليه السلام فيقول : (يا موسي مالك ولدار الظالمين .إنها ليست لك بدار .إخرج منها همك .وفارقها بعقلك .فبئست الدار هي إلا لعامل يعمل فيها فنعمت الدار هي .ياموسي إني مرصد للظالم حتي آخذ منه للمظلوم )
3.وها هو يونس عليه السلام يحذر ربه تبارك وتعالي : (يايونس إذا أحب العالم الدنيا نزعت لذة مناجاتي من قلبه )
4.وفي صحف إبراهيم عليه السلام ( يادنيا ما أهونك علي الأبرار الذين تزينت لهم .إني قد قذفت في قلوبهم بغضك والصدود عنك .وما خلقت خلقا أهون علي منك كل شأنك صغير .وإلي الفناء المصير.لقد قضيت عليك يوم خلقتك أن لاتدومي لأحد ولا يدوم لك أحد)
5.ويزهد سيدنا عيس عليه السلام فيقول : (ياعيسي ابن مريم البكر البتول :ابك علي نفسك أيام الحياة بكاء من ودع الأهل وقلي الدنيا وترك اللذات لأهلها وارتفعت رغبته فيما عند إلهه).
أقسام الزهد
قسم الإمام أحمد رحمه الله الزهد إلي ثلاثة أقسام
1.زهد العوام وهو ترك الحرام
2.زهد الخواص وهو ترك الفضول من الحلال
3.زهد العارفين وهو ترك ما يشغل عن الله
وذكر ابن القيم رحمه الله أن الزهد أربعة أقسام
1.ترك الحرام وهو فرض عين
2.وترك الشبهات وهو بحسب الشبهات فإن كانت الشبهة قوية كان الزهد واجبا وإلا فمستحبا
3.وترك الفضول من الكلام والنظر والسؤال واللقاء والزهد في الناس والنفس بحيث تهون عليه نفسه في جنب الله عز وجل .
4.وترك كل ما يشغلك عن الله وهو الزهد الجامع والكامل والشامل .وأفضل الزهد الزهد في الحظوظ
هل الأخذ بنصيب من الدنيا ينافي الزهد؟
لاينافي الزهد أبدا وذالك لقوله تعالي (ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك) فقد جمع الله هنا بين أخذ نصيب من الدنيا وبين الإحسان وهو عين التصوف عند سادتنا الصوفية
وقال تعالي : ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة)
وقد أثني الله جل وعلا علي من يطلب الدنيا والآخرة فقال (ومنهم يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب)
وحين يفسر الإمام ابن كثير رحمه الله هذه الآية يقول ( فإن الحسنة في الدنيا تشمل كل مطلوب دنيوي من عافية ودار رحبة وزوجة حسنة ورزق واسع وعلم نافع وعمل صالح ومركب هنيء وثناء جميل ..... والحسنة في الآخرة فأعلي ذالك دخول الجنة وتوابعه من الفزع الأكبر في العرصات وتيسير الحساب).
وقد فهم السلف الزهد ليس بترك الدنيا فيقول الإمام البيهقي رحمه الله : (ليس الزهد في الدنيا بتحريم الحلا ولا إضاعة المال ولكن الزهادة في الدنيا أن تكون مما في يد الله عز وجل أوثق منك بما في يدك وأن يكون حالك في المصيبة وحالك إذا لم تصب بها سواء وأن يكون مادحك وذامك سواء ).
ويقول بشر بن الحارث رحمه الله ( ليس الزهد في الدنيا ترك الدنيا إنما الزهد ان تزهد فيما سوي الله فهذا داوود وسليمان عليهما السلام قد ملكا الدنيا وكانا عند الله من الزاهدين )
أمور تعين علي الزهد
1.أن تعلم أن الدنيا ظل زائل كما قال الله جل وعلا في وصفها (كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما )وسماها الله متاع الغرور
2.علمك ان وراءها دار أعظم منها قدرا و أجل خطرا وهي دار الخلود
3.علمك أن ما كتبه الله يأتيك سواء زهدت فيها أم لم تزهد
خلق الزهد في حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام
أولا :زهده في العيش
1.عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم خرج ذات ليلة فإذا هو بأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال لهما : ما أخرجكما من بيوتكما الساعة؟قالا :الجوع يارسول الله قال : وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوموا فقاموا معه )فأتي رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته امرأته فقالت : مرحبا وأهلا فقال لها رسول الله :أين فلان ) قالت :ذهب يستعذب لنا من الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحابيه ثم قال :الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني قال :فانطلق فجاءهم بعذق بسر وتمر ورطب فقال : كلوا من هذه وأخذ المدية فقال له رسول الله : إياك والحلوب .فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذالك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر : (والذي نفسي يده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتي أصابكم هذا النعيم )
2.ويقص علينا جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنهم لم يأكلوا ثلاثة أيام وهم يحفرون الخندق حتي رأي رسول الله يربط الحجارة علي بطنه والجوع باد علي وجهه فاستأذنه فذهب إلي بيته وحضر خبزا من شعير وذبح عناقا لرسول الله ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعوا جميع الصحابة ويبصق في ذالك الطعام ويدعوا الله فيبارك فيه فيكفي جميع الصحابة والطعام واللحم باق كما هو كما يقول جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
3.وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها (وإن كنا لننظر إلي الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقدت في أبيات رسول الله نار فقال : وما كان يعيشكم ياخالة؟قالت :الأسودان الماء والتمر إلا إنه وقد كان لرسول الله صلي الله عليه وسلم جيران من الأنصار كانت لهم منائح وكانوا يمنحون رسول الله من ألبانهم فيسقيناه ).
4.ويروي لنا عمر رضي الله عنه فيقول : (لقد رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يظل يتلوي من الجوع ما يجد دقلا يملأ بطنه ) .
5.وتصف السيدة أم سمة رضي الله عنها ليلة عرسه فتقول:رأيت جرة فيها شيء من شعير فإذا رحي وبرمة وقدر وكعب فأخذت الشعير فطحنته ثم عصدته في البرمة وأخذت الكعب فأدمته فكان ذالك طعام رسول الله صلي الله عليه وسلم وطعام زوجته ليلة عرسه )
6.ويروي لنا ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله يبيت الليالي المتتابعة طاويا وأهله لايجدون عشاء).
ثانيا :زهده في الملبس والأثاث
1.يدخل عليه مرة سيدنا عمر رضي الله عنه وهو مضطجع وقد أثر الحصير في جنبه ويقلب عمر بن الخطاب بصره في البيت فلا يجد إلا ثلاثة جلود فيقول :يارسول الله .أدع الله فليوسع علي أمتك فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لايعبدون الله قال : (أوفي شك أنت يابن الخطاب ؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا )فقلت :يارسول الله استغفر لي
2.وصلي يوما في خميصة فيها أعلام فكأنها شغلته فقال (إذهبوا بخميصتي هذه إلي أبي جهم وأئتوني بأنباجية أبي جهم فإنها ألهتني عن صلاتي )
3.وروي أبو بردة أنه دخل علي السيدة عائشة رضي الله عنها فأخرجت لهم إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساء من التي يسمونها الملبدة وأقسمت بالله أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين )والملبدة هي المرقعة
4.وقد أراد عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن يتخذ وطاء لرسول الله يجعله بينه وبين الحصير لما رأي الحصير قد أثر في جنب رسول الله فلم يرض رسول الله وقال له : (مالي وللدنيا . ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها ).
5.ورغم هذا كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يلبس ما تيسر له من الثياب فمرة يلبس الصوف وأخري القطن وهكذا حتي أن بعضهم لما رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنه يرتدي أحسن الثياب أنكر عليه البعض فقال لهم : ما تعيبون علي .لقد رأيت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسن ما يكون من الحلل ).
6.وعن عائشة رضي الله عنها قلت :كانت وسادة رسول الله صلي الله عليه وسلم التي كان يتكيء عليها من أدم حشوه ليف وكذالك كان فراشه )
ولم يدخر رسول الله بعد وفاته شيئا
ففي البخاري توفي رسول الله ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعا من شعير أخذها لأهله)
وفي حديث جويرية بنت الحارث رضي الله عنها قالت : ماترك رسول الله عند موته درهما ولا دينار ولا عبدا ولا أمة إلا بغلته البيضاء وسلاحه وأرضا جعلها صدقة )
أنبياء الله يحذرون أتباعهم من الدنيا
1.قال الفضيل بن عياض رحمه الله قيل لموسي عليه السلام (ياموسي أيحزن عبدي المؤمن أن أزوي عنه الدنيا وهو أقرب لها مني ويفرح أن أبسط له الدنيا وهو أبعد لها مني )
2.وكان سيدنا عيسي عليه السلام يقول لأتباعه : (أعبروها ولا تعمروها وارضوا بدني الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدني الدين مع سلامة الدنيا ) وكما ترك لكم الملوك الحكمة فاتركوا لهم الدنيا )
3.(ويل لصاحب الدنيا كيف يموت وتركها ويأمنها وتغره ويثق بها وتخذله وتمكر به ويل للمغترين كيف أرتهم ما يكرهون وفارقهم مايحبون وجاءهم ما يوعدون وويل لمن كانت الدنيا همه والخطايا عمله كيف يفتضح غدا بذنبه )
4.(ما سكنت الدنيا في قلب عبد إلا وأنيط قلبه منها بثلاث : شغل لاينفك عناؤه وفقر لايرك غناه وأمل لايدرك منتهاه الدنيا طالبة ومطلوبة فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتي يستكمل فيها رزقه وطالب الدنيا تطلبه الآخره حتي يجيء الموت فيأخذ بعنقه
صحب رجل عيسى-عليه السلام- فقال: أكون معك وأصحبك، فانطلقا، فانتهيا إلى شط نهر، فجلسا يتغديان، ومعهما ثلاثة أرغفة، فأكلا رغيفين، وبقي رغيف ثالث، فقام عيسى- عليه السلام- إلى النهر فشرب، ثم رجع، فلم يجد الرغيف، فقال للرجل: مَن أخذ الرغيفَ؟ فقال: لا أدري.
فانطلقا، فرأى عيسى- عليه السلام- ظبية ومعها خشفان لها، فدعا أحدهما فأتاه، فذبحه فاشتوى منه، فأكلا، ثم قال للخشف: قُمْ بإذن الله، فقام وذهب، فقال للرجل: أسألك بالذي أراك هذه الآية مَن أخذ الرغيفَ؟ فقال: لا أدري.

ثم انتهيا إلى وادي ماء فأخذ عيسى- عليه السلام- بيد الرجل، فمشيا على الماء، فلما جاوزا، قال له: أسألك بالذي أراك هذه الآية، مَن أخذ الرغيف؟ فقال: لا أدري.

فانتهيا إلى مفازة فجلسا، فأخذ عيسى -عليه السلام- يجمع التراب، ثم قال: كن ذهبًا بإذن الله تعالى، فصار ذهبًا، فقسمه ثلاثة أثلاث، ثم قال: ثلث لي، وثلث لك، وثلث لمَن أخذ الرغيف.
فقال الرجل عندها: أنا الذي أخذ الرغيف.
فقال له عيسى- عليه السلام-: كله لك، وفارقه.

ولقي الرجل بعد أن فارقه عيسى- عليه السلام- رجلان طمِعا بماله، فهمَّا بأخذ المال وقتله، فصاح بهم أن يجعل المال بينهم أثلاثًا، فقبلا ذلك، وقبل القسمة، أرسلوا أحدهم ليحضر لهم من القرية طعامًا، لشدة ما هم فيه من الجوع.

فقال الذي بُعِثَ للطعام- وقد تحرك الطمع في نفسه-: لأي شيء أقاسم هؤلاء هذا المال؟ أضع لهم في الطعام سُمًا فأقتلهما، وآخذ المال وحدي.

وتحدث الرجلان بحديث الطمع نفسه: لأي شيء نجعل لهذا ثلث المال؟ فبيتا نية قتله.
فلما رجع إليهما قتلاه، ثم تناول الطعام فأكلاه، فماتا، فبقي ذلك المال في المفازة والثلاثة عنده صرعى.


فمرَّ بهم عيسى- عليه السلام- وهم على تلك الحال، فقال لأصحابه: هذه الدنيا فاحذروها
جزاء من زهد في الدنيا
لقد وعد الله جل وعلا من زهد في الدنيا بالأجر العظيم فقال lزين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذالك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب فل أؤنبئكم بخير من ذالكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وأزواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد)
وقال تعالي : (وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ).
وقال تعالي : (وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقي أفلا تعقلون ).
و لا تظنن ان الله عز وجل حين زوى الدنيا عن اهل الايمان انه ما احبهم بل ان ذلك من حبه لهم قال صلى الله عليه وسلم : اذا احب الله عز وجل عبدا حماه الدنيا كما يظل احدكم يحمى سقيمه الماء"
و قد ذكرت لك انفا قول النبي الاعظم و الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم :" ازهد في الدنيا يحبك الله..." و لا تظنن ان الاموال الكثيرة و الارباح الوفيرة و الفرش الوسيرة من رضا الله او حبه للعبد بل هذا و ذاك ابتلاء من الله عز وجل :" فاما الانسان اذا ما ابتلاه ربه فاكرمه و نعمه فيقول ربي اكرمن و اما اذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي اهانن كلا ".
كلا ... ليس الامر كما تقولون و كما تدعون ليس كل من كان لديه مال كثير قد فاز برضوان الله تعالى و ليس كل من ضيق عليه يكون قد باء بغضب من الله..
لكن قد يقول قائل: ما بال الكفرة و الملاحدة يتنعمون بارزاق الله و بالاموال الكثيرة و بالارباح و التجارات ؟
اقول لك: اذا رايت الرجل في نعمة و في يسر من العيش وهو عاص او كافر فاعلم انه استدراج له من الله تعالى.. قال سبحانه:" أيحسبون انما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لايشعرون )
والزهد في الدنيا يربح القلب والجسد
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ماكتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة)
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم : (من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه)ثم قال : ( يقول الله تبارك وتعال ي:ابن ىدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غني وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك )
وفي الحديث (من ترك اللباس تواضعا وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة علي رؤوس الخلائق حتي يخيره من أي حلل الإيمان شاء ألبسها )
وأوحي الله إلي موسي عليه السلام ( ياموسي إنه لم يتصنع لي المتصنعون بمثل الزهد في الدنيا ولم يتقرب إلي المتقربون بمثل الورع عما حرمت عليهم ولم يتعبد إلي المتعبدون بمثل البكاء من خشيتي
قال موسي :يارب البرية كلها وياملك يوم الدين ويا ذا الجلال والإكرام ماذا أعددت لهم وماذا جزيتهم ؟
قال : أما الزهاد في الدنيا فإني أبحتهم حتي يتبوؤون منها حيث شاؤوا وأما الورعون عما حرمت عليهم فإنه إذا كان يوم القيامة لم يبق عبد إلا ناقشته وفتشته إلا الورعون فإني أستحييهم وأجلهم وأكرمهم فأدخلهم الجنة بغير حساب ).
رسول الله صلي الله عليه وسلم يحث أمته علي الزهد
1.(ازهد في الدنيا يحبك الله وازهد فيما عند الناس حبك الناس )
2.وعن أبي ذر رضي الله عنه قال :قال لي رسول الله :يا أباذر أتري كثرة المال هي الغني ؟قلت :نعم قال :وتري قلة المال هي الفقر ؟قلت نعم يارسول الله قال : (إنما الغني غني القلب والفقر فقر القلب ).
3.وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (كن في الدنيا كأنك غريب أوعابر سبيل فكان ابن عمر يقول : (إذا أصبحت فلا تنتظر المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك وعد نفسك من أهل القبور )
4.(من أصبح منكم آمنا في سربه معافي في بدنه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها
5.(إذا نظر أحدكم إلي من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلي من هو أسفل منه
6.(طوبي لمن هدي إلي الإسلام وكان عيشه كفافا وقنع )
7.(لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغي لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب )
9.(ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه .حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه فإن كمان ولا بد فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)
10.وجاءت زوجات النبي صلي الله عليه وسلم ورضي الله عنهن يسألنه النفقه فغضب وأراد تسريحهن فدخل عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق رضي الله عنهما فعنفن بناتهن لم يسألن رسول الله شيئا لايملكه فنزل قول الله تعالي ( يا أيها النبيء قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحصنات منكن أجرا عظيما ).
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
06-03-2010, 07:05 PM
الخلق الحادي عشر :الرحمة
يقول الجاحظ أن خلق الرحمة مركب من الود والجزع.والرحمة لاتكون إلا لمن تظهر منه لراحمه خلة مكروهة.فالرحمة هي محبة للمرحوم مع جزع من الحال التي من أجلها رحم
يقول الفيروزآبادي في كتابه الماتع (بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز ) أن الرحمة تأتي علي عدة أوجه
1.بمعني أرزاق الناس والمخلوقات كما في قوله تعالي (لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية الإنفاق )
2.بمعني قطرات الغيث (وينشر رحمته وهو الولي الحميد)
3.بمعني العافية من الابتلاء والامتحان (أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته )
4.بمعني النجاة من عذاب النيران (ولولا فضل الله عليكم ورحمته )
5.بمعني النصرة علي أهل العدوان قال تعالي : (أو أراد بكم رحمة)
6.بمعني الألفة والمودة والمحبة (وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة)
7.بمعني وصف كتاب المنزل علي موسي عليه السلام (ومن قبله كتاب موسي إماما ورحمة)
8.بمعني الجنة (إن رحمت الله قريب من المحسنين)
الرحمة صفة من صفات الله عز وجل
لقد وصف الله عز وجل نفسه في عدة آيات بأنه رحيم رحمان
قال تعالي (فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم )فمادام الله جل وعلا وصف نفسه بأنه رحيم فقد غفر لسيدنا آدم عليه السلام تلك الخطيئة
وكذالك يرحم الله عباده المؤمنون يوم يتوبون إليه قال تعالي : (إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم )وتأمل هذه الصيغة جيدا لتعلم قوة وصفه بأنه تواب رحيم
وقد افتتح كتابه الكريم (بسم الله الرحمان الرحيم )وهو عنوان كبير لكل مسلم بأن رحمة الله مع المسلمين حيثما حلوا وارتحلوا
وحين تسمع قول الله تعالي (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويوتون الزكاة والذين بآياتنا يومنون الذين يتبعون الرسول النبيء الأمي ) وقوله جل وعلا علي لسان الملائكة (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم )يزيد رجاؤنا في الله ونشعر بلطائف رحمته تشملنا هنا وهناك بإذنه تبارك وتعالي .
وقد قال عن نفسه (كتب ربكم علي نفسه الرحمة)فكما حرم الظلم علي نفسه فقد كتب علي نفسه الرحمة.فيالله ما أجمله من وصف
وحين تتأمل كل المخلوقات وكيف تتعايش وكيف ترحم الأم ولدها والأخ أخاه تعلم يقينا أن هذا أثر بسيط من آثار رحمته
روي أن سائلا وقف علي باب قصر شاهق فسأل شيئا فأعطي قليلا فجاء اليوم الثاني بفأس يريد قلع ذالك الباب فقيل له :لم تفعل ذالك فقال : إما أن يجعل بابا لائقا بالعطية أو العطية لائقة بالباب .
مظاهر رحمة اله تعالي بخلقه
1.من أجل المظاهر أن أرسل إليهم رسلا ينتشلونهم من أوحال الكفر والشرك (ولقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان بالقسط)
2.من مظاهر رحمته أن بعث محمدا رحمة للعالمين وخاتم النبيئين وصفوة الخلق أجمعين وسيد الوجود بلا منازع (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (لقد جائكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمومنين رؤوف رحيم )
وكما يقول الحسين بن الفضيل :لم يجمع لأحد من خلقه هذين الوصفين (رؤوف رحيم ) إلا لرسول الله صلي الله عليه وسلم )
3.من مظاهر رحمته أن خلق من كل زوجين اثنين فتحلوا الحياة ويستمر الوجود والتكاثر والسكينة والطمأنينة (ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم أزواجا لتسكنوا إليها زجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذالك لآيات لقوم يتفكرون )
من لطائف رحمة الله
روي إبراهيم بن أدهم رحمه الله أنه قال : كنت ضيفا لبعض القوم فقدم لنا المائدة فنزل غراب وسلب رغيفا فاتبعته تعجبا فنزل في بعض التلال فإذا هو برجل مقيد مشدود اليدين فألقي ذالك الغراب الرغيف علي وجهه فكيف لاتكون هذه من رحمة
وكذالك روي بعضهم أن رأي قطة يعطي له الأكل فيذهب ثم يعود من دونه فينتظر أن يعطوه الأكل من جديد فتعجبوا فتبعه بعضهم فوجده يقدم ذالك الطعام لقط أعمي
وولد الغراب حين يخرج من البيضة يخرج بلا ريشفيخرج بلا ريش كأنه قطعة لحم أحمر فتفر منه أمه فيجتمع عليه الذباب فيتغذي عليه فينبت له الريش فتعود له أمه
مظاهر الرحمة في حياة رسول الله
أولا :رحمته بالرجال
1.يروي لنا أبو هيريرة فيقول (أصابني جهد شديد فلقيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستقرأته آية من كتاب الله عز وجل فدخل داره ففتحها علي فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع فإذا برسول الله صلي الله عليه وسلم قائم علي رأسي فقال :يا أبا هريرة.فقلت :لبيك يارسول الله وسعديك فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي فانطلق بي إلي رحله فأمر لي بعس من لبن فشؤبت منه ثم قال لي :عد فاشرب يا أباهر )فشربت ثم قال :عد فعدت فشربت حتي استوي بطني فصار كالقدح).
فسيدنا عمر رضي الله عنه رغم فطنته لم ينتبه لجوع سيدنا أبي هريرة وسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلم شدة حاجة أبي هريرة إلي مزيد من الشراب ولذالك يصر عليه بمزيد من الشراب
2.ويروي لنا سليمان بن مالك فيقول : (أتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم شببة متقاربون فأقمنا عنده عشرين ليلة فظن أنا قد اشتقنا إلي أهلنا وسألنا عمن تركنا من أهلنا فأخبرناه وكان رفيقا رحيما فقال : (ارجعوا إلي أهليكم فعلموهم وصلوا كما رأيتموني أصلي وإذا حضرت الصلاة ليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم )
فانظر إلي رحمته صلي الله عليه وسلم بهم .علم شوقهم إلي أهليهم وأولادهم فأذن لهم
ثانيا :رحمته بالآباء
1.حين أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بأبيه إلي رسول الله قال له رسول الله (هلاتركت الشيخ حتي نأتيه في بيته فقال له أبو بكر الصديق :هو أحق أن يؤتي إليك )فانظر رحمته بالكبار
2.ويروي لنا ابن ماجة أن رجلا جاء رسول الله يقول له : أريد الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة ولقد أتيت وإن والدي يبكيان قال صلي الله عليه وسلم (فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما )
ثالثا : رحمته بفقراء المسلمين
أتاه سبي ورأت السيدة فاطمة رضي الله عنها أنها فرصة لتحصل علي خادم فشكت إليه ما تلقي من الخدمة لعله يعينها بخادم . وهي التي قال في حقها (فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أبغضني يريبني مايريبها ويؤذيني مايؤذيها) وهي زوجة علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي قال في حقه رسول الله صلي الله عليه وسلم (ألا ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي إلا أنه ليس نبي بعدي )
وهي أم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وريحانتي رسول الله ومع ذالك يقول لها رسول الله هي و وزوجها علي رضي الله عنه (ألا أعلمكما خير مما سألتما إذا أخذتما مضجعكما أن تكبرا الله أربعا وثلاثين وتسبحا ثلاثين وثلاثين وتحمداه ثلاثا وثلاثين فهو خير لكما من خادم)
وفي رواية (لا أعطيك خادما وأدع أهل الصفة جياعا ولكن أبيعهم السبي وأنفق عليهم)
رابعا :رحمته بالمسلمين في العبادات
1.شكا إليه رجل من الصحابة أنه يتأخر عن صلاة الصبح بسبب أن الإمام يطيل الصلاة وقيل إنه معاذ بن جبل فغضب رسول الله غضبا شديد اوقال (إن منكم منفرين .فأيكم صلي بالناس فليتجوز فإن فيهم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة )2.ودخل ذات مرة مسجده المبارك فإذا حبل مشدود بين السارتين فقال : ماهذا الحبل ؟ فقالوا : حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (لا حوله ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد)
3.وقال (أيها الناس عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لايمل حتي تملوا وإن أحب الأعمال إلي الله أدومها وإن أقل ).
4.وكثيرا ماكن يقول لأصحابه (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بكذا .........) مثل قوله في السواك (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ).
وقوله (لولا أن أشق علي أمتي لأمرتهم بتأخير الصلاة إلي ثلث الليل )
5وكثيرا ماكان يترك العمل خشية أن يفرض علي الناس كما في صلاة التراويح
6.وكان هناك رجل إسمه إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد ويصوم ولا يفطر فماذا قال له الرؤوف الرحيم (مروه فليتكلم وليستظل وليقعد)
7.وروي الإمام أحمد أن أمرأة نذرت أن تحج ماشية فقال لأحد أصحابه (مرها فلتركب فإن الله عن تعذيب أختك نفسها لغني )
8.ويوم ذهب إلي فتح مكة وكان صائما دعا يقدح ماء فشرب فقيل له بعد ذالك أن بعض الناس قد صام فقال : (أولئك العصاة أولئك العصاة)
9.ونهي أصحابه عن مواصلة الصوم وقال لهم (إني لست علي هيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني )
خامسا : رحمته بالمؤمنين في الآخرة
1.أنه اختبأ دعوته التي وعده الله تعالي (لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة فهي نائلة من مات من أمتي لايشرك بالله شيئا)
2.ونزل سيدنا جبيريل عليه السلام فوجد رسول الله يبكي فسأله عن سر بكائه فيقول :قرأت قول الله علي لسان إبراهيم عليه السلام (رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ) وقوله علي لسان عيسي عليه السلام (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) ثم رفع يديه (أمتي أمتي )فقال له جبريل عليه السلام السلام يقرؤك السلام ويقول لك إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك (ولسوف يعطيك ربك فترضي )
سادسا : رحمته بالأطفال
1لقد أبصره الأقرع بن حابس التميمي وهو يقبل الحسن والحسين فقال : إن لي عشرة من الولد ماقبلت منهم أحد
منهم واحدا فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (
أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك من لا يرحم لا يرحم )

2.أطال السجود يوما وهو في صلاته فقال له أحد أصحابه :يارسول الله إنك سجدت سجدة أطلتها حتي ظننا أنه قد حدث أمرا أو أنه يوحي إليك فقال : (كل ذالك لم يكن .ولكن ابني ارتحلني فكرهت ان أعجله حتي يقضي حاجته)
3.كان يخطب علي المنبر فأقبل الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران فجعلا يعثران ويقيمان فنزل وحملهما وقرأ قول الله (إنما أولادكم وأولادكم فتنة (فرأيت هذين فلم أصبر)ثم أخذ في خطبته
4.ويقول يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما (سماني رسول الله صلي الله عليه وسلم يوسف وأقعدني علي حجره ومسح علي رأسي )
وعن يعلي بن مرة قال :خردنا مع النبي صلي الله عليه وسلم ودعينا إلي طعام فإذا حسين يلعب في الطريق فأسرع النبي صلي الله عليه وسلم أمام القوم ثم بسط يديه فجعل الغلام يفر ههنا وههنا ويضاحكه النبي صلي الله عليه وسلم حتي أخذه فجعل إحدي يديه في ذقنه والأخري في رأسه ثم اعتنقه ثم قال :حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينا الحسين سبط من الأسباط)
6.وكان يصلي وهو يحمل علي عنقه أو علي عاتقه أمامة بنت زينب ابنته وهي لأبي العاص بن الريع فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها )
7. وكان يلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول : ( يازوينب يازوينب )
8.ولما قتل جعفر بن أبي طالب في غزوة مؤتة حزن رسول الله صلي الله عليه وسلم وأسرع إلي يت جعفر فدخل علي زوجته أسماء بنت عميس فوجدها قد عجنت عجينها وغسلت بنيها ونظفتهم ودهنتهم فلما رآهم بكي ثم قال (اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم )
9وكان يرحم الأطفال ويقول لهم (من يسبق إلي فله كذا )فيستبقون إليه فيقعدون علي صدره وفيقبلهم ويلتزمهم
10وعن أم خالد قالت :أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم مع أبي وعلي قميص أصفر فقال رسول الله (سنه سنه ) وهي بالحبشية حسنة فذهبت ألعب بخاتم النبوة فنهرني أبي فقال رسول الله (دعها) ثم قال : (أبلي واخلقي ثم ابلي واخلقي )
11.وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها أنهم كانوا يؤتون بالصبيان ليدعوا لهم بالبركة ويحنكهم فأتي بصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله
12.وكان يخفف في الصلاة رحمة بالأطفال والأمهات فيقول (إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطولها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق علي أمته)
سابعا : رحمته بضعفاء المسلمين
كيف لايكون رحيما بهم وقد وصاه ربه بذالك فقال (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغدوة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )
1.روي أبو هريرة رضي الله عنه أن امرأة سوداء كانت تقوم بالمسجد ففقدها رسول الله صلي الله عليه وسلم فسأل عنها فقالوا : ماتت قال : أفلا آذنتموني ؟ ثم قال (دلوني علي قبرها .فدلوه فصلي عليها ثم قال : (إن القبور مملوءة ظلمة علي أهلها وإن الله تعالي ينورها لهم بصلاتي عليهم )وكان يقول : (أنا وكافل اليتيم كهاتين ) ويقول (أبغوني في ضعفائكم لإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)
2.ويروي ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يضرب غلاما له فسمع صوتا من خلفه يقول (اعلم أبامسعود)مر تين فالتفت ثم ألقي السوط من يديه فقال له رسول الله (والله لله أقدر عليك منك علي هذا )
3.ويقول لنا أبو ذر الغفاري رضي الله عنه (سابيت رجلا فشكاني إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال : أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يطعم وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم )
4.وفي الحديث (أيما رجل أعتق أمرأ مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا من النار )
5.وكان من آخر ما وصي به (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم
6.وها هو يرشدنا إلي كيفية التعامل مع الخدم (إذا أتي أحدكم خادمه بطعام فإن لم يجلسه فليتناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة او اكلتين فإنه ولي علاجه
7ويروي لنا أنس رضي الله عنه أن رسول الله صل الله عليه وسلم بعثه في حاجة فأبطأ عليه فتبعه فوجده في فتية يلعبون فقال : (يا أنيس إذهب إلي حيث أمرتك ) ويقول أنس (خدمت رسول الله عشر سنين فما قال لي أف قط ولا لم صنعت هذا ولا ألا صنعت هذا)
ثامنا :رحمته بالحيوان
1.عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (عذبت امرأة في هرة حبستها حتي ماتت جوعا (قال :أحسبه قال (لا أطعمتها ولا سقتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض )
2.روي أبوهريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (غفر لامرأة مومس مرت بكلب علي رأس ركي يلهث قال :كاد يقتله العطش فنزعت خفها فأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء فغر لها )
3.وفي رواية أخري (بينما رجل بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثري من العطش فقال الرجل : لقد بلغ هذا الكلب الذي بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقي الكلب فشكر الله له فغفر له )
4.وفي الحديث أيضا (في كل ذات كبد رطبة أجر )
5.روي عبد الله بن جعفر رضي الله عنه فقال : أردفني رسول الله صلي الله عليه وسلم خلفه ذات يوم فأسر إلي بحديث لا أحدث به أحدا من الناس قال :فدخل حائطا لرجل من الأنصار فإذا جمل فلما رأي النبي صلي الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فأتاه النبي صلي الله عليه وسلم فمسح ذفراه فسكت فقال :من رب هذا الجمل ؟ فجاء فتي من الأنصار فقال لي يارسول الله فقال : ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؟ فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه)
6.وقال صلي الله عليه وسلم (اتقوا الله في هذه البهائم فاركبوها صالحة وكلوها صالحة )
7. وقال (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله عز وجل إنما سخرها لكم لتبلغوا إلي بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فاقضوا حاجتكم )
8.وأوصي بالرحمة بالحيوان عند ذبحه (وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته )
تاسعا : رحمته بالطير
1- لقد كان صلى الله عليه وسلم رحيما حتى بالطير فقد كان يأكل لحم الطير الذي يصاد و لكنه لم يكن يتبعه و لا يصيده بل يحب أن يصاد له و يؤتى به فيأكله..
2- سافر معه بعض أصحابه فرأوا حمرة معها فرخان يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه – راوي الحديث – فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت نفرش فلما جاء صلى الله عليه وسلم قال:" من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها غليها".
قال: ورأى قرية نمل قد أحرقت فقال من أحرق هذه؟ فقلنا :نحن، فقال: إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار".
صلوات ربي و تسليماته عليك يا سيدي يا رسول الله ... ترحم أنثى طائر فجعت بولدها وتأمر أصحابك أن يردوا عليها فراخها رحمة بمشاعر الأمومة وشفقة علي ضعفها
إن عمرو بن العاص لما جاء علي مصر فاتحا أمر جنوده بأن يبنوا له فسطاطا (خيمة )لتكون مركزا للقيادة.ففر الروم إلي الإسكندرية فسار وراءهم وأمر بهدم الفسطاط ووجد يمامة باضت في أعلاه فقال :اتركوه
عاشرا رحمته بالجماد
للجماد عالمه الخاص فقد قال الله تعالي (فما بكت عليهم السماء والارض وما كانوا منظرين ) وقال (وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم )
وكان لرسول الله صلي الله عليه وسلم جذع نخلة يخطب عليه فصنعوا له منبرا فحن الجذع إليه وبكي حتي قال رسول الله (والذي نفسي بيده لو لم ألتزمه لمازال هكذا حتي تقوم الساعة حزنا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم )فأمر به فدفن
ويروي لنا أنس أنه خرج مع رسول الله يوما يخدمه فلما قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم رتجعا وبدا له جبل أحد قال (هذا جبل يحبنا ونحبه)
حادي عشر: رحمته بالكفار
1.تقول السيدة أسماء رضي الله عنها قدمت علي أمي وهي مشركة فسألت رسول الله صلي الله عليه وسلم (أفأصلها ؟ قال : نعم صلي أمك )ثم نزل قول الله ( لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياكم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
2.وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما حاصر الطائف جاء أصحابه وقالوا :ادع عليهم فقال :اللهم اهد ثقيفا وأئت بهم ) وكذالك قال عن قبيلة دوس (اللهم اهد دوساوأئت بهم )
3.وفي غزوة حنين كان من جملة الأسري الشيماء أخت رسول الله من الرضاعة قال لها رسول الله (إن أحببت فعندي مكرمة وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلي قومك فعلت)فقالت :بل تمتعني وتردني إلي قومي فأعطاها ثلاثة أعبد وجارية وردها إلي قومها
4.ويتحدث يوما مع السيدة عائشة رضي الله عنها ويخبرها بما لاقاه من قومه وأن ملك الجبال سلم عليه وقال :يا محمد قد سمع الله قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني الله إليك لتأمرني بأمرك فما شئت.إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين فعلت.
فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (بل أرجوا أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لاشريك له ولا يشرك به شيئا).
5.وقصة الغلام اليهودي الذي كان مريضا وعاده رسول الله صلي الله عليه وسلم فأمره بالشهاده فقال له أبوه : أطع أبا القاسم .فأسلم ثم مات فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )
ويري مرة رسول الله امرأة بين السبي تبحث عن ولدها فلما وجدته ألصقته ببطنها وأرضعته فقال النبي صلي الله عليه وسلم (أترون هذه طارحة ولدها في النار ؟)قلنا :لا فقال : (لله تعالي أرحم بعباده من هذه بولدها)
وفي الحديث (لما خلق الله الخلق كتب في كتاب فهو عنده فوق العرش.إن رحمتي سبقت غضبي)
والحديث المشهور (إن الله خلق يوم خلق السماوات والارض مائة رحمة كل رحمة طباق مابين السماء والأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة علي ولدها والوحش والطير علي بعضها البعض فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة).
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
09-03-2010, 07:05 PM
الخلق الثاني عشر:الوفاء
قال الجرجاني :الوفاء هو ملازمة طريق المواساة ومحافظة عهود الخلطاء
وقال الجاحظ :الوفاء هو الصبر علي ما يبذله الإنسان ويرهنه به لسانه
وقال الراغب :الوفاء بالعهد :إتمامه وعدم نقص حفظه
والوفاء عموما هو عدم تنكر للماضي وأن يكون الإنسان السوي العاقل أسير عهوده وكلماته فلا ينطق بكلمة ولا يعطي عهدا حتي يري من نفسه القدرة علي الوفاء به ومتي خرجت الكلمة من اللسان فالواجب احترامها ما لم تكن معصية أو تحل حراما أو تحرم حلالا.
منزلة هذا الخلق العظيم
الوفاء بالعهود بين الناس يؤدي إلي الثقة المتبادلة ويخلق جوا من الطمأنينة والسكينة وبه تستقيم شؤون الناس وتسير أعمالهم
كان العرب قديما قبل الإسلام يرون هذا الخلق لازما لأنه من لوازم المروءة والإخلال به من خوارم المروءة حتي قال قائلهم :
إذا قلت في شيء نعم فأتمه فإن نعم دين علي الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها لئلا يقول الناس إنك كاذب
وكفي الوفاء شرفا أن يتصف به المولي تبارك وتعالي .قال الله Lومن أوفي بعهده من الله ) لاأحد أوفي بعهده ولا أصدق في إنجاز وعده من الله تبارك وتعالي
قال تعالي Lثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )
وقال جل جلاله : (ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله )فمن تمام الوفاء أنه يحقق لهم ماوعدهم به ويزيدهم .وكم كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يرد دين الناس ويزيدهم إمعانا منه في الوفاء
وقال تبارك وتعالي L وأن ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري ثم يجزيه الجزاء الأوفي )
ومن جملة صفات عباد الله الصالحين الوفاء .
قال تعالي : (والموفون بعهدهم إذا عاهدوا )
وقال جل جلاله : الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب (ثم بين جزاتءهم في الجنة فقال (أولئك لهم عقبي الدار جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار )
وقال جل جلاله : (إن الابرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا)
أنبياء الله وصفة الوفاء
1.قال تعالي عن سيدنا إبراهيم عليه السلام (وإبراهيم الذي وفي )قال العلماء أنه بلغ جميع ما أمر الله به ووفي بما فرض عليه ووفي بسهام الإسلام قال تعالي (وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهم )صبر علي النمرود وعلي نار قومه وطرده لهم وصدق الرؤيا في ذبح إبنه وكان وفيا لزوجاته وأمره الله ببناء البيت فوفي بالعهد
2.وسيدنا يوسف عليه السلام ابن الأكرمين وفي بعهده وحفظ ذمة أبيه وحافظ علي صلة رحمه فرغم تآمر إخوته عليه يقول لهم في الأخير (لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) ويجمع الله شمل سيدنا يوسف عليه السلام بأبويه وإخواته فيقول سيدنا يوسف عليه السلام جملا في آخر القصة من أروع ما يكون ( وقال ياأبت هذا تاويل رؤياي من قبل وقد جعلها ربي حقا وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه عليم حكيم رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تاويل الأحاديث فاطر السماوات والارض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين)
ومن جملة اللطائف كما يذكر الشيخ راتب النابلسي حفظه الله أن الملك الذي أتاه الله سيدنا يوسف عليه السلام ليس المال والوزارة او النبوة إنما ملك نفسه عندما دعته امرأة العزيز فقال (إني أخاف الله ) وهو الملك الحقيقي أن تملك نفسك فكم من غني غير قانع هو فقير وكم فقير هو قانع بما أعطاه الله هو غني
3.وكليم الله موسي عليه السلام وفي بعهده لما عاهد سيدنا شعيب (إني أريد أن انكحك إحدي ابنتي هاتين علي أن تاجرني ثمان حجج فإن اتممت عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين)وقد أتم عشر سنوات وهذا من تمام الوفاء فوعد الحر دين الله وأحق الناس بالوفاء أنبياء الله كما قال عبد الله بن عباس تعليقا علي الآية (قضي أطيبهما وأكثرهما .إن رسول الله إذا قال فعل .)
أنواع الوفاء
1.الوفاء مع الله تعالي
الوفاء مع الله يكون بإمضاء العقد من لحظة الإنسان يبلغ رشده أو يقول لأول مرة (لا إله إلا الله محمد رسول الله )فالواجب عليه الوفاء بهذا العهد .قال تعالي : (إن الله اشتري من المومنين أنفسهم وأموالهم بان لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرىن ومن أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذالك هو الفوز العظيم التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المومنين )فالوفاء مع الله يكون بتوحيده وعدم الإشراك معه وتأدية الفرائض والوقوف عند المحرمات (وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إن كنا عن هذا غافلين )
2.الوفاء مع النفس
يكون وفاء المرء مع نفسه يوم يحدث نفسه بصدق فتقف مع الحق ويجدد عزمه علي المضي في هذا السبيل فلا ينبغي له أن يتنكب عن الصراط قال تعالي (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون )
والجزاء يكون بعقوبتين كبيرتين أن ينسي ربه فيعيش تائها في الدينا وينسيه نفسه فلا يدري ما منفعتها من مضرتها)
والوفاء مع الالنفس يكون بمحاستها وأن تفكر في مستقبلها البعيد(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون )
3.الوفاء مع الوالدين وهو من أعظم أنواع الوفاء ذالك أن الإنسان يكون صغيرا فيعتني به والداه ويبذلان كل صغير وكبير من أجل إسعاده وأن يحيا حياة طيبة ويقول الولد لوالديه في الصغر أنه يحبهما وسيوفي بعهودها ثم إذا بلغ أحدهما أو كلاهما الكبر يتنكر وقد يؤذيهما بأشد أنواع الإيذاء.ومن الوفاء ببر الوالدين طاعتمهما في الحياة والممات فبعد الممات بالدعاء لهما والااستغفار وإكرام صديقهما وصلة الرحم التي لاتوصل إلا بهما وإنفاذ عهدهما.
4.الوفاء بحقوق الزوجين من كلا الطرفين بحسن المعاشرة وحفظ العرض وعدم إخراج الأسرار الزوجية
5.الوفاء بالكيل والوزن .وكانت هاته مشكلة قوم شعيب عليه السلام (يقوم أفوا المكيال والميزان بالقسط) (وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم )
وحذر اله من الذين يخدعون في الميزان (ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا علي الناس يستوفون وإذا كالوهم اوزنوهم يخسرون )
6.الوفاء بالعقود والعهود ويكفي هنا هاته القصة التي رواها لنا المصطفي عليه الصلاة والسلام
عنأبيهريرةرضي الله عنه عنرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا منبنيإسرائيلسأل بعضبني إسرائيلأن يسلفه ألف دينار فقال ائتني بالشهداء أشهدهم فقال كفىبالله شهيدا قال فأتني بالكفيل قال كفى باللهكفيلا قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحرفقضى حاجته ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرهافأدخل فيها ألف دينار وصحيفة منه إلى صاحبه ثم زجج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال اللهم إنك تعلمأني كنت تسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت كفى بالله كفيلا فرضي بك وسألني شهيدا فقلتكفى بالله شهيدا فرضي بك وأني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أقدر وإني أستودعكها فرمى بهافي البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف وهو في ذلكيلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفهينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبةالتي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجدالمال والصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار فقال والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيكبمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال هل كنت بعثت إلي بشيء قال أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذيجئت فيه قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثتفي الخشبة فانصرف بالألف الدينار راشدا
مظاهر خلق الوفاء في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
أولا :وفاؤه مع ربه
1.كان من أشد الناس وفاء مع ربه .كيف لا وهو الذي يخبرنا عنه سبحانه وتعالي وقد جعله الله واسطة بيننا وبينه
فعن عبيد الله بن عمير رضي الله عنه أنه قال :قلت لعائشة رضي الله عنها :أخبرينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلي الله عليه وسلم قال :فسكتت ثم قالت :لما كانت ليلة من الليالي قال :يا عائشة ذريني أتعبد لربي
فقلت :والله إني أحب قربك وأحب ما يسرك
قالت :فقام وتطهر ثم قام يصلي ولم يزل يبكي حتي بل حجره وكان جالسا فلم يزل يبكي حتي بل لحيته قالت :ثم بكي حتي بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال :يارسول الله تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا
2.وعن عائشة رضي الله عنها قالت :كان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد قبل أن يرجع إلي أهله ويتزود لذالك ثم يرجع إلي خديجة
ثانيا :وفاؤه مع الناس وهو أنواع
أ.وفاؤه مع الصحب الكرام
1.لما عاد الصحابة الكرام من غزوة بني المصطلق ضرب رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار من ورائه فصرخ (يا للأنصار ) وصرخ الآخر (يا للمهاجرين )فغضب النبي لصي الله عليه وسلم وقال (مابال دعوي الجاهلية ) فأخبروه الخبر فقال : (دعوها فإنها منتنة).وسمع الخبر رأس المنافقين أبي بن سلول .فقال (لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل )فغضب سيدنا عمر وقال :يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق .فقال النبي صلي الله عليه وسلم (يا عمر دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه )
وفاء لابنه عبد الله الصحابي الجليل لم يقتل رسول الله هذا المنافق الكبير وهي واحدة من أسباب كثيرة
2. وقصة حاطب بن أبي بلتعة لما أرسل كتابا مع امرأة يخبرهم بقدوم محمد لمقاتلتهم وعلم النبي بذالك فأرسل بعض الصحابة ليأخذوا الكتاب بقوة من المرأة فأخرجوا الكتاب وقال رسول الله لحاطب (ما هذا يا حاطب ( فأخبره الخبر بأنه رجل غريب بين قريش وليس هناك من يدافع عنه ويحفظ أمواله ففعل هذا ليحموا أهله وأمواله فأراد بعض الصحابة قتله فقال لهم رسول الله (إنه قد صدقكم )ثم قال : (إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله عز وجل اطلع علي أهل بدر فقال :اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم )ونزل قول الله (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ).
3.وهاهو سيدنا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : ما منعني أن أشهد غزوة بدر إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل من مكة إلي المدينةمهاجرين فأخذنا كفار قريش فقالوا :إنكما تريدان محمدا ؟فقلنا ما نريد إلا المدينة فخلوا سبيلهم بعد أن أخذوا منهم عهد الله وميثاقه أن لانقاتل معه فلما كانت غزوة بدر أردنا أن نشترك فيها فأخبرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بما كان بيننا وبين قريش فقال: (انصرفا .نفي لهم بعهدهم ونستعين الله عليهم)
ثانيا : وفاؤه لأزواجه
1.كان من أوفي الناس مع السيدة خديجة رضي الله عنها لأنها واسته بمالها ونفسها وصدقت به ورزق منها والولد ولم ير منها إلا الخير والوفاء فلم يتزوج عليها في حياتها وكانت في سن الأرعبين وكان صلي الله عليه وسلم في الخامسة والعشرين وكان يكثر من ذكرها بعد وفاتها ويصل صويديقاتها فغضت يوما السيدة عائشة رضي الله عنها فلم يرض رسول الله وقال (إنها كانت وكانت .وكان لي منها الولد)
وربما أعطي له شيء فيقول (إذهبوا به إلي فلانة.فإنها كانت صديقة خديجة.إذهبوا به إلي بيت فلانة فإنها كانت تحب خديجة)
2ودخلت يوما امرأة عليه فهش لها وأحسن السؤال عنها فلما سألوه قال :كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإيمان)
3.وترسل له ابنته زينب في فداء زوجها أبي العاص وبعثت بقلادة لها فرق قلب النبي لابنته وقال : (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها ؟) فقالوا: نعم
4.وتسأل زوجات النبي صلي الله عليه وسلم النفقة فينزل قول الله بتخييرهن بين البقاء أو أن يمتعهن ويسرحهن .وكان أول من استشار السيدة عائشة رضي الله عنها وخيرها فاختارت رسول الله .
ثالثا :وفاؤه مع الأقارب
1.كان أقرب الناس إليه عمه أبو طالب وما فتيء يذكره ولكن أبا طالب للأسف الشديد لم ينطق بالشهادة
2.وفي غزوة حنين كان من بين الأسري من بني سعد وكان صلي الله عليه وسلم مسترضعا فيهم فرد عليهم أموالهم وسبيهم
3.ووفاؤه لأخته من الرضاعة الشيماء يكرمها ويفرح بها ويعطيها من الهدايا الكثير.وهذا من الوفاء
رابعا :وفاه لصاحب الجميل
1.وفاؤه لأبي بكر الصديق رضي الله عنه (إن من أمن الناس علي في صحبته وماله أبو بكر ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبابكر خليلا ولكن أخوة الإسلام لاتبقين في المسجد خوجة إلا خوجة أبي بكر )
2.وكان يقول (استوصوا بالنساء خيرا ) (لو سلكت الأنصار واديا وشعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعبهم ولولا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار ) (وأية الإيمان حب الأنصار وأية النفاق بعض الأنصار) (من أحب الأنصار أحب الله ومن أبغض الأنصار أبغضه الله)
3وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يزور أم أيمن حاضنته وكان يقول لأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب (انطلق بنا نزور أم أيمن)وزارها سيدنا أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب بعد وفاة رسول الله وهيجتهما علي البكاء فبكيا بكاء شديدا
4.وكان رسول الله يقول عن أم أيمن (يا أمي )وكان إذا نظر إليها قال : (هذه بقية أهل بيتي )
5.وكان وفيا لمكة تربي فيها وترعرع علي تربتها يقول يوم الهجرة (قد علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلي الله ولولا أن أهلك أخرجوني ما خرجت )
6.وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم مرة لأحد الصحابة ( لو قد جاءنا مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا ) ثلاثا ومات رسول الله ولم تفتح البحرين وفتحها الصحابة في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنها فسأل عن ذالك الصحابي وأعطاه بما قال له رسول الله تماما للوفاء
خامسا :وفاؤه مع والديه
عن بريدة قال :خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي إذا كنا ب (ودان) قال :مكانكم حتي آتيكم
فانطلق ثم جاءنا وهو ثقيل (أتيت قبر أم محمد فسألت ربي الشفاعة فمنعنيها وإني كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها )
وهناك خلاف معلوم بين العلماء حول والدي رسول الله صلي الله عليه وسلم بين من يقول أنهما من أهل الجنة ومن يقول عكس ذالك
سادسا:وفاؤه مع أعدائه
1.ففي صلح الحديبية لما صالح رسول الله أهل قريش علي شروط وكان من ضمن الشروط أن من أتي محمد من غير إذن وليه هاربا منهم رده عليهم ومن جاء من قريشممن مع محمد لم يرده عليه وأمضي رسول الله علي الشروط وكان أبو جندل ابن سهيل من جملة ممن فر إلي المسلمين فقال سهيل لرسول الله (هذا أول الشروط ) فرد رسول الله أبا جندل وهو يصرخ والصحابة غير راضين ولكنه الوفاء
2.ويخرج أبو جندل ويتصل بأبي بصير ويجتمع بهم جماعة ممن يفرون من قريش يعيرون علي قبائل قريش حتي قال رسول الله (ويل أمه مسعر رحب لو كان له أحد ) حتي تنازلت قريش عن ذالك الشرط
3.ولما جيء بالهرمزان في عهد عمر بن الخطاب وكان الهرمزان قائد جيش كسري أسره المسلمون فعرض عليه عمر الإسلام فرفض ثم طلب ماء ليشرب فلما قدموا له الماء قال :هل أنا آمن حتي أشربها ’قال :نعم فأراق الماء علي الارض وصاح بأعلى صوته الوفاء نور أبلج واستشار سيدنا عمر الصحابة في ذالك ف
أخبروه أن دين الإسلام دين وفاء فلم يؤذه ثم أسلم الرجل وحسن إسلامه

ثالثا وفاؤه للحيوان :
كان صلى الله عليه وسلم وفيا حتى للحيوان ففي مسند الامام احمد
حدثنا سفيان بن عيينة، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي المهلب، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت امرأة أسرها العدو وكانوا يريحون إبلهم عشاء فأتت الإبل تريد منها بعيرا تركبه فكلما دنت من بعير رغا فتركته حتى أتت ناقة منها فلم ترغ فركبت عليها ثم نجت فقدمت المدينة فلما رآها الناس قالوا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء قالت إني نذرت أن أنحرها إن الله عز وجل أنجاني عليها قال بئسما جزيتيها لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا نذر في معصية الله عز وجل‏
حثه عليه الصلاة والسلام علي الوفاء
1.(أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتي يدعها :إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر )
2.ويذكر أبو بريدة أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه زاره في المدينة وقال له : اتدري لم أتيتك؟قال :قلت لا .قال :سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده ) وإنه كان بين لأبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك
3.(ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته رجل أعطي بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفي منه ولم يعطه أجرا)
4.(لكل غادر لواء يوم القيامة يقال :هذه غدرة فلان ابن فلان )
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
10-03-2010, 02:16 PM
+الحلم والاناة
الحلم بالكسر :الأناة والعقل وجمعه أحلام وحلوم وفي التنزيل العزيز :" أم تأمرهم أحلامهم بهذا "(1) والحلم : خلق عظيم لا يقدر عليه من البشر إلا من أوتى قوة جبارة وعزما حديدا ، يستطيع من خلالهما ضبط النفس والسيطرة عليها في حالة الغضب الشديد وللوصول إلى هذه المرحلة لابد من ممارسة هذا الفن العظيم عن طريق الدربة
" وقيل للأحنف بن قيس ممن تعلمت الحلم ؟ فقال : من قيس بن عاصم 0 كنا نختلف إليه في الحلم كما يُختلف إلى الفقهاء في الفقه " (2)
ولم ترد الصفة في كلام العرب إلا بصيغة المبالغة ( حليم ) على وزن فعيل ولعل من أسباب ذلك ما يحتاجه الحليم من تكلف وقهر للنفس لبلوغ خلق الحلم لأن بلوغه ليس بالأمر الهين يقول الأحنف بن قيس وهو ممن ضُِرب به المثل في الحلم : لست حليما ولكني أتحالم "(3) والحِلم خلق عظيم يسعى الكثير من البشر إلى التخلق به فتتفاوت درجاتهم في اكتسابه وممارسته0
الحليم الحقيقي
ولكن الحليم الحقيقي هو الله عز وجل فقد وصف نفسه بالحلم في أحد عشر موضعا في القرآن الكريم ، قرن فيها المغفرة بالحلم واصفا نفسه في أربعة مواضع من القرآن الكريم كالتالي :
في قوله تعالى :"لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله غفور حليم " 225 سورة البقرة ، وفي قوله تعالى : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم "الآية 235 من سورة البقرة ، وفي قوله تعالى:" إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم " الآية155 من سورة آل عمران وفي قوله تعالى :" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤ كم وإن تسألوا عنها حين يُنَزل القرآن تُبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم " الآية 101 من سورة المائدة ، وقرن الحلم بالمغفرة مقدما الحلم على المغفرة في آيتين اثنتين هما قوله تعالى : تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا " 44 الإسراء ، وقوله تعالى : إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " الآية 41سورة فاطر ، كما قرن سبحانه العلم بالحلم في ثلاثة مواضع هي : في قوله تعالى : "ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين وإن كان رجل يُورث كلالةً أو امرأةٌ وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس فان كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يُوصَى بها أو دين غير مُضارٍ وصية من الله والله عليم حليم" الآية 12 من سورة النساء ،وقوله تعالى :" لَيدخلنهم مُدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم " الآية 59 من سورة الحج ،
وقوله تعالى : تُرجي منهن من تشاء وتُؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تَقَر أعينهن ولا يحزنّ ويرضين بما آتيتهن كلهن والله يعلم ما في قلوبكم وكان الله عليما حليما " الآية 51 من سورة الأحزاب ، كما قرن سبحانه الشكر بالحلم في موضع واحد هو قوله تعالـــــى : إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم ويغفر لكم والله شكور حليم " الآية 17 من سورة التغابن وقرن سبحانه الغنى بالحلم في موضع واحد هو قوله تعالى : " قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم " الآية 263 من سورة البقرة

ووصف الله تعالى انبياءه واولياءه والصالحين بهذه الصفة فقال عزوجل:
1 ـ (وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الاِْثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُون)(1).
2 ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ الُْمحْسِنِينَ)(2).
3 ـ ( وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ)(3).
4 ـ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لاََوَّاهٌ حَلِيمٌ)(4).
5 ـ (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)(5).
6 ـ (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَم حَلِيم)(6).
7 ـ (وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَماً)(7).
8 ـ (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)(8).

حلم الرسول الله صلى الله عليه وسلم
امتدح الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم على أخلاقه كلها ، ومنها خلق الحلم ، تلك الصفة التي تحلى بها نبينا عليه السلام لتكون شامة في أخلاقه، فلقد نال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - الشتائم والسِبابَ من كافة طبقات المجتمع، فقد هجاه الشعراء، وسخر منه سادة قريش ، ونال منه السفهاء بالضرب بالحجارة، وقالوا عنه ساحر ومجنون وغير ذلك من صور الأذى التي كان يتلاقها رسول الله بسعة صدر وعفو وحلم وتسامح ودعاء لمن آذاه بالمغفرة والرحمة، ولقد صدق الله إذ يقول: { وإنك لعلى خلق عظيم } (القلم:4) وقال تعالى: { فبما رحمة من اللَّه لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك } (آل عمران:159).
وإن استقراء صور العفو والحلم في سيرته صلى الله عليه وسلم أمر يطول فنكتفي بذكر بعض تلك الصور من حياته :-
1- فعندما خرج صلى الله عليه وسلم إلى قبيلة ثقيف طلباً للحماية مما ناله من أذى قومه ، لم يجد عندهم من الإجابة ما تأمل ، بل قابله ساداتها بقبيح القول والأذى ، وقابله الأطفال برمي الحجارة عليه، فأصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والحزن ومن التعب الشديد ما جعله يسقط على وجهه الشريف، ولم يفق إلا و جبريل رضي الله عنه قائماًعنده يخبره بأن الله بعث ملك الجبال برسالة يقول فيها: إن شئت يا محمد أن أطبق عليهم الأخشبين، فأتى الجواب منه عليه السلام بالعفو عنهم قائلاً: ( أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ) رواه البخاري ، فأي شفقة وأي عفو وصفح وحلم من إنسان يُضاهي هذا الحلم إلا حلمه عليه السلام.
2- ولما كُسِرت رُباعيته صلى الله عليه وسلم وشُجَ وجهه يوم أُحد، شَقَ ذلك على أصحابه، وقالوا: يا رسول الله ادعُ على المشركين، فأجاب أصحابه قائلاً لهم: ( إني لم أُبعث لعاناً وإنما بعثت رحمة ) رواه مسلم .
3- وأقبل ذات مرة الطفيل بن عمرو الدوسي على النبي صلى الله عليه وسلم، طالباً منه الدعاء على أهل دوس لعصيانهم ، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن رفع يديه مستقبل القبلة قائلا: ( اللهم اهد دوساً ) رواه البخاري .
4- ومن حلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم مع الأعراب، حينما أقبل عليه ذلك الأعرابي الجلف، فشد رداء النبي صلى الله عليه وسلم بقوة، حتى أثر ذلك على عنقه عليه السلام، فصاح الأعرابي قائلا للنبي: مُر لي من مال الله الذي عندك ، فقابله النبي صلى الله عليه وسلم وهو يضحك له، والصحابة من حوله في غضب شديد من هول هذا الأمر، وفي دهشة من ضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعفوه وفي نهاية الأمر، يأمر النبي صحابته بإعطاء هذا الأعرابي شيئاً من بيت مال المسلمين.
5- وأعظم من ذلك موقفه مع أهل مكة، بعدما أُخرج منها وهي أحب البلاد إليه، وجاء النصر من الله تعالى، وأعزه سبحانه بفتحها، قام فيهم قائلاً: ( ما تقولون أني فاعل بكم ؟ ) قالوا : خيراً ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، فقال: ( أقول كما قال أخي يوسف ) : { لا تثريب عليكم اليوم يغفر اللَّه لكم وهو أرحم الراحمين } (يوسف:92)، ( اذهبوا فأنتم الطلقاء ) رواه البيهقي .
6- ولمحة أخرى من حلمه في حياته عليه السلام، أنه لم يُعهد عليه أنه ضرب خادماً، أو امرأة، ولم ينتقم من أحد ظلمه في المال أو البدن ، بل كان يعفو ويصفح بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم تقول عائشة رضي الله عنها: ( ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل ) رواه مسلم .


7- هذا حبر من أحبار يهود المدينة المنورة رأى سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم وسمع كلامه سماع تفكر وراقب أحواله مراقبة تبصر وراجع في التوراة صفات الأنبياء مراجعة تحقق وتدبر ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد في نفسه لأمر خطير وكرر المجيء حتى رأى الفرصة السانحة لما يريد رأى عند النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن جماعته قد أسلموا وجاءت عليهم سنة ضيقة مجدبة وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم مؤونة يعينهم لكي لا يظنوا أن ما أصابهم من ضيق كان سببه دخولهم في الإسلام فيرتدوا عنه ولم يكن عند النبي صلى الله عليه وسلم شيء يعطيه حينئذ سارع الحبر اليهودي زيد بن سعنة لينفذ ما أعده في نفسه فقال لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : أنا أقرضك ما تعينهم به ولكن اجعل بيني وبينك أجلاً توفيني عنده هذا الدين قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم وضرب لليهودي أجلاً معيناً ومرت الأيام ودنى ذلك الأجل فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قبل اليوم المعين بمدة ليطالبه بالدين فقال النبي صلى الله عليه وسلم له: إن الأجل لم يحن بعد فاقترب الرجل من النبي صلى الله عليه وسلم بغلظة وامسك بردائه من عند عنقه وجذبه بعنف وشراسة قائلاً : يا محمد أعطني حقي فإنكم معشر بني هاشم قوم تماطلون في وفاء الدين وأثّر الثوب في عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم تأثيراً شديداً فإذا بسيدنا عمر رضي الله عنه تأخذ بنفسه حمية الحق فيقول يا رسول الله ائذن لي أن أضرب عنق هذا الكافر فقد آذى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .
لقد أخذت الحمية من نفس عمر رضي الله عنه ولكنها لم تأخذ من نفس صاحب الحق الذي أوذي بغير حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولادعاه ذلك إلى البطش بالمعتدي كما هي عادة الزعماء والأمراء بل صبر واتأد وترفق بالمعتدي غاية الرفق ثم قال قولة التكرم والتسامي : يا عمر كنت أنا وهو أحوج إلى غير هذا منك كنت أحوج إلى أن تأني بحسن الأداء وكان أحوج إلى أن تأمره بحسن الطلب اذهب فاقضه حقه وزده عليه لقاء ما خوفته .
سمع الحبر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأى البشر في وجهه وتجلى له الخلق العظيم الذي جعله الله من دلائل النبوة فغسل ذلك قلبه وأزاح عنه غشاوات الباطل فهفى قلبه إلى دين الحق والإيمان بالله ورسوله ومضى مع عمر ليأخذ حقه فلما رأى الزيادة قال: ما هذه الزيادة يا عمر؟ قال : لقد أمرني بها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعت لقاء ما روّعتك ولكن أخبرني ما الذي دعاك إلى ما فعلت؟ قال يا عمر : إنه لم يكن شيء أعرفه من علامات النبوة إلا رأيته في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نظرت إليه إلا شيئين لم أكن رأيتهما بعد ( يسبق حلمُه غضبَه ولا تزيده شدة الجهل عليه إلا حلماً)
فقد رأيت الآن وعلمت فاشهد يا عمر أني قد رضيت بالله تعالى رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً وأشهدك أن شطر مالي صدقة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورجع عمر وزيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مثل زيد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله
وهكذا انضم الحبر اليهودي زيد بن سعنة إلى مكتملي الإيمان بين الأصحاب الكرام الذين اختارهم الله على العالمين ليحملوا مع نبيه راية الإيمان فتحقق فيه قول الله تعالى لكليمه موسى عليه السلام : ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون و يؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون …… الى قوله تعالى أولئك هم المفلحون _ الأعراف
ولكن سمو أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم يتابع الإحسان إلى هؤلاء لعل القلوب التي حولهم تلين وتستضيء بنور النبوة فتنفر من اولئك اللئام وتهتدي إلى الله كماكان الحال مع عبد الله بن أبي بن سلول رأى زعيم المنافقين في المدينة المنورة رأى في قدوم النبي صلى الله عليه وسلم زوال زعامة تشمل كل يثرب زعامة انتظرها طويلاً وسعى إليها كثيراً حتى رآها في متناول يده حينئذ تكبر وأعرض جهاراً ثم أسر ذلك في نفسه حين غلب جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوقف يوماً عن تدبير الفتن له ومحاولات الإيقاع بين المهاجرين والأنصار وآذى النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وفعلاً كلما سمحت له فرصة حتى تنزلت آيات القرآن تشير إليه بالبنان وتبرز نفاقه للعيان فيتحدث الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم يريد قتله بل لقد استأذنه عمر بن الخطاب في ضرب عنقه حين استعلن منه النفاق فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتنامت الأنباء إلى سمع ابنه المؤمن القوي الإيمان عبد الله بن عبد الله فأقبل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : يا رسول الله : بلغني أنك تريد قتل أبي فإن كنت تريد ذلك فأنا أقتله إني أخشى إن قتله غيري أن تطلب نفسي بثأره فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار فأجابه سيد أهل الحلم صلى الله عليه وسلم: لاياعبد الله بل نصبر عليه ونترفق به ونحسن صحبته فاطمأنت نفس عبد اله وزاده حلم النبوة إيماناً . وتوالت الأيام وتوالت إساءات ابن سلول وتوالى عليه من رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلم والرفق والإحسان ورأى قومه ذلك كله فأبغضه أكثرهم وباعدوه ومع ذلك بقيت حوله جماعة كبيرة من المنافقين ثم انفضوا عنه لما رأوا من إحسان رسول الله صلى الله عليه وسلم غليه يوم موته لقد استجاب لطلب ابنه عبد الله بن عبد اله فصلى عليه وكفنه بقميصه وأنزله حفرته بيده واستغفر له أكثر من سبعين مرة لإن ربه قال له إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فقال: سأزيد على سبعين ولامه بعض أصحابه صلى الله عليه وسلم فأعرض عنهم وعامل ابن سلول بالعفو والحلم والإحسان فغسل ذلك قلوبهم وأقبلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : نشهد الا إله إلا الله ونشهد أنك رسول الله
حلم معاوية
وممن اشتهر من الحلماء معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، لذا استطاع بحلمه ودهائه أن يكون فريدا في إمساكه بزمام أمور مملكته 0 يقول : إني لآنف أن يكون في الأرض جهل لا يسعه حلمي، وذنب لا يسعه عفوي وحاجةلا يسعها جودي "(9) ومن نوادر حلم معاوية " كان لعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أرض وكان له عبيد يعملون فيها والى جانبها ارض لمعاوية وفيها أيضا عبيد يعملون فيها ، فدخل عبيد معاوية في أرض عبد الله بن الزبير ، فكتب عبدالله كتابا إلى معاوية يقول له فيها : أما بعد ، يا معاوية ، إن عبيدك قد دخلوا في أرضي ، فانههم عن ذلك ، وإلا كان لي ولك شأن والسلام 0
فلما وقف معاوية على كتابه وقرأه دفعه إلى ولده يزيد ، فلما قرأه ، قال له معاوية : بابني ماترى ؟ قال أرى أن تبعث إليه جيشا يكون أوله عنده وآخره عندك ؛ يأتونك برأسه فقال : بل غير ذلك خير منه يابني ، ثم أخذ ورقة ، وكتب فيها جواب كتاب عبد الله بن الزبير يقول فيه : أما بعد فقد وقفت على كتاب ولد حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وساء ني ما ساءه والدنيا بأسرها هينة عندي في جنب رضاه، نزلت عن أرضي لك فأضفها إلى أرضك بما فيها من العبيد والأموال والسلام 0 فلما وقف عبد الله بن الزبير على كتاب معاوية كتب إليه : قد وفقت على كتاب أمير المؤمنين أطال الله بقاءه ولا اعدمه الرأي الذي أحله من قريش هذا المحل والسلام 0 فلما وقف معاوية على كتاب عبد الله بن الزبير وقراه رمى به إلى ابنه يزيد ، فلما قرأه تهلل وجهه ، وأسفر فقال له أبوه: يابني من عفا ساد ، ومن حلم عظم ، ومن تجاوز ؛ استمال إليه القلوب فإذا ابتليت بشيء من هذه الأدواء ، فداوه بمثل هذا الدواء "
ابوالدرداء:
قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ أَسْمَعَهُ كَلامًا: يَا هَذَا.. لا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا، وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا؛ فَإِنَّا لا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ.

الشعبي:
وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ: إنْ كُنْتُ مَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللهُ لِي، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْتَ فَغَفَرَ اللهُ لَك.

عائشة رضي الله عنها:
وَاغْتَاظَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَلَى خَادِمٍ لَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ: للهِ دَرُّ التَّقْوَى، مَا تَرَكَتْ لِذِي غَيْظٍ شِفَاءً.

معاوية:
وَقَسَّمَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قِطَافًا، فَأَعْطَى شَيْخًا مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ قَطِيفَةً فَلَمْ تُعْجِبْهُ، فَحَلَفَ أَنْ يَضْرِبَ بِهَا رَأْسَ مُعَاوِيَةَ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ: أَوْفِ بِنَذْرِك، وَلْيَرْفُقْ الشَّيْخُ بِالشَّيْخِ.

عمر بن الخطاب:
عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قال: قدم عيينة بن حصن فنزل على ابن أخيه الحر ابن قيس، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشاورته كُهولاً أو شبانًا، فقال عيينة لابن أخيه: ألك وجه عند هذا الأمير فتستأذن لي عليه؟، قال: سأستأذن لك عليه، فاستأذن الحر لعيينة، فأذن له عمر، فلما دخل عليه قال: هي يا ابن الخطاب! فوالله ما تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل!، فغضب عمر حتى همَّ أن يوقع به، فقال له الحر: "يا أمير المؤمنين.. إن الله تعالى قال لنبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ﴿خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ﴾ (الأعراف: 199)، وإن هذا من الجاهلين"، والله ما جاوزها عمر حين تلاها عليه، وكان وقَّافًا عند كتاب الله.

عدي بن حاتم:
شتم رجلٌ عديَّ بن حاتم وهو ساكتٌ، فلما فرغ من مقالته قال: إن كان بقي عندك شيءٌ فقل قبل أن يأتي شباب الحي، فإنهم إن سمعوك تقول هذا لسيدهم لم يرضوا.

محمد بن كعب:
قال محمد بن كعب رحمه الله تعالى: ثلاثٌ من كُنَّ فيه استكمل الإيمان بالله: إذا رضي لم يُدخله رضاه في الباطل، وإذا غضب لم يُخرجه غضبُهُ عن الحق، وإذا قدر لم يتناول ما ليس له.

وهب بن منبه:
قال رجلٌ لوهب بن منبه رحمه الله تعالى: إن فلانًا شتمك. فقال: ما وجد الشيطان بريدًا غيرك؟!.

عمر بن عبد العزيز:
ذكر ابن كثير في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى أن رجلاً كلمه يومًا حتى أغضبه، فهم به عمر، ثم أمسك نفسه، ثم قال للرجل: أردت أن يستفزني الشيطان بعزة السلطان، فأنال منك اليوم ما تناله مني غدًا؟ قم عافاك الله، لا حاجة لنا في مقاولتك
قد يُفسد عملك:
الكبار لا يستجيبون للطرف الآخر الذي يحاول جرَّهم إلى معارك الغضب غير المحسوبة العواقب، ويحذرون من الانسياق إلى منزلق لا يليق بمستواهم، ولا يُناسب قدرهم؛ ذلك أنهم اتخذوا من صبرهم على الأذى طريقًا لدخول الجنة، كما أنهم يحذرون من تحول نواياهم، أو أن يكون الغضب سببًا في إفساد أعمالهم.

روي أن عليًّا بن أبي طالب كان يقاتل عمرو بن عبد ود العامري في أحد المعارك، فلما تمكن منه وارتقاه بصق في وجهه وهو يوشك أن يرديَه قتيلاً، فلم يُعَجِل عليّ بالانقضاض عليه، بل استدار قليلاً، ولما قيل له في ذلك، قال: أردت أن أقتله غضبًا لله لا غضبًا لنفسي؛ ولذا لم يعاجله على الفور، وإنّما تركه برهة ثمّ صرعه.

مهر الحور الحين:
الكبار يسعون إلى نيل الجائزة الكبرى التي دلهم عليها النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الاختيار من أي حور العين شاء؛ لذا فهم يكظمون غيظهم، ويحلمون على من أساء إليهم ابتغاء الرفعة والمكانة العالية عند الله، عنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ كَظَمَ غَيْظًا وَهُوَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنَفِّذَهُ دَعَاهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلائِقِ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فِي أَيِّ الْحُورِ شَاءَ" (رواه البخاري).

يغيظون الشيطان:
الكبار يعلمون أن الشيطان يجري مجرى الدم من ابن آدم، ويوقنون أن الشيطان أحرص الناس على إحداث الفتنة بين الناس، وعرفوا أن أعظم لحظات الشيطان سعادةً هي تلك التي يوقع فيها بين متحابين؛ لذا فالكبار أحرص من غيرهم على إغاظة الشيطان؛ فهم يكظمون غيظهم ويغيظون شياطينهم.

عن أنس رضي الله عنه أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بقومٍ يصطرعون؛ فقال: "ما هذا؟" قالوا: فلانٌ ما يُصارع أحدًا إلا صرعه، قال: "أفلا أدلكم على من هو أشد منه؟! رجلٌ كلمه رجلٌ فكظم غيظه فغلبه، وغلبَ شيطانه، وغلب شيطان صاحِبِهِ".

وجاء غلام لأبي ذر رضي الله عنه وقد كسر رجل شاةٍ له فقال له: من كسر رِجل هذه؟ قال: أنا فعلتُهُ عمدًا لأغيظك فتضربني فتأثم، فقال: لأغيظنَّ من حرَّضك على غيظي، فأعتقه.
- فضائل الحلم:
أ- الحلم صفة يحبها الله -عز وجل-:
قال صلى الله عليه وسلم لأحد الصحابة: (إن فيك خصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة) [مسلم].
ب -الحلم وسيلة للفوز برضا الله وجنته:
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من كظم غيظًا وهو قادر على أن يُنْفِذَهْ، دعاه الله -عز وجل- على رءوس الخلائق يوم القيامة، يخيره من الحور العين ما شاء) [أبو داود والترمذي].
ج - الحلم دليل على قوة إرادة صاحبه:
وتحكمه في انفعالاته، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس الشديد بالصُّرْعَة (مغالبة الناس وضربهم)، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب) [مسلم].
د - الحلم وسيلة لكسب الخصوم والتغلب على شياطينهم وتحويلهم إلى أصدقاء:
قال تعالى: {ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم} [فصلت: 34].
وقد قيل: إذا سكتَّ عن الجاهل فقد أوسعتَه جوابًا، وأوجعتَه عقابًا.
هـ - الحلم وسيلة لنيل محبة الناس واحترامهم:
فقد قيل: أول ما يُعوَّض الحليم عن حلمه أن الناس أنصاره.

و - الحلم يُجنِّب صاحبه الوقوع في الأخطاء، ولا يعطي الفرصة للشيطان لكي يسيطر عليه.
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
11-03-2010, 04:13 PM
الخلق الرابع عشر :
الأمانة هي كل ما افترض الله علي العباد فهو أمانة كالصلاة والزكاة والصيام وأداء الديون والودائع وأمانة الأولاد وكتم الأسرار
وقال الكفوي في موضوع آخر من تعريف الأمانة (هي كل ما يؤتمن عليه من أموال وحرم وأسرار فهو أمانة)
وقيل أن الأمانة هي خلق ثابت في النفس يعف به الإنسان عما ليس له به حق وإن تهيأت له ظروف العدوان عليه ويؤدي به ما عليه وإن استطاع أن يهضمه.
وهي شعور بالتبعية واحتكام إلي الضمير اليقظ بكل ما عهد الله إليك كما يقول الشيخ الشرباصي رحمه الله
قال تعالي (والذين لآماناتهم وعهدهم راعون )
منزلة الأمانة
لما كانت الأمانة خلق عظيم ولها منزلة كبيرة قال الله عنها (إنها عرضنا الأمانة علي السماوات والارض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا )
وقد ذكر الأصفهاني أن المراد بالأمانة هنا التوحيد والعدالة وحروف التهجي أو العقل ثم قال أن الراجح أن المراد بالأمانة هي العقل
واختلف المفسرون في المراد بالأمانة في الآية الكريم فقال البعض المراد بها المحافظة علي الصلوات وأداء الزكاة والصوم الحج وقيل أن الأمانة هي أمانات الناس وودائعهم وقيل هي الاغتسال من الجنابة وقيل أن الأمانات هي أعضاء الإنسان فاللسان أمانة والعين أمانة والأذن أمانة والعقل أمانة
ورجح الشيخ الطبري رحمه الله أن المراد بالأمانة هنا هي جميع الأمانات لأنها ذكرت مطلقة غير مقيدة.والشيخ الطبري رحمه الله معروف باتجاهه هذا فهو حين يجد الاختلاف بين المفسرين متقارب أو هو اختلاف لفظي يحاول الجمع بين الأقوال .
وفي الحديث : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته فالإمام راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته والمرأة في بيت زوجها راعية ومسؤولية عن رعيتها والخادم في مال سيده راع ومسؤول عن رعيته
مجالات الأمانة
1.تولية أمور المسلمين من أعظم الأمانات (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)
2.أمانة الأحوال الشخصية والأسرار الزوجية (إن من أعظم الأمانات عند الله تعالي يوم القيامة الرجل يفضي إلي امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها )
3.حديث الناس وأسرارهم وما يدور في المجالس (إذا حدث الرجل الرجل بحديث ثم التفت فهو أمانة)
4استشارة الناس أمانات فلو استشارك شخص ما عن موضوع ما وهو يثق بك فكن مؤتمنا وعند حسن ظنه (المستشار مؤتمن )
5.أمانة الدين (خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة من حافظ علي الصلوات الخمس علي وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وأعطي الزكاة من ماله طيب النفس بها )وكان يقول وأيم الله لايفعل ذالك إلا مؤمن وصام رمضان وحج اليت إن استطاع إلي ذالك سبيلا وأدي الامانة)فقالوا ياأبا الدرداء :ما الأمانة؟قال :الغسل من الجنابة فإن الله تعالي لم يأمن ابن آدم علي شيء من دينه غيره )
6.أعضاء الإنسان أمانة فاللسان أمانة والعين أمانة والأذن أمانة وغيرها من الأعضاء كلها أمانات فلا تستعملها في الحرام
(يا أيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول تخونوا أماناتكم وانتم تعلمون)
الأمانة صفة الأنبياء عليهم السلام
لقد ائتمن الله جل وعلا الأنبياء علي دينه فكانوا خير الأمناء وأول هاته الأمانات أمانة التوحيد .
قال الله تعالي في سورة الشعراءعن نوح وهود وصالح لوط وشعيب عليهم السلام (إني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون )
وقال تعالي عن سيدنا موسي عليه السلام (إن خير من استأجرت القوي الأمين )كان موسي عليه السلام أمينا مع بنات شعيب عليه السلام فلم يرفع حتي بصره إليهن وقالوا أنه كان يمشي أمامهن وهذا من قمة الورع
وقال الله جل وعلا عن يوسف عليه السلام (إنك اليوم لدينا مكين أمين )لأنه كان صادقا في تفسير الحلم وكان أمينا يوم دعته امرأة العزيز وكان أمينا في بره لوالديه فلم ينتقم من إخوته ولم يتكلم فيهم بسوء .
الأمانة في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.لما بنت قريش الكعبة وبلغوا موضوع الركن اختصموا أيهم أولي برفع الحجر فاحتكموا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأمر بثوب فوضع فيه الحجر وأخذت كمل قبيلة بطرف منه ثم رفعه رسول الله ووضع الحجر في وسطه وكان هذا قبل البعثة بخمس سنوات
2.لما نزل قول الله (اقرأباسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم )فذهب فزعا إلي بيته عند خديجة رضي الله عنها فقالت له : (ابشر فوالله لن يخزيك الله أبدا )وذكرت له أنه يؤدي الامانة.فقد كان معروفا بخلق الأمانة حتي قبل البعثة
3.ولما ذهب أبو سفيان إلي هرقل عظيم الروم قال له (إنه يأمرنا بالصلاة والصدق العفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة)
4.وكذالك قول سيدنا جعفر بن عبد المطلب رضي الله عنه عندما سأله النجاشي عن هذا الدين الذي اعتنقوه قال له : (حتي بعث الله إلينا رسولا نعرف نسبه وصدقه وأمانته وعفته ) ولم يستطع عمرو بن العاص أن ينكر عليه هذا
5.ولما هاجر رسول الله صلي الله عليه إلي المدينة وكانت عنده أمانات الناس أمر سيدنا علي رضي الله عنه بأداء الأمانات ورد الودائع
6.ولما دخل مكة فاتحا صلي الله عليه وسلم طاف سبعا علي راحلته يستلم الركن بمحجن في يده فلما انتهي من الطواف دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ثم دخلها وسأله العباس وفي رواية سيدنا علي أن يجمع له المفتاح مع السقاية فأبي وأعطاه لعثمان بن طلحة وقال له (هاك أمانة الله فأنزل الله قوله (إن الله يامركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها )
7.ولما استعمل رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن اللتيبة علي الصدقة فجاءه العامل حين فرغ من العمل وقال : هذا لكم وهذا أهدي إلي فقال له النبي صلي الله عليه وسلم : (أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك فنظرت أيهدي إليك أم لا فوالذي نفس محمد بيده لايغل أحدكم منها شيئا إلا جاء يوم القيامة يحمله علي عنقه إن كان بعيرا جاء له رغاء وإن كانت بقرة جاء بها له خوار وإن كانت شاة جاء بها تبعر )
8.ويروي لنا أبو سعيد الخذري رضي الله عنه أن علي رضي الله عنه بعث إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم من اليمن بذهبية في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها فقسمها رسول الله ين أربعة نفر وهم عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل فقال رجل من أصحابه : (نحن كنا أحق بهذا من هؤلاء ) فبلغ ذالك رسول الله فقال لهم : (ألاتأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباح مساء ).
9.وهذا جابر بن عبد الله رضي الله عنه يقول : (أتيت النبي صلي الله عليه وسلم وهو في المسجد ضحي فقال : (صل ركعتين )وكان لي عليه فقضاني وزادني ).
10.وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان لرجل علي النبي صلي الله عليه وسلم دين من الإبل فجاء يتقاضاه فقال : (أعطوه )فقال : أوفيتني أوفي الله بك فقال صلي الله عليه وسلم إن خياركم أحسنكم قضاء )
11.وكان رسول الله إذا أصاب غنيمة نادي بلالا فنادي في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسها ويقسمها فجاء رجل بعد ذالك بزمام من شعر فقال : أسمعت بلالا نادي ثلاثا ؟قال :نعم قال :فما منعك أن تجيء به ؟قال :يارسول الله فاعتذر فقال (لن أقبله منك حتي تكون أنت الذي تجيء به يوم القيامة )
وقيل هذا علي سبيل التغليظ
حث رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الأمانة
1.(أد الأمنة إلي من ائتمنك ولا تخن من خانك )
2.لا إيمان لمن لاأمانة له ولا دين لمن لاعهد له )وفي رواية (لمن لاصلاة له )
3. (أربع إذا كن فيك فلا عليك مافاتك من الدنيا حفظ امانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة في طعمة )
4.وحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه المشهور (إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن وعلموا من السنة )قال حذبفة :ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال (ينام الرجل النومة فتقبض الامانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام فيظل أثرها مثل المجل إلي أن قال (فيصبح الناس يتبايعون فلا يكادذ أحد يؤدي الأمانة حتي يقال إن في بني فلان رجلا أمينا حتي يقال للرجل : ما أجلده وما أظرفه وما أعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان)
5.وحين سأله ذالك الصحابي عن الساعة فمضي رسول الله يحدث القوم حتي قال : أين السائل عن الساعة ؟قال :ها أنا يا رسول الله .قال : (إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة ) قال : كيف إضاعتها قال: إذا وسد الأمر لغير أهله فانتظر الساعة)
6وقد حذر رسول الله صلي الله عليه وسلم أبا ذر حين طلب منه أن يجعله مسؤولا ضرب علي منكبيه وقال (يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدي الذي عليه فيها )
7(من استعملناه منكم علي عمل فكتمنا مخيطا فما فوق كان غلولا يأتي به يوم القيامة ) فقام رجل من الأنصار فقال :يارسول الله أقبل عني عملك قال :ومالك ؟قال سمعتك تقول كذا وكذا قال : (وأنا أقول الآن من استعملناه منكم علي عمل فيجيء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهي عنه انتهي )
8(ثلاثة من كن فيه كان منافقا خالصاإذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان )
9.وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعوذ من الخيانة فيقول (اللهم إني أعوذ بك من الجوع فغنه بئس الضجيع وأعوذ بك من الخيانة فإنها يئست البطانة)
10وفي حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول اله صلي الله عليه وسلم قال ( لاتجوز شهادة خائن ولا خائنة ورد شهادة القانع والخادم والتابع لأهل البيت وأجازها لغيرهم )
11ومر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي كومة من الطعام فأدخل أصابعه فنالت أصابعه بللافقال :ماهذا يا صاحب الطعام؟ فقال:أصابته السماء يا رسول الله فقال :أفلا جعلته فوق الطعام حتي ريراه الناس من غشنا فليس منا )
12.من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدي الله عنه ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله .
مواقف من أمانة الصحابة رضوان الله عنهم
1.أمانة أبوعبيدة بن الجراح رضي الله عنه
وقد قال عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم (إن لكل أمة أمينا وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح .يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خاف بعد وفاة رسول الله من تفرق كلمة المسلمين فقال لأبي عبيدة :ابسط يدك لأبايعك فقال أبو عبيدة ماكنت أتقدم رجل أمره يول الله صلي الله عليه وسلم أن يؤمنا في الصلاة (يقصد أبا بكر الصديق )
2.وحين حانت وفاة سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه يقول لابنته عائشة رضي الله عنهما انظري هذه الناقة التي كنا نشرب من لبنها والجفنة التي نصطبغ فيها والقطيفة التي كنا نلبسها فإ كنا ننتفع بذالك حين كنا نلي أمر المسلمين فإذا مت فرديه إلي عمر فلما مات أبو بكر الصديق أرسلت السيدة عائشة بتلك الأشياء لسيدنا عمر فقال عمر : رحمك الله يا أبا بكر لقد أتعبت من جاء بعدك وقد صدق عمر رضي الله عنه .
3.أمانة سيدنا علي رضي الله عنه
كانت له بنت وحان وقت العيد ولم تجد ما تتزين به وقد رأت عقدا جميلا في بيت مال المسلمين فأرسلت إلي أمين بيت مال المسلمين أن يستعيره لها ثم ترده فأعاه لها فلما رآه سيدنا علي في جيد ابنته غضب وقال لها :من أين لك ذالك فأخبرته الخبر فغضب من أمين بيت مال المسلمين وقال : رده من يومه
ثم قال لابنته:لاتذهبي بنفسك عن الحق .أكل نساء المهاجرين والانصار يتزينون به في العيد .
4.أمانة عبد الله بن مسعود يوم كان راعيا لغنم عقبة بن أبي معيط فمر به رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق فقال له : (ياغلام هل من لبن ؟) قال ابن مسعود :نعم ولست بساقيكما لأني مؤتمن .فقال له رسول الله :هل من شاة لم ينز عليها الفحل ؟فأتاه بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في إناء فشرب وسقي أبا بكر الصديق ثم قال للضرع (اقلص ) فقلص ثم أتاه عبد الله ابن مسعود وقال :يا رسول الله علمني من هذا القول .قال فمسح علي رأسي وقال (يرحمك الله فإنكم غلام معلم )
5.أمانة معاذ بن جبل
لما أرسل عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلي بني كلاب ليقسم عليهم أعطيتهم وتوزع علي فقراءهم فأد معاذ ما عليه حتي أنه عاد وليس معه إلا حلسه علي رفبته فقالت له زوجته :أين ما جئت به مما يأتي به الولاة من الهدايا ؟
فقال له : معاذ الله لقد كان معي رقيب يحصر علي ويقصد بذالك الله جل جلاله
فأشاعت زوجته الخبر فبلغ ذالك عمر بن الخطاب فأرسل لمعاذ وقال له :أأنا بعثت معك رقيبا يحصي عليك
فقال معاذ :لم أجد شيئا أعتذر به إليها غير ذالك فضحك عمر وأعطاه شيئا وقال له :أرضها به
6.أمانة عامر بن عبد الله التميمي
لما جلس سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه في إيوان كسري يأمر بجمع الغنائم ليقسمها بين المجاهدين ويرسل الباقي إلي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا برجل يدخل عليهم يحمل صندوقا كبيرا مملوء بالجواهر والدرر وضعه بينهم وهم بالانصراف
فاندهشوا وقالوا له :أين وجدت هذا الكنز العظيم
قال :غنمته في المعركة في مكان كذا
فقالوا :وهل أخذت منه شيئا
فقال :هداكم الله والله إن هذا بما فيه وجميع ماملكته ملوك فارس لايساوي عندي قلامة ظفر
فقالوا :ومن أنت أكرمك الله
فأبي أن يخبرهم فعرفوا أنه التابعي الجليل الزاهد عامر بن عبد الله التميمي
7.أمانة عبد الله بن رواحة
لما بعث رسول الله صلي الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة إلي خيبر ليخرص ماعلي نخلها من ثمر فجمع له اليهود حليا من حلي نسائهم فقالوا :هاك هذا وخفف عنا وتساهل في التقدير
فقال :يامعشر يهود والله إنكم لمن أبغض خلق الله إلي ولكن ذالك لايحملني علي أن أحيف عليكم فأماا ما عرضتم علي من رشوة فإنها سحت وإننا لانأكلها
فقالوا :بهذا قامت السموات والارض
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
12-03-2010, 10:34 PM
الخلق الخامس عشر :الكرم والسخاء
قال الراغب الأصفهاني أن الكرم إسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه
وقال ابن مسكويه :الكرم إنفاق المال الكثير بسهولة من النفس في الأمور الجليلة القدر الكثيرة النفع
وقيل :هو التبرع بالمعروف قبل السؤال والإطعام في المحل والرأفة بالسائل مع بذل النائل
وقال أبوهلال العسكري أن الكرم هو الإعطاء بالسهولة عن طيب نفس قليلا كان أوكثيرا
وقيل هو إفادة ما ينبغي لالغرض فمن يهب المال لغرض جلبا للنفع أو خلاصا عن الذم فليس بكريم فالكريم من يوصل النفع بلا عوض
والفرق بين الجود والكرم أن الكرم إسم جامع لكل أفعال الخير أما الجود فهو كثرة العطاء من غير سؤال من قولك جادت السماء إذا جاءت بمطر كثير
منزلة هذا الخلق
الكرم من أحسن خصال المرء وأجود الناس من جاد بماله وصان نفسه عن مال غيره ومن جاد ساد ومن بخل رذل
ويظهر عيب المرء في الناس بخله ويستره عنهم جميعا سخاؤه
تغط بأثواب السخاء فإنني أري كل عيب والسخاء غطاؤه
ولابن حبان البستي رحمه الله كلمة رائعة يقول ما معناهها أن البخل شجرة نار أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن من أغصانها جره إلي النار والكرم شجرة في الجنة أغصانها في الدنيا فمن تعلق بغصن من أغصانها جره إلي الجنة والجنة دار الأسخياء
ولولم يكن من شرف الكرم سوي أن الله جل وعلا تسمي به لكفي هذا الخلق فخرا وعظمة
قال الغزالي حجة الإسلام رحمه الله (الكريم إسم من أسماء الله تعالي وهو الذي إذا قدر عفا وإذا وعد أوفي وإذا أعطي زاد علي منتهي الرجاء ولا يبالي كم أعطي ولمن أعطي وإن رفعت حاجة إلي غيره لايرضي وإذا جفي عاتب ولا يضيع من لاذ به والتجأ ويغنيه عن الوسائط والشفعاء فمن اجتمع له جميع ذالك لا بالتكلف فهو الكريم المطلق و وذالك لله تعالي فقط
من أعظم مني جوداً، الخلائق لي عاصون وأنا أكلأهم في مضاجعهم كأنهم لم يعصوني، وأتولى حفظهم كأنهم لم يذنبوا، أجود بالفضل على العاصي، وأتفضل على المسيء. من ذا الذي دعاني فلم ألبِّه، ومن ذا الذي سألني فلم أعطه، أنا الجواد ومني الجود، أنا الكريم ومني الكرم، ومن كرمي أني أعطي العبد ما سألني وأعطيه ما لم يسألني، ومن كرمي أني أعطي التائب كأنه لم يعصني، فأين عني يهربُ الخلق ؟ وأين عن بابي يتنحى العاصون
حث القرآن الكريم علي الكرم
1.قال تعالي :(من ذالذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له وله أجر كريم يوم تري المومنين يسعي نورهم بين أيديهم وإيمانهم بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذالك هو الفوز العظيم)
يكفي المؤمن شوقا وهمة عالية أن يطير إلي ربه جل وعلا ليقرضه .كيف وهو الكريم يسألنا أن نقرضه ونحن الفقراء وهو الغني الحميد
2.(إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم )يقول معاذ بن يحي .عجبت ممن يبقي معه المال وهو يسمع هاته الآية
3.(وسارعوا إلي مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والارض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين والغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)
4.(مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لايتبعون ما أنفقوا منا ولا أذي لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)
5.( وما تنفقوا من خير فلأنفسكم وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله وما تنفقو من خير يوف إليكم وأنتم لاتظلمون)
6.(ألم ذالك الكتاب لاريب فيه هدي للمتقين الذين يومنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يومنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك علي هدي من ربهم وأولئك هم المفلحون )
وقص المولي الكريم لنا قصتين بخلا فيها أهل المال بأموالهم فعاقبهم الله تعالي .
(واضرب لهم مثل الرجلين جعلنا لأحدهما جنتين من اعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا وفجرنا خلالهما نهرا وكان له ثمر فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا وما أظن الساعة قائمة ولئن رددت إلي ربي لأجدن خيرا منهما منقلبا قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا لكنا هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لاقوة إلا بالله إن ترني أنا أقل منك مالا وولدا فعسي ربي أن يوتني خيرا من جنتك ويرسل حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا أويصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا وأحيط بثمره فأصبح يقلب كفيه علي ما أنفق فيها وهي خاوية علي عروشها ويقول يا ليتني لم اشرك بربي أحدا ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله وما كان منتصرا )
والقصة الثانية في سورة القلم (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذا اقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم فتنادوا مصبحين أن اغدوا علي حرثكم إن كنتم صارمين فانطلقوا وهم يتخافتون ألا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا علي حرد قادرين فلما رأوها قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم علي بعض يتلاومون قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين عسي ربنا أن يبدلنا خيرا منها إنا إلي ربنا راغبون كذالك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لوكانوا يعلمون)
مظاهر الكرم في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
لقد مدح الله جل وعلا أصحابه فقال (ويؤثرون علي أنفسهم ولوكان بهم خصاصة )والإيثار من أعلي درجات الكرم ذالك أنك رغم احتياجك لهذا شيء لكن تؤثر به الآخرين عن نفسك
ووصف الله نبيه بأنه كريم (فلا أقسم بما تبصرون وما لاتبصرون إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تومنون)
ومن مظاهر الكرم عند رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.يروي لنا سهل بن سعد رضي الله عنه أنه :جاءت امرأة إلي النبي صلي الله عليه وسلم ببردة فقالت :يارسول الله أكسوك هذه .فأخذها النبي صلي الله عليه وسلم محتاجا إليها فلبسها فرآها رجل من أصحابه عليه فقال :يارسول الله ما أحسن هذه فاكسنيها .فقال النبي صلي الله عليه وسلم :نعم فلما قام رسول الله لامه أصحابه قائلين ما أحسنت حين رأيت النبي صلي الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته إياها فقال لهم : رجوت بركتها حين لبسه النبي صلي اله عليه وسلم لعلي أكفن فيها .وفي رواية فكانت كفنه .
2.ويروي لنا جابر بن عبد الله أن صبيا أتي النبي صلي الله عليه وسلم يقول له :إن أمي تستكسيك درعا فقال له رسول الله :من ساعة إلي ساعة يظهر فعد إلينا . فذهب الصبي ثم عاد فما كان من النبي صلي الله عليه وسلم سوي أن دخل بيته ونزع القميص وقعد في يته عريانا وأذن بلال للصلاة ولم يخرج

3. وفي رواية لجابر بن عبد الله يقول في ه\ا الحديث الطويل :(كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة غزاها مرتحلا على ناضح لنا سوء فلما قفلنا جعلت الرفاق تمضي وجعلت أتخلف فكنت في آخر القوم فأبطأ بي جملي حتى ذهب الناس فجعلت أرقبه ويهمني شأنه فقلت : لا يزال لنا ناضح سوء يا لهفاه. فمرّ بي النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : من هذا ؟ قلت : جابر بن عبد الله . فقال لي : يا جابر مالي أراك منكسراً ؟ قلت : يا رسول الله : أبطأ بي جملي هذا . قال : فأنخه وأناخ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ثم قال : أعطني هذه العصا من يدك أو قال : اقطع لي عصا من شجرة قال : ففعلت .فنفث فيها – أي العصا - فضربه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – برجله ودعا له فمشى مشية ما مشى قبل ذلك مثلها فكان من ذلك المكان من أول القوم – وفي رواية – حتى كان أول الجيش – وفي رواية مسلم – فكنت بعد ذلك أحبس خطامه لأسمع حديثه . فقال : كيف ترى بعيرك ؟ قلت : بخير قد أصابته بركتك .فقال : أتبيعني جملك هذا يا جابر ؟ قال : قلت : بل أهبه لك يا رسول الله قال : لا ولكن بعنيه قال قلت : فسمني به قال : قد قلت أخذته بدرهم قلت : لا إذاً أغبن يا رسول الله .قال : فبدرهمين قال : قلت : لا قال : فلم يزل يرفع لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى بلغ الأوقية وقال : لك ظهره حتى تصل المدينة . قال : قلت : فقد رضيت .

فلما دنونا من المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والتحية والإكرام . قال : ما يعجلك ؟ قال : كنت حديث عهد بعرس .قال : أبكراً أم ثيباً ؟ قال : ثيباً . قال : فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك قلت : يا رسول الله استشهد أبي وقتل يوم أحد وترك لي عيالاً وديناً . وكان قد استدعاني ليلة قتل فقال : ما أراني إلا مقتولاً في أول من يقتل من أصحاب – النبي صلى الله عليه وسلم – وإني لا أترك بعدي أعز عليّ منك غير نفس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإن عليّ دينا فاقض واستوص بأخواتك خيراً .فكرهت أن أجمع إليهن جارية خرقاء مثلهن ولكن امرأة تقوم عليهن وتمشطهن – وفي رواية أحمد - : فتزوجت ثيباً تقصع قملة إحداهن وتخيط درع إحداهن إذا تخرق .فقال : بارك الله لك – وفي رواية – أصبت ونعم ما رأيت . قال : إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت يداك .فلما ذهبنا لندخل قال : أمهلوا حتى تدخلوا ليلاً أي عشاء لكي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة .

فلما أمسى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – دخل ودخلنا معه وأخبرت خالي ببيع الجمل فلامني . فأخبرت المرأة بالحديث وما قال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قالت : فدونك سمعاً وطاعة . قال فلما أصبحت أخذت برأس الجمل حتى أنخته على باب المسجد . ثم جلست في المسجد قريباً منه.وخرج رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال : ما هذا . قالوا : يا رسول الله هذا جمل جابر . قال : فأين جابر ؟ فدعيت له قال : تعال يا ابن أخي خذ برأس جملك فهو لك – وفي رواية – أتراني ماكستك ؟ ما كنت لآخذ جملك .ودعا بلالا فقال : اذهب بجابر فأعطه أوقية فذهبت معه فأعطاني أوقية وزادني . قال : فوالله ما زال ينمي عندنا ونرى مكانه من بيتنا . وفي رواية – قال جابر : لا تفارقني زيادة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فلم يكن القيراط يفارق جراب جابر بن عبد الله .
4.ويخبرنا أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلي الله عليه وسلم غنما له فأعطاه غنما بين جبلين فأتي قومه فقال :يا قوم أسلموا فوالله إن محمد ليعطي عطاء من لا يخاف الفاقة وإن الرجل ليجيء إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يريد إلا الدنيا فما يمسي حتي يكون دينه أحب إليه أو أعز عليه من الدنيا وما فيها
5.وقصة سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه لما أصابه جوع شديد واستقرأ عمر بن الخطاب آية مايريد سوي أن يعرف حاله من الجوع فأقرأه عمر بن الخطاب الآية ولم يكتشف أنه جائع حتي رآه رسول الله فعلم مابه ف\هب به إلي بيته وأتاه بإناء فيه لبن وبقي يؤكد عليه أن يشرب حتي شبع
عن أبي هريرة أصابني جهد شديد فلقيت عمر بن الخطاب فاستقرأته آية من كتاب الله فدخل داره وفتحها علي فمشيت غير بعيد فخررت لوجهي من الجهد والجوع فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على رأسي فقال يا أبا هريرة فقلت لبيك رسول الله وسعديك فأخذ بيدي فأقامني وعرف الذي بي فانطلق بي إلى رحله فأمر لي بعس من لبن فشربت منه ثم قال عد يا أبا هر فعدت فشربت ثم قال عد فعدت فشربت حتى استوى بطني فصار كالقدح قال فلقيت عمر وذكرت له الذي كان من أمري وقلت له فولى الله ذلك من كان أحق به منك يا عمر والله لقد استقرأتك الآية ولأنا أقرأ لها منك قال عمر والله لأن أكون أدخلتك أحب إلي من أن يكون لي مثل حمر النعم
6.ويروي لنا عمر بن الخطاب رضي الل عنه قائلا :قسم رسول الله صلي الله عليه وسلم قسما فقلت :والله يارسول الله لغير هؤلاء كان أحق به منهم
قال lنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني فلست بباخل )
7.
يقول المقداد رضي الله عنه وأرضاه: (أقبلت أنا وصاحبان لي.. وفي رواية: قدمت أنا وصاحبان لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأصابنا جوعٌ شديدٌ، فتعرضنا للناس، فلم يضفنا أحد.. وفي رواية لـمسلم : أقبلت أنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، ومن الجوع والمشقة -ولا شك أن الجوع يؤثر على سمع الإنسان وبصره- فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليس أحدٌ منهم يقبلنا..) كل الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا من الفقراء، وهذا يبين الشدة التي كان عليها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، والفقر الذي عاينوه ولاقوه، ومع ذلك صبروا على الدعوة، وعلى العلم مع النبي صلى الله عليه وسلم، ما وُجِدَ أحد يستطيع أن يطعمهم؛ لأن كل الذين عرضوا عليهم كانوا مقلين ليس عندهم شيءٌ يواسون به، ما هناك أحد عنده طعام زائد يعطي هؤلاء، جاء هؤلاء الثلاثة: المقداد وصاحباه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولما لم يجدوا أحداً يقبلهم، قال: (فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق بنا إلى أهله..) وهكذا كان عليه الصلاة والسلام يفعل، يأتيه الرجل الجائع ولا يوجد من يطعمه، فيذهب به إلى أهله، قال: (فإذا ثلاثة أعنز -والعنز هي: الشاة أنثى الماعز التي بلغت سنة يطلق عليها عنزٌ- وفي رواية: أربعة أعنز- فلعل واحدةً أضيفت بعد ذلك- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال: فكنا نحتلب، فيشرب كل إنسان منا نصيبه.. وفي رواية: فقال لي: يا مقداد ! جزأ ألبانها بيننا أرباعاً، فكنت أجزؤه بيننا أرباعاً) ثلاثة أعنز تحلب والحليب الذي ينتج منها يقسم إلى أربعة أقسام: للنبي صلى الله عليه وسلم قسم، وللمقداد قسم، ولصاحبيه قسمان.. يقول المقداد رضي الله عنه وأرضاه: (فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة -أي: تأخر عن موعد عودته المعتاد- فحدثت نفسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض الأنصار، فأكل حتى شبع، وشرب حتى روي، فلو شربت نصيبه..). شرب المقداد شرب نصيبه الخاص به، وأبقى نصيب النبي عليه الصلاة والسلام، ولما تأخر النبي عليه الصلاة والسلام ذات ليلة، قال: جاءني وارد في نفسي أنه عليه الصلاة والسلام قد دعي إلى عشاء هذه الليلة، وأنه قد أكل حتى شبع، وشرب حتى روي، فلو أنني شربت نصيبه، وفي رواية مسلم : (فكنا نحتلب، فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه، فيجيء من الليل -هذه العادة النبوية- فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان -لا يكون بصوت مرتفع، ولا بهمس، وإنما يسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان- ثم يأتي المسجد فيصلي، ثم يأتي شرابه فيشرب، فأتاني الشيطان ذات ليلة، وقد شربت نصيبي، فقال: محمدٌ يأتي الأنصار فيتحفونه -والشيطان لا يقول: صلى الله عليه وسلم، أي: محمد صلى الله عليه وسلم ليس عليه خوف، الناس كلهم يضيفونه- ويصيب عندهم -أي: يطعم عندهم- ما به حاجة إلى هذه الجُرعة..) أو الجَرعة، والفعل منه: جرعت، وهي: الحثوة من المشروب. وسوس الشيطان للمقداد وقال: ما بمحمد حاجة إلى هذه الجرعة، أكيد أنه الآن قد شبع، قال: (فأتيتها فشربتها.. وفي رواية: فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته، ثم غطيت القدح...) يقول: في النهاية استسلمت لهذا الرأي، ولهذا الوارد، وأتيت إلى نصيب النبي صلى الله عليه وسلم فشربته وغطيت القدح، قال: (فلما أن وغلت في بطني -أي: دخلت بطني وتمكنت من بطني- وعلمت أنه ليس إليها سبيل، ندمني الشيطان.. وفي رواية: فلم أزل كذلك حتى قمت إلى نصيبه فشربته ثم غطيت القدح، فلما فرغت، أخذني ما حدث، فقلت: يجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم جائعاً ولا يجد شيئاً! وفي رواية أخرى لـأحمد يقول: فلما وغلت في بطني -أي: الشربة- وعرف -أي: الشيطان- أنه ليس إليها سبيلٌ، ندمني، فقال: ويحك! ما صنعت؟ شربت شراب محمد، فيجيء ولا يراه، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك.. وفي رواية مسلم قال: ندمني الشيطان، فقال: ويحك! ما صنعت؟ أشربت شراب محمد فيجيء، فلا يجده، فيدعو عليك فتهلك، فتذهب دنياك وآخرتك، قال: وعليَّ شملة -أي: كساء يتغطى ويلتف به- إذا وضعتها على قدمي خرج رأسي، وإذا وضعتها على رأسي خرجت قدماي -أي: أن الذي عنده كساءٌ قصيرٌ لا يكفي، وهذا من فقره رضي الله عنه- وفي رواية أحمد: وعليَّ شملةٌ من صوف، كلما رفعتها على رأسي خرجت قدماي، وإذا أرسلتها على قدميَّ خرج رأسي، وجعل لا يجيء لي نومٌ.. وفي رواية مسلم: وجعل لا يجيء لي النوم، وأما صاحباي فناما ولم يصنعا ما صنعت -أنا الذي أجرمت وأذنبت، وأخذت شربة النبي صلى الله عليه وسلم- فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، فسلَّم كما كان يسلِّم، ثم أتى المسجد فصلى، ثم أتى شرابه، فكشف عنه فلم يجد فيه شيئاً، فرفع رأسه إلى السماء، فقلت: الآن يدعو عليَّ فأهلك، حضرت ساعة الموت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني، فلما سمع هذه الدعوة، قال: اغتنمت الدعوة -وذلك لأن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم مستجابة- فعمدت إلى الشملة، فشددتها عليَّ -تأهب- وأخذت الشفرة -أي: السكين- فانطلقت إلى الأعنز أيها أسمن فأذبحها للرسول صلى الله عليه وسلم -مع أنها ليست ملكه- فجعلت أجتسها أيها أسمن..) وهو يجتسها فوجئ بمفاجئة غريبة جداً، كان قد حلب الأعنز قبل قليل، وقسم اللبن وشرب نصيبه ونصيب الرسول صلى الله عليه وسلم، والعنز إذا حلبت تحتاج حتى يمتلئ ضرعها مرة أخرى إلى يوم، أو بعض يوم، فيقول: (فلا تمر يدي على ضرع واحدةٍ إلا وجدتها حافلاً -أي: ممتلئة باللبن، والحيوان كثير اللبن يقال له: حافل، والجمع: حفل- وإذا هنُّ حفلٌ كلهن -أي: كل الأعنز ممتلئة الضرع باللبن- فعمدت إلى إناء لآل محمد صلى الله عليه وسلم، ما كانوا يطمعون أن يحتلبوا فيه -إناء كبير- فحلبت فيه حتى علته رغوة -وهو زبد اللبن الذي يعلو اللبن بعد حلبه، يقال: رغوة، أو رِغوة، أو رُغوة، أو رُغاية، أو رِغاوة، كلها صحيحة- فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء اللبن، فقال: أشربتم شرابكم الليلة؟ قال: قلت: يا رسول الله! اشرب -ما أجاب، هرب من الجواب- فشرب ثم ناولني، فقلت: يا رسول الله! اشرب، فشرب ثم ناولني، فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي.. وفي رواية: فقلت: اشرب يا رسول الله! فشرب عليه الصلاة والسلام حتى تضلع صلى الله عليه وسلم، فلما عرفت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي وأصبت دعوته: اللهم أطعم من أطعمني، واسق من سقاني، ضحكت حتى استلقيت على الأرض من الضحك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إحدى سوءاتك يا مقداد ! -أكيد أنك فعلت سوءةً من الفعلات، هذه الضحكة ما وراءها إلا فعلة فعلتها وسوءة أقدمت عليها، فما هي؟- قال: فقلت: يا رسول الله! كان من أمري كذا وكذا وفي رواية: فقال: ما الخبر؟ فأخبرته، فقال صلى الله عليه وسلم: هذه بركة وفي رواية: ما هذه إلا رحمةٌ من الله، أفلا كنت آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان منها؟ فقلت: والذي بعثك بالحق ما أبالي إذا أصبتَها وأصبتُها معك من أصابها من الناس) بعدما أصابتني البركة الآن وأصابتني دعوتك لا أبالي بعد ذلك شرب من شرب.
يقول الشاعر :
تعود بسط الكف حتي ولو أنه ثناها لقبض لم تجبه أنامله
تراه إذا ماجئته متهللا كأنك تعطيه الذي أنت سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته فلجته المعروف والجود ساحله
ولم لم يكن في كفه غير روحه لجاد بها فليتق الله سائله
8.وفي مغازي الواقدي أن صفوان طاف مع النبي صلي الله عليه وسلم يتصفح الغنائم يوم حنين إذ مر بشعب مملوء إبلا وغنما فأعجبه فجعل ينظر إليه فقال صلي الله عليه وسلم : (أعجبك هذا الشعب يا أبا وهب ؟قال :نعم قال :هو لك بما فيه
فقال صفوان :أشهد أنك رسول الله ما طابت بهذا نفس أحد قط إلا نفس نبي

9.ويروي لنا أبو سعيد الخدري رضي الله عنه فيقول : سأل ناس من الأنصار رسول الله صلي الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم ثم سألوه فأعطاهم حتي نفد ما عنده فقال (ما يكون عندي من خير فلن أدخره عليكم ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يصبر يصبره الله )
10.وجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم مال من البحرين فقال : (انثروه في المسجد ) فجاء العباس رضي اللهعنه فقال :يارسول الله أعطني إني فاديت نفسي وفاديت عقيلا في غزوة بدر فقال له النبي صلي الله عليه وسلم (خذ ) فحثا ثوبه ثم ذهب يقوم فلم يستطع فقال : يارسول الله أأمر بعضهم يرفعه إلي فقال رسول الله : لا قال :فارفعه أنت إلي قال : (لا) فنثر منه ثم احتمله علي كاهله ورسول الله ينظر إليه عجبا من شدة حرصه فما قام رسول الله من المسجد حتي لم يبق درهم
11. وتروي لنا السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله أمرها أن تتصدق بذهب عندها قالت : فأفاق فقال : ما فعلت ؟.قالت :شغلني ما رأيت منك أي من مرضك قال :فهلم بها قالت :فجئت بها إليه سبعة أوتسعة دنانير فقال حين جئت بها (ما ظن محمد لو لقي الله وهذه الدنانير عنده).
12.وعن عائشة رضي الله عنها قالت :ذبحوا شاة فقلت :يارسول الله مابقي إلا كتفها قال :كلها قد بقي إلا كتفها
13.وعن الزهري قال : إن جبريل عليه السلام قال :ما في الأرض أهل عشرة أبيات إلا قلبتهم فما وجدت أحد أشد إنفاقا لهذا المال من رسول الله صلي الله عليه وسلم
14.وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله استضاف ضيفا كافرا فأمر له رسول الله صلي الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أخري فشرب حلابها حتي شرب حلاب سبع شياه ثم إنه أضبح فأسلم فأمر له رسول الله صلي الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب حلابها ثم أمر له بأخري فلم يستتمها فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (المؤمن يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء )
جود الصحابة الكرام
1.أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق ، فوافق ذلك مالا عندي فقلت : اليوم اسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ابقيت لأهلك؟"
فقلت مثله يا رسول الله قال عمر و اتى ابو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ابقيت لأهلك؟" قال : ابقيت لهم الله و رسوله... قلت : لا اسابقك الى شيئ ابدا.
2- عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
عن ميمون بن مهران قال دخلت بيت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فما كان فيه ما يسوي ساجي هذا و لقد جاءته عشرون الفا من بعض الامراء فامر بها فقسمت و نسي اهل بيت كان يعطي مستقرض الف فاعطاهم
و لعبد الله بن عمر قصص كثيرة في الكرم عن سعيد بن هلال أن عبد الله بن عمر نزل الجحفة وهو شاك فقال :إني لأشتهي الحيتان فإلتمسوا له فلم يجدوا له الا حوتا واحدا فأخذته امرأة فصنعته ثم قربته اليه فأتاه مسكين حتى وقف عليه فقال له ابن عمر خذه فقال اهله سبحان الله قد عنيتنا و معنا زاد نعطيه فقال ان عبد الله يحبه
3- جعفر بن ابي طالب :
قال ابو هريرة رضي الله عنه كنا نسمي جعفر أبا المساكين و كان يذهب بنا الى بيته فإذا لم يجد لنا شيئا أخرج الينا عكة اثرها عسل قال فشققناها و جعلنا نلعقها .
حتى أن أبا هريرة يقول في معنى كلامه ليس بغد رسول الله افضل جودا وكرما من جعفر بن ابي طالب .
فلما عوتب في ذلك قال يا هؤلاء اني عودت الله عادة وعودني عادة و اني اخاف اتن قطعتها قطعني
4- زين العابدين بن الحسين رضي الله عنهما "
كان علي بن الحسين يحمل جراب خبز على ظهره بالليل فيتصدق بها ويقول ان صدقت السر تطفئ غضب الرب عز وجل
و لما مات علي بن الحسين فغسلوه جعلوا ينظرون الى اثر سواد بظهره فقالوا ما هذا قال احدهم : كان يحمل جرب الدقيق ليلا على ظهره يعطيه فقراء المدينة
5- عبد الله بن المبارك :
قال محمد بن عيسى: كان ابن المبارك كثير الاختلاف إلى طرسوس، وكان ينزل الرقة في خان، فكان شاب يختلف إليه، ويقول بحوائجه، ويسمع منه الحديث فقدم عبد الله مرة فلم يره، فخرج في النفير مستعجلا، فلما رجع سأل عن الشاب، فقيل: محبوس على عشرة آلاف درهم، فاستدل على الغريم، ووزن له عشرة آلاف، وحلّفه ألا يخبر أحدا ما عاش، فأخرج الرجل.
وسار ابن المبارك، فلحقه الفتى على مرحلتين من الرقة، فقال له: يا فتى أين كنت، لم أرك؟ قال: يا كنت محبوسا بدين، قال: وكيف خلصت قال: جاء رجل فقضى ديني ولم أدر، قال: فاحمد الله، ولم يعلم الرجل إلا بعد موت جاءه رجل فسأله أن يقضي دينا عليه، فكتب إلى وكيل له، فلما رد على الكتاب، قال له الوكيل: كم الدين الذي سألته قضاءه، قال: سبع مائة درهم، وإذا عبد الله قد كتب له أن يعطيه سبعة آلاف درهم فراجعه الوكيل وقال: إن الغلات قد فنيت، فكتب إليه عبد الله: إن كان الغلات قد فنيت فإن العمر أيضا قد فني، فأجز له ما سبق به قلمي.عبد الله.
6.كرم الإمام الشافعي
قال الحميدي : قدم الشافعي من صنعاء إلى مكة بعشرة آلاف في منديل فضرب خباءه خارجا من مكة , فكان الناس يأتونه فما برح حتى ذهبت كلها , ثم دخل مكة .
قال المزني : مارأيت أكرم من الشافعي خرجت معه ليلة عيد من المسجد وأنا أذاكره في مسألة حتى أتيت باب داره فاتاه غلام بكيس , فقال له : سيدي يقرئك السلام ويقول لك :
خذ هذا الكيس , فأخذه منه فأتاه رجل فقال : يا أبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة , وليس عندي شئ فدفع إليه الكيس , وصعد وليس معه شئ .
7.كرم الليث بن سعد
حكى أن امرأة سألت الليث بن سعد (رحمه الله) شيئًا من عسل، فأمر لها بزق من عسل.

فقيل له: إنها كانت تقنع بدون هذا

فقال: إنها سألت على قدر حاجتها، ونحن نعطيها على قدر النعمة علينا.

وكان الليث بن سعد لايتكلم كل يوم حتى يتصدق على ثلاثمائة وستين مسكينًا.
8.كرم الإمام جعفر الصادق
كان رحمه الله من أسخي الناس يتصدق بكل ما يجد حتي لا يبقي لعياله شيئا
وكان يقول :5استنزلوا الرزق بالصدقة وحصنوا أموالكم بالزكاة وما عال من اقتصد والتقدير نصف المعيشة –
من أقوال النبي صلي الله عليه وسلم في الكرم
1.لما سأله رجل أي الإسلام خير فقال : 5تطعم الطعام وتقرأ السلام علي من عرفت ومن لم تعرف
2.ويقول لأصحابه عليه الصلاة والسلام 5إن في الجنة غرفا يري ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها .فقيل :لمن هي يارسول الله ؟قال lلمن أطعم الطعام وأفشي السلام ووصل الأرحام وصلي ركعات بالليل والناس نيام).
3.ويوصي أباذر الغفاري رضي الله عنه بأن يكون كريما مع جيرانه فيقول له : (يا أباذر إذا عملت مرقة فأكثر ماءها واغترف لجيرانك منها )
4.(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
5.وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (من كان عنده فضل ظهر فليعد به علي من لاظهر له ومن كان عنده فضل زاد فليعد به علي من لازاد له )حتي ظن الصحابة الكرام أنه لافضل لأحد علي أحد
6.ويقول لأسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (انفقي ولا تحصي فيحصي الله عليك ولا توعي فيوعي الله عليك )
7.وفي رواية للبيهقي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لبلال (أطعمنا يا بلال ) فقال بلال :ما عندنا إلا صبر من تمر خبأته لك
فقال له النبي صلي الله عليه وسلم (أعد ذالك لأضيافك .أنفق بلالا ولا تخش من ذي العرش إقلالا)
8.(المؤمن غر كريم والفاجر خب لئيم )
9.وجيء بالسائب بن عبد الله إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فجعل عثمان بن عفان وزهير رضي الله عنهما يثنون عليه فقال لهم رسول الله : (لاتعلموني به .قد كان صاحبي في الجاهلية ) فقال السائب بن عبد الله : نعم يارسول الله فنعم الصاحب كنت
ثم قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم : (ياسائب أنظر أخلاقك التي كنت تصنعها في الجاهلية فاجعلها في الإسلام .أقر الضيف وأكرم اليتيم وأحسن إلي جارك
10.وقال رسول الله : (إياكم والشح فإنما أهلك الذين من كان قبلكم حملهم علي أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم
11.وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : (لا يدخل الجنة بخيل ولا خب ولا خائن ).
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
13-03-2010, 06:19 PM
الخلق السادس عشر
قال الراغب :العفو هو ترك المؤاخذة بالذنب
وقال المناوي : العفو هو القصد لتناول الشيء والتجاوز عن الذنب
وقال القرطبي :هو إزالة أثر الذنب من النفس
وقال الراغب :الصفح ترك الذنب
وقيل هو كف الضرر مع القدرة عليه وكل من استحق عقوبة فتركها فهذا الترك يسمي عفوا
قال الفيرزآبادي :والصفح أبلغ من العفو وقد يعفوا الإنسان ولا يصفح لأن الصفح تجاوز عن الذنب بالكلية واعتباره كأن لم يكن لكن العفو يقتضي إسقاط اللوم والذم فقط ولا يقتضي حصول الثواب
والحق أن هذا التعريف فيه نظر لأن العلماء حين يأتون إلي قول النبي صلي الله عليه وسلم (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا )قالوا : أن العفو هو أعلي درجات الصفح والتجاوز والمغفرة
منزلة العفو بين الأخلاق الإسلامية
بالعفو تسود المحبة وتنتشر الرحمة ويسود الأمن والاستقرار ويعيش المجتمع في جو من الأمن والأمان ومتي كان الأمن كان التطور والابتكار والسعادة .ومتي كان الخوف كثرت الجرائم والشكوك وعم الفقر والفاقة والعياذ بالله .وقد جربت الأمم نعمة الأمن ونقمة الخوف والرعب
وفي الحديث الشريف المشهور (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي
ولقد اتصف الله جل جلاله بالعفو .قال تعالي (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم ) وقال : (إن الله كان عفوا غفورا )
وقال عز من قائل lوكان الله عفوا غفورا )
لو تأملنا صيغة (العفو ) فهي من فعول وهي صيغة مبالغة وتعني أن الله كثير العفو .كيف لا وهو العفو عن عباده يذنبون ويرزقهم .ويرتكبون المعاصي وإن استغفروه غفر لهم .ويجحدونه ويمهلهم ويسبونه ويغدق عليهم النعم وإن عادوا وتابوا عفا عنهم .
قال تعالي : (ولويؤاخذ الله الناس بظلمهم ماترك عليها من دابة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمي )
وقال تعالي : (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك علي ظهرها من دابة )
وقد عفا الله جل جلاله عن الذين تولوا يوم أحد
قال الله : (إن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم )عفا الله عنهم ولم يعفوا عن رؤوسهم كأبي بن سلول لأن البعض تولي معه يوم أحد لظروف متعددة ثم ندموا علي ذالك فعفا الله عنهم
وعفا عمن خالف أمر رسول الله يوم أحد ولم يلزم الجبل (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتي إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أريكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذوفضل علي المؤمنين)
ومن روعة عفوه سبحانه وتعالي يقول لعبده المؤمن يوم القيامة (سترتها عليك في الدنيا وأنا اليوم أغفرها لك )
قال الغزالي رحمه الله في كتابه (المقصد الأسني في أسماء الله الحسني ):العفو صفة من صفات الله عز وجل وهو الذي يمحوا السيئات ويتجاوز عن المعاصي وهو قريب من الغفور .ولكنه أبلغ منه فإن الغفران ينبيء عن الستر والعفو ينبيء عن المحو والمحو أبلغ من الستر وحظ العبد من ذالك لايخفي وهو أن يعفوا عن كل من ظلمه بل يحسن إليه كما يري الله تعالي محسنا في الدنيا إلي العصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة بل ربما يعفوا عنهم بأن يتوب عليهم وإذا تاب عليهم محا سيئاتهم إذ التائب من الذنب كمن لاذنب له وهذا غاية المحو للجناية.
الآيات الواردة في «العفو»
العفوّ من أسماء اللّه تعالى:
1- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (43) «1»
2- إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99) «2»
3- إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (149) «3»
4- الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (2) «4»
العفو بمعنى الصفح:
5- وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ (51) ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) «5»
6- وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109) «6»
7- أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ
__________
(1) النساء: 43 مدنية
(2) النساء: 97- 99 مدنية
(3) النساء: 149 مدنية
(4) المجادلة: 2 مدنية
(5) البقرة: 51- 52 مدنية
(6) البقرة: 109 مدنية

ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (187) «1»
8- آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (286) «2»
9- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130) وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132)
* وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136) «3»
10- وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)* إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (153)
__________
(1) البقرة: 187 مدنية
(2) البقرة: 285- 286 مدنية
(3) آل عمران: 130- 136 مدنية

* إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (153) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (154) إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155) «1»
11- فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) «2»
12- يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً (153) «3»
13-* وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (12) فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13) وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
__________
(1) آل عمران: 152- 155 مدنية
(2) آل عمران: 159 مدنية
(3) النساء: 153 مدنية

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ
السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ
(16) «1»
14- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْ ءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (94) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95) أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96) «2» 15- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (102) «3»
16- انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (42) عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ (43) «4»
17-* ذلِكَ وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) «5»
18- وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (22) «6»
__________
(1) المائدة: 12- 16 مدنية
(2) المائدة: 94- 96 مدنية
(3) المائدة: 101- 102 مدنية
(4) التوبة: 41- 43 مدنية
(5) الحج: 60 مدنية
(6) النور: 22 مدنية

19- وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ وَيَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ (26)* وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27) وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (28) وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (29) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (30) وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (31) وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (32) إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33) أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (34) وَيَعْلَمَ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِنا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ (35) «1»
20- وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40)
وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) «2»
21- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) «3»
العفو بمعنى الترك:
22- يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179) «4»
__________
(1) الشورى: 25- 35 مكية
(2) الشورى: 40- 43 مكية
(3) التغابن: 14- 15 مدنية
(4) البقرة: 178- 179 مدنية

23- لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (237) «1»
العفو بمعنى الفاضل من المال
24-* يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ماذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ
(219) «2»
25- إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ (197) وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَسْمَعُوا وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (199) «3»
__________
(1) البقرة: 236- 237 مدنية
(2) البقرة: 219 مدنية
(3) الأعراف: 196- 199 مكية

الآيات الواردة في «الغفران»
26- وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) «1»
27-* قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (263) «2»
28- فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ وَإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37)
وَالَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (38) وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (42) وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (43) «3»
29- قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (14) مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ (15)
مظاهر العفو الصفح في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم
لما نزل قول الله تعالي (خذ العفو امر بالعرف واعرض عن الجاهلين)سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم سيدنا جبريل عليه السلام عن معني الآية فأخبره (أن تعفوا عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك)
وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها (ما رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم منتصرا لمظلمة ظلمها قط.مالم تنتهك محارم الله فإذا انتهك شيء من محارم الله كان أشدهم في ذالك غضبا).
وقد أمره الله بالعفو والصفح ووصفه بذالك فقال lولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم )
وقال جل من قائل (فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين)
وقال سبحانه وتعالي : (يا ؟أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفوا عن كثير )
وجاء وصفه في التوراة(إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولى سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله تعالى حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتحوا بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا)
ومن مظاهر هذا العفو والصفح ما يلي :
  • ن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- قال: كنت أمشي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم ضحك، ثم أمر له بعطاء
وفي رواية أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له: ويقاد منك يا أعرابي . قال الأعرابي :لا قال :ولم ؟ لأنك لاتكافيء السيئة بالسيئة ولكنك تعفوا وتصفح
2.
في يوم ... خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في غزوه...
فلما كانو في طريق دعوتهم... نزلو في وادي كثير الشجر...
فتفرق الصحابه تحت الشجر وناموا... وأقبل صلى الله عليه وسلم إلى شجره فعلق
سيفه بغصن من أغصانها... وفرش رداءه ونام...
في هذه الأثناء... كان رجل من المشركين يتبعهم ... فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم
خالياً أقبل يمشي بهدوء... حتى التقط السيف من على الغصن...
وصاح بأعلى صوته : يامحمد... من يمنعك مني؟
فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم... والرجل قائم على رأسه...
والسيف في يده... يلتمع منه الموت... وكان الرسول صلى الله عليه وسلم وحيداً..
ليس عليه إلا إزرار... فأصحابه متفرقون عنه نائمون... والرجل يعيش نشوة القوة و
الأنتصار..
ويردد: من يمنعك مني؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل ثقه: الله...
فانتفض الرجل وسقط السيف...
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم والتقط السيف وقال: من يمنعك مني
فتغير الرجل واضطرب وأخذ يسترحم النبي صلى الله عليه وسلم... ويقول: لاأحد..
كن خير آخذ..
فقال له صلى الله عليه وسلم: تسلم؟
قال: لا... ولكن لا أكون في قوم هم حرب لك.. فعفا عنه صلى الله عليه وسلم...
وأحسن إليه...
وكان الرجل ملكا في قومه...
فانصرف إليهم فدعا إليهم الإسلام ... فأسلمو.....
3.ولما فتح رسول الله صلي الله عليه وسلم مكة قال :يا أهل مكة ماتظنو أني فاعل بكم ؟قالوا :أخ كريم وابن أخ كريم حينئذ قال لهم قولته الخالدة (أقول لكم كما قال يوسف من ذي قبل (قال لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )اذهبوا فأنتم الطلقاء )
4. وعن وحشي قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : وحشي ، قلت نعم ، قال : قتلت حمزة ، قلت نعم . والحمد لله الذي أكرمه بيدي ولم يهني بيده . قالت له قريش : أتحبه وهو قاتل حمزة ؟! فقلت : يا رسول الله فاستغفر لي فتفل في الأرض ثلاثة ودفع في صدري ثلاثة وقال : وحشي أخرج فقاتل في سبيل الله كما قاتلت لتصد عن سبيل الله .
وقد عوض الله وحشي خيرا بأن قتل أخبث من في الأرض بعد أن قتل أطهر من في الأرض.فقد قتل بعد إسلامه مسيلمة الكذاب
5. أن امرأة يهودية أهدت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاة مصلية بخيبر ، فقال لها : " ما هذه ؟ " ، قالت : هدية ، وحذرت أن تقول من الصدقة ، فأكل وأكل أصحابه ، ثم قال لهم : " أمسكوا " ، ثم قال للمرأة : " هل سممت هذه الشاة ؟ " ، قالت : من أخبرك ؟ ، قال : " هذا العظم " لساقها أو هو في يده ، قالت : نعم ، قال : " لم ؟ " ، قالت : قلت : إن كنت كاذبا أن يستريح الناس منك ، وإن كنت نبيا لم يضرك ، فاحتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - على الكاهل ، وأمر أصحابه فاحتجموا ، فمات بعضهم . قال الزهري : " وأسلمت المرأة ، فذكروا أنه قتلها " .
وفي رواية أنه عفا عنها
6. عن عبد الله قال ثم لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه وقال إذا فرغت منه فآذنا فلما فرغ آذنه به فجاء ليصلي عليه فجذبه عمر فقال أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فنزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره فترك الصلاة عليهم )). وهو موجود كتاب الجنائز ج1 ص 427 باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف ومن كفن بغير قميص لحديث برقم 1210 (( حدثنا مسدد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثني نافع عن بن عمر رضي الله عنهما ثم أن عبد الله بن أبي لما توفي جاء ابنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم قميصه فقال آذني أصلي عليه فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضي الله عنه فقال أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين قال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فصلى عليه فنزلت ولا تصل على أحد منهم مات أبدا
ما روعها من أخلاق طيبة.سبحان الله رغم التاريخ الأسود لابن أبي بن سلول ومؤآمراته وتخطيطاته وتحالفاته مع اليهود وتثبيطه للمسلمين ومع ذالك بعد موته يتعامل معه رسول الله صلي الله عليه وسلم هكذا
حقا تلك التي بلغت به وهي التي لا يطيقها أغلب الناس .
7. عن أبي هريرة قال: كان إسلام ثمامة بن أثال الحنفي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا الله حين عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما عرض أن يمكنه منه وكان عرض لرسول الله وهو مشرك فأراد قتله فأقبل ثمامة معتمرا وهو على شركه حتى دخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر به فربط إلى عمود من عمد المسجد فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه فقال: " ما لك يا ثمام هل أمكن الله منك " فقال: قد كان ذلك يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالا تعطه فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه حتى إذا كان من الغد مر به فقال: " ما لك يا ثمام " قال: خير يا محمد ؛ إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر. وإن تسألا مالا تعطه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة: فجعلنا المساكين. نقول بينن: ما نصنع بدم ثمامة والله لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة فلما كان من الغد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ما لك يا ثمام " قال: خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تعف تعف عن شاكر وإن تسأل مالا تعطه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أطلقوه قد عفوت عنك يا ثمامة "

فخرج ثمامة حتى أتى حائطا من حيطان المدينة فاغتسل فهي وتطهر وطهر ثيابه ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد فقال: يا محمد لقد كنت وما وجه أبغض إلي من وجهك ولا دين أبغض إلي من دينك ولا بلد أبغض إلي من بلدك ثم لقد أصبحت وما وجه أحب إلي من وجهك ولا دين أحب إلي من دينك ولا بلد أحب إلي من بلدك ؛ وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا رسول الله إني كنت خرجت معتمرا وأنا على دين قومي فأسرني أصحابك في عمرتي ؛ فسيرني صلى الله عليك في عمرتي فسيره رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرته وعلمه فخرج معتمرا فلما قدم مكة وسمعته قريش يتكلم بأمر محمد قالو: صبأ ثمامة فقال: والله ما صبوت ولكنني أسلمت وصدقت محمدا وآمنت به والذي نفس ثمامة بيده لا تأتيكم حبة من اليمامة وكانت ريف أهل مكة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة فجهدت قريش فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم إلا كتب إلى ثمامة يخلي لهم حمل الطعام ؛ ففعل ذلك رسول الله...
8.ومن مظاهر عفوه أنه لما سحره أحد اليهود (والقصة فيها ختلاف كبير) حتي أنه كان يخيل له أنه يأتي النساء ولا يأتيهن. فنزلت المعوذتين وأبطل الله ذالك السحر فقيل له : أفلا تنشرت ؟ بمعني استخرجت دفين ذالك السحر ليراه الناس
فقال (أما الله فقد شفاني أكره أن أثر علي أحد من الناس
9.وفي صلح الحديبية هبط علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ثمانون رجلا من أهل مكة بالسلاح من قبل جبل التنعيم فدعا عليهم رسول الله فأخذهم الصحابة إلي رسول الله فعفا عنهم ونزل قول الله جل جلاله ( وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكجة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرا )
10.وقصة سهيل بن عمرو كان رجلا فصيحا فاحشا لما وقع يوم بدر أسيرا قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (دعني يارسول الله أنزع ثنتيه فلا يقوم عليك خطيبا بعد يوم .لكن رسول الله عفا عنه وقال : (دعه فلعله يسرك يوما )
وفي روايه (دعه ياعمر فعسي أن يقوم مقاما تحمده عليه )
وحقيقة لما توفي رسول الله صلي الله ارتجت مكة وحاول البعض أن يرتد والعياذ بالله فقام فيهم سهيل قائلآ (يامعشر قريش لاتكونو آخر من أسلم وأول من ارتد والله إن هذا الدين ليمتدن امتداد الشمس والقمر من طلوعهما إلي غروبهما ومن كان محمد إلاهه فإن محمدا قد مات والله حي لايموت)
11. عن أبي صرد زهير بن جرول - وكان رئيس قومه - قال: لما أسرنا رسول الله يوم حنين، فبينا هو يميز بين الرجال والنساء وثبت حتى قعدت بين يديه، وأسمعته شعرا أذكّره حين شب ونشأ في هوازن حيث أرضعوه:

امنن علينا رسول الله في دعة * فإنك المرء نرجوه وننتظر

امنن على بيضة قد عاقها قدر * ممزق شملها في دهرها غير

أبقت لنا الحرب هتافا على حزن * على قلوبهم الغماء والغمر

إن لم تداركها نعماء تنشرها * يا أرجح الناس حلما حين يختبر

امنن على نسوة قد كنت ترضعها * إذ فوك تملؤه من محضها الدرر

إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها * وإذ يزينك ما تأتي وما تذر

لا تجعلنا كمن شالت نعامته * واستبق منا فإنا معشر زهر

إنا لنشكر للنعمى وإن كفرت * وعندنا بعد هذا اليوم مدخر

فألبس العفو من قد كنت ترضعه * من أمهاتك إن العفو مشتهر

إنا نؤمل عفوا منك تلبسه * هذي البرية إذ تعفو وتنتصر

فاغفر عفا الله عما أنت راهبه * يوم القيامة إذ يهدى لك الظفر

قال:

فقال رسول الله : « أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لله ولكم ».

فقالت الأنصار: وما كان لنا فهو لله ولرسوله . وسيأتي أنه عليه الصلاة والسلام أطلق لهم الذرية وكانت ستة آلاف ما بين صبي وامرأة، وأعطاهم أنعاما وأناسي كثيرا.

حتى قال أبو الحسين ابن فارس: فكان قيمة ما أطلق لهم يومئذ خمسمائة ألف ألف درهم، فهذا كله من بركته العاجلة في الدنيا، فكيف ببركته على من اتبعه في الدار الآخرة؟
حث النبي صلي الله عليه وسلم أمته علي العفو الصفح
1.عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال (ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه )
2.وعن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلي الله عليهç وسلم يقول : (ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال :مانقص مال من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا ولا فتح باب مسأله إلا فتح الله عليه باب فقر)
3.وأوصي بالانصار فقال (إن الأنصار كرشي وعيبتي (أي خاصتي الذين أثق فيهم ) وإن الناس سيكثرون ويقلون فاقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم )
4.وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال :يارسول الله كم نعفوا عن الخادم فصمت ثم أعادها وفي الثالثة قال له : ( اعف عنه في كل يوم سبعين مرة )
5.وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إني لأذكر أول رجل قطعه رسول الله ...أتي بسارق فأمر بقطعه فكأنما أسف وجه النبي صلي الله عليه وسلم فقالوا يارسول الله :كاأنك كرهت قطعه .. قال : وما يمنعني لاتكونوا أعوانا للشيطان علي أخيكم إنه لاينبغي للإمام إذا نتهي إليه حد إلا أن يقيمه إن الله عفو يحب العفو وليعفوا وليصفحوا )
6ولما سرقت لقاح رسول الله صلي الله عليه وسلم وكانت عشرون لقحة وكانت ترعي بذي قرد واستنقذها سلمخة بن الأكوع قال له رسول الله : (يابن الأكوع ملكت فاسجح )بمعني أعف عنهم واصفح
7.وهشم رجل فم رجل علي عهد معاوية فأعطي ديته فلم يقبل حتي أعطي ثلاثا فقال رجل :إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول lمن تصدق بدم أودنه كان كفارة له من يوم أن تصدق إلي يوم القيامة )
8
وعن وائل بن حجر قال :كنت عند النبي صلي الله عليه وسلم إذ جيء برجل قاتل في عنقه النسعة قال :فدعا ولي المقتول فقال له :أتعفوا ؟ قال :لا قال: أفتأخذ الدية ؟قال :لا قال : أفتقتل ؟قال :نعم قال :اذهب به فلما ولي قال :أتعفوا ؟قال ؟لا قال ؟أفتأخذ الدية ؟قال ؟لا قال :أفتقتل ؟ قال :نعم قال :اذهب به فلما كان في الرابعة قالlأما إنك إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه قال :فعفا عنه
من مواقف العفو عند الصحابة
  • عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم عيينة بن حصن بن حذيفة , فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس , وكان من النفر الذين يدنيهم عمر وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا فقال عيينة لابن أخيه: ياابن أخي , لك وجه عند هذا الأمير , فاستأذن لي عليه , قال فأستأذن لك عليه: قال ابن عباس: فاستأذن الحر لعيينة , فأذن له عمر , فلما دخل عليه قال: هِيْ ياابن الخطاب , فو الله ماتعطينا الجزل ولا تحكم بيننا بالعدل , فغضب عمر حتى هم به فقال له الحر: يا أمير المؤمنين , إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم 'خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ' وإن هذا من الجاهلين والله ماجاوزها عمر حين تلاها عليه وكان وقافاً عند كتاب الله
  • عفو سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن مسطح بعد حادثة الإفك
3.وهذا سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ي\هب إلي السوق يوما ليشتري طعاما ولما جلس إلي البائع واشتراه أراد أن يعطيه نقود فوجدها قد سرقت فجعلوا يدعون علي من أخ\ها ويقولون 5اللهم افعل به كذا وكذا فقال ابن مسعودl اللهم إن كان أخذها حاجة فبارك له فيها وإن كان حملته جراءة علي الذنب فاجعله آخر ذنوبه .
4.وهذا عمرو بن العاص رضي الله عنه يركب بغلة له شهباء فيمر علي قوم فيقولون :من يقدر علي أن يسأله عن أمه استخفافا واستفزازا له فقام أحدهم وقال :أصلح الله الأمير أنت أكرم الناس خيلا فلم ركبت دابة إشهاب وجهها فقال :إني لاأمل دابتي ولا أمل رفيقي حتي يملني فقال :أصلح الله الأمير أما العاص فقد عرفناه وعلمنا شرفه فمن الأم فقال :علي الخبير سقطت أمي النابغة بنت حرملة بن عزة سبتها رماح العرب فأتي بها سوق عكاظ فبيعت فاشتراها عبد الله بن جدعان ووهبها للعاص بن وائل فولدت وأنجبت فإن كان جعل لك جعل فارجع فخذه وأرسل عنان دابته
5. وسكبت جارية لعلي بن الحسين ماء ليتوضأ فسقط الإبريق من يدها علي وجهه فشجه فرفع رأسه إليها فقالت الجارية إن الله يقول lوالكاظمين الغيظ )فقال :كظمت غيظي فقالت :والعافين عن الناس قال :عفا الله عنك فقالت :والله يحب المحسنين قال :أنت حرة لوجه الله
6.وأدخلوا علي ابن الزبير رجلا قد أحدث ذنبا فدعا بالسياط ليضربه فقال له الرجل :أسألك بمن تكون يوم القيامة بين يديه أذل مني بين يديك إلا عفوت عني .فنزل ابن الزبير عن سريره وألصق خده بالأرض وقال :قد عفوت عنك
وهناك عشرات المواقف علي مدار التاريخ
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
23-03-2010, 06:21 PM
حقيقة الشجاعة
في اللغة: يرد معناها إلى أصل واحد هو الجرأة و الإقدام . في لسان العرب: شَجُع شجاعة : اشتد عند البأس و الشجاعة : شدة القلب في البأس ، و من يتصف بهذا الخلق يقال له : شَجاع و شِجاع و شُجاع و أشجع و شَجع و شَجيع و شِجَعَة و يُجمع على : شُجْعان و شِجعان و شَجَعَاء و شِجَعَة و شِجْعَة و شَجْعَة و شُجْعَة و شِجَاع و المرأة شِجَاعَة و شَجِعَة و شَجِيعَة و شَجْعَاء ، و قيل : لا توصف به المرأ ة ، و شجّعته : إذا قلت له أنت شجاع أو قويت قلبه ، و رجل مشجوع : مغلوب بالشجاعة . قال بن المناوي في التوقيف على مهمات التعاريف : الشجاعة الإقدام الاختياري على مخاوف نافعة في غير مبالاة . الشجاعة قلب حديدي جامد لا يهاب الموت كما قيل : لنحن أغلظ أكباداً من الإبل .
الشجاعة هي الصبر و الثبات و الإقدام على الأمور النافعة تحصيلاً و على الأمور السيئة دفعاً ، و تكون في الأقوال و الأفعال ، والشجاعة التغلب على رهبة الموقف قال بعضهم : الشجاعة صبر ساعة . الشجاعة من القلب و هي ثبات القلب و استقراره و قوته عند المخاوف ، و هو خلق يتولد من الصبر و حسن الظن . قال العلماء : منشؤها القوة الغضبية للنفس ، لأن الثبات أثر كمال تلك القوة ؛ فالشجاعة تتكون من : قوة الجنان و الجرأة على العدو و استصغار شأنه . قال الجرجاني : الشجاعة : هيئة حاصلة للقوة الغضبية بين التهور و الجبن بها يقدم على أمور ينبغي أن يقدم عليها كقتال الكفار مالم يزيدوا على ضِعف المسلمين . تعريف الشجاعة عند همنغواي: الصبر الجميل على الشدائد. و قيل: هي العنصر من عناصر الروح الذي يوصف بأنه العنصر الجسور الملهم. و قيل : قدرة الروح على انتزاع الفوز في مواجهة أعتى الأخطار. و قيل: القدرة على التحرك لقهر الخوف. وقيل: هي استعداد المرء لأن يحمل على كاهله السلبيات التي ينذر الخوف بمقدمها من أجل تحقيق ايجابيات أكثر زخماً. و قيل: الشجاعة هي الإقدام تحت إشراف العقل للدفاع عن النفس أو عن أي عزيز لديها. الشجاعة كمنحة من العناية الالهية هي سبب و نتيجة. قال الجاحظ في تهذيب الأخلاق : الشجاعة هي الإقدام على المكاره و المهالك عند الحاجة إلى ذلك ، و ثبات الجأش عند المخاوف مع الاستهانة بالموت . قال ابن حزم : هي بذل النفس للذود عن الدين أو الحريم أو عن الجار المضطهد أو عن المستجير المظلوم ، و عمن هُضم ظلماً في المال و العرض ، و سائر سبل الحق سواء قلّ من يعارض أو كثر . الشجاعة تختلف من شخص لآخر تبعاً للاستعداد الفطري فكل أحد لديه نسبة من الشجاعة و أخرى من الجبن. أو يكون شجاعاً في مواقف و جباناً في مواقف أخرى. الشجاعة لا بد أن تعتمد على رأي حصيف و تبصر مع حسن حيلة و حذر و تيقظ و إلا كانت انتحاراً .
قال المتنبي : الرأي قبل شجاعة الشجعان ----- هو أول وهي المحل الثاني
فإذا اجتمعا لنفس مرة ----- بلغت من العلياء كل مكان
و لربما طعن الفتى أقرانه ----- بالرأي قبل تطاعن الأقران
أصل الشجاعة
في القلب و هو ثبات القلب و سكونه و قوته عند المهمات و المخاوف ، و لا يثبت القلب إلا مع سلامة العقل و المزاج و هو الاعتدال ؛ فالشجاعة حرارة القلب و غضبه و قيامه و انتصابه و ثباته ، والشجاعة ليس لها اتصال بالأبدان قوةً و ضعفاً ، و لا باللسان
يقول كثير عزة :
ترى الرجل النحيف فتزدريه ----- و في أثوابه أسد هصور
و يعجبك الطرير إذا تراه ----- فيخلف ظنك الرجل الطرير
و قد عظم البعير بغيرلبّ ----- فلا عرف لديه و لا نكيرنقل ابن قتيبة في عيون الأخبار: عن الحرس : " رأيت من الجبن و الشجاعة عجباً ، استثرنا من مزرعة في بلاد الشام رجلين يذربان حنطة أحدهما أصيفر أحيمش ( تصغير الأحمش و هو دقيق الساقين ) و الآخر مثل الجمل عظماً فقاتلنا الأصيفر بالمذرى ( خشبة ذات أطراف كالأصابع يذرى بها الحبّ و ينقى ) لا تدنو منه دابة إلا نخس أنفها و ضربها حتى شق علينا فقُتل ، و لم نصل إلى الآخر حتى مات فرقاً فأمرت بهما فبقرت بطونهما فإذا فؤاد الضخم يابس مثل الحشفة ، و إذا فؤاد الأصيفر مثل فؤاد الجمل يتخضخض في مثل كوز من ماء .
ذكر عمرو بن معد يكرب الزبيدي عندما سأله عمر بن الخطاب عن أجبن رجل لاقاه فقال : يا أمير المؤمنين كنت أشن الغارة فرأيت فارساً لابساً لامة الحرب ، و هو راكب على فرسه فقلت : يا بنىّ خذ حذرك فإني قاتلك لا محالة ، فقال لي : و من تكون ؟ فقلت: عمرو بن معد يكرب فسكت و دنوت منه فوجدته قد مات ، فهذا أجبن من لقيت . ذكره في كتاب بدائع السلك لابن الأزرق .
يقول الراغب: الشجاعة إن اعتبرت و هي في النفس ، فصرامة القلب على الأهوال و ربط الجأش في المخاوف ، و إن اعتبرت بالفعل فالإقدام على موضع الفرصة . و هي فضيلة بين التهور و الجبن و هي تتولد من الفزع و الغضب إذا كانا متوسطين .
مجالات الشجاعة: في الجهاد و الخطابة و على المنابر و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و إعلان الرأي قال تعالى ( إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات و الهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله و يلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا و أصلحوا و بينوا فأولئك أتوب عليهم و أنا التواب الرحيم ) فهذا تربية لشجاعة الرأي و مخاطبة عظيم في الحديث ( أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) رواه أبوداود و الترمذي ( سيد الشهداء يوم القيامة حمزة و رجل قام إلى إمام جائر فأمره أو نهاه فقتله ) . من الأمثلة موقف الإمام أحمد في فتنة خلق القرآ ن - رأي العز بن عبدالسلام في كلام الله تعالى أهو حرف و صوت ؟ أم معنى قائم بذاته قديم أزلي ؟ - وموقف العز بن عبدالسلام من بيع الأسلحة للفرنج في عهد الصالح إسماعيل حاكم دمشق - موقفه في مصر من قضية المماليك الذين اشتراهم الملك نجم الدين . و الشجاعة تكون في حالة التعرض للبغي و دفع الظلم و الذل عن النفس و الدفاع عن الحريم و الأعراض و طلب العز و المجد ، ومن أجل بقاء هذا الوجود، شجاعة الموقف ، شجاعة الإرادة التي تشمل ( القدرة على ضبط شهوات النفس و منع جنوحها إلى مهاوي الردى و المهالك - التغلب على مخاوف النفس و هواجسها و قهر أوهامها - ألا ينقاد المرء للجلساء و أصحاب المنافع أو الشهوات التي تخل برجولته أو كرامته أو مروءته )، شجاعة القرار مثل ( إمضاء أبي بكر الصديق الجيش لحرب المرتدين - جمع أبي بكر الصديق القرآن في المصحف - انسحاب خالد بن الوليد في غزوة مؤتة )، وغيرها كثير، و أعلى الشجاعة هو التقدم للتضحية بالنفس في سبيل الله تعالى ، و الحلم من الشجاعة . أعظم الشجاعة الخوف من الله عز و جلّ قال الأول :
ليس الشجاع الذي يحمي فريسته ----- عند القتال و نار الحرب تشتعل
لكن من رد طرفاً أو ثنى وطراً ----- عن الحرام فذالك الفارس البطل
و لذلك قال بعضهم : لا ينتصر العبد في المعركة حتى ينتصر في نفسه على الشهوات و المعاصي و المخالفات . من مجالات الشجاعة الانتصار على النفس و الذات و الشهوات . الدفاع عن النفس عند التعرض للاعتداء أو لحماية ما يُرى فيه نفعه و ملذاته و هي سر بقاء البشر و استمرار الحياة و عمران الأرض . قال أبوبكر الصديق لخالد بن الوليد : احرص على الموت تُوهب لك الحياة . و العرب تقول : إن الشجاعة وقاية و الجبن مقتلة . و من دوافع الشجاعة طلب الثناء و الذكر الحميد و هو منهي عنه . و ذكر الأبشيهي أوجه الشجاعة عند اللقاء في الحرب في كتابه (المستطرف) . الشجاعة تكون في كثير من الأحيان حاسمة لبعض المواقف الشائكة و الرجل الشجاع درع لأمته و صون لها .
و ضد الشجاعة الجبن
والجبن يكون نتيجة تخوف و تغلب المخاوف المرتقبة أو الحاصلة أمام الناظرين فيحجم و لا يعود شجاعاً . مرض الجبن عند الجبناء يكبر بالوهم و أكثر مرض الناس و هم من أحاديثهم و ما تفتعله خواطرهم وما يتلقفونه من الحوادث و ما يشعرون به من نقص إيمان يقول الله تعالى عن ذلك الصنف من المنافقين ( يحسبون كل صيحة عليهم ) ( أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون ) . الجبناء يخافون من البشر أكثر من خوفهم من الله . في الحديث ( شر ما في رجل شح هالع و جبن خالع ) رواه أبوداوود . و الجبن و الخور و العجز ليس من محاسن الرجال ومما ذمه الله و رسوله صلى الله عليه و سلم . الإقدام قد يكون محموداً و قد يكون مذموماً و كذلك في الإحجام قد يكون محموداً و قد يكون مذموماً و الضابط في ذلك هي الحكمة. و عدت العرب الجبن جريمة كبرى و سيئة في الرجل . الجبان يموت في اليوم مائة مرة و الشجاع يموت مرة واحدة الجبان يتوهم كل شىء ضده و الشجاع يتصور أنه ضد كل شىء إلا كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم و ما والاهما . قال عمر بن الخطاب: اللهم إني أشكو إليك عجز الثقة و جلَد المنافق .
وكمال الشجاعة وزينتها
أن تكون بإرشاد العقل متزنة و متوافقة مع الحكمة فإن الشىء إذا زاد عن حد الحكمة خشي أن يكون تهوراً و سفهاً و إلقاءً باليد للتهلكة و ذلك مذموم كما يذم الجبن فالشجاعة خلق فاضل متوسط بين خلقين رذيلين هما الجبن و التهور.
و ثمرة الشجاعة
الإقدام في الأقوال و الأفعال و عند القلق و الأضطراب . وهي فضيلة من أسمى الفضائل ، و إن شئت فقل إنها حارسة الفضائل. يعيب كل شخصية ألاّ تتصف بهذا الخلق الرفيع فالدافع لتحمل الألم و التعرض للموت بشجاعة يتمثل في أن القيام بذلك عمل نبيل بينما الإحجام عنه عمل وضيع ، فالرجل الشجاع يتصرف كذلك من أجل ما هو نبيل لأن ذلك هو مقصد الفضيلة. و هي جزء من الفضيلة ، وهي من أخلاق الإسلام التي ساعدت المسلمين على الفتوح و السيادة في الأرض . الشجاعة هي ينبوع مكارم الأخلاق و الخصال الحميدة و معظمها منشؤها منها و مردها إليها . قال الطرطوشي: و أعلم أن كل كريهة ترفع أو مكرمة تكتسب لا تتحقق إلا بالشجاعة . رؤوس الأخلاق الحسنة أربعة - تحمل على غيرها من محاسن الأخلاق- وهي: 1 -الصبر:يحمل على الاحتمال وكظم الغيظ وكف الأذى -- 2 - العفة: تحمل على تجنب الرذائل والقبائح -- 3 -الشجاعة: تحمل على عزة النفس وإيثار معالي الأخلاق -- 4 - العدل: يحمل على الاعتدال والتوسط. قال الأبشيهي: أعلم أن الشجاعة عماد الفضائل ، و من فقدها لم تكمل فيه فضيلة يُعبَّر عنها بالصبر و قوة النفس . قال ابن القيم في زاد المعاد : الشجاعة من أسباب السعادة فإن الله يشرح صدر الشجاع بشجاعته و إقدامه و هذا معلوم لأن الهم و القلة و الذلة و حقارة الحال تأتي من الجبن و الهلع و الفزع وأن السعادة و الانشراح و الضحك و البسطة تأتي مع الشجاعة و الإقدام و فرض الرأي و قول كلمة الحق التي علمها رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه . و الشجاعة تثمر محبة الله عز و جل لحديث ( ثلاثة يحبهم الله عز و جلّ و ذكر منهم و رجل كانوا في سرية فلقوا العدو فهُزموا ، فأقبل بصدره حتى يُقتل أو يفتح الله له ) رواه النسائي و الترمذي و صححه و الحاكم و قال : صحيح على شرط الشيخين و وافقه الذهبي .
و علاقة الشجاعة بالكرم أن الكرم إن كان ببذل النفس فهو شجاعة . و علاقة الشجاعة بالصبر أن الصبر في المحاربة شجاعة . يقال : الشجاع محبب حتى إلى عدوه ، و الجبان مبغض حتى إلى أمه .
اكتساب الشجاعة و تنميتها :
قضية الشجاعة في النفس يحصل أثرها و يظهر التقدم عندما تغطى المخاوف و تتجاوزها لأنه لا توجد نفس إلا و فيها مخاوف مع خلطه بمركبات نفسية أخرى هي الإقدام و الحكمة و الفائدة و تغطية المخاوف و زوالها و التغلب عليها و بحسب خلط هذه العناصر تزداد الشجاعة أو تقل . و الشجاعة لا تستمر و لاتكتمل بعد وقوع الآلام إن لم يدعمها و يرافقها خلق الصبر. قال تعالى ( إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون و ترجون من الله ما لا يرجون ) . قدم النابغة الجعدي للرسول صلى الله عليه و سلم يذكر بطولاته و أنا قابلنا أبطالاً سقونا الموت فسقيناهم الموت و لكننا صبرنا فقال في قصيدته أمام النبي صلى الله عليه و سلم :
تذكرت و الذكرى تهيج على الفتى ----- و من عادة المحزون أن يتذكرا
فلما قرعنا النبع بالنبع لم تكن ----- على البعد أبيانه أن تكسرا
سقيناهموا كأساً سقونا بمثلها ----- و لكننا كنا على الموت أصبرا
و ننكر يوم الروع ألوان خيلنا ----- من الضرب حتى نحسب الجون أشقرا
و ما زال يمدح في نفسه و في قومه المجاهدين حتى قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم :
بلغنا السماء جوداً و مجداً و سؤدداً ----- و إنا لنرجوا فوق ذلك مظهراً
فقال له صلى الله عليه و سلم : إلى أين يا أبا ليلى ؟ قال : إلى الجنة يا رسول الله .
و الشجاعة خلق نفسي له مواد تمده و تنميه: من ذلك الإيمان ؛ فإن الشجاعة في الإنسان تكون على قدر إيمانه و معرفته بربه و إيقانه أنه لا يصاب إلا بما كتب له و أن إقدامه إلى ما يرضي ربه يرفع قدره عنده عز و جل و أن الغاية هي الجنة و أن الدنيا لا تساوى شيئاً دون أن يمس ذلك الإقدام رزقه أو أجله أو يحول بينه و بين أي محبوب قدر أن يصل إليه كما قال النضر : الجنة الجنة و رب النضر ثم صاح يقول :
فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن ----- على شرعج عالي و خضر المطارف
و لكن أحن يومي سعيداً و فتية ----- يمسون في فج من الأرض خائف
عصائب من شيبان ألف بينهم ----- تقى الله نزاّلون يوم التزاحف
إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى ----- و صاروا إلى موعود ما في المصاحف
؛ و لذلك كله فالانبياء هم أشجع الناس لأنهم أعلى الناس إيماناً ، و لأنهم باعوا أنفسهم و أموالهم إلى الله تعالى فإن الله يقول ( إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يُقتلون ) و ما عند الله لهم خير من الدنيا ( و ترجون من الله ما لا يرجون ) و العاقبة لهم في الدنيا و الآخرة و الخاتمة و السمعة الحسنة و درء الحوادث و الأعراض و النتيجة الطيبة في الدنيا و الآخرة ، و لأنهم يحملون مبدأ و يثقون بحفظ الله تعالى و رعايته ( و إن جندنا لهم الغالبون ) ( إنا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ) و يعلم العبد أنه سيلقى الله ملوما إذا لم يدعُ إلى الله و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر و يصبر على ما أصابه ( يا بني أقم الصلاة و أمر بالمعروف و انه عن المنكر و اصبر على ما أصابك ) ، ومما يمد بالشجاعة و ينميها قوة التوكل على الله و كمال الثقة بالله و الإيمان بالقضاء و القدر و ان الضر و النفع و الحياة و الموت بيد الله و علم العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم ليكن ليصيبه . ( وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً ) ( و لئن قتلتم في سبيل الله أاو متم لمغفرة من الله ) ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون ) و حديث( و أعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك و ما أخطأك لم يكن ليصيبك ) رواه الترمذي و أحمد بسند حسن . ( و أعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ) ( و عزتي و جلالي ما اعتصم بي عبد ثم كادت له السموات و الأرض إلا جعلت له من بينها فرجاً و مخرجاً و عزتي و جلالي ما اعتصم بغيري عبد إلا أسخت الأرض من بين قدميه ) ذُكر في السير و ذكره ابن كثير في تفسيره . قال علي: الأجل درع حصينة . خرج علي يوم صفين و عليه درع فخلع الدرع فقال ابنه محمد: كيف تخلع الدرع يا أبتاه و هو يقيك ؟ فقال:
أي يوميّ من الموت أفر ----- يوم لا قُّدر أم يوم قدر
يوم لا قُّدر لا أرهبه ----- و إذا ما جاء لا يغني الحذر
و قتل الحجاج ابناً لعجوز صباحاً فأدخلها عليه ظهراً فقال لها : يا فلانة لقد قتلنا ابنك فقالت : لو لم تقتله مات .
يقول المتنبي :
و لو أن الحياة تبقى لحيّ ----- لعددنا أضلنا الشجعانا
و إذا لم يكن من الموت بدّ ----- فمن العجز أن تموت جبانا
و من الأسباب ذكر الله تعالى و الثناء عليه كما قال تعالى ( يا أيها الذين إذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) . و من الأسباب تذكر محاسن ومنافع الشجاعة. الشجاعة لها مواد تمدها و منها قوة عزيمة في النفس تدفع للإقدام بعقل في مخاطرة بقول أو عمل لتحصيل خير أو دفع شر مع ما في ذلك من توقع الهلاك أو المضرة . و مما يقوي القلب و يطمئن الفؤاد و يجعل المرء يقدم العلم بالآثار الجليلة الناشئة عن الشجاعة .

الشجاعة فطرية و هناك شجاعة مكتسبة تزيد و تنقص بحسب الجو المحيط كتريبة الوالدين ، والتنعم و الترف يذهب بالشجاعة و كذلك الحال بالنسبة للجبن. أيضاً من أهم وسائل اكتساب الشجاعة: التمرين و التدريب العلمي حتى يصبح الإقدام ملكة له - التغلب على رهبة الموقف و يحصل بتكرار وضع النفس في المواقف التي يكون فيها الحرج و المأزق الشديد والرهبة لأن الرهبة شىء جديد على النفس فتتغلب عليه إذا ألفته و تعودت عليه فلا تصبح هناك صدمة أو مفاجأة - أن يقنع الإنسان نفسه بأن المخاوف أوهام أو ليست بالضرورة أن تحصل - استعراض مواقف الشجعان و قصصهم لأن النفس البشرية مفطورة على المحاكاة ثم المتابعة ثم المنافسة - إثارة دوافع التنافس و مكافأة الأشجع مع الثناء الشرعي عليه، و مما يزيد الشجاعة الإخلاص لله تعالى و عدم مراءاة الخلق لأنه حينئذ لا يهمه لوم اللائمين و مدح المادحين فيقدم على قول الحق لرضا رب العالمين ، و أما المرائي فما أسرع خوره في المقامات الرهيبة. كذلك التعوذ بالله من الهم و هو خوف ما يتوقع من حصول مكروه و كذلك من الحزن و هو الندم على ما مضى و ما فات و كلاهما يجبن الرجال و يجعله خوافاً و لا يجعله يقدم و لذلك كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ رواه الشيخان من حديث أنس . عَنْ سعد بن أبي وقاص رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا هَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ كَمَا تُعَلَّمُ الْكِتَابَةُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْبُخْلِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُبْنِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْقَبْرِ *. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ رواه مسلم .- تخليص الجبان من الأوهام التي تثير لديه رعباً و جبناً . - الشجاعة استجابة للمؤثرات البيئية .- قال عمر بن الخطاب : أن الشجاعة و الجبن غرائز في الرجال تجد الرجل يقاتل لا يبالي ألاّ يؤوب إلى أهله و تجد الرجل يفر عن أمه و أبيه و تجد الرجل يقاتل ابتغاء وجه الله فذلك الشهيد . ذكره في صفوة الأخبار.
حكم الشجاعة :
إذا كان المقصود من الشجاعة نصر الحق والدفاع عنه و عن الفضيلة و المروءة و الكرامة ، و رد الباطل و الجور و الطغيان و تحصيل المنافع الفردية و الجماعية للإسلام و المسلمين فهي شجاعة محمودة، أما إذا كان يُقصد من الشجاعة غرض دنيىء فاسد حرام دنيوي كقطّّع الطرق فهي ذميمة بل هي شهوة بهيمية أو سبعية. الإقدام بغير عقل ليس شجاعة بل هو تهور و جنون و الإقدام بغير مخاطرة لا يعتبر شجاعة بل هو نشاط و همة و إذا كان الإقدام لا لتحصيل خير ولا لدفع شر فإنه تهور مذموم أو هلاك و جنوح في العقل كالانتحار . الشجاعة مسألة مهمة في الدين فذكر ابن تيمية كلا ماً نفيساً عن الشجاعة في كتابه الاستقامة. الشجاعة خصلة حميدة حث عليها النبي صلى الله عليه و سلم. الإسلام جعل الشجاعة جهاداً في سبيل الله لنشر الحق و العدل و ليس لتحقيق مآرب شخصية و منافع مادية .
أمثلة للشجاعة:
الأنبياء عليهم السلام حظوا بأوفر الحظ من الشجاعة ليكون لديهم من القوة ما يقوم به عملهم و هو دعوة الخلق للحق و هذا العمل لا يكون إلا بمواجهة النبي أمته بما جاء به و طلبه منهم الخضوع و نبذ ما هم عليه أبدأً ، و كذلك فإن الشجاعة في الإنسان تكون على قدر إيمانه و معرفته بربه و إيقانه أنه لا يصاب إلا بما كتب له و أن إقدامه إلى ما يرضي ربه يرفع قدره عنده عز و جل دون أن يمس ذلك الإقدام رزقه أو أجله أو يحول بينه و بين أي محبوب قُدِّر أن يصل إليه ؛ و لذلك كله فالانبياء هم أشجع الناس لأنهم أعلى الناس إيماناً (الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه و لا يخشون أحداً إلا الله ). ومن أمثلة شجاعتهم ما ذكر الله تعالى من قول نوح عليه السلام لقومه ( يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي و تذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم و شركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلىّ و تنظرون) ، و ما قاله هود عليه السلام لقومه ( إني أشهد الله و أشهدوا أني برىء مما تشركون من دونه فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون) ومن أسباب تلك الدرجة العالية من الشجاعة أن قلبه كان مملوءاً باعتقاد ماذكره عنه ربه من قوله بعد ذلك ( إني توكلت على الله ربي و ربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم) . . و إبراهيم له روغتان روغة الشجاعة عندما كسّر الأصنام و روغة الكرم عندما راغ و جاء بالعجل الحنيذ لأضيافه . و عندما قال قوم موسى عليه السلام له ( إنا لمدركون) عندما تبعهم فرعون و قومه و كان البحر الخضم المهلك أمامهم عندئذ قال لهم موسى ( كلا إن معي ربي سيهدين ) فضرب البحر بأمر الله فصار يبساً بقوة الله عز و جل فمشى عليه و قومه و نجوا ثم تبعهم الطاغية لكن لما صار على البحر رجع ماءً فغرق هو و قومه و من شجاعة موسى عليه السلام قوله لفرعون ( و إني لأظنك يا فرعون مسحوراً ) .

النبي محمد صلى الله عليه عليه وسلم كان أشجع الأنبياء ( و بالتالي فهو أشجع الخلق جميعاً) لأنه أقوى الأنبياء إيماناً و أكملهم في كل خلق كريم و معية الله تعالى معه و تأييده له أقوى من معيته لجميع الأنبياء عليهم الصلاة و السلام لكونه أكثرهم تقوى ، وتعوذ صلى الله عليه عليه وسلم أن يكون جباناً . عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه - وهو من أبطال الأمة و شجعانها- قال: ( إنا كنا إذا أشتد بنا البأس و احمرت الحدق اتقينا برسول الله صلى الله عليه و سلم فما يكون أحد أقرب إلى العدو منه و لقد رأيتني يوم بدر و نحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم و هو أقربنا إلى العدو) رواه أحمد و الطبراني و النسائي ، و الرسول صلى الله عليه عليه وسلم كان هو الأقرب للعدو ليعتاد أصحابه على الإقدام للعدو و لأن ذلك فيه إما الشهادة في سبيل الله أو إيقاع الرعب في العدو و إشغاله بنفسه ليتحقق عز الإسلام و المسلمين. عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه عليه وسلم أحسن الناس و أشجع الناس و أجود الناس -- ينام في بيت واحد و يُطوق بخمسين مقاتل و يخرج عليهم حاثياً عليهم التراب ( فجعلنا من بين أيديهم سداً و من خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون ) -- ينام في الغار و يقول لا تحزن إن الله معنا -- وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ فَتَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ فِي عُنُقِهِ السَّيْفُ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ تُرَاعُوا لَمْ تُرَاعُوا. رواه البخاري و مسلم. و من مواقف شجاعته صلى الله عليه عليه وسلم قوله لقريش عندما نقلوا التهديد بقتله لعمه إبي طالب إن لم يترك دعوته لهم فقال ميئساً لهم ( و الله يا عم لو وضعوا الشمس في يميني و القمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته ) -- ما حصل بذات الرقاع عندما أخذ مشرك سيف الرسول صلى الله عليه وسلم و هو نائم وهمّ بقتله صلى الله عليه عليه وسلم فلما استيقظ قال: ما يمنعك مني قال : الله . متفق عليه و في بعض الروايات فسقط السيف -- طعنه لأُبىّ بن خلف في أحد في عنقه تدأدأ منها عن فرسه مراراً حتى قال أبيّ: لو بصق عليّ لقتلني . رواه عبدالرزاق و ابن سعد و البيهقي. -- موقفه يوم حنين عندما ولىّ الكثير من أصحابه وهو صامد ثابت رابط الجأش يقول : أنا النبي لا كذب أنا ابن عبدالمطلب فتحولت الهزيمة إلى نصر مؤزر-- حال الرسول صلى الله عليه عليه وسلم في الغار و الأعداء في طلبه - مواجهته للمعارضين في الدعوة إلى الله.

ومن شجاعة الصحابة: قال تعالى عنهم ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ) ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون ) ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم) ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ) . أبو بكر في حرب الردة يقف على المنبر و يعترض الصحابة فيقول : و الذي نفسي بيده لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها ، و كان يقول في رواية أخرى: و الذي نفسي بيده لو أتت الكلاب فأخذتني في أعقابي ما خلفت جيشاً عن الغزو في سبيل الله و قال أبوبكر بشأن مسيلمة الكذاب عندما ادعى النبوة: و الله لأقاتلنه بقوم يحبون الموت كما يحب الحياة . و قال هذه المقولة أيضاً لأهل فارس و قالها غيره كثير . و قال أبوبكر : لأرسلن لهم خالد يذهب وساوس الشيطان من رؤوسهم . --- قيل لعلي بن أبي طالب : كيف تصرع الأبطال ؟ قال: إذا لقيت كنت أقدر أني أقتله و يقدر هو أني قاتله فاجتمع أنا و نفسه عليه فنهزمه . قيل لعلي : إذا جالت الخيل فأين نطلبك ؟ قال: حيث تركتموني . و كان يقول : و الذي نفس أبي طالب بيده لألف ضربة بالسيف أهون عليّ من موتة على فراش .--- حمزة بن عبدالمطلب البطل الضرغام أسد الله الإمام أبو عمارة --- الزبير بن العوام انتدب ( أي أجاب ) لما ندب ( دعا للجهاد ) الرسول صلى الله عليه و سلم أصحابه في غزوة الخندق و سماه الرسول حواريّه ( أي ناصره) رواه الشيخان . معاذ و معوذ ابنا عمرو بن الجموح في قتلهما أبي جهل في بدر --- ابن أم مكتوم أعمى يحمل اللواء بين الصفين --- خالد بن الوليد عند شربه السم متوكلاً على الله تعالى و لم يضره --- عبدالله بن مسعود أول من جهر بالقرآن بمكة --- و كذلك عبدالله بن الزبير و شجاعته المفرطة و بطولاته و تضحياته لما بلغ عبدالله بن الزبير قتل أخيه مصعب قال : " إن يقتل فقد قُتل أبوه و أخوه و عمه إنا و الله لا نموت حتفاً ، و لكن نموت قصعاً بأطراف الرماح و موتاً تحت ظلال السيوف " .-- و كذلك أبو ذر الغفاري --- و منهم البراء بن مالك الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم : رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لأبره منهم البراء بن مالك فكان أثناء المعركة يقول له الأنصار و المهاجرون : يا براء أقسم على الله أن ينصرنا ، حضروا تستر و هو معهم فقال أبو موسى قائد المعركة : يا براء نسألك بالله أن تقسم على الله أن ينصرنا فقال : اللهم إني أقسم عليك هذا اليوم أن تنصرنا و أن تجعلني أول قتيل فانتصروا و قُتل أول القتلى ، و كذلك ما ذكره الذهبي من شجاعة البراء بن عازب في حرب مسيلمة عند اقتحامه حديقة المرتدين على ترس و اشتهر عنه أنه قتل 100 من الشجعان مبارزة -- و منهم حبيب بن زيد الأنصاري قطع جسمه مسيلمة الكذاب قطعة قطعة و صمد حتى آخر قطرة من دمه -- و منهم خبيب بن عدي وقف على المشنقة و جسمه يُقطع و هو ينشد قائلاً :

و لست أبالي حين أقتل مسلماً ----- على أي جنب كان في الله مصرعي

و ذلك في ذات الإله و إن ----- يشأ يبارك على أشلاء شلو ممزع

و كان ابن سيرين لا ينازع في الشجاعة --- مع جيش عبدالله بن السرح ابن الزبير( الموصوف بالشجاعة و الفروسية) في قتله جرجير في أفريقيه --- أحمد بن إسحاق السرماني في قتله فارساً يعد بألف فارس ثم قتله 49 فارساً منتقين خارج سمرقند و قَتَل في المبارزة ألف مشرك ، كان شيخاً للبخاري قال عنه البخاري : أشجع الناس في الجاهلية و الإسلام السرماني ، وكان مع السرماني قطعة من حديد وزنها عدة أرطال يبارز بها يضرب بها الفارس على رأسه فإذا نخاعه شرقاً و دماغه في الأرض . --- شبيب بن يزيد الخارجي من أشجع الناس كان معه ستون مقاتل من الخوارج هزم الحجاج الذي معه ثلاثة الآف ثم تتبع الحجاج في كل غزوة ، كان من شجاعته ينام على البغلة في المعركة قال ابن كثير في ذلك : من قوة قلبه

وقفت و ما في الموت شك لواقف ----- كأنك في جفن الردى و هونائم

تمر بك الأبطال سلمى هزيمة ----- و وجهك وضاح و ثغرك باسم

شبيب كاد أن ينتصر على الحجاج لكن فرسه رأى بغلة (عشق بغلة ) فاقتحم ومن على نهر دجلة من على الجسر فوقع على النهر و كان شبيب مربط على الفرس فغطس به الفرس و ارتفع و غطس و ارتفع و أخذ يقول لله الأمر من قبل و من بعد ثم مات فلما تأكد الحجاج من موته شق بطنه وأخذ قلبه فوجده كالكرة ضرب به في الجدار فقفز قلبه ، و امرأته غزالة شجاعة مثله حضرت الحجاج و قاتلت الحجاج و دخلت بيت الأمارة فهرب الحجاج من الباب الآخر فدخلت المنبر و أخذت السيف و خطبت في الناس فيقول أحد المسلمين ممن سجنهم الحجاج : يا مجرم يا حجاج سجتنا و عذبتنا و فررت من غزالة.

أسد عليّ و في الحروب نعامة ----- فذخاء تنفر من صفير الصافر

هلاّ بارزت إلى غزالة في الوغى ----- إذ كان قلبك في جناحي طائر

سأل عمر بن الخطاب عمرو بن معد يكرب : أين صمصامتك التي تقتل بها النا س ؟ أي لم ير السيف قوية فقال عمر : ما أرى قوة فقال : إنك رأيتها و ما رأيت الساعد الذي يضرب بها و قال عمر : الحمد لله الذي خلقنا و خلق عمرو . اعتدت قبيلة كندة أو قبيلة أخرى على قبيلة عمرو بن معد يكرب فسلبت نسائهم و أخذت أموالهم فخرجوا في الصباح يقاتلون فانهزمت القبيلة و لم يكن عمرو معهم كان غائباً فلما حضر أخذ فرسه و أخذ السيف و نازل قبيلة كندة كلها فأخذ يقاتلهم و يقاتلونه حتى يقول في قصيدته :

أمن ريحانة الساعي السميع يؤرجني و أصحابي هجوع

إذا لم تستطع شيئاً فدعه و جاوزه إلى ما تستطيع

فأخذ يكيل لهم الضربات إلى صلاة العصر فهزمهم جميعاً ، فسمته العرب أقدم العرب حتى يقول أبو تمام للمعتصم :

إقدام عمرو في سماحة حاتم في حلم الأحنف في ذكاء إياس

و قد أسلم ثم ارتد رضي الله عنه ثم أسلم فقاتل في القادسية و انتصر نصرأ مؤزراً مع المسلمين ، و يُضرب به المثل في الشجاعة .

ومن الأسباب التي دعت الصحابة لاتخاذ مواقف الشجاعة: أن النبي صلى الله عليه عليه وسلم كان يحمس القوم و يحفزهم كما قال له أحدهم: أرأيت إن قتلت يا رسول الله أين أكون قال له: في الجنة فألقى تمرات فقتل - تقدير المسئولية حق قدرها كما أعطى صلى الله عليه وسلم السيف لأبي دجانه بحقه لقتل المشركين في أحد . كل ذلك بعد حثه صلى الله عليه عليه وسلم على الإعداد الحربي المسبق . في الصحيحين عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله و نحن عصابة حوله أن نقول الحق لا نخشى في الله لومة لائم . و عند ابن حبان عن أبي ذر قال : أخذ علي رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقول الحق و لو كان مراً. مد رسول الله صلى الله عليه و سلم سيفاً فقال : من يأخذ مني السيف فمد الصحابة أياديهم فقال : بحقه ، فخفضوا أياديهم و بقيت يد أبي دجانة قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله ماحقه ؟ قال: أن تضرب به في الأعداء حتى ينحني . رواه مسلم فأخذ السيف ففلق به هام المشركين لما أخذ السيف أخرج عصابة حمراء عصابة الموت فذهل الناس حتى يقول في قصيدته :

أنا الذي عاهدني خليلي ----- ونحن في السفح لدى النخيل

الاّ أوم الدهر في الكيول ----- و أضرب بسيف الله و الرسول

ففقلق هام المشركين و قتلهم قتلاً حتى أتى بالسيف مع صلاة العصر و قد انحنى . و هذه الشجاعة الإيمانية .

- الثوري كان ينصح و ينكر على الظلمة و قال لأبي جعفر المنصور و هو ظالم : اتق الله يا أبا جعفر ،و دخل طاووس على أبي جعفر المنصور : فقال : ناولني الدواء يا طاووس قال: لا قال: و لمَ ؟ قال: إن كنت تكتم باطلاً فلا أعينك على الباطل و إن كنت تكتم حقاً فلست خادماً لك - الأوزاعي أنكر على عبدالله بن علي عم أبي جعفر فيما قتل من المسلمين في دمشق و ما فعل بهم و السيوف تقطر حوله دماً حتى قال بعض الوزراء كنت أجمع ثيابي خوفاً من دم الأوزاعي وكان يزجره و يحذره مما فعل بصوت يجلجل كصوت الأسد --العز بن عبدالسلام الملقب بسلطان العلماء في إنكاره على منكرات السلاطين - شجاعة شيخ الإسلام ابن تيمية في قول الحق - ،و دخل المهدي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له الناس جميعاً إلا ابن أبي ذئب المحدث فقال له : لمَ لم تقم يا ابن أبي ذئب ؟ فقال : تذكرت قوله تعالى ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) فتركت القيام لذلك اليوم فقال : مكانك أجلس و الله ما تركت َ شعرة في رأسي إلا قامت -- سيد قطب الذي وقف في وجه حكومة الضباط حزب التحرير بأنهم يحكمون بغير ما أنزل الله و ألف قنبلة كتاب ( معالم في الطريق ) و أخيراً شنقوه و هو مبتسم -- أبو الأعلى المودودي سجنه خان عشر سنوات و طلب منه ورقة اعتذار فقال : أنا أكبر من أكتب له ورقة اعتذار فمات رحمه الله -- شجاعة العصاة : يقول الأمام أحمد لما دخل السجن : ما ربط على قلبي إلا قول أحد المسجونين سُجن في خمر يقول : يا أحمد أصبر على الحق و أصبر على السوط فإنك من أجل أمة محمد صلى الله عليه وسلم فإني قد جُلدت في الخمر 1600 سوط و إني ما تراجعت ، فربط على قلبي -- مرحب اليهودي قتل سبعة من المسلمين آخرهم عامر بن سنان بن الأكوع ، فخرج له علي بن أبي طالب يبارزه فقطع رأسه كأنه لم يُخلق له رأس فكان فتحاً من الله تعالى لرسول الله صلى الله عليه وسلم و من معه . يقول مرحب قبل المبارزة :

أنا الذي سمتني أمي مرحب شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال علي :

أنا الذي سمتني أمي حيدرة كليث غابات كريه المنظرة أكيلكم بالسيف كيل السندرة.

--السمؤل بن عادية اليهودي قال :

يقرب حب الموت آجالنا لنا ----- و تكرهم آجالهم فتطول

وإنا قوم لا نرى الموت سفة ----- إذا ما رأته عامر و سلول

إذا مات منا سيد قام سيد ----- قؤول بما قال الرجال فعول

قيل لعبدالملك : من أشجع العرب في شعره ؟ فقال : عباس بن مرداس حين يقول :

أشد على الكتيبة لا أبالي ----- أحتفي كان فيها أم سواها

بابك القُرني قتل ألف ألف من العرب و العجم و الكفار و المشركين حتى أن المعتصم سهر ليال عديدة خاف أن يأتي يدخل عليه في بغداد وقف في الشمال يرسل الكتائب و يقاتل فقال المعتصم : من يأتيني به له ألف ألف درهم و أكتب أسمه مع أسمي و يُدعى له في المنابر فأرسل له قائد تركي يقاتله سنةً فظفر به ثم أتى به فقطع رأسه فصلب المعتصم رأسه في سامراء حتى قال البحتري : جعلته علماً في سامراء و مدحه الخليفة .
ابن فتحون من أشجع العرب و العجم في عصر الخليفة المستعين و كان المشركون يهابون نزاله .
الفرق بين الشجاعة و الجرأة :
مما ذكره ابن القيم رحمه الله في كتاب الروح في مبحث الفروق أن الفرق بين الشجاعة و الجرأة أن الشجاعة من القلب و هي ثبات القلب و استقراره عند المخاوف و هو خلق يتولد من الصبر و حسن الظن ، و الجبن يتولد من قلة الصبر و سوء الظن و وسوسة الظن و ينشأ الجبن من الرئة فتنتفخ الرئة فزاحمت القلب في مكانه و ضيقت عليه حتى أزعجته عن مستقره فأصابته الزلازل و الأضطراب ، فإذا زال القلب عن مكانه ضاع تدبير العقل فظهر الفساد على الجوارح فوضعت الأمور على غير مواضعها ؛ فالشجاعة حرارة القلب و غضبه و قيامه و انتصابه و ثباته فإذا رأته الأعضاء كذلك أعانته فإنها خدم له و جنود كما أنه إذا ولى ولت سائر جنوده و أولها الرجلان .

أما الجرأة فهي إقدام سببه قلة المبالاة و عدم النظر في العاقبة و الأندفاع بدون تفكير و لا حكمة و لهذا جاء في حديث عبدالله بن عمرو ابن العاص فيما رواه أحمد و غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: شر ما في المرء جبن خالع و شح هالع. و قال أبو جهل لعتبة بن ربيعة عندما قال له يوم بدر نرجع قال له أبو جهل : انتفخ سَحَرك ! ( أي رئتك).
العرب كانت لهم أمثال و عبارات يضربونها في الشجاعة :

حديث ( لا تمنَّوا لقاء العدو و إذا لقيتموهم فاثبتوا) ففيه حث على الشجاعة - قال أبوبكر لخالد بن الوليد العبارة المشهورة ( أحرص على الموت تُوهب لك الحياة) - لما سأل عمر بن الخطاب بعض بني عبس عن ظهورهم على أعدائهم فقالوا : كنا نصبر بعد الناس هنيهة - سئل عنترة العبسي عن قتالهم ضد ذبيان فقال: كنا ألفاً مثل الذهب الخالص ليس فيه غيرنا لم نكثر فنتواكل و لم نقل فنذل ، و قيل لعنترة : كيف تغلب الأبطال ؟ قال : أبدأ بالجبان فاضربه فأقسمه قسمين فإذا رأى الشجاعُ الجبانَ مقسوماً فرّ مني ، و قيل له : كيف تنتصر على الناس ؟ قال : بالصبر - قال الخارجي قطري بن الفجاءة:

أقول لها و قد طارات شعاعاً ----- من الأبطال و يحك لن تراعي

فإنك لو سألت بقاء يوم ----- على الأجل الذي لك لن تطاعي

فصبراً في مجال الموت صبراً ----- فما نيل الخلود بمستطاع

و لا ثوب البقاء بثوب عز ----- فيطوى عن أخ الخنع اليراع

سبيل الموت غاية كل حي ----- و داعيه إلى أهل الأرض داع

ومن لا يعتضد يهرم و يسقم ----- و تسلمه المنون إلى انقطاع.

قال المتنبي في الشجاعة :

أصارع خيلاً من فوارسها الدهر ----- وحيداً و ما قولي كذا و معي الصبر

و أشجع مني كل يوم سلامتي ----- و ما ثبتت إلا و في نفسها أمر

تمردت بالآفات حتى تركتها ----- تقول أمات الموت أم ذعر الذعر

وأقدمت إباء الأبي كأنني ----- سوى مهجتي أو كان لها عندي وتر

و قال المتنبي:

أرى كلنا يبغي الحياة بجهده ----- حريصاً عليها مستهاماً بها طبا

فحب الجبان النفس أورده البقا ----- و حب الشجاع الحرب أورده الحربا

من الشجعان محمد بن حميد الطوسي عمره ما يقارب 32 أختاره المعصتم لقيادة الجيوش الموحدة و كان له إمام حنفي و قاض و علماء معه يقاتلون الروم فلما حضرت المعركة خرج القائد الطوسي و لبس الأكفان عليه فأخذ يقاتل من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر و من الظهر إلى صلاة المغرب ثم قُتل قبل الغروب فلما قُتل بدأت النوائح في بغداد فقال أبو تمام قصيدة يعزي المعتصم :

كذا فليجل الخطب و ليقدح الأمر ----- فليس لعينٍ لم يفض ماؤها عذر

توفيت الآمال بعد محمد ----- و أصبح في سفر عن السفر السفر

فتى كلما فاضت عيون قبيلة ----- دماً ضحكت عنه الأحاديث و الذكر

تردى ثياب الموت حُمراً فما أتى ----- لها الليل إلا و هي من سندس خضر

ثوى طاهر الأردان لم تبق بقعةً ----- غداة ثوى إلا اشتهت أنها قبر

عليك سلام الله وقفاً ----- فإنني رأيت الكريم الحر ليس له عمر

سمع المعتصم القصيدة و عيونه تهراق بالدموع فيقول : يا ليتني أنا المقتول و قيلت فيّ .

قالت العرب عن الجبان : نعامة خسخاء و قالوا عنه دجاجة و قالوا عنه الحدأة القتول و قالوا الظليم . و كانت العرب تشترط في من توليه سيداً أن يكون شجاعاً كريماً .

من أجبن العرب أبو حشية النميري أخذ سيفاً من خشب فكان يجلس في آخر قبيلته عند القتال فإن انتصروا ضارب معهم وإن انهزموا فرّ و كان يسمي سيفه ملاعب المنية و يعرضه أمامه و يقول : يا سيف كم من نفس أهدرتها و من دم أسلته قال عنه ابن قتيبة في عيون الأخبار و صاحب العقد الفريد : دخل كلب في ظلام الليل بيته فخرج هو و زوجته من المنزل و تناول سيفه الخشبي و قال : الله أكبر وعد الله حق فاجتمع أهل القرية و قالوا : مالك ؟ قال: عدو محارب انتهك عرضي دخل عليّ بيتي و هو الآن في البيت ، ثم قال : ياأيها الرجل إن تريد مبارزة فأنا أبو المبارزة و إن تريد قتلاً فأنا أم القتل كله و إن تريد المسالمة فأنا عندك في مسالمة قال : فبقي يضرب الباب بالسيف و ينادي فلما أحس الكلب بجلبة الناس خرج من بينهم فألقى السيف من الخوف و قال : الحمد لله الذي مسخك كلباً و كفانا حرباً . و من الجبناء قائد يسميه المؤرخون ضرطة الجمل أخذ القيادة بغير كفاية و لا قدرة و لا جدارة أخذ المسلمين إلى فارس و كان يمضي في الليل و ينام بالنهار شهراً حتى استعد أهل فارس و تترسوا و قووا كتائبهم ثم بدأ الهجوم فكان هو أول من انهزم و دخل المدينة على بغلته و ترك المسلمين يُقتَّلون فيقول الشاعر في قصيدة طويلة:

تركت أبنائنا تدمى كلومهم ----- و جئت منهزماً يا ضرطة الجمل

و قال قتيبة بن مسلم عنه : و الله لا أوليه و لا على شاة . - قال أبو جعفر المنصور لأبي دلامة لما بدأت إحدى المعارك : أخرج بارز ذلك الفارس فقال أبو دلامة : تعلم أني لست للمبارزة فقال : عزمت عليك أن تبارز فخرج فلما قرب من الفارس وضع سيفه فقال : و الله أنك تعلم أني أكره الموت على فراشي فكيف تقتلني هنا فضحك أبو جعفر و ضحك الناس و عاد أبو دلامة . - ذكر ابن كثير و الذهبي أن معاوية قال لعمرو بن العاص يوم صفين عزمت عليك أن تبارز علي قال : إنه علي . قال : عزمت عليك أن تبارز علي فلما خرج و رأى علي وضع السيف و قال : مكره أخاك لا بطل .

هناك أمور تساعد المرء أن يكون جباناً !: انطماس التوحيد و خوف البشر أكثر من الله للحفاظ على مصلحة دنيوية - عدم الاعتقاد أن الخالق الرازق هو الله - نسيان تقدير الآجال - تصور نفع الناس و ضرهم بغير مشيئة الله .
  • ملف العضو
  • معلومات
أبوصلاح الدين
زائر
  • المشاركات : n/a
أبوصلاح الدين
زائر
رد: من أخلاق الرسول
24-03-2010, 11:31 PM
الخلق الثامن عشر :الشوري
قال الراغب في مفرداته أن المشاورة هي أخذ الرأي بمراجعة البعض الآخر
وقال :هي استنباط الرأي من غيره فيما يعرض له من مشكلات
والكلمة مأخوذة من قولهم :شار الدابة إذا ختبر جريها عندما تعرض عليه لشرائها
أومن قولهم شار العسل إذا استخرجه من موضعه صافيا نقيا من الشوائب
وهي استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه للتوصل إلي أقرب الأمور للحق
منزلة هذا الخلق الكريم
الشوري لها منزلة خاصة في السياسة الشرعية وهي ضرورة من الضرورات فالإنسان ضعيف بمفرده قوي بإخوانه
وانظر إلي فرعون رغم استبداده وطغيانه يستشير الخاصة من قومه .قال تعالي : (قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من ارضكم بسحره فماذا تامرون قالوا ارجه وأخاه وارسل في المدائن حاشرين ياتوك بكل سحار عليم
فأشاروا عليه أن هذا مجرد ساحر وسيتصدون له . وحين ظهرت لهم الحقيقة (فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسي وهارون )
وقد استشارت ملكة سبأ قومها يوم جاءها الخطاب من سيدنا سليمان عليه السلام (قالت يا أيها الملؤ افتوني في أمري ماكنت قاطعة أمرا حتي تشهدون قالوا نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تامرين).
كفار قريش كان إذا حزبهم أمر اجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا ثم يتفقون علي رأي واحد
وكان عند اليونان مجلس الشيوخ
والشوري خلق معروف منذ قديم الزمن عند جميع الأقوام ويوم تضيع الشوري من أمة يحل الطغيان والدمار والظلام ثم الانهزام والانسحاب من حلبة التاريخ فالتاريخ لايتسابق فيه إلا الأقوياء
ونجد في كتب التراث التأكيد علي هذا الخلق المهم جدا
قال تعالي : (وشاورهم في الأمر ) ووصف المؤمنين بأنهم (وأمرهم شوري بينهم )
وقد حث رسول الله صلي الله عليه وسلم علي هذا الخلق فقال : (من أشار علي أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه )
وقال : (المستشار مؤتمن )
وقال الحسن :والله ما ستشار قوم قط إلا هدوا إلي الأفضل ما بح)ضرتهم ثم تلا (وأمرهم شوري بينهم )
وقد ورد في الأثلر عن ابن عباس مرفوعا (أما إن الله ورسوله لغنيان عنهما ولكن جعلها الله تعالي رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم راشدا ومن تركها لم يعدم غنيا )
وقال علي رضي الله عنه :نعم المؤازرة المشاورة وبئس الاستعداد الاستبداد
وقال عمر بن عبد العزيز :إن المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاحا بركة لايضل معهما رأي ولا يفقد معهما حزم
وقال بعض الحكماء :الاستشارة عين الهداية وقد خاطر من استغني برأيه
وقال بعض الأدباء :ماخاب من استشار ولا ندم من استخار
صفات المستشار
ذكر الماتوري رحمه الله في كتابه (أدب الدنيا والدين ) أن المستشار لابد له من صفات وهي
1.عقل كامل مع تجربة سابقة .فمن الغباء أن نستشير أحمقا أوسفيها معروف بخفة العقل أو تستشير في أمر مهم ممن لاخبرة له كأمور الحرب مثلا والمال والدماء
2.أن يكون ذا دين وتقي لأن صاحب الدين والتقوي تمنعه تقواه من أن يغشك فقد يكون الرجل عاقلا وله تجربة لكن لا أخلاق له فيغشك أما صاحب الدين فينهاه دينه عن ذالك
3.أن يكون ناصحا ودودا
فالمودة والإشفاق مهمان فقد يكون صاحب دين وتقوي ولا يغشك لكنه لايرفق بك
4.أن يكون سليم الفكر
وهو أمر ضروري .لاينبغي أن نستشير أحدا في أمر ما وهو في حالة غضب أو حالة حزن أو قد ألمت به مصيبة لأنه في مثل هذا الحال يجد نفسه مضطرا لينصحك وقد لايقلب الأمر علي كل وجوهه
5.أن لايكون له في الأمر المستشار غرض يريده
مظاهر خلق الشورى في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم
أخي الحبيب...
لقد كان رسول صلى الله عليه وسلم أعقل الناس مع ما كان به الرسول صلى الله عليه وسلم من التأييد الالهي فلم يتركه الله تعالى في أي مسألة من مسائل حياته فلو ألم به مرض لتلقى الإلهام الإلهي بطريقة العلاج و الشفاء كما حدث في مسألة سحر لبيد بن الأعصم له فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على ارتباط وثيق بعالم الملكوت..
إذن فما فائدة استشارته لأصحابه و حاله ما ذكر من الكمال؟
لقد تعددت إجابات المفسرون في ذلك الأمر:
1- قالت طائفة منهم : إن ذلك لتطييب نفوس أصحابه و رفعا لأقدارهم و تألفا على دينهم، و إن كان الله تعالى قد أغناه عن رأيهم بوحيه.
و قالوا: كانت سادات العرب إذا لم يشاوروا في الأمر شق عليهم فأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يشاورهم في الأمر فإن ذلك أعطف لهم، و أذهب لأضغانهم و أطيب لنفوسهم فإذا شاورهم عرفوا إكرامه لهم.
2- و قال الحسن البصري – رحمه الله – و غيره من السلف: إن ذلك ليستن به من كان بعده ..
و قالوا ما أمر الله نبيه بالمشاورة لحاجة منه إلى رأيهم و إنما أراد أن يعلمهم ما في المشاورة من الفضل و لتقتدي به أمته من بعده.
و يؤيد هذا ما جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – قال:
لما نزلت " و شاورهم في الأمر " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أما إن الله و رسوله لغنيان عنها و لكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم راشدا و من تركها لم يعدم غنيا".
فوائد الاستشارة
1.وضوح الحق ..يقول المثل أن اليد الواحدة لا تصفق والعقل الواحد لا يمكن أن يرعف أمر ما من كل وجوهه .وقد صدق الشاعر يوم قال :
أيها المدعي في العلم فلسفة علمت شيئا وغابت عنك أشياء
2.
حتي تتعلم النخبة كيف تتفاعل مع المسائل المصيرية.لأن الاستبداد يقتل العقول المبدعة ويظهر الفتور والكسل لكن حين تكون النخبة مدعوة بقوة لتبدي رأيها في مسألة من المسائل فإنها لن تعدم الحق
3.حتي لا يكون هناك أحد يعارض الحاكم بعد الاستشارة لأنه يحاجج المعارضين بأن هذا رأي النخبة وقل ما تخطيء الجماعة.
قال تعالي : (فبما رحمة من الله لنت لهم ولوكنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين ).
مظاهر الشوري في حياة رسول الله صلي الله عليه وسلم
1.الاستشارة في القتال
ففي غزوة بدر لما علم المسلمون في المدينة خروج قافلة لقريش أرادوا أن يعترضوها لأن أموالهم بمكة كانت قريش قد استباحتها وأثناء الطريق علم الصحابة الكرام أن أبا سفيان قد غير مسار القافلة بقي رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول : (أشيروا علي ) فتقدم أبا بكر الصديق رضي الله عنه وقال خير ا ثم قام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال خيرا ثم قام المقداد بن عمرو رضي الله عنه وقال : (امض يارسول الله لما أمرك به فنحن معك والله لانقول كما قالت بنو إسرائيل (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون فوالذي بعثك بالحق لوسرت بنا إلي برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتي نبلغه )
فسر رسول الله صلي الله عليه وسلم بما أبو بكر وعمر والمقداد رضي الله عنهم وبقي يقول (أشيروا علي أيها الناس ) ففهم الأنصار أنه يريدهم فقال سعد بن معاذ:والله لكأنك تريدنا يارسول الله ؟فقال : أجل
فقال له سعد :لقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ماجئت به هو الحق وأعطيناك علي ذالك عهودنا ومواثيقنا علي السمع والطاعة فامض يارسول الله لما أردت فنحن معك فوالذي بعثك بالحق لو خضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقي بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا علي بركة الله .فسر رسول الله وقال :سيروا أبشروا فإن الله قد وعدني إحدي الطائفتين والله لكأني الآن أنظر إلي مصارع القوم
2.الاستشارة في المكان
لقد تحرك جيش المسلمين ووصل إلي أدني ماء من مياه بدر فقام الحباب بن المنذر كخبير عسكري وقال :يارسول الله أرأيت هذا المنزل أمنزلا أنزلكه الله تعالي ليس لنا أن نتقدمه اونتأخر عنه أم هو الحرب والمكيدة ؟
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : (بل هو الرأي والحرب والمكيدة)
قال :يارسول الله فإن هذا ليس بمنزل فانهض حتي نأتي بالناس أدني ماء من القوم فننزله ثم نغور ما وراءه من القلب ثم نبني عليه حوضا فنملؤه ماء ثم نقاتل فنشرب ولا يشربون فقال صلي الله عليه وسلم : ( لقد أشرت بالرأي )
فلم يستبد رسول الله برأيه بل عدل إلي رأي الحباب بن المنذر وهذا هو القائد الناجح يجعل من معه يفكر في الحلول
3.الاستشارة في الأسري
بعد الانتصار العظيم علي كفار قريش في أول معركة فاصلة كان هناك أسري استشار رسول الله صلي الله عليه وسلم أصحابه فيهم فقال أبو كبر الصديق رضي الله عنه:هم بنوا العم والعشيرة وإني أري أن نأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذناه قوة لنا علي الكفار وعسي الله أن يهديهم فيكونوا عضدا لنا
ثم قال رسول الله لعمر : ما تري يابن الخطاب
فقال عمر رضي الله عنه : لا أري ما يري أبو بكر ولكني أري أن تمكنني من قريب لي فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل فيضربه وتمكن حمزة من فلان فيقتله حتي يعلم الله أنه ليس في قلوبنا هوادة للمشركين
فهوي رسول الله ماقال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر رضي الله عنهم
ثم وجد عمر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبا بكر الصديق يبكيان
فقال :يارسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم :أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدني من هذه الشجرة ونزل قول الله :
ماكان لنبيء أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم وللا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم )
ثم قال رسول الله :وإن مثلك يا أبابكر كمثل إبراهيم عليه السلام لما قال lفمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم )ومثلك كمثل عيسي عليه السلام (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم
وإن مثلك يا عمر كمثل نوح عليه السلام (رب لاتذر علي الأرض من الكافرين ديارا ) وإن مثلك يا عمر كمثل موسي عليه السلام قال (واشدد علي قلوبهم فلا يومنوا حتي يرو العذاب الأليم )
4.استشارته أصحابه في غزوة أحد
لما علم رسول الله صلي الله عليه وسلم خروج قريش للانتقام لقتلاها يوم غزوة بدر واستشار رسول الله أصحابه فأشار عليه بن أبي بن سلول بأن يبقي في المدينة ويحاربهم في المدينة واختلفت أراء الصحابة الكرام فمنهم من أشار عليه بالبقاء في المدينة ومحاربتهم وآخرون أشاروا بالخروج لهم وعزم رسول الله علي ذالك فلبس لباس الحرب ثم خرج إليهم فقالوا :وقد استكرهنا رسول الله ولم يكن لنا ذالك فإن شئت فاقعد يا رسول الله
فقال صلي الله عليه وسلم (ما ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتي يقاتل )
فالاستشارة واجبة لكن عند الاختلاف لابد من قرار حاسم وهذا ما فعله رسول الله صلي الله عليه وسلم
5.مشاورته أصحابه يوم الأحزاب
لقد ألب رؤوس اليهود القبائل العربية علي محمد وأنه الخطر الداهم وصدقتهم القبائل مثل ما هو الحال اليوم لمسألة (الإرهاب )زورا وبهتانا
فتحزبت القبائل وتحالفت لمقاتلة محمد وأجمعوا رأيهم أنها النهاية وقد صور القرآن الكريم هذا المشهد فقال تعالي : (إذ جاؤوكم من فوقكم ومن اسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المومنون وزلزلوا زلزالا شديدا )
واستشار رسول الله أصحابه ما الواجب لصد هذا العدوان فأشار سلمان الفارسي رضي الله عنه بحفر الخندق فأعجب رسول الله بهذا الرأي وبقو شهرا يحفرون الخندق
ويأتي رجلا من غظفان يريد من رسول الله أن يشاطرهم تمر المدينة لأن قبيلة غطفان تحالفت مع المسلمين فاستشارؤ رسول الله صلي الله عليه وسلم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وسعد بن الربيع وسعد بن خيثمة وسعد بن مسعود رضي الله عنهم
فقالو ا: إن كان هو الوحي من الله فالتسليم لأمر الله وإن كان هو هواك يارسول الله ورأيك فهوانا ورأينا تبعا لرأيك وهواك وإن كنت تريد الإبقاء علينا فوالله لقد رأيتنا وإياهم علي سواء ما ينالون منا ثمرة إلا شراء أوقري فقال رسول الله يخاطب الحارث الغطفاني :هو ذا تسمعون ما يقولون
6.مشاورته يوم الحديبية
لقد خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم عام الحديبية يريد بيت الله وليس محاربة قريش فعلم أن قريش قد استعدت للحرب فبقي يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لأصحابه : (أشيروا علي أيها الناس أترون أن أميل إلي عيالهم وذراري هؤلاء الذين يريدون أن يصدونا عن البيت فإن يأتونا كان الله عز وجل قد قطع عينا من المشركين وإلا تركناهم محروبين )
فقال أبو بكر الصديق : يارسول الله خرجت عامدا لهذا البيت لاتريد قتل أحد ولا حرب أحد فتوجه له فمن صدنا عنه قاتلناه
فقال :امضوا علي اسم الله
7.مشاورته لأم سلمة
لما وقع رسول الله صلي الله عليه وسلم عهد الصلح مع قريش لم يعجب ذالك كثير من المسلمين فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي أصحابه قائلا لهم (قوموا فانحروا ثم احلقوا )فلم يقم منهم أحد .قالها ثلاثا ولم يقم منهم أحد فدخل رسول الله إلي زوجته أم سلمة يخبرها بما لقي من الناس فقالت :يا نبي الله أتحب ذالك ؟ اخرج لاتكلم منهم احدا منهم كلمة حتي تنحر دنك وتدعوا حالقك وفيحلقك فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم برأيها فخرج فلم يكلم أحدا حتي فعل ذالك نحر بدنه ودعا بحالقه فحلقه فلما رأوا ذالك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يلحق بعضا حتي كادا بعضهم يقتل بعضا
8.مشاورته في حادثة الإفك
ظن رأس النفاق بن أبي بن سلول أنه أصاب البيت النبوي في مقتل يوم أشاع بين الناس أن زوجة رسول الله صلي الله عليه وسلم عائشة لم تنجوا من فلان ولا نجا منها وكانت قد تأخرت في إحدي الغزوات ووجدها صحابي جليل فأتي بها
وولما كثر القيل والقال دعا رسول الله بعلي بن أبي طالب وأسامة بن زيد فأما أسامة بن زيد فقال : أهلك ولا نعلم إلا خيرا
وأما علي فقال :يارسول الله لم يصيق الله عليك النساء سواها كثير وسل الجارية تصدقك فدعا رسول الله بريرة فقال :يابريرة هل رأيت شيئا يريبك ؟
فقالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها أمرا قط أغمصه غير أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله
ونزل براءة السيدة عائشة رضي الله عنها من السماء (إن الذين جاؤو ا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم )
9.مشاورته بريرة في شأن مغيث
اشترت السيدة عائشة رضي الله عنها بريرة فاشترط أهلها الولاء فقال رسول الله : (اشتريها واعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق ) فاشترتها وأعتقتها وكان لها زوج عبد دونها في الحرية وكان لها الخيار إما أن تبقي معه او تختار الطلاق وكان زوجها مغيث يحبها حبا شديدا فعلم بذالك رسول الله فقال : يابريرة لو راجعتيه ...)
فقالت :يارسول الله أتأمر ؟
فقال : إنما أنا أشفع
فقالت : لاحاجة لي فيه
فتأمل سبحان الله
أمة من عامة الناس وليست المسألة ذات بعد اجتماعي كبير وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم بإمكانه بكلمة أن يجبرها علي البقاء معه ومع ذالك لم يفعل رسول الله صلي الله عليه وسلم
لأنه فرق شاسع بين الوحي من الله ورأي الإنسان
من مشاورات الصحابة الكرام
1.كتب أهل منيج ومن وراء بحر عدن إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه يعرضون عليه أن يدخلوا بتجارتهم أرض العرب ولهم العشور منها فشاور رعمر في ذالك أصحاب النبي وأجمعوا علي ذالك فهو أول من أخذ منهم العشور
2.وشاور عمر بن الخطاب الهرمزان وقد حسن إسلامه في فارس وأصبهان وأذربيجان فقال له : إصبهان الرأس وفارس وأذربيجان الجناحان فإن قطعت أحد الجناحين مال الرأس بالجناح الآخر وإن قطعت الرأس وقع الجناحان
3.وجاء رجل إلي عمر وقد غاب عن زوجته سنتين فوجدها حبلي فشاور عمر الصحابة الكرام فقال معاذ بن جبل :إن كان لك عليها سبيل فليس لك علي ما في بطنها من سبيل فاتركها حتي تضع فتركها فولدت غلاما قد خرجت ثنيتاه فعرف الرجل الشبه فيه فقال الرجل : ابني ورب الكعبة
فقال عمر :عجزت النساء أن يلدن مثل معاذ لولا معاذ لهلك عمر
4.وأتوا بامرأة جهدها العطش فمرت علي راع فاستسقت فأبي أن يسقيها ففعلت فشاور الناس في رجمها فقال علي رضي الله عنه : هي مضطرة أري أن تخلي سبيلها
5. وشاورهم في شارب الخمر فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يضرب بالنعال والجريد أربعين وأبو بكر ضرب أربعين فما ولي الخلافة عمر استشار الصحابة فأشاروا إلي صربه ثمانين جلدة
6.استب رجلان علي عهد عمر فقال أحدهما :ما أمي بزانية ولا أبي بزان .فشاور عمر الصحابة الكرام .فقالوا :مدح أباه وأمه فقال كان لهما من المدح غير هذا فضربه علي سبيل التعزير
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 01:20 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى