في الغضب وتدبره
22-01-2014, 12:56 PM



كلنا نعرف ما هو الغضب، سواء أكان معبراً عن مجرد الشعور بانزعاج خفي أم عن حنق شديد واضح وما بين هذا وذاك. والغضب انفعال إنساني طبيعي تماماً وفي العادة صحي. ولكن عندما يخرج عن السيطرة فإنه يمكن أن يؤدي إلى مشكلات عديدة: مشكلات في العمل وفي علاقاتنا الشخصية والأسرية وفي نوعية حياتنا عموماً، وبمقدوره جعلنا نشعر، أحياناً، وكأننا تحت تأثير عاطفة قاهرة جبارة لا يمكن التنبؤ بما ستقودنا إليه.
لنتخيل المشهد التالي، أثناء قيادتك سيارتك- خاصةً كانت أم عموميةً- تقتحم سيارة أخرى المسار أمامك فجأة وترغمك على اتخاذ إجراءات عاجلة لتفادي الاصطدام بها، يتدفق الأدرينالين في عروقك فتتسارع دقات قلبك ويرتفع ضغط الدم لديك أو بالتعبير الدارج (يغلي دمك)، وهذه عموماً استجابة فسلجية تحدث في كل مرة نقع أثناءها تحت تأثير التهديد وتسمى استجابة الكر أو الفر. أما الاستجابة النفسية لمثل هذا الحدث فتتمثل بالاحتجاج على السائق الآخر والتعبير عن العدائية نحوه، لذلك فإنك سوف توجه له نظرة ازدراء وتحقير وتضغط مطولاً على زرّ المنبه أو قد تطلق شفتاك واحدة أو أكثر من اللعنات، وهذه مجتمعة هي من المظاهر الشائعة للغضب. لذا فإن الغضب انفعال يعبر عن الحاجة إلى إلحاق الأذى بشخص أو بشيء عرضاك للأخطار أو جرحا كبرياءك أو استخفّا بك أو أهانك أو أعاقك عن تحقيق ما ترغب في تحقيقه. فالعملية النفسية إذن واضحة وبسيطة، إن آلمك شخص فإنك، أثناء وجدك عليه، تشعر بالرغبة في إيلامه بالمقابل كما آلمك.
ولقد تناولت الكثير من نظريات النماء الإنساني صراع الرضيع مع الغضب والإحباط واخيولات العدوان والذنب والتعويض البدائية الناجمة عن مشاعر الغضب. وفي الأساس نحن ننمو وننشأ مع الغضب منذ البدايات الأولى لحياتنا لذا فإن الغضب والكيفيات التي نتعاطى بها معه تساهم في تشكيل نمط شخصياتنا واستجاباتنا له على امتداد تلك الحياة. بعضنا يتفجر غضباً لأي أمر وكل أمر، وبعضنا لا يظهر البتة أية مظاهر تدل على الغضب وبعضنا لا يقتربون من الغضب إلا بقدر اقترابهم من اللامبالاة، ولكن غياب المظاهر الصريحة واللامبالاة هي الأخرى في الواقع شكل مقنع من أشكال الاستجابة للغضب لأنها كما هو حال كل استجابات الغضب تسعى إلى الاقتصاص من الجهة التي تسببت، واقعاً أو تصوراً، في إغضابنا.
الغضب انفعال أساس طبيعي ساهم في نشوء البشر وبقائهم وتكيّفهم. وهو ليس سيئاً بحد ذاته ولكنه يمكن أن يسبب مشكلات شخصية وعلائقية إن لم يتم التعامل معه بطريقة صحية. والغضب يؤدي إلى إحداث خليط من التغيرات الجسمية والنفسية، وهو مثل باقي الانفعالات لا يزول بزوال المثير، إذ إن الطاقة التي يطلقها لا بد لها من تصريف إما باتجاه شخص آخر أو حيوان أو جماد كما يحدث عندما تلكُمُ، تحت تأثير الغضب، شجرة أو جداراً بقبضتك والخيار الأخير يمكن أن يكون بداية الطريق نحو إيذاء الذات. وبحسب جارلس سبيلبرغر، أحد الباحثين المتخصصين في دراسة الغضب، فإن الغضب، شأنه شأن الانفعالات الأخرى، يترافق مع تغييرات نفسية وإحيائية. إذ عندما تصبح غضبان يتسارع إيقاع القلب ويرتفع ضغط الدم لديك فضلاً عن ارتفاع معدلات الهرمونات الإنذارية. والغضب يمكن أن يستثار بواسطة الحادثات الخارجية والداخلية معاً. إذ يمكن أن تصبح غضبان من شخص مثل زميلك أو رئيسك في العمل أو من حادثة مثل ازدحام مروري أو إلغاء رحلة. أو يمكن أن يستثار غضبك نتيجة الانشغال بهم من هموم المشكلات الشخصية أو بواسطة ذكريات الحادثات المحبطة أو التي جعلتك تستشيط غضباً.

التعبير عن الغضب
التعبير الغريزي الطبيعي عن الغضب يتمثل في استجابة عدائية، لأن الغضب هو استجابة طبيعية تكيفية للتهديد، لذا فهو يستثير مشاعر بالغة الشديدة، وغالباً سلوكيات عدائية، مما يتيح لنا القتال والدفاع عن أنفسنا حين نُهدد من مهاجم وحين نتعرض لهجوم. لذا فإن قدراً معيناً من الغضب ضروري للحفاظ على بقائنا. من الناحية الأخرى، ليس بمقدورنا، واقعياً، أن نهاجم أي شخص أو أي شيء يزعجنا أو يضايقنا، إذ إن القوانين والمثل الدينية والمعايير والتقاليد الاجتماعية والفطرة السليمة تضع حدوداً لما بمقدور غضبنا أن يحثنا على إتيانه. والناس عموماً تستخدم أساليب إجرائية متنوعة وعمليات شعورية ولاشعورية للتعاطي مع مشاعر الغضب. والمقاربات الرئيسية الثلاث هي: التعبير الصريح والقمع والتهدئة.
التعبير الصريح ولكن بأسلوب توكيدي وليس اعتدائي هو الأسلوب الصحي الأفضل للتعبير عن الغضب. ولتحقيق ذلك يجب أن يتعلم المرء كيف يكون باستطاعته توضيح حاجته للتعبير عن غضبه، وكيف بإمكانه تلبية تلك الحاجة بدون إلحاق الأذى بالآخرين.
وبالإمكان قمع الغضب، ومن ثم تحويله أو إعادة توجيهه. وهذا يحدث عندما تقيد غضبك وتتوقف عن التفكير به، والغرض هو قمع أو كفّ الغضب وتحويله نحو سلوك آخر. وخطورة هذا النوع من الاستجابة تتمثل في إمكانية ارتداد الغضب داخلياً نحو الذات إن لم تتح له فرصة التصريف خارجاً. والغضب المرتد نحو الذات يمكن أن يؤدي إلى أعراض جسمية مثل ارتفاع ضغط الدم أو نفسية مثل الاكتئاب. والغضب الذي لا يتم التعبير عنه يمكن أن يؤدي إلى مشكلات أخرى. إذ يمكن أن يؤدي إلى التعبير المرضي عن الغضب، كما هو الحال فيما يسمى العدوانية السلبية التي تتمثل في مهاجمة الآخرين بصورة غير مباشرة بدلاً من التعاطي معهم وجها لوجه. أو قد يصبح المرء ذا شخصية دائمة السخرية من الآخرين ومعاداتهم. والأشخاص الذين يحبطون الآخرين بانتظام وينتقدون كل شيء ويطلقون التعليقات الساخرة لم يتعلموا كيف يعبرون عن غضبهم بصورة ملائمة، لذا ليس مستغرباً أن لا يكون لديهم الكثير من العلاقات الناجحة.
أخيراً، يمكن للمرء أن يكون هادئاً داخلياً تجاه ما يغضبه ويتمثل ذلك ليس في قدرة السيطرة على سلوكه الخارجي فحسب ولكن أيضاً السيطرة على استجاباته الداخلية مثل اتخاذ خطوات لإبطاء معدل ضربات القلب وتهدئة الذات وتخفيف حدة المشاعر وهذا الأسلوب في الاستجابة للغضب يستلزم تدريباً ومراناً مركّزين ولمدة طويلة.

تدبّر الغضب
بما أنك لا تستطيع التخلص من الأشياء أو الأشخاص الذين يثيرون غضبك أو تجنبهم أو تغييرهم، فلا مناص من تعلم كيفية السيطرة على ردود أفعالك إن كنت تسعى إلى تجنب المشكلات والمنغصات والحصول على قدر من راحة البال، وهذا هو الهدف من تدبر الغضب. في ضوء ما تقدم فإن التعاطي الملائم مع الغضب يمكن أن يبدأ بخطوات ثلاث:
وتتمثل الأولى في تعلم الاستجابة الصحية للشعور بالأذى أو الإهانة وذلك بالإقرار بأنك متأذٍ أو مجروح، ولكن هذا ليس أمراً يسيراً كما قد يبدو للوهلة الأولى. إذ إننا، في سبيل المثال، عندما نغضب لا نتيح لأنفسنا تحسس هشاشتنا وشدة الأذى الذي ألحق بنا، فكل ما يشغل بالنا آنئذ هو الرغبة في الانتقام والثأر لكبريائنا المجروحة والسعي لعمل شيء، أي شيء، يولد لدينا شعوراً بالسيطرة والقوة والأهمية. لذا فإن تفجيرات الحنق تُخفي، في جوهرها، شعورنا بالضعف والهشاشة فلا يكون بمقدورنا تلمس الأذى الذي ألحق بنا والذي ولّد رد فعلنا العدائي. بتعبير آخر يمكن عد كل مشاعر المرارة والعدائية ستارة دخان نختبئ خلفها عن وقع مشاعرنا وخدعة انفعالية تقسّي قلوبنا تجاه الآخرين، وبذا تساعدنا في وضع غطاء محكم على ألمنا الوجداني الخاص. وبما أننا لا نستطيع معرفة كيفية التعامل المناسب مع أمر ما دون أن نتعرّفه، فإننا لن نقدر على التعاطي الملائم مع غضبنا إن كنا نخبئ شعورنا بالأذى خلف ستار واقي من اللعنات، لأن ذلك سوف يحول دون اكتساب القدرة على ضبط انفعالاتنا ما لم نتعرفها بكامل وقعها.
وقد يأتي الأذى من شخص عزيز عليك، وخشية أن يتسبب اندفاعك الآني غير المسيطر عليه نحو إيذائه في فقدانك (حبه) تقوم بقمع شعورك الذاتي بالأذى وتنحيته عن وعيك، وإذا ما كثر تكرار ذلك فإنه سيكون بمقدورك إقناع نفسك بأن كل شيء على ما يرام وأنك مرتاح البال. ولكن، التعرض للأذى، بغض النظر عن مصدره في الواقع، سيولد في كل الأحوال غضباً إلا أنه في هذه الحالة سيكون غضباً مخبأً في اللاشعور، إذ ستظل تعاني ألم الأذى بينما تُدفع الرغبة في إيذاء الآخر إلى اللاشعور حيث تطهى على نار مرارة الاستنكار، لذا وبدون سابق إنذار تسير علاقتك بذلك الشخص من سيئ إلى أسوأ أو تجد نفسك غارقاً في لجة الاكتئاب، لأن الاكتئاب في أحوال كثيرة إنما هو غضب تحول نحو الذات، ولأن المرء يحتقر نفسه لشعوره بذنب الرغبة اللاشعورية في إيذاء شخص عزيز. لذا، يبدو أنه من المفارقة، أن يكون تلمس الأذى والإقرار به والاستجابة الصحية المنضبطة المباشرة له مساعداً في تقوية مشاعر الحنو والتواد والمسالمة، وهذا أفضل كثيراً من محاولة حفظ السلام الظاهري السطحي والتي تؤدي في خاتمة المطاف إلى إشاعة أجواء خفية من الريبة والاستهجان وتفجيرات الإساءة القاسية نحو الشخص ذاته أو بدلاء له.
الخطوة الثانية: بغرض اكتساب استجابة صحية لمشاعر الأذى والإهانة من المفيد تتبع جذورهما في حياتك الماضية وتعرف كل الخبرات التي انتابك فيها مثل تلك المشاعر، وتكمن أهمية ذلك في أن تأثير الإساءة الراهنة يُضخم تحت تأثير الإساءات السابقة، وعدم تعرف تلك الإساءات يجعل تأثير الخبرة الراهنة أشد مما هو عليه في الواقع.
لذا بعد معرفة الخطوتين السابقتين فإن الخطوة الثالثة منطقياً تتمثل في تعلم استجابات صحية للمشاعر التي يثيرها الأذى كيما يمكن تفادي الاستجابات الاندفاعية الشائعة له، ومن ثم تأطير تلك الاستجابات في سياقات قابلة للتطبيق.
سياقات لتدبر الغضب
1. خذ (وقتاً مستقطعاً)، على الرغم من أن ذلك قد يبدو من الأمور التي يكثر قولها، إلا أن العد حتى عشرة قبل إصدار أي رد فعل بإمكانه حقاً تخفيف انفعالك. وأبعد نفسك قليلاً، ربما بالتراجع بضع خطوات، عن الشخص الذي أغضبك إلى أن يخف شعورك بالحنق. بمجرد شعورك بأنك استعدت بعض الهدوء عبّر آنذاك عن غضبك، إذ إن التعبير المباشر غير المشروط عن مشاعر الغضب والإحباط أمر صحي.
2. مارس بعض التمارين، إذ إن النشاط البدني يمكن أن يكون متنفساً مناسباً للانفعالات، خصوصاً إن كنت على حافة الانفجار. اخرج في (تمشاية) بالخطوة السريعة أو الهرولة، أو ارفع بعض الأثقال أو اقذف كرة نحو الجدار وتلقفها لمرات ومرات.
3. فكر بعناية قبل لفظ أي كلام، وإلا فإنك على الأغلب سوف تقول أشياء تندم عليها لاحقاً. وتجنب الخروج فيما تقوله عن الأمور التي أثارت غضبك لأن الغضب يؤدي إلى فقدان التركيز وسهولة الانجرار نحو مسائل لا علاقة لها بالحالة الراهنة. وعند وصف المشكلة استخدم ضمير المتكلم (أنا)، لأن ذلك يمكن أن يساعد في تجنب إلقاء اللوم على الآخر وانتقاده مما يزيد الأجواء توتراً، إذ يمكن أن تقول: " أنا منزعج لأنك لم تساهمي في مساعدة الأولاد في واجباتهم المدرسية "، في سبيل المثال، بدلاً من القول: " كان عليك المساهمة في مساعدة الأولاد في واجباتهم المدرسية ". وتجنب استخدام كلمات مثل: (إطلاقاً) و(على الإطلاق) و(دائماً) عند التحدث عن نفسك أو شخص آخر مثل: " هذا أمر لا يمكن إصلاحه إطلاقا" أو" أنت دائماً تنسى ما تعد به " هذه العبارات ليست غير صحيحة فحسب، وإنما تجعلك تشعر أن غضبك مبرراً ولا توجد وسيلة لتهدئة الأمور والتوصل إلى حلول للمشكلات التي أثارت غضبك، فضلاً عن أنها يمكن أن تنفّر الأشخاص الذين يبدون استعداداً، لولا مبالغاتك، للعمل معك بحثاً عن حلول.
4. بدلاً من التركيز على ما أثار غضبك تعرف على حلول للمشكلة الراهنة حاول العمل المشترك مع الشخص الذي أغضبك لحل تلك المشكلة من أساسها. لأن غضبنا وإحباطنا يستثار أحياناً بسبب مشكلات حياتية واقعية ليس بالإمكان تجنبها، إذ ليس كل غضب هو غير مبرر أو في غير مكانه، بل إنه غالباً ما يكون استجابة صحية طبيعية لتلك الصعوبات. وبما أن المأثور الشعبي رسخ في وعينا أن " كل مشكلة ولها حل"، فإننا معرضون لإحباط أشد عندما نكتشف أن تلك قاعدة لا تتطابق مع الواقع دائماً. لذا فإن أفضل توجه للتعامل مع هذه الحالة لا يكمن في التركيز على إيجاد الحلول فحسب وإنما أيضاً في كيفية التعامل مع المشكلة ومواجهتها. وهناك خطوات لذلك تبدأ بخطوة الدريان أي تكوين اتجاه نحو حل المشكلات مغاير للاتجاه الذي اعتدت عليه في التعامل مع مشكلات الحياة اليومية. ثم تعرف وتشخيص المشكلة وجوانبها كافة، ثم خطوة توليد الحلول ومنها اطرح على نفسك أو سجل كل الحلول التي تخطر على البال، وبعدها اختر الحل الذي تعتقد أنه الأكثر ملائمة لحل المشكلة وقابل للتطبيق. ثم يأتي دور خطوة تصميم وإنجاز خطة عمل لوضع الحل موضع التنفيذ.
5. لا تترك مجالاً كي تتفاعل الضغينة في داخلك وتكبر، إن كان بمقدورك أن تغفر للشخص الآخر فإن ذلك سوف يساعدكما معاً.
6. حاول اللجوء إلى الدعابة لتنفيس التوتر لأن ذلك من شأنه قطع الطريق أمام تصاعد التوتر ومن ثم تفكيكه. ولكن احذر السخرية لأنها تجرح المشاعر وتزيد الأمور سوءاً. والدعابة السخيفة يمكن أن تساعد في تفكيك الحنق وتلطيف الأجواء بواسطة عدة طرق، ومنها ما يساعدك في امتلاك منظور أكثر توازناً: إذ عندما يستثار غضبك وتطلق كنية ما على شخص أو تصفه بصور متخيله، حاول التوقف وتخيل كيف ستكون عليه هذه الكنية أو العبارة حرفياً، عندما تطلق، في سبيل المثال، على زميلك في العمل كنية " أبو راسين" أو تصفه بأنه " نايم على أذنه"، ارسم الصورة في ذهنك لشخص ذي رأسين أو نائم على أذنه يجلس على المكتب المجاور، أو يتحدث على الهاتف، إن من شأن ذلك إطفاء الكثير من غضبك، وربما إضحاكك في سرك، لذا فإن الدعابة حتى لو بدت سخيفة، ولكن دون أن تكون جارحة، بإمكانها المساعدة على حلحلة المواقف المتوترة.
7. مارس تمارين الاسترخاء إن كنت على دراية بها (نظراً لفائدتها في أكثر من مجال سنحاول شرح تقنيات بعض تلك التمارين في مناسبة قادمة).
8. جرب محاولة تعديل أسلوب التفكير، وعلى الرغم من أن الانفعالات، ومنها الغضب، لا يمكن كفّ استثارتها بواسطة المراكز المعرفية، إلا أن التفكير السلبي يمكن أن يديم استثارة الحلقة الانفعالية، وفي هذه الحالة، اجترار حالة الغضب إن جاز التعبير فضلاً عن أن تفكيرك وأنت غضبان يمكن أن تسيطر عليه المبالغة والتصورات غير الواقعية. لذا قد يكون مفيداً، في سبيل المثال، مخاطبة نفسك: "الأمر لاشك محبط، ومن المفهوم أن أكون منزعجاً. ولكن ذلك ليس نهاية العالم والبقاء غاضباً لن يصلح الأمور في كل الأحوال، بدلاً من: " يا ربي، إن الأمر بالغ السوء بل فظيع ورهيب ولاشيء قابلاً للإصلاح وكل شيء تحول إلى خراب".
9. تبنَّ أسلوبا تواصلياً أكفأ، إذ من الملاحظ أن الغاضبين يميلون غالباً إلى القفز نحو الاستنتاجات والتصرف بناء عليها، وبعض هذه الاستنتاجات يمكن أن تكون غير صحيحة البتة. وأول شيء يجب فعله عندما تكون في حومة جدال ساخن هو الضغط على المكابح وتأمل استجاباتك، لا تتلفظ بأول شيء يخطر ببالك وإنما تمهل وفكر ملياً بما تريد قوله، وفي نفس الوقت أنصت بانتباه لما يقوله الشخص الآخر، وخذ وقتك في إعداد إجاباتك ومداخلاتك.
ما تقدم أمور يمكنك إجراؤها بنفسك ودون مساعدة من أحد. ولكن إن كان غضبك يبدو لك وللآخرين خارجاً عن السيطرة وإنه يمكن أن يسبب أضراراً بعلاقاتك أو يجعلك عنيفاً أو مؤذياً لنفسك وللآخرين فبإمكانك اللجوء إلى العون الاحترافي والإفادة مما يمكن أن يقدمه.


د. طه النعمة
التعديل الأخير تم بواسطة sabrina88 ; 22-01-2014 الساعة 01:01 PM