الطعن في علماء المسلمين
24-09-2009, 09:19 AM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فوصية الله للأولين والآخرين تقوى :(ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)-سورة النساء-الآية:131.
-ومن البلاء الذي أصاب شبابنا، وخاصة بعض طلاب العلم: الطعن في العلماء والصلحاء وأهل الخير، فنجدهم في المجالس وفي المساجد أيضا يتناولون العلماء بالسب والطعن والذم يُقَوّمونهم ويعقدون مقارنات، بينهم ويقولون: هذا صالح وذاك فاسد،. وهذا الموضوع يتحدث عن الطعن في العلماء والدعاة والإستخفاف بهم، وقد شخصت في هذا الموضوع الداء ووصفت الدواء لمن سأل عن الدواء الشافي.
إن الطعن في العلماء والقدح فيهم أمر خطير جهله الكثير من الناس ، وهو سبيل من سبل أهل الزيغ والضلال، ذالك أن الطعن في العلماء ليس طعنا في ذواتهم وإنما هو طعن في الدين والدعوة التي يعلمونها والملة التي ينتمون إليها وهذا كله محرم، لأن العلماء من المسلمين والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا.- رواه البخاري-.
وبما أن المسألة طعن في الدين والدعوة فإن الأمر يكتسب المزيد من الحرمة فالذي يطعن في علماء الإسلام ويسخر منهم و ينتقصهم.. لا أراه إلا من أهل البدع والضلال الذين يثيرون الشائعات حول الإسلام .
ولما علم سلفنا الصالح هذا جعلوا منتقص الصحابة زنديقا ، لأن من ينتقص الصحابة فهو يريد بذالك سنة النبي صلى الله عليه وسلم نفسه - فعن مصعب بن عبد الله قال : حدثني أبي عبد الله بن مصعب الزبيري قال : قال لي أمير المؤمنين المهدي : يا أبي بكر ما تقول فيمن تنقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : قلت : زنادقة؟ قال : ماسمعت أحدا قال قبلك هذا؟ قال : قلت هم قوم أرادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنقص قلم يجدوا أحدا من الأمة يتبعهم على ذالك ، فتنقصوا أبناء هؤلاء، وهؤلاء عند أبناء هؤلاء فكأنهم يقولون رسول الله صلى الله عليه وسلم يصحبه صحابة سوء. وما أقبح بالرجل أن يصحبه صحابة سوء فقال أمير المؤمنين : حقا لا أراه إلا كما قلت . "الخطيب البغدادي في تاريخه(10/174".
ثم إن الذي أدى إلينا هذا القرءان والسنن هم أصحاب رسول الله فهؤلاء القوم يريدون أن يجرحوا بشهودنا وهم بذالك يطلبون الكتاب والسنة بالقدح، والجرح بهم أولى ، -وهم زنادقة- وكذالك قال أسلافنا الصالحين فيمن طعن بالتابعين (العلماء) فمن بعدهم قال الإمام أحمد –رحمه الله- وكذالك يحي بن معين رحمه الله، ويقول الإمام بن المبارك : (حق على العاقل ألا يستخف بثلاثة: العلماء والسلاطين و الإخوان فإنه من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالسلاطين ذهبت دنياه و من استخف بالإخوان ذهبت مروءته). " الطبقات الكبرى (1/80.
والقدح في العلماء إيذاءهم ، والإيذاء للعلماء إيذاء لأولياء الله الصالحين ومن أذى أولياء الله فقد آذنه الله بالحرب كما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال الرسول صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل : ( إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا، فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه) رواه البخاري..
ومن المعلوم أن العلماء أشد خشية لله بعد المرسلين والأنبياء بدليل قوله تعالى : (إنما يخشى الله من عباده العلماؤا)-سورة فاطر – الآية28. وقد أثنى عليهم في الآخرة ورفع درجاتهم كما جاء في كتاب الله الحكيم: (ويرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) – سورة المجادلة- الآية11.
-وهؤلاء المستخفين بالعلماء – ربما كانوا متحمسين للدين والدعوة؟!! ولكنهم جاهلين لا يميزون بين الحسن والسيئ وما أراهم بقدحهم هذا إلا مستهزئين بالدين، فترى تضارب أهواءهم وآراءهم في العلماء ويكثرون الهرج والمرج –كما فعل بالكثير من علماء السنة- وقد بين الله هؤلاء وسماهم بالكفر-والعياذ بالله- فقال :(قل ابالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزؤون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم)-سورة التوبة-الآية66.
ـــ الدين أيها الأحوة ليس كلمات هائجة و صارخة تصرخ في وجوه الناس بل هو كما أعلمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم – المعاملة- في قوله: ( الدين معاملة).-رواه البخاري ومسلم. فإن علم ذالك فإن علماءنا أحق بالمعاملة الحسنة والتماس الأعذار لهم ، وإن أخطأوا فما من أحد معصوم إلا من عصمه الله من الملائكة والمرسلين ، فخذوا حذركم يامن تطعنون في العلماء فإن لحم العلماء مسموم.
يقول فضيلة الشيخ / محمد بن عبدالرحمن الخميس في كتابه القيم (( نظرات وتأملات من واقع الحياة )) : قوله في : (( وسائل العلاج / ص133 )) :

(( إن من الواجب علينا أن نحرص على معالجة هذه الظاهرة الخطيرة ، والقضاء عليها ، ومن وسائل علاج هذه الظاهرة السيئة :

1- معرفة قدر العلماء وأنهم أصحاب الريادة في الأمة ومصابيح الهدى فيها ، وأن صلاح الأمة بصلاحهم وفسادها بفسادهم ، وأنهم أولى الناس بالتقدير والاحترام والإجلال .

2- معرفة مدى الإثم والحرمة المترتبة على الطعن في العلماء والقدح فيهم ، وذلك لشدة حرمة الكلام فيهم وغمزهم ولمزهم ، لأن لحومهم مسمومة كما سبق .

3- معرفة الآثار الخطيرة المترتبة على القدح في العلماء كما سبق الكلام عنها .

4- إشاعة جو الاحترام والتقدير للعلماء في أفراد المجتمع ونشر فضائلهم ، وتذكير الناس بوجوب احترامهم ومعرفة حقهم .

5- كتمان عيوب العلماء وعدم نشرها بين الناس ، فإن ستر عيب المسلم واجب ، والعلماء أحق من غيرهم ، فالواجب مراعاة ذلك حرصا على حفظ مكانة العلماء .

6- الدعاء للعلماء بأن يوفقهم الله – تعالى – في القول والعمل ، وأن يجنبهم الخطأ والزلل ، ويستر عوراتهم ، فإن الدعاء من أعظم أسباب التوفيق .

7- النصح للعلماء ، فإن الدين النصيحة ، كما أخبر بذلك النبي – صلى الله عليه وسلم - والنصيحة للعلماء واجبة فيجب النصح لهم وتذكيرهم إذا نسوا أو أخطئوا وتعريفهم الصواب ، وذلك بالأسلوب الذي يتناسب مع مكانتهم .

8- التماس المعاذير لهم إذا أخطئوا في أمر ، فهم بشر أولا وآخرا وليسوا معصومين ، وكل بني آدم خطاء ، ولو التمسنا لهم المعاذير لم نطعن فيهم أبدا .

9- إحسان الظن بهم ، لأنهم أعلم الناس بالشريعة ، وأعلمهم بالكتاب والسنة ، فيجب إحسان الظن بهم ، وبما يصدر عنهم من أقوال وأفعال )) انتهى .
والحمد لله رب العالمين
ن.محمد-بالول-سعيدة