كيف تكتب عمودا صحفياً؟
03-09-2016, 01:32 PM
هل تتمنى أن يكون لك عمود صحفي تكتب فيه كل يوم ، أو كل أسبوع، مقالة شائقة جاذبة نافعة؟
سأحاول أولاً أن أعرف العمود الصحفي الناجح فأقول إنه الذي يقدم لقارئه أعمق فكرة في أبسط عبارة وأقل كلمات
أما عمق الفكرة فأريد بذلك إبعاد الموضوعات التي تعرض لأشياء هامشية لا تهم كثيراً من الناس، كأن يتحدث الكاتب عن برميل قمامة في مكان كذا وإهمال البلدية في إفـراغه، أو تعطل إشارة مرورية في تقاطع من التقاطعات، أو تأخير صرف مرتبات شركة من الشركات؛ ذلك أن هذه الموضوعات أقرب إلى أن تكون شكاوى محلية تصلح لتكون في صفحة الشكاوى أو المحليات.
لكني أستدرك فأقول إنه يمكن لكاتب العمود الصحفي أن ينطلق من واحدة من تلك الشكاوى المحلية فينجح في علاج موضوع يهم كثيرين، وذلك حين يتحدث مثلاً عن شكوى تأخر صرف مرتبات تلك الشركة فيعرض لما أحدثه ذلك التأخير من معاناة أسر كثيرة وبيان أن هذا مخالف لأمر نبوي صريح بعدم تأخير دفع الأجور من خلال شرح حديثه صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).
وهكذا فإنه يمكن أن أعالج موضوعاً عاماً انطلاقاً من مشكلة محلية أو خاصة.
أما الموضوعات العامة التي تصلح لتكون مادة أكتب حولها فكثيرة، ومنها معالجة مرض اجتماعي، أو ظاهرة عامة، أو نقل موقف متميز والتعليق عليه، أو الكتابة عن علم من الأعلام رحل من الدنيا أو فاز بجائزة أو حقق إنجازاً.. وهكذا فالموضوعات العامة كثيرة ومتعددة.
وينبغي أن نـنـتـنـبه إلى أنه يحسن أن يعالج العمود الصحفي موضوعاً واحداً، وذلك أنه ليس دراسة أو بحثاً حتى نخوض في موضوعات متعددة.
وقصدت بقولي ( في أبسط عبارة) في تعريف العمود الصحفي الناجح أن تكون عباراته سهلة، يفهمها القراء جميعهم، لا غريب فيها، ولا مصطلحات يجهل معانيها كثيرون.
ومن بساطة العبارة أيضاً قصرها، فلا تليق العبارة الطويلة في عمود صحفي.
أما ما أردته من ( أقل كلمات) فهو أن تكون مقالة العمود الصحفي قصيرة ما أمكن، ويتحقق ذلك بالابتعاد عن التكرار، والحرص على الوضوح الذي يغنيني عن الشرح الطويل، ولا شك في أن المحافظة على قدر معين من الكلمات في كل مقالة من مقالات العمود الصحفي أمر حسن ومطلوب حتى تحتل في الصحيفة أو المجلة مساحة محددة في كل مرة.
ومما يحقق لك ما سبق أن تعطي كل فقرة من فقرات مقالة العمود معلومة أو بياناً أو إضاءة لجانب من جوانب الموضوع أو الفكرة.
ولا بأس من بعض الحماسة في كتابة العمود لكن دون أن تفقدك هذه الحماسة الموضوعية المطلوبة والأسلوب العلمي المنطقي المقنع.
العنوان الصحفي
سأعرض العنوان الذي فيه كلمتان متقابلتان و هو
ما يعرف في اللغة بـ(الطباق ) و هذا العنوان يثير انتباه القارئ ، و يلفته إلى غاية المقالة أو الخبر أو الدراسة.
من أمثلة تلك العناوين (أمم تتفق.. وأمة تفترق ) و كان عنواناً لمقالة عن اتفاق دول الغرب في السوق الأوروبية المشتركة رغم اختلاف قومياتها، مع اختلاف الدول المسلمة في تبعياتها الاقتصادية وعدم تعاونها رغم أنها امة واحدة.
ومنها (رسوم العلاج تداوي الميزانية .. فماذا عن المرضى ) و كانت هذه العبارة عنواناً لمقالة كتبها صحفي تعليقا على فرض رسوم إضافية على كل مراجعة طبية للمستوصفات والمستشفيات في إحدى الدول العربية، وواضح كيف أن العنوان ينتقد هذه الزيادة التي تحل مشكلة الميزانية لكنها تسبب عبئاً مالياً على المريض.
ومنها كذلك عنوان (يشجعون الإنجاب ونشجع التحديد) وفي المقال التي جاء لأجلها هذا العنوان ينتقد الكاتب برامج تحديد النسل التي توضع للبلدان الإسلامية في الوقت الذي تشجع فيه حكومات أوروبية مواطنيها على الإنجاب وترصد مكافآت شهرية للأسر التي تنجب الولد الثاني والثالث والرابع، فكان العنوان صحفياً لأنه جمع بين الإيجاز والتعبير والبلاغة والصدق.
ومن العناوين الصحفية أيضاً عنوان المثل، ولكن بعد تغيير فيه وتحوير، كعنوان (قلبي على امتحانات ولدي وقلب ولدي على الفضائيات) وهو تحوير للمثل القائل ( قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر) فكان التحوير في المثل بإضافة كلمة {امتحانات} إلى {ولدي} وتغيير {الحجر} بـ{الفضائيات}.
ومن عناوين تغيير المثل عنوان {الأشجار تموت مقطعة في الـ (...)}، وهو تحوير للمثل القائل (الأشجار تموت واقفة}..
ومنها (درهم مشي خير من علاج قنطار) وقد وضعه الصحفي عنواناً لخبر دراسة طبية تعدد الفوائد الصحية للمشي تؤكدها، والعنوان مأخوذ من المثل القائل (درهم وقاية خير من قنطار علاج) إذ تم تغيير كلمة {وقاية} بكلمة {مشي}.
ومنها {العربية بين اهتمامهم وإهمالنا} وأراد الكاتب بهذا العنوان بيان ضعف اهتمامنا بتعليم (اللغة) العربية وتعلمها في الوقت الذي تحرص فيه جامعات ومراكز أوروبية وأمريكية على تعليم (اللغة) العربية، ويحرصون مواطنون غربيون على تعلمها.
ومنها {الطول أقصر الطرق إلى الزواج والنجاح} وجاء عنواناً لدراسة نشرها المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات وخلصت إلى أن الزواج يكون أبكر لدى الرجال طوال القامة، وأن الرجال قصار القامة أقل حظاً من طوال القامة في الحصول على عمل عندما يكونون متزوجين، فجاءت بداية العنوان {أطول اقصر..}وهذا يجعله عنواناً صحفياً.
ومن العناوين الصحفية كذلك العنوان الذي يتكرر فيه فعل.. مرة حقيقة وأخرى مجازاً، مثل هذا العنوان {طعنته في كرامته فطعنها بالسكين} وهو عن قيام الزوج بطعن زوجته بسكين المطبخ بعد أن انطلق لسانها في النيل منه والهزء به واحتقاره.
ومنها أيضاً العنوان الذي يحمل مفارقة، مثل {خادمات يخدمهن أنت} وجاء عنواناً لاستطلاع صحفي تحدث فيها عن رفاهية بعض الخادمات وكثرة طلباتهن وتزايد أعبائهن على مخدوميهن.
ومنها أيضاً العنوان الطريف، وبخاصة إذا كان فيه شيء من السجع، مثل: {المتسول الكسيح يسابق الريح} وجاء لخبر عن نصاب أوهم الناس بأنه كسيح ليستدر عطفهم ونقودهم.. وحين كشفت الشرطة أمره ولى هارباً.
وهكذا – يا قارئ المقال- طفت معك في بعض أنواع {العنوان الصحفي} مع ضرب أمثلة لها، أرجو أن تنفعك في وضع عناوين صحفية لما تكتب من مقالات وغيرها.
في (الرد) المقبل إن شاء الله أجيب عن سؤالين: ما غايتك من الكتابة؟ وبمن تستعين فيها؟
ما غايتك من الكتابة؟ وبمن تستعين فيها؟
من أهم ما يختص به الكاتب المسلم أنه يبتغي فيما يكتبه رضى ربه سبحانه عنه، ومن ثم فهو يتقيه عز وجل في كل ما يكتب، فلا يدعو في كتاباته إلى ما يخالف ما يأمر به سبحانه أو ينهى عنه، مهما كان الإغراء؛ مالاً وفيراً، أو متاعاً كثيراً، أو نحو ذلك.
ولهذا يا(قارئ المقال) فإن أول ما أدعوك إليه وأنت تخطو الخطوة الأولى، في طريق الكتابة هو محض نيتك لتكون خالصة لوجه الله سبحانه، فلا تبتغي من وراء كتابتك شهرة أو سمعة أو مالاً أو منصباً. نعم قد تأتيك الشهرة، وتحصل على مكافآت مالية، وترتقي في عملك؛ نتيجة تقدمك في الكتابة ونجاحك فيها، وهذا لا بأس به مادام أتى دون أن تطلبه أو تسعى إليه أو تشترط حصولك عليه مسبقاً.
وعليه فإن استعانتك بالله تعالى في الكتابة أمر ينبغي ألا يغيب عنه، وألا تهمله عندما تريد أن تبدأ في كتابة شيء، ولقد علمنا صلى الله عليه وسلم أن نقول: (( اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً)). وستجد عوناً من الله تعالى وتوفيقاً كبيراً منه جل شأنه.
وإذا ما توقف القلم في يدك أو أبطأ فإن عليك تكرار هذا الدعاء حتى يعود القلم إلى انسيابه وانطلاقه.
وحين يفتح الله عليك بالأفكار والكلمات والعبارات فلا تدع الشيطان يثير عجبك بنفسك فيجعلك تخاطبها: ما أجمل أسلوبي! ما أحسن كلامي! ها أنذا أُبدع في الكتابة! إذا وسوس لك الشيطان بهذه الوساوس وأمثالها فاستعيذ بالله منه واستحضر استعانتك به سبحانه وأنك ما توقف إلا بالله تعالى (( وما توفيقي إلا بالله)) {سورة هود-آية 88}، على خلاف ما كان من قارون حين دعاه قومه إلى ابتغاء الله والدار الآخرة فيما آتاه سبحانه وأن يحسن كما أحين الله إليه إذا قال يرد على دعوتهم: (إنما أوتيته على علم عندي) سورة القصص- آية 78.
ولقد وجدنا علماءنا الذين جمعوا وصنفوا، وكتبوا وألفوا يردون الفضل إلى الله تعالى وحده، كما تشهد بهذا مقدمات كتبهم وخواتيمها،وأختار مما كتبه الإمام النووي رحمه الله تعالى في خاتمة كتابه {الأذكار من كلام سيد الأبرار} إذ قال : ( هذا آخر ما قصدته من هذا الكتاب، وقد منَّ الله الكريم فيه بما هو أهل له من الفوائد والدقائق اللطيفة من أنواع العلوم ومهماتها، ومستجادات الحقائق ومطلوباتها، ومن تفسير آيات القرآن العزيز وبان المراد بها..، و..) ثم يقول: (والله المحمود على ذلك وغيره من نعمه التي لا تحصى، وله المنة أن هداني لذلك، ووفقني لجمعه ويسَّره عليَّ، وأعانني عليه ومنَّ عليّ بإتمامه، فله الحمد والامتنان والفضل والطَّـول والشكران).
فاحرص يا (قارئ المقال) على أن تفعل مثل هؤلاء العلماء الأتقياء فترد الفضل إلى الله وحده، وتحمده عليه، مستعين به تعالى دون غيره في كل كلمة تكتبها.
الكاتب: محمد رشيد العويد
سأحاول أولاً أن أعرف العمود الصحفي الناجح فأقول إنه الذي يقدم لقارئه أعمق فكرة في أبسط عبارة وأقل كلمات
أما عمق الفكرة فأريد بذلك إبعاد الموضوعات التي تعرض لأشياء هامشية لا تهم كثيراً من الناس، كأن يتحدث الكاتب عن برميل قمامة في مكان كذا وإهمال البلدية في إفـراغه، أو تعطل إشارة مرورية في تقاطع من التقاطعات، أو تأخير صرف مرتبات شركة من الشركات؛ ذلك أن هذه الموضوعات أقرب إلى أن تكون شكاوى محلية تصلح لتكون في صفحة الشكاوى أو المحليات.
لكني أستدرك فأقول إنه يمكن لكاتب العمود الصحفي أن ينطلق من واحدة من تلك الشكاوى المحلية فينجح في علاج موضوع يهم كثيرين، وذلك حين يتحدث مثلاً عن شكوى تأخر صرف مرتبات تلك الشركة فيعرض لما أحدثه ذلك التأخير من معاناة أسر كثيرة وبيان أن هذا مخالف لأمر نبوي صريح بعدم تأخير دفع الأجور من خلال شرح حديثه صلى الله عليه وسلم ( أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).
وهكذا فإنه يمكن أن أعالج موضوعاً عاماً انطلاقاً من مشكلة محلية أو خاصة.
أما الموضوعات العامة التي تصلح لتكون مادة أكتب حولها فكثيرة، ومنها معالجة مرض اجتماعي، أو ظاهرة عامة، أو نقل موقف متميز والتعليق عليه، أو الكتابة عن علم من الأعلام رحل من الدنيا أو فاز بجائزة أو حقق إنجازاً.. وهكذا فالموضوعات العامة كثيرة ومتعددة.
وينبغي أن نـنـتـنـبه إلى أنه يحسن أن يعالج العمود الصحفي موضوعاً واحداً، وذلك أنه ليس دراسة أو بحثاً حتى نخوض في موضوعات متعددة.
وقصدت بقولي ( في أبسط عبارة) في تعريف العمود الصحفي الناجح أن تكون عباراته سهلة، يفهمها القراء جميعهم، لا غريب فيها، ولا مصطلحات يجهل معانيها كثيرون.
ومن بساطة العبارة أيضاً قصرها، فلا تليق العبارة الطويلة في عمود صحفي.
أما ما أردته من ( أقل كلمات) فهو أن تكون مقالة العمود الصحفي قصيرة ما أمكن، ويتحقق ذلك بالابتعاد عن التكرار، والحرص على الوضوح الذي يغنيني عن الشرح الطويل، ولا شك في أن المحافظة على قدر معين من الكلمات في كل مقالة من مقالات العمود الصحفي أمر حسن ومطلوب حتى تحتل في الصحيفة أو المجلة مساحة محددة في كل مرة.
ومما يحقق لك ما سبق أن تعطي كل فقرة من فقرات مقالة العمود معلومة أو بياناً أو إضاءة لجانب من جوانب الموضوع أو الفكرة.
ولا بأس من بعض الحماسة في كتابة العمود لكن دون أن تفقدك هذه الحماسة الموضوعية المطلوبة والأسلوب العلمي المنطقي المقنع.
العنوان الصحفي
سأعرض العنوان الذي فيه كلمتان متقابلتان و هو
ما يعرف في اللغة بـ(الطباق ) و هذا العنوان يثير انتباه القارئ ، و يلفته إلى غاية المقالة أو الخبر أو الدراسة.
من أمثلة تلك العناوين (أمم تتفق.. وأمة تفترق ) و كان عنواناً لمقالة عن اتفاق دول الغرب في السوق الأوروبية المشتركة رغم اختلاف قومياتها، مع اختلاف الدول المسلمة في تبعياتها الاقتصادية وعدم تعاونها رغم أنها امة واحدة.
ومنها (رسوم العلاج تداوي الميزانية .. فماذا عن المرضى ) و كانت هذه العبارة عنواناً لمقالة كتبها صحفي تعليقا على فرض رسوم إضافية على كل مراجعة طبية للمستوصفات والمستشفيات في إحدى الدول العربية، وواضح كيف أن العنوان ينتقد هذه الزيادة التي تحل مشكلة الميزانية لكنها تسبب عبئاً مالياً على المريض.
ومنها كذلك عنوان (يشجعون الإنجاب ونشجع التحديد) وفي المقال التي جاء لأجلها هذا العنوان ينتقد الكاتب برامج تحديد النسل التي توضع للبلدان الإسلامية في الوقت الذي تشجع فيه حكومات أوروبية مواطنيها على الإنجاب وترصد مكافآت شهرية للأسر التي تنجب الولد الثاني والثالث والرابع، فكان العنوان صحفياً لأنه جمع بين الإيجاز والتعبير والبلاغة والصدق.
ومن العناوين الصحفية أيضاً عنوان المثل، ولكن بعد تغيير فيه وتحوير، كعنوان (قلبي على امتحانات ولدي وقلب ولدي على الفضائيات) وهو تحوير للمثل القائل ( قلبي على ولدي وقلب ولدي على الحجر) فكان التحوير في المثل بإضافة كلمة {امتحانات} إلى {ولدي} وتغيير {الحجر} بـ{الفضائيات}.
ومن عناوين تغيير المثل عنوان {الأشجار تموت مقطعة في الـ (...)}، وهو تحوير للمثل القائل (الأشجار تموت واقفة}..
ومنها (درهم مشي خير من علاج قنطار) وقد وضعه الصحفي عنواناً لخبر دراسة طبية تعدد الفوائد الصحية للمشي تؤكدها، والعنوان مأخوذ من المثل القائل (درهم وقاية خير من قنطار علاج) إذ تم تغيير كلمة {وقاية} بكلمة {مشي}.
ومنها {العربية بين اهتمامهم وإهمالنا} وأراد الكاتب بهذا العنوان بيان ضعف اهتمامنا بتعليم (اللغة) العربية وتعلمها في الوقت الذي تحرص فيه جامعات ومراكز أوروبية وأمريكية على تعليم (اللغة) العربية، ويحرصون مواطنون غربيون على تعلمها.
ومنها {الطول أقصر الطرق إلى الزواج والنجاح} وجاء عنواناً لدراسة نشرها المعهد الوطني الفرنسي للإحصاء والدراسات وخلصت إلى أن الزواج يكون أبكر لدى الرجال طوال القامة، وأن الرجال قصار القامة أقل حظاً من طوال القامة في الحصول على عمل عندما يكونون متزوجين، فجاءت بداية العنوان {أطول اقصر..}وهذا يجعله عنواناً صحفياً.
ومن العناوين الصحفية كذلك العنوان الذي يتكرر فيه فعل.. مرة حقيقة وأخرى مجازاً، مثل هذا العنوان {طعنته في كرامته فطعنها بالسكين} وهو عن قيام الزوج بطعن زوجته بسكين المطبخ بعد أن انطلق لسانها في النيل منه والهزء به واحتقاره.
ومنها أيضاً العنوان الذي يحمل مفارقة، مثل {خادمات يخدمهن أنت} وجاء عنواناً لاستطلاع صحفي تحدث فيها عن رفاهية بعض الخادمات وكثرة طلباتهن وتزايد أعبائهن على مخدوميهن.
ومنها أيضاً العنوان الطريف، وبخاصة إذا كان فيه شيء من السجع، مثل: {المتسول الكسيح يسابق الريح} وجاء لخبر عن نصاب أوهم الناس بأنه كسيح ليستدر عطفهم ونقودهم.. وحين كشفت الشرطة أمره ولى هارباً.
وهكذا – يا قارئ المقال- طفت معك في بعض أنواع {العنوان الصحفي} مع ضرب أمثلة لها، أرجو أن تنفعك في وضع عناوين صحفية لما تكتب من مقالات وغيرها.
في (الرد) المقبل إن شاء الله أجيب عن سؤالين: ما غايتك من الكتابة؟ وبمن تستعين فيها؟
ما غايتك من الكتابة؟ وبمن تستعين فيها؟
من أهم ما يختص به الكاتب المسلم أنه يبتغي فيما يكتبه رضى ربه سبحانه عنه، ومن ثم فهو يتقيه عز وجل في كل ما يكتب، فلا يدعو في كتاباته إلى ما يخالف ما يأمر به سبحانه أو ينهى عنه، مهما كان الإغراء؛ مالاً وفيراً، أو متاعاً كثيراً، أو نحو ذلك.
ولهذا يا(قارئ المقال) فإن أول ما أدعوك إليه وأنت تخطو الخطوة الأولى، في طريق الكتابة هو محض نيتك لتكون خالصة لوجه الله سبحانه، فلا تبتغي من وراء كتابتك شهرة أو سمعة أو مالاً أو منصباً. نعم قد تأتيك الشهرة، وتحصل على مكافآت مالية، وترتقي في عملك؛ نتيجة تقدمك في الكتابة ونجاحك فيها، وهذا لا بأس به مادام أتى دون أن تطلبه أو تسعى إليه أو تشترط حصولك عليه مسبقاً.
وعليه فإن استعانتك بالله تعالى في الكتابة أمر ينبغي ألا يغيب عنه، وألا تهمله عندما تريد أن تبدأ في كتابة شيء، ولقد علمنا صلى الله عليه وسلم أن نقول: (( اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً)). وستجد عوناً من الله تعالى وتوفيقاً كبيراً منه جل شأنه.
وإذا ما توقف القلم في يدك أو أبطأ فإن عليك تكرار هذا الدعاء حتى يعود القلم إلى انسيابه وانطلاقه.
وحين يفتح الله عليك بالأفكار والكلمات والعبارات فلا تدع الشيطان يثير عجبك بنفسك فيجعلك تخاطبها: ما أجمل أسلوبي! ما أحسن كلامي! ها أنذا أُبدع في الكتابة! إذا وسوس لك الشيطان بهذه الوساوس وأمثالها فاستعيذ بالله منه واستحضر استعانتك به سبحانه وأنك ما توقف إلا بالله تعالى (( وما توفيقي إلا بالله)) {سورة هود-آية 88}، على خلاف ما كان من قارون حين دعاه قومه إلى ابتغاء الله والدار الآخرة فيما آتاه سبحانه وأن يحسن كما أحين الله إليه إذا قال يرد على دعوتهم: (إنما أوتيته على علم عندي) سورة القصص- آية 78.
ولقد وجدنا علماءنا الذين جمعوا وصنفوا، وكتبوا وألفوا يردون الفضل إلى الله تعالى وحده، كما تشهد بهذا مقدمات كتبهم وخواتيمها،وأختار مما كتبه الإمام النووي رحمه الله تعالى في خاتمة كتابه {الأذكار من كلام سيد الأبرار} إذ قال : ( هذا آخر ما قصدته من هذا الكتاب، وقد منَّ الله الكريم فيه بما هو أهل له من الفوائد والدقائق اللطيفة من أنواع العلوم ومهماتها، ومستجادات الحقائق ومطلوباتها، ومن تفسير آيات القرآن العزيز وبان المراد بها..، و..) ثم يقول: (والله المحمود على ذلك وغيره من نعمه التي لا تحصى، وله المنة أن هداني لذلك، ووفقني لجمعه ويسَّره عليَّ، وأعانني عليه ومنَّ عليّ بإتمامه، فله الحمد والامتنان والفضل والطَّـول والشكران).
فاحرص يا (قارئ المقال) على أن تفعل مثل هؤلاء العلماء الأتقياء فترد الفضل إلى الله وحده، وتحمده عليه، مستعين به تعالى دون غيره في كل كلمة تكتبها.
الكاتب: محمد رشيد العويد