1200 ورشة نجارة أفلست و300 بائع أثاث توقف عن النشاط
13-11-2017, 05:01 AM


روبورتاج: كريمة خلاص

صحافية بقسم المجتمع في جريدة الشروق اليومي

رغم الإفراج الجزئي عن استيراد الأثاث المصنّع، إلا أن أزمة الوفرة وارتفاع الأسعار لا تزال ضاربة أطنابها، وهو ما وقفت عليه "الشروق" خلال جولة قامت بها إلى محلات بيع الأثاث وورشات النجارة لاستقصاء واقع هذا النشاط الذي تضرر كثيرا من أصحابه بعد أن أفلست ورشات النجارة وغيّر بعض حرفييها نشاطهم، فيما ارتمى كثير من العمال في أحضان البطالة.
يجمع أصحاب ورشات النّجارة الخشبية أنّ الخشب وهو المادة الأولية لصناعة الأثاث ارتفع سعره بنسبة 100 من المائة وأحيانا 120 من المائة، فيما ارتفعت أسعار الأثاث بنحو 30 إلى 40 من المائة، ناهيك عن الندرة المسجلة في عديد "الموديلات".
"الشروق" قامت بجولة إلى بعض هذه المحلات والورشات ووقفت على الأسعار الجديدة لنفس قطع الأثاث التي كانت منذ مدّة بأسعار أقل، وصبّت تبريرات البائعين بارتفاع أسعار المواد الأولية والعملة الصعبة وتوقيف استيراد الأثاث من الخارج.
إفلاس 1200 ورشة نجارة و300 بائع أثاث توقف عن النشاط
عصفت أزمة ارتفاع أسعار الخشب وصعوبة الحصول عليها مؤخرا بنشاط عديد ورشات النجارة المحلية، حيث أفلس ما يزيد عن 1200 نجار اضطروا إلى غلق ورشاتهم، فيما يحتفظ بعضهم بعتادهم على أمل انفراج الأزمة أو العثور على زبون يقدر قيمة العتاد، حسب أرقام قدّمها بعزيز شريف رئيس اللجنة الوطنية للأثاث.
ويواجه هؤلاء النجّارون، حسب شهاداتهم للشروق، تضييقا رهيبا في الحصول على المادة الأولية التي ارتفعت أسعارها بأكثر من 120 من المائة، حيث يضطرون للوساطة والانتظار مطوّلا قبل توفيرها وهو ما انعكس سلبا على نشاطهم والتزاماتهم حيال زبائنهم الذين وجدوا الأسعار باهظة وفي غير متناولهم.
أسعار الخشب لم ترتفع كثيرا لدى المتعامل العمومي وهو الديوان الوطني للخشب غير أنها ارتفعت بنسب مذهلة لدى السماسرة والمضاربين الذين يعيدون بيعها مرات عدة قبل أن تصل إلى الحرفي.
من جهتهم يتخبط بائعو الأثاث في نفس المأزق وقد اضطر بعضهم إلى تجميد نشاطهم أو توقيفه نهائيا والتحوّل نحو مجالات أكثر ربحا في الوقت الحاضر وقدّر رئيس لجنة الأثاث عددهم بنحو 300 بائع أثاث.
ويتخوف كثير من التجار والحرفيين من استمرار الوضع وتدهوره في الأيام المقبلة إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، سيما بعد فقدانهم حصة كبيرة من تعاملاتهم مع المرقين العقاريين الذين كانوا يستعينون بهم في إطارات النوافذ والأبواب.
وفي هذه النقطة يقول علي حدادي صاحب ورشة إنّه فقد كثيرا من أصحاب المشاريع السكنية الذين كان يتعامل معهم بسبب ارتفاع قيمة الإطار الذي كان ثمنه 1200دج وأصبح الآن 2600دج.
حرفيون: نحن محقورون وصناعتنا أكثر إتقانا لكنها مهجورة
أكّد عديد النجارين الذين تحدثنا إليهم أنّ أسعار الخشب لم ترتفع عند الديوان الوطني للخشب، لكنها ارتفعت بنسبة تصل أحيانا إلى 120 من المائة عند الخواص.
وقال علي حدادي صاحب ورشة نجارة في حديثه للشروق إنّ آخر حصة استيراد كانت في شهر مارس الماضي، حسب ما يقال لهم عند طلب المادة الأولية.

الأسعار ارتفعت بالنسبة للنوعيات الرديئة من 110دج للمتر لتصل إلى 24 م أمّا الخشب الأحمر فارتفع إلى 1200 دج لـ 3م بعد أن كان لا يتعدى 450 دج وكذا نفس الشيء بالنسبة لنوع "الصابليي" الأجود الذي انتقل من 18 مليون للمتر المكعب ليصل إلى 23 مليون للمتر المكعب وهو ما اعتبره الحرفيون ارتفاعا طفيفا جعل أكثرهم يلجؤون إلى استعماله بعد أن كان في وقت قريب جدا يعتبر "ذهبا خشبيا" زبائنه قليلون جدا.
وأجمع النجّارون الذين تحدثنا إليهم في العاصمة أنهم يملكون الخبرة والمؤهلات الكافية لإنجاز قطع أثاث تحفة وبمقاييس عالمية كما أثنوا على منجزاتهم معتبرينها غاية في الجودة والنوعية وأسعارها معقولة جدا وأقل من المستوردة، لكن رغم هذا يعزف عنها الزبائن الجزائريون ويفضلون المستوردة وإن كانت أقل نوعية منها وأكثر غلاء، كل ما يهمهم هو الجانب الخارجي وقال أحدهم "نحن محقورون وصناعتنا لا تحظى بالتقدير".
نجّارون يبحثون عن اليد العاملة ولا يجدونها...
كشف علي حدادي صاحب ورشة نجارة أن اليد العاملة في مجال النجارة نادرة وأنّهم يبحثون طويلا للظفر بعامل مؤهل يحسن الصنعة حتى أنهم يقصدون مراكز التكوين ولا يجدون ضالتهم.
وهو نفس ما أكده توفيق صاحب ورشة نجارة في بوزريعة وآخر في درارية.
وأضاف هؤلاء أنهم يقترحون أحيانا أجرا يوميا يقدر بـ 4000 دج لإكمال بعض الطلبيات المستعجلة ولا يجدون من يوافق على عروضهم.
من جهتهم أكّد الأساتذة المكوّنون في الصنعة على مستوى عدد من مراكز التكوين بالعاصمة أنّ الإقبال على هذا التخصص تراجع كثيرا من قبل الشباب ولم يعد يستهويهم فهم يفضلون التخصصات الجديدة غير المتعبة.
ويقول الأستاذ المكوّن " ل. حسان" إنه كثيرا ما تصله طلبات من بعض النجارين لتوجيه الطلبة نحوهم وبعضها فقط يكلل بالتوفيق.
اللجنة الوطنية لبائعي الأثاث تراسل وزارة التجارة
كشف بعزيز شريف رئيس اللجنة الوطنية لبائعي الأثاث عن مراسلة وجّهتها اللجنة إلى وزير التجارة ورد فيها أنه حفاظا على مناصب الشغل المباشرة وغير المباشرة المستغلة حاليا لدى مستوردي الأثاث والمقدرة بـأكثر من 1200 عامل تقترح اللجنة الوطنية لقطاع الأثاث توقيف استيراد المواد التالية وهي: أسرة الأطفال والأسرة الحديدية وأثاث الحدائق والمكاتب والأرائك والأسرة الأريكة ورفوف المطابخ وكل أنواع الأفرشة وبالمقابل طالبت اللجنة باقتراح ترخيص استيراد غرف النوم ومجموعة قاعة الأكل وطاولات الأكل الخشبية بكل أشكالها ورفوف الأحذية وطاولات وأثاث التلفاز وخزانات الفضيات "آرجونتري".
المستوردون يرغبون في التحوّل إلى مصنعين عبر "مدينة الأثاث الصناعية"
عبّر كثير من مستوردي الأثاث عن رغبتهم في التحوّل إلى مصنعين للأثاث، حيث تكتل ما يقارب 100 مستورد لإنشاء قطب صناعي يأملون أن يرى النور قريبا جدا، وبحسب بعزيز الشريف فإن الجزائر بإمكانها استغلال السوق الإفريقية نظرا لموقعها حيث تعد بوابة القارة الإفريقية كما أنّ بلدانها تستورد كل أنواع الأثاث من الصين وتركيا، رغم أننا الأقرب إليها، كما أنّ للجزائر كل الامتيازات الملائمة في هذا المجال بما في ذلك المناخ والموانئ وكذا اكتساب المعرفة التي يمتلكها مستوردو الأثاث والحرفيون.
ويضم المشروع في البداية، حسب المتحدث، 100 مستورد وحرفي أبدوا استعدادهم للتصنيع والتصدير، حيث يستفيد كل واحد من مساحة 6500 متر مربع أي 650 ألف متر مربع.
ويتلخص المشروع في تخصيص منطقة وتهيئتها بالطرق وقنوات الصرف ومياه الشرب والكهرباء والغاز والهاتف، كما يحتوي المشروع قاعة عرض"شاوروم" مع مختلف المرافق الأخرى على غرار الفندق والمطعم والمقهى ومركز صحي وقاعة استقبال وفضاء لعب للأطفال ومكاتب لشركات النقل البحري والنقل الداخلي والخارجي البري ومساحات شحن الحاويات وحظائر سيارات.
وتعهّد جميع المتعاملين بعدم مطالبة الدولة بإعانات الإنشاء ماعدا التهيئة التي تتمثل في الطرقات وقنوات صرف المياه وشبكة المياه الصالحة للشرب والكهرباء والغاز والهاتف.
وتوقّع أصحاب المشروع استلامه في 2020 إذا ما منحت لهم الموافقة وسارت الأمور كما سطرها هؤلاء وسيتزامن التسليم مع تنظيم معرض جزائري إفريقي لتصدير الأثاث الجزائري.
القضاء على فاتورة الاستيراد وتوفير 3500 منصب عمل
ومن المنتظر أن يوفر المشروع 3500 منصب عمل مباشر في المرحلة الأولى وستكون الحصة الأكبر للمصانع الثلاثين التي ستشغل لوحدها 3000 عامل.
ويقول بعزيز شريف إن اليد العاملة الأجنبية حاليا تكلف ما لا يقل عن 800 دولار بينما هي أقل بكثير جدا في بلادنا وهو ما يمكننا من تقليصها إلى النصف.
وأضاف المتحدث أنّ إنشاء مدينة الأثاث سينعكس إيجابا على فاتورة الاستيراد، حيث ستتقلص، كما سيسمح المشروع بدخول العملة الصعبة من طرف المستوردين الأجانب وعن طريق التصدير وخلق حركة اقتصادية تجارية.
ناهيك عن تراجع أسعار البيع بما لا يقل عن 20 من المائة بالنسبة للمواد المستوردة وذلك إثر إلغاء تكلفة الشحن ومصاريف المكاتب وكذا حركة البضائع المقدرة بـ 30 من المائة من ثمن الحاوية.
باختصار يقول محدثنا "في هذا المشروع يربح الدولة والشعب".
بعزيز: استقطبنا 30 دولة في المرحلة الأولى
كشف بعزيز الشريف أنّ المحادثات التي قادها إلى جانب عدد من المستوردين الآخرين أثمرت عن استقطاب 30 دولة إفريقية في المرحلة الأولى وهي قابلة للارتفاع عند تجسيد المشروع، حيث عبر الكثير من متعاملي الأثاث الأجانب عن استعدادهم للتعامل مع الجزائر بدل روسيا وتركيا اللتين يسيطران حاليا على هذا المجال.