المأمون يحلل زواج المتعة ثم يحرمه
13-09-2020, 08:13 PM
المأمون يُحَلّل زواج المتعة ثم يحرمه


تدل أحكام المتعة المقررة عند الشيعة الجعفرية أنها ليست زواجاً، وإنما هي استمتاع وقضاء لشهوة، فمن جملة أحكامها عندهم، أن عقدها لا يحتاج الى شهود ولا الى كتاب معقود أمام القاضي، وأنه لا توارث فيها بين الرجل والمرأة إلا بالاتفاق، ولا نفقة للمرأة المستمتَع بها بعد انقضاء مدة العقد، وفيها يجوز للرجل أن يتمتع بأكثر من امرأة واحدة بلا قيد لعددهن*1 ويعتمد الشيعة على الآية {فما استمتعتم به منهن فأتوهن أجورهن} [النساء24]. ويقولون أن واحداً فقط هو من حرم ذلك وهو (عمر بن الخطاب).
ونرى تابعياً كبيراً وهو سعيد بن المسيب إذ يقول (رحم الله عمر بن الخطاب، لو لم ينهى عن المتعة لاتخذها الناس دولسياً ـ أي ذريعة مُدلسة للزنا).
ولما تولّى المأمون الخلافة، أمر بتحليل المتعة ثم نهى عنها، وقد روى (ابن خلكان) حكاية التحليل والنهي فقال:
روى (أبو العيناء) قال: كنا ومحمد ابن منصور ويحيى بن أكثم مع (المأمون) في طريق الشام، فأمر فنودي بتحليل المُتعة. فقال لنا يحيى بن أكثم: بَكّروا غداً إليه، فإن رأيتما للقول وجهاً فقولا، وإلا فاسكتا حتى أدخل.
قال: فدخلنا إليه وهو يستاك ويقول ـ وهو مُغتاظ ـ متعتان كانتا على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى عهد أبي بكر، وأنا أنهي عنهما، ومن أنت يا أحول ـ يقصد عمر بن الخطاب ـ حتى تنهي عما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر؟ قال (أبو العيناء) : فأومأت الى محمد بن منصور أن أَمسِك، رجلٌ يقول في عمر بن الخطاب ما يقول، ونكلمه نحن؟ فأمسكنا، وجاء (يحيى ابن أكثم) فجلس وجلسنا.
فقال المأمون ليحيى: ما لي أراك مُتغيراً؟
قال يحيى: هو غَمٌ يا أمير المؤمنين لما حدث في الإسلام.
قال المأمون: وما حدث فيه؟
قال يحيى: النداء بتحليل الزنا.
قال المأمون: الزنا؟
قال يحيى: نعم، المُتعة زنا.
قال المأمون: ومن أين قلت هذا؟
قال يحيى: من كتاب الله وحديث رسوله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى {قد أفلح المؤمنون....الى قوله والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين. فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون}. يا أمير المؤمنين: زوجة المتعة مُلك يمين؟
قال: لا
قال: فهي الزوجة التي عنى الله، ترث وتورث ويلحق الولد بها ولها شرائطها ؟
قال: لا
قال: فقد صار متجاوز هذين من العادين. وهذا الزُهري يا أمير المؤمنين، روى عن عبد الله والحسن ابني محمد بن الحنفية عن أبيهما محمد بن علي بن أبي طالب، قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أنادي بالنهي عن المتعة وتحريمها بعد أن كان أمر بها.
فالتفت إلينا المأمون فقال: أمحفوظٌ هذا من حديث الزهري؟
فقلنا: نعم يا أمير المؤمنين، رواه جماعة منهم مالك.
فقال: استغفر الله العظيم، نادوا بتحريم المتعة، فنادوا بها.

ــــــــــــــ
*1ـ الطبري 3/588