هذه قصة اللقلق الذي مزّق العلم الفرنسي وخدم الثورة
16-09-2018, 03:21 PM




لا يزال سكان رأس الواد بولاية البرج يتذكرون مناقب الطاهر عون الذي وافته المنية منذ 4 أشهر (ماي المنصرم)، عن عمر يناهز 85 سنة، إثر صراع مع المرض، حيث يلقبه البعض بـ”ابن بطوطة السطايفي”، رجل احتفظت ذاكرته بأدقّ التفاصيل التاريخية التي واكبها وعايشها، سواء في مجال التصوير الفوتوغرافي المحترف أو وفائه لتربية النحل، كما كانت له قصة مع القنطاس، وكذا حكاية اللقلق مع العلم الفرنسي وكيف خدم الثورة التحريرية.
احتفظت ذاكرة الراحل عمي الطاهر نون بقصة مثيرة ومؤثرة تتعلق باللقلق ومشاركته في الثورة التحريرية على طريقته الخاصة، حيث التقط له صورة في مدرسة الجمعي بنور (برجي) ووزعها على كثير من المدارس والأصدقاء، وحسب الأستاذ البشير بوكثير فإن عمي الطاهر كان يحاول من وراء نقل صورة اللقلق الكشف عن معنى ليدلل به على مشاركة هذا الطائر الجميل في الحرب التحريرية، حيث جرت حسب قوله أحداث القصة بمعتقل قصر الطير (قصر الأبطال) بسطيف، حين حمل هذا الطائر العلم الفرنسي ومزقه وبنى به عشه، فألقت عليه السلطات الفرنسية القبض وسجنته في هذا المعتقل، والشيء العجيب أنه كان يتجاوب مع هموم المساجين الجزائريين، حيث كان يمتنع عن الطعام وكان يرتجف لهول ما يراه من تعذيب شديد للمجاهدين وبقية المناضلين الذين ألقي عليهم القبض من طرف السلطات الاستدمارية..
وتعود قصة الطاهر عون مع تربية النحل إلى منتصف السبعينيات، حيث تحصل على مجلة من فرنسا تُعنى بكيفية تربية النحل، وتلقى تكوينا لمدة عامين، ما جعله يبدي اهتمامه بهذا الجانب، كما له حكاية مع القنطاس، وهو عارضة خشبية تتوسط البيوت التقليدية، وتعود الحادثة إلى سنة 1948، حين تمّ هدم منزله ببير الكرمة، فقام بمراسلة القيادي فرحات عباس الذي أمر حاكم عين ولمان آنذاك “باولو” بإعادة تشييده، وقد تنقّل هذا الحاكم شخصيا على متن سيارته 203 من عين ولمان إلى بير الكرمة، مُعطيا أوامره لزعيم الدوار بتنفيذ المهمّة، لكن لم تنفذ الأوامر في آخر المطاف، ليتم بناؤه بمساعدة أهل قريته.
ويتحدث الأستاذ البشير بوكثير عن الراحل عمي الطاهر عون بكثير من الاحترام، خاصة وأن له باع طويل في مجال التصوير الفوتوغرافي منذ منتصف الخمسينيات، حيث تنقل بين مدن كثيرة من بينها بوفاريك والبليدة والمدية والحراش والجلفة وسيدي عيسى وعين وسارة والمسيلة وغيرها، بينما الصورة التي حققت مشاهدة كبيرة فهي خاصة ببسكرة وجبل الأوراس. وقد سبب هذا العمل الكثير من المشاكل والمتاعب بسبب مراقبة السلطات الفرنسية التي اعتبرته عملا توعويا ينضوي تحت العمل الثوري، ما جعل السلطات الفرنسية تحاول أن تنزع منه آلة التصوير في نواحي برهوم بالمسيلة. كما كان للراحل عمي الطاهر عون ذكريات مع فنانين قدامى معروفين، مثل خليفي أحمد والمطربة نجاة ونورة وقاسي تيزي وزو، وغيرهم.