رسائل أخوية إلى الشباب
17-06-2014, 12:17 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:



الخطبة [ ] الأولى:

ما من أمة بادت.. وأخرى قامت، إلا ولها شعار ترفعه، ووسام تفتخر به، به ترتقي وتزدهي، وبه تجالد أعداءها وخصومها، كان وما زال محط أنظار الدول والممالك، ومصدر قوتها وعزتها، هم شريحة من أي مجتمع عماده، وسلاحه، بدونهم لا تقوم لأمة قائمة، وبفقدانهم حسًا أو معنىً تبقى الأمة حبيسة التخلف والضعف، قابعة في مؤخرة الركب، لابسة أثواب الذل والصغار..

إنهم.. الشباب.. عماد الأمم، وسلاح الشعوب، يؤثرون في الأمة سلبًا أو إيجابًا، يدفعون عجلة التأريخ نحو أمل مشرق، ومستقبل مضيء، أو يديرونها إلى الوراء جهلاً وحمقًا.

والتاريخ يشهد على هذه الحقيقة، وأيام الزمن صور وعبر..

إبراهيم -عليه السلام- واجه قومه وأنكر عليهم عبادة الأوثان بل وكسرها وهو شاب يافع قَالُوا سَمِعنَا فَتًى يَذكُرُهُم يُقَالُ لَهُ إِبراهِيمُ [الأنبياء: 60[.

ومؤمن آل فرعون يصدح بالحق وينادي وَقَالَ رَجُلٌ مٌّؤمِنٌ مّن ءآلِ فِرعَونَ يَكتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ اللَّهُ وَقَد جَاءكُم بِالبَيّنَاتِ مِن رَّبّكُم [غافر: 28]. يقولها في وجه فرعون كبير المتغطرسين المتجبرين..

والفتى الداعية غلام الأخدود يسعى للموت، ويطلب القتل، ترخص عليه روحه إذا كان في إزهاقها إيمان أمة، وصلاح شعب وَالسَّمَاء ذَاتِ البُرُوجِ وَاليَومِ المَوعُودِ وَشَاهِدٍ, وَمَشهُودٍ, قُتِلَ أَصحَابُ الأخدُودِ النَّارِ ذَاتِ الوَقُودِ إِذ هُم عَلَيهَا قُعُودٌ [البروج: 16[.

وفي خبر أصحاب القرية يرسل الله إليهم ثلاثة من الأنبياء فكذبوهم وقتلوهم، فأضحى من آمن من قومهم يخفي إيمانه خوفًا على نفسه وأهله، واحتوى الرعب نفوس البشر، وتمكن الذعر من القلوب، واكتسى الأفق ثوب الصمت والوجوم، إذا بصوت حافي يقطع ذلك الصمت الرهيب، ويشق سماء الركود والهدوء، ليقشع غيوم الكفر والفسوق وَجَاء مِن أَقصَى المَدِينَةِ رَجُلٌ يَسعَى قَالَ يا قَومِ اتَّبِعُوا المُرسَلِينَ اتَّبِعُوا مَن لاَّ يَسأَلُكُم أَجراً وَهُم مٌّهتَدُونَ وَمَا لِيَ لاَ أَعبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيهِ تُرجَعُونَ [يس: 2022[.

وهكذا يكون الشباب [ ] قوة الأمم، وفخارها وذخرها وسندها، ولذا كان لا بد من حديث خاص نخاطب فيه الشباب، شعاره الصدق [ ] والمحبة، وعنوانه الصراحة والتجرد..

فإليك أيها المبارك.. إليك يا أمل الأمة.. إليك يا سليل المجد.. يا حفيد العز..

كلمات ملؤها الصدق [ ] والوفاء، دفعني لها حبك وحب الخير لك، وجعلني أتطفل وأكسر تلكم الحواجز الوهمية، كرمك الفطري، وعقلك الثاقب..

فأملي أن تعيرني منك مسمع، ليكون الحديث حديث القلب [ ] إلى القلب، ونداء الروح للأرواح، يسري في الأعماق بين الجوانح، فتعال معي إلى هناك.... هناك بعيدًا عن الأصدقاء بعيدًا عن التعلق برواسب الدنيا [ ] وملذاتها، دعنا نتحدث بكل وضوح وصراحة وموضوعية..

لمتابعة القراءة أضغط على الصورة