التلفزيون الفلسطيني والدراما
01-03-2007, 12:49 PM
التلفزيون الفلسطيني والدراما: عروض قديمة لأسباب مادية





«آه... أتذكر أنني شاهدت هذا المسلسل وأنا في العاشرة من عمري». هذا ما قاله مدرس اللغة العربية سالم الأعرج وهو يتابع مسلسل «ليالي الحلمية» عبر شاشة التلفزيون الفلسطيني مؤكداً، كما غيره، أن التلفزيون المحلي وكذلك نسخته الفضائية، لا يعرضان مسلسلات عربية جديدة، حتى تلك التي عرضت في رمضان الماضي أو قبله، ما يجعل التلفزيون الفلسطيني أبعد ما يكون عن المنافسة على الجمهور العريض من عشاق الجديد في الدراما العربية. ويضيف: «صحيح أننا نتجه نحو فضائيات أخرى لمتابعة المسلسلات الجديدة، مثل السورية والمصرية، ولا نجد على الشاشة الفلسطينية سوى مسلسلات تعود في أحدثها الى أكثر من خمس سنوات، إلا أن بعض هذه المسلسلات يعيدنا إلى طفولتنا، ويجعلنا نستعيد ذكريات رافقت متابعتنا الأولى لها، وإن كنت أكاد أجزم بأن ذلك غير مقصود».

تعرض الفضائية الفلسطينية، كما التلفزيون، هذه الأيام، عدداً من المسلسلات السورية والمصرية والأردنية، التي اشتهرت قبل عقد أو أكثر، كمسلسل «عليوة» الأردني، الذي حقق حضوراً حين عرض، قبل أكثر من عشر سنوات حيث لم يعد أحد في الأردن، ينادي الفنان ربيع شهاب باسمه، بل بـ «عليوة»، في حين حملت بعض المحال التجارية، اسم الشخصية الدرامية التي باتت الأكثر شعبية لدى المواطن الأردني، والفلسطيني الذي كان أكثر المشاهدين للتلفزيون الأردني.

وبينما تتنافس الفضائيات على إنتاج الأعمال الدرامية الخاصة بها، كما تفعل فضائيات «دبي» و «أبو ظبي» و «راديو وتلفزيون العرب» وغيرها، أو الحصول على حق بث بعضها حصرياً، كما تفعل «إم بي سي» و «الراي» و «ال بي سي»، لا تعرض الشاشة الفلسطينية أي أعمال درامية جديدة، ولو اشتركت في بثها مع قنوات أخرى، وهذا يجعلها في ذيل القائمة.

نقول هذا من دون أن ننكر ان الأمر اختلف في رمضان الأخير، عبر الدراما الفلسطينية الكوميدية «شو في ما في»، والممول من الحكومة البريطانية، إذ حقق هذا العمل نسبة حضور عالية بين الفلسطينيين، وبعض العرب. وهو امر لم يكن يتوقعه أكثر المتفائلين من فريق العمل، كونه التجربة الأولى للكثير منهم، وبخاصة المخرج رفعت عادي.

وشكل المسلسل تظاهرة درامية فريدة من نوعها في فلسطين، خصوصاً أنها وليدة إنتاج فلسطيني، تمثل في شبكة «معاً» الإخبارية، ما يبشر بمستقبل دراما كوميدية مستقلة قد تنافس وتضاهي الأعمال العربية التي تعرض على الفضائيات، مع العمل بجهد في هذا الاتجاه.

وكما قدم منتجو «شو في ما في» العمل هدية للتلفزيون الفلسطيني، ونسخته الفضائية، منح منتجو مسلسل «التغريبة الفلسطينية»، في رمضان الذي سبقه، نسخة مجانية للتلفزيون الفلسطيني، بطلب من بطله النجم السوري جمال سليمان. وهو ما رحبت به الشركة المنتجة، لخصوصية موضوع المسلسل، وضرورة مشاهدة الفلسطينيين له.

ويبرر القائمون على التلفزيون الفلسطيني، قدم المسلسلات الدرامية العربية المعروضة على شاشته، بضعف الإمكانات، وعدم توافر الموازنات المادية الكافية لشراء تلك المسلسلات. وحول هذا الموضوع يقول المدير العام في التلفزيون الفلسطيني محمد الداودي: «ليس أسهل من عملية شراء عمل درامي من شركة إنتاج ربحية، حال توافرت الأموال اللازمة لذلك... لكن للأسف نحن لا نملك حتى واحداً في المئة من قيمة هذه الأعمال، وللحقيقة شركات الإنتاج العربية تتعاطف معنا، وتعرض علينا العمل الدرامي الجديد بخصم يصل إلى 90 في المئة أحياناً، أي 100 ألف دولار بدلاً من مليون، على سبيل المثال، لكنا لا نملك ألف دولار أو حتى مئة».

ويضيف الداودي: «أخجل عندما نعرض عملاً درامياً قديماً، لكن «العين بصيرة واليد قصيرة»... وهذا ليس تقصيراً من إدارة التلفزيون، أو عدم إدراك منها لأهمية الأعمال الدرامية الحديثة والبرامج المنوعة، لكن صدقاً لا نملك أحياناً 50 دولاراً كلفة الحلقة الواحدة من برنامج ما... حتى ان أحد الزملاء بدأ بإعداد برنامج شبابي كلفة الحلقة الواحدة منه 13 دولاراً، ولا ندري من أين سنرصد له هذا المبلغ الزهيد».

ويؤكد الداودي وجود بعض الشركات التي تقدم للتلفزيون أعمالاً درامية مجانية، إضافة الى بعض التلفزيونات العربية، «لكنها تقدم في العادة مسلسلات قديمة، ولا يمكننا اشتراط تزويدنا بمسلسلات حديثة، فحتى القديمة لا بد من شرائها من شركات الإنتاج بمبالغ تفوق موازنتنا المعدمة... فمنذ أشهر لم نتقاض رواتبنا، وكثير منا يصرف على برنامجه من نفقته الخاصة».

ويرى الداودي أن الحل يكمن في تحرك عاجل لرجال الأعمال الفلسطينيين والشركات الاستثمارية والبنوك، لرعاية مسلسلات حديثة أو برامج معينة، «لعلنا نخرج مشاهدنا من إطار النشرات الإخبارية المتلاحقة. لكن حتى الآن يبدو أن القطاع الخاص في الأراضي الفلسطينية، لا يدرك أهمية الدعاية عبر مسلسل حديث، أو فيلم ليس قديماً، أو حتى فيديو كليب، أو برنامج منوع، أو متخصص».

- الحياة -