الرفيق في فقه الحج والعمرة للبيت العتيق -الحلقة الخامسة السعي بين الصفا والمروة-سيد مبارك
07-08-2018, 04:45 AM

الرفيق في فقه الحج والعمرة للبيت العتيق -الحلقة الخامسة

السعي بين الصفا والمروة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي النبي الأمين وبعد. .نواصل معا بيان فقه الحج والعمرة ونبين في هذه الحلقة فقه وكيفية السعي بين الصفا والمروة وهو ركن ودليل مشروعيته قوله تعالى: (إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (158)البقرة

و ﴿ الصفا والمروة ﴾: جبلان معروفان؛ يقال للصفا: جبل أبي قبيس؛ وللمروة: قُعَيقعان؛ وهما شرقي الكعبة

صفة السعي:

يبين ذلك حديث جابر- رضي الله عنه- في وصف حجة النبي -صلي الله عليه وسلم- قال" فلما دنا من الصفا قرأ: ﴿ إن الصفا والمروة من شعائر الله ﴾

أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي سعى حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا " (1)

والسعي كالطواف يشترط أن يكون سبعة أشواط يبدأ بالصفا وينتهي بالمروة، ويكون سعيه من الصفا للمروة شوطاً ومن المروة للصفا شوطاً آخر وهكذا حتى يختم السبعة بالمروة

وإذا انتهى من السعي فيتحلل من عمرته بحلق او تقصر بالنسبة للرجل، والمرأة تقصر فقط من كل ضفيرة قدر أنملة.

ويلاحظ أن:

-من حج قارنا أو مفردا لا يجوز في حقهما الحلق أو التقصير بعد السعي بل يظلان علي إحرامهما حتي يوم التروية-أي الثامن من ذي الحجة ليكملوا بقية المناسك كما سوف يأتي بيانه.

- يرى بعض العلم الثقات أن القارن الذي لم يسق الهدي، وكذلك المفرد بعد السعي يجب عليه أن يتحلل ويجعل حجه متمتعاً

قال الألباني - رحمه الله (2)

(ومن كان أحرم بغير عمرة الحج. ولم يكن ساق الهدي من الحل فعليه أن يتحلل اتباعا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم واتقاء لغضبه وأما من ساق الهدي فيظل في إحرامه ولا يتحلل إلا بعد الرمي يوم النحر)اهـ

- القارن والمفرد يكفيه هذا السعي،ولا يلزمه سعيا آخر بعد طواف الإفاضة. أما المتمتع فإنه يلزمه سعيا آخر بعد طواف الإفاضة.

وهناك ملاحظات وأخطاء تقع في السعي مثال ذلك:

1-الظن أن السعي لابد له من الطهارة لا أصل له في الشرع لأن المسعى ليس من البيت ولهذا جاز للحائط أن تسعي بلا حرج وتعمل سائر الأعمال إلا الطواف بالبيت حتى تطهر وتغتسل كما سبق بيانه

2-ليس شرطا أن يسعى بعد الطواف مباشر بل يجوز تأخير السعي لوقت آخر لان السعي لا يشترط فيه المولاة لأنه لم يثبت دليل صحيح على ذلك.

قال ابن قدامة (3):

قال أحمد: لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح أو إلى العشي.

وكان عطاء، والحسن لا يريان بأسا لمن طاف بالبيت أول النهار، أن يؤخر الصفا والمروة إلى العشي. اهـ

وايضاً ليس شرطا السعي بلا توقف بل يجوز التوقف والاستراحة في المسعى ثم المواصلة، ويجوز السعي راكبا لعذر.

قال النووي (4):

”الأفضل أن لا يركب في سعيه إلا لعذر كما سبق في الطواف لأنه أشبه بالتواضع لكنه سبق هناك خلاف في تسمية أن الطواف راكبا مكروه واتفقوا على أن السعي راكبا ليس بمكروه لكنه خلاف الأفضل" اهـ

3-ينبغي علي الرجل الترمل عند العلمين الأخضران شريطة إلا يؤذي أحد من المسلمين، وإذا تجاوزاهما مشى كعادته، والترمل خاص بالرجال دون النساء.

وقد سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى- ما هي السنة في سعي المرأة بين العلامتين الخضراوين هل تسرع في السعي أم لا؟

فأجاب فضيلته بقوله: المرأة لا تسرع لا في الطواف في الثلاثة أشواط الأولى ولا بين العمودين الأخضرين في السعي، وقد حكى بعض العلماء إجماع أهل العلم على أن المرأة لا يلزمها ركض ولا رمل، وعلى هذا يكون الدليل المخصص هو إجماع العلماء- رحمهم الله- أن المرأة لا تسعى ولا ترمل. (5)

4- للمعتمر أو الحاج عند السعي أن يدعو بما شاء وليس هناك دعاء معين يلتزم به ولا أصل في الشرع للدعاء الجماعي-أي يدعو أحدهم والآخرون يؤمنون على دعائه.

5-لا يجوز ما يفعله بعض المعتمرين من تكرار العمرة سواء جاء لعمرة فقط أو حج وعمرة، وذلك لأنه لم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم إنه أعتمر في السفر الواحد أكثر من عمرة

قال العلامة ابن عثيمين- رحمه الله (6)

تكرار العمرة عدة مرات إذا حج الإنسان إلى مكة من الأمور غير المشروعة، قال شيخ الإسلام - رحمه الله- إن ذلك غير مشروع باتفاق المسلمين، وعلى هذا فلا ينبغي للإنسان أن يكرر العمرة أثناء وجوده في مكة أيام الحج، بل إن السنة ألا يكرر حتى الطواف بالبيت، وإنما يطوف طواف النسك فقط، وهو طواف أول ما يقدم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع كما فعل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا ريب أن خير ما يتمسك به المرء في عبادته ووصوله إلى رضوان الله سبحانه وتعالى ما جاء به محمد- صلى الله عليه وسلم -.اهـ
ثانياً: واجبات العمرة
1- الإحرام من الميقات
وقد سبق بيان فقه الإحرام ومواقيته الزمانية والمكانية سلفا
2-الحلق أو التقصير
-من كان جاء لعمرة فقط فيحلق أو يقصر والحلق أفضل وبهذا يكون قد تحلل من عمرته، والمرأة المشروع في حقها التقصير فقط ويأخذ من كل ضفيرة قدر أنملة.

- أما من كان حاجا متمتعا فأنه يقصر أو يحلق كالمعتمر فقط ثم يحرم من جديد يوم الثامن من ذي الحجة أول أيام الحج كما سوف يأتي بيانه. وللحديث بقية أن شاء الله

------------------
1- أخرجه مسلم (1218)

2 - مناسك الحج والعمرة ص/27

3-انظر المغني لأبن قدامة المقدسي (المتوفى : 620هـ)(3/411)

4 - انظر المجموع شرح المهذب لأبي زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى : 676هـ)

5 -فتاوى نور على الدرب للعثيمين برقم969

6- مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين جمع وترتيب : فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان (22/263) سؤال رقم/776