تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الأمازيغي52
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,347

  • وسام اول نوفمبر وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • الأمازيغي52 will become famous soon enough
الأمازيغي52
شروقي
قصة الحديث والمحدثون[1 ](حقيقة التدوين)
01-03-2015, 06:08 PM
قصة الحديث والمحدثون[1 ]
(حقيقة التدوين)
بقلم عيسى العلي .

الحديث والمحدثون أمران اقترنا حتى أصبح ذكرهما دلالة صفة واعتقاد لدى البعض, ما المراد بالحديث؟ وكيف نشأ؟ ومن هم المحدثون؟ وما أبرز مهمة يقومون بها؟ ما مدى قوة وصلابة علم "الجرح والتعديل"؟ وعلى ماذا يقوم؟ أسئلة سنحاول الإجابة عليها في هذه السلسلة من المقالات.

°°إننا في زمان نسمع فيه ذكر الحديث أكثر من حضور القرآن، بل نجد البعض يحكم على إيمان الناس بحسب تعاملهم مع الحديث, فما هو الحديث؟ وما الفرق بينه وبين السنة؟ وكيف نشأ؟ وما موقف الرسول والصحابة منه؟

°°الحديث هو كل ما أثر على النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير, أما السنة فهي الطريقة التي كان يسير عليها الرسول عليه الصلاة والسلام, ((ما أثر عن الرسول من عمل)).

°°أما كيف نشأ؟ فهو ما يعرف بتدوين الحديث .. وفي هذا المقال سأورد أهم ما يتعلق بذلك, إضافة إلى أهم مواقف الرسول والصحابة من التدوين.

إن عادة العرب في ثقافتها هي الرواية وليس الكتابة، ولذلك كانت أشعارهم هي أكثر ما بقي من ثقافتهم؛ لسهولة حفظها وتداولها وروايتها. لقد كانت الكتابة لديهم شيئا ثانويا، فهم يعتمدون بشكل كبير على ملكة الحفظ وقوة الذاكرة.

°°ومع مجيء الرسول صلى الله عليه وسلم تكاثر القراء والكتاب؛ لحثه على القراءة كما علمه ربه إذ قال: {اقرأ} واهتمامه بتعليم أبناء المسلمين الكتابة؛ فأذن لأسرى بدر أن يفتدوا أنفسهم بتعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة على أن يقوم كل أسير بتعليم عشرة من صبيان المسلمين حتى يطلق سراحه.
وقد قام بعض الكتاب بعد ذلك بتدوين القرآن الكريم، وكُتب القرآن بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد كتب في عهده مفرقا في العسب واللخاف.

الأمر الغريب والمشكل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن في جمع الأحاديث وتدوينها وكتابتها، كما كان يأذن في جمع القرآن وكتابته!


°°فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) (1) ولم يرد سماحه للكتابة إلا في قضايا واستثنائية، كأمره بالكتابة لأبي شاه بعد أن طلبه في أن يكتب له شيء من خطبته! (2) وبعض القضايا المدنية كالزكوات ونحوها..

وما أن انتقلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جناب ربه إلا وبدأ الاختلاف بين الصحابة –رضوان الله عليهم- في تدوين الحديث من عدمه، فأباحه بعضهم وكرهه أكثرهم ومنعوه, الغريب أنه لم يوجبه أحد كما يفعل البعض الآن !

°°على رأس الكارهين والمانعين (3) خليفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، يروي الذهبي عن أبي بكر فيقول: "جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا، فمن سألكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه". (4)

وأما عمر فكان يضرب بالدرة من يُحدث، ومن ذلك أبو هريرة إذ يروي عن نفسه فيقول: "إني لأحدثكم بأحاديث لو حدثتها في عهد عمر لضربني بالدرة" (5)، ونهي عمر المتكرر ومنعه لا يخفى على باحث، فمما فعله أنه جمع جميع ما كتب ودون فأحرقه، كما أنه جمع الصحابة المحدثين، وأبقاهم في المدينة ومنعهم من التحديث والسفر.

وكان أحد أسباب نهيهم وكراهتهم لتدوين السنة؛ أن ينشغل الناس بها عن القرآن، روى البيهقي عن عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن، فاستشار في ذلك أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر يستخير الله فيها شهرًا، ثم أصبح يومًا وقد عزم الله له وقال: "إني كنت أردت أن أكتب السنن، وإني ذكرت قومًا كانوا قبلكم كتبوا كتبًا فأكبُّوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني والله لا ألبس كتاب الله بشيء أبدًا". (6)

°°ومن الأسباب: أن يبقى للدين مكانته، وأن لا تزاحم السنة للقرآن، يقول قرظة بن كعب: بعثنا عمر بن الخطاب إلى الكوفة وشيعنا فمشى معنا إلى موضع يقال له صرار، فقال: أتدرون لم مشيت معكم؟ قال: قلنا: لحق صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحق الأنصار، قال: لكني مشيت معكم لحديث أردت أن أحدثكم به، وأردت أن تحفظوه لممشاي معك،م إنكم تقدمون على قوم للقرآن في صدورهم هزيز كهزيز المرجل، فإذا رأوكم مدوا إليكم أعناقهم، وقالوا: أصحاب محمد فأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم". (7)

°°°فَسرت الأمور بشكل مختلف، فالقليل يُدون ويحدث، والأكثر يعلم القرآن ويقول رأيه.


إلى أن أتى عمر بن عبدالعزيز في القرن الثاني، بعد قرابة المائة سنة من موت الرسول، أي بعد جيلين !
يقول البخاري في صحيحه عن عبد الله بن دينار قال: "كتب عمر بن عبد العزيز إلى أبي بكر بن حزم: انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتبه فإني خفت دروس العلم وذهاب العلماء، ولا تقبل إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولتفشوا العلم ولتجلسوا حتى يعلم من لا يعلم فإن العلم لا يهلك حتى يكون سرا" (8)

°°وفي كتاب جامع بيان العلم وفضله، عن ابن شهاب الزهري قال: "أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها دفترا دفترا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترا". (9)

°°ومع الجيل الثالث -أتباع التابعين- انتشر ما يعرف بالتدوين المبوب والمرتب، فجمعت الأحاديث في المجاميع والمصنفات ..



أما القرن الثالث، وهو الجيل الرابع والخامس، (10) فيعتبر العصر الحقيقي لتدوين وانتشار السنة، إذ برز فيه كثير من الحفاظ والنقاد المعتبرين لدى أهل الحديث أمثال: أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، وأبو زرعة الرازي، وأبو حاتم الرازي، وعثمان بن سعيد الدارمي، وغيرهم ممن كان على أيديهم تأسيس كثير من علوم الحديث، وكان لهم السبق في التصنيف في كل نوع من العلوم الحديثية.


°°ومن ثم أتى القرنين الرابع والخامس، وفيهما الأجيال السادسة إلى التاسعة من عهد الرسول عليه الصلاة والسلام!

وفي هذين القرنين: اختلف حصر المحدثين للحديث، فمنهم من سار على نهج الصحيحين في محاولة التصنيف للأحاديث الصحيحة، ومنهم من سار على نهج أصحاب السنن في الاكتفاء على أحاديث الأحكام "الصحيحة وغيرها"، كما اهتم آخرون بالتأليف في مختلف الحديث ومشكله، وظهرت في هذين القرنين كتب المستدركات والمستخرجات والمعاجم والعلل، وكتب الجمع بين الصحيحين، ومحاولة الجمع بين الكتب الستة.


. . وعلى أساس ذلك وصلتنا كتب الحديث . .

°°إذا تصورنا كيف تكوّن الحديث .. ومتى بدأ .. وكيف انتقل ..؟

بقي أن نعرف الآن: من هم المحدثين؟ وما أبرز مهمة يقومون بها؟ ما مدى قوة وصلابة علم "الجرح والتعديل"؟ وعلى ماذا يقوم؟ وهذا ما سنتناوله في المقالات القادمة.

______________________________
[SIZE="2"]

1 مسلم، صحيحه، (رقم الحديث: 3004).

2 انظر: الألباني، صحيح الترمذي، 2667.

3 من أراد التوسع، فهناك بحث جيد، ولا أدري هل هو مطبوع أو لا، فقد اطلعت على نسخة الكترونية، وهو منتشر على الانترنت اسمه: علي الشهرستاني، منع تدوين الحديث أسباب ونتائج.

4 الذهبي، تذكر الحفاظ (بيروت: دار الكتب العلمية، 1419)، 1/ 9.

5 أبو عمر يوسف بن عبدالله القرطبي تحقيق أبو الأشبال الزهيري، جامع بيان العلم وفضله (السعودية: دار ابن الجوزي، 1414)، 2/ 1003. (مع إيراد القرطبي لهذه الأثر إلا أنه لا يؤيد الاستشهاد به في ترك التحديث!).

6 الهيتمي، مجمع الزوائد، 9/ 66. فيه أسامة بن زيد، وقد ورد بسند صحيح عند ابن كثير، مسند الفاروق وأقواله على أبواب العلم، تحقيق: عبدالمعطي قلعجي (مصر: دار الوفاء، 1411)، 2/ 562.

7 الألباني، صحيح ابن ماجه، 26

8 محمد إسماعيل المشهور بالبخاري، صحيح البخاري، تحقيق: محمد زهير (دار طوق النجاة، 1422)، 1/ 31.

9 القرطبي، جامع بيان العلم، 1/ 331.

10 أي: بعد 200سنة من وفاة الرسول !،
[
/SIZE]
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية اماني أريس
اماني أريس
مشرفة شرفية
  • تاريخ التسجيل : 16-02-2013
  • المشاركات : 13,118

  • وسام اول نوفمبر جنان الشروق المرتبة الثالثة 

  • معدل تقييم المستوى :

    27

  • اماني أريس is a jewel in the roughاماني أريس is a jewel in the roughاماني أريس is a jewel in the rough
الصورة الرمزية اماني أريس
اماني أريس
مشرفة شرفية
رد: قصة الحديث والمحدثون[1 ](حقيقة التدوين)
01-03-2015, 06:14 PM
بارك الله فيك يا استاذ امازيغي يشهد الله انني انتفعت بك ايما نفع وبامثالك تنهض الامة ولا عزاء للجاهلين معطلي العقول
[SIGPIC][/SIGPIC]
  • ملف العضو
  • معلومات
الأمازيغي52
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,347

  • وسام اول نوفمبر وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • الأمازيغي52 will become famous soon enough
الأمازيغي52
شروقي
رد: قصة الحديث والمحدثون[1 ](حقيقة التدوين)
01-03-2015, 06:43 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اماني أريس مشاهدة المشاركة
بارك الله فيك يا استاذ امازيغي يشهد الله انني انتفعت بك ايما نفع وبامثالك تنهض الامة ولا عزاء للجاهلين معطلي العقول
شكرا أماني .

كلل الله جهدك بالنفع والفهم ، وهدانا الله جميعا حسن السبيل .

وهو [يعلم ٌ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ]

ثنميرث .
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية اماني أريس
اماني أريس
مشرفة شرفية
  • تاريخ التسجيل : 16-02-2013
  • المشاركات : 13,118

  • وسام اول نوفمبر جنان الشروق المرتبة الثالثة 

  • معدل تقييم المستوى :

    27

  • اماني أريس is a jewel in the roughاماني أريس is a jewel in the roughاماني أريس is a jewel in the rough
الصورة الرمزية اماني أريس
اماني أريس
مشرفة شرفية
رد: قصة الحديث والمحدثون[1 ](حقيقة التدوين)
01-03-2015, 06:54 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 مشاهدة المشاركة
شكرا أماني .

كلل الله جهدك بالنفع والفهم ، وهدانا الله جميعا حسن السبيل .

وهو [يعلم ٌ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ]

ثنميرث .
اللهم آمين يا رب استودعك المنتدى بعد الله لحين عودتي بإذن الله فمنتدى الشروق غال على قلبي ويهمني جدا أن يملأ الفكر التنويري أرجاءه
فواحد مثل الاستاذ امازيغي 52 بجحافل من مثبطي العقول
[SIGPIC][/SIGPIC]
  • ملف العضو
  • معلومات
الأمازيغي52
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,347

  • وسام اول نوفمبر وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • الأمازيغي52 will become famous soon enough
الأمازيغي52
شروقي
رد: قصة الحديث والمحدثون[1 ](حقيقة التدوين)
02-03-2015, 06:32 AM
السلام عليكم .


ورد في تهميشات المقال :
3
اقتباس:
من أراد التوسع، فهناك بحث جيد، ولا أدري هل هو مطبوع أو لا، فقد اطلعت على نسخة الكترونية، وهو منتشر على الانترنت اسمه: علي الشهرستاني، منع تدوين الحديث أسباب ونتائج.
لمن يريد الإطلاع على الدراسة لتوسيع أفق فهم معضلة ( منع التدوين ) فهذا رابطها .
http://alkafeel.net/islamiclibrary/h...tadwen1.html#2

الإنفتاح المعرفي هو أفضل السبل لدحر الإنغلاق والتحجر .

ثنميرث .
التعديل الأخير تم بواسطة الأمازيغي52 ; 02-03-2015 الساعة 06:34 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: قصة الحديث والمحدثون[1 ](حقيقة التدوين)
02-03-2015, 01:33 PM
النهي النبوي عن كتابة الحديث


د. عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني



منقول عن نسخة الشاملة من كتاب (الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض) [ أنظر - فضلا - توقيعي ]


من أبرز الشبهات التي يستند إليها منكرو السنة النبوية ، الحديث الذي ورد في النهي عن كتابة الحديث النبوي ، وجمعه وتدوينه في صحف خاصة به.
فقد روى مسلم في صحيحه ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "لا تكتبوا عني شيئاً إلا القرآن ، ومن كتب عني شيئاً فليمحه".
ومنكرو السنة النبوية قديماً وحديثاً يرددون ها الحديث كثيراً ، وبخاصة في هذه الأيام التي نشطوا فيها نشاطاً واسعاً ، لم يكن معهوداً من قبل فهم يقولون إن السنة لو كانت من أصول الدين لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابتها وجمعها في صحف كما كان يصنع مع القرآن حين ينزل ، حيث كان يأمر كتبه الوحي بكتابة ما ينزل عليه أولاً فأولاً ، أما وأنه قد نهى عن كتابتها ، فهذا دليل على أنها ليست من الدين في شيء. ومن المحال أن تكون السنة من الدين وينهى النبي عن كتابتها ، بل ويأمر بمحو ما كتب منها.

تفنيد هذه الشبهة ونقضها :

هذه الشبهة التي يستند إليها خصوم السنة أوهى من بيت العنكبوت ، وهم يعلمون هذا ، ولكن العناد هو المسيطر عليهم ، لأن هذا الحديث الذي تمسكوا به لم يكن هو الموقف الوحيد في مسألة كتابة الحديث النبوي وروايته وجمعه وتدوينه. فقد وردت أحاديث أخرى أذن فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - برواية الأحاديث عنه ، وتدوينها وكتابتها.
أحاديث الإذن :
روى أبو داود والحاكم وغيرهما عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال :


" قلت يا رسول الله : إني أسمع منك الشيء فأكتبه. قال : نعم. قلت : في الغضب والرضا ؟ قال : نعم فإني لا أقول فيهما إلا حقاً".

وروى الترمذي عن أبي هريرة ، قال : كان رجل من الأنصار يجلس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه - يعني كان سريع النسيان - فقال له النبي : "استعن عليه بيمينك ، وأومأ بيده إلى الخط"
هذا الرجل شكا إلى النبي ضعف ذكراته عن حفز الأحاديث. فأرشده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أن يكتب ما يسمعه من أحاديثه ليسهل عليه الرجوع إليها إذا نسى شيئاً منها.
وروى البخاري عن أبي هريرة أنه قال :
"لم يكن أحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أكثر حديثاً مني ، إلا ما كان من عبد الله بن عمرو بن العاص. فإنه كان يكتب ، وأنا لا أكتب" ففي كلام أبي هريرة هنا توكيد لما رواه أبو داود والحاكم من اشتغال عبد الله بن عمرو بكتابة حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإقرار النبي له على الكتابة.
وروى الشيخان - البخاري ومسلم - أن رجلاً من أهل اليمن ، اسمه أبو شاه سمع خطبه النبي بمكى عام الفتح ، وكان أمياً لا يقرأ ولا يكتب ، فطلب من النبي أن يكتب له شيئاً مما قال. فقال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه "اكتبوا لأبي شاه".
وروى البخاري في صحيحه أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - سُئل بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - : "هل عندكم من رسول الله شيء غير القرآن ؟ قال : لا والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، إلا أن يعطى الله عبداً فهما في كتابه وما في هذه الصحيفة ، قلت : وما في الصحيفة ؟ قال : العقل وفكاك الأسير ، وأن لا يقتل مسلم بكافر".
وروى ابن عبد البر في كتابه المعروف "جامع بيان العلم وفضله" سبباً




لسؤال عبد الله بن عمرو بن العاص للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، الذي تقدم "إني أسمع منك شيئاً فأكتبه".

قال ابن عبد البر ما خلاصته :
إن الصحابة لما رأو عبد الله يكثر من كتابة الحديث عن رسول الله قالوا له :
"إنك تكتب عن رسول الله كل ما يقول ، ورسول الله قد يغضب ، فيقول ما لا يتخذ شرعاً عاماً فرجع عبد الله بن عمرو إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له :
"اكتب عني ، فو الذي نفسي بيده ما خرج من فمي إلا الحق".
ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرسل إلى رؤساء الشعوب والعشائر كتبا يدعوهم فيها إلى الإسلام ، ويختمها بخاتمه ، ما تزال هذه الكتب موجودة في وثائق خاصة بها.
وهي بلا نزاع تمثل جانباً عظيماً من سنته القولية الطاهرة.
كما ثبت أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكتب لولاته وعما له كتبا يبين فيها أحكام الصدقات (الزكاة) والديات والفرائض (المواريث) وبعض السنن ، هذه الوقائع والآثار تدل دلالة قاطعة على أن النبي كان قد أذن في كتابة أحاديثه للعمل بها في حياة المسلمين. وليزود عما له وولاته بما يعينهم على أداء مهماتهم في إدارة الأمور على هدى من كتاب الله وسنة رسوله الكريم.

التوفيق بين النهي والإذن :

علماء الأمة - رضي الله عنهم - ، لهم موقف سديد من حديث النهي عن كتابة الحديث النبوي ، الذي رواه أبو سعيد الخدري ، وأحاديث الإذن بكتابته وروايته ، التي رواها عبد الله بن عمر بن العاص وأبو هريرة. وغيرهما.
وخلاصة موقفهم أن النهي كان أولاً ، وأن السبب فيه كان خشية اختلاط الحديث بالقرآن ، وبخاصة لأن الأمية كانت منتشرة ، ولكي تتوفر عناية المسلمين بالقرآن أولاً ، لأن الأصل ، ولما حصل التمييز الكامل بين أسلوب القرآن وأسلوب



الحديث النبوي ارتفع الحظر ، فأذن عليه السلام برواية أحاديثه وكتابتها على النحو الذي تقدم ذكره.
ونضيف إلى ما قاله علماؤنا - رضي الله عنهم - ، أن القرآن يجب حفظه وتلاوته على الصورة التي أنزله عليها لفظاً ومعنى وتراكيب ، فلا يجوز فيه إبدال حرف بحرف ، ولا كلمة بكلمة ، ولا الإخلال بنظم تراكيبه مهما كان الأمر ، وأنه متعبد يتلاوته كما نزل.
أما الحديث النبوي فيجوز عند الضرورة روايته بالمعنى دون اللفظ نطقاً لا كتابه ، كما يجوز للراوي إذا نسى لفظاً ، أو اشتبه عليه الأمر ، أن يذكر لفظاً آخر يدل على معنى اللفظ الذي نسيه مع التنيه على ذلك. لهذا كان من الضروري كتابة القرآن ، والاكتفاء في رواية الحديث بالحفظ.
ويؤيد هذا ما روى عن الضحاك من قوله :
"لا تتخذوا للحديث كراريس ككراريس المصاحف" فأنت ترى علماؤنا أهل الحق يقرون بصحة حديث النهي الذي رواه أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، كما يقرون بأحاديث اإذن دون تفرقة ، وقد أزالوا التعارض الحاصل بن حديث النهي وأحاديث الإذن بما قد رأيت من توجيه :
النهي كان أولاً ، والإذن كان ثانياً ، ولهذا نظائر في السنة ، فقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن زيارة القبور أولا ، ثم عاد فأذن فيها ثانياً للعظة بما كما نهى عن ادخار لحوم الأضاحي أولاً ، ثم عاد فأذن بادخارها ثانياً. وكل هذا حدث لحكمة تزيل من النفوس الريبة. وتبعث فيها برد اليقين.

موقف منكري السنة :
أما منكرو السنة فأمرهم عجب. وهم أمام هذه المسألة فريقان.
فريق منهم يذكر حديث النهي وحده ، ولا يشير من قريب أو من بعيد إلى أحاديث الإذن ؟! وكأنها - عندهم - لم تكن. وهم بهذا يبرهنون على أنهم طلاب باطل لا طلاب حق ، وأنهم أبعد ما يكونون عن المنهج العلمي النزيه.



أما الفريق الثاني ، فيعترفون - وهم كارهون - بأحاديث الإذن. ثم يقفون منها موقفين :

الأول : هو الطعن فيها بعدم الصحة ، ودعاة الطعن منهم قلة.

الثاني : هو القول بأن أحاديث اذن كانت أولاً. ثم جاء حديث النهي ثانياً فنسخ الإذن في كتابه الأحاديث ، وصار النهي هو الموقف النهائي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا من أفحش الأخطاء بلا نزاع.

فقد تقدمت الإشارة إلى حديث أبي شاه الذي أمر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه أن يكتبوا له خطبة رسول الله عام الفتح ، أي العام التاسع الهجري.

كما تقدم خبر الصحيفة التي كتب فيها الإمام علي - رضي الله عنه - بعض أحاديث الأحكام. وهذا بالقطع كان بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولو كان حديث النهي عن كتابة الحديث هو الناسخ لأحاديث الإذن ما ساغ للإمام علي - رضي الله عنه - أن يحتفظ بتلك الصحيفة التي كان يسميها "الصادقة" لأن احتفاظه بها يكون حينئذ معصية لنهي رسول الله. وهذا لا يصح صدوره من أي صحابي غير علي.

فكيف يصح عنه وهو من هو طاعة لله ولرسوله ؟!

وللقارئ أن يتبين حجم الضلال وشناعته الذي يغدو فيه منكرو السنة ويروحون ؟

فقد تمسكوا بحديث واحد ، وأعرضوا عن طائفة من الأحاديث والوقائع ، وضربوا بمواقف علماء الحق عرض الحائط ، لأن هدفهم هو تحقيق مطامع أعداء الإسلام في الإسلام ، فركزوا على محو السنة من حياة المسلمين ، والسنة نصف الإسلام فإذا تمكنوا محوها ، أو التشكيك فيها تمكنوا في الوقت نفسه - لا قدر الله - من تحنيط القرآن وعزله عن حياة المسلمين. والله لهم بالمرصاد وهو لا يصلح عمل المجرمين.



وعند الله تجتمع الخصوم ... [ وداعا ]

أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا

وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا

أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا


موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج

الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة

الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 08:02 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى