حكاية الزوجة المحصنة
04-07-2007, 06:17 PM
هذه حكاية أخذتها من جملة حكايات تتضمن عدم الإغترار بالدنيا والوثوق بها وما ناسب ذلك
من كتاب ألف ليلة وليلة:
(و مما يحكى أنه كان في بني إسرائيل قاض من قضاتها وكان له زوجة بديعة الجمال كثيرة الصون والصبر والاحتمال فأراد ذلك القاضي النهوض إلى زيارة بيت المقدس فاستخلف أخاه على القضاة وأوصاه بزوجته وكان أخوه قد سمع بحسنها وجمالها فكلف بها فلما سار القاضي توجه إليها وراودها عن نفسها فامتنعت واعتصمت بالورع فأكثر الطلب وهي تمتنع فلما يئس منها خاف أن تخبر أخاه بصنيعه إذا رجع فاستدعى شهود زور يشهدون عليها بالزنا ، ثم رفع مسألتها إلى ملك ذلك الزمان فأمر برجمها فحفروا لها حفرة وأقعدوها فيها ورجمت حتى غطتها الحجارة وقال تكون الحفرة قبرها ، فلما جن الليل صارت تئن من شدة ما نالها ، فمر بها رجل يريد قرية ، فلما سمع أنينها قصدها فأخرجها من الحفرة واحتملها إلى زوجته وأمرها بمداواتها فداوتها حتى شفيت ، وكان للمرأة ولد فدفعته إليها فصارت تكفاه ويبيت معها في بيت ثان، فرآها أحد الشطار فطمع فيها وأرسل يراودها عن نفسها فامتنعت فعزم على قتلها فجاءها بالليل ودخل عليها البيت وهي نائمة ، ثم هوى بالسكين عليها فوافق الصبي فذبحه فلما علم انه ذبح الصبي أدركه الخوف فخرج من البيت وعصمها الله منه ولما أصبحت وجدت الصبي مذبوحا وجاءت أمه وقالت أنت التي ذبحته ثم ضربتها ضربا مبرحا و أرادت ذبحها فجاء زوجها فأنقذها منها وقال والله هي لم تفعل ذلك فخرجت المرأة فارة بنفسها لا تدري أين تتوجه وكان معها بعض الدراهم فمرت بقرية والناس مجتمعون ورجل مصلوب على جذع إلا أنه على قيد الحياة فقالت يا قوم ماله قالوا لها أصاب ذنبا لا يكفره إلا قتله أو صدقة كذا وكذا من الدراهم فقالت خذوا الدراهم وأطلقوه فأطلقوه وتاب على يديها ونذر على نفسه انه يخدمها لله تعالى حتى يتوفاه الله ثم بنى لها صومعة وأسكنها فيها وصار يحتطب ويأتيها بقوتها واجتهدت المرأة في العبادة حتى كان لا يأتيها مريض أو مصاب فتدعوا له إلا شفي من وقته،ولما صارت مقصودة للناس وهي مقبلة على عبادتها في الصومعة ، كان من قضاء الله تعالى أنه نزل بأخي زوجها الذي رجمها عاهة في وجهه وأصاب المرأة التي ضربتها برص وابتلى الشاطر بوجع أقعده وقد جاء القاضي زوجها من حجه و سأل أخاه عنها فأخبره أنها ماتت فأسف عليها واحتسبها عند الله ثم تسامعت الناس بالمرأة حتى كانوا يقصدون صومعتها من أطراف الأرض ذات الطول والعرض فقال القاضي لأخيه يا أخي هلا قصدت هذه المرأة الصالحة لعل الله يجعل لك على يديها شفاء قال يا أخي احملني إليها وسمع بها زوج المرأة التي نزل بها البرص فسار بها إليها وسمع أهل الشاطر المقعد بخبرها فساروا به إليها أيضا واجتمع الجميع عند باب صومعتها وكانت ترى جميع من يأتي صومعتها من حيث لا يراها أحد فانتظروا خادمها حتى جاء ورغبوا إليها في أن يستأذن لهم في الدخول عليها ففعل فتنقبت واستترت ووقف عند الباب تنظر زوجها وأخاه واللص والمرأة فعرفتهم وهم لا يعرفونها فقالي لهم يا هؤلاء إنكم ما تستريحون مما بكم حتى تعترفوا بذنوبكم فإن العبد إذا اعترف بذنبه تاب الله عليه وأعطاه ما هو متوجه إليه فقال القاضي لأخيه يا أخي تب إلى الله ولا تصر على عصيانك فإنه أنفع لخلاصك (قال) فعند ذلك قال أخوا القاضي الآن أقول الحق فإني فعلت بزوجتك ما هو كذا وكذا وهذا ذنبي فقالت البرصاء وأنا كانت عندي امرأة فنسبت إليها ما لم اعلمه وضربتها عمدا وهذا ذنبي فقال المقعد وأنا دخلت عل المرأة لأقتلها بعد مراودتها عن نفسها وامتناعها عن الزنا فذبحت صبيا كان بين يديها وهذا ذنبي فقالت المرأة اللهم كما أريتهم ذل المعصية فأرهم عز الطاعة إنك على كل شيء قدير فشفاهم الله عز وجل وجعل القاضي ينظر إليها ويتأملها فسألته عن سبب النظر فقال كانت لي زوجة ولولا أنها ماتت لقلقت أنها أنت فعرفته بنفسها وجعلا يحمدان الله عز وجل على ما من عليهما به من جمع شملهما ثم طفق كل من أخ القاضي واللص والمرأة يسألونها المسامحة فسامحت الجميع وعبدوا الله تعالى في ذلك المكان مع لزوم خدمتها إلى أن فرق الموت بينهم .