الفرق بين الجن والشياطين
17-08-2014, 12:04 PM
الجن مخلوق مكلف بالتكاليف الشرعية ، مأمور بالإيمان بوحدانية الله ، وعبادة الله وحده لا شريك له ، واتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وهناك من أطاع وآمن ، ومن عصى وخالف وكفر ، وقد أخبرنا الله سبحانه عن ذلك على لسان الجن ، فقال عز وجل : ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا . وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا ) ،

والشيطان
اسم لما كفر من الجن ، فلا يقال لمؤمن الجن : شيطان ، وإنما يقال ذلك لكافرهم ، قال الله عز وجل : ( إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ) .

قال الحافظ ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (1/16) : " الشيطان مشتق من البعد على الصحيح ، ولهذا يسمون كل من تمرد من جني وإنسي وحيوان شيطانا ، قال الله تعالى : ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ) " انتهى .

وثبت في الصحيحين ما يدل على أن الشياطين من الجن ، فعن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ عَامِدِينَ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ الشَّيَاطِينِ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْهِمْ الشُّهُبُ ، فَرَجَعَتْ الشَّيَاطِينُ ، فَقَالُوا : مَا لَكُمْ ؟ فَقَالُوا : حِيلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَأُرْسِلَتْ عَلَيْنَا الشُّهُبُ . قَالَ : مَا حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ إِلَّا مَا حَدَثَ ، فَاضْرِبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا فَانْظُرُوا مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَدَثَ ؟ فَانْطَلَقُوا فَضَرَبُوا مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا يَنْظُرُونَ مَا هَذَا الْأَمْرُ الَّذِي حَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ . قَالَ : فَانْطَلَقَ الَّذِينَ تَوَجَّهُوا نَحْوَ تِهَامَةَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلَةَ ، وَهُوَ عَامِدٌ إِلَى سُوقِ عُكَاظٍ ، وَهُوَ يُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْفَجْرِ ، فَلَمَّا سَمِعُوا الْقُرْآنَ ، تَسَمَّعُوا لَهُ ، فَقَالُوا : هَذَا الَّذِي حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ خَبَرِ السَّمَاءِ ، فَهُنَالِكَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ ، فَقَالُوا : (يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا) وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ الْجِنِّ) رواه البخاري 4921، ومسلم 449 .

وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري 8/675 : ( وفي الحديث إثبات وجود الشياطين والجن ، وأنهما لمسمى واحد ، وإنما صارا صنفين باعتبار الكفر والإيمان ؛ فلا يقال لمن آمن منهم إنه " شيطان " " انتهى .

وقال الرازي في مفاتيح الغيب في تفسير سورة الحجر الآية 27: ( .. الأصح أن الشيطان قسم من الجن : فكل من كان منهم مؤمناً فإنه لا يسمى بالشيطان ، وكل من كان منهم كافرا يسمى بهذا الاسم ) . انتهى .