تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الأيهم
زائر
  • المشاركات : n/a
الأيهم
زائر
بسمة قدر
31-08-2009, 01:51 AM
بسمة قدر



سوّفتْ وتحجّجتْ وتهربتْ وصار لزامًا أنْ تجيبَ بالموافقة .. موافقةٌ تعني لها نهايةَََ أسعدِ لحظاتِ عمرِها .. وها هي ذي بين قلبٍ يستصرخ حُبّه الذي به قد تجدَّد نبضُه وعقلٍ ما فتئ يقفُ ناصحًا معاتبا ومتبرئا من مسلكٍ استهواها فانجذبتْ إليه ،وكأنها بهما قد تمثلا لها خصمين كلٌّ منهما يحمل حجته فيما ارتأى وحكم .

لقد وجدتْ نفسَها تنقادُ طوعًا وكُرها إلى حبٍّ استقر في يقينها ذات يوم ، أنه لن يحملَ لها إلاّ إنكسارا سوف يُقعِدُ قلبَها كما أقعدت الأقدارُ من قبلُ جسدَها.
كانت قد أوصدتْ بابَ الحبّ وسدَّتْ منافذه إلى قلبٍ وطـّنته على العيش في حدود يومِه ، ولم تسمحْ له بالتحليق إلى حلم تراه لن يتحقق ، ولا زالتْ به تروضه على ذلك حتى ظنت أنه استكان حينما لمستْ رضاه بما قضت به الأقدار.
لم تكن تدري أن تلك النظرةَ العابرةَ يوم أطلّتْ من شرفتها قد فضَّتْ شِغافَ قلبها وبعثتْ فيها الأنثى التي وأدتها، وأنسَتها أنها حبيسةَ كرسيّ متحرك لطالما أكسبَها من القوة والصلابة ما يمَكّنها من صدّ أي حب .
شعرتْ حينها أن الدنيا قد بسطتْ لها كفَّ الرضا والأمان ، وطوتْ صفحة أيام جرعَتها مرارتها ، فأقبلت تنهل من كأس الحب ما حرّمته على نفسها .

كانت تجد في رسائله التي تصلها منه بانتظام الحبَّ الذي استبعدت مسافاتِه ، والوهجَ الذي خالتـْه انطفأ من وجدانها، تقرؤها مراتٍ ومرات وتتوغل عميقا في ألفاظها ومعانيها وهي لا تكاد تصدق أنها المخصوصةُ بالخطاب..

مرت الأيامُ سريعة ولم تعُد رسائلها تستوعبُ ما تدفق في وجدانها من الحب ، كما لم يعد يكفيها ما تقتات به من رسالته اليومية لكنها تدرك أنها لا تستطيع أنْ تقترب منه أكثر ، كي لا تهدم الصورة الجميلة التي رسمها لها في مخيلته .

لكـَم كانت سعادتُها يومَ أن امتلكتْ هاتفا اختصرتْ به المسافات ، ومَدَّتْ به لحظاتِها معه ، كان حديثه أعذبَ من رسائله، وصوته أشدَّ وقعًا على قلبها من حروفه ، تستشعر أنفاسه وتستقرئ أحاسيسه، وتتمنى لو أن لياليها برفقته تمتد فلا تنقضي، فكلما خلت إلى نفسها في لحظات الصفاءِ يستيقظ في داخلها صوتُ عقلها متوجها إليها بالتوبيخ والتقريع ،وتتمثل لها هواجس النهاية ـ التي تعلم أنها لا ريب تقترب مع انقضاء أيام سعْدِها ـ فراغا رهيبا يدعوها إليه ، وأنّ كفّ الأمان التي مُدت إليها لا بد أن تُسحب يوما لتترك فؤادها فارغا وتعيدها إلى وَحدَتها من جديد ، تتقاذفها أيامٌ أسعدتها وغدٌ يتربص بها ،وهي تراود قلبها علّه يشفق على جسدها ويأذن لطرْفها أن يغفوَ ولو للحظاتٍ ، قابعةً في غرفتها تنتظر زيارة خالها كل شهر ، لتغادر شقتها التي توجد في الطابق الخامس إلى نزهة قصيرة وتعود .

باتت ليلتها ترقُب فجرا سوف يُطل عليها لينهي علاقة حب دامت شهرين ، فجرُ سيكشف إعاقتها التي أجتهدت في إخفائها عن ذلك الشاب الذي أصر أن يتوج حبه لها بخِطبة تمَكنه من التقرب منها أكثر ..


كان آخرما ينهي به مهاتفتها " إنني أحمل لك حبا لم يحمله رجل لامرأة "
لا تشعر بنفسها إلا وهي تصرخ بأعلى صوتها :
ـ لكنه لا يعلم أنني مقعدة ..
وتعود إلى نفسها المنكسرة باللوم:
ـ أنا لم أعلمْه بذلك.
ما كان علي أن أوافق على الخطبة...
ما كان علي أن استسلم لقلبي ..
بل ما كان علي أن أجعله يتعلق بي ...أنا مذنبة ،،، أنانية ..
لا.. بل أنا ضحية .. ولا يعقل أن أقتل مرتين .

أيها القلب لقد أصخْتُ لنبضك وأطعتك ،سِرْتُ خلف هديك وتنكرت لصوت عقلي .. صورت لي الآتي ضياءً ونعيما وفرشتَ لي دربي ورودا وعبيرا ، ووعدتني أنَّ غدي سيكون أسعدَ وأعذب ،
وأفقت على آهٍ مُرَّة ، ودمعة حَرّى تشربتْ كلَّ أحلامي ، وغدٍ أرجو ألا يلقاني ولا ألقاه .

تحدثها نفسها أن ترفع سماعة الهاتف وتخبره بأمر إعاقتِها ، لكنَّ عجزَها عن حمل الهاتف كان أكبر من إعاقتها ، وكأن العجز قد امتد إلى يدها فأقعدها هي الأخرى.. ..

أسلمتْ نفسها إلى ليل خامل يقتات من أدمع جرت على وجنتيْها ، ولامستْ طرفَ ثغرها فارتجفتْ لها شفتاها وهي تتجرع مرارة لحظة ستقفها غدا ، فتمنت لو أن هذا الليل لا يطوي شراعه إلا وهو يستل روحها التي ضاقت بهذا الجسد وضاق عليها ، لتنطلق إلى عوالم لا تواصل فيها إلا بالأرواح . .

لم تنتبه إلا على صوت أمها وهي تحمل سماعة الهاتف تطلب منها أن ترد على المكالمة ، ..
أمسكت السماعة بيد استجمعت لها كل قواها ..
كان منطلقا كعادته تملأ السعادة نبراتِ صوتِه وهو يبادرها قائلا:
ـ أحببت أن تكوني أول من يعلم أنني اشتريت شقة في الطابق الأرضي لتكون مهرك أيتها الغالية .
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 03:49 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى