25 ألف وظيفة جديدة للمدنيين في مصانع الجيش
03-01-2018, 03:06 PM




حاورته: نوارة باشوش

صحافية بجريدة الشروق اليومي مختصة بالشؤون الوطنية والأمنية

كشف اللواء رشيد شواقي، مدير الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني عن الانطلاق في إنتاج أولى مروحيات عسكرية جزائرية، بداية من السنة المقبلة، وذلك في إطار الشراكة مع "ليورنادو الإيطالية"، مؤكدا أن اقتحام الجيش لميدان الصناعات المختلفة سيوفر 25 ألف منصب عمل للشباب الجزائري سيما من خريجي التكوين المهني، والأولوية ستمنح لسكان المناطق الصناعية.
وفي حوار حصري لـ "الشروق" أوضح "الجنرال ماجور" أن المؤسسة العسكرية ستنتج 25 ألف مركبة "مرسيدس" لتلبي بذلك احتياجات السوق الوطنية في غضون 2019، حيث شدد على أن الجيوش القوية هي تلك التي تعتمد على نفسها في صناعاتها الأساسية، مضيفا في ذات السياق أن الشراكات الصناعية العسكرية ليست حكرا على الألمان والإماراتيين، بل هي متفتحة على جميع الشركاء والدول الرائدة في المجال.

ما هي الاستراتيجية التي وضعتها قيادة الجيش للمساهمة في استحداث قاعدة صناعية متينة بهدف تحقيق الإنعاش الاقتصادي..؟

الصناعة العسكرية على تنوعها، جزء لا يتجزأ من الاستراتيجية الوطنية الشاملة في إعادة التصنيع وبعث اقتصاد جزائري تنافسي متكامل صلب وقوي، يسهم إلى جانب المؤسسات والقطاعات الأخرى في نمو اقتصادي ثابت ومتوازن يهدف في أبعاده إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي وطنيا لتخفيض فاتورة الاستيراد، وتنويع مصادر الدخل الوطني انطلاقا من مبدأ الاعتماد الذاتي، أي على القدرات الجزائرية من حيث الموارد البشرية وعلى الكفاءات الوطنية في جانب التسيير والمناجمنت .
ووفقا لاستراتيجية وخطة وزارة الدفاع الوطني، المنبثقة من برنامج رئيس الجمهورية، وتوجيهات نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، فإن مديرية الصناعات العسكرية تسعى إلى توفير كل احتياجات الجيش الوطني الشعبي، ثم الإسهام في البناء الوطني الاقتصادي مع مختلف المؤسسات الوطنية الأخرى، لأن قناعة القيادة، وإطارته بمختلف رتبهم، هي أن قوة جيشنا الوطني الشعبي وإلى جانب مهامه الدستورية وفي مقدمتها الدفاع الوطني، فهي أيضا قوة الاعتماد على النفس من حيث توفير كل حاجياته ومستلزماته بنفسه، سواء ما تعلق باللباس والإيواء والتموين والنقل أو من جانب السلاح والتصنيع العسكري، إضافة طبعا إلى ما سبقت الإشارة إليه من إسهام في مختلف مجالات التصنيع الوطني لصالح المؤسسات والإدارات الجزائرية المدنية والشعب بشكل عام.

بعض الجهات تؤكد أن الشراكات الصناعية العسكرية حكرا على الألمان والإماراتيين فقط ماردكم على ذلك..؟
أبدا..فبرنامج الصناعات العسكرية في مجال الشراكة لا يقتصر على الألمان فقط كشريك تكنولوجي ولا على الإماراتيين كشريك مالي، بل يتعدى ليشمل كل الدول التي أبدت رغبتها في العمل مع وزارة الدفاع الوطني بعد إعلانها عن تقديم مشاريعها، وعلى سبيل المثال فقد تم عقد اتفاقيات مع 12 شركة استثمارية وإنتاجية وتسويقية وهناك شراكات مع روسيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين، وإيطاليا وغيرها من الدول.
ولا أخفي عنكم، أن مشاريع الشراكة التي أبرمتها مديرية الصناعات العسكرية بوزارة الدفاع لا يمكن أن تحقق الاستقلالية للجيش الوطني الشعبي في التزوّد بمستلزمات أساسية لسيره وأداء عمله، ولكن الجيوش الكبيرة في العالم لا تتوفر على الاستقلالية التامة في كل المجالات، لكننا نراهن على أن تكون هذه المشاريع بداية الانطلاقة لبناء صناعة وطنية توفر الضروريات الحيوية.

نفهم أن الجيش قد نجح في تكوين قاعدة صناعية عسكرية متينة، فهل هذا يعني أن سيناريو إفلاس المصانع لن يتكرر..؟

بالفعل سيناريو إفلاس المصانع المستخدمة كقاعدة صناعية لن يتكرر، بسبب الاعتماد على شراكة مدروسة لتغطية الحاجيات العسكرية والعامة بمواصفات عالمية، وأعترف لكم بأنه تم اختيار قواعد صناعية شبه متوقفة لخلق مشاريع شراكة طموحة لسد احتياجات الجيش، والأمر يتعلق باستراتيجية وطنية مبنية على جلب ودمج التكنولوجيات والمواصفات الحديثة في الصناعة بخلق أقطاب صناعية كبرى تغطي الاحتياجات العسكرية وشبه العسكرية، وتتجاوز هذا الحد بالخروج بمنتجات ذات استعمالات عامة، وهو هدف يتحقق بالدخول ضمن نسق الصناعة الوطنية وبعث الاقتصاد.

ما هي نسبة الإدماج التي تسعون إلى تحقيقها في الصناعات العسكرية..؟
جميع عقود الشراكة التي أمضيناها مع المستثمرين اعتمدنا على بند هام يرتكز على اندماج لـ 30 بالمائة لجميع البضائع والمنتوجات التي سيتم إنتاجها في إطار هذه الشراكة في 2019، وسيتم تلبية جميع احتياجات السوق الوطنية من الشاحنات والسيارات وحافلات رباعية الدفع بعلامة مرسيدس في 2019 والتي سيتم إنتاجها بالجزائر، حيث نعمل بالتنسيق مع الشريك التكنولوجي "ديملر" على إعداد قاعدة حديثة لإنتاج 15 ألف شاحنة و1500 حافلة للنقل الحضري والنقل بين المدن من نوع مرسيدس بنز، وكذا 6000 سيارة نفعية مختلفة، إلى جانب إنتاج 25 ألف محرك ثقيل على مستوى مركب وادي حميمين بقسنطينة، منها 17000 محرك موجه لشركة إنتاج الوزن الثقيل بالرويبة سنويا، بعلامة مرسيدس وعلامات أخرى معروفة موجهة لجميع الأغراض في بلادنا، سواء ما تعلق بالشاحنات والسيارات والجرارات وآلات الأشغال العمومية وكذا الزراعية، مما سيؤدي إلى تلبية احتياجات السوق الوطنية.
وفي هذا السياق، بالضبط وبالمقابل، وفي مجال تطوير الصناعة الميكانيكية الوطنية، فقد تم إبرام عقود شراكة تمتد إلى 30 سنة قادمة، تحمل العديد من المشاريع الطموحة والهامة، كونها ستسمح بخلق اندماج صناعي حقيقي بصدد تعزيز القاعدة الصناعية في البلاد.
ضف إلى ذلك، فإن الصناعة العسكرية حاليا تشرف على 10 شركات صناعية موزعة عبر كل التراب الوطني، متخصصة في عدة مجالات كالميكانيك والكهرباء والصناعات الكيميائية والنسيج وغير ذلك، وأن هذه الشركات لديها 40 مصنعا وشركات قابضة متعددة الأسهم، كما ستتمكن الصناعة العسكرية من تلبية احتياجات السوق الوطنية في مجال النسيج والألبسة التي هي مئة بالمائة إنتاج وطني في إطار الشراكات وفي إطار المؤسسة التي تنتج البذلات والأحذية العسكرية.

أين وصل مشروع المروحيات ذات الصنع المحلي وبأياد جزائرية..؟

أولى المروحيات الشبه عسكرية بالتعاون مع الجانب الإيطالي وبالضبط مع شركة "ليوناردو - فين ميكانيكا"، المعروفة في مجال هذه الصناعات على مستوى مصنع عين أرنات بولاية سطيف، وحاليا فإننا في إطار دراسة وإنجاز البنية التحتية، وبعد عام واحد فقط أي في 2019 يتم الإنتاج الأولي، حيث ستكون البداية بمروحيات عمودية من نوع "اغوستا" و"ستلاند" ذات الطابع شبه العسكري للشرطة والحماية المدنية والجمارك، باعتبار أن هذه الصناعات الدقيقة رهان كبير بالنسبة لنا.
هذا البرنامج الصناعي سيساهم حتما، على المستوى الوطني، في دعم النشاطات ذات الصلة بالتكنولوجيا العالية في مجال المواد المدمجة والميكانيك الدقيقة والالكترونيك والالكتروبصريات.

بالنسبة لمناصب العمل هل هي مفتوحة أمام المدنيين أم هي حكر على العسكريين..؟
يخطئ من يعتقد أن أبواب الصناعة العسكرية حكر على أصحاب البزة الخضراء، بل إنه وتنفيذا لتعليمات السيد الفريق نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، فإن الأولوية في التوظيف تعود للشباب المتخرجين من معاهد التكوين المهني والجامعات، مع منح الأولوية لقاطني المناطق التي تقع بها المصانع والورشات، وذلك تفاديا لمشاكل النقل والسكن، وهي استراتيجية تم العمل بها في جميع المصانع العسكرية.
وبالمقابل، فإن العسكريين الذين خضعوا للتكوين يمكنهم أيضا الاستفادة من هذه المناصب، لكن عليهم العمل "بالمآزر" وليس بالطريقة التي تعوّدوا عليها داخل الوحدات القتالية، ولعلمكم أيضا فإن التكوين المهني بات أمرا حتميا في مجال الصناعات العسكرية، وذلك بدءا بالتكوين القاعدي خاصة في مجال التكنولوجيا الحديثة واللغات، وذلك قصد تخريج يد عاملة تمتلك نفس كفاءة عمال الشركاء الأجانب، وفي هذا الخصوص أؤكد أن كل عامل جديد بمصانع الجيش، يتم تحضيره بإخضاعه لتكوين قاعدي وخاص من قبل مكونين يستقدمون في إطار الشراكة، حيث تتوفر جميع مصانع وزارة الدفاع الوطني على مراكز للتكوين المهني، إذ يخضع 2000 شاب في كل مصنع للتكوين حيث يخضع له، دوريا، الإطارات وجميع العمال بغض النظر عن مدى أقدميتهم، وذلك بإجراء تربصات عملية وتلقي دروس حول المناجمنت واللغات والإعلام الآلي، ناهيك عن تكوين ما يزيد عن 200 شخص بالخارج على غرار التربص في الإنتاج بمصنع سيارات "مرسيدس"بألمانيا.

إذا كان كذلك فما هو عدد المناصب التي سيتم استحداثها خلال هذه السنة..؟

سيتم استحداث 25 ألف منصب عمل في 2018 لفائدة المدنيين والأولوية كما سبق وأن قلنا للمتخرّجين من معاهد التكوين المهني والجامعيين، حيث سيحصل هؤلاء على عقد عمل مباشر في الولاية التي يقطنون بها، بعد إخضاعهم لتكوين قاعدي في مختلف الاختصاصات، وهذا ما يعد بالنسبة لنا أحد الرهانات التي نسعى للنجاح في تحقيقها بالاعتماد على العمل حسب معايير الجودة والتكنولوجيا وتسجيل دخولنا بقوة في دائرة التوزيع والتموين لمختلف المصانع التي تحمل العلامة التجارية التابعة لشركائنا التكنولوجيين، الأمر الذي سيسمح لنا بدون شك، أن نكون طرفا في شبكة الممولين لجميع المصانع التابعة لهؤلاء الشركاء.