إيدير: اسمحوا لي.. لقد أخطأت
05-01-2018, 11:05 PM


زهية. م

صحافية مختصة في الشؤون الثقافية

وقع الفنان الكبير ايدير عودته إلى الجزائر سهرة أمس الأول في حفل تاريخي أمام جهور غصت به القاعة البيضاوية بمركب 5 جويلية.
بدا الفنان مرتبكا في بداية الحفل وهو يحاول أن يجس نبض الجمهور الذي يعيد اكتشافه بعد 39 سنة غياب، حيث عمد صاحب "الجزائر في قلبي" إلى مخاطبة جمهوره من فوق المنصة ويسأله في كل مرة إذا كان يعرف هذه الأغنية أو تلك أو يقص عليهم قصة الأغنية التي هو بصددها، لكن الفنان انطلق بعدها واسترسل في الغناء وكأنه لم يفارق جمهوره مدة قرابة 40 عاما، حيث تفاعلت معه القاعة وردد معه الجمهور جميع أغانيه. ادير تأثر لدرجة البكاء وهو يخاطب جمهوره "اسمحولي لقد أخطأت، لا يمكنكم أن تتخيلوا كيف أشعر الآن"، وأضاف أيدير، وصوته مفعم بعاطفة استثنائية تحت تصفيقات القاعة التي رددت طويلا "إيمازيغن، إيمازيغن"، وهي ترحب بالفنان الذي رد "بالطبع، نحن هنا أيضا لجعل تمازيغ معروفة، لا توجد مشكلة الآن، إنها تسير على ما يرام. أشكركم على هذا الترحيب، وأنا حقا متأثر"، وأضاف كلمة "إمازيغن، ليس لها دلالات سلبية، إنها علامة على الاعتراف"، "لا توجد الجزائر بدون تمازيغت. دعونا نجعل الأمور تسير إلى الأمام. وأؤكد لكم أنها ثقافة استثنائية. وسوف يأتي اليوم الذي سيتم قبولها، وسنكون سعداء للتعبير عن أنفسنا".

العلامة الكاملة لكورال طلبة معهد الموسيقى
بداية الحفل وقعتها جوقة نسائية من بني يني، أدت في البداية أغنية ترحيبية للفنان الكبير، كرم من خلالها مولود معمري، ثم قدمت الفرقة أغنية لسليمان عازم وأخرى لمايكل جاكسون، قبل أن تفسح المجال لدخول ايدير تحت التصفيقات والزغاريد. تحت الأضواء الساطعة، بدأ الفنان حفلته بـ"يلها أورار" التي أعطت إشارة انطلاق الأجواء البهيجة والاحتفالية التي ميزت الحفلة طيلة ساعتين ونصف، أبدع فيها ايدير وأمتع جمهور القاعة البيضاوية بحضور عدد من الوجوه السياسية والرياضية.
أوركسترا الحفل تحت قيادة مهدي زموش كورال تكون من معهد طلبة معهد الموسيقى وخريجي ألحان وشباب. قدم ايدير مختارات من أغانية التي عكست مختلف مراحله الفنية منذ سبعينات القرن الماضي، حيث غني للمرأة والغربة والحب. وحاول مع كل أغنية أن يشرح ويعيد تقديم نفسه لجيل لا يعرفه فوق المنصات. أثناء تأديته لأغنية "اراش ناغ" أطفالنا، قال "أنهم المستقبل وأمل وضوء وتفاهم متبادل. نعيش ونثري أنفسنا من خلافاتنا دون نبذ أو تمييز". في خضم حرارة القاعة التي أعادت للفنان ثقته بنفسه منحته طاقة ايجابية وثباتا فوق الخشبة، عوضت سوء الإخراج الصوتي التقني الذي عرفه الحفل، قال "لستم رجال ولستم نساء، انتم قلوب تجلس بجانب بعضها البعض"، قدم مزيجا من موسيقى وآلات المندولين، بانجو، التشيلو، الناي، الطبول، قرع تقليدي، عكست مدى تحكمه في المزج بين مختلف الطبوع وارتفعت بعدها حرارة الحفلة مع أغنية "لفهما"، ثم "تيزي وزو".

ايدير يرد على منتقديه بتقديم ابنته للغناء أمام الجمهور
اغتنم ادير الفرصة ليرد على منتقديه، كون ابنته "ثنينا" لا تتحدث الأمازيغية فقدمها في الحفل قائلا "ابتني تحب تاريخ بلادها وتحب خاصة أغاني شريفة"، ثنينا رقصت تحت تصفيقات والدها، كما أدت أغنية "افويغ دورو" الاشويق القادم من عمق تراث العصور القديمة لنساء القبائل. قبل أن يعطى والدها دفعا آخر للقاعة والحفل من خلال "افافا اينوفا"، الأغنية التي تعتبر بمثابة هوية خاصة للفنان عند قطاع واسع من الجماهير حتى تلك التي لا تفهم عادة معاني الكلمات ولكن الموسيقي وحدت في النهاية مئات الأشخاص الذين رقصوا طويلا على انغام "ايا زواو سومنديل اوراغ".
في الفقرة النهائية أدى ايدير "أواه أواه" و"زويت رويت" فتسارعت الإيقاعات وكان الجمهور ينتظر أن تطول السهرة، لكن الفنان البالغ من العمر74 سنة ودع جمهوره بأغنية "أيا الخيرينو" بعد أن ألبسه سامي بن شيخ برنوسا أبيض وقدم له "كوفري" يضم مجموع أغانيه، فرد ايدير مخاطبا جمهوره "شكرا لكم على هذا الاستقبال، لم أغن كما كنت أريد. سعيد أنني غنيت في بلدي، في بعض الأحيان أكون قاسيا في التعبير عما يتعلق بالهوية وسأكون دائما هكذا"، وغادر القاعة تحت عاصفة من التصفيقات.