جزائريات "يفتخرن" بحمل السجائر في الأماكن العمومية!
12-10-2016, 10:09 PM
نادية سليماني
صورة: ح م
قررت بعض المدخنات الخروج بسيجارتهن إلى العلن، فصرن يحملن السيجارة بين أصابعهن الناعمة، في الشوارع والطرقات وداخل السيارات، على مرأى من الجميع، بل ويشترين السيجارة من أكشاك بيع التبغ، حتى الواقعة منها في أحياء شعبية، غير مباليات بنظرة المجتمع.
هي فتاة تبدو في منتصف العشرينيات، محجبة، صادفناها عند كشك بيع التبغ والحلويات بشارع رئيسي ببلدية حسين داي، فالفتاة طلبت سيجارتين من البائع من نوع مارلبورو، خبأت سيجارة في جيب سروال الجينز وأشعلت الأخرى بطريقة احترافية، ثم انطلقت تسير بسيجارتها في زقاق ضيق بحسين داي، غير مبالية باستغراب البعض... أما رُؤية السّائقات المدخنات فتلك أصبحت منظرا مألوفا في مجتمعنا.
"الشروق" نزلت إلى الشارع، حيث سألنا بعض المواطنين عن مصادفتهم نساء مُدخنات في أماكن عمومية، فأكد لنا "كريم"، الذي يعمل صحفيا، أنه كان يسير منذ أشهر قرب فندق السفير وسط العاصمة، فاقتربت منه فتاة تبدو في الثلاثينيات، كانت ترتدي ملابس محتشمة، ليتفاجأ بطلبها، حيث سألته: "هل تملك ولاعة؟"، كريم ظن في البداية أنها تحتاج الولاعة لقضاء حاجة معينة، لكن عندما لمح السيجارة في يدها، أجابها مباشرة وبغضب: "لا أملك ولاعة"، رغم أن محدثنا من المدخنين وكان يحمل ولاعة في جيبه، وعندما سألناه عن سبب رفضه وحتى غضبه، أوضح أنه لا يتقبل فكرة أن تدخن المرأة أصلا، حتى ولو كانت مثقفة وحتى ولو في الخفاء، فما بالك بامرأة تسير في الشارع حاملة سيجارة.
مُدخّنات يصفن مُنتقديهن بالتخلف والانغلاق
وإلى وقت غير بعيد، كانت النساء المدخنات لا يجرؤن البتة على الظهور بسيجارتهن إلى العلن، ويفضلن الاختباء داخل المراحيض العمومية أو مراحيض المؤسسات خاصة بالجامعات، للتمتع بتدخين سيجارة ولو بين القذارة، فغالبية المراحيض النسائية خارجا، غارقة في روائح السجائر، كما أن بعض الرجال المتزوجين يجهلون إلى اليوم أن زوجاتهم من المدخنات... (م) من ولاية داخلية، متزوجة بالعاصمة، منذ خمس سنوات، أكدت لنا أن زوجها يجهل إلى اليوم أنها تدخن، وعن سبب إدمانها السجائر، قالت: "تعلمت السلوك في إقامة جامعية بالعاصمة، لأن زميلاتي في الغرفة كن مدخنات، ولم أتمكّن من الإقلاع عن الظاهرة السيئة، فهمّي اليومي قبل زواجي كان انتهاز فرصة غياب الأهل من المنزل لتدخين سيجارة، وبعد زواجي لم أجرؤ على مصارحتي زوجي، ولا أزال إلى اليوم أدخن في غيابه، خاصة أنني لم أرزق بأولاد بعدُ...".
وفي حديثنا مع بعض المدخنات وغالبيتهن من الموظفات، اكتشفنا اقتناعهن بما يقمن به، إلى درجة أنهن وصفن من ينتقدهن "بالتخلف والانغلاق". (رانيا)، موظفة بإحدى الوزارات في 33 من عمرها، تقول إن التدخين جزء من شخصيتها المتفتحة والعصرية، وإنها لن تقبل بعريس يجبرها على تركه...!! أما (س)، أستاذة جامعية، فلا ترى مانعا في تدخين المرأة في الشارع أو المقهى، مؤكدة أنها نفسها تدخن في قاعة الأساتذة بالجامعة، وأن تدخين المرأة لا علاقة له بأخلاقها... فيما استغربنا من رد طالبة ثانوية، ترى أن التدخين يزيد من أنوثتها، حسبما أكده لها مُقرًّبون!!
مختص اجتماعي: المرأة لجأت إلى التدخين لتزيد من فرص مساواتها مع الرجل
اعتبر المختص الاجتماعي أوقاسي إسماعيل، أن خروج المرأة للعمل في السنوات الأخيرة، ومزاولة كثير منهن وظائف كانت حكرا على الرجال فقط، وتقبل المجتمع للظاهرة، جعلهن يطمحن في مزيد من الحرية والتمرد على العادات الاجتماعية، بعدما أصحبن شركاء للرجل في جميع المجالات. وأكد المختص أن تركيبة المجتمع الجزائري تجعله لم ولن يتقبل تدخين النساء في الأماكن العمومية مهما علا منصبهن الاجتماعي، لأن الظاهرة يُنظر إليها على أنها تمرد على أخلاق المجتمع. ويضيف: "مهما التزمت المرأة بحسن الأخلاق، فمجرد حملها سيجارة يجعل المجتمع ينظر إليها بدونية واحتقار...". وتأسف المتحدث لكون المدخنين سواء كانوا نساء أم رجالا يجهلون تحريم التدخين شرعا، لأنه إضرار بالنفس التي حرم الله أذيتها، خاصة على المرأة التي تنجب وتربي أجيال المستقبل.