الكندية ماريان سيزار.. وجدت في القرآن الكريم الإجابة الوافية على جميع تساؤلاتي
12-07-2015, 05:18 PM

ماريان سيزار، وغيرها ممن أنعم الله عليهم بنعمة الإسلام بعد أن تاهوا في دهاليز الديانات والمعتقدات الأخرى، اختلفت قصص اعتناقهم للإسلام، لكن قادهم الخيار الإلهي إلى دين الفطرة الاسلام، حتى إنك عندما تلتقي بواحد منهم تشعر أنه لم يولد إلا ليكون مسلما، ويغمرك إحساس عميق أن هؤلاء يعيشون سعادة منقطعة النظير، كالطفل الذي أبعدته الظروف عن أمه ليعود إلى أحضانها بعد فراق طويل.

ماريان امرأة كندية، شرح الله صدرها للإسلام في عز أعياد المسيح، أي في 31 ديسمبر من سنة 2010 بعد أن نشأت في أسرة مسيحية متدينة، وعملت لسنوات طويلة في قلب الكنيسة مشرفة على الترانيم التي تصحب الصلوات، ثم مرشدة للحياة الروحية، ولكنها وجدت في المركز الاسلامي فردان بمونتريال بكندا الصدر الحاني الذي احتضنها وسلّمها مفاتيح الإسلام وقادها إلى السعادة الحقيقية.

"جواهر الشروق" حاورت ماريان من خلال رئيس المركز الاسلامي الجزائري أحمد شيهان، حيث يقول إنها عندما زارت المركز لأول مرة سنة 2009 أبدت اهتمامها بالإسلام، وأعربت عن رغبتها في اعتناقه، ولمس المركز الإسلامي لديها إحاطة بتعاليمه، مما يعني أنها لم تكن بحاجة إلى إقناع بالدين، بقدرما كانت بحاجة إلى بيئة إسلامية تحتضنها و تهيئ لها العبور إلى الاسلام.

ولدت ماريان سنة 1956 لأب أرثودوكسي وأم كاثوليكية وكانت البنت الوحيدة لوالديها، ولأنهما كانا محافظين جدا، فلقد ترعرعت في الكنيسة وكانت تتبع كل التقاليد المسيحية، ومما زاد في قربها من الكنسية كون أمها كانت سكرتيرة القسيس، ولأنها كانت تحب الموسيقى وتجيد العزف على الآلات، فقد عينتها الكنيسة مشرفة على الترانيم التي تصحب الصلوات وعمرها لا يتعدى ال 18 سنة، وظلت في هذا المنصب لمدة 17عاما، ومع انفتاح الكنيسة على المرأة، وبحلول سنة 1991 أصبحت ماريان سيزار مديرة للعبادات في الكنيسة من صلاة و ترانيم وغيرها إلى غاية 2006 .

تقول ماريان إنها كانت مولعة بالأديان، وكانت تُعرف بكثرة أسئلتها داخل الكنيسة مما سبّب لها الكثير من الإحراج، وبحكم أن دراستها كانت في علم الاحياء تربت على كلمة "لماذا؟"عن كل شيء مبهم، وكان جواب القساوسة لها دائما:"لأنه!!" دون إجابة مقنعة، بمعنى أنه عليها أن تسلّم بما يقال لها دون استفسار، وكانت أول مرة تعرفت فيها على الاسلام عندما كانت في الثانوية العامة، حيث اختارت بحثا عن مقارنة الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام والمسيحية واليهودية، وزارت في إطار بحثها مسجدا في ضواحي مونتريال سنة 1974، تخرجت ماريان من الجامعة ووظفت كأستاذة للعلوم في المدرسة الكاثوليكية إلى جانب عملها في الكنيسة، ومع صدور قانون 1998 الذي حوّل المدارس الحكومية في كيبك من دينية إلى مدارس فرنسية أو انجليزية علمانية، تغيّرت وظيفة ماريان إلى مرشدة للحياة الروحية و التفاعل الجمعوي، كما سجلت لنيل شهادة الماجستير في مقارنة الأديان، وقادتها دراستها إلى التوغل في أعماق الأديان الثلاثة الإسلام و المسيحية و اليهودية، وتقول ماريان في هذا السياق إنها وجدت في المسيحية الكثير من الاسئلة التي ليس لها أجوبة، والكثير من التناقضات التي لا يمكن أن يقبلها عقل عاقل، وأولها فكرة الثالوث التي لم تجد لها تفسيرا مقنعا، لا عند القائلين بأنها ثلاثة أرواح في جسد واحد، ولا عند القائلين بأنها ثلاثة أجساد تمثل روحا واحدة، كما أنها لم تجد تفسيرا مقنعا أو نصا موثوقا لمسألة خلق الانسان، وكيف لدين سماوي أن يغفل عن هذه المسألة الهامة و الأساسية؟!.

وتقول ماريان أيضا إنها تاهت من خلال دراستها بين طبعات الإنجيل المختلفة عن بعضها البعض في المعاني و التفاسير، ومما أثار انتباه ماريان أن الانجيل فيه الكثير من الكلام غير المنطقي والقصص المبتورة أو المكذوبة، وتذكر على سبيل المثال قصة موسى وهارون عليهما السلام، تقول أن نسخ الانجيل تتهم سيدنا هارون عليه السلام بصناعة العجل الذي قدمه لقومه على أنه إله، فكيف يكون لنبي أن يصنع عجلا بيده ويقول للناس اعبدوه من دون الله؟! وعندما أشرفت ماريان على نهاية الماجستير، كان على مكتبها عشرات الكتب، إلاّ أن الكتاب الوحيد الذي كانت تجد فيه الإجابة الوافية و الكلام المنسجم مع بعضه والقصة المتناسقة كان القرآن الكريم لذلك ترسخ في ذهنها أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن الاسلام هو الدين الحق، ولكن كيف تعبر إلى الضفة الأخرى وهي التي ترعرت في الكنيسة و تشربت معانيها ونسجت من خلالها علاقاتها، بل وربّت أجيالا على المسيحية وكانت القدوة لهم؟!.

يقول الأستاذ أحمد شيهان رئيس المركز الاسلامي بفردان إن ماريان "فاجأتنا عندما قالت أن نقطة تحولها إلى الاسلام كانت انتخاب بنديكيت السادس عشر على رأس الكنيسة الكاثوليكية وبابا المسيحين، لذلك قرّرت حينها أن لا تبقى تحت مظلة دين يقوده رجل مثل بنديكيت قلقد كانت، على حد تعبيرها القشة التي قصمت ظهر البعير"، وراحت ماريان تسرد على أعضاء المركز الاسلامي تفاصيل دقيقة عن هذا الرجل و تاريخه، لأنها كانت تعرفه معرفة جيدة من خلال كتاباته و الادوار التي لعبها قبل أن يصبح بابا للكنيسة.. يقول الاستاذ شيهان أن إسلام ماريان كان فاتحة خير على الجالية المسلمة في فردان، فقلد استفادوا كثيرا من خبراتها في التعليم بتأسيس و إدارة مدرسة اللغة العربية في المركز الاسلامي، هذا فضلا عن إعطاء صورة مشرفة عن الاسلام بسبب أخلاقها العالية وعلاقاتها الواسعة والمتشعبة بين مختلف فئات المجتمع في منطقة فردان، ومن جهتها وجدت ماريان سيزار بين إخوانها المسلمين المحبة الصادقة والمعاملة الطيبة، ولا تمر مناسبة إلا وتكرمها الجالية عرفانا بجهودها، وقد أصبحت لها مكانة في المركز الاسلامي بفردان.