عظيمة من العظائم: رد على المتشائم بمولد النبي صلى الله عليه وسلم
11-09-2007, 09:07 AM
هذا موضوع كنت قد كتبته في ملتقى الأصلين قديما حول محمد حاج عيسى الجزائري عليه من الله ما يستحق حول تشاؤمه بمولد النبي صلى الله عليه وسلم
ولا زلت ابحث من ذلك الحين على وهابي انتصر للنبي صلى الله عليه وسلم ولم ينتصر لهذا الوغد فهل من يخبرني؟
اقتباس:
وغدٌ من الوهَّابية له قدر عندهم عظيم، لم يكتف بما يكتفيه أسياده وأسلافه من التَّقِيَّة في بغض النبي وآثاره، ولم يبق وفيًّا لسلفه في إظهار خِلاف ما يبطن؛ كتب في جملة ما كتب كلاما يقرر فيه أنه: ((يكفينا أن نعرف أنه يوجد في كل عام -في هذه الليلة المشؤومة- قتلى وجرحى يعدون بالعشرات...))( ). وليس يعنيني في هذا المقام بيان "حكم الألعاب النارية" التي كان يتكلم عنها أحلالٌ هي أم لا؟، ولا تعقُّبَه في حكم إقامة المولد الشريف، ولا يَهُمُّني أيضا أن أبين حكم مثل تلك العبارة في الفقه، بل يكفيني لذلك الإحالة إلى كتاب القاضي عياض لبيان ما يستحق صاحبها. ولكن يعنيني أن أبيِّن أن منهج هذه الشرذمة الوهابية يقوم على إبراز صورة سيد الوجود بصورة بشر عادي، لم يكن يمتاز عن غيره سوى بـ"تلك الرسالة" التي اختصه الله بها، وكان في الإمكان أن يكون أي إنسان غيره هو "خاتم الرسل". فهذه الدعوى التي يحرص عليها هؤلاء توضح لك سياقا تفهم منه عبارة هذا الكاتب -واسمه للأسف: محمد حاج عيسى، ولولا تلك الذمة لكان أسلوب هذه المقالة غير هذا-، فهذه الطائفة منذ نشأتها وهي تعادي كل ما له صلة بآثار النبي ومعالمه التي خلفها وراءه، فكان أول ما ابتدأ أسلافهم عند دخول مكة أن هدموا قباب وقبور آل البيت الشريف، ومنعوا الصلاة على النبي سوى بصيغة واحدة، ومنعوا قراءة كتب الشمائل والصلوات عليه ، وقتلوا كل من لم يستجب لذلك، ورموه بالشرك والكفر وغير ذلك مما تجده مسطورا في كتبهم المعتمدة كتاريخ ابن غَنَّام، أو كتب غيرهم ككتاب "فتنة الوهابية" وغيره. وبعد قيام دولتهم الأخيرة أجمعوا على أن مثل هذا العمل قد يؤلب عليهم فئام المسلمين ويفوت عليهم فرصا في نشر آرائهم-وقد كاد ذلك أن يكون، وليته كان-، فجعلوا يمهدون لذلك بمخطط يرمي إلى تنقيص قدر النبي من قلوب المسلمين: - فأول ما ابتدؤوا به أن حرَّموا التَّوسل به، ورغم إقرارهم بأن المسألة اجتهادية وفقهية بحتة( )؛ إلا أنهم نقلوها من الفقه إلى التوحيد، ومن دائرة الأحكام الخمسة إلى دائرة الشرك والتبديع، تخويفا للعوام، وتمهيدا للطوام. - ثم زعموا أنه رسولٌ بلغ رسالة ربه، ومضى، وليس له من الفضل شيء إلا ما تعلق بتلك الحيثية، وأما غيرها فكسائر قريش. - ثم حرصوا على أن يظهروا والديه الشريفين في مظهر المخلد في النار، وأقاموا حججا وأنشؤوا منابر، كأنهم يتشفون بذلك، وبالغوا فيه حتى جعلوه جزءا مقررا من عقائدهم وكتبهم. - ثم قالوا وما آل بيته؟ ففيهم من هو في النار كأبي لهب، وفيهم من هو خير منهم كسائرهم، وليس لهم فضل إلا بعملهم، ولا دخل في ذلك الفضل لنسبهم. - ثم قالوا بتجويز الزنا على أمهات المؤمنين وزوجاته( )، وقالوا أن النبي قد شك في أمر السيدة عائشة ، ولو قلت نفس هذه المقالات عن أهاليهم لغضبوا وعادوا. - ثم قالوا بأن تسييده حرام، ولا يستحق لفظ السيادة إلا الرب جل وعلا، وأطنبوا في ذلك وأكثروا حتى ملَّهم الناس، وهم لا يأنفون من أن يفخِّموا فخامته، ويجلِّلُوا جلالته، ويعظِّمُوا سُمُوَّه، ولله الأمر من قبل ومن بعد. - ثم قالوا لا يُحتَفَل بمولده ولا يُعتنى بهجرته ولا بأحداث حياته، فتخصيص يوم لذلك بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وهم يحتفلون بقيام مملكتهم وإقامة دولتهم وجلوس جلالته على عرشه، ويتكلم خطبائهم عن سائر الأعياد كلها عدا مولد سيد الخلق ؛ فإنهم يكثرون فيه من ذكر البدعة والمبتدعة. - ثم قالوا والمدينة ما بالها مُنَوَّرَةٌ؟ وإنما هي منسوبة له ولم ينورها شيء، وهم يصفون شيوخا لهم بالنورانية ولا يستحون من ذلك. - ثم جاؤوا إلى قبره الشريف -والذي هو أفضل من العرش( )- فكان أن ابتدؤوا بأن قرروا أن البناء على القبر ليس حراما بل هو ينقل إلى الشرك، وأن إبقاء قبر داخل مسجد ليس إلا مسا لجناب التوحيد، وأحكموا هذه القضية حتى جعلوها لب دعوة الإصلاح، وثمرة الرسالة التي يبعث بها الأنبياء والرسل عليهم السلام. - فلما تمهد لهم ذلك جاؤوا إلى القبر الشريف، فأول ما قالوه فيه وجوب فصله عن المسجد بجدار عازل حتى لا يرى الداخل إليه أي مخالفة لا ترضي صاحبه !( )، ثم زعموا أول ما زعموا أن بقاءه بدعة، بل ومن بدع الحج خصوصا( )، ثم سكتوا هُنَّية، حتى جاء من قرر في جامعة عريقة لهم وجوب اجتثاثه مع سائر القباب( )، والله أعلم بما يخفون. - ثم قالوا لا يجوز لك أن تقرن اسمه باسم الله في موضع واحد؛ فلا تكتبهما في سطر واحدا وتفصل بينهما بفاصل وإلا تذرع الناس بأن يطاولوا مقام الربوبية، وهم يقرون بالشهادتين والأذان. - ثم يأتي هذا الخَتْل في الخاتمة ليقرر أن ليلة مولده مشؤومة، ولو أنه وصف بالشؤم فعال الناس يومذاك لكان خاطئا، فكيف يصف تلك الليلة كلها وما عرفت البشرية الخير إلا فيها وبها ومنها. فالمسألة لم تكن -ولا تكون- أبدا مسألة خلاف بين مدرستين في حجج فقهية وعقدية، تكفي جملة من قواعد العلم لحلها، فالمسألة مسألة موقع النبي في دائرة الشعور والوجدان والإحساس، وموقعه من حياة الأمة ككل، وموقعه في حياة الناس أجمعين. فالقوم يحومون على ذلك التعظيم الذي يكنه أهل السنة [عواما وخواصا، رجالا ونساء] لسيّد الكونين، يريدون أن ينقصوا ما أمكنهم، ويَصْبُونَ إلى أن يُنْظَرَ إليه نَظرَتَنَا إلى سائر الناس من "ذوي المواهب" فقط، ويضمرون ذلك ويخفونه ويتواصون كتمانه ويتعاهدون طيَّه، ولكن: ((ما خبأ أحد خبيئة إلا ظهرت في فلتات لسانه وروغان عينه))، كما قال علي بن أبي طالب ، وهذه فلتة بها ما بها وفيها ما فيها. وتعال لتقارن بين موقفين، موقف هذا الرجل ومن يمثلهم من هذه الطائفة المرذولة وبين مواقف السلف الصادقين في حبهم للنبي وآل بيته وصحبه وكل ما له علاقة بآثاره، فاسمع لفتوى أبي يوسف صاحب أبي حنيفة في رجل قال بعد أن سمعه يحدث أن ﴿النبي كان يحب القرع﴾، فقال: "أنا لا أحبه"، فأفتى بتعزيره لولا أن تاب ذاك الرجل في الحال( )، هذا تلميذ أبي حنيفة الذي يقول عنه الوهابية زورا وبهتانا: ((أنه ما ولد في الإسلام أشأم منه))( ). وانظر إلى فتوىً للإمام مالك في الذي قال عن النبي أنه فقير أو أُمِّي( )، وكذا انظر إلى تصرف عمر بن عبدالعزيز مع من وسم والد النبي بالكفر، وانظر إلى أيضا فتوىً لابن عبدالسلام التَّسولي في الذي قال بأنه لا يجوز تسيِّيد النبي ( )، وفتوى السيوطي فيمن نسب الأنبياء إلى الرَّعَي( )، واستقصاء المثال في هذا الباب ليس مرادا، ويكفي منه ما قدمنا. وانظر "شفاءًا للسقام" كلمةً في "شفاء" القاضي إذ يقول بعد أن أورد أمثلة من جنس هذا الكلام: ((فإن هذه كلها وإن لم تتضمن سبَّا ولا أضافت إلى الملائكة والأنبياء نقصا... فما وقَّرَّ النبوة، ولا عظَّم الرِّسَالةَ، ولا عزَّر حرمة الاِصطِفَاء، ولا عزَّزَ حُظوَةَ الكرامة، حتى شبَّه من شَبَّه في كرامةٍ نالها، أو معرَّة قَصَد الانتفاء منها، أو ضَرْبَ مثلٍ لتطييب مجلسه، أو إغلاءً في وصفٍ لتحسينِ كلامه؛ بمن عظَّم اللهُ خَطَرَهُ، وشرَّف قدره، وألزم توقيره وبرَّه، ونهى عن جهر القول له، ورفع الصوت عنده، فَحَقُّ هَذا إِنْ دُرِئَ عنه القتلُ: الأدبُ، والسجنُ، وقوة تعزيره، بحسب شنعة مقاله، ومُقتضَى قُبْحِ ما نطق به، ومألوف عادته لمثله أو ندوره، وقرينة كلامه، أو ندمه على ما سبق منه))( )، وتعلم بعد هذا لأجل أي شيء قيل عن القاضي عياض: ((لقد غلا هذا المُغَيْرَبِي)). ولم أشأ أن أختم هذه المقالة إلا بقولة مؤثرة لها دلالة يمكنك تفهم أبعادها؛ قد قالها سيِّدٌ من سادات التّابعين، إذ قال فيما معناه: ((لو دخلتُ الجنَّة، وكنت ممن قتل الحسينَ بن علي لاستحييت أن أنظر إلى وجه رسول الله ))، ونقول للوهابي: أم تراك تقدر على النظر في وجهه وقد خطت يمينك ذاك؟، أتراك تطمع في شفاعته يوم القيامة وقد قلت مقالتك تلك؟، أم تقدر على قربه وقد نشرتَ ذاك الكلام؟. انتهت بحمد الله ومنته. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وآله وسلم تسليما كثيرا. |
من مواضيعي
0 سؤال إلى الوهابية .... مرة أخرى....؟
0 وثقية إدانة 2: الوهابية تطعن في أفضلية سيد الخلق
0 وثيقة إدانة 1: الوهابي الواصف ليلة مولد النبي بأنها مشؤومة
0 تعقيبا على موضوع: "خطر الشيخ شمس الدين"
0 إلى وهابية الجزائر....
0 إلى وهابية الجزائر....
0 وثقية إدانة 2: الوهابية تطعن في أفضلية سيد الخلق
0 وثيقة إدانة 1: الوهابي الواصف ليلة مولد النبي بأنها مشؤومة
0 تعقيبا على موضوع: "خطر الشيخ شمس الدين"
0 إلى وهابية الجزائر....
0 إلى وهابية الجزائر....