المدّ الشّيعي في الجزائر.. حقيقته وأدواته
05-08-2015, 04:39 PM
المدّ الشّيعي في الجزائر.. حقيقته وأدواته

سلطان بركاني

( أحد كتاب جريدة الشروق اليومي).
المدّ الشّيعي في الجزائر وإن لم يكن بالانتشار الذي يعرفه في دول عربيّة أخرى كمصر والسّودان والمغرب، إلا أنّه موجود وملحوظ، لا ينكره إلا جاهل بالواقع، أو متواطئ مع المشروع الشّيعي في المنطقة، هذا المشروع الذي تسخِّر له السّفارات الإيرانيّة أموالا معتبرة، وتستميل إليه بالإغراءات المالية، وزيارات المجاملة، وعبارات الإطراء،:( قنوات وصحفا، وكُتّابا وصحفيين): لا يتوانون في تلميع صورة إيران وحزب الله، ومحاولة صرف الأنظار عن المشروع الإيرانيّ إلى التّحذير من مشاريع ودعوات أخرى هي في النّهاية: ليست في خطورته.
يعتمد المدّ الشّيعي في الجزائر علاوة على زخم:"الحروب الكلاميّة" التي تخوضها إيران ضدّ أمريكا، والعمليات الاستعراضية محدودة الزّمان والمكان ومحدّدة الأهداف، التي يقوم بها "حزب الله" اللّبناني ضدّ الكيان الصّهيوني في الأوقات الحرجة التي تنكشف فيها بعض أوراق المشروع الشّيعي الطّائفي المتقاطع في كثير من القضايا والمواقف مع المشروع الصّهيو- صليبي، وإضافة إلى الدّور الذي يلعبه بعض الأساتذة الوافدين من:( العراق ولبنان) ونظرائهم من الجزائريين الذين يزورون قمّ وطهران، في التّرويج لأدبيات المذهب الشّيعيّ: معتمدين في الأساس على:( بثّ الشّبهات حول دواوين السنّة وسير الصّحابة، وحول التاريخ الإسلاميّ!!؟) بين شبابٍ ليس لهم كثيرُ اطّلاع في هذه المجالات؛ كما يعتمدون أيضا على:( إغراء الشّباب ببعض البدائل المشبوهة التي يقدّمها المذهب الشّيعيّ، ويأتي على رأسها:" نكاح المتعة" الذي شذّ الشّيعة في إباحته عن جميع طوائف المسلمين، وعمّا تواتر عن أهل البيت الطّاهرين، مما اتّفق في نقله عنهم أهل السنّة والزيديّة.
إضافة إلى هذا وذاك: يعتمد دعاة التشيّع على إثارة بعض الدعاوى التي تأتي في مقدَّمتها دعوى أنّ الجزائر خصوصا ومنطقة المغرب العربيّ عموما كانت شيعيّة في الأصل: إبّان حكم الدولة العبيديّة (الفاطميّة)، وهي دعوى لا أساس لها من الصحّة، لأنّ هذه الدولة التي أسّسها رجل مخادع ماكر يُدعى:" أبا عبد الله الشّيعي": لم يكن لها ولا للعقائد الإسماعيليّة: التي تأسّست عليها وجود بين سكّان شمال إفريقيا قبل سنة 280هـ، وقد أخضَعت المنطقةَ بالخداع والإرهاب، وثار عليها أهل المغرب العربيّ، وأعلنوا الجها،د وتحالفوا مع الخوارج ضدّها حينما كشفت عن وجهها الحقيقي، وأظهرت التّقديس لأمرائها، والطّعن في الصّحابة والخلفاء الراشدين وأمّهات المؤمنين، وامتحنت النّاس بسبّهم ولعنهم والبراءة منهم، وتمادى بها الأمر إلى:( كتابة أسمائهم على رؤوس الكباش والحمير وتعليقها على أبواب الحوانيت، وإلى قتل آلاف العلماء والعباد ممّن رفضوا التخلّي عن موالاة الصّحابة والثّناء عليهم)، يقول:" القاضي عياض المالكي "- طيّب الله ثراه- (ت: 544هـ) في كتابه:(ترتيب المدارك: 02/ 318)، وهو يصف شناعات الفاطميين:
" كان أهل السنّة بالقيروان أيام بني عبيد في حالة شديدة من الاهتضام والتستّر كأنّهم ذمّة؛ تجري عليهم في كثير الأيام محن شديدة، ولمّا أظهر بنو عبيد أمرهم ونصبوا حسينا الأعمى السباب-لعنه الله تعالى- في الأسواق للسبّ بأسجاع لقّنها يتوصّل منها إلى سبّالرّسول صلّى الله عليه وسلّم في ألفاظ حفظها، وعلقت رؤوس الأكباش والحُمر على أبواب الحوانيت، عليها قراطيس معلقة مكتوب عليها أسماء الصحابة؛ اشتدّ الأمر على أهل السنّة، فمن تكلّم أو تحرّك: قتل أو مثل به".

كما يروّج دعاة التشيّع في الجزائر في هذا الصدد أيضا لدعوى أخرى كاذبة خاطئة، مفادها: أنّ البربر احتضنوا الدّولة العبيديّة الشّيعية، وهي دعوى ينقضها تاريخ المنطقة الحافل بالثّورات التي لم تخمد ضدّ هذه الدويلة منذ ظهور حقيقتها إلى انحسارها وانكسارها عن منطقة المغرب الإسلامي سنة 362هـ.
ومن الدّعاوى أيضا: الاستدلال على تجذّر التشيّع في الجزائر بانتشار أسماء أئمّة وأعلام أهل البيت -رضي الله عنهم- كعليّ وفاطمة والحسن والحسين وزينب، بين الجزائريين خصوصا وأهل المغرب العربيّ عموما، وهي دعوى ينقضها أنّ أهل المغرب العربيّ يتسمّون أيضا بأسماءَ: لا يمكن أن يتسمّى بها الشيعة كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة، وهو ما يدلّ على تمسّك أهل هذه المنطقة بعقيدة أهل السنّة في الجمع بين محبّة أهل البيت ومحبّة الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين.
إنّه لم يعد من مصلحة هذا البلد: الإصرار على التّغاضي عن هذا المدّ الذي يغري شبابنا بتبنّي كثير من العقائد المنحرفة التي حاولت الدولة العبيدية فرضها بقوة الحديد والنّار على أهل هذه المنطقة، ويسوّل لهم إعلان الولاء الكامل لإيران ولسياساتها وقادتها، بل قد وصل الأمر ببعضهم إلى توجيه نداءات عاجلة إلى:( مراجع النّجف وقم)، ليتوسّطوا لدى إيران لتتدخّل لحمايتهم ومساعدتهم ضدّ ما يسمّونه المضايقات الأمنية!!؟.
لقد أصبحت الجزائر مستهدفة أكثر من ذي قبل، بعد أن استطاعت إيران استمالة بعض القنوات والصّحف الخاصّة، وبعد أن أصبح شبابنا هدفا لمراجع وطلبة الحوزات العلمية في العراق: الذين أنشؤوا عشرات الصفحات على الفايسبوك بأسماء جزائرية -في الغالب أنثوية- يستميلون إليها الشّباب، ويوقعونهم في حبائل التشيّع.
إنّنا نحذّر من التشيّع، ليس لقوة حجّة دعاته، وإنّما لضعف شبابنا أمام الشّبهات، وجهل كثير منهم لأبجديات دينهم: ما يجعلهم عرضة لدعاة التّنصير، ودعاة التشيّع الذين يلجؤون إلى نفس الأساليب والإغراءات للتّغرير بشبابنا.