حانة على المكشوف..
16-05-2014, 05:18 PM
حانة على المكشوف..
أمة تدعي الإسلام، وأم الخبائث قدوتها، أي خير يرجى منها؟
"حانة على المكشوف والناس تشوف"، لم أجد أحسن من هذه الجملة أصف بها مكانا شاعريا، لطخه وشوهه بعض الأفراد التائهين. أردت تصوير المكان ومرتاديه من شواذ القوم، غير أني خفت من ردة فعل بعضهم عندما يرون آلة التصوير تلتقط لهم صورا، فاكتفيت بتصوير عام للمكان. يقع المكان في ولاية بجاية التي تزخر بمواقع طبيعية رائعة، ولكن بعض أهلها حولوها إلى أماكن مروعة. على بعد خمس وعشرين كيلومترا شرقا، في اتجاه جيجل، توجد مدينة "أوقاس"، الدخول إليها لمن جاء من جهة بجاية، لابد عليه أن يمر تحت نفق منحوت في أصل جبل يغطس رأسه في البحر، وبداخل هذا النفق مغارة معروفة بالمغارة الحديدية، يقصدها كثير من السياح الذين يزورون المنطقة. والمكان الذي أعنيه يقع في هذا الجبل، وفوق النفق تماما. نصل إليه عبر طريق معبدة، في مدخله محل لبيع المشروبات الكحولية، وفندق لا أعلم هل هو للنوم أم لغير ذلك. يجذبك المكان الذي يشرف على الخريج، حيث تبدو لك مدينة بجاية نائمة تغطيها ظلال "يما قورايا"، غير أن المرور إلى هذا الموقع الشاعري، احتل جوانبه أفراد انتهكوا حرمته ووأدوا جماله، تراهم يحملون أكياسا بلاستيكية تحوي "مستوراتهم"، يسيرون مثنى مثنى كالعشاق متمايلين، ولكن معشوقهم ليس سوى قارورة خمر أو علبة جعة، يفرغون سوائلها الخبيثة في أجوافهم، ثم يرمون العلب والقوارير في الطريق، أو يلقونها بين الأشجار.. ترددت كثيرا قبل أن أواصل السير، خفت أن يعترض أحدهم طريقي، أو يرميني بمقذوف، فلو كنت مع فرد من العائلة لعدت أدراجي من أول الطريق، لذلك غامرت وواصلت طريقي، وهم أي مرتادو المكان، يرشقونني بنظرات مريبة، كأنها تقول:" من هذا ؟ هل هو عضو جديد في مجتمع التائهين، أم فضولي يريد أن يكسر علينا حرمتنا؟ أوقفت السيارة وأخذت آلة التصوير، فرأيت الأعين كالبنادق مصوبة نحوي، كادت تنطق وتصيح في وجهي أن "قف..وإلا..! فحوّلت اتجاه عدسة الآلة نحو البحر، أصور منظر الخليج، مديرا ظهري لهم بدون أن أحرج حريتهم، ثم انقلبت على عقبي وأنا أنظر نظرات إشفاق إلى تلك الوجوه الباحثة عن سعادة في جرعات مشروب يأخذهم إلى عوالم واهية.
أماكن أخرى كثيرة في هذه المنطقة السياحية الجميلة، تعرف نفس الظاهرة، التي تخل بالتوازن الطبيعي وتنفر طالبي الانسجام مع الطبيعة. فكيف، والحال هذه، يمكن أن نتحدث عن السياحة كمورد اقتصادي، وكثير منا هوايته التدمير ومشتقاته! أليس الواجب الأول هو البدء بأخلقة سلوكنا الفردي والجماعي؟ تلك الأخلاق التي لم يعد لها نصيب داخل أسرنا، وخارج بيوتنا؟ أمسكنا الحرية من ذيلها، ورحنا نعتدي على أنفسنا قبل غيرنا، ظانين أننا في ركب التقدم.
وغابت المسؤولية على كل المستويات.. كل واحد يلقي باللوم على الآخر..أو يبرر سلوكه بشتى التبريرات غير المقنعة.. حتى رؤسائنا لا يدرون أين هي المسؤولية.. الكل يلهث وراء المناصب ويرجو منها المكاسب..ولا أحد منهم يعمل العمل الحقيقي الذي ينهض بالأمة ويرفع الهمة.. ومع ذلك نأمل.. لعل وعسى!!
أمة تدعي الإسلام، وأم الخبائث قدوتها، أي خير يرجى منها؟
"حانة على المكشوف والناس تشوف"، لم أجد أحسن من هذه الجملة أصف بها مكانا شاعريا، لطخه وشوهه بعض الأفراد التائهين. أردت تصوير المكان ومرتاديه من شواذ القوم، غير أني خفت من ردة فعل بعضهم عندما يرون آلة التصوير تلتقط لهم صورا، فاكتفيت بتصوير عام للمكان. يقع المكان في ولاية بجاية التي تزخر بمواقع طبيعية رائعة، ولكن بعض أهلها حولوها إلى أماكن مروعة. على بعد خمس وعشرين كيلومترا شرقا، في اتجاه جيجل، توجد مدينة "أوقاس"، الدخول إليها لمن جاء من جهة بجاية، لابد عليه أن يمر تحت نفق منحوت في أصل جبل يغطس رأسه في البحر، وبداخل هذا النفق مغارة معروفة بالمغارة الحديدية، يقصدها كثير من السياح الذين يزورون المنطقة. والمكان الذي أعنيه يقع في هذا الجبل، وفوق النفق تماما. نصل إليه عبر طريق معبدة، في مدخله محل لبيع المشروبات الكحولية، وفندق لا أعلم هل هو للنوم أم لغير ذلك. يجذبك المكان الذي يشرف على الخريج، حيث تبدو لك مدينة بجاية نائمة تغطيها ظلال "يما قورايا"، غير أن المرور إلى هذا الموقع الشاعري، احتل جوانبه أفراد انتهكوا حرمته ووأدوا جماله، تراهم يحملون أكياسا بلاستيكية تحوي "مستوراتهم"، يسيرون مثنى مثنى كالعشاق متمايلين، ولكن معشوقهم ليس سوى قارورة خمر أو علبة جعة، يفرغون سوائلها الخبيثة في أجوافهم، ثم يرمون العلب والقوارير في الطريق، أو يلقونها بين الأشجار.. ترددت كثيرا قبل أن أواصل السير، خفت أن يعترض أحدهم طريقي، أو يرميني بمقذوف، فلو كنت مع فرد من العائلة لعدت أدراجي من أول الطريق، لذلك غامرت وواصلت طريقي، وهم أي مرتادو المكان، يرشقونني بنظرات مريبة، كأنها تقول:" من هذا ؟ هل هو عضو جديد في مجتمع التائهين، أم فضولي يريد أن يكسر علينا حرمتنا؟ أوقفت السيارة وأخذت آلة التصوير، فرأيت الأعين كالبنادق مصوبة نحوي، كادت تنطق وتصيح في وجهي أن "قف..وإلا..! فحوّلت اتجاه عدسة الآلة نحو البحر، أصور منظر الخليج، مديرا ظهري لهم بدون أن أحرج حريتهم، ثم انقلبت على عقبي وأنا أنظر نظرات إشفاق إلى تلك الوجوه الباحثة عن سعادة في جرعات مشروب يأخذهم إلى عوالم واهية.
أماكن أخرى كثيرة في هذه المنطقة السياحية الجميلة، تعرف نفس الظاهرة، التي تخل بالتوازن الطبيعي وتنفر طالبي الانسجام مع الطبيعة. فكيف، والحال هذه، يمكن أن نتحدث عن السياحة كمورد اقتصادي، وكثير منا هوايته التدمير ومشتقاته! أليس الواجب الأول هو البدء بأخلقة سلوكنا الفردي والجماعي؟ تلك الأخلاق التي لم يعد لها نصيب داخل أسرنا، وخارج بيوتنا؟ أمسكنا الحرية من ذيلها، ورحنا نعتدي على أنفسنا قبل غيرنا، ظانين أننا في ركب التقدم.
وغابت المسؤولية على كل المستويات.. كل واحد يلقي باللوم على الآخر..أو يبرر سلوكه بشتى التبريرات غير المقنعة.. حتى رؤسائنا لا يدرون أين هي المسؤولية.. الكل يلهث وراء المناصب ويرجو منها المكاسب..ولا أحد منهم يعمل العمل الحقيقي الذي ينهض بالأمة ويرفع الهمة.. ومع ذلك نأمل.. لعل وعسى!!
