السيادة المزيّفة
01-11-2008, 12:37 PM
قد تتساءل عزيزي القارئ: لماذا يُكثر المسؤولون في الجزائر من الحديث عن السيادة والثورة والقرار الوطني وغيرها من الشعارات التي أصبحت لا تُصرف على الطاولة الشاغرة من الأكل ! فقط لأن المسؤولين مفلسون وليس لديهم ما يقدمونه للشعب إلا الكذب، والحديث عن السيادة يغطي عيوبا كثيرة مرة تفضحها الصدفة ومرات تُعرّيها التجربة حتى أن الطبيعة تدخّلت لتقول للجزائريين لا تثقوا في مسؤوليكم .


هذه الصور أُلتُقطت في العاصمة الجزائرية وليس في الريف، وهذه المناظر المخجلة جاءت بعد يوم فقط من تهاطل الأمطار وليس بعد أسبوع أو شهر على غرار ما يحدث في بلدان كثيرة من العالم.

الواقع يُكذّب المسؤوليين ويكشف أن الطرقات صُممت بشكل عشوائي ووهب صفقات ترميمها الفاسدون إلى شركات وهمية وبواسطة المحاباة، والبنايات رُفعت بالاسمنت المغشوش وسقوف الغرف الجامعية تقطر طوال الليل على الطلبة والطالبات وتُسبب في التماس الكهربائي ! وإذا ثار هؤلاء على الوضع ، فـستُعيدهم الهراوة البوليسية إلى الصواب!

الجزائر تعيش على نسبة تسعة و تسعين في المئة من خيرات الصحراء (بترول،غاز، فوسفات،ذهب) وتمنع أبناء الصحراء من الظفر بمنصب عمل ، انتفض الشباب في مدينة ورقلة التي تسبح على حقول النفط مرة ومرات وقوبلوا بالهراوات البوليسية والغاز المسيل للدموع! وحوكم أغلبيتهم بتهمة إثارة الشغب، ثم لوّثت السلطات شهادات سوابقهم العدلية بنقاط سوداء حول إثارتهم الشغب ودخولهم السجن، وهذا يعني أنه عليهم نسيان العمل في المؤسسات الجزائرية إلى الأبد ورمي نفسهم في البحر كي يأكلهم الحوت الأبيض المتوسط قبل وصولهم الى الضفة الاوروبية.
أبناء الصحراء لا يجدون مقاعد للجلوس عليها أثناء الدراسة ، وإذا كانت العبارة المشهورة تقول انضم فلان إلى مقاعد الدراسة، يقول أبناء الصحراء التي تبيض ذهبا : انضم فلان إلى أرضية الدراسة !!!
المدارس في الجنوب مكتظة، والكتاب المدرسي نادر، والمسؤولون في الجزائر يتحدثون عن السيادة وعن معاناة الفلسطينيين في غزة!!! وعن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره!!! وعن حصار كوبا!!!
تسعون في المئة من شباب مدينتي : جانت و تمنراست في أقصى الصحراء ولاؤهم لبارونات التهريب، لأن تجار الاسلحة والمخدرات يوفرون لهم لقمة العيش!
السيادة الحقيقية هي أن تضمن أي دولة في العالم ولاء مواطنيها بتوفير أدنى ضروريات الحياة لهم، فسكان الصحراء بالنسبة للمسؤولين الجزائريين عبارة عن عرائس وفلكلور تُقدمهم كوجبة دسمة للسائح الغربي!!يلبسون له اللباس التقليدي ويرقصون أمامه لساعات ويصفق عليهم لتمتلئ جيوب حراميّينا بالعملة الصعبة على حساب الغلابة الذين تُكرس غرقهم في الجهل!!!


عندما ترفض السلطة في الجزائر خوصصة بنك القرض الشعبي الجزائري فلا تصدقوا أن ذلك من أجل السيادة فهذا ضرب من الجنون، خوصصة البنوك تعني الشفافية في التسيير وبمقاييس عالمية ، أيُّ بنك في العالم يتمتع بطريقة تسيير جماعية،و لا يمكن أن تتمكن القطط السمينة من سرقته،
فمجلس الإدارة يتكون من مجموعة من الخبراء يجتمعون في كل مرة ليتخذوا القرارت الحاسمة في قضايا هامة ! وهذا يتنافى تماما مع الطريقة التي يعمل بها المسؤولون الجزائريون ، هؤلاء تعوّدوا على الإتصال هاتفيا بمدير البنك ليكون بعد دقيقة أمامهم وبالمبلغ الذي يريدونه،
فالبنوك في الجزائر ما هي إلا واجهات لسرقة خزينة الشعب، ولا عجب في أن الاختلاسات منذ عام ألفين، أصبحت بمليارات الدولارات وعلى الملأ، وفي كل مرة يُقدّم مدير بنك ككبش فداء ويُسجن عاما أو عامين ثم يعاود الكرة! أما المسؤولون الذين يعتمدون على الهاتف في قضاء حاجياتهم فإنهم سيُكشفون أمام العالم إذا ما انضمت الجزائر الى منظمة التجارة العالمية أو تقرر وضع حد للسرقات بخوصصة المؤسسات.