تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
mihoubi
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2009
  • الدولة : أرض الله الواسعة
  • المشاركات : 346
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • mihoubi is on a distinguished road
mihoubi
عضو فعال
صمود الحرير
06-01-2013, 10:20 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبتي في منتدى الشروق الطيب، هذه قصة كتبتها عن إخلاص، الأخت الكريمة، الحبيبة التي شرفها الله العزيز الكريم جل وعلا بالابتلاء فزادها عزا ورفعة، وبما أنني من محبي القلم وعشاق الكتابة الأدبية، فقد استأذنتها في كتابة قصة عنها ، بناء على المعلومات التي قدمتها في منتدى ذوي الاحتياجات الخاصة، وعنونته ب" صمود وتحد"، فما كان من اختنا الكريمة إلا ان أذنت لي وتركت لي حرية الخيال، فأنا أشكرها جزيلا لتواضعها وحسن خلقها، وهاهي القصة أتشرف بنشرها هنا في منتدانا الحبيب، حيث تجول ارواح الأحبة فتعبق نسيم الحياة بكل معنى جميل، لأنها إنما اجتمعت على الله وعلى الحب فيه جل وعلا.
أتمنى ان تنال إعجابكم.
جميلة ميهوبي
يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
  • ملف العضو
  • معلومات
mihoubi
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2009
  • الدولة : أرض الله الواسعة
  • المشاركات : 346
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • mihoubi is on a distinguished road
mihoubi
عضو فعال
رد: صمود الحرير
06-01-2013, 10:47 AM
صمود الحرير
حمى الأقاصي
ظلت تهمس لها من بعيد.... عبر انبلاجات الصبح الأصيلة، تتماهى في كبريائها الطفولي ، علها تقطف منها فرحا يغازلها به حلم جميل، كم اختلت فيه وحدها بأمنياتها الحبيبة.
- هيا تعالي.....اقتربي أيتها البعيدة الشامخة.....أيمكن ليدي الصغيرة أن تقطف منك ولو لمسة واحدة يتحقق بها بعض مناي؟
كنتِ أنت دوما رفيقة أحلامي، كنتِ أنت ظلالي الوارفة من هجير يأس طالما انفرد بي في أيامي الخوالي، وبعد بعض الأيام العسيرة، خلتُك ستغربين من حياتي إلى الأبد ، لكنك وكما كنت دوما ، ها أنت هناك تنبذين عني كل إخلاد إلى الأرض والتنائي عنك.
أيتها القمة، يا شامخة في عيوني ومرادي، يا أميرة على كل أحلامي، سأبلغك يوما، مهما بدوتِ بعيدة، لأغرف منك بعض علاك، والعلا مطلب المحبين، لن تثنيني عنك بعض أيامي العسيرة وقد مر أصعبها، وتلاحقت بعض لياليها لتسعف قلبي بنسيان أكيد.
نسيان أسعفني وأسعف طيور حلمي، يوم أتلف لون الورود بأحلامي، وكنت ترقبيني من بعيد، كأنما أنت أم حانية تشفق علي من تسلط السيد الخائن لجمال الحياة، ذلك اليأس ، كنتِ تنهينني عن سلوك طريقه، وكان صراخك الأبوي الحنون يصل إلى قلبي في كل حين، بل من غير أن أنتبه في أحيان كثيرة، كان يوقظني أوج ما أكون بين قيود وجودي الجديد الحزين، وأنا أنظرني بعين جديدة تختزل نظرات كل العيون (من حولي).
وحدك كنت تبهرينني ببقائك على عهدك القديم معي، استثناء من كل النظرات ، فصرت لي عيدا أكيدا في كل يوم من أيام حياتي الجديدة، بل وأصبحت أقرب إلي من ذي قبل، فعلمتُ أني أتسلق المدى في عبوري الجنوني نحوك، لأقبض على حلمي الأزلي في مجاورتك الأبدية، حيث أمسيت أبصر بنور علاك في أملي القادم، وأصبحت أسير بضياء نبراتك المتشامخة في كل الأماني.
حينها فقط عرفت أني أجاريك في كل صفاتك الجميلة، فتعرفت إلى عالم من نور وولجت عالما من سرور ، نظراته من حنين المعالي، لا تعترف إلا بعيونك المغترفة لحمى الأقاصي من كل جميل.
تهدَّل دمعها، وكان شفافا ينير بشرتها البيضاء الحريرية، وهو يمسحها عبورا نحو الأمس، أطلَّت بفكرها من نافذة مزهرة بكثير من البسمات، كانت زهرة جميلة تنبت بحديقة والديها وإخوتها، وكانت سقايتها رعاية، دفء وحنان، وكان ذكاؤها يغذي اهتمام الجميع بها ، إضافة إلى ما جبلت عليه من حسن امتن الله به عليها، تزينه أخلاقها الرفيعة وحسن سلوكها مع الآخرين، منذ كانت بتلة غضة في ورود الحياة.
لقد عرفت كيف تغري العصافير باحتضانها بين عالمها الجميل، فكانت أحلى عصفورة تغرد بألحان الحياة.
نعم..... الحياة، تلك التي عشقتها مع أول خيط امتد من شعاع الشمس إلى عينيها السوداوين، ليصنع خيطا حريريا فوق بشرتها البيضاء. ويوم بكائها الأول، ودع الدمع حنايا وجهها الصبوح، فلم يعد يعرف إلا التجاعيد الجميلة، تلك التي تشكلها البسمات الخالدة في جبين الأزل والحنان.
كانت تكبر أقحوانة تسرح بين أجفان المدى عابرة بحر الحسن والكمال، تراقص سحر الطبيعة خطواتها الأنيقة منذ النعومة، لقد كانت وظلت أنيقة في كل شيء، أنيقة في الكلام، أنيقة في التعبير، أنيقة في الفكر والنظرات، ومثلنا يقول: "لمربي من عند ربي"، المؤدب من عند الله.
أنار منك الجبين حورية النسمات العطرية، يا زهرة المدرسة والثانوية وما بينهما، يا فرح الطلاب يوم يشاهدونك متوهجة في إشراقتك النرجسية، تتراءين بسمة متفتقة على كل محيا، فيستقبلونك استقبال المحبين، ويلتفون حول جواهرك التي تعبقين بها الجلسات.
إخلاص المحبة حاضرة، إذن المجالس مكتظة والعيون سابحة في سيولها المالحة، ويا للعجب الأسارير ثكلى لعبوسها، كأنما حضورك يغتال منها كل عبوس.
حملتِ عناء الأقاصي الجميلة، تتوثبين أصيلة كنخلة باسقة تنأى برأسها عن هواء يقترب من الثرى، كانت رؤيتك هناك، عندما تلتقي خطوط المدى مع شرفات العيون، وكانت عيونك لامعة بفكر خصيب غذته المطالعات الكثيرة، والرحلات العديدة وحب الاطلاع، فبدأتِ البذر في بعض الزهور، وأيقنتِ الثمار ولو بعد الأنين.
آه منه عندما تختلي بنا بعض من صويحباته النائمات بجفون الحنين، عندما تسري لسعاته المجهرية في جوانا القديم، ريثما يستلم صبرنا بعضا منا، اكتنزتها ذكرياتنا العذراء على أرضها الخصيبة ذات مساء.
أرض عفراء، حكاية كتبنا عليها الأماني الغاليات، وظل القلب يتصفد توقا ليوم لقاء، وما أكثر ما نتوق للقاء، وأحبه إلينا ذلك الذي يكون مع الأماني والحنين (الذي يجمعنا بالأماني والحنين).

- آه منك يا أنين، حضرتَ اللحظة وبعضا من أمسي يسكبك الآن في دهري المتوشح لعيون المدى ، لا تصطفيني دهرا، فما تكاد تنزاح عني إلا في لحظاتي الحالمة في نوم أو يقظة ، فأُغادرُني ترفا وفرحا في عالم الأقاصي الجميلة.
تركتكِ(الأقاصي الجميلة) هناك، تكتبين عني بعضا من شعرك الفاتن لسرورك البارق الفتان، لكنكَ (الأنين) سرقتَ كل كلماتها الجميلة، تلك العطرية في تجلياتها، الأنيقة بين الفينة والنبض الحزين، فيا أنينا صاغ حكاية أخرى متشحة بألوان الليل، كم طال ليلي ذات مساء، عندما باتت آلام حادة تلوكني مع الإحساس، كدتُ أشهق رغبة في مفارقة الجسد الحبيب، كدتُ أغرق في بحر دمعي المتدفق غصبا ، وتجاوبا مع سياط الأنين.
وحنيني نال منه الحدث العظيم حتى كدت أعبره إلى شاطئ النسيان، كنت عائدة من مدرستي، وكان الرفاق الصغار يبصمون براءتهم على خدين ورديين ممتلئين، وعرفتُ مرارة الانتظار تحت شمس محرقة، وانتظرت وانتظرت وقد استبطأت حضور حافلة النقل، فكانت لي نقلا أبديا من أحلامي الحاضرة، ولم أكن أدري أني إنما كنت أستعجل شرا قدر لي ذات صفاء.
كانت السماء صافية، وكانت الوجوه صافية إلا من بعض حبات العرق، حتى كدنا نتنفس الصفاء(نلبس، نأكل الصفاء) ونتزر بالصفاء، ولما اقتحمنا الحافلة، كان الكل رغم التعب وطول الانتظار يتسمون بالصفاء، فصرنا لا نرى سوى الصفاء، ولا نحلم إلا بانتماء لهذا الصفاء.
وفجأة دوى القلب وهوى لون السماء شظايا لم تلتقطها العيون، غاص جميعنا في شبه ما يغوص فيه النائمون، فالصوت كان صاعقا لدرجة أن جميع من كانوا في الحافلة فقدوا الوعي إلا واحدا كان غادرها، بعدما حشا النيتروجين في جنبات ذلك الصفاء، بلا قلب تركنا لوعة في جفون السامعين، ولى زمن انتصاره لحظتها ليرى الأشلاء ثكلى لأجسادها، وبعض الأجساد ثكلى لأعضائها، وكانت أعضائي كاملة بحمد الله، لكن غصة الألم المقيتة رفعت مني سبابتي اليمنى والناس حولي وأنا ألهج بالشهادتين، كانت رغبة جامحة مني في مغادرة الآن القاسي واللحظة الموجعة جدا حد اختلاط الأماني والظنون، ظلت أمنية واحدة تلتف حول أنيني حينها، أردتُ رؤية وجه أمي لأودع جواي في اطمئنان، وكان طيف أبي حاضرا كأنما يد منه امتدت إلي لتمسح عن جبيبني بعضا من عرق، أما الدمع فقد كان مظهرا عاديا من مظاهر الخوف والأنين، فوجوده كان يعني الكثير بالنسبة لمصاب مثلنا وفي ذلك الزمن المخيف، كان أبي حينها ليقول لي:- لا تمسحي دمعك بنيتي، أتركيه متسربلا يقطف منك بعض الصبر على الألم الشديد، أتركي دمعك بنيتي يقوم بعمله الذي وجد من أجله، فهو في المكان المناسب وفي الوقت المناسب ، وكم ينفعنا الأمر المناسب في المكان المناسب.
يا دمعا جردته الحوادث من لونه الشفاف فصار أحمر قاني، كدتُ لا أعرف لونه حينها إلا دما يحُفُّ كل الوجوه المظللة لمكاني، كنتُ أرى الجميع باللون الأحمر، وحتى ثيابهم بدت لي حمراء، ولون السماء حينها اكتسى الحلة الحمراء، هي نتيجة خطط لها الجاني و لربما ابتساما يرفعه اللحظة رفقة الشركاء، لكن الدَّين باق والديان لا يموت.
حملوني، وحملوا معي آلامي وحروقي وجروحي ونزيفي، واختلطت الأصوات في الحنايا فما عرفت يوم أفقت، أأنا في الجحيم أم في مستشفى وطني؟
كانت الآلام قاسية قسوة الممرضات المشرفات على علاجي، وكان وجه أمي هذه المرة حقيقيا يشرق ببسمة مطمئنة أمامي.
- أماه اقتربي مني لتري ما فعلوه بي، أماه لست المسؤولة عما صعق أماني وركب موجات الرعب ترفع من دقات قلبي حتى خلته سيتوقف رغبة في الهروب، وكم تستهوينا هذه الرغبة العجيبة حين الصدمات والمحن.
كنتُ أود حينها أن أهرب مني بكل ما أوتيت من حكمة في اتخاذ القرار، وكان قراري عندها ألا أعود مجددا إلى هذه الحياة، كانت رغبتي إذاك أن أغمض عيني فتكون تلك آخر لحظة من وجودي على هذا الوجود ، ولكن القدر كان نافذا والحكمة خفية وإن لبست ثوب الأنين.
قالت أمي وهي تمسح الدمع من عيوني: - هوني عليك بنيتي، عسى في ذلك خير.
عسى في هذا الدمع فرحا لن تلجيه إلا عبر بوابة الرعب والأنين، وعسى فجرا لن تناليه إلا بعد سواد بصمته الأحداث على قدميك لتكون الخطوات أبعد مما يقاس بالأقدام. الله أعلم وأحكم، الله أرحم بنا من أمهاتنا اللائي ولدننا. أليس هذا قولك لي دائما حبيبتي عندما كنت أشفق عليك وأخاف عليك من ملمات الحياة؟
- نظرتُ إليها وابتسمتُ وفي قلبي بعض كلام كأنه عتاب لك أمي، فما نفعني خوفك اليوم وإشفاقك علي.
سكتُّ برهة إلا من أخاديد دمع كانت تلسع جلدي، وتحرق إحساسي تلك الضمادات المنزوعة بقسوة.
فقلت لها: - آه يا أمي من كل هذا الألم، لا يد لي في هذه المحنة، وعسى محنة تحمل في طياتها منحات وعطايا، فالله حكيم كريم وكما أحبُّه أكيد أنه يحبني ولن يقدر لي إلا الخير.
وارتمت بعض الحكايا في فؤادي حينما استشفيت الصورة المزروعة في مساحة عيوني، ذلك الشامخ المتعالي بإيمانه الصابر المحتسب ضمني وسيول الدمع تغمر وجهه الحاني.
أبي لم يتمالك نفسه عندما شاهدني على تلك الحال، فما أن قال لي: - الحمد لله على سلامتك بنيتي.
ومع أول ضمة انخرط في نحيب وافقته سيول مني ومن أمي وأختي، وكدنا نغرق في بحار الدموع، لولا حضور أخواتي في الله الحبيبات اللائي أخذن يهدئن من روعي، وصحوتُ مرة أخرى من سياط تأنيبي لي حينما استولت كلماتها الرقيقة على مهجتي، فحمدتُ الله طويلا وعرفتُ أنه الاصطفاء بالابتلاء.
كانت كلمات جارتي الحبيبة ترفع من شأن السلوى في فؤادي حتى انفرج الصبح على المحيا، فصافح الرضا كل الوجوه.
كان كلامها بلسما للجميع، جارتي الحبيبة، بل أمنا الثانية كما كان يحلو لنا أن ندعوها، وكانت هي من رافقني للعلاج في بلجيكا بعدما سهل الله لي طرق العلاج.
رحلة العلاج
تنسمتِ حيرتي وحيرة أحبائي، وظل الأوفياء والأحباء يتوافدون عليك، أيا زهرة نسج الجمال عبيرها وتشكل الندى على أوراقها، لم يفلح المواسون في التخفيف من حدة الألم ، فالألم عندما يكون شديدا لا شيء يقوى على تخفيفه ما عجزت عن ذلك جميع أنواع المسكنات.
كانت الأوصال تتقطع وكانت الآهات تندفع بقوة تشهق لها الروح والإحساس البريء، أطفال مدرستك يتوافدون عليك، المعلمون، المعلمات، أعضاء الجمعية الخيرية التي كنت محققة بها، وكثير من أولياء الصغار، ظل من يتقاسمون معك ظلال سقف الغرفة في المستشفى يتساءلون:- من هذه التي تحظى بكل هذا الاهتمام؟
وكان المدى يرقب بعيونه أسئلتهم العجيبة ويرددها بين قبة السماء وقمم الجبال، صداها:
- الحصاد.
نعم فأنتِ اليوم تحصدين ما زرعتِه بالأمس ، أنتِ اليوم تأخذين الجائزة وما أغلاها من جائزة، ثمينة بقدر الحب الذي يسكن قلوب الآخرين لك، وتلك المودة تنبثُّ ساهرة على التجلي من كل العيون.
ما أجمل العيون المحبة حين نقطف منها لحظات حنان وحنين، هو ضرب من السرور، له كنهه المستعصي على لسعات الوحدة والأنين.
أيتها العيون المحبة، هاهي غزالة تطغى بلون الربيع على كل القلوب، فلطالما غرستِ زهرات بهذي القلوب، لطالما قربتِ يدا حانية تمسحين بها ماء للعيون يحرضه لهيب الوجدان والحنين، ها أنت اليوم تحصدين وما أروعه من حصاد.
هب الجميع للنجدة، وهمهم زرع البسمة الأولى على محياك الجميل، ونجح رئيس الجمعية في أن يضمن لك علاجا بالخارج وقد وقع الاختيار على بلجيكا بلاد..... لكن وكما قوانين الحياة الخفية، تأتي الرياح المعاكسة لسفينة الأمل، لتقطع بعضا من فصول الفرحة المستقاة من غد أفضل لك يا غزالة.
لا جواز سفر، ولا صور، وأنت في هذه الحالة لم تكوني لتقوي على شيء سوى بعض البسمات والأنين، وبقلب مؤمن( الموقن بربه) ذهب والدك إلى مكان خط مأساة الكثيرين ذات شقاء ، فبين الحطام بدوت متلألئة تضاهين بهجة رشها الصبح على وجه أبيك، فعاد بجواز السفر ووصلتِ هناك، حيث الغربة واختلاف التربة والنسيم، وكان ما معك من ألم كفيلا بأن يشغلك عن دموع الشوق والحنين.
عندما نضع أقدامنا على تربة غريبة، كثيرا ما تجيش بنا لوعة أخرى، لتغدق علينا العيون كل أنواع الدموع، لكنك كنتِ قد بدأت سفرك في هذا البحر منذ اللحظة الأولى لصاعقة الجنون، وهل من جنون أكبر من أن نحطم أجساد وأحلام الأبرياء؟
وضعوك على سرير المستشفى، وكانت الحروق ممتدة على طول الأقدام والسيقان( كما كنت تعتقدين وأوحى إليك بذلك شدة الألم المنتشر هناك) تنحاز بطريق مستقيم حتى الأفخاذ، ما أقسى البشر حين يقدمون على الفعل القاسي، كأنما يتجردون من كل روح وإحساس.
تعجب الأطباء الذين عاينوك من إهمال طال جسدك في مشافي الوطن، وعلت حمرة الخجل وجه مرافقتك فلم تفلت منها كلمة واحدة، فاضطر الأطباء بعدها إلى تحويلك للمستشفى العسكري، حيث أدخلوك مضطرين إلى عالم اللاوعي واللاإحساس لمدة طويلة بسبب آلامك( وتوقف نبضك مرتين رغبة منك في السفر البعيد ولكن الحياة كانت تدب فيك من جديد وكنت تتشبثين بلقيا الأحبة وكان لا وعيك يصرح باشتياقك لنسائم المحبين)، كان شهران كفيلان بأن ينسياك من أنت ومن أين أتيت وتفاصيل كثيرة حفرت بتراب الذاكرة منذ لحظة الوعي الأولى.
- كم رقم هاتف منزلكم؟ طلبت منك الممرضة.
نظرتِ إليها بدهشة وتاهت عنك الكلمات، وكانت نظراتك الغريبة التي ما ألفت ما حولك تدل على ذلك النسيان العجيب.
آه من حوادث الدهر الكبرى، عندما تجبرنا على نسيان كل شيء ومعايشة أمور لم تكن تخطر بالبال أبدا، لكن ربما ذلك يدل على جدار صنعنا له لنكون أقوى وأقوى.
حين يفجعنا الدهر فينا، قد نجدُّ في استمالة الظلام إلى قلوبنا، إلى عيوننا وحتى إلى ذاكرتنا، فكم تريحنا هذه الذاكرة عندما تترك مكانها للفراغ المظلم، فبه تكون الراحة.
- ماذا سأتذكر الآن؟ سعيي كالفراشات الجميلة بين عديد الزهور لأستشف منها الرحيق؟ أم جريي بخطوات ثابتة نحو خط المدى منذ خيوط الفجر الأولى وأنا أوقظ الكون بتهليل وتسبيح؟
هذا ما تعلمناه في مدرسة الإيمان وقد تعدد في مدرستنا هذه المعلمون، فكانت الأولى أبي وأمي، وكانت الثانية مسجد مدينتي وكانت العاشرة جامعتي وجمعيتي، تعلمنا نصاعة الإيمان ورأيتُه اليوم واقفا مترجلا، كفارس يرتدي برنسه الأبيض ناصع البياض وهو يحمل سيف العزم الأزلي منذ الشجاعة الأولى.
كان لابد منها مثل هذه الشجاعة في بعض المواقف، بل هي ليست ككل المواقف، فعندما فرغ السمع من تفاصيل مريرة جمدت الدم في عروقي ألقت إلي بها الممرضة كريستين، ممرضة لم يكن يبدو عليها الكثير من الشفقة ولا الأناقة في الكلمات.
كانت قاسية المظهر والإحساس، وحتى نظراتها كانت قاسية وكذلك ابتسامتها كانت قاسية، وصار المشفى بأسره مظهرا ينتصر للشدة والقساوة.
إخلاص المحبة والوفاء، أية قسوة تروينها أنت تعلو على ما عالجته منذ الصاعقة الكبرى في ذلك اليوم وفي ذلك المكان؟
إخلاص الوجد والحنين، أي نبع شقاوة تلتقطين منه ذكريات باتت أمرَّ من قسوة الممرضات في بلدي حينما أهملنك وحكمن عليك بانتمائك لزمرة" الأموات"، حين كدن يفصلن اللحم عن العظم، بعدما أوحى إليك ذلك سلوكهن القاسي وهن يغيرن لك الضمادات في قاعة مفتوحة على الجميع ، وفي كل مرة عمدا كن ينتزعن بعض جلدك المحروق، كأنما هن من زمرة مصاصي الدماء يلتهمون الجلد المحروق، وفي تلك الحالة، كدتِ تمنعين من السفر من جحيم مشافي الوطن، لولا عناية الرحمن الذي سخر لك طبيبا فأمضى لك تسريح السفر عند باب الطائرة.
إخلاص، وطارت منك الأحلام حين سماعها تقول- كريستين القاسية- لقد فقدت قدماك.
- يا للهول، أأشتكي لها من وجعي الفظيع فتصفعني بوجع أكبر؟
لم تصدقي ما قالته لك الممرضة، وقد كنت تشكين في نواياها الطيبة تجاهك منذ الوهلة الأولى.
وظلت الآلام رفيقتك الحميمة، تجرد أقلامها المخلصة لمعاناتك الطويلة، طلبوا إليك أن يأخذوك لتغيير ضمادات قدميك، فأبصرت ما ضن دونه كل حرف و قول، كانت الصدمة وكانت الصاعقة وكانت الحقيقة المرة، لقد بدت الأقدام والسيقان تاركة لمكانها عندك، هاربة لمكان آخر ربما فرارا من الألم الشديد، وربما رغبة منها في كتابة حكاية أخرى لحياتك لا تستوعب مفهوم الخطوات العتيق.
تضافرت جميع اللسعات لتخزك بأشد الألم، وكان ما معك منه يكفيك لشقاء طويل، وتدافعت الصور الماضيات ، وتدافع معها شريط الأحلام الصغيرة أيام الطفولة، فعادت إخلاص الطفلة تركض وتركض، ما كان أحد أسرع منك ركضا، كنتِ تفوزين في كل مسابقات الركض، وحتى الذكور لم تكن تسعفهم بعض الرجولة في تخطي سرعتك المجنونة، هو عنفوان الصبا يتدافع لديك، وقد كان يخطط لغد مشرق بخطو خطوات كبرى نحو الآتي الجميل.
الحلم لم يكن فيه أنت وبعض من الآخر، بل كان الآخر كله فيه والخير كله للآخر، وهذا ما كنت تعتزمين.
- واليوم أين خطواتي؟ كيف سأتقدم؟ وبأي وسيلة سأتنقل بين زهور الأمنيات؟
شجك الوضع الحاضر وأرقك إخبار الوالدين، وبحرقة كنت تستدرين تجاعيدها الجميلة على محياها الحنون، كم خفتِ على أمك من هول حقيقتك الجديدة، رغم يقينك أنها مؤمنة حد اليقين، ووالدك كان ليقف معك في أقسى المواقف، فهل سيفعلها الآن أيضا؟ وأخواتك وإخوتك والأحبة، و.....و....تجمعوا كلهم ليصنعوا لحظة الخوف من الحقيقة.
وهل صنعتيها أنتِ أم كنتِ طرفا في صياغتها ولو بنية حسنة؟
- ماذا دهاني؟
كنتِ إلى زرقتها تنظرين، تلك السماء الصافية أشاحت عن نبضك بعض شوائب الخوف، فلَوَت بعض دموعك إلى نهر الجفاف، لأنك تشجعتِ هذه المرة وخاطبتِ عقلك بصوت العقل:- هذا هو محض الإيمان، فللقدر شطران خير وشر ومن أركان الإيمان، الإيمان بهذا القدر خيره وشره. وتاقت منك الكلمات الجريئة للبروز الجريء: - عليهم أن يؤمنوا ، والداي، أهلي وأحبابي ، وكل من رشقهم وجداني بعبير الحب والإخلاص .
هذا القدر فما أنا بصانعة؟ وما هم بصانعين؟
اتصلت أختي وسمعتُ صوتها فوخزني الحنين، كان اشتياقي لها عظيما ومثله كان للوالدين.
أختاه، هل تدرين ما حصل معي؟
فردت الأخت بنفس هادئة مؤمنة بقضاء الله: - نعم يا حبيبتي، لقد بترت رجلاك. حدث هذا في مستشفى مصطفى باشا مباشرة بعد الحادث. لقد كانت الحروق رهيبة، فاضطر الأطباء للتنازل عن أطرافك السفلى حتى لا يمتد الأذى للروح والجسد.
فازداد نبضكِ يا غزالة، ووضعت السماعة، فكأنما من ألمك كدتِ تشهقين.
- أيا قدر، لست أغضب عليك، أيا قضاء، أنا مسلمة أمرك لرب الأرض والسماء، لكن لا ضير في أن نرسل بعض رسائل الألم لهذا العالم، فقوانينه عجيبة، وكان القانون عندي دوما هو فكر خصيب ونظرة إلى الحياة صحيحة.
فما معنى أن أفقد قدماي وخطواتي إنما تركب قمم الجبال.
كان الحلم جاثما على النظرات، مهما غسلتها الدموع، ظل يتراءى لي من قريب ومن بعيد، الأقاصي، تلك هي الأمنية الحبيبة على كل القلوب، "ما حرمك إلا ليعطيك"، والخطوات العظيمة، سأقدم عليها ولو بغير قدمين.
ورن الهاتف مرة أخرى، فسلمتنه الممرضة وكانت هذه المرة أمي على الهاتف: - ابنتي، حبيبتي، لا بأس عليك، المهم أنك حية ترزقين، المهم أنك ما زلت بيننا.
- كم هو جميل أن تسمع صوت الأم وهي تهدئ من روعك في أقسى لحظات الأنين، أماه، لست أحزن لفقدان جزء مني أعطانيه الرحمن منذ ولادتي، وتنعمت به في طفولتي وفي شبابي، ربما أدى واجبه على أكمل وجه، وهو اليوم يفضل المغادرة، علمتني مدرسة الإيمان أن "كل شيء خلقناه بقدر"، وأننا إنما نعيش في كنف رب "حكيم عليم"، وإن حجبت عني حكمة توديع بعضي لي، فأنا مؤمنة حق اليقين أن هذا خير لي ولك أمي.
تنفستُ نسائم الوجد منها وشهقت بي أنفاسي ، فتبادلنا رسائل من دموع، وانتهت المكالمة ولم تنته دموعي، وفاجأني الممرض وهو يخبرني أن مؤانسا لي قد حل بالمستشفى، وعرف سؤالي في عيوني فاستطرد بقوله: -إنها امرأة مسلمة مثلك في الغرفة رقم 18 من الجناح الثاني.
ولم أنتظر طويلا حتى طلبت منه مساعدتي للتنقل على وسيلة نقلي الجديد، الكرسي المتحرك، فأخذني إليها، فراعني ما رأيت.
لقد رأيت كائنا من ضمادات، مستلق على السرير لا تظهر منه سوى العينان.
- ألف سلامة عليك أختي، ماذا حصل لك؟
كانت المرأة تبكي وبحزن عميق تنفست ألمها النازف من عمق أساها الشديد: - لقد انفجرت قارورة الغاز على وجهي عندما اشتعلت، وكنت أنوي رميها بحديقة المنزل.
أنتِ الآن ترين ما حدث لي.
فحوقلتِ وحمدتِ الرحمن على سلامتها، وحكيت لها ما أصابك، فكان أن أنست ببعض قولك وقد صارت ترى مصابك لا شيء مقابل ما حل بها.
هي جارة مسلمة تعرف حق عيادة المريض في ديننا، وبخاصة لما علمتك غريبة، فصار ضيوفها ضيوفك وزائروها زائروك، وتعجب مرافقوك في الغرفة وفي الغرف المجاورة ، من أين لك كل هذه المعارف. فأخبرتيهم أن الإسلام يقرب البعيد ويجمع تحت لوائه من تلون بلونه مهما نأت ديارهم واختلفت ألسنتهم، فكان هذا الأمر يشعل بعض الغيرة في قلوب بعض من جاوروك في المستشفى من حيث لا تدرين، حضور الزائرين وغياب الأهل.
فما إن استلقت عيونك على باب المقتصدة الاجتماعية ذات يوم حتى شعرت بسهام مصوبة نحوك من قريب، وكم تهاجم مثل هذه السهام مُهجنا فنتوارى في اللاحاضر لنبصر بعيون اللاوعي مصدرها، فكأنما نتحول إلى بوصلة عملها تمييز الشرق من الغرب، والشمال من الجنوب.
نظرتِ فإذا برجل واقف قبالتك، كان يقصد نفس المكتب الذي كنت تقصدين، فتدافعت لديك حمرة الخجل المعتاد عند الشرفاء، وحاولتِ إخماد جمرته الجاثمة على موقف لم تكوني لتحسدين عليه، فما كان منك إلا إلقاء التحية بابتسامتك المعتادة كسرا لحواجز حرج لوَّن لحظتك الحاضرة، فرد الجار القريب التحية، وابتدرك بألف سؤال، وكم تمنيت حينها أن لو لم تفتحي باب الحكايا بعدما كانت توصده أقفال المجهول بينكما، فقد كان يجهلك كما كنت تجهلينه أو على الأقل هذا ما اعتقدته أنت، لكنه وبعد بضع كلام، أخبرك أنه يغبطك على أهلك الطيبين، فهم لا يكادون يفارقونك في بياض أو سواد( بياض النهار وسواد الليل)، بينما كانت تلسعه عقارب وحدة مريرة، يجف فيها نبع كل حنان.
حدثكِ عن أهل بلا قلب، وأقارب بلا إحساس، وإن جاءوا فلأجل سبب واحد هو لإمضاء بعض الأوراق.
علاك استغراب الغرباء على أرض أخرى، وتكبدتِ عناء تلخيص كل الحكاية. لقد أخبرتيه بأنك غريبة الأهل والديار وأن هؤلاء جمع حازه الإسلام في صفك، فعروته الوثقى ساقت إليك قلوب المسلمين من الممرضين المغاربة والممرضات، وكل من تلفظ بالشهادتين.
كان بريق عينيك يصدر نورا يدعى بهجة الإيمان، وصدق الفرحة بالأخوة فيه، ووحدة الأهل والديار بالأنس في ظلاله الوارفة، وكان هو يعجب من هذا الدين الذي يقرب الأباعد في ديار بعيدة، ويجمع المتفرقين في عرق وفي لون.
ظل يتساءل في قرارة نفسه: - رداؤه الأبيض الشفاف يمسح كل الفروق ويجعل الكل كنفس واحدة ، فما أعظمه من دين.
وكنت ترتشفين من حيرته في الحسنى، حيرتك بالأخرى، من عبوس المؤانسة بينه وبين أقربائه وقد كانوا بنفس الديار.
- كيف يقوى الأخ على ترك أخيه في أصعب المواقف؟ وكيف يهون على الأم لهيب وجدان ابنها وانفراده بالألم على سرير المستشفى؟
عدتِ تحاورين مشاعرك الدافئة بين أحضان المجتمع الواحد في أرضك العربية، مشاعرنا ملتهبة، وعواطفنا حارة، نرقُّ لدمع الآخر من صغير أو كبير، وكم تؤرقنا آهات الغير على أرضنا ممن عرفنا أم لم نعرف، هو الإسلام نثر روح الأب الواحد على كل القلوب، فقلوبنا كلها أبوية ، تحتمل مسؤولية الإحساس بألم الآخر ولا تقف عنده، بل تتعداه إلى الرغبة بالإحسان، أو هو قلب أُمٍّ تتوالى صورها في حسن بديع لابتسامات مهيبة تتبادلها الوجوه حتى مع من لم تعرف، فالبسمة في ديننا صدقة ما وجهناها للآخرين، وقلب الأم يبصم يدا حانية يتوجها تقاسم الهم بمواجع الآخرين، فالمسلمون كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.
كنت تحدثينه وفي قلبك نبض مسموع لوجدانك الحنون" اللهم اهده للإسلام".
كان باتريك يستمع إليك بانتباه، ويلوك استغرابه من أنسك في بلاد الغربة، ومن وحشته في دياره، بين أهله وعلى أرضه .
وافترقتما وما كان منك وأنت البسمة المفتوحة على انفساح المدى إلا أن تطلبي منه زيارتك متى شاء في غرفتك، والاستئناس بمن تعرفين، فغزته سيول الامتنان لعطائك الوجداني، وترقرق دمع العرفان في عينيه وهو يودعك إلى لقاء قريب.
صارت غرفتك مشعة بأنوار المحبة، وكان مصباح التميز يتوهج من المستشفى العسكري هناك.
لقد ذاع خبر استغراب الطبيب النفساني عندما أتاك يواسيك فواسيته أنت فيه، عندما وجهوه لك ظنا منهم أن انعزالك كان بسبب ما أصابك، وقد خفي عليهم أن حياء الحرة من الاجتماع برجال غرب وعلى طاولة واحدة وفي مطعم هو السبب لا غير.
دخل عليك الطبيب النفساني بعدما استأذن بطرق خفيف على باب غرفتك، وتلقيته بابتسامة تصحب إذنك بالدخول.
اختلطت عليه رؤاه وظن أنه أخطأ الطريق، لكنه اهتدى إلى لقبك فنادى عليك فإذا بك أنت نفسك صاحبته.فلما جلس إليك واستفسر عن سبب انعزالك، أخبرتيه بسبب مقنع يخفي وراءه حياء الفتاة المسلمة ، وما كان ليفهمه وهو سليل بلاد كل ما فيها مباح، فلا مكان للحياء عندهم إلا من باب اللباقة في التعامل مع الآخرين، تلك الحرية المطلقة ستعفي قلبه من فهم حيائك المتناهي من اجتماع منفرد برجال كثر في مطعم المستشفى العسكري.
صارحته بعجزك عن التكلم بالفرنسية بطلاقة وكان بالنسبة إليه جوابا مقنعا، ولكنه لم يقتنع ببسماتك الجميلة وروحك المعنوية العالية وأنت تعانين ما تعانين، قرأت تساؤلاته في عينيه: - من أين لها كل هذه الروح المعنوية العالية وقد أصابها ما أصابها؟
لم يكن يدري أن لنا روحا من البهجة تنفث في قلوبنا روح المسرات، المسكين، كانت نظرته مادية بحتة فبها لم يتبين مصدر قوتنا في مواجهة كل عصيب، إيماننا الذي يرفعنا الله به درجات ، إيماننا بالقدر خيره وشره، تسليمنا له، ويقيننا بأنه هو الحكيم العليم، وما الحكيم إلا الذي يضع الأمر في موضعه الصحيح.
جاءك باتريك يوما وقلبه ممتن لك على طيبتك ، فقد استأنس بروحك الجميلة التي تؤانس الأشقياء، فما عجزت أن تؤانسك أنت وتواسيك في مصابك الماضي، وما حاضرك إلا نجاحات وانتصارات بعدما غُلب في قلبك كل انكسار وأنين.
دعاك للغداء معه في مطعم ردا للجميل ولجولة في المدينة أيضا، وكان الطلب صاعقة تنزل عليك ، لكن ما كنت لترفضين دعوته ويقينك أنها عن حسن نية، فكان من لباقتك أن عرضت عليه دعوة بعض الصديقات ممن تعود رؤيتهن معك في غرفتك بالمستشفى وكن الممرضات المغربيات.
لم تتأخر الصديقات عن هذا الموعد الجميل، ووقع الاختيار على ما أشبعت به غربة ألفتك في بلجيكا ثلاث سنين، فوقع الاختيار على مطعم مغربي وكان الطبق كسكسي بالخضر مع بعض السلطات.
وفي الطبق المختار، تنسمت رائحة الوطن الضاربة في أعماق الصبا، فما ذكر الكسكسي إلا وحضرت إلى جنبه الجزائر، وما ذكرت الجزائر إلا تسَيَّد على كل أطباقها هذا الطبق العريق العتيق في حضارتنا الوطنية، كأنما بُعثتِ من حلم موحش وأنت ترين أطباق الكسكسي تنثر أمامك بيضاء كأرض عفراء تختال فوقها نسمات الوطن الحبيب، وتنتعل ذكريات الطفولة قهقهاتك البريئة أنت ومن حوته مخيلتك في سن متخم بالفرح والسعادة.
هاهي أمك تدعوك لتتناولي غداءك رفقة جارتك فاطمة وكانت رفيقة الدراسة والأحلام، كانت فاطمة عطرا استنشقته منذ بزوغها في حيكم عندما كنت بالسنة الأولى ابتدائي. حضرت من ديار الغربة وكانت مقيمة في كندا ولحرص الأب على الثمار، قرر ألا تنبت زهرته الصغيرة إلا في وطن يعترف بالحياء وسيادة الولي على الأبناء، فما أقرب الغياب من الحضور.
واغتسل المشهد بمعنى الحنين، قرأت تجاعيد ابتسامات قلوبهن، مرافقاتك، فقد كان المطعم مغربيا تفوح منه رائحة الوطن، فبنهم أكلن وتظاهرت بالأكل حتى ترضين صاحب الدعوة.
وفي المدينة جالت بكم سيارة الأجرة وكانت عيناك تتفننان في رسم صور الحبور، فكنت مصدرا لضياء حالف كل الوجوه المارة بقربك وبعيدا عنك. كنت ترين الأشياء بعين مبتهجة فكانت ترد تحية السرور إليك، كيف لا، وأنت منبع سرور لا ينضب.
وما استرعى انتباهك، أن المعروض في بلجيكا تنوع وشمل الديانات كلها، فهاهي ذي آيات قرآنية كريمة مكتوبة بخط جميل في لوحة فنية باهرة خطفت بصرك واستحوذت على قلبك، فعرف باتريك ذلك في عينيك فاشتراها لك رغم معارضاتك الكثيرة.
كان كريما جدا ، ومؤدبا جدا فيا ليته يهتدي للإسلام. ظللت تدعين له طول الطريق عسى الله أن يهديه للحق ، فمع أخلاق نبيلة كهذه، سيكتسي المؤمن حلة أبهى، وعلمنا في ديننا أن " المرء يبلغ بحسن خلقه درجة الصائم القائم".
كانت النزهة جميلة، وكانت الالتفاتة رائعة وكان الشكر يفيض من قلبك قبل لسانك، لكنه لم يبارح كونك وحدك، لأن من معك لم يلقين منه بشيء في عالم المتفضل بالخير، فساءه الأمر كثيرا، وحاولت التخفيف عنه بكون الدعوة كانت خصيصا لأجلك وأنت قد قمت بواجب الشكر وزيادة، فلمت الصديقات ووعدنك بالاتصال به وإسداء الشكر له.
ومن وحي الغربة والوحشة استلهمت الأنس مع الناس ومع كل من حولك، كنت روحا تفيض بالمحبة للكل، فصار جميع الطيبين ينجذبون نحوك ولو كانوا غير مسلمين، وكان أن جاءك يوما رجل لا تعرفينه وقال إنه لك من الزائرين، فما أن أذنت له بالجلوس حتى انخرط في بكاء قاهر، ودانته عبراتك البيضاء اللؤلئية ، فما راعك منها أنها كانت دموعا بجنس مذكر وفي أرضك لم تتعودي رؤية دموع الرجال، انقهرت من دمعه وأفرغ نصيبه من الهم عليك، فما كان منك إلا أن واسيته بكلمات رصينة، وأوصيته خيرا بأمه التي تعصيه في حنانها وعدلها مع إخوته في بلاد الغرباء، وكل ذلك كان بسبب الميراث. وبعد مضيه لحاله، دعوت الله له كعادتك مع كل من حولك ولسان حالك يقول:- لعن الله الميراث الذي يفرق أما عن ابنها ويتعادى فيه ذوو الأرحام.
وتفكرت حولك والألم يعتصر قلبك: - كم في هذه الدنيا من متألم؟ وهل للدموع من وظيفة غير إلهاب الجوانح والوجدان؟
فارت منك العبرات وأنت تتذكرين أحوالا وأوحالا، وكان ذلك يوم جاءك رجلان من السفارة الجزائرية يمنعانك من حضور حفل أقيم على شرفك من طرف بعض أخواتك في الله من المغربيات. كان الحفل يهدف إلى جمع بعض المال لغرض دفعه إلى المستشفى حتى يتكفل برجلين اصطناعيين لك، فقد تأخر الجواب من داخل الديار.
وكانت صاحبة الفكرة نورة، فتاة مغربية لم تتجاوز 33 ربيعا، أم لثلاث أقمار وصديقة وفية لك، أغرقتك بحبها وحنانها كأنما هي لك أم ثانية.
- نورة .....يا عبقا أتذكر نسيمه يوم بصمتِ بسمات عفيفة على محياي، وأنا كالطفلة الصغيرة التي تفرح بشرائطها الحريرية إذ تهدى لها مزينة للكرسي المتحرك.
نعم، كرسيك المتحرك الذي أهديتنيه، كان حبيبا إلى قلبي كونه من حبيبة، لقد أغنيتني به عن كرسي المستشفى وصار هو قدماي، بل صار هو وسيلتي للتنقل بحرية والعبِّ من راحة الصحة ونعمة العافية.
كم ننسى في غمرة حزننا وضعفنا وشقائنا، أن نلتفت إلى النعم الكثيرة التي حبانا بها الله الكريم، نعمة الصحة ، وانعدام الألم ، فما في حضورهما إلا تنغيص لعيش هنيء ما بعده من تنغيص، صرتُ اليوم أبصر نعمي الكثيرة بعين الشاكر الممتن للعزيز الكريم، وغدوتُ وأنا أتذكر آلامي القاتلة لحظة الاحتراق ولحظات تغيير الضمادات، أحمدُ الرحمان على فاضل نعمته بتغييب الألم والأنين.
تعدونا نحن البشر أن ننظر فقط إلى الجانب الفارغ من الكأس، لقد اعتدنا على البحث عما ينقصنا دون الالتفات إلى ما حبانا الله به وما فضلنا به على الكثيرين.
بين تلك الشرائط الحريرية الجميلة، كنت أبتدئ رحلة جميلة وممتعة بين أقسام المستشفى، وأنا أنظر إلى نشاط من فيه من فرق طبية دؤوبة في عملها، كعمال نشطين في خلية نحل لا يفترون، بل يؤدون عملهم على أحسن وجه، وفي نزهتي القصيرة كنت أحاول أن أخفف من آهات المرضى وأوزع ابتسامات حنونة تشد من أزر الحزنين، وفوق عجلاته السريعة كنت أركب رغبتي في زيارة حبيباتي الممرضات وصديقاتي المغربيات وبعض المريضات ممن تعرفت عليهن لاحقا فصار بيننا ود وألفة.
منعني الرجلان من سفارتنا ببلجيكا من حضور الحفل وكانت الذريعة مجهولة ، فالتزمت بالأمر بعد استخارة الله عز وجل، واكتفيت بأن أرسلت خاطرة عن وطني الحبيب.
إهداء

إلى الجزائر الّتي أحلم بها أمان و صفاء و عطاء...
وطني ...
أتّخذ من قلبي صفحات، أكتب عليها بدمعي و دمي عبارات و أهديها لكلّ من يسألني عنك يا وطني، أهديها لكلّ من يشغله أمرك و لكلّ من يحترق لاحتراقك، و يتألّم لآلامك و يتمنّى أن يُحظى بلحظة أمان بين أحضانك
وطني ...
إن سألوني عن ماضيك قلت لهم ماضيك فخر و اعتزاز، و إن سألوني عن حاضرك قلت لهم حاضرك شموخ و صمود و ثبات، و إن سألوني عن مستقبلك قلت لهم مستقبلك أمل و جمال و حب و ابتسام ..
مستقبلك شمس تُشرق على كلّ الدّروب و بسمة تنعش كلّ القلوب
وطني ...
رغم صرخاتك الّتي تصمّ آذاني .. و رغم آلامك الّتي تضاعف أحزاني ... و رغم جراحك الّتي تزيد في شدّة أشجاني تبقى يا وطني في نظري شامخا بين الأوطان
كم أحبّك يا وطني .. حبّي لك نابع من إيماني، حبّي لك يسري في دمي بل في كلّ كياني
كم أحلم أن أنام و أصحو فأجد السّلام يعمّك ... والابتسام يعلوك
كم أحلم أن أفتح عينيّ فأجدك حطّمتَ تلك القيود الّتي تقيّدك .. و غسلت تلك الدّماء الّتي تخضّبك
وطني ...
آهاتك .. جراحاتك تحوّلت إلى خناجر تُغرس في صدري كلّ يوم ... دمعاتك .. حسراتك صارت ترهقني .. تؤرقني و تطرد من عينيّ النّوم
و لأنّك وطني أشاطرك أحزانك .. ألمك يا وطني في جسدي، و جرحك في كبدي
دعني يا وطني أغسل بدمعي دماءك
دعني أضمّد جراحك
دعني أجعل من أضلعي سياجا منيعا حتّى لا يصل إليك أعداؤك
دعني يا وطني أبكي و أنوح بآلامك و أحزانك لكلّ من كان له قلبا أو ألقى السّمع و هو شهيد
وطني ...
إنّي أعشقك .. أعشق سماءك و أرضك .. أعشق سهولك و روابيك .. أعشق نسماتك الرّقيقة و نجومك المتألّقة ..
أشتاق أن أضمّ تربتك .. أشمّ منها عطرك ..
وطني الحبيب شمسك لن تغيب .. و أملي فيك لن يخيب
كفى دمعا .. كفى حزنا و شجونا و كن يا وطني بسمة تتدفّق من كلّ قلب محزون .. كن حلما رائعا تتوق لرؤيته كلّ العيون
كن قوّة تفوق التّصوّرات و الظّنون
كن هكذا يا وطني أو لا تكون

شاهدتُ التصفيق بعدما ألقيت الخاطرة من طرف إحدى أخواتي في الله، وأتبعت بأناشيد جميلة من حناجر وفية لزرع الخير والفرح في القلوب.
شاهدتُ كل ذلك في فيديو أحضرته لي حبيبتي نورة، ثم حذفته مباشرة عملا بنصيحة إحدى الأخوات، ووضع المال في حساب مريم شقيقة نورة، وفي لمح البصر غادرت نورة الربوع إلى المغرب بسبب مرض والدها، فلما عادت التقيناها في مكان تفوح منه رائحة الدواء والأنين.
لقد تعبت نورة فجأة وأدخلت المستشفى فجأة لترحل عنا فجأة .
آه يا نورة..... يا قلبا طفوليا تخضب بحلم الربيع أوج ما تتفتح الزهور، آه يا نورة .......يا لمعة سحرية وضيئة بعيون الفجر والأصيل، رششتِ الطريق بعطر روحك الزكية، وغمرت الوجود والوجدان بكرم نفسك المجبولة على كل خير.
لطالما احتضنتُ عطاياك وهداياك أتحسس بها نَفَسك قبل استعمالها، ولكم تنسمت خطواتك الهادئة وهي تتسربل على بلاط المستشفى أنيقة رقيقة، تهفو لها عيناي وقلبي ، فأراك من الباب كالشمس تطلعين، فتنهار من عيناي سيول المحبة والصدق والوفاء، كما اليوم أهوي كلي بقلبي وبنفسي حزنا وشقاء عليك.
كان رحيلك صاعقة للقلوب ، وكانت زهراتك نسيجا من حنين يلتف حول عنقي كلما شاهدتهما الفتاتان سامية وفراح بنتاك، والروض الباسم أنس ابن الثلاث سنين، أجلستُه في يومك الأخير على ظهر البسيطة، على ركبتاي وكان تارة يبكي وتارة يبتسم، لم يكن يدري عن رحيلك قليلا أو كثيرا.
غيَّبَكِ زمنكِ المقدور لك في هذه الدنيا، ولكنك أبدا لم تغيبي عن قلبي، وعن قلوب من أحبوك بصدق، فما منهم إلا ويذكرك بخيرك الكثير.
انقضت أيام علاج باتريك ، فجاء ليودعك، صاحب الحزام الأسود في رياضة الكراتي، هذا البلجيكي الذي رغب في الاستقرار بفيتنام لحاجة في نفسه، جاء ليودعك ويعدك بزيارات عدة، فمثله لا ينسى الجميل.
وكان أن زارك في إحدى المرات، لكن هذه المرة جاء ليخبرك بأمر غريب، لقد حدثك عما غص في قلبك الطفولي وتمنيت أن لو ما كان.
حدثك عن مغربية كانت تتصل به وتحدثه طويلا حتى بدأ قلبه يتعلق بها ، وأخبرك أنها من المتحجبات، وقدر الله أن تتعرفي إليها من خلال وصفه، وتُعلميه بزواجها حيث كانت أخبرتك من قبل بمشاكلها مع الزوج.
فاستنكرت الأمر ، وحدثك ضميرك الواعي للحقيقة: - أيجوز لمحصنة أن تخون زوجها لمجرد حصول مشاكل معه؟ وهل يحق لها أن تتلاعب بمشاعر الآخرين؟
عندما يغيب الاكتفاء العاطفي عند بعضنا، يسعى البعض منا لتغطيته بأي شيء من حلال أو حرام ، وهذا عين الخطأ، فكما الطبيعة لا تقبل بالفراغ، فكذلك الإحساس لا ينبغي أن يملأ من فراغ، فمتى افتقدت الفتاة الحنان عند أبويها ألقت بنفسها في حضن الذئب بحثا عن الحنان المفقود.
فيا أيها الآباء احتووا بناتكم، ويا أيها الإخوة رفقا بأخواتكم، ويا أيها الأزواج لا تغفلوا عن إحاطتهن بالاهتمام، فما هن سوى أوعية عواطف ومشاعر واهتمام، ولا نخطئ فنقول أن اللوم وحده أو الترهيب هو السبيل للتربية، بل التربية كما رفعها حافظ إبراهيم يوما هي التنشئة على الفضيلة وغرس القيم ، فمتى غرست هذه القيم في الفتاة، استحال عليها الإلقاء بنفسها في بحر التجاهل والنسيان لهذه الفضائل، فتغدو حينئذ لصيقة بروحها وبعقلها وتفكيرها، فلن تبارحها مدى الحياة.
قال حافظ إبراهيم:
ربوا البنات على الفضيلة إنها في الشرق علة ذلك الإخفاق.
هذا الموقف ذكَّركِ بمواقف وحكايا، لكنك قلبك لم ينس أن يعرج على حبيبة أخرى وصلتك لتوها منها رسالة، تذكرك بمكانتك التي أنت فيها "الاصطفاء بالابتلاء"، ذكرتك أختك شرف بتلك الرؤيا التي رأتها عنك قبل الحادث، وذلك الرجل الصالح الذي ابتلاه الله فأخذ يبكي ويبكي، فلما سألوه عن ذلك قال: " فرحت لأن الله وجدني أهلا لابتلائه فابتلاني". وهذه هي الرسالة.
بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله ربّ العالمين و العاقبة للمتّقين و لا عدوان إلاّ على الظّالمين، الحمد لله على نعمة الإسلام و نعمة الأخوّة و الإيمان حمدا كثيرا طيّبا مباركا، اللّهمّ لك الحمد أنت كما أثنيت على نفسك، لا أحصي ثناء عليك، و الصّلاة و السّلام على محمّد رسول العالمين، و خير البريّة أجمعين ... و بعد: - حبيــــــبة الإيمان .. السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته و رضوانه و مغفرته أسأل الله صحّتك و إيمانك و عافيّتك .. و كم يطيب لي أن أجلس معك هذه اللّحظات، أخطّ إليك هذه الكلمات الأخويّة الجدّ متواضعة، لأنّي أريد أن أقول لك الكثير فلا أقوى على ذلك .. و أتمنّى لك الرّاحة و الخير كلّه .. فالله مع عباده المؤمنين ينصرهم و يدافع عنهمـ و يبتليهم ليمحّصهم و يسمع أصواتهم تدعوه و ترجوه، و من ابتُلي فقد حُظي بحبّ الله .. و لا زلت أذكر تلك الرّؤيا الّتي رأيتك ِ فيها قبل سفرك و قد حكيتها لكِ آنذاك، و ها أنا أعيدها لكِ، و أنا أقول لكِ فيها أنّك أحسننا .. و أذكّرك فيها بذلك الإنسان الصّالح الّذي وجدوه يبكي و هو على فراش المرض فقيل له: أتبكي؟؟؟! فقال: إنّما أبكي فرحا لأنّ الله وجدني أهلا لابتلائه فابتلاني ، و أذّن حينها آذان الفجر: الله أكبــــر ها هي: عساها تذكّركِ بشيء ينفعك .. و إنّي لأفرح كثيرا للحالة الإيمانيّة و النّفسيّة الطّيّبة الّتي تعيشينها الآن .. ممّا يصلني من أخبار عبر الأخوات و الحمد لله ربّ العالمين. و عن أحوالنا نحمد الله إليك و ننتظر شفاءك و عودتك إلينا مؤمنة نشيطة نشيطة، و يعود موكب العمل من جديد. ألا و إنّي كلّما رأيتكِ في حلم رأيتني مسرورة معكِ لأقصى الحدود و لله الحمد على هذه النّعمة، فلا تفكّري بالاستقرار هناك، فإنّ العودة للإخوان طعم آخر و لذّة ثانيّة أتمنّى لكِ تذوّقها. و عودة محمودة إن شاء الله و لا أتردّد أن ألحّ عليكِ في الدّعاء لي بالخير و الصّلاح و الثّبات، في حالة الاستجابة الّتي أنتِ عليها و جزاكِ الرّحمن كلّ خير و أنتظر منكِ رسالة خاصّة منكِ لي عبر عنوان الجمعيّة، و دمتِ أختا محبّة طيّبة مخلصة، فلبّي لي هذا الطّلب لأنّي أريد أن أسمعك و أتلقّى منكِ مباشرة
أختكِ الّتي تحبّكِ في الله كثيرا و تدعو لك بالخير و الثّبات - شرف - و مسك الختام السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
كم نفخت فيك كلماتها من روح وعزم وجد على المواصلة، فما خلقتِ إلا لتنفعي الآخر وفي قلبك قوله صلى الله عليه وسلم: " خير الناس، أنفع الناس للناس". أكدت لك الرسالة حسنا آخرا حباك الله به فقالت: " أنت أحسننا"، وبهذا الابتلاء أعطينا الدليل.
دمعت عيناكِ طويلا وأنت تقرئين هذا، ومن إخلاصك بكيت وبكت حولك النسمات، فاحترتِ بين فرح وترح، لقد علمت أن شرف توفيت بعدما أنجبت صبية رائعة أسمتها" أروى" ابنة الشهيدة، فقد غادرتها الروح وهي تشد من عزم طبيبات حولها بعدما أصابها النزيف فكانت تقول: " وحدن الله، وحدن الله، لا تفزعن".
- أأفرح بشهادتها التي طالما تمنتها بقلب صادق فأنالها الله إياها، أم أحزن على فراقي لها وقد كانت توصيني بأن أضمها بين جوانحي ما ولجت أرض الوطن، وفي جعبتها حكايات من حنين.
كلمتكِ أختك، فلم تردي إلا بنشيج المصدوم ولكن بفرح، ولا أعظم من درجة الشهادة، ولا أسعد لقلب المؤمن من أن يعلم بأخ له في الله مات على الشهادتين.
- حبيبتي شرف، شرف لي أخوتك، وشرف لأرضي أن تحوي مثلك، وشرف لقلبي أن يحضنك بين الجوانح إلى الأبد، سأبقى لك ذاكرة، لك داعية، عليك مترحمة وعلى ابنتك التي برد هجوعها بغير حضنك، ففضلت الهجوع الأبدي حتى تعود إليك في جنان الرحمن بإذن الله ، يوم يقوم الناس لرب العالمين.
خُطت لك خطوط من حرير عبر ممرات الشوق الأكيدة، أنتِ من تلا فيك المحبون شعر العاشقين، وانبرى الجوى يحاكي ذكرك في كل القلوب، هذه أمينة بواشري أخت فاضلة، كان قلمها المميز بصفحات الشروق العربي نورا استل حبا رقيقا من بين جنبيك، ليبحر في نجوى روحها العطرة، جارتك أمنيات باللقاء وكم تغرينا لقيا المتميزين، فلما أن وجدتيها وراسلتها ، كان للأقدار رأي آخر ، فغادرت أنت الوطن وعلمت الحبيبة بالاصطفاء فلم تبتر روحا متنشقة لعبير الزهور، و ظلت على عهدها معك مخلصة محبة، أُمًّا رؤوما من نوع فريد ، وهاهي ذي رسالتها تصلك عبر فاكس المستشفى، تترنم بين طياتها مشاعر الأخوة الحقة ، باتت عطرك الصافي وبهجة لقلبك المشتاق للأحبة في الوطن.
رسالة الأخت أمينة بواشري
أختي العزيزة حوريّة الجنّة السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أعتذر على هذا التّأخير في كتابة رسائل إليك و هذا لا يعني أبدا أنّني نسيتك بل على العكس من ذلك تماما، دائما أتذكّرك و أدعو الله لك: فثبّتك الله و أيّدك بنصره أيّتها الوردة المتفتّحة الّتي تبعث بعطرها لكلّ من هم حولها ...
إنّ بلدكِ مشتاق إليك، و وطنكِ متلهّف لرؤيتك و ربّما تكونين أكثر منهم شوقا و تلهّفا، و لكن اتركيني أسألك و أنتِ تعيشين هذا الشّوق و قد تغرّبت عن بلدك أكثر من عامين - مضطّرّة - فكيف تصفين الشّوق إلى الله تعالى و إلى الحبيب محمّد صلّى الله عليه و سلّم؟ هل تستطيعين المقارنة بين الشّوق إلى الله و الشّوق إلى الأهل و الوطن؟
من خلال هذا أريد أن أقول لك امزجي الشّوقين معا حتّى يخفّف عنك ألم البُعد و الوحشة ... اجعلي اغترابك غايّة لله، فأنت تقدّمين الكثير هناك بكلماتكِ الطّيّبة و ابتساماتك الدّافئة و تنفعين الإسلام من حيث لا تدرين أو تعلمين
أختي في الله .. تأكّدي بأنّنا في هذه الدّنيا - ضيوفا - لا غير، مهما طال بنا الزّمن و امتدّ بنا العمر، فسنعود من حيث أتينا و لا نأخذ إلاّ ما أُعطينا، و أنت أختاه نالك ما صبرتِ عليه، فأجرك عند الله محتسب، فاصبري و صابري و اجعلي الله أمامك دائما فهو نِعْم المولى و نِعْم النّصير ...
مهما تكلّمت لك أختي حوريّة الجنّة فحبّي لكِ في الله لا أستطيع أن أصفه بل لا أفعل، لأنّني سأتركه يبرهن عن نفسه بنفسه في واقع أخوّتنا الّتي أرجو أن يديمها الله لوجهه الكريم
نعم، لا أنسى ما حييت بأنّك بحثتِ عنّي و عندما وجدتني رحلتِ، و لكن لا أعتبره رحيلا قطّ و لكن أراكِ دوما قريبة منّي أنتفع بكِ و منكِ .. فماذا عساني أقول سوى دعاء من صميم القلب أرجو أن تُفتح له أبواب السّموات العلى .. دعاء بالثّبات و الصّبر و التّقوى و الإيمان
فإذا كانت الأقدار تأتينا كلّ يوم بالجديد فذاك لا يعني ترك العمل، فالمؤمن القويّ خير و أحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف .. فلنستعن بالله و لا نعجز، فإن أصابنا شيء قلنا: قدّر الله و ما شاء فعل، تلك هي قاعدة المؤمن في الحياة، إذ علينا أن نأخذ بالأسباب و ما قدّره الله ذاك هو قدرنا .. أنّنا كلّ يوم نرى أنفسنا على حقيقتها.. فنلجأ إلى الله و نحن على يقين بأنّه سبحانه وحده الّذي يُنقذنا و كلّ ما عداه هباء ..
أخيرا، تحيّاتي و أشواقي و دعواتي أبعثها لك عبر هذه الرّسالة المتواضعة، سائلة الله لك الثّبات دوما .. و لا تنسيني بدعائك أختي المؤمنة الطّيّبة و إلى رسالة أخرى أقول لك السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أختك أمينة بواشري
سافرتِ في هجير لحظاتك الأولى وأقمتِ رحلك بين السطور، كلمات مجلجلة بنحيب الأماني الغاليات، تسعف أملا يأبى الأفول، حكاية جميلة، لغز الوجود المتعافي من كل الظنون، كان تسليمها لأمر خالقها أسطوريا، رضاها تَمَثَّلَهُ وجهها باسم القسمات، حملتها لك رسالة الأخت أمينة بواشري، فابتدرتِ دمعك القاني كل اللحظات.
في فسحة العمر، تلقانا عواصفنا ملتحمة بعواطفنا والذكريات، فلولا الذكريات والأحلام لرغبنا عن الإقامة على ظهرها.
في لحظة الحكايا نتمثل أنفسنا بشخصية البطل، فكيف لو كان هذا البطل حقيقيا بشخصياتنا وحوادثنا وآلامنا وآمالنا؟ كانت تلك هي جميلة، المبتلاة، الصابرة، وكنتِ أنتِ كما هي، فاقتسمتما معنى الألم والأمل والرضا.
أجمل شيء أن تلتحف أيامنا بالرضا، ثقة بالرحيم، وحينها عنوة ورغبة ستستقيل من عيوننا كل الحسرات.
كانت جميلة جارة لأمينة بواشري، مبتلاة منذ الصبا بمرض السكري، لكنها كانت عزما في الخيرات لا يضاهيه إلا عزم الشم الشامخات، وفية لرسالتها على الوجود، ولكل منا رسالة خير وجب عليه أن يؤديها على أحسن الوجوه. فالبرغم من معاناتها اللامتناهية مع المرض ، ظلت تنثر طيبتها على كل القلوب، فيسعى إليها الصابرون في دروب الحياة الوعرة، فتتلقاهم يدا حانية تزيح عنهم ما استطاعت من غبار الحياة.
وفي لحظة القدر الموعودة، زفت الجميلة إلى مستقر كل نفس على ظهرها، فكان موكب العرس بدل الجنازة، هي عروس زفت في يومها الموعود تحت الزغاريد الخافتة من الجوانح المحبة، فكان الدعاء أبلغها، وهل يسدى للميت في يومه ذاك أبلغ من دعاء؟
ودعتِ جميلة الطبيبة، وودعت حكايتها بكلمات الرحمة وتلاوة الفخر أن كان من أبناء جلدتك مثلها، وتشربت نصرها على المحنة، فألقيت بنورها للمبتلين، مثالا تتلقفه كل نفس عاشقة للمعالي، وحين نقصد المعالي، لن تمنعنا الموانع مهما علا صيتها.
طُرق عليك الباب، فاستلتكِ الطرقات منكِ وأنت مصوبة نظراتك نحو القادم، كان كهلا على كرسي متحرك، ابتسم لك ثم ثبت نظره على خمارك، فخامرتك بعض الظنون. وحدثتك نفسك في ومضة من حوار حميم : - الابتسامة تدل على الرضا، والاهتمام بخماري يدل على استحسان الغير المخالف.
كان هو مسيحي، وخمارك يدل على إسلامك ، فإذن هي بشائر خير بإذن الله.
ابتدرك بقوله: -أنت مسلمة؟
فأجبته بنعم. فما كان إلا أن انفتح صنبور حكايته ليوافق ما كان يدور فيك من حوار.
هذا الرجل في عقده السادس، تعرف إلى جزائرية عن طريق المراسلة، فصارت لديه عزيمة للارتباط بها، لكنها اشترطت عليه الإسلام، فجاء ليسألك ما دمت المسلمة الوحيدة في المستشفى.
رفرف القلب منك فرحا، وكم نفرح بولوج نور الهدى إلى القلوب المظلمة، فكان اتصالك بمن أعانه على خيره مفتاح بشرى. وكان الاحتفال بأليكس الذي صار بعد إسلامه يدعى إسحاق يبلغ بك ذروة المسرات، فطاولت الجوزاء وعلوت الثريا وأنت تلهجين بالحمد والشكر لله تعالى على هدايته، وكان بالنسبة إليك أحلى حصادك في سنوات المستشفى الثلاث.
ودَّعتِ المستشفى ، وما ودعتكِ ذكرياتك الجميلة فيه، فظل روحك الزاكي يختط صورتك الرقيقة في كرمها العتيق.
لازمتِ القلوب جوهرة نادرة فتلتها مشاعر الوفاء والإخلاص من كل من عرفك، فضنت بك أخواتك في الله هناك أن تفارقي هواءهن، فتغلبن على رغبتك في معانقة ريح الوطن من جديد، حيث أقمتِ هناك، وصار موطنك حيث روح المحبة تسري خالصة لوجه الله الكريم.
بقلم جميلة ميهوبي




















يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
التعديل الأخير تم بواسطة mihoubi ; 06-01-2013 الساعة 11:17 AM سبب آخر: تغيير بعض الالوان
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 05-07-2007
  • الدولة : بلجيكا
  • المشاركات : 33,077
  • معدل تقييم المستوى :

    53

  • إخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the rough
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
رد: صمود الحرير
06-01-2013, 11:00 AM
حبيبة القلب تعجز اللّحظة حروفي على نسج جمل تليق بصنيعك معي
وعدت و وفيت فجزاك الله عنّي كلّ خير
أغلى هديّة سأحتفظ بها من أخت حباني الله بها فوجدتها نعم الصّديقة وفاء و إخلاصا
جمووولتي أسأل الله سبحانه أن يحرّر قصصك و تجد طريقها إلى النّشر
فقط لا تيأسي فإنّك تملكين موهبة أتمنّى لها النّماء
أحبّكِ في الله
قبلاتي
التعديل الأخير تم بواسطة إخلاص ; 06-01-2013 الساعة 11:43 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
mihoubi
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2009
  • الدولة : أرض الله الواسعة
  • المشاركات : 346
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • mihoubi is on a distinguished road
mihoubi
عضو فعال
رد: صمود الحرير
06-01-2013, 11:28 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إخلاص مشاهدة المشاركة
حبيبة القلب تعجز اللّحظة حروفي على نسج جمل تليق بصنيعك معي
وعدت و وفيت فجزاك الله عنّي كلّ خير
أغلى هديّة سأحتفظ بها من أخت حباني الله بها فوجدتها نعم الصّديقة وفاء و إخلاصا
جمووولتي أسأل الله سبحانه أن يحرّر قصصك و تجد طريقها إلى النّشر
فقط لا تيأسي فإنّك تملكين موهبة أتمنّى لها النّماء
أحبّكِ في الله
قبلاتي
حبيبة القلب، لسرورك أحلى أمنياتي، ورؤية بسمات تلتف حول كلماتك لهي أغلى أحلامي، فكنت وظللت وماتزالين قمرا منيررا وأروع وردة غرست بقلوبنا، فمهما وصفنا وقلنا لك وللناس عن حبنا لك وتقديرنا لن نبلغ الهدف أبدا
فاللهم أنت أدرى بما في القلوب المحبة لأمتك الكريمة هذه، فحقق لها كل الأماني وأتمم عليها نعمتك وفضلك بالرفعة في الدنيا والفردوس الأعلى في جنانك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
شكرا على التعليق الرائع، وعلى طيبتك وتواضعك وحسن أخلاقك.
قبلاتي إليك وحبي في الله
يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
التعديل الأخير تم بواسطة إخلاص ; 06-01-2013 الساعة 11:44 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية قطر.الندى
قطر.الندى
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 11-09-2012
  • المشاركات : 1,400
  • معدل تقييم المستوى :

    14

  • قطر.الندى will become famous soon enoughقطر.الندى will become famous soon enough
الصورة الرمزية قطر.الندى
قطر.الندى
عضو متميز
رد: صمود الحرير
06-01-2013, 11:56 AM
شكرا للأخت جميلة على هذه المبادرة الطيبة... جميلة هي كلماتك التي خططتها هنا
وتبقى الأخت إخلاص بالنسبة لي مدرسة قائمة في حد ذاتها، إنها بحق مدرسة للشموخ.. للتحدي...للصبر...للأمل...للطيبة...للرزانة والتعقل... وللجمال في أبهى صوره.
فليحفظك الرحمان أختي إخلاص وأساله جل في علاه أن يحقق كل أمانيك وأن يرزقك من خيري الدنيا والآخرة.
طبعا لا أنسى أن أجدد شكري للأخت جميلة على هذه الكلمات وهذا السرد المتميز... سلمت أناملك يا أخي وبارك الله فيك.
  • ملف العضو
  • معلومات
mihoubi
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2009
  • الدولة : أرض الله الواسعة
  • المشاركات : 346
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • mihoubi is on a distinguished road
mihoubi
عضو فعال
رد: صمود الحرير
06-01-2013, 12:20 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إخلاص مشاهدة المشاركة
حبيبة القلب تعجز اللّحظة حروفي على نسج جمل تليق بصنيعك معي
وعدت و وفيت فجزاك الله عنّي كلّ خير
أغلى هديّة سأحتفظ بها من أخت حباني الله بها فوجدتها نعم الصّديقة وفاء و إخلاصا
جمووولتي أسأل الله سبحانه أن يحرّر قصصك و تجد طريقها إلى النّشر
فقط لا تيأسي فإنّك تملكين موهبة أتمنّى لها النّماء
أحبّكِ في الله
قبلاتي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قطر.الندى مشاهدة المشاركة
شكرا للأخت جميلة على هذه المبادرة الطيبة... جميلة هي كلماتك التي خططتها هنا
وتبقى الأخت إخلاص بالنسبة لي مدرسة قائمة في حد ذاتها، إنها بحق مدرسة للشموخ.. للتحدي...للصبر...للأمل...للطيبة...للرزانة والتعقل... وللجمال في أبهى صوره.
فليحفظك الرحمان أختي إخلاص وأساله جل في علاه أن يحقق كل أمانيك وأن يرزقك من خيري الدنيا والآخرة.
طبعا لا أنسى أن أجدد شكري للأخت جميلة على هذه الكلمات وهذا السرد المتميز... سلمت أناملك يا أخي وبارك الله فيك.
وفيك بارك الله حبيبتي قطر الندى
هاهي كلمات الحب منك لأختنا الكريمة إخلاص تحاكي كامت كل المحبين لها، كلماتك أعتز بها أشكرك على مرورك الطيب وتعرليقك الجميل.
دمت لي أختا في الله.
انا ر الله دربك بنور المسرات
تحياتي إليك
يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 05-07-2007
  • الدولة : بلجيكا
  • المشاركات : 33,077
  • معدل تقييم المستوى :

    53

  • إخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the rough
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
رد: صمود الحرير
10-01-2013, 05:23 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mihoubi مشاهدة المشاركة
حبيبة القلب، لسرورك أحلى أمنياتي، ورؤية بسمات تلتف حول كلماتك لهي أغلى أحلامي، فكنت وظللت وماتزالين قمرا منيررا وأروع وردة غرست بقلوبنا، فمهما وصفنا وقلنا لك وللناس عن حبنا لك وتقديرنا لن نبلغ الهدف أبدا
فاللهم أنت أدرى بما في القلوب المحبة لأمتك الكريمة هذه، فحقق لها كل الأماني وأتمم عليها نعمتك وفضلك بالرفعة في الدنيا والفردوس الأعلى في جنانك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
شكرا على التعليق الرائع، وعلى طيبتك وتواضعك وحسن أخلاقك.
قبلاتي إليك وحبي في الله
آمييييين
آمييييين
آمييييين
و لك بالمثل و زيادة يا حبيبة قلبي
صراحة أبقى عاجزة على شكرك
رزقك الله فردوسه الأعلى
قبلاتي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 05-07-2007
  • الدولة : بلجيكا
  • المشاركات : 33,077
  • معدل تقييم المستوى :

    53

  • إخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the rough
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
رد: صمود الحرير
10-01-2013, 05:26 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قطر.الندى مشاهدة المشاركة
شكرا للأخت جميلة على هذه المبادرة الطيبة... جميلة هي كلماتك التي خططتها هنا
وتبقى الأخت إخلاص بالنسبة لي مدرسة قائمة في حد ذاتها، إنها بحق مدرسة للشموخ.. للتحدي...للصبر...للأمل...للطيبة...للرزانة والتعقل... وللجمال في أبهى صوره.
فليحفظك الرحمان أختي إخلاص وأساله جل في علاه أن يحقق كل أمانيك وأن يرزقك من خيري الدنيا والآخرة.
طبعا لا أنسى أن أجدد شكري للأخت جميلة على هذه الكلمات وهذا السرد المتميز... سلمت أناملك يا أختي وبارك الله فيك.
آمييييين و إيّاك يااا رب
وجدتني خجلة بعد قراءة حروفك فأسأله سبحانه أن أكون كما صوّرتيني
سرّني مرورك أسأله سبحانه أن يسرّك بالنّظر إلى وجهه الكريم
قبلاتي
  • ملف العضو
  • معلومات
mihoubi
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 30-07-2009
  • الدولة : أرض الله الواسعة
  • المشاركات : 346
  • معدل تقييم المستوى :

    15

  • mihoubi is on a distinguished road
mihoubi
عضو فعال
رد: صمود الحرير
13-01-2013, 11:33 AM
ولم تشكريني خلوصة الحبيبة، فأنت الأولى بشكري لك، هي عطور طرحتيها بإخلاص تعود حبلى بمحبة نثرتيها هنا وهناك، بإخلاص ووفاء وخالص نية،
أحبك في الله حبا لا يعلمه سواه
حفظك ربي ورعاك ورفع ذكرك وحقق مناك في الدارين قبلاتي
يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 05-07-2007
  • الدولة : بلجيكا
  • المشاركات : 33,077
  • معدل تقييم المستوى :

    53

  • إخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the rough
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
رد: صمود الحرير
13-01-2013, 12:28 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mihoubi مشاهدة المشاركة
ولم تشكريني خلوصة الحبيبة، فأنت الأولى بشكري لك، هي عطور طرحتيها بإخلاص تعود حبلى بمحبة نثرتيها هنا وهناك، بإخلاص ووفاء وخالص نية،
أحبك في الله حبا لا يعلمه سواه
حفظك ربي ورعاك ورفع ذكرك وحقق مناك في الدارين قبلاتي
آمييييين
آمييييين
آمييييين
لي و لك و لكلّ قارئ لهذه الحروف
حب متبادل فيه سبحانه و أسأله سبحانه أن يكتب لنا اللّقاء الجسدي حتّى أرى وجهك المنير الّذي أسعد قلبي كثيييرا
أسأله سبحانه أن يسعدك في الدّارين
قبلاتي
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 09:12 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى