تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
hamza_psy
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 03-06-2007
  • المشاركات : 35
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • hamza_psy is on a distinguished road
hamza_psy
عضو نشيط
المخدرات في الجزائر
29-06-2007, 10:13 AM
المخدرات في الجزائر و الدوافــــع النفسيـــة للإدمـان
قبل مناقشة الدوافع النفسية للإدمان على المخدرات لا بد من الإشارة إلى أن اصطلاح الإدمان قد تعرض إلى بضعة تغيرات بعد أن أسهمت منظمة الصحة العالمية ولجانها في تناوله كظاهرة بات انتشارها واسعاً في كثير من الدول ، وهكذا نجد في دراستنا للإدمان اصطلاحات شائعة أيضاً مثل :
- الاعتماد Dependence.
- التعود Habituation .
- ومن ثم الإدمان Addiction .
هذا وللتمييز بين تلك الاصطلاحات اتجه المعنيون للإشارة إلى أن:
أ. الاعتماد علــى المخدرات يشير إلى حالة القلق النفساني والعضوي التي تنتج عن تناول عقار معين أو مادة ما وبدرجة لا يتمكن المعنــي فيها من التخلـــي عنها دون حصول مضاعفات نفسية وجسمية ، تدعى بالأعراض الانسحابية.
ب. أمـا التعــود فهو الاعتماد النفساني لوحده دون أي أساس لاعتماد عضوي ، وهو بوجه العموم لا يصل حدود الإدمان ، على الرغم من أن التخلي السريع و المفاجئ عنه يؤدي إلى اضطرابات نفسية في كثير من الأحيان ، كما إن التـعود هنا يعني الميل إلى الاستمرار بتناول المادة المخدرة مــــع عـدم الاضطرار إلى زيادة كميتها ، كذلك لا يؤثر مقدار المخدر الذي يتناوله المعتاد على كفاءته وقدراته، ولا على علاقاته الاجتماعية والعائلية بنفس مستويات التأثير في حالات الاعتماد و الإدمان.
ج. أما الإدمان وعلــــى وفــــق مـا ورد فــي أعلاه فإنه يعبر عن تناول المخدرات بكميات (كثيرة نسبياً) وبطريقة شـبه مستمرة كافية لتحطيم الصحة البدنية والوظائف الشخصية والدور الاجتماعي للمعنيين بتناولها(1).
(4)
إن مسألة تناول المخدرات ومن ثم الاعتياد عليها فالإدمان على تناولها حالة شائكة تتوزع أسبابها أو دوافعها على:
أ. الفرد المدمن نفسه حيث العمر والحالة الفسيولوجية والنفسية والخصائص الشخصية ونوع الجنس.
ب. الأسرة وأساليب تنشئتها وتشكيلها لسلوك أبنائها في السنوات الأولى لاكتسابهم خصائص شخصياتهم التي يمكن أن تكون سببا للإدمان أو عدمه.
ج. المجتمع حيث القيم السائدة والمعايير المعتمدة وضوابط الإدارة القائمة. التي يمكن أن تفسح المجال لتفشي ظاهرة الإدمان من خلال تساهلها مع تناول المخدرات، أو على العكس من ذلك وأن تحول دونه من خلال وضع ضوابط تحد من انتشارها.
(5)
إن النظريات التي تناولت الإدمان وسبل انتشاره وأساليب التعامل معه كظاهرة اجتماعية نفسية مركبة لم تتفق فيما بينها بالتركيز على متغير من تلك المتغيرات التي ذكرت أعلاه وحيدا لانتشاره، ولم تتفق أيضا على إهمال متغير آخر بالمقارنة مع باقي المتغيرات غير فاعل في وجوده، وبدلا عنه فإن معظم من تناوله هذه الظاهرة بالبحث والدراسة قد أشار بشكل عام إلى تفاعل أكثر من سبب كمتغيرات مؤثرة أدت إلى وجودها ومن ثم انتشارها، من بينها :
أ) المحيط الاجتماعي : تولــي النظـريات التي جاءت بها المدرسة السلوكية مع بدايات القرن الماضي اهتماما للبيئة الاجتماعية - أي البيئة المحيطة بالفرد المدمن - للتأثير على تشكيل سلوك متزن،مستقر، ملتزم، أم مدمن، ويرى أصحاب هذه المدرسة واسعة الانتشار:
أن سلوك الإدمان نتاج لتاريخ مـحدد من عمليتي تعلم تناول المادة المخدرة، وتعزيز تخفيضها للألم والتوتر والقلق مع بداية المراحل الأولى للتعلم،كما يضيف البعض من روادها (المدرسة الســـلوكية) موضوع التعلم بالنمذجة بالإضافة إلى التعلم بالتعزيز المذكور آنفا لاكتساب سلوك الإدمان ، والنمذجة هذه تأتي من خلال قيام المعني بتقليد سلوك تناول المخدر لأحد أفراد العائلة، أو آخر خارجها في المجتمع العام(2).
ب) التعزيز الاجتماعي المتبادل: تــرى النظــرية التفاعلية في علم النفس الاجتماعي أن تناول المخدرات ومن ثم الإدمان عليها لعبة اجتماعية مستمرة، يبدأها الفرد المعني كخطوة أولى بهدف الانتقام والعدوان على ذاته سعيا لتدميرها لا شعورياً.
ج) إفرازات الحضارة: يعتقد أصــحاب النظــرية الحضارية أن سلوك الإدمان محصلة للتوتر الذي تشيعه الحضارة بين أفراد المجتمع مقترناً بالتساهل في أساليب تناول المخدرات، أو مواجهة نتائـج تناولها (*)، ويدعمون رأيهم هذا بالتأكيد على أن سكان المدن يميلون إلى تناول المـخدرات أكثر من سكان الريف الذين يقلدون أساليب حياة المدينة عند انتقالهم إليها فتزداد نســـبة تناولهم لها وربما الإدمان عليها. وتؤكد هذه النظرية أن الإدمان جاء بسبب ازدياد حــالات القلق والتوتر والاغتراب، هذا ويعتقد مؤيدو النظرية الحضارية أن التـــحولات الاجتمـــاعية والحضارية التي تحدث تزيد مـــن معدلات تناول المخدرات والإدمان عليها(3).
د) أسباب أخرى: يرى مختصون آخرون ومن مدارس نفسية متعددة أن التعوّد على تناول المخدرات يأتـــي من خلال عملية التفاعل الاجتماعي وكذلك من خلال الاتصال بالآخرين حيث البحــث عـــن المتعــة المؤقتة، أو الهروب من بعض المشاكل وخفض التوترات التي يؤمنها تنـــاول المخدرات وحسب الخصائص النفسية للمعنيين به إذ يعتمد عليها البعض كمهـدئ، والبعض الآخـر كمجال لتجنب مشاكل الحياة اليومية، وآخرون يتخذونها وســـيلة لتجاوز مشاعر الخوف والقلق، وهكذا(4).
خصـــــائـــــص الإدمـــان
(6)
يتناول أناس بخصائص نفسية محددة أنواعا من المخدرات ولمرات معدودة على سبيل التجربة وحب الاستطلاع، ويكررها آخرون لمرات ومرات على وفق مجالستهم لزملاء ومعارف يتناولونها في لقاءاتهم الخاصة، بينما يستمر البعض في تناولها بصفة شبه مستمرة.
كما إن هناك من يصل إلى حالة الاعتماد الجسـمي على المخدر بعد تناوله تلك المادة لمرات قليلة بينما لا يصلها شخص آخر رغم تناوله المخدر لفترة أطول وعدد مرات أكثر بحيث لا تظهر عليه أية أعراض انسحابية عند تركها ، وهذا تفاوت لم يجد له المختصـــون تفسيرا شاملاً حتى الوقت الراهن، رغم اعتقاد العديد منهم أنه أمر يتعلق بتعود الجهاز العصبي وتكيفه للمادة المخدرة وليس بسرعة التخلص منه(5). ومع ذلك فإن الإدمان كصفة لتناول المخدرات لا يمكن إطلاقه على أي من أولئك المتناولين إلا بعد أن يمر الواحد منهم في مرحلة الاعتماد النفسي والعضوي ، وهي المرحلة التي تتميز بالأعراض الإكلينيكية (السريرية) الآتية:
أ) عــدم استطاعة المعنـي التخلي عن تناول المادة المخدرة لساعات أو أيام. أي وجود دافع داخلي قهريCompulsion لتناوله.
ب) الميل المستمر إلى زيادة الجرعة من تلك المادة.
ج) ظهور بعض الآثار النفســية أو المضــاعفات عند التوقف عن تناول المادة المخدرة مثل:
أولا: القلق والتوتر.
ثانيـا: الاكتئاب.
ثالثـا: قلة التركيز.
رابعا: عدم الارتياح.
د) ظـهور بعض المضـاعفات العضوية (الجسمية) عند التوقف عن التناول مثل:
أولا: الصــداع.
ثانيـا: الارتجــاف في الأطراف العليا والسفلى والوجه واللسان.
ثالثـا: التعرق.
رابعا: الإغماء أحياناً.
هـ) تدهــور تدريـجي في السمات الشخصية ووظائفها يشمل على الأغلب:
أولاً: الأعمال العضوية.
ثانيـا: الجوانب الذهنية.
ثالثـا: السلوك.
رابعا: الصحة وأساليب التعامل.
علما أن الأعراض المذكورة واستجابة الجسم للإدمان تختلف في الشدة والنوع تبعا للمادة المخدرة وفترة تناولها.
الآثــــار الـسلبيــــة للإدمــــان
(7)
الإدمان على المخدرات وحتى الإفراط في تناولها مشكلة لها تأثيراتها المركبة على الفرد والأسرة والمجتمع، خاصة وأنها – أي المخدرات – وبسبب تعاطيها المستمر لسنوات طويلة تجعل الفرد معتاداً عليها نفسياً في البدء ثم يحس بحاجة الجسم لكميات منها في الفترات التالية، مما يسهم في إيجاد خصائص نوعية جديدة في حالته النفسية وقابليته البدنية تقلل في محصلتها النهائية من كفاءته للحد الذي يبدو فيه مختلفاً في سلوكه عن الناس العاديين في بعض الأحيان . وعلى وجه العموم فإن أهم تأثيرات الإدمان تتركز على الجوانب الآتية:
أ) الجانب النفسي:
إن تأثير الإدمان على حالة الإنسان النفسية، أو وضعه النفسي يكاد يكون شاملا لعموم جوانبها:
أولا - الانفعالية: وفــي مجالها نـــــرى المدمن يعاني في أغلب الأحيان من اضطراب يدفع إلى الحزن الشديد، ولوم الـــذات، والميل إلى العزلة عن الآخرين - في الحالات الشديدة على وجه الخصوص - كذلك تخلخل الوجدان والعاطفة.
ثانيـا- السلوكية: وفـــي إطارها يكون الخلل واضحا في التعامل مع الذات والآخرين لمستوى تتكون عنده مشاعر لدى المدمن تدفع فـــي بعض الأحيان إلى توجهات عدوانية لتدمير الذات والآخرين في آن معا، وتؤدي أيضاً إلى تــدهور شخصيـة المدمن واضطراب معالمها حتى تصبـح بعـــد فترة من الزمن اعتمادية علـى الغير، تتسم بالتهرب من المسؤولية وعدم الثقة بالنفس وكذلك بالآخرين(6).
ثالثـا- العقلية: وفيها يكون تأثير الإدمان أكثر شدة وكلفة في ذات الوقت ، على الرغم من أن تأثيراته ـ أي الإدمان - على العقل تـختلف من مادة لأخرى تبعاً لتركيبته الكيماوية وفترات تناوله؛ فالـحشيش مثلا يحدث اضطراباً في التوجه والتفكير ، وخللا في الشــعور بالزمـــن ، واستمرار تناوله بكثرة ولفترة طويلة من الزمن يمكن أن يؤدي إلى حالة تشبه الذهاني الفصامي، وكذلك إلى الخرف والعته.
والمورفين يسبب تناوله بتقدم الأيام وزيادة كميته إلى الإصابة بالذهول والتبلد وأحيانا التحلل الخلقي والكذب .
أما الكوكايين فيؤدي الإدمان عليه إلى الهلوسة، والهذيان، والإحساس بنوع من التنميل الذي يشبه قرصات لحشرات وهمية وبأوقات شبه مستمرة.
كذلك يؤدي الإدمان على الامفيتامين Amphetamine إلى حالة ذهان وقتي يتميز بالتوتر والتوجس والخوف والهلاوس البصرية والهذيان والشعور بالاضطهاد والأوهام والبارانويا، ويؤدي أحيانا إلى العنف والعدوان، أو الانتحار.
أما عقاقير الهلوسة ( LSD) فتؤدي إلى تضبيب الوعي والتلاعب بالشعور وبمحاور الزمن، والإكثار من هذه العقاقير يصيب البعض بحالة من الذهان الوقتي تشبه بعض أعراضها السريرية الفصام و الاكتئاب.
وعلى وجه العموم فإن تناول المواد المخدرة أو الإكثار من تناولها يؤدي إلى زيادة في النسيان ويجعـل المعنيين أبطأ في الإدراك والاستيعاب وأقل قدرة على استعادة المعلومات.
ب) الجانب الاجتماعي:
الإنسان كائن اجتماعي وسلوكه مدمنا كان،أو معتادا يؤثر ويتأثر بالمحيط الموجود حـوله، وبما أن تناول المخدرات يتم أحيانا في إطار الجماعة (البيت، النادي، الشــارع، … الخ) فإنه يوسع من احتمالات تأثيرها لتشمل الآخرين وبحدود تعتمد علــى مــستوى الإدمان (الكمية و عدد مرّات التناول) والخصائص النفسية للفــــرد ومــقدار تفاعلــــه و تأثيره على القريبين منه،أو تأثيرهم عليه. وعموماً فإن مستويات التأثير الاجتماعي يمكن أن تطال وبدرجات متفاوته المجالات الآتية:
أولاً- الحياة الزوجيــة: إذ ينتشر الطلاق بين المدمنين بنسب أعلى من انتشاره في عموم المجتمع.
ثانياً- التفكك الأسري: اضطراب بنية العائلة مع كثــرة التعرض للمشكلات المادية والعاطفية والدراسية والاجتماعية.
ثالثاً- اضطراب التوازن الاجتماعي: يعتاد البعـض مــن المدمنين علــــى تأجيل مواجهــة الواقع أو المشاكل المحيطة بهم وذلك بالــهروب منـــها وبالتالـي يتعزز لديهم السلوك الانسحابي وتضعف إمكاناتهم وقدراتهم النفسية اللازمة للعيـش بإتزان مقبول في المجتمع.
رابعاً- اختلال العلاقات الاجتماعية: الاستـمرار على تناول المخدرات لفترات طويلة،وإذا لم يؤد إلى الإدمان (في حالات قليلة) فإنه سيفضي إلى تعود نفسي عليها ويجعل المعنيين في حالة نفسية غير مستقرة أو غير متوازنة يستثاروا خلالها لأمور بسيطــة تعرض علاقاتهم مع الآخرين للاضطراب، وقد تؤدي إلى القيام بسلوك يتنافى والأعراف الاجتماعية.
خامسا- الخرق القيمي: اختلال العلاقة بالآخرين وضعف الالتزام بالضوابط والأعراف الاجتماعية والميل إلى التمرد على القيم الاجتماعية.
ج) الجانب الاقتصادي:
كان الإنسان وما زال عماداً للاقتصاد في جوانبه المتعددة سواء ما يتعلق منها بالتخطيط، أو الإدارة، أو التنفيذ (العمالة) وبات تطوره مرهوناً بإمكانات وكفاءة العاملين في حلقاته المتنوعة. هذا وعلى الرغم من أن الدراسات المتيسرة لم تتناول مدمني الحلقات العليا للتخطيط وإدارة العملية الاقتصادية (في حدود إطلاع الباحث) لأن المعنيين بها يُـنتقون على الأغلب من بين الشخصيات غير المدمنة، إضافة إلى سهولة عزلهم لمجرد تأثر مواقعهم بعملية الإدمان، أو الاعتياد على التناول لأهمية وحساسية تلك المواقع، إلا أن الدراسات التي تناولت الجانب الاقتصادي بشكل عام تشير إلى:
أن ما يميز المدمنين أو المعتادين هو ازدياد مشكلات العمل وكذلك إسهام التناول بفقدان وظائف العديد منهم. هذا وأجمعت الدراسات (7) على أن الإفراط في التناول (الاعتياد) يؤدي إلى:
أولاً: الإقلال من كفاءة العمل.
ثانياً: زيادة نسبة الغياب عن العمل.
ثالثاً: الإكثار من المشاكل ذات الصلة بالآلة أو بالآخرين.
رابعاً: تضاعف احتمالات التعرض لإصابات العمل .
خامسا: أما في ميدان الإنتاج فإن المدمنين والمعتادين يساهمون أكثر من غيرهم بالخسائر المادية الحاصلة وذلك بسبب كثرة الحوادث وقلة الالتزام وعدم الشعور بالمسؤولية.
هذا من جانب ومن جانب آخر فقد أشارت هذه الدراسات إلى أن تناول المخدرات يبدأ ويتطور عادة في المراهقة وما بعدها أولى سنوات الرشد التي توصف بغزارتها الإنتاجية،وإذا ما أخذنا بنظر الاعتبار النسبة العالية للإدمان من بين المتناولين فإن المشكلة تكون أكثر تعقيداً وضرراً لتزايد أعداد المدمنين من بين الشريحة الاجتماعية للمتناولين وما يسببوه من خسائر لمجمل العملية الاقتصادية نتيجة لسوء تكيفهم مع أعمالهم ووظائفهم، وضعف إمكاناتهم، خاصة في المجتمعات النامية وبينها دولنا العربية والإسلامية التي هي بحاجة أكبر من غيرها إلى طاقات الشباب وقدراتهم النفسية والعضوية حاضرا وفي المستقبل.
د) الجانب الأمني:
إذا كان الإدمان على المخدرات ذا تأثير سلبي على الحالة النفسية للفرد لمساهمته المباشرة في تغيير شخصية البعض وتقليل قدراتهم على التحمل والتكيف فإن الحالة هذه ستكون بطبيعتها الأرضية المحتملة لبعض الخروقات الأمنية والدافع المباشر،أو غير المباشر لقسم من الجرائم المرتكبة ذات التأثير السلبي على استقرار المجتمع ، وأمنه ذو الصلة بالأشخاص، أو المعلومات، أو المعدات، والمنشآت، حتى أصبح (الإدمان) وهن،أو ثغرة أمنية ينظر إليها من زاويتين:
الزاوية الأولى: تتعلق بالناحية النفسية لمدمني المخدرات إذ إن زيادة كمية تناولها توسم المعنيين بمسحة عصابية وتضعف لديهم الأنا والإحساس بالتنبيهات الخارجية التي تشوه أو تربك جميعها التقديرات اللازمة للتعامل مع المواقف الحياتية وتفضي إلى الخطأ فتزداد عندها الضحايا وترتفع نسب ارتكاب الجرائم خاصة المتعلقة بالقتل والسرقة والاغتصاب والاعتداء على الغير.
الزاوية الثانية: ذات الصلة بالعلاقة بين الجريمة وتناول المخدرات، وفي إطارها تؤكد الدراسات أن المخدرات مسؤولة عن تحفيز الميل لارتكاب الجريمة الموجود أصلا في التكوين النفسي لبعض الأفراد، وعندها يصبح تناول كمية منها كافيا لدفعه ـ أي من لديه ميول ذات طبيعة إجرامية في الأصل ـ باتجاه ارتكاب جريمة معينة خاصة لمن اعتاد العنف ، ذلك أنها - أي المخدرات – تضعف من القدرة على الإدراك ومن السيطرة على الإرادة بالمستوى الذي لا يستطيع فيه المدمن من كبح دوافعه الإجرامية ، وأنها بنفس الوقت تبدد الخوف من العقاب ، وبالمحصلة يمكن القول أنها تغّـلب عقد العزم لارتكاب الجريمة على الدفاعات المانعة منها (8).
وإذا ما أضفنا إلى ذلك جرائم وحوادث الطرق فإن الصورة تكون أكثر ضبابية، وخاصة عند الأخذ بالاعتبار أن قسماً ليس قليلاً منها (في المجتمعات المتساهلة) ذو صلة بكون السائقين، أوالسابلة من المتناولين لها،لأنها تقلل لديهم القدرة على الرؤية الواضحة،والانتباه اللازم للقيادة، والقوة العضلية اللازمة للأداء الحركي في الوقت المناسب،إضافة إلى الثقة المفرطة بالنفس حد المغالاة في أحيان ليست قليلة.
العالم العربي والإسلامي ومشكلة الإدمان
(8)
لو ألقينا نظرة سريعة على خارطة الوطن العربي و الاسلامي الجغرافية والسياسية نرى أن العرب مجتمع محاط بأقوام وأمم دخلت معهم في صراعات عدة عبر التاريخ الطويل لاعتبارات حضارية وقومية وجغرافية، ونرى أن المسلمين مجتمع محاط في معظمه بأقوام وأمم غير مسلمة دخلت معهم (المسلمين) في صراعات تمثلت بعديد من الغزوات ، والضغوط ، والتحالفات السياسية، وأنواع من الحصار الاقتصادي، والحروب النفسية غير المباشرة وحروب أخرى عسكرية مباشرة، الأمر الذي يدفع إلى القول:
إن معالم الصراع الموجودة بين العرب والمسلمين من جانب والدول والأقوام الأخرى من جانب آخر موجودة ومستمرة، ووجودها الدائم هذا يدفع أطرافها إلى:
أ. استخدام كل الوسائل والأساليب المتاحة زمانيا ومكانيا وتقنيا للتقليل من إمكانيات وقدرات الطرف المقابل في عملية الصراع.
ب. سعي كل طرف من أطراف الصراع لزيادة قوته وقدراته التي تديم وجوده نداً في المواجهة.
(9)
وفي هذا السياق وبعد أن تطورت وسائل التنقل والاتصال، وزادت معالم اللهو والمتع الدنيوية، اتجه الكثيرون في المجتمعات البشرية دونما استثناء إلى التفتيش عن وسائل لهو جديدة، أو وسائل أخرى مبتكرة تساعدهم في التهرب من ضغوط الحياة التي بدأت تتغير هي الأخرى، أو تزداد شدتها مع تطور الحضارة وتعقيداتها، وبين اللهو والهروب من المواجهة كأطراف لمعادلة الإدمان بدأت هذه الآفة تنتشر في كل بقاع العالم، وبدأت بعض الجهات الدولية استثمارها لزيادة ثرواتها، وبدأت أخرى استخدامها وسيلة لإضعاف أعدائها كطرف مقابل في الصراع الدائر بينهما، كما هو الحال بالنسبة إلى إسرائيل التي زُرعت عنصراً معاديا في قلب الأمة العربية والإسلامية، وهي تعي تماما أن صراعها مع العرب والمسلمين سوف لن يتوقف عند حدود استخدام القوة العسكرية، ولا عند حدود المناورة بالضغوط السياسية، ولا عند مستويات امتلاك التقنية الحديثة، بل وسيستمر صراعا دينيا عقائديا حتى نهاية المطاف
ومن بين تلك الجهود التي قدمتها العصابات المتخصصة في نشر المخدرات وتشجيع تناولها، ووضع جل قدراتها خلف هذه العملية ونظمتها تنظيما جيدا نجد فيه:
- قيامها بدفع عملاء لها لتهريب المخدرات عن طريق البحر الأبيض المتوسط إلى مصر ودول الشمال الأفريقي المطلة علية تارة.
- وتسريبها عن طريق الصحراء من أواسط أفريقيا إلى شمالها العربي المسلم تارة أخرى.
- وتنقله عن طريق سيناء إلى مصر ودول أخرى كلما سنحت الفرصة.
- وتوصله من جنوب لبنان قبل التحرير إلى دول في المنطقة كلما كان ذلك ممكنا.
- دون أن تستثني إيصاله إلى بقاع أخرى من العالم الإسلامي والعربي بوسائل الشحن البحري والجوي التي برعت بها جيدا منذ بداية هذا القرن عندما هرَّبت آلاف اليهود إلى الأرض المحتلة لزيادة نسب وجودهم وإنشاء الدويلة العبرية .
(10)
إن مشكلة الإدمان على المخدرات في وطننا العربي والإسلامي ورغم عدم تفاقمها بذات المستويات التي وصلت إليها في بعض المجتمعات الغربية،بالمقارنة في وقتنا الراهن، لكنها مشكلة يمكن أن تزيد تأثيراتها السلبية مستقبلا وخاصة في بعض الدول العربية والإسلامية التي زادت فيها نسب التناول والإدمان، وعلى وجه العموم فإن بوادر استشرائها في الوطن العربي الإسلامي تتمثل في عدة جوانب بينها:
آ) عدم إدراك المعنيين سياسيين وإداريين على وجه الخصوص للتأثيرات الهدامة للمخدرات على مجتمعاتهم، إذ ينظرون إليها في كثير من الأحيان على أنها مشكلة شخصية، لا يعيرونها الاهتمام الكافي إلا بالقدر الذي تطال أبناءهم، أو القريبين منهم.
ب) وجود الفهم الخاطئ لدى البعض من أبناء المجتمع العربي والإسلامي لمسألة تحريم المخدرات، على الرغم من تحريمها بشكل صريح من قبل عموم المذاهب والمراجع الإسلامية(12) الأمر الذي أوجد أرضية خصبة لتبرير تعاطيها ، والاتجار بها عند شرائح ليست قليلة في تلك المجتمعات.
ج) ما زال قسم من المجتمعات العربية والإسلامية غير واع بطبيعة استخدام المخدرات سلاحا ضد إخوانهم في الدين مرحلة أولى يمكن أن تطالهم في مراحل لاحقة ، وقلة وعيهم هذا وإيمانهم بالغاية لتبرير الوسيلة في تعاملهم مع الظروف المحيطة بهم جعلهم يتغاضون عن زراعة وتصنيع بعض أنواعها في أراضيهم،وكذلك الاتجار بها كما هو الحال بالنسبة لأفغانستان وبعض الدول الأخرى التي تحصل على مداخيل ضخمة من التعامل بها زراعة وتجارة دون النظر إلى المستقبل الذي قد تكون فيه المخدرات أداة لهدم مجتمعاتهم التي ساهمت في نشرها.
د) إن غالبية المجتمعات العربية و الإسلامية وبسبب نقص الإمكانيات المادية لا تميل إلى مسائل التحصين والوقاية في كل مناحي الحياة وبينها ما يتعلق بالمخدرات ، مما جعل ردود فعلها الآنية وتخصيصاتها المادية تأتي غالبا لمعالجة واقع ما بعد حصول الأزمة،وليس للحيلولة دون حدوثها.
هـ) إن العديد من حكومات الدول العربية والإسلامية تنظر إلى الإنسان العربي المسلم في مجتمعاتها نظرة خاصة بعدّهِ أداة لتأدية خدمات تديم استمرارها في الحكم وتزيد من بسط نفوذها وسيطرتها على مقاليد السياسة والثروة، متجاوزة إنسانيته وحقوقه، وهذه نظرة جعلتها (الحكومات) تقتر كثيرا في الأموال الموظفة في مجال إعداده،وتنشئته،ووقايته،وبناء قدراته العقلية والنفسية.


الخــــاتمــــــة
(13)
الإدمان على المخدرات ظاهرة بات انتشارها دولياً رغم التفاوت في نسب الانتشار بين مجتمع منضبط قانونياً وقيمياً، ومجتمع آخر متساهل يرى ضرورة أن يتمتع الإنسان بحريته الفردية إلى أبعد الحدود وبينها التناول العلني والمسموح للمخدرات، لذا نجد أن البعض من المجتمعات البشرية فيها من حالات الادمان أقل من المستويات التي يمكن عـّدها ظاهرة ، بينما نجد وفي المقابل مجتمعات أخرى تنتشر فيها أماكن البيع والتناول بأعداد لا تحصى، ونجد فيها بنفس الوقت من مراكز الاستشفاء وعيادات معالجة الإدمان أعدادا ليست قليلة.
إن التفاوت في نسب الانتشار بين مجتمع بشري وآخر ليس هو الوحيد على الساحة الدولية فهناك أيضا التباين في أساليب التعامل بدءاً من السماح بتناولها في العلن كما ورد في أعلاه مروراً بعـّد المتناولين مضطربين سلوكياً ويستوجب الأمر معالجتهم نفسياً ، وانتهاءاً بنعت المتناولين مجرمين ينبغي معاقبتهم .
وهذا التفاوت والتباين لا يقلل من خطورة ظاهرة الإدمان، بل وعلى العكس من ذلك فإنه يزيد من احتمالات تأثيرها على المجتمعات ومنها العربية والاسلامية النامية، خاصة مع بدايات العولمة بتجلياتها الاجتماعية والثقافية التي تسعى لفتح الحدود والفضاءات للأفراد والمعلومات والقيم والمعايير بين جميع الشعوب والأمم لتنتقل دون قيود من جهة ولجوء بعض أعداء العرب وبالذات إسرائيل إلى استخدامها سلاحاً في حربها المستمرة ضدنا ولجوئها إلى ترويج المخدرات والتشجيع على تناولها رغبة منها في زيادة أعداد المدمنين ، وبالتالي تدمير هذا المجتمع العريق من جهة أخرى.
الأمر الذي يضيف على الساسة العرب والعلماء والمختصين ومراجع الدين في المجتمع العربي والاسلامي أعباء أخرى للتعامل مع هذه الظاهرة في إطار المكافحة للقضاء على فقاعاتها التي بدأت تنتشر بشكل ملموس،أو باتجاه الوقاية من احتمالات اتساعها ظاهرة تهدد الأمن والاستقرار حاضرا ومستقبلا.
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد عبد الكريم
مستشار
  • تاريخ التسجيل : 10-05-2007
  • المشاركات : 2,593
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • محمد عبد الكريم is on a distinguished road
محمد عبد الكريم
مستشار
رد: المخدرات في الجزائر
29-06-2007, 10:32 AM
السلام عليكم
شكرا أخي حمزة على الموضوع القيم....بارك الله فيك،وجعله في ميزان حسناتك..
-من اغرب ما قرأت في موضوع الادمان على المخدرات :
*ان الادمان هو افضل واحسن سلاح للتجنيد والتوريط في المهمات "القذرة"،تستعمله الأجهزة الأمنية الخاصة في كل الدول،وجماعات العنف والجريمة المنظمة، وكذلك شبكات الدعارة،والقمار،وعوالم الليل للحفاظ على وفاء وولاء افرادها
*ان كل تجار المخدرات "الكبار"،يحرصون تماما على ابعاد اطفالهم وعائلاتهم بعيدا عن مجتمع المخدرات،والادمان...
*ان تجارة المخدرات تمثل في بعض الدول"المصدر الأساسي للدخل القومي"
_شكرا اخي حمزة مرة اخرى على الموضوع.
  • ملف العضو
  • معلومات
hamza_psy
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 03-06-2007
  • المشاركات : 35
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • hamza_psy is on a distinguished road
hamza_psy
عضو نشيط
رد: المخدرات في الجزائر
29-06-2007, 05:08 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبد الكريم مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
شكرا أخي حمزة على الموضوع القيم....بارك الله فيك،وجعله في ميزان حسناتك..
-من اغرب ما قرأت في موضوع الادمان على المخدرات :
*ان الادمان هو افضل واحسن سلاح للتجنيد والتوريط في المهمات "القذرة"،تستعمله الأجهزة الأمنية الخاصة في كل الدول،وجماعات العنف والجريمة المنظمة، وكذلك شبكات الدعارة،والقمار،وعوالم الليل للحفاظ على وفاء وولاء افرادها
*ان كل تجار المخدرات "الكبار"،يحرصون تماما على ابعاد اطفالهم وعائلاتهم بعيدا عن مجتمع المخدرات،والادمان...
*ان تجارة المخدرات تمثل في بعض الدول"المصدر الأساسي للدخل القومي"
_شكرا اخي حمزة مرة اخرى على الموضوع.

بالفعل أخي الكريم هذا هو الملاحظ في أغلب قضايا المخدرات فمثلا استعمالها كوسيلة تجنيد شاع في الحروب الأفريقية و الاسياوية و كلنا نذكر أفعانستان و حركتها التي حللت استعمال الكوكايين لشراء الأسلحة و اما في أوساط الدعارة فهو ملازم لها و أأكد لك أخي الكريم أن كل الحالات التي عاينتها ميدانيا كانت خليط من آفات المخدرات الدعارة و الجنوح و أما فكرة ابعاد العائلات فأود أن أوضح قائلا أنه بالفعل بارونات المخدرات يسعون لإبعاد عائلاتهم عن المجال le milieu بمصطلحاتهم لكن تجدر الاشارة أنه يكون في مجال التعاطي فقط وأما الترويج فيكونون متواطئين و القضايا المعالجة على مستوي المجالس القضائية الجزائرية خير دليل و أما تواطؤ الدول في التجارة فالمغرب و كلومبيا خير دليل علي ذلك و هذا راجع لتعفن نظام الحكم السائد و سماحه لانتشار هذه الظاهرة ربما يكون لتفادي اسقاطه أو لتواطوء راجالات الحكم كما هو الشأن في المغرب. هذه الدول التي تحصلت على انذارات من منظمة الصحة العالمية بسبب مساهمتها في انتشار هذه الظاهرة...
المهم الموضوع مفتوح للنقاش و الاثراء... و نتمنى من صحفيينا الكرام الاهتمام بهذه المواضيع أكثر فأكثر بدل الاقتصار على التغطية الاعلامية لقضاياها أو الاحكام الصادرة بحقها فالجريدة دورها وقائي بالدرجة الأولىو علاجي ان اقتضى الامر...
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية bassem1231
bassem1231
عضو متميز
  • تاريخ التسجيل : 21-03-2007
  • الدولة : الجزائر الحبيبة
  • المشاركات : 1,124
  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • bassem1231 is on a distinguished road
الصورة الرمزية bassem1231
bassem1231
عضو متميز
  • ملف العضو
  • معلومات
جبران خليل
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • الدولة : اجزائر
  • المشاركات : 85
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • جبران خليل is on a distinguished road
جبران خليل
عضو نشيط
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
مالك بن نبي
لنتعرف جميعا على الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
علماء الجزائر اليوم مع الشيخ لمبارك الميلي
الجزائر في الاتجاه الصحيح
الساعة الآن 09:58 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى