الهُوية؟
09-07-2019, 04:00 PM
]الهوية؟

ان الكينونة الذاتية هي الهوُية الداخلية التي صنعها ميراث حضارتنا وثقافتنا الذاتية وجعلها العمود المتين الذي ندور حوله.
مع الاسف هناك من يتعمد فهم الهوُية على انها الخزعبلات الفلكلورية التي لا تمت بصلة الى الجذور المعنوية لامتنا ، وكل الرغبات التي تظهر حينما يحس البشر بالحاجة الى اشباع النزوات الجسمانية ومراسم مناسبات الاكل وملء البطون عندهم هوية....يجب علينا ان نسير نتابع السير في طريق ديننا وتراثنا واعرافنا وتقاليدنا مع ان نستفيد من كل ما جد من تفسيرات الزمان... وبمرور الوقت ستكون قيمنا الذاتية جزء من طباعنا، وكل ما نأخذه عن الخارج سيتلون بألواننا الذاتية ويصبح جزءا من طباعنا ويكون جزءا من قيمنا ويلون عقيدتنا السمحاء ويطبعها بالوان فكرنا وثقافتنا.
لقد زودنا الله بنور العقل ومصباح الفكر وهذا ما ينير ظلام وجودنا لانه النور اللاهي الاعظم الجميل الذي ينير صفحة الكون ويزيده بهاء وجلالا يساعدنا على ان نفرق بين السير الحسن وشعاب الظلام ، وينبهنا الي هوس الخيالات والشك والحيرة ... كما يرفعنا عن المطالب الحيوانية التي كلما حجرت عقولنا واعمت بصيرتنا وطغت علينا الرغبات الفردية والغرائز البهيمية.
إن الضمير الإنساني الوحي هو معدن الحقيقة والمرشد إلى الصواب حتى وإن فقدنا بصيرتنا وغفلنا وأغرقنا -في الهواجس المسعورة وأمواج الفكر السائدة ، او ظلام العبارات المستهلكة المترجمة لهذا الفكر المريض والتصور المائعة التى تجرنا الا للقلق والشك. فلا مصير يلوح في الافق . لان الفطرة انقلبت ولم يعد لها تحكم...بل طغت عليها الرغبات الزائفة والاذواق المجنونة. واذا تعطللت الافكار فسدت الرؤى.
عندما تسقط منظومة القيم الأصيلة المؤسسة للفكر الرشيد، وتتكسر معالم الفضيلة، يتنمر العبث وتتغول الحقارة ويستأسد الطغيان وتضيع منا المقاصد الشريفة. بل نصبح غرباء عن بعضنا في ديارنا ، ونفقد السلوك الآدمي وتضيع مقاصدنا. وهل لا يدمى الفؤاد امام هذ الوضع الموجع لوطننا ؟ لقد اصبحنا نتخبط تحت اكوام الجهالة والازمات المهلكة التي انتجها الحراك والسنون العجاف.
ما هذا الجحود الذى عمر رؤوسنا ! خرجنا اليد الحمراء والارجل السوداء من بلادنا ،وتركت فرنسا المعامل باردة والمؤسسات فارغة... كما تركتنا نتخبط في الجهل و الاوبئة ...ومع ذلك استطعنا الخروج ،وقام جيل الاستقلال بعزم وحزم وعمر البلاد وشق الطرق وبنى وسار بالحياة اشواطا حسب الامكانيات ..كنا ندرس في السراديب ونعالج في المستودعات...كنا نستقبل الاطفال بأرجل حافية وملابس رثة.
ثم غرقنا في سنوات العشرية السوداء واستطنا الخروج بإذن الله ولما بدأ الاستقرار
علينا الارهاب فعبث بكل المنجزات والقوى الفاعلة فلم يسلك من يده لا عاص ولا مطيع بل امتدت يده الي الجهاد الاصغر والاكبر وعدنا الي الصفر ..
هل قدر غلي امتنا ان تبقي تعيش فترات تاريخية! في حين ان العالم يعيش مراحل تاريخية! يأخذ القديم يفحصه ويأخذ منه الجيد ويضيف اليه..اما نحن لا يهدأ لنا بال حتي نحطم كل فترة من تاريخية بأكملها ونبدأ من الصفر... ها نحن اليوم عدنا والعود مشؤوم... عدنا الى سؤال الهوية من جديد...وينطبق علينا المثل الشعبي:( الرومي يبني واخوه يزيد في البنيان ،اما العربي يبني واخوه يحطم البنيان)
ليتنى مت قبل ان اري هذه الفوضى تعصف ببلادي... بعد ان عاشت بلادي مرحلة سلم وامان وشق رجالها الطرقات وبنى المؤسسات و البنايات للمستحقين وبعد ان قضينا علي البطالة نعود... لقد اطعمنا الله من الجوع وامنا من خوف، ونحن نحاول اليوم ان نعود الى الصفر... على قول الله عز وجل: ( من دخل نعمتي ولم يشكر خرج منها وهو يدحر)
ما هذه الثورة التي هي في الحقيقة (فورة ) هل انعدم عندنا الحوار! ام أكلنا السنتنا مع المستوردات من الانعم والمعلبات والافكار...!
كلما اقف امام المؤسسات التعليمية واري ذلك الشباب في اناقته ولباسه ودفاتره احمد الله واشكره . وكلما ارى تلك المشتلة من الشباب ترتدى اللباس العسكري وهي مجندة ساهرة علي حماية البلاد ، ازيد في الشكر لله والركوع اليه.
ما هذا التصرف المريض الذي لعب برؤوسنا ؟ بعد ماكنا نصفق ونتملق لعهدة خامس انقلبنا علي البلاد والعباد ... بل هناك من انقلب حتى اليد التي قبلها من قبل! كدنا نقضي علي كل الاعيان اللذين نهضوا بالبلاد.، وبلا مبرر ولا وضوح..... سجن الفاعل وغير الفاعل بهذه الطريقة التي اضحكت علينا القريب والبعيد..
هذه الفورة قامت ضد العهدة الخامسة وتحققت مطالبها ثم تحولت الي البحث عن الهوية والمطالب الغير ممكنة! بل تحولت الى تصفيات حسابات وضغائن قريبة او بعيدة... ولكن هذه قد تتحول الى ما لا يحمد عقباه... الثورة الحقيقية لها حدود وعلى المسؤول ان يتحمل مسؤوليته ...
التاريخ طوائف فاعلة في المجتمع ودور الخيال في بناء الحقائق الاجتماعية التي يعيشها ويعيد انتاجها في قصص واساطير وما تخلقه من فهم محدود للشرعية.
وسياسة الهوية تقوم بإنتاج جماعات مختلفة لها حدود موضوعة ، تبدو الجماعات التي انتجتها متجاوزة
.
zoulikha
ربنا زدنا علما وعملا بما علمتنا