الجيش النيجيري يستعين بالمقاتلين المحليين لردع بوكو حرام
04-12-2014, 08:53 AM
من إعداد : ويل روس - مراسل بي بي سي


استعانت السلطات بالمقاتلين المحليين لما لهم من "ذكاء محلي" في التعامل مع مسلحي بوكو حرام. وتتضمن الخطة حشد 4000 مقاتل.

قال عمر داواكي، والدموع تملأ عينيه "نيجيريا هي بلدي. وسأقاتل من أجل بلدي. وأنا على استعداد لأن أخسر حياتي من أجل بلدي".
عمل داواكي لسنوات مفتشا للمقابر في مدينة يولا، شمال شرقي نيجيريا. كما عمل في صيد الحيوانات البرية، لكنه تطوع الآن في إحدى فرق محاربة جماعة بوكو حرام المسلحة.
وعلى مدار خمس سنوات، شنت بوكو حرام هجمات من أجل تأسيس دولة إسلامية، وأنشأت عددا من القواعد، بطول حدود نيجيريا مع الكاميرون وتشاد.
وقال داواكي إنه كان يقاتل الأسبوع الماضي في صفوف الجيش النيجيري، قرب مدينة موبي، مضيفا "قتلت أكثر من عشرة منهم (مسلحو بوكو حرام)، وكان بعضهم من تشاد. تعرفنا على جنسيتهم من علامات القبائل على وجوههم".
وتتضمن أسلحة داواكي سكينا صغيرة، استخدمها لذبح أحد الجهاديين، وسهما وقوسا، وقرن جاموس مغموسا في سم ثعبان كوبرا.
وأضاف داواكي "لا يمكن للسكين أن تجرحنا. وإن ألقوا علينا القنابل، فلن تقتلنا"، مشيرا إلى تميمة من الجلد حول ذراعه ورقبته، بها آيات من القرآن.
وقال مقاتل آخر لبوكو حرام، يدعى تيجاني محمد، "عندما نكون في جبهة القتال، نركز على مهمتنا. نحن وطنيون، نريد إنقاذ الناس من هجمات بوكو حرام، والانتقام مما يفعلونه بشعبنا".
وكان محمد موظفا حكوميا، وانضم لقتال بوكو حرام بعد تقاعده. وأضاف: "خسرنا ثلاثة من رجالنا، وجرح سبعة آخرون"، لكن المهمة كانت ناجحة رغم الخسائر.


يحمل بعض المقاتلين المحليين بنادق صيد بطول مترين. وأمد الجيش النيجيري عددا منهم بأسلحة قتالية.

"ذكاء محلي"
واستولى مقاتلوا بوكو حرام على مدن وقرى قرب الحدود الكاميرونية. وعندما هاجموا مدينة موبي منذ أكثر من شهر، واجهوا مقاومة ضعيفة من الجيش.
وتقول زينب يوسف، التي قتل زوجها برصاص أحد الجهاديين أمام منزلهم: "جمعت أطفالي وبدأت الهرب من المدينة. وأثناء هربي، رأيت الجنود يهربون أيضا، ويسألون على طريق الخروج من المدينة إلى مدينة مايها. كانوا يخلعون زيهم العسكري ويخبئونه في أكياس".
وعندما انتقلت الهجمات إلى مناطق غربي مدينة موبي، انتشر الذعر، وبدأ الناس في مغادرة مدينة يولا، عاصمة ولاية أداماوا. وكان على السلطات التصرف بسرعة.
وقال حاكم ولاية أداماوا، بالا جيمس نغيلاري، لبي بي سي: "كانت مجموعات المقاومة موجودة بالفعل، لكن خاملة. فنظمناها، ودعمناها، وأحضرنا لها مركبات".
وأضاف: "المقاتلون والقناصون هم مجموعة من المحليين، وهم على دراية بالصراع. فإن أحضرنا مثلا جنديا من بايلسا، في جنوب نيجيريا، فستكون هذه أول مرة يأتي للمكان، وهو لا يعلم شيئا عن الصراع. كذلك من نحاربهم، هم من السكان المحليين. لذا، فمجموعات المحليين على دراية بهم، ولديهم الذكاء المحلي، الذي لا يتوفر للجيش النظامي".
وبحسب نغيلاري، فإن الخطة هي حشد أربعة آلاف من المقاتلين المحليين.
وكان التعاون مع المقاتلين المحليين مثمرا، إذ استعاد الجيش سيطرته على عدد من المدن شمال ولاية أدماوا، بما فيها مدينة موبي. وعاد الهدوء إلى مدينة يولا.
اعتراف رسمي بالفشل؟
قابلت بعض الرجال أثناء تدريبهم في يولا، وكانوا يحملون بنادق صيد صدئة، طولها متران. وحمل آخرون مناجل. ويقولون إنهم وعدوا بتقاضي مبلغ 22 دولارا في اليوم، وإن بعض الجنود أعطوهم بنادق قتال في العملية الأخيرة.
ولا يذهب جميع المقاتلين إلى الشمال للمساعدة في القتال، إذ يبقى الكثيرون منهم للتدريب إذا طرأت الحاجة للدفاع عن يولا.
وكان للمسلحين القرويين تأثير كبير في القتال ضد بوكو حرام في السنتين الأخيرتين، خاصة في مدينة مايدوغوري، عاصمة ولاية بورنو. لكن إرسالهم في عمليات مع الجيش يعد تطورا جديدا.
ويرى البعض أن إرسال المقاتلين المحليين هو اعتراف رسمي بفشل الجيش النيجيري، الذي أخفق أكثر من مرة في حماية سكان شمال شرق نيجيريا.


عمر داواكي، أحد المقاتلين المحليين، يرى أنه حتى إن قتل "فسيفخر أبناؤه أن أباهم مات وهو يقاتل بوكو حرام".

وما زالت معدلات العنف مخيفة، لكن تحالف المقاتلين المحليين مع الجيش يبعث بعض الأمل.
ويقول سامسون داوا، أحد سكان قرية مبالالا، الذي شهد انتشار الجهاديين في قريته: "رأيت عشرات الدراجات البخارية، يستقل الواحدة منها شخصان أو ثلاثة. ويحمل جميعهم بنادق".
وأضاف: "يستقل آخرون سيارات دفع رباعي مكشوفة، ومعهم أسلحة أثقل، ويشهرون أسلحتهم، وهم يصرخون".
وبعد يومين، رأى داوا قافلة من السيارات تحمل جنودا ومقاتلين، يربطون تمائم حول أذرعهم. وكانوا يتجهون إلى مدينة تشيبوك، التي اختطف فيها مسلحو بوكو حرام 219 من فتيات المدارس في أبريل/نيسان الماضي.
ويقول داوا: "عندما رأينا الجنود، علمنا أن الأمر جدي، وعقدنا الأمل عليهم. وأعتقد أن نوع السلاح الذي يحملونه يظهر تطور قوتهم".
إجراءات يائسة
واستعاد الجيش السيطرة على تشيبوك خلال ساعات. ووردت تقارير عن مقتل العديد من الجهاديين في شوارع المدينة.
ويقول داوا: "لا يمكن للمقاتلين المحليين القيام بذلك وحدهم. لذا، لا أصدق من يقول إنه يعقد الآمال على القناصين وحدهم".
ويعتبر اللجوء للمقاتلين المحليين إجراء يائسا، ويظهر مدى الأزمة في شمال-شرق البلاد. لكنه قد يكون مهما لمساعدة الجيش في وقف استيلاء الجهاديين على المزيد من الأراضي.
ويقول داواكي أثناء استعداده للعودة للقتال: "نعرف أنها حرب. قد أعود وقد لا أعود. لكن أبنائي سيفخرون بأن أباهم مات وهو يقاتل بوكو حرام".