امتحاناتنا تحت الضغط.. بلا معنى!!؟
25-06-2018, 05:31 PM
امتحاناتنا تحت الضغط.. بلا معنى!!؟
سليم قلالة
أستاذ جامعي


تجري امتحاناتُ أبنائنا باستمرار تحت الضغط، من الابتدائي إلى الدكتوراه، فضلا عن البكالوريا، وكأنها نهاية الدنيا، وكأن الراسب فيها لا مستقبل له ولا أمل، والناجح فيها تُفتَح له أبواب السماء، رغم أن الواقع لا يؤكد دوما أن الراسب فيها فاشل، والناجح متفوق!.
كم تَبدَّلت المعايير عندنا!!؟.
منذ عقود خلت كانت الامتحانات تجري بلا ضجيج ولا ضغط، نعرف فيها، ككل حالة امتحان، بعض الخوف وبعض الرهبة، وتتخللها بعض حالات الغش النادرة التي تعاقَب بصرامة.
يفرح بعدها الناجحون على قلتهم، ويحاول الآخرون مرة أو مرات أخرى، أو يختارون مسارات بديلة دون إنقاص من شأن هذا ولا الرفع من شأن الآخر.
أما اليوم، فقد باتت الامتحانات وكأنها غاية،!!؟ وباتت النقاط والفواصل، وكأنها هي الهدف الأسمى!!؟، لا المعرفة ولا التحصيل العلمي، وبات التلميذ يُحْرَمُ من شُعبة رغب فيها بسبب فاصلة أو جزء من المائة، حتى كاد السؤال عن الفاصلة بعد الـ10 يسبق التهنئة بالنجاح، في حين كانت التصنيفات في العقود السابقة، قبل ما أصبحنا نعرف من إصلاحات غيرصالحة، لا تزيد عن أن تكون “مقبول” أو “قريب من الجيد” أو “جيد” أو “ممتاز”… والكل راض بالوضع الذي وجد نفسه فيه من غير حساب تلك الفواصل التي أصبحت تدفع بالكثير إلى جعل التسريب والغش حلالا بلا خوف ولا وخز ضمير!!؟.
ذلك أن الامتحانات لم تعُد امتحانات بقدر ما أصبحت تشكل ضغطا رهيبا على أبنائنا في كل المستويات… من الابتدائي إلى الجامعة. ولعل البعض لا يدري أنها في الجامعة أدهى وأمرّ!!؟.
شهادات ماستر تُعَدُّ تحت الضغط في بضعة أسابيع، وتناقَش على عجل في بضع دقائق. ويحصل أصحابها على علامات تزيد على 18!!؟، وشهادات دكتوراه لا تُوفَّر لمُعدِّيها الإمكانات، فتُحَرَّر كما كانت الحال، نادرا ما تخضع للضوابط العلمية والمنهجية ولا للتقييم الموضوعي، فضلا عن غياب الأمانة العلمية التي أصبحت حديث العام والخاص، حتى كدنا نفتقد ذلك الطعم الجميل للنجاح من خلال العمل، وننسى أن الشهادة في آخر المطاف هي تتويجٌ لسنوات من الكد والجهد وليست عمل ساعات أو أشهر معدودات تحت ضغط رهيب لأجل لقب علمي لا يهم إن كان مستحقا أو مفبركا بطريقة أو بأخرى!!؟.
مشكلة امتحاناتنا عامة، وليست خاصة بطور من الأطوار، لهيمنة الشكل على المضمون، والعدد على النوع، من الابتدائي إلى الدكتوراه… ونحن في حاجة ماسة إلى مراجعة ذلك اليوم بتمعن وجد واجتهاد، لأجل إعطاء معنى حقيقي وليس صوريا لامتحاناتنا، بعيدا عن الضغط والإجراءات العاجلة وكثرة التهريج، وبعيدا عن إقحام تلك الفواصل في التقديم، التي لا معنى حقيقيا لها للتمييز بين أبنائنا المُجدِّين وغير المُجِدِّين.
إننا بالفعل في حاجة إلى مراجعة حقيقية وعميقة لكافة امتحاناتنا: إذا أردنا الإبقاء على بعض الأمل في العودة من جديد إلى المعنى الحقيقي للامتحان والغاية الحقيقة من كل تقييم.