سعدان: تيليكس وصل من الجزائر كان سبب نكسة الخضر أمام اسبانيا
09-04-2020, 06:14 PM



أعاد بث التلفزيون الجزائري مباراة الجزائر أمام البرازيل، في إطار الجولة الثانية من الدور الأول لمونديال 86 الحنين إلى الإمكانات الفنية التي كان يتمتع بها “الخضر” في تلك الفترة، كما صنع الجدل بخصوص المشاكل السائدة بمحيط النادي، ما تسبب في تضييع فرصة لا تعوض للتأهل إلى الدور الثاني، خاصة وأن زملاء ماجر حققوا التعادل أمام ايرلندا وخسروا بهدف وحيد أمام البرازيل وضيعوا فرصة التدارك في اللقاء الأخير أمام اسبانيا، وهذا لأسباب إدارية ومالية وتنظيمية بالدرجة الأولى، وهو ما أشار إليها المدرب رابح سعدان، خلال مداخلة قدمها في جامعة وهران بعد أسابيع قليلة من انتهاء دورة مكسيكو 86، حيث قام الأستاذ مراد سنوسي بتعريب فصول مهمة من تلك المداخلة التي كانت بعنوان “المنتخب الوطني.. العلاقات الداخلية والمحيط الخارجي، ونشر مضامينها في مجلة “الوحدة الرياضي” التي كانت تصدر خلال فترة الثمانينيات.
اشترطت الاعتماد على لاعبي التصفيات خلال النهائيات

أكد شيخ المدربين في التقرير والمداخلة التي قدمها في جامعة وهران نهاية العام 1986 بأنه اتفق مع المسيرين على تأهيل المنتخب الوطني للمرة الرابعة إلى نهائيات كأس أمم إفريقيا وتأهيله للمرة الثانية إلى نهائيات كأس العالم، مع العمل أيضا على تكوين فريقين، فريق أول يتشكل من ألمع عناصر النخبة ومدعم من طرف محترفين ذوي مستوى عال، وفريق وطني ثان متكون من عناصر من النخبة الوطنية لتحضير ما بعد مونديال 1986، مضيفا أنه اتفق مع المسيرين على أن لا يشارك في نهائيات كأس إفريقيا والعالم 86 سوى من شارك في مرحلة التصفيات، مضيفا بالقول: “ساهمت في تكوين لجنة تشرف على مصلحة الخضر، وكانت مكونة من نائب الوزير ورئيس الفاف والمدرب الوطني وكانت تجتمع أسبوعيا..”.
“ورغم بعض المشاكل التي كانت تصادفنا فقد كنا نتجاوزها نتيجة وجود مركز قرار واحد وهذا شيء مهم دائما من أجل خلق الإطار القاعدي والقانوني الذي يسهل المهمة بعيدا عن الارتجالية”، وأضاف سعدان قائلا: “استطعنا التوصل إلى إنشاء خلية متعددة التخصصات بالمركز الوطني لطب الرياضة وأصبح هناك ارتباط وثيق وفعلي بين المنتخب الوطني والمركز الوطني لطب الرياضة، كما استطعنا التوصل إلى تشريع قوانين تحدد ميزانية تنقلات الفريق الوطني من خلال نص شاركت في إعداده عدة وزارات”.
اشترطوا علي لقب “الكان” بعدما اتفقنا أن يكون منافسة تحضيرية للمونديال

وأوضح رابح سعدان في مداخلته التي ألقاها منذ 34 سنة قائلا “كل هذه المكاسب حققناها خلال فترة التصفيات.. وانطلاقا من تجربة إسبانيا 82، ومن المشاكل التي تلقاها المنتخب الوطني في دورة 78 لكأس العالم فقد طلبت تحديد مستلزمات المشاركة في الدورة النهائية لكأس العالم، وهذا 6 أشهر قبل انطلاق الدورة، طلبت أن يتم اختيار مكان الإقامة، شركة النقل مسلك السفر تواريخ السفر مكان التحضير وكل القضايا الخاصة بالمكافآت والمنح حتى يتم التركيز والعمل بعيدا عن الانشغالات التي قد تعكر الجور أو تعرقل برنامج التحضير”، وقال سعدان في سياق حديه “وهكذا تم اختيار الشركة المكسيكية للنقل الجوي على أن يكون المسار الجزائر مكسيكو غوادا لاخارا، كما تم اختيار مكان إقامة الفريق الوطني بالمكسيك خلال التربص التجريبي الذي نظم في شهر ديسمبر 1985”.
في المقابل أكد شيخ المدربين أنه “بمجرد قرب موعد انطلاق نهائيات الكان بدأت الأحوال تتغير، وبدأ الجو يتعكر، وطُلب مني الحصول على كأس إفريقيا، بعدما كانت هذه المنافسة في بداية الأمر منافسة تحضيرية وفقا للأهداف المتفق عليها، على أن تتم إعادة النظر في كل الأهداف والتوجيهات المتفق عليها مسبقا”.
حطمنا كل ما أنجزناه قبل حلول موعد “الكان”

ولم يتوان رابح سعدان في تشريح الوضع بعد أسابيع قليلة من مونديال مكسيكو، خلال مداخلة قدمها في جامعة وهران (وقام بتعريبها ونشرها الأستاذ مراد سنوسي)، حيث قال في هذا الجانب “لقد تم تحطيم كل ما أنجزناه في التصفيات، وتم تغيير رئيس الفدرالية، وتم تعدد اللجان وبالتالي تعديد مراكز القرار، من خلال تعدد المسؤولين على الفريق الوطني على مستوى الوزارة، وغالبا ما كانت المعلومات تصل مشوهة إلى صاحبها، كما تم تغيير الطاقم الفني، حيث سبق لي أن قلت إنني لم أكن متفقا مع العناصر التي تم ضمها بعد كأس إفريقيا، كما سبق لي أن صرحت أن المدرب الوطني له الحق في تعيين مساعديه”، وبخصوص التركيبة البشرية للمنتخب الوطني فقد قال سعدان “سياسة التعامل مع المحترفين عرفت تغييرا جذريا بحيث تم استدعاء أكبر عدد ممكن من المحترفين”.
كما انتقد عدة جوانب تسييرية من خلال قوله “حصل بروز مسيرين لا علاقة لهم بوزارة الشباب والرياضة حاولوا في شهرين فقط تغيير كل شيء وأكثروا تدخلاتهم وفي كل المستويات..”.
عزل لاعبين شاركوا في التصفيات عكر الجو وخلق عدة انشقاقات

من جانب آخر، بدا سعدان غير راض عن تدخلات بعض الأطراف في أمور التشكيلة، حيث قال في هذا الجانب “تم عزل بعض اللاعبين الذين ساهموا في تحقيق تأشيرة التأهل وتم استبدالهم بمحترفين لم يسبق لهم أن شاركوا في مرحلة التصفيات التأهيلية، وهكذا خلق جوا مكهربا في وسط الفريق، وعرفت المجموعة عدة انشقاقات”، مضيفا بالقول “ونتيجة لإضعاف صلاحياتي مع مرور الأيام، ونتيجة لتحطيم كل قواعد العمل المحققة مسبقا، فقد بدأت الانعكاسات تظهر بشكل واضح، حيث تقرر عدم الاعتماد على لنص الوزاري الخاص بمصاريف تنقلات المنتخب الوطني، وهذا بتمييز المدرب عن باقي أعضاء الطاقم كالمسؤول عن العتاد والطبيب، وبالتالي تم خلق انشقاق آخر وهذا في وسط الطاقم الفني، وأوضح سعدان بأن الفوضى السائدة تجاوزت كل التصورات.
حين كنا في تربص سويسرا لم أكن على علم بموعد التنقل إلى المكسيك

وفي إطار المهازل الإدارية والتنظيمية التي واجهها المنتخب الوطني قبل موعد مونديال 86، فقد قال سعدان “حين وجودنا في سويسرا خلال التربص الأخير الذي قمنا به لم أكن على علم بأي شيء، سواء تاريخ السفر إلى المكسيك أو الشركة التي ستنقلنا والمسلك الذي سنأخذه وغيرها، كل هذه العناصر التي اعتبرها هامة أعيد نقاشها دون مشاركتي إلى درجة أنه أعطي لي تاريخ خاطئ بالنسبة ليوم سفرنا من الجزائر نحو المكسيك، وهكذا بعد رجوعنا من سويسرا بقينا في الجزائر مدة تفوق توقعاتنا وضاعت نسبة كبيرة من العمل الذي قمنا به في التربص، سواء من حيث التركيز أو من حيث العمل البدني”.
وأضاف سعدان في تصريحه عن المهازل الحاصلة “وفي الفترة التي قضيناه في الجزائر بعد تربص سويسرا اتضح أن المسلك المقرر مسبقا تم تغييره، كما تم تغيير الشركة التي اتفقنا على التعامل معها، وهذا عوض أن يكون السفر مباشرة من الجزائر العاصمة إلى المكسيك أصبح من الجزائر ثم باريس وفرانكفورت نحو المكسيك، كما تم أيضا تغيير مكان الإقامة بغوادرا لاخارا الذي اخترناه في شهر ديسمبر 1985، والذي دفعنا من أجل الحصول عليه ثلاثين ألف دولار، وعليه فإن التنازل عن مكان الإقامة الأول كان يعني أيضا التنازل عن الثلاثين ألف دولار”.
سافرنا إلى المكسيك دون طبيب رغم إلحاحي على ضرورة تواجده

وأكد سعدان أنه إضافة إلى كل هذا، “فقبل سفرنا إلى المكسيك، تم إعلان طبيب الفريق المختص في أمراض القلب أنه قد عزل من قائمة الذاهبين، ورغم إلحاحي أن الفريق في حاجة إلى الأطباء الذي أطروه خلال مرحلة التصفيات، بقيت تدخلاتي تشبه ضربات السيف في الماء وحصل مالا يتصوره أحد، وما لا يعلمه الجمهور إلى حد الآن”، وقال شيخ المدربين “لقد غادرنا الجزائر واتجهنا إلى المكسيك دون طبيب، وعند وصولنا إلى باريس التحق بنا الدكتور رضاوي الذي رغم كفاءته العالية بقيت معرفته للاعبين محدودة وللجو السائد وسط الفريق غير كاملة، وذلك نتيجة عدم مشاركته معنا في التصفيات، فطبيب الفريق في نظري هو عنصر هام وجزء من الطاقم الفني وعليه أن يتعامل مع بقية عناصر الطاقم ومع الفريق على أساس معرفة شاملة للفريق”، وأشار بأن التشكيلة الوطنية تنقلت إلى المكسيك في ظروف سيئة جدا بسبب الفوضى في الجانب التنظيمي.
مسيرون أغرقوا اللاعبين في الوعود وهذا سبب خلافي مع قريشي

أما في المكسيك فقد كثرت حسب سعدان تدخلات المسيرين الذين تكلم عنهم سابقا، بحيث أغرقوا حسب قوله بعض اللاعبين في الوعود وهم يعلمون مسبقا أنهم غير قادرين على الوفاء بها، كما لم يجتمع الطاقم الفني خلال مدة التواجد بالمكسيك كلها، والأوضاع كانت تتأزم من يوم إلى آخر. وقال سعدان في هذا الجانب “إذا نظرنا إلى الإمكانات الفنية التي كانت بحوزتنا فالتأهل إلى الدور الثاني كان جد ممكن تحقيقه ولكن الجو السائد في البعثة الجزائرية منعنا من تحقيق ما كنا نصبو إليه.. فمثلا التغيير الذي أحدث في التشكيلة في المقابلة الأولى إلى المقابلة الثانية تغيير مبرمج، وسبق لي أن شرحته، ولكن قريشي مثلا رفض أن يعوض من طرف مغارية رغم أنني شرحت له أن مؤهلاته الفنية لا تمكنه من لعب دوره كما يجب أمام البرازيل، لأن طريقة لعب ايرلندا ومميزات لاعبيها الذي استطاع التأقلم معها تختلف تماما عن مميزات لعب البرازيليين” ولكن رغم كل هذا الشرح حسب سعدان “فقد قرر قريشي الرجوع إلى فرنسا وقلت ما عليه إلا أن يرجع، لكن تدخل المسيرين مرة أخرى وطلبوا منه البقاء ضد إرادتي وعرفت حينئذ أنني كنت مجرد خضرة فوق طعام”.
تيليكس وصلنا من الجزائر كان السبب في نكستنا أمام اسبانيا

وأوضح المدرب رابح سعدان الذي كان عمره آنذاك لم يتجاوز 40 سنة، بأن الفريق الذي لعب ضد البرازيل كان مقررا أن ينافس الأسبان بدون إحداث أي تغيير في التشكيلة، ولكن في الفترة التي فصلت بين المقابلتين الثانية والثالثة حدث ما يمكن تشبيهه بالضربة القاضية حسب وصف سعدان، حيث قال “وصل إلى البعثة تيليكس من الجزائر مفاده أنه تم تغيير قيمة مبلغ المكافأة المالية أي تم تخفيضها وأشير أنني كنت من بين الأواخر الذين قرأوا التيليكس، ومباشرة بعد وصول التيليكس وبعد أن تم الاطلاع عليه من طرف اللاعبين نُظم اجتماع بينهم وبين رئيس الفدرالية، وعرف هذا الاجتماع أوقاتا جد عنيفة وتعكر الجو بصفة شديدة، وطلب مني التدخل فرفضت وقلت إنه لم يتم إشراكي في أخذ القرار إذا لن أدافع عليه فمن كان وراء التيليكس يتحمل المسؤولية”، وإضافة إلى ذلك فقد أكد سعدان أنه خدع من طرف بعض اللاعبين الذين لا تتوفر فيهم ولو ذرة من الوطنية.
وهكذا تلاشت آخر لبنات الفوز أمام إسبانيا حسب سعدان، حيث قال “كان علينا أن نواجه إسبانيا بفريق مهلهل ومعنوياته محطمة وبفريق دون روح لا يمكن له تحقيق أكثر مما حققه، فريق دخل أرضية الميدان بتشكيلة لا دخل لي فيها ولا أتحمل أي مسؤولية في تكوينها، فأنا شخصيا لم أكن أنتظر منه الكثير في لقائه أمام الأسبان.. فريقنا واجه اسبانيا محروما من أهم عناصر قوته وقد كادت أن تكون الهزيمة أثقل”.
أتحمل مسؤولياتي الفنية.. والمسيرون الذين رافقونا إلى المكسيك أين كانوا؟

وأشار المدرب رابح سعدان أنه لم يتم استخلاص الدروس من الأخطاء المرتكبة في مونديال 82، فتم ارتكاب أخطاء أكثر خطورة في مونديال 86، وقال شيخ المدربين في هذا الجانب “أتحمل المسؤولية فيما يخص النتائج الفنية للمنتخب الوطني، لكن أرفض أن أتحمل المسؤولية على كل المستويات، كما أشير أنه لم يتم استدعائي للاجتماع الذي نظم بعد رجوعنا من المكسيك والذي اتخذت فيه عقوبات ضد بعض اللاعبين حسب ما أشرت إليه الصحافة”. وتساءل سعدان في ختام تقريره “المسيرون المتطوّعون الذين رافقوا المنتخب الوطني إلى مكسيكو أين كانوا؟، فالفريق كان في حاجة ماسة إلى مساعداتهم في مثل تلك الظروف الصعبة”.






أعاد بث التلفزيون الجزائري مباراة الجزائر أمام البرازيل، في إطار الجولة الثانية من الدور الأول لمونديال 86 الحنين إلى الإمكانات الفنية التي كان يتمتع بها “الخضر” في تلك الفترة، كما صنع الجدل بخصوص المشاكل السائدة بمحيط النادي، ما تسبب في تضييع فرصة لا تعوض للتأهل إلى الدور الثاني، خاصة وأن زملاء ماجر حققوا التعادل أمام ايرلندا وخسروا بهدف وحيد أمام البرازيل وضيعوا فرصة التدارك في اللقاء الأخير أمام اسبانيا، وهذا لأسباب إدارية ومالية وتنظيمية بالدرجة الأولى، وهو ما أشار إليها المدرب رابح سعدان، خلال مداخلة قدمها في جامعة وهران بعد أسابيع قليلة من انتهاء دورة مكسيكو 86، حيث قام الأستاذ مراد سنوسي بتعريب فصول مهمة من تلك المداخلة التي كانت بعنوان “المنتخب الوطني.. العلاقات الداخلية والمحيط الخارجي، ونشر مضامينها في مجلة “الوحدة الرياضي” التي كانت تصدر خلال فترة الثمانينيات.