أبو الحسن الأشعري ، حفيد الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه
05-04-2009, 01:35 AM
[ترجمة الإمام الأشعري رحمه الله ]

هو أبو الحسن علي بن اسماعيل بن أبي بشر اسحاق بن سالم بن اسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة عامر بن صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي موسى الأشعري .

وهاكم البداية مع جدّه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث نزل قول الله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم} (المائدة / 54) . فيشير الحبيب صلى الله عليه وسلم بعد نزولها إلى أبي موسى الأشعري قائلاً: هم قوم هذا وضرب بيده على ظهر أبي موسى الأشعري، ولما نزلت هذه الآية قدم بعد ذلك بيسير سفائن الأشعريين و قبائل اليمن فان لهم بلاء حسن في الإسلام فقد روى البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبًا الايمان يمان والحكمة يمانية ".

كما أخرج البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين أن النبي أتاه أناس من بني تميم فقال عليه الصلاة والسلام: "اقبلوا البشرى يا بني تميم" قالوا بشرتنا فأعطنا مرتين فتغير وجهه، فجاءه أناس من أهل اليمن فقال: يا أهل اليمن اقبلوا البشرى إذ لم يقبلها بنو تميم قالوا : قد قبلنا يا رسول الله جئناك لنتفقه في الدين ولنسألك عن أول هذا الأمر ما كان قال: "كان الله ولم يكن شىء غيره". وفيه دليل على أن الله موجود في الأزل قبل خلق الأماكن والأزمان وقبل الخلق كان ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان ليس له كمية صغيرة ولا كبيرة ...

هنا كانت البداية مع الجد الأكبر سيدنا أبي موسى الأشعري الصحابي الجليل رضي الله عنه .

وتعالوا ننظر في الحفيد أبي الحسن الذي ولد سنة مائتين وسبعين وتوفي سنة 333هــ الذي كان سنيًا من بيت سنّة وفي بدء حياته درس مذهب الاعتزال ثم تاب ورقي المسجد الجامع بالبصرة في يوم الجمعة ونادى بأعلى صوته: أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فإني أعرفه بنفسي أنا فلان ابن فلان كنت أقول بخلق القرءان وأن أفعال البشر أنا أفعلها وأنا تائب مقلع، معتقد للرد على المعتزلة مخرج لفضائحهم ومعايبهم.


ثم حدث بعد مائتين وستين سنة انتشار بدعة المعتزلة وغيرهم.


الأشاعرة يقطعون دابر المعتزلة

وقد قيض الله تعالى لهذه الأمة المحمدية رجالاً أفذاذًا يذودون عن حياض دينها الإسلامي الحنيف، فيجاهدون بالبيان والسنان، ويقمعون أوهام الملحدين وزيف الزائفين بالأدلة والحجج والبراهين، وقد جعل الله تعالى في كل زمان أئمة هدى يدافعون عن العقيدة الحقة فيصنفون التصانيف والردود، وبعد انتشار فرقة المعتزلة قيَّض الله تعالى إمامين جليلين هما أبا الحسن الأشعري وأبا منصور الماتريدي رضي الله عنهما فقاما بإيضاح عقيدة أهل السنة التي كان عليها الصحابة ومن تبعهم بإيراد أدلة نقلية وعقلية مع رد شبه المعتزلة وهم فرق عديدة بلغ عددهم عشرين فرقة، فقاما بالرد على كل هذه الفرق أتم القيام برد شبههم وإبطالها فنُسب إليهما أهل السنة، فصار يقال لأهل السنة أشعريون وماتريديون .

*****

الأشاعرة ينصرون منهج السلف بالعقل والنقل

وقد صنّف إمام أهل السنّة والجماعة في عصره وبعده إلى يومنا هذا أبو الحسن الأشعري وأبو منصور الماتريدي المصنفات العظيمة في الردّ على طوائف المبتدعة والمخالفين للإسلام مملوءة بحجج المنقول والمعقول، وامتاز الأول بمناظراته العديدة للمعتزلة بالبصرة التي فلَّ بها حَدَّهم وقلل عددهم. وكانت وفاة الأشعري في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة للهجرة، وتوفي الشيخ أبو منصور بعد وفاة الأشعري بقليل.

وصنّف أتباعهما من بعدهما المئات من المجلدات في الردّ على المبتدعة والمخالفين للإسلام بالحجج الدامغة الكثيرة والمناظرات العديدة قطعوا بها المعتزلة الذين هم أفحل طوائف المبتدعة، كما قطعوا غيرهم من المبتدعة والدهريين والفلاسفة والمنجّمين، ورفعوا لواء مذهب الأشعري في الخافِقَيْن وأبرزهم في نشره ثلاثة:
-الأستاذ أبو بكر بن فُورَك،
-وأبو إسحبق الإسفراييني،
-والقاضي الإمام أبو بكر الباقلاني،
-فالأولان نشراه في المشرق،
-والقاضي نشره في المشرق والمغرب،
فما جاءت المائة الخامسة إلا والأمة الإسلامية أشعرية وماتريدية لم يشذّ عنها سوى نزر من المعتزلة وشرذمة من المشبّهة وطائفة من الخوارج؛ فلا تجد عالمًا محقّقًا أو فقيهًا مدققًا إلا وهو أشعري أو ماتريدي.

وإن حال هؤلاء المنكرين لعلم الكلام لهو الموصوف بقول الشاعر فيهم: [البسيط]

عابَ الكلامَ أناسٌ لا عقولَ لهم وما عليه إذا عابوه من ضررِ

ما ضرَّ شمسَ الضحى في الأفْقِ طالعة أنْ لا يَرى ضَوْءَها من ليس ذا بصرِ


(منقول للفائدة : حسب ما نصت عليه مسودة المنتدى الحضاري التي كتبها الأخ المشرف مصطفى فرحات )

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته