تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى العام > نقاش حر

> العلمانية بين المد و الجزر

موضوع مغلق
  • ملف العضو
  • معلومات
khalid
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-01-2007
  • المشاركات : 145
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • khalid is on a distinguished road
khalid
عضو فعال
العلمانية بين المد و الجزر
15-02-2008, 05:49 PM
العلمانية الحل الأمثل لمواجهة الاستغلال السياسي للدين


هل المغرب أصبح مطالبا بالانخراط في العلمانية ضمن إطار عالم يعيش متغيرات متسارعة تتمثل أساسا في الحرب المعلنة ضد "الإسلام الجهادي" وتجفيف منابعه؟ وهل صارت التحولات التي تشهدها قطاعات: الدين، التعليم، الإعلام.. مداخل لإقرار العلمانية بمفهومها الذي يتماشى مع الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمغرب على اعتبار أنها تشكل جسدا ممدودا نحو الحداثة والدمقرطة بمفهومها الشامل كقيم كونية لا يمكن الاستغناء عنها في عالم اليوم؟ وهل النظام السياسي عموما والطبقة السياسية على وجه الخصوص يقبلان بتجشم مخاطر العلمانية؟ ولماذا يصر بعض التيارات الإسلاموية على جعل العلمانية رديفا للإلحاد وما شابه؟ هذه الأسئلة وغيرها تشكل محاور هذه الورقة.

استأثر النقاش الدائر حول العلمانية بعد أحداث الجمعة الدامي ببلادنا باهتمام كبير من طرف أهل "البنية الفوقية"، ذلك أنه كلما شهدت الرقعة الجغرافية الممتدة من المحيط إلى الخيلج أحداثاً إرهابية من طرف دعاة "الإسلام الجهادي"، إلا وزاد الاهتمام بالعلمانية وخرج فأكثر من مجال "المحرمات السياسية" إلى المجال العمومي وغدا يطرح نفسه بقوة على اعتبار أن العلمانية هي آلية من الآليات التي استطاع من خلالها الغرب المتقدم تنظيم تدبير علاقة الديني بالسياسي، فما درجة الاهتمام بهذا الموضوع عندنا في المغرب وأين وصل مستوى النقاش حوله؟

مما لا شك فيه أن الاهتمام بالعلمانية عرف تقدما كبيرا بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001، ثم زاد هذا الاهتمام بعد الأحداث الإرهابية التي كانت الدار البيضاء مسرحا لها إلى درجة أن بعض الفعاليات المدنية سواء الفردية أو الجماعية طالبت بدسترة العلمانية، كما أن الملك محمد السادس الذي أحزنته هذه الأفعال الإرهابية أشار بوضوح في إحدى خطبه إلى أن الدين والسياسة في نظام الملكية الدستورية لا يجتمعان إلا في الملك أمير المؤمنين. وقد اعتبر الأمر من لدن المهتمين بالشأن السياسي بالمغرب بمثابة مؤشر على التوجه نحو تنظيم علاقة الدين بالسياسة في المغرب.

ـ التجليــات:
تتسم الدولة المغربية بطابعها العلماني، فبالرغم من كون الدستور ينص على المكانة الدينية للملك داخل النظام السياسي وعلى أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة.. إلخ، فإن الطابع العلماني للدولة يظهر بوضوح في العديد من المجالات نسوق منها على سبيل المثال لا الحصر :

ـ ارتباط التعليم بسياستها العمومية، ذلك أن الدولة حرصت دوما على جعل التعليم تابعا لها واجتهدت في إيجاد التصور الملائم للمدرسة الحديثة والمنفتحة والمتفاعلة مع المحيط الدولي والمتشبثة بمقومات الهوية المغربية.
فالتعليم المزدوج العلماني عرف تطورا كبيرا سيما في القطاع الخاص فيما عرف التعليم الديني بالمقابل تراجعا واضحا.
ـ تراجع الجانب الديني في مدونة الأسرة مقابل تقوية القاعدة القانونية الوضعية، كما أن مذهب مالك المعتمد رسميا في بلادنا يخفف من ثقل القواعد الإسلامية المعمول بها في هذا المجال في اعتبارا لمرونة المذهب المذكور.
ـ منع خلق جمعيات مدنية أو سياسيةعلى أساس ديني أو إثني بنص الدستور وبقراءة نص المنح هذا يظهر بجلاء أنه كتب بروح علمانية. فالسلطة عارضت تأسيس أحزاب إسلامية ، هذه الأحزاب التي شكل الانتظام في إطارها مطمحا للعديد من الحركات والجماعات الإسلامية كما هو شأن حركة التوحيد والإصلاح التي انخرطت في حزب الدكتور الخطيب، وما زال الحصول على الترخيص بتأسيس حزب إسلامي يشكل مسعى وأفق انتظار بالنسبة إلى جماعة العدل والإحسان.. فضلا عن منع الفاعلين الدينيين من التدخل في الشأن السياسي ومنع الفاعلين السياسيين من تعاطي الشأن الديني، إضافة إلى كون السلطة منعت كل الاقتراحات التي كانت تصدر عن بعض الفرق البرلمانية كالمطالبة بمنع تداول الخمور واعتماد يوم الجمعة عطلة رسمية أو رفض أي تعديل في قانون السلطات الصغرى وما شابهها. ـ ازدهار ثقافة "المجتمع الاستهلاكي" البارزة في نمط العيش بالنسبة إلى قطاع واسع داخل المجتمع المغربي مقابل تراجع ملحوظ للقيم الإسلامية. وهذا العامل ساهمت في تشجيعه وسائل الاتصال المتعددة بدءا من الهاتف النقال إلى الانترنيت.
ـ الاهتمام بالثقافة الأمازيغية والبحث عن الآليات الكفيلة بإدماجها داخل مختلف مؤسسات الدولة ومناحي الحياة. فهذا الاهتمام من شأنه أن يساهم في تكريس التعددية الثقافية واللغوية في اتجاه إقرارها في دستور المملكة باعتبارها واقعا تشهد عليه عوامل تاريخية، بيئية وأنتربولوجية.. وهو اعتراف لا وجود له في الوثيقة الدستورية الحالية.
-أيضا تزايد الاهتمام باليهود المغاربة إعلاميا وسياسيا، ذلك أن خروجهم في المسيرة الشعبية السلمية المنظمة بالدار البيضاء للتنديد بما وقع خلال 16 مايو الدامي من أعمال إرهابية، وكذا تسليط الضوء على احتفالاتهم في بعض المناسبات الدينية.. هما بمثابة عاملين قد يساعدان على تكريس هذه التعددية سواء الثقافية أو الدينية، فضلا عن عدم التشدد أمام موجات اعتناق المسيحية التي أصبحت قبلة لفئة واسعة من الشباب المغربي علما بأن السلطات كانت تعتقل بالأمس القريب كل من اعتنق المسيحية، وهذا الأمر كان يشكل نقطة سوداء في تقارير الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان ببلادنا.

ـ التطــور :
تميزت سنوات الستينات من القرن الماضي بسيادة مجموعة من الإجراءات ذات "سمت" علماني نظرا لتأثير المناخ الدولي زمن الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي على الساحة الوطنية التي لم تعرف وقتها حسم الصراع بين الحركة الوطنية والمؤسسة الملكية لفائدة هذه الأخيرة. فدستور عام 1962 عرف مضمونه استحسانا من قبل جل فقهاء القانون الدستوري، إذ إن الفصل التاسع عشر تم إدراجه في دستور المملكة باقتراح من عبد الكريم الخطيب وعلال الفاسي للتأكيد على الطابع الإسلامي للدولة.. فالحكم في المغرب عرف جيدا كيف يتكيف مع المناخ الإقليمي والعالمي المتسم بطغيان الأفكار الاشتراكية والقومية، لكن سنوات السبعينات من القرن الماضي ستشهد بروز عدة أحداث فرضت على الدولة اتخاذ إجراءات ذات منحى تقليداني، إذ تم اكتشاف منافع الفصل التاسع عشر الذي أصبح المفتاح لحل كل الإشكالات التي تعترض طريق النظام خاصة بعد إعادة هيكلة الحقل السياسي لفائدة نظام الحسن الثاني. ففي هذه المحطة برزت حركة إسلامية، بدعم منه طبعا، قصد ضرب الحركة اليسارية التقدمية. وقد ظهر هذا الأمر بجلاء بعد اغتيال الاتحادي عمر بن جلون على يد عناصر تنتمي إلى الشبيبة الإسلامية، قامت بتنفيذ المخطط المرسوم لها..
مما لا شك فيه أن المناخ الدولي، اليوم، يتميز بهاجس طغيان المقاربة الأمريكية في مواجهة حركات "الإسلام الجهادي"، بل وبالضغط على الدولة بوسائل متعددة قصد إرغامها على الانخراط في هذه الاستراتيجية العالمية. وهذا الإنخراط يبدأ من وضع ترسانة قانونية لمكافحة الإرهاب وينتهي بتنظيم علاقة الديني والسياسي. وقد أوجدت "الامبراطورية الأمريكية" مشروعا يلزم دول "الشرق الأوسط الكبير" باتخاذ مجموعة من الإجراءات الهامة الهادفة إلى وضع هذه الدولة على سكة قطار الدمقرطة وفق تصورها (أي الولايات المتحدة الأمريكية).
والأكيد أن تنظيم العلاقة بين الدين والسياسة حاضر بقوة في الاستراتيجية الأمريكية على اعتبار أن غالبية الأنظمة المتواجدة في الرقعة الممتدة من المحيط إلى الخليج تفتقد الشرعية الديمقراطية وبالتالي تعمد إلى جعل الدين كأحد مصادر شرعيتها.
فاحتكار الدين وتوظيفه لخدمة سياستها كان ضمن العوامل التي أدت إلى بروز تيارات إسلامية طامحة إلى نزع هذه الشرعية لفائدتها أي أنها هي من يحق لها تمثيل الإسلام في صورته الحقيقية.
الظاهر، اليوم، أن مجموع الإجراءات التي تسير في اتجاه إعادة تدبيرالحقل الديني توضع بخلفية استباق الأحداث، حيث يظهر المغرب من خلالها- كما حصل في مدونة الأسرة على سبيل المثال- من البلدان التي ما فتئت الولايات المتحدة الأمريكية تنوه بها وتحثها على مواصلة السير على هذا النهج. أكثر من ذلك أن العلمانية مبنية على العقل والعلم، وليس لها مفهوم للدين كما يحلو لبعض الجهلة تفسيرها به، وهي خيار لا مفر منه من أجل الحد من مخاطر التوظيف السياسي للدين خاصة في الأقطار التي تعرف تعددية دينية كالمغرب أو مصر على سبيل المثال. فسمات الدولة الحديثة أنها دولة علمانية، هذا طبعا دون إغفال القيم والفلسفة السائدة في تربيتها.
صحيح أن المغرب لم يصل بعد إلى مستوى من النضج يسمح له بإقرار الدهرية أو العلمانية، لكن الأحداث الإرهابية التي ذاق مرارتها في النصف الثاني من شهر ماي عام 2003 من شأنها أن تساعد أكثر على توفير التربة السليمة لتشجيع هذا المنحى الحداثي.
لكن هناك من يرى أن السياسة الدينية الممارسة اليوم تتميز بكونها:
أولا، تجعل الملك -أمير المؤمنين- في موقع من يدير كل ما له علاقة بالمقدس بدءا من رعاية الأولياء والأضرحة إلى الجماعات الإسلامية، الرسمية والمعارضة على حد سواء،
ثانيا، تجعل الملك فوق الصراعات السياسية، بل والدينية أيضا،
ثالثا، تجعل الملك يحتكر المجال الديني كما يراه هو لا كما يراه منافسوه إن وجدوا، إذ نجده يمنع بقوة القانون ممارسة الشعائر الدينية في بعض الأماكن، كما نجده يمنع خوصصة المقدس، حريصا على أن تبقى جماعات الإسلام السياسي تبقى منحصرة في إطار ظهير الحريات العامة.. فدين الدولة هو الإسلام، والمالكية هي مذهبها، والملك هو الضامن لدوامها واستمرارها وهو حامي حمى دينها،
رابعا، جعل الدين الإسلامي عبارة عن شعائر أي مجموعة من العبادات الشخصية وليس مصدرا للتشريع، بمعنى مجموعة من القوانين المنظمة لسلوك السلطة السياسية.
فهذه السمات تجعل السياسة الدينية عندنا تتميز بطابع خاص مرتبط بثقافة وقيم وتاريخ المغرب العميق، فهي تأخذ من "فرنسا اللائكية" بعض الجوانب الهامة كاحتكار الدولة على سبيل المثال لعملية تدبير الحياة الدينية وجعل الدين في خدمة الدولة وليس العكس، لكنها تبقي على إمارة المؤمنين التي تميز خصوصية نسق الحكم ببلادنا إلخ. وهذا ما يجعل البعض يقر بوجود إسلام ينعت بكونه "إسلاما علمانيا" للدولة.
إن من شأن التحولات العميقة التي يشهدها العالم في الألفية الثالثة أن تسير في اتجاه التخفيف من الثقل الديني في ممارسة أنظمة "الشرق الأوسط الكبير" حسب مفهوم الأمريكان، وهذا الأمر سيكون عاملا لفائدة انتصار منطق الدولة الحداثية.
  • ملف العضو
  • معلومات
khalid
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-01-2007
  • المشاركات : 145
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • khalid is on a distinguished road
khalid
عضو فعال
رد: العلمانية بين المد و الجزر
15-02-2008, 05:50 PM
العلمانية والحياة
على المستوى الإجتماعي او العلاقات البشرية فإن العلمانية تقوم على أن لا تحكم المعتقدات الدينية العلاقات الإجتماعية وطريقة حل أفراد المجتمع الخلافات الإجتماعية. فعلى سبيل المثال، يضع المسلم في حسبانه احتساب الأجر من عند الله عندما يعود أخاه المسلم المريض بالإضافة إلى رفع روحة المعنوية . بينما يكون الدافع في عيادة المريض في المجتمع العلماني هو رفع روح المريض المعنوية لمساعدته على التشافي بوقت أسرع دون النظر للثواب الأخروي بالضرورة. وقد اتسع المجال الدلالي للكلمة على يد جون هوليوك (1817-1906م) والذي عرف العلمانية بأنها: "الإيمان بإمكانية إصلاح حال الإنسان من خلال الطرق المادية دون التصدي لقضية الإيمان سواء بالقبول أو الرفض".

ومن جانب إداري، تحرص الدول العلمانية على فصل الدين عن تشريع الدولة وإدارة العملية القضائية بقوانين بشرية عوضاً عن التشريعات السماوية سواء كانت مسيحية أو إسلامية أو خلافهما. فنجد ان الولايات المتحدة تمنع تدريس المواد الدينية في مدارسها العامة لتعارض تدريس تلك المواد مع الدستور الأمريكي العلماني الداعي لفصل الدين عن الدولة. ويطلق الكثير من معارضي العلمانية وخاصّة المتدينون لقب "الكفّار" على العلمانيين لمناداتهم بنظام إداري علماني بينما يصّر بعض العلمانيون أنهم مسلمون أو مسيحيون لبّاً وقالباً في كنائسهم ومساجدهم ولكن ليس في ردهات المحاكم وعند إقرار التشريعات أو إختيار حاكم للبلد.

ويستشهد العلمانيون بأوروبا في العصور الوسطى بفشل النظام الشمولي لما بلغت إليه أوروبا من تردي عندما حكمت الكنيسة أوروبا وتعسّفها تجاه كل صاحب فكر مغاير لها. ولذلك فهم يرتئون أن الكنيسة لا يجب أن تخرج من نطاق جدران الكنيسة لتتحكم في قوانين الميراث والوقوف في وجه النهضة العلمية ونعتها بالسحر إبّان العصور الوسطى. كما يستشهدون بانتهاء دولة الخلافة الاسلامية بعد حكم أربعة خلفاء فقط وانتقال الدولة الاسلامية إلى نظام ملكي شمولي، والتمييز ضد غير المسلمين تحت حكم الدول الإسلامية المتعاقبة، وتطور الدولة الاسلامية وصولا إلى الدولة العثمانية وانهيارها أمام الفكر العلماني لكمال أتاتورك ،ويستدل العلمانيين ببطلان هذا التصور بأن معظم العلماء المسلمين البارزين كانوا يستخدمون الموسيقى في العلاج وكان بعضهم من هواة الموسيقى كالرازي الذي كان عازفا على العود وأيضا فالخوارزمي كان هاويا في الموسيقى ،إذن فظهور العلم عند المسلمين كان على يد الفساق لأن الموسيقى في الإسلام فسق ،كما أنه عندما كانت العلوم تسير قدما نحو الأمام عند المسلمين كان الدين يكافح للحفاظ بولاء الطبقات المتعلمة وأدى النزاع الذي قام بين الدين والعلم إلى تشكيك الكثيرين في عقائد الدين، بل إنه دفع بعضهم إلى الإلحاد والكفر (قصة الحضارة -> عصر الإيمان -> الحضارة الإسلامية -> عظمة المسلمين واضمحلالهم -> الغزالي والنهضة الدينية)لهذا يعتبر العلمانيين أن العلم الذي ظهر في الحضارة الإسلامية إنما هو حجة في صالح اللادينيين وليس في صالح المسلمين . بينما ينادي خصوم العلمانية ببطلان تلك الحجة والإستدلال بالنهضة العلمية وإنتشار الفلاسفة والأطباء العرب وعلماء الفلك في عهد الخلافة الأموية وما لحقها من خلافات والتي كانت تستند على القرآن كمصدر لإدارة شؤون الخلافة الإسلامية ،ويكون رد العلمانيين هو أنّ الأطباء العرب وعلى رأسهم ابن سينا والرازي كانوا يستخدمون الموسيقى في العلاج وهذا بذاته يتضارب مع أحاديث كثيرة منها "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم" وفيه دلالة على بطلان الأستدلال بالقرآن والسنة في مسألة العلاج ،أما الفلاسفة المسلمين فمنهم الكثير استباحوا الموسيقى كالغزالي مثلا ،لكن العلمانيين يرون أن الحجة هنا لا تزال قائمة لأن معظم كبار علماء المسلمين كانوا فسقة يعشقون الموسيقى أو متخصصين فيها ويتحدون أي شخص يثبت عكس ذلك.


[تحرير] العلمانية وشموليتها
تميز بعض الكتابات بين نوعين من العلمانية: الجزئية والشاملة.


[تحرير] العلمانية الجزئية
هي رؤية جزئية للواقع لا تتعامل مع الأبعاد الكلية والمعرفية، ومن ثم لا تتسم بالشمول. وتذهب هذه الرؤية إلى وجوب فصل الدين عن عالم السياسة، وربما الاقتصاد وهو ما يُعبّر عنه بعبارة "فصل الدين عن الدولة"، ومثل هذه الرؤية الجزئية تلزم الصمت حيال المجالات الأخرى من الحياة، ولا تنكر وجود مطلقات أو كليات أخلاقية أو وجود غيبيّات وما ورائيات، ويمكن تسميتها"العلمانية السياسية" أو "العلمانية الأخلاقية" أو "العلمانية الإنسانية".


] العلمانية الشاملة
وهي رؤية شاملة للواقع تحاول بكل صرامة تحييد علاقة الدين والقيم المطلقة والغيبيّات في كل مجالات الحياة. ويتفرع عن هذه الرؤية نظريات ترتكز على البعد المادي للكون وأن المعرفة المادية المصدر الوحيد للمعرفة وأن الإنسان يغلب عليه الطابع المادي لا الروحي، ويطلق عليها أيضاً "العلمانية الطّبيعية المادية" (نسبة للطّبيعة والمادة).

ويعتبر الفرق ما بين العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة هو الفرق بين مراحل تاريخية لنفس الرؤية، حيث اتسمت العلمانية بمحدوديتها وانحصارها في المجالين الاقتصادي والسياسي حين كانت هناك بقايا قيم مسيحية إنسانية، ومع التغلغل الشديد للدولة ومؤسساتها في الحياة اليومية للفرد انفردت الدولة العلمانية بتشكيل رؤية شاملة لحياة الإنسان بعيدة عن الغيبيّات ، وأعتبر بعض الباحثين العلمانية الشاملة هي تجلي لما يطلق عليه "هيمنة الدولة على الدين".


] مراحل العلمانية
مرّت العلمانية الشاملة بثلاث مراحل أساسية:


] مرحلة التحديث
اتسمت هذه المرحلة بسيطرة الفكر النفعي على جوانب الحياة بصورة عامة، فلقد كانت الزيادة المطردة من الإنتاج هي الهدف النهائي من الوجود في الكون، و لذلك ظهرت الدولة القومية العلمانية في الداخل و الاستعمار الأوروبي في الخارج لضمان تحقيق هذه الزيادة الإنتاجية. واستندت هذه المرحلة إلى رؤية فلسفية تؤمن بشكل مطلق بالمادية وتتبنى العلم والتكنولوجيا المنفصلين عن القيمة، وانعكس ذلك على توليد نظريات أخلاقيّة ومادية تدعو بشكل ما لتنميط الحياة، وتآكل المؤسسات الوسيطة مثل الأسرة.


] مرحلة الحداثة
وهي مرحلة انتقالية قصيرة استمرت فيها سيادة الفكر النفعي مع تزايد وتعمق أثاره على كافة أصعدة الحياة، فلقد واجهت الدولة القومية تحديات بظهور النزعات العرقية، وكذلك أصبحت حركيات السوق (الخالية من القيم) تهدد سيادة الدولة القومية، واستبدل الاستعمار العسكري بأشكال أخرى من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي، واتجه السلوك العام نحو الاستهلاكية الشرهة.


] مرحلة ما بعد الحداثة
في هذه المرحلة أصبح الاستهلاك هو الهدف النهائي من الوجود ومحركه اللذة الخاصة، واتسعت معدلات العولمة لتتضخم مؤسسات الشركات متعددة الجنسيات والمنظمات غير الحكومية الدولية وتتحول القضايا العالمية من الاستعمار والتحرّر إلى قضايا البيئة والإيدز وثورة المعلومات، وتضعف المؤسسات الاجتماعية الوسيطة مثل الاسرة، لتحل محلها تعريفات جديدة للأسرة مثل رجلان وأطفال أو امرأة وطفل أو امرأتان وأطفال…، كل ذلك مستنداً على خلفية من غياب الثوابت المعايير الحاكمة لأخلاقيات المجتمع والتطور التكنولوجي الذي يتيح بدائل لم تكن موجودة من قبل في مجال الهندسية الوراثية.
يتبع....
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: العلمانية بين المد و الجزر
15-02-2008, 06:09 PM
التعريف:

العلمانية SECULArISM

وترجمتها الصحيحة: اللادينية أو الدنيوية، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على العلم الوضعي والعقل(*) ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين(*). وتعني في جانبها السياسي بالذات اللادينية في الحكم، وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم SCIENCE وقد ظهرت في أوروبا منذ القرن السابع عشر وانتقلت إلى الشرق في بداية القرن التاسع عشر وانتقلت بشكل أساسي إلى مصر وتركيا وإيران ولبنان وسوريا ثم تونس ولحقتها العراق في نهاية القرن التاسع عشر. أما بقية الدول العربية فقد انتقلت إليها في القرن العشرين، وقد اختيرت كلمة علمانية لأنها أقل إثارة من كلمة لا دينية.
ومدلول العلمانية المتفق عليه يعني عزل الدين عن الدولة وحياة المجتمع وإبقاءه حبيساً في ضمير الفرد لا يتجاوز العلاقة الخاصة بينه وبين ربه فإن سمح له بالتعبير عن نفسه ففي الشعائر التعبدية والمراسم المتعلقة بالزواج والوفاة ونحوهما.
تتفق العلمانية مع الديانة النصرانية في فصل الدين عن الدولة حيث لقيصر سلطة الدولة ولله سلطة الكنيسة (*). وهذا واضح فيما يُنسب إلى السيد المسيح(*) من قوله: "إعط ما لقيصر لقيصر وما لله لله". أما الإسلام فلا يعرف هذه الثنائية والمسلم كله لله وحياته كلها لله {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [سورة الأنعام : آية: 162].
التأسيس وأبرز الشخصيات :
· انتشرت هذه الدعوة في أوروبا وعمت أقطار العالم بحكم النفوذ الغربي والتغلغل الشيوعي. وقد أدت ظروف كثيرة قبل الثورة (*) الفرنسية سنة 1789م وبعدها إلى انتشارها الواسع وتبلور منهجها(*) وأفكارها وقد تطورت الأحداث وفق الترتيب التالي:
- تحول رجال الدين إلى طواغيت (*) ومحترفين سياسيين ومستبدين تحت ستار الإكليروس(*) والرهبانية(*) والعشاء الرباني(*) وبيع صكوك الغفران.
- وقوف الكنيسة (*) ضد العلم وهيمنتها على الفكر وتشكيلها لمحاكم التفتيش واتهام العلماء بالهرطقة، مثل:
1-كوبرنيكوس: نشر سنة 1543م كتاب حركات الأجرام السماوية وقد حرمت الكنيسة هذا الكتاب.
2-جرادانو: صنع التلسكوب فعُذب عذاباً شديداً وعمره سبعون سنة وتوفي سنة 1642م.
3-سبينوزا: صاحب مدرسة النقد التاريخي وقد كان مصيره الموت مسلولاً.
4-جون لوك طالب بإخضاع الوحي(*) للعقل(*) عند التعارض.
ظهور مبدأ العقل والطبيعة(*): فقد أخذ العلمانيون يدعون إلى تحرر العقل وإضفاء صفات الإله(*) على الطبيعة.
- الثورة(*) الفرنسية: نتيجة لهذا الصراع بين الكنيسة(*) من جهة وبين الحركة الجديدة من جهة أخرى، كانت ولادة الحكومة الفرنسية سنة 1789م وهي أول حكومة لا دينية تحكم باسم الشعب. وهناك من يرى أن الماسون استغلوا أخطاء الكنيسة والحكومة الفرنسية وركبوا موجة الثورة لتحقيق ما يمكن تحقيقه من أهدافهم.
- جان جاك روسو سنة 1778م له كتاب العقد الاجتماعي الذي يعد إنجيل الثورة، مونتسكيو له روح القوانين، سبينوزا (يهودي) يعتبر رائد العلمانية باعتبارها منهجاً(*) للحياة والسلوك وله رسالة في اللاهوت(*) والسياسة، فولتير صاحب القانون الطبيعي كانت له الدين(*) في حدود العقل وحده سنة 1804م، وليم جودين 1793م له العدالة السياسية ودعوته فيه دعوة علمانية صريحة.
- ميرابو الذي يعد خطيب وزعيم وفيلسوف الثورة الفرنسية.
- سارت الجموع الغوغائية لهدم الباستيل وشعارها الخبز ثم تحول شعارها إلى (الحرية(*) والمساواة والإخاء) وهو شعار ماسوني و"لتسقط الرجعية" وهي كلمة ملتوية تعني الدين وقد تغلغل اليهود بهذا الشعار لكسر الحواجز بينهم وبين أجهزة الدولة وإذابة الفوارق الدينية وتحولت الثورة(*) من ثورة على مظالم رجال الدين إلى ثورة على الدين نفسه.
- نظرية التطور: ظهر كتاب أصل الأنواع سنة 1859م لتشارلز دارون الذي يركز على قانون الانتقاء الطبيعي وبقاء الأنسب وقد جعلت الجد الحقيقي للإنسان جرثومة صغيرة عاشت في مستنقع راكد قبل ملايين السنين، والقرد مرحلة من مراحل التطور التي كان الإنسان آخرها. وهذه النظرية أدت إلى انهيار العقيدة الدينية ونشر الإلحاد(*) وقد استغل اليهود هذه النظرية بدهاء وخبث.
- ظهور نيتشة: وفلسفته التي تزعم بأن الإله(*) قد مات وأن الإنسان الأعلى (السوبر مان) ينبغي أن يحل محله.
- دور كايم (اليهودي) : جمع بين حيوانية الإنسان وماديته بنظرية العقل الجمعي.
- فرويد (اليهودي) : اعتمد الدافع الجنسي مفسراً لكل الظواهر. والإنسان في نظره حيوان جنسي.
- كارل ماركس (اليهودي): صاحب التفسير المادي للتاريخ(*) الذي يؤمن بالتطور الحتمي(*) وهو داعية الشيوعية ومؤسسها الأول الذي اعتبر الدين أفيون الشعوب.
- جان بول سارتر: في الوجودية وكولن ولسون في اللامنتمي : يدعوان إلى الوجودية والإلحاد.
- الاتجاهات العلمانية في العالم العربي والإسلامي نذكر نماذج منها:
1-في مصر: دخلت العلمانية مصر مع حملة نابليون بونابرت. وقد أشار إليها الجبرتي في تاريخه الجزء المخصص للحملة الفرنسية على مصر وأحداثها بعبارات تدور حول معنى العلمانية وإن لم تذكر اللفظة صراحة. أما أول من استخدم هذا المصطلح العلمانية فهو نصراني يُدعى إلياس بقطر في معجم عربي فرنسي من تأليفه سنة 1827م. وأدخل الخديوي إسماعيل القانون الفرنسي سنة 1883م، وكان هذا الخديوي مفتوناً بالغرب، وكان أمله أن يجعل من مصر قطعة من أوروبا.
2-الهند: حتى سنة 1791م كانت الأحكام وفق الشريعة الإسلامية(*) ثم بدأ التدرج من هذا التاريخ لإلغاء الشريعة بتدبير الإنجليز وانتهت تماماً في أواسط القرن التاسع عشر.
3-الجزائر: إلغاء الشريعة الإسلامية(*) عقب الاحتلال الفرنسي سنة 1830م.
4-تونس : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1906م.
5-المغرب : أدخل القانون الفرنسي فيها سنة 1913م.
6-تركيا: لبست ثوب العلمانية عقب إلغاء الخلافة(*) واستقرار الأمور تحت سيطرة مصطفى كمال أتاتورك، وإن كانت قد وجدت هناك إرهاصات ومقدمات سابقة.
7-العراق والشام: ألغيت الشريعة أيام إلغاء الخلافة العثمانية وتم تثبيت أقدام الإنجليز والفرنسيين فيهما.
8-معظم أفريقيا: فيها حكومات نصرانية امتلكت السلطة بعد رحيل الاستعمار(*).
9-أندونيسيا ومعظم بلاد جنوب شرقي آسيا: دول علمانية.
10-انتشار الأحزاب(*) العلمانية والنزعات القومية: حزب البعث، الحزب القومي السوري، النزعة الفرعونية، النزعة الطورانية(*)، القومية العربية.
11-من أشهر دعاة العلمانية في العالم العربي والإسلامي: أحمد لطفي السيد، إسماعيل مظهر، قاسم أمين، طه حسين، عبدالعزيز فهمي، ميشيل عفلق، أنطون سعادة، سوكارنو، سوهارتو، نهرو ، مصطفى كمال أتاتورك، جمال عبد الناصر، أنور السادات صاحب شعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين"، د. فؤاد زكريا. د. فرج فودة وقد اغتيل بالقاهرة مؤخراً، وغيرهم.
الأفكار والمعتقدات :
· بعض العلمانيين ينكرون وجود الله أصلاً.
- وبعضهم يؤمنون بوجود الله لكنهم يعتقدون بعدم وجود أية علاقة بين الله وبين حياة الإنسان.
· الحياة تقوم على أساس العلم المطلق وتحت سلطان العقل(*) والتجريب.
· إقامة حاجز سميك بين عالمي الروح والمادة(*)، والقيم الروحية لديهم قيم سلبية.
- فصل الدين(*) عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي.
- تطبيق مبدأ النفعية Pragmatism على كل شيء في الحياة.
- اعتماد مبدأ الميكيافيلية في فلسفة الحكم والسياسة والأخلاق(*).
- نشر الإباحية والفوضى الأخلاقية وتهديم كيان الأسرة باعتبارها النواة الأولى في البنية الإجتماعية.
- أما معتقدات العلمانية في العالم الإسلامي والعربي التي انتشرت بفضل الاستعمار(*) والتبشير فهي:
- الطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة(*).
- الزعم بأن الإسلام استنفذ أغراضه وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية.
- الزعم بأن الفقه (*) الإسلامي مأخوذ عن القانون الروماني.
- الزعم بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف.
- الدعوة إلى تحرير المرأة وفق الأسلوب الغربي.
- تشويه الحضارة الإسلامية وتضخيم حجم الحركات(*) الهدامة في التاريخ الإسلامي والزعم بأنها حركات إصلاح.
- إحياء الحضارات القديمة.
- اقتباس الأنظمة والمناهج اللادينية عن الغرب ومحاكاته فيها.
- تربية الأجيال تربية لا دينية.
· إذا كان هناك عذر ما لوجود العلمانية في الغرب فليس هناك أي عذر لوجودها في بلاد المسلمين لأن النصراني إذا حكمه قانون مدني وضعي(*) لا ينزعج كثيراً ولا قليلاً لأنه لا يعطل قانوناً فرضه عليه دينه وليس في دينه ما يعتبر منهجاً للحياة، أما مع المسلم فالأمر مختلف حيث يوجب عليه إيمانه الاحتكام إلى شرع الله. ومن ناحية أخرىفإنه إذا انفصلت الدولة عن الدين بقى الدين النصراني قائماً في ظل سلطته القوية الفتية المتمكنة وبقيت جيوشها من الرهبان(*) والراهبات والمبشرين والمبشرات تعمل في مجالاتها المختلفة دون أن يكون للدولة عليهم سلطان بخلاف ما لو فعلت ذلك دولة إسلامية فإن النتيجة أن يبقى الدين(*) بغير سلطان يؤيده ولا قوة تسنده حيث لا بابوية له ولا كهنوت(*) ولا أكليروس(*)، وصدق الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه حين قال: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".
الجذور الفكرية والعقائدية:
· العداء المطلق للكنيسة(*) أولاً، وللدين ثانياً أيًّا كان، سواء وقف إلى جانب العلم أم عاداه.
· لليهود دور بارز في ترسيخ العلمانية من أجل إزالة الحاجز الديني الذي يقف أمام اليهود حائلاً بينهم وبين أمم الأرض.
· يقول ألفرد هوايت هيو: "ما من مسألة ناقض العلم فيها الدين إلا وكان الصواب بجانب العلم والخطأ حليف الدين" وهذا القول إن صح بين العلم واللاهوت(*) في أوروبا فهو قول مردود ولا يصح بحال فيما يخص الإسلام حيث لا تعارض إطلاقاً بين الإسلام وبين حقائق العلم، ولم يقم بينهما أي صراع كما حدث في النصرانية. وقد نقل عن أحد الصحابة قوله عن الإسلام: "ما أمر بشيء، فقال العقل(*): ليته نهى عنه، ولانهى عن شيء، فقال العقل: ليته أمر به". وهذا القول تصدقه الحقائق العلمية والموضوعية وقد أذعن لذلك صفوة من علماء الغرب وأفصحوا عن إعجابهم وتصديقهم لتلك الحقيقة في مئات النصوص الصادرة عنهم.
- تعميم نظرية (العداء بين العلم من جهة والدين من جهة) لتشمل الدين الإسلامي على الرغم من أن الدين الإسلامي لم يقف موقف الكنيسة ضد الحياة والعلم بل كان الإسلام سباقاً إلى تطبيق المنهج(*) التجريبي ونشر العلوم.
· إنكار الآخرة وعدم العمل لها واليقين بأن الحياة الدنيا هي المجال الوحيد للمتع والملذات.
· لماذا يرفض الإسلام العلمانية:
- لأنها تغفل طبيعة الإنسان البشرية باعتباره مكوناً من جسم وروح فتهتم بمطالب جسمه ولاتلقي اعتباراً لأشواق روحه.
- لأنها نبتت في البيئة الغربية وفقاً لظروفها التاريخية والاجتماعية والسياسية وتعتبر فكراً غريباً في بيئتنا الشرقية.
- لأنها تفصل الدين(*) عن الدولة فتفتح المجال للفردية والطبقية والعنصرية والمذهبية والقومية والحزبية والطائفية.
- لأنها تفسح المجال لانتشار الإلحاد(*) وعدم الإنتماء والاغتراب والتفسخ والفساد والانحلال.
- لأنها تجعلنا نفكر بعقلية الغرب، فلا ندين العلاقات الحرة بين الجنسين وندوس على أخلاقيات المجتمع ونفتح الأبواب على مصراعيها للممارسات الدنيئة، وتبيح التعامل بالربا وتعلي من قدر الفن للفن، ويسعى كل إنسان لإسعاد نفسه ولو على حساب غيره.
- لأنها تنقل إلينا أمراض المجتمع الغربي من إنكار الحساب في اليوم الآخر ومن ثم تسعى لأن يعيش الإنسان حياة متقلبة منطلقة من قيد الوازع الديني، مهيجة للغرائز الدنيوية كالطمع والمنفعة وتنازع البقاء ويصبح صوت الضمير عدماً.
- مع ظهور العلمانية يتم تكريس التعليم لدراسة ظواهر الحياة الخاضعة للتجريب والمشاهدة وتُهمل أمور الغيب من إيمان بالله والبعث والثواب والعقاب، وينشأ بذلك مجتمع غايته متاع الحياة وكل لهو رخيص.
الانتشار ومواقع النفوذ :
· بدأت العلمانية في أوروبا وصار لها وجود سياسي مع ميلاد الثورة(*) الفرنسية سنة 1789م. وقد عمت أوروبا في القرن التاسع عشر وانتقلت لتشمل معظم دول العالم في السياسة والحكم في القرن العشرين بتأثير الاستعمار(*) والتبشر.
يتضح مما سبق:
· أن العلمانية دعوة إلى إقامة الحياة على أسس العلم الوضعي والعقل(*) بعيداً عن الدين الذي يتم فصله عن الدولة وحياة المجتمع وحبسه في ضمير الفرد ولا يصرح بالتعبير عنه إلاَّ في أضيق الحدود. وعلى ذلك فإن الذي يؤمن بالعلمانية بديلاً عن الدين ولا يقبل تحكيم الشرعية الإسلامية(*) في كل جوانب الحياة ولا يحرم ما حرم الله يعتبر مرتداً ولا ينتمي إلى الإسلام. والواجب إقامة الحجة عليه واستتابته حتى يدخل في حظيرة الإسلام وإلا جرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة.
مراجع للتوسع :
-جاهلية القرن العشرين، محمد قطب.
-المستقبل لهذا الدين، سيد قطب.
-تهافت العلمانية، عماد الدين خليل.
-الإسلام والحضارة الغربية، محمد محمد حسين.
-العلمانية، سفر بن عبد الرحمن الحوالي.
-تاريخ الجمعيات السرية والحركات الهدامة، محمد عبدالله عنان.
-الإسلام ومشكلات الحضارة، سيد قطب.
-الغارة على العالم الإسلامي، ترجمة محب الدين الخطيب ومساعد اليافي.
-الفكر الإسلامي في مواجهة الأفكار الغربية، محمد المبارك.
-الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، محمد البهي.
-الإسلام والعلمانية وجهاً لوجه، د. يوسف القرضاوي.
-العلمانية: النشأة والأثر في الشرق والغرب، زكريا فايد.
-وجوب تحكيم الشريعة الإسلامية للخروج من دائرة الكفر الاعتقادي، د. محمد شتا أبو سعد، القاهرة، 1413هـ.
-جذور العلمانية، د. السيد أحمد فرج دار الوفاء المنصورة 1990م.
-علماني وعلمانية، د. السيد أحمد فرج بحث ضمن المعجمية الدولية بتونس 1986م.

http://www.alkashf.net//
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 15-02-2008 الساعة 06:20 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: العلمانية بين المد و الجزر
15-02-2008, 06:28 PM
الليبرالية: نشأتها ومجالاتها

http://www.alkashf.net/drasat/3.htm

المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد :
فإن موضوع "الليبرالية" له أهمية كبيرة في الدراسات الفلسفية والواقعية من جهتين :
الأولى : الغموض الذي يحيط بالمصطلح في نفسه وعدم تصور الكثير لدلالته ومفهومه .
الثانية : تأثر كثير من أبناء المسلمين به , وكثرة الكلام حوله بعلم وبدون علم في أحيان كثيرة .
وقد كان جيل النهضة – كما يسمونه – ممن شارك في دعوة المسلمين إليه ونصحهم به, وصوَّر أن نهضة الغرب وقوة حضارته المادية كانت بسبب اعتناق هذا المذهب الفلسفي , فكثر المطبلون له من كافة أطياف المجتمع .
وما هذه المعاناة التي نعاني منها في البلاد الإسلامية مثل القوانين الوضعيَّة , والفساد الأخلاقي , وانتشار الإلحاد , وترويج مذاهب الكافرين إلا إفرازا لهذا المذهب الفاسد .
وربما تميَّز هذا المذهب عن غيره في قربه من التطبيق العملي , وكونه سيال يحمل مذاهب متعددة مع بقائه على وصفه كمذهب فكري
وبعد سقوط الشيوعية كآيديولوجية كانت تهدد الفكر الليبرالي الغربي اغتر الغربيون كثيرا بمبدأ ( الليبرالية ) وصاروا يبشرون به في كل محفل ويزعمون أنه هو خيار الإنسانية الوحيد فوظفوا طاقاتهم الفكرية والإعلامية بدعم سياسي واقتصادي رهيب لنقل هذا النور !! الى الإنسانية كلها .
ولعل أبرز نتاج فكري يدل على الغرور الكبير بهذا المبدأ عند الغربيين كتاب (نهاية التاريخ ) لمؤلفه فرانسيس فوكوياما وهو أمريكي الجنسية ياباني الأصل , وقد ظهر فيه بوضوح مدى الغرور الكبير بهذا المنهج ( الليبرالية ) حيث اعتبرها فوكوياما نهاية التاريخ الإنساني وليس الأمريكي فحسب .
ولقد استغل الغربيون الليبراليون الإمكانيات الكبيرة المتاحة لديهم لنقل هذا المذهب إلى أقصى الدنيا وصناعة الحياة الإنسانية على أسسه ومبادئه عن طريق القوة السياسية والإقتصادية وتوظيف وسائل الإتصالات التي تمكنهم من مخاطبة كل الناس وفي كل الأرض .
ولعل من أبرز نتائج الليبرالية في مجال الإقتصاد (العولمة ) وما تحمله من مضامين فكرية وقيم أخلاقية وأنماط حضارية وهي تحمل الرغبة الغربية في السيطرة في كل اتجاه : الحربي والسياسي والقيمي والحضاري والإقتصادي .
فضلا عما تحمله من الدمار للإنسانية في معاشها الدنيوي وقد ظهرت آثار الرأسمالية في الحياة الغربية قبل مرحلة العولمة التي هي تعميم للرأسمالية على العالم كله .
مما جعل البعض يعتبر القرن الحادي والعشرين هو قرن المفكر الشيوعي (كارل ماركس ) لما يرى من تكدس الثروة بيد طبقة من الناس وانتشار الفقر والعوز في الناس و أخذ الأموال من البشر بأي طريق ، والتفنن في احتكار السلع الضرورية وتجويع البشر وإذلالهم باسم الحرية الإقتصادية .
لقد أصبح من الواضح الجلي تأثير العالم الغربي في الحياة الإنسانية في كافة المجالات , ونحن المسلمين جزء من هذا العالم الذي يتلقى التأثير من الغرب في كل وقت , بل ربما نكون نحن معنيين بهذا التأثير أكثر من غيرنا لأننا – مع ضعفننا وهواننا على الناس – أمة منافسة في قوة الدين الذي نحمله وهذا ما جعل هنتجتون في مقاله (صراع الحضارات ) ير شح المسلمين للصراع في المرحلة الحالية والقادمة كبديل للشيوعية بعد سقوطها أكثر من الجنس الأصفر ( الصين واليابان ودول شرق وجنوب آسيا ) لأن الدين الذي يحمله المسلمون فيه من عوامل البقاء والقدرة على الصراع وإمكان التفوق والصعود مرة أخرى ما يلاحظه أي مراقب في الحركة التاريخية والمسيرة الواقعية له.
والدعوة الإسلامية إذا استطاعت أن تواجه المشكلات الداخلية فيها - مثل التفرق والفوضوية و مخالفة الهدي النبوي وغيرها – فان أكبر ما يواجهها هو التيار الليبرالي في البلاد الإسلامية .
ولهذا كان من الضروري دراسة الفكر الليبرالي ومعرفة حقيقته وأبعاده لمعرفة كيفية التعامل معه وإدارة المعركة معه بنجاح , فكانت هذه الدراسة المختصرة التي تؤدي جزءا من المطلوب , وأتمنى من الأخوة القراء التواصل معي فيما يفيد في خروج البحث في صورته القادمة ولكل من أهدى لي ملاحظة أو تصحيح أو فائدة أو توثيق الشكر والدعاء بالأجر والثواب .
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه .
كتبه/ عبد الرحيم بن صمايل السلمي
المبحث الأول : مفهوم الليبرالية
من الصعوبة بمكان تحديد تعريف دقيق لليبرالية , وذلك بسبب تعدد جوانبها ,وتطورها من جيل إلى جيل .
يقول الأستاذ وضاح نصر : "تبدو بلورة تعريف واضح ودقيق لمفهوم الليبرالية أمراً صعباً وربما عديم الجدوى . وفي حال تحديد الليبرالية نجد أن هذا التحديد لا ينطبق على عدد من الفلاسفة والمفكرين الذين سيموا بسمة الليبرالية([1])
وقد قررت موسوعة لالاند الفلسفية الالتباس الحاصل في مفهوم الليبرالية ؛ فجاء فيها "نرى من خلال التعريفات السابقة مدى التباس هذا اللفظ . ومما يزيد في الالتباس استعماله الطارئ المتداول في أيامنا للدلّ على الأحزاب أو النزعات السياسيَّة" . ([2])
وفي الموسوعة العربية العالمية "وتعتبر الليبرالية مصطلحاً غامضاً لأن معناها وتأكيداتها تبدَّلت بصورة ملحوظة بمرور السنين" ([3])
وقال الدكتور يوسف القرضاوي :"وأمثال هذه المصطلحات التي تدل على مفاهيم عقائدية ليس لها مدلول واحد محدد عند الأوربيين . لهذا تفسر في بلد بما لاتفسر به في بلد آخر, وتفهم عند فيلسوف بما لاتفهم به عند غيره , وتطبق في مرحلة بما لاتطبق به في أخرى .
ومن هنا كان اختلاف التعريفات لهذه المفاهيم , وكانت الصعوبة في وضع تعريف منطقي جامع مانع يحدد مدلولها بدقة . حتى اشتقاق كلمة "ليبرالي" نفسها اختلفوا فيه :هل هي مأخوذة من (ليبرتي) التي معناها الحرية كما هو مشهور أم هي مأخوذة من أصل أسباني ؟" ([4])
ولكن لليبرالية جوهر أساسي يتفق عليه جميع الليبراليين في كافة العصور مع اختلاف توجهاتهم وكيفية تطبيقها كوسيلة من وسائل الإصلاح والإنتاج .
هذا الجوهر هو " أن الليبرالية تعتبر الحرية المبدأ والمنتهى , الباعث والهدف , الأصل والنتيجة في حياة الإنسان , وهي المنظومة الفكرية الوحيدة التي لا تطمع في شيء سوى وصف النشاط البشري الحر وشرح أوجهه والتعليق عليه" ([5])
يقول الأستاذ وضاح نصر : "وإذا كان لليبرالية من جوهر فهو التركيز على أهمية الفرد وضرورة تحرره من كل نوع من أنواع السيطرة والاستبداد , فالليبرالي يصبو على نحو خاص إلى التحرر من التسلط بنوعيه : تسلط الدولة (الاستبداد السياسي) , وتسلط الجماعة (الاستبداد الاجتماعي) , لذلك نجد الجذور التاريخيَّة لليبرالية في الحركات التي جعلت الفرد غاية بذاته , معارضة في كثير من الأحيان التقاليد والأعراف والسلطة رافضة جعل إرادة الفرد مجرد امتداد لإرادة الجماعة" ([6])
وأهم ما يميز الأدبيات الليبرالية الكلاسيكية المعاصرة هو اهتمامها المفرط بمبدأ الحرية , حيث يفترض الفكر الليبرالي أن الحرية هي الغاية الأولى والرئيسيَّة التي يتطلع لها الفرد بطبيعته.
وأنه لا يوجد إجابة مطلقة للسؤال الفلسفي المشهور : ما هي الحياة المثلى للإنسان ؟ لأن لكل فرد الحق والحرية في اختيار أسلوب الحياة الذي يناسبه .([7])
إذن : مبدأ الحرية وتحقيق الفرد لذاته تمثل نقطة انطلاق في الفكر الليبرالي بكل أطيافه , وفي كل المجالات المختلفة .
وقد ورد في موسوعة لالاند أن "هذا الاسم (الليبرالية) عينه يدل خاصة على العقائد التي تعتبر ازدياد الحرية الفردية من مثلها , والعقائد التي ترى أن الحد من دور الدولة هو بمنزلة وسيلة أساسية لهذه الحرية" ([8])
والأساس الفلسفي الذي ينطلق منه الفكر الليبرالي هو المذهب الفردي الذي يرى أن الحرية الفردية هدفاً وغاية ينبغي تحقيقها. وقد عُرِّفت الليبرالية مجموعة تعريفات بحسب المجال التي تعرَّف من خلاله. ([9])
يقول منير البعلبكي :"والليبرالية تعارض المؤسسات السياسية والدينية التي تحد من الحرية الفردية ... وتطالب بحقه في حرية التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة". ([10])
وفي المؤسسة العربية أن الليبرالية :"فلسفة اقتصادية وسياسية تؤكد على الحرية والمساواة وإتاحة الفرص" ([11])
وهذا التعريف ليس تعريفاً دقيقاً لمذهب فلسفي تغيَّر مفهومه مع السنين بسبب التقلبات الفكرية والسياسية والاجتماعية .
والحقيقة أن التعريف الدقيق لهذا المصطلح هو تعريفه بحسب المجال الذي يعرف من خلاله, نعرفها على النحو التالي : ليبرالية السياسة , وليبرالية الاقتصاد , وليبرالية الأخلاق ... وهكذا . وهذا ما قامت به موسوعة لالاند الفلسفيّة .
وسيأتي تعريف كل نوع على حدة في مبحث مجالات الليبرالية .
وإذا تتبعنا مراحل الليبرالية التي مرت بها نجد أنها على النحو التالي : ([12])
(1) مرحلة التكوين , والمفهوم الأساسي في هذه المرحلة هو مفهوم ذات الإنسان باعتباره الفاعل صاحب الاختيار والمبادرة .
(2) مرحلة الاكتمال , ومفهومها الأساسي هو مفهوم الفرد العاقل المالك لحياته وبدنه وذهنه وعمله , وعلى أساس هذا المفهوم شيد علم الاقتصاد العقلي المخالف للاقتصاد الإقطاعي المتفكك , وشيد علم السياسة العقلية المبني على نظرية العقد , والمخالف لسياسة الاستبداد المترهل المنخور .
(3) مرحلة الاستقلال , ومفهومها الأساسي هو مفهوم المبادرة الخلاّقة من المحافظة على الحقوق الموروثة , والاعتماد على التطور البطيء , وهو تطور من العقل الخيالي إلى الملك الواقعي .
(4) مرحلة التقوقع , ومفهومها الأساسي هو مفهوم المغايرة والاعتراض وترك مسايرة الآراء الغالبة , لأن الخلاف والاعتراض يبعد عن التقليد ويولد الإبداع .
ليس الغرض من بيان مراحل الليبرالية تاريخ تطور الفكر الليبرالي بل تحديد منظومة الأفكار المختلفة التي يتبين من خلالها خطأ إعطاء تعريف واحد لهذه الفلسفة صاحبة المفاهيم المتعددة .
ويلاحظ (رانزولي) أن هذه الكلمة تستعمل في إنكلترا خصوصاً بالمعنى الاقتصادي , بينما تكاد تستعمل دائماً في إيطاليا بالمعنى السياسي الديني . ([13])
ويحاول طوكفيل – أحد أقطاب الليبرالية في القرن التاسع عشر – أن يحدد معنى الحرية فيقول :"إن معنى الحرية الصحيح هو أن كل إنسان نفترض فيه أنه خلق عاقلاً يستطيع حسن التصرف , يملك حقاً لايقبل التفويت في أن يعيش مستقلاً عن الآخرين في كل ما يتعلق بذاته وأن ينظم كما يشاء حياته الشخصية" ([14])ونظراً لكون الحرية مفهوماً عاماً يوصل إلى التعارض والتنازع بين الحريات المتناقضة فإن هيمون يتمنى أن توضع الليبرالية في مقابل النظرية الانفلاتية , وهذا تغيير لمفهوم الحرية (الانفلات)"وعندئذ يمكن أن تكون الأولى (الليبرالية)معتبرة بوصفها النظرية الأخلاقية والسياسية التي تتوق إلى حرية الفرد أيما توق , وتحدّ في الوقت نفسه من المطالبة أو الحصول على هذه الحريات عندما تغدو إباحيات مضرة بالآخر (بمعنى إعلان الحقوق) في المقابل يمكن للنظرية الانفلاتية أن تكون صورة للفردية التي لاتعترف بأي حد مألوف وقانوني للحرية الفردية فهي وحدها الحكم على حقوق الفرد وفقاً لقوته" ([15])
ويقابل الليبرالية مجموعة من المصطلحات المناقضة لمفهوم الحرية بالمعنى الليبرالي مثل الاستبدادية ([16]) autocrtisme) (, والحكومة الأوتوقراطية هي الحكومة الفردية المطلقة المستبدة , و autocratic) ) أي حاكم استبدادي .([17])
خلاصة :
الليبرالية لها مفاهيم متعددة بحسب ما تضاف إليه , ويجمعها الاهتمام المفرط بالحرية , وتحقيق الفرد لذاته , واعتبار الحرية هدفاً وغاية في ذاتها .
فالليبرالية هي "نظرية الحرية" , وهي نظرية ذات أطياف متعددة وجوانب مختلفة , وبمقادير متفاوتة .
والحرية – كما يلا حظ الباحث المدقق – مفهوم عام يمكن أن يعني به الحرية المطلقة دون معنى محددا , وقد يريد به البعض معنا محددا معينا.
ولكن المفهوم الفلسفي لهذا المذهب الفكري هو الحرية المطلقة التي لا تحدها الحدود ولا تمنعها السدود الا ما كان فيها تجاوز لحريات الآخرين على قاعدة ( تنتهي حريتك حيث تبدأ حريات الآخرين ) .
ومن استعمل هذا المصطلح لغير هذا المفهوم الشمولي فهو غير مصيب في استعمال المصطلح في غير مجاله وكان الأولى به البحث عن لفظ يناسب معناه غير هذا المصطلح .
وهذا يكشف مدى تردد الليبراليين العرب بين مفهوم المصطلح الفلسفي وبين انتسابهم للأسلام المناقض له من الجذور والأصول .
المبحث الثاني : الليبرالية عند جون ستوارت مل ([18])
يعتبر (ملْ) من أبرز المفكرين الغربيين الذين نظّروا للفلسفة الليبرالية من خلال كتابه (في الحرية – on librty) ([19]) – والذي أصبح المصدر الأساسي لفكر الليبراليين العرب من أمثال أحمد لطفي السيد , وطه حسين , وحسين هيكل . ([20])
أخذ (مل)موضوع الليبرالية من الجهة التطبيقية والاجتماعية ولم يناقشها من الناحية الفلسفية المجردة فيقول :"لا يتناول هذا المقال ما يسمى حرية الإرادة , وهي التي تتعارض مع ما يدعى خطأ بفلسفة الضرورة , ولكنه بحث في الحرية المدنية الاجتماعية". ([21])
وقد تحدث (مل) عن حركة الفكر وقال عن المعتقدات الدينية :"ولاأقول أن الاعتقاد بصدق العقيدة مدعاة للعصمة , بل إن ماأقوله إن ادعاء العصمة معناه إجبار الغير على قبول ما نراه في العقيدة دون أن نسمع رأيه فيها , ولا أستطيع أن أدعي العصمة حتى وإن كانت لحماية أعز معتقداتي".
ويقيد مل الحرية حتى لاتصبح انفلاتية متناقضة فيقول :"كلما تعين ضرر واقع أو محتمل, إما للفرد وإما للعموم ينزع الفعل الذي يتسبب في الضرر من حيّز الحرية ليلحق بحيّز الأخلاق أو بحيّز القانون".
ويقول :"إن ما يخص الفرد وحده هو من حقوقه , ومايخص المجتمع فهو حق للمجتمع".
ويرى مل أن الدولة لابد أن يكون لها حَدّ معين تقف عنده لينمو رصيد الحرية عند الأفراد سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو غيره وأنه بدون ذلك سيتحول الأمر إلى استبداد حتى لو كان هناك حرية في مجال معين أو انتخاب تشريعي. ([22])
يقول مل :
"إذا كانت الطرق والسكك والبنوك ودور التأمين والشركات بالمساهمة والجامعات والجمعيات الخيرية كلها تابعة لإدارة الحكومة , وإذا أصبحت – زيادة على ماسبق – البلديات والجماعات المحلية مع مايترتب عنها اليوم من مسؤوليات , أقساماً متفرعة عن الإرادة المركزية, إذا كانت الحكومة هي التي تعيّن موظفي تلك المصالح وتكافؤهم بحيث يعود أملهم في تحسين معاشهم معقوداً عليها , إذا حصل كل هذا , حينئذ تصبح الحرية اسماً بلا مسمى , رغم المحافظة على حرية الصحافة وعلى انتخاب المجلس التشريعي بالاقتراع العام".
ورغم أن الديمقراطية من إفرازات الليبرالية إلا أن (مل) ينتقد الديمقراطية لأنه يعتبرها هيمنة للأكثرية على حرية الأقلية ولو كان فرداً واحداً.
يقول ملْ:
"إن مشكلة الحرية تُطرح بإلحاح داخل الدولة الديمقراطية.. بقدر ما تزداد الحكومة ديمقراطية بقدر ما ينقص ضمان الحرية الفردية".
ويقول عن إنجلترا :"ليست هذه البلاد وطناً لحرية الفكر".
وتوضيح ذلك :
أن من مقومات الليبرالية المهمة ضرورة الاعتراض والمغايرة لينمو بذلك الفكر الحر أما إذا كانت الأمور مسلمة لا تحتمل النقد يجمد الفكر ويضمحل الابتكار.
يقول :"عندما نقبل أن تكون المبادئ مسلمات لاتحتمل النقد , وأن تكون المسائل الكبرى التي تهم البشر موضحة بدون نقاش محدد , حينذاك يضمر النشاط الفكري الذي طبع الفترات الذهبية من تاريخ الإنسان".
ويعتبر ذلك من أبرز صور الاستبداد لأن مخالفة الجمهور وحيوية النقاش وبلورة الشخصية الفردية هي أساس التطور والتقدم والتحديث , ومن لم يكن كذلك فلا تاريخ له بالمعنى الحقيقي .
يقول (مل):
"إن القسم الأكبر من الإنسانية لا يملك تاريخاً بالمعنى الحقيقي لأنه يئن تحت وطأة الاستبداد".
الدين في كتاب ستوارت ملْ ([23])
يرى ملْ أن المجتمع الديني غير ليبرالي لأنه مجتمع في نظامه للحكم فردي استبدادي , ونظامه الاجتماعي العام مؤسس ([24]) على الإجماع في الرأي وعلى تحريم النقد والنقاش المفتوح.
وهو ينتقد كل دين أو مجتمع متشدد في قوانينه الأخلاقية والدينية أي التي يضعها فوق النقاش . بما في ذلك المجتمع اليوناني في زمن نهضة العلوم , والإصلاح الديني (البروتستانت) والمجتمع الإنجليزي والأمريكي .
ويصرح ملْ بنقد الدين في اعتراضه على تحريم تجارة الخمر ,فيقول :"إن التحريم يمس حرية الفرد لأنه يفترض الفرد لا يعرف مصلحته"
وكذلك تحريم أكل لحم الخنـزير , فيقول :"إن للمسلمين الحق في تجنبهم لحم الخنـزير لأنهم يعافونه , لكنهم عندما يحتقرون غيرهم ممن لا يعافه ويأكله , فإنهم يمسون بحرية ذلك الغير".
وهو يعارض فكرة الحسبة لأنه يعتبر ذلك وضعاً للنفس في موضع الإله , يقول :"إن الناس عندما ينهون غيرهم عن المنكر يعتقدون أن الله لا يكره فقط من يعصي أوامره , بل سيعاقب أيضاً من لم ينتقم في الحال من ذلك العاصي".ومن الطريف أن ستوارت ملْ يعود إلى الاعتراف بأهمية الحسبة ويناقض نفسه لمّا طرح الأسئلة التالية : هل يجوز السماح ببيع السم أو التبغ أو الخمر ؟ هل يسمح للمرء أن يبيع نفسه لغيره ؟ هل يجب إجبار المرء على التعلم ؟ هل يجب تحديد النسل ؟ ولنقارن الآن بين قول ملْ الآتي وبين إنكاره مفهوم الحسبة بأنه اتهام للإنسان أنه لا يعرف مصلحته يقول :"في كل قضية من القضايا السابقة إن عدم تدخل الدولة قد يؤدي إلى أن يضر المرء نفسه بنفسه : أن يبقى جاهلاً أو أن يبذر ماله أو أن يسمم أقرباءه أو أن يبيع نفسه , ولكن إذا تدخلت الدولة ومنعت بعض الأنشطة , فسيكون المنع بالنسبة للرجل العاقل تجنياً على حقه في التصرف الحر".
ويقول :" إذا كانت الدولة مسؤولة على تغذية الفقراء فلها الحق أن تحد النسل , أما إذا تركت الناس ينجبون كما شاؤوا فليس عليها أن تعيل الفقراء" ([25])
وهنا يناقض ملْ نفسه في عدة قضايا :
- في تدخل الدولة للمصلحة لأنه ليس كل إنسان يعرف مصلحة نفسه .
- في إبطال قاعدة أن الإنسان يعرف مصلحته ولا يحتاج إلى وصاية .
- في إنكار مبدأ الحسبة وتقييد الحريات المطلقة.

المبحث الثالث : نشأة الليبرالية وتطورها
نشأة الليبرالية وجذورها :
نشأت الليبرالية في التغيرات الاجتماعية التي عصفت بأوربا منذ بداية القرن السادس عشر الميلادي، وطبيعة التغير الاجتماعي والفكري يأتي بشكل متدرج بطيء.
وهي لم " تتبلور كنظرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع على يد مفكر واحد، بل أسهم عدة مفكرين في إعطائها شكلها الأساسي وطابعها المميز.
فالليبرالية ليست اللوكية ( نسبة إلى جون لوك 1632 – 1704 )، أو الروسووية ( نسبة إلى جان جاك روسو 1712-1778 ) أو الملّية ( نسبة إلى جون ستوارت ملْ 1806-1873 )، وإن كان كل واحد من هؤلاء أسهم إسهاماً بارزاً أو فعالاً في إعطائها كثيراً من ملامحها وخصائصها"([26])
وقد حاول البعض تحديد بداية لبعض مجالاتها ففي موسوعة لا لاند الفلسفية "الليبرالي ( أول استعمال للفظة ) هو الحزب الأسباني الذي أراد نحو 1810م أن يدخل في أسبانيا من الطراز الإنكليزي.)([27])
ويذكر الأستاذ وضاح نصر: " أن الليبرالية في الفكر السياسي الغربي الحديث نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وذلك على الرغم من أن لفظتي ليبرالي وليبرالية لم تكونا متداولتين قبل القرن التاسع عشر.([28])
قال منير البعلبكي :" الليبرالية(liberalism)فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع، ثم اتخذت منذ ذلك الحين أشكالاً مختلفة في أزمنة وأماكن مختلفة([29])
والظاهر من تاريخ الليبرالية أنها كانت رد فعل لتسلط الكنيسة والإقطاع في العصور الوسطي بأوربا ، مما أدى إلى انتفاضة الشعوب ، وثورة الجماهير ، وبخاصة الطبقة الوسطي.والمناداة بالحرية والإخاء والمساواة، وقد ظهر ذلك في الثورة الفرنسية. وقد تبين فيما بعد أن هناك قوى شيطانية خفية حولت أهداف الثورة وغايتها([30]).
وبهذا يتضح لنا أن الليبرالية في صورتها المعاصرة نشأت مع النهضة الأوربية ثم تطورت في عصور مختلفة إلى يومنا هذا.
ويرد بعض الباحثين جذور الليبرالية إلى ديمقراطيّ أثينا في القرن الخامس قبل المسيح، والرواقين في المراحل الأولى من المسيحية، ثم حرك الإصلاح البروتستانتية([31]).
وقد ذكر البعلبكي أن في حركة الإصلا الديني توجهاً ليبرالياً فقال: " كما يطلق لفظ الليبرالية كذلك على حركة في البروتستانتية المعاصرة تؤكد على الحرية العقلية ([32]).
يقول الدكتور علي بن عبد الرزاق الزبيدي: " ومن الصعب تحديد تاريخ معين لنشأة الليبرالية فجذورها تمتد عميقة في التاريخ([33]).
ويعتبر جون لوك من أوائل الفلاسفة الليبراليين وفلسفة تتعلق بالليبرالية السياسية.
تطور الليبرالية :
أخذت الليبرالية أطواراً متعددة بحسب الزمان والمكان وتغيرت مفاهيمها في أطوارها المختلفة ، وهي تتفق في كل أطوارها على التأكيد على الحرية وإعطاء الفرد حريته وعدم التدخل فيها.
ويمكن أن نشير إلى طورين مهمين فيها:
أولاً : الليبرالية الكلاسيكية :
يعتبر جوك لوك ( 1704م ) أبرز فلاسفة الليبرالية الكلاسيكية، ونظريته تتعلق بالليبرالية السياسية، وتنطلق نظريته من فكرة العقد الاجتماعي في تصوره لوجود الدولة، وهذا في حد ذاته هدم لنظرية الحق الإلهي التي تتزعمها الكنيسة.
وقد تميز لوك عن غيره من فلاسفة العقد الاجتماعي بأن السلطة أو الحكومة مقيدة بقبول الأفراد لها ولذلك يمكن بسحب السلطة الثقة فيها([34]).
وهذه الليبرالية الإنكليزية هي التي شاعت في البلاد العربية أثناء عملية النقل الأعمى لما عند الأوربيين باسم الحضارة ومسايرة الركب في جيل النهضة كما يحلو لهم تسميته.
يقول القرضاوي : " وهي التي يمكن أن يحددها بعضهم بـ" ليبرالية ألوكز" وهي التي أوضحها جوك لوك وطورها الاقتصاديون الكلاسيكيون ، وهي ليبرالية ترتكز على مفهوم التحرر من تدخل الدولة في تصرفات الأفراد،سواء كان هذا في السلوك الشخصي للفردأم في حقوقه الطبيعية أم في نشاطه الاقتصادي آخذاً بمبدأ دعه يعمل"([35]).
وقد أبرز آدم سميث (1790م) الليبرالية الاقتصادية وهي الحرية المطلقة في المال دون تقييد أو تدخل من الدولة.
وقد تكونت الديمقراطية والرأسماليّة من خلال هذه الليبرالية، فهي روح المذهبين وأساس تكوينها، وهي مستوحاة من شعار الثورة الفرنسية " دعه يعمل " وهذه في الحرية الاقتصادية " دعه يمر " في الحرية السياسية. وسيأتي التفصيل في مجالات الليبرالية.
ثانياً : الليبرالية المعاصرة :
" تعرضت الليبرالية في القرن العشرين لتغيّر ذي دلالة في توكيداتها. فمنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدأ العديد من الليبراليين يفكرون في شروط حرية انتهاز الفرص أكثر من التفكير في شروط من هذا القيد أو ذاك. وانتهوا إلى أن دور الحكومة ضروري على الأقل من أجل توفير الشروط التي يمكن فيها للأفراد أن يحققوا قدراتهم بوصفهم بشراً.
ويحبذ الليبراليون اليوم التنظيم النشط من قبل الحكومة للاقتصاد من أجل صالح المنفعة العامة. وفي الواقع، فإنهم يؤيدون برامج الحكومة لتوفير ضمان اقتصادي، وللتخفف من معاناة الإنسان.
وهذه البرامج تتضمن : التأمين ضد البطالة ، قوانين الحد الأدنى من الأجور ، ومعاشات كبار السن ، والتأمين الصحي.
ويؤمن الليبراليون المعاصرون بإعطاء الأهمية الأولى لحرية الفرد ، غير أنهم يتمسكون بأن على الحكومة أن تزيل بشكل فعال العقبات التي تواجه التمتع بتلك الحرية.
واليوم يطلق على أولئك الذي يؤيدون الأفكار الليبرالية القديمة : المحافظون([36]).
ونلاحظ أن أبرز نقطة في التمايز بين الطورين السابقين هو في مدى تخل الدولة في تنظيم الحريات ، ففي الليبرالية الكلايسيكية لا تتدخل الدولة في الحريات بل الواجب عليها حمايتها ليحقق الفرد حريته الخاصة بالطريقة التي يريد دون وصاية عليه ، أما في الليبرالية المعاصرة فقد تغير ذلك وطلبوا تدخل الدولة لتنظيم الحريات وإزالة العقبات التي تكون سبباً في عدم التمتع بتلك الحريات.
وهذه نقطة جوهرية تؤكد لنا أن الليبرالية اختلفت من عصر إلى عصر ، ومن فيلسوف إلى آخر ، ومن بلدٍ إلى بلدٍ ، وهذا يجعل مفهومها غامضاً كما تقدم.
وقد تعرف الليبرالية تطورات أخرى في المستقبل ، ولعل أبرز ما يتوقع في الليبرالية هو التطور نحو العولمة التي هي طور ليبرالي خطير وسيأتي الإشارة إليه في المبحث الرابع.
المبحث الرابع : مجالات الليبرالية
تعددت مجالات الليبرالية بحسب النشاط الإنساني . وذلك أن الليبرالية مفهوم شمولي يتعلق بإدارة الإنسان وحريته في تحقيق هذه الإرادة فكل نشاط بشري يمكن أن تكون الليبرالية داخلة فيه من هذه الزاوية ، وبهذا الاعتبار.
" إن خصوصية الليبرالي عامة أنه يرى في الحرية أصل الإنسانية الحقّة وباعثة التاريخ. وخير دواء لكل نقص أو تعثر أو انكسار "([37])
وأبرز هذه المجالات شهرة : المجال السياسي ، والمجال الاقتصادي.
أولاً : ليبرالية السياسة
في موسوعة لالاند الفلسفية: " الليبرالية: مذهب سياسي يرى أن من المستحسن أن تزاد إلى أبعد حد ممكن استقلالية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بالنسبة إلى السلطة الإجرائية التنفيذية ، وأن يعطى للمواطنين أكبر قد من الضمانات في مواجهة تعسف الحكم".([38])
ويقول منير البعلبكي : " الليبرالية liberalism فلسفة سياسية ظهرت في أوربا في أوائل القرن التاسع عشر.. تعارض المؤسسات السياسية والدينية. التي تحد من الحرية الفردية ، وتنادي بأن الإنسان كائن خيّر عقلاني ، وتطالب بحقه في التعبير وتكافؤ الفرص والثقافة الواسعة([39]).
وتعتبر الديمقراطية من النظم الليبرالية التي تسعى لإعطاء الفرد حقوقه وهي نوع من التطبيق العلمي للفكر الليبرالي. يقول الدكتور حازم البيلاوي : " فنقطة البدء في الفكر الليبرالي هي ليس فقط أنها تدعو للديمقراطية بمعنى المشاركة في الحكم ، ولكن نقطة البدء هو أنه فكر فردي يرى أن المجتمع لا يعدو أن يكون مجموعة من الأفراد التي يسعى كل فرد فيها إلى تحقيق ذاته وأهدافه الخاصة([40]).
وقد أعطت الديمقراطية كنظام سياسي جملة من الحريات السياسية مثل : حرية الترشيح ، وحرية التفكير والتعبير ، وحرية الاجتماع ، وحرية الاحتجاج ، كما أعطت جملة من الضمانات المانعة من الاعتداء على الأفراد وحرياتهم مثل : ضمان الاتهام ، وضمان التحقيق ، وضما التنفيذ، وضمان الدفاع".([41])
"وقد أدّت الثورات الليبرالية إلى قيام حكومات عديدة تستند إلى دستور قائم على موافقة المحكومين.وقد وضعت مثل هذه الحكومات الدستورية العديد من لوائح الحقوق التي أعلنت حقوق الأفراد في مجالات الرأي والصحافة والاجتماع والدين.كذلك حاولت لوائح الحقوق أن توفر ضمانات ضد سوء استعمال السلطة من قبل الشرطة والمحاكم"([42]).
ومع ذلك فإن الليبرالية تطالب من الدول الديمقراطية مزيداً من الحريات تطالب بالتخفف من السلطة على الأفراد ليحصل بذلك الفرد على حريته.
ويرى سبنسر أن وظائف الدولة يجب أن تحصر في الشرطة والعدل والدفاع العسكري بمواجهة الأجنبي([43]).
ويظهر من ذلك المطالبة بغياب الدولة إلا فيما يتعلق بالحماية العامة للمجتمع ، وهذا هو رأي الليبراليين الكلاسيكيين. وقد انقرض هذا الرأي في الليبرالية المعاصرة التي جنحت إلى اعتبار الحرية الفردية هدفاً ولو بتدخل الدولة . بينما كان المذهب الأساسي عند الكلاسيكيين المطالبة بغياب الدولة مهما تكن نتائجه على الفرد([44]).
وقد اختلف الليبراليون الكلاسيكيون مع الديمقراطيين في من يملك حق التشريع العام ، فالديمقراطيون يرون أن الأكثرية هي التي تقرر وتشرع وتمسك بزمام السلطة. أما الليبراليون فقد اهتموا بحماية الفرد من الأذى، وأن هذا هو مهمة القانون بدل التشديد على حق الآخرين بسبب الأكثرية ، وهذه من نقاط التصادم بينهم"([45]).
ولكن الليبرالية اختلفت في الواقع المعاصر عمّا كانت عليه سابقاً.
ويمكن أن نطلق على التوجه الجديد ( الليبرالية الجديدة ) وبرروا ذلك بأنه نتيجة لعدم مسايرة الليبرالية التقليدية للتطور الذي شهده العالم كان ذلك هو السبب في ولادة ليبرالية جديدة تتلاءم وظروف المجتمع الجديد ، وهي ليبرالية ما بعد الحرب العالمية الثانية([46]).
والفرق بينهما فيما يتعلق بالسياسة هو :
أن دور الدولة في ظل النظرة الجديدة يجب أن يكون أكبر ، فلها مهمة أساسية هي تحديد الإطار القانوني للمؤسسات التي يدور فيها النشاط الاقتصادي ، وقد حدد منظرو الليبرالية الجديدة دور الدولة الذي يجب أن تقوم به بما يلي :-
1-أن تعمل كل جهدها ضد التضخم والانكماش.
2-أن تحد بشكل معتدل من سلطة الاحتكار وبشكل تتابعي.
3-أن تؤمم فقط الاحتكارات التي لا يمكن للقطاع الخاص.
4-أن تتحمل كافة الخدمات العامة.
5-أن تعطي الفرص والموارد بالتساوي.
6-أن تطبق التخطيط التأثيري من أجل التقليل من المخاطر التي قد تحدث.
7-أن تطبق التخطيط المركزي عندما يقتضي أن يكون هناك عمل تغير بنائي.
8-أن تتدخل عندما يكون هناك خلل في ميكانيكية السوق([47]).

ثانياً : ليبرالية الاقتصاد
الليبرالية الاقتصادية: " مذهب اقتصادي يرى أن الدولة لا ينبغي لها أن تتولى وظائف صناعية ، ولا وظائف تجارية ، وأنها لا يحقّ لها التدخل في العلاقات الاقتصادية التي تقوم بين الأفراد والطبقات أو الأمم. بهذا المعنى يقال غالباً ليبرالية اقتصادية"([48]).
ويلاحظ أن هذا التعريف واقع على الليبرالية الكلاسيكية قبل التحول الكبير الذي تم في الليبرالية الجديدة على نحو ما سيأتي.
ويقول البعلبكي " ويطلق لفظ الليبرالية أيضاً على سياسة اقتصادية نشأت في القرن التاسع عشر متأثرة بآراء آدم سميث بخاصة ، وأكدت على حرية التجارة وحرية المنافسة ، وعارضت تدخل الدولة في الاقتصاد"([49]).
والليبرالية الاقتصادية وثيقة الصلة بالليبرالية السياسية ، ويعتقد الليبراليون أن الحكومة التي تحكم بالحد الأدنى يكون حكمها هو الأفضل.. ويرون أن الاقتصاد ينظم نفسه بنفسه إذا ما ترك يعمل بمفرده حراً ، ويرون أن تنظيمات الحكومة ليست ضرورية([50]).
وأبرز النظم الاقتصادية الليبرالية هو نظام " الرأسمالية " التي رتّب أفكاره عالم الاقتصاد الاسكتلندي آدم سميث في كتابه ( ثروة الأمم ).
ويدخل في الحرية التي يطالب بها الليبراليون حرية حركة المال والتجارة ، وحرية العمل وحرية التعاقد ، وحرية ممارسة أي مهنة أو نشاط اقتصادي آخذاً من الشعار الشهير للثورة الفرنسية " دعه يعمل دعه يمر."
والذي يحكم قواعد اللعبة الاقتصادية وقيمها هو سوق العرض والطلب دون أي تقييد حكومي أو نقابة عمالية. فللعامل الحرية في العمل أو الترك كما لصاحب رأس المال الحرية المطلقة في توظيف العدد الذي يريد بالأجرة التي يريد([51]).
ولكن سبق أن ذكرنا أن المفهوم الليبرالي تغير وبرزت الليبرالية الجديدة عل السطح بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الأزمات الاقتصادية الخانقة والكساد وذلك لتمركز رأس المال وظهور الاحتكارات الصناعية الضخمة ، وانهيار قاعدة الصرف بالذهب وأزمة الثورات العمالية في ألمانيا مما جعل الحكومات تتدخل لإنعاش الاقتصاد فتغيرت الأيديولوجية الليبرالية إلى القول بأهمية تدخل الحكومة لتنظيم السوق([52]).
وقد فصّل صاحب كتاب " الليبرالية المتوحشة " كيفية تدخل الدولة لإنعاش الاقتصاد وإصلاح السوق ، وبهذه المرحلة تغيب شمس الليبرالية الكلاسيكية حيث أبطل الواقع فكرة إصلاح السوق لنفسه لتبرز إلى السطح الليبرالية الجديدة بقوة.
وقد أطيل النفس في مراحل الاقتصاد الليبرالي في الكتاب سابق الذكر، ونقد فكر الليبرالية الجديدة واقعياً ببيان انحدار الازدهار الاقتصادي الذي حققته الرأسمالية بعد الحرب الكونية الثانية ، فبدأت معدلات النمو الاقتصادي في التراجع وارتفعت معدلات البطالة والطاقة المعطلة ، وانخفضت معدلات نمو الإنتاجية([53]).
ولعل أبرز تطور جديد في الليبرالية المعاصرة هو " ليبرالية العولمة " ومن دلالتها الفكرية : العودة إلى الليبرالية الكلاسيكية كمفهوم ، وذلك أن من أبرز معالم العولمة : التخفيف من التدخل الحكومي في انتقال المال عبر الحدود والأسوار السياسية ، وذلك لتحقيق أعلى الأرباح ، فقد طبّقت الفلسفة الليبرالية عملياً عن طريق الشاويش السياسي الذي يحمي هذه الفكرة القديمة في الضمير الغربي.
لقد أصبح الاقتصاد وسيلة سياسية للسيطرة ، ونقل الثقافات الحضارية بين الأمم ، ولهذا فالأقوى اقتصادياً هو الأقوى سياسياًّ ولهذا اقتنعت الدول الغربية بهذه الفلسفة مع مشاهدتها لآثار الرأسمالية على الشعوب الفقيرة ، ومن خلال اللعبة الاقتصادية يمكن أن تسقط دول ، وتضعف أخرى.
وجذر العولمة الفكري هو انتفاء سيادة الدول على حدودها ومواطنيها فضلاً عن عدم سيطرتها عل النظام الاقتصادي الحر الذي كان يطالب به الليبراليون الكلاسيكيون.
يقول رئيس المصرف المركزي الألماني هناس تيتمار في فبراير من عام 1996م أمام المنتدى الاقتاصادي في دفوس " إن غالبية السياسيين لا يزالون غير مدركين أنهم قد صاروا الآن يخضعون لرقابة أسواق المال ، لا ، بل إنهم صاروا يخضعون لسيطرتها وهيمنتها"([54])وسوف يكون قادة العالم في المرحلة القادمة ( العولمة ) هم أرباب المال ، وسدنة المؤسسات الاقتصادية الكبرى.
والعولمة مبنية على نظرية اقتصادية ينصح بها عدد من الخبراء والاستشاريين الاقتصاديين. ويقدمونها دون ملل للمسئولين عن إدارة دفة السياسة الاقتصادية على أنها أفضل نهج وهي (الليبرالية الجديدة new liberalisms) وشعار هذه النظرية (ما يفرزه السوق صالح ، أما تدخل الدولة فهو طالح )([55]).
وهذا صريح في إعادة ترميم الليبرالية الكلاسيكية والارتداد إليها بعد التغير الذي حصل بعد الحرب العالمية الثانية.
----------------------------
[1]- الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني – القسم الثاني – ص / 1155).

[2]- موسوعة لالاند الفلسفية 2/725.

[3]- الموسوعة العربية العالمية 21/247.

[4]- الحلول المستوردة ص / 50 - 51

[5]- مفهوم الحرية – عبد الله العروي – ص/ 39.

[6]- الموسوعة الفلسفية العربية (المجلد الثاني - القسم الثاني –1155).

[7]- مقال في صحيفة الأهرام العدد (132) إبريل 1998م : الليبرالية : نظرة نقدية – دينا سماته – ص / 47 .

[8]- موسوعة لالاند الفلسفية 2/726

[9]- انظر سلسلة تراث الإنسانية 4 / 473- 474 .

[10]- موسوعة المورد العربية 2 / 1050 .

[11]- الموسوعة العربية العالمية 21 / 247 .

[12]- انظر مفهوم الحرية – عبدالله العروي – ص / 39 –40 (بتصرف) .

[13]- انظر موسوعة لالاند الفلسفية 2 / 726 .

[14]- الحالة الاجتماعية والسياسية في فرنسا سنة 1836م ( ضمن المؤلفات الكاملة )2 / 62 .

[15]- موسوعة لالاند الفلسفية 2 / 726 – 727 .

[16]- المصدر السابق 2 / 726 .

[17]- انظر : المورد – للبعلبكي – ص /75

[18]- انظر النصوص المنقولة عن جون ستوارت مل : كتابه في الحرية ضمن سلسلة تراث الإنسانية (الجزء الرابع) .

[19]- قسم ستوارت مل كتابه في الحرية إلى خمسة فصول , أولها في فكرة الحرية , والثاني : حرية الفكر والمناقشة , والثالث : الفردية كعنصر من عناصر الحياة الطيبة , والرابع : حدود سلطة المجتمع على الفرد , والخامس : تطبيقات .

[20]- انظر مفهوم الحرية – عبدالله العروي – ص / 42 .

[21]- المصدر السابق ص / 42 .

[22]- سيأتي تفصيل رأي الليبراليين في الدولة والاقتصاد في مبحث مجالات الليبرالية .

[23]- النقول المنقولة عن كتاب (في الحرية)مأخوذة من مفهوم الحرية – للعروي – ص / 46 وقد صور العروي أن كلام (ملْ) هو نقد للإسلام .ويبدو أنه استنتاج من المؤلف , وأن ملْ لم ينص على نقد الإسلام باسمه بل بالآراء التي توحي بذلك (هذا ما أراه) .

[24]- مفهوم الحرية – عبدالله العروي – ص / 46 .

[25]- حول الاقتصاد السياسي (عن مفهوم الحرية ص 531 )

[26]- الموسوعة الفلسفية العربية ( الجزء الثاني – القسم الثاني – ص / 1155)

[27]- موسوعة لا لاند الفلسفية 2/726.

[28]- الموسوعة الفلسفية العربية ( الجزء الثاني – القسم الثاني ص 1156)

[29]- موسوعة المورد العربية 2/1050.

[30]- انظر : الموسوعة الفلسفية العربية

[31]- انظر : الموسوعة الفلسفية العربية ( الجزء الثاني – القسم الثاني ص 1156

[32]- موسوعة المورد العربية 4/1050.

[33]- مقال : في الدول الليبرالية – مجلة المؤرخ العربي العدد 35، ص / 71.

[34]- انظر العلمانية – سفر الحوالي – ص /214 ، وانظر تفصيل نظرية لوك في ذلك : الموسوعة الفلسفية ( الجزء الثاني – القسم الثاني ص /1156-1157.

[35]- الحلول المستوردة ص 51.

[36]- الموسوعة العربية العالمية 21/248.

[37]- مفهوم الحرية – العروي –ص /511.

[38]- موسوعة لا لاند الفلسفية 2/725.

[39]- موسوعة المورد العربية 4/1050.

[40]- مجلة آفاق الإسلام – عدد 4-عام 1994م.

[41]- انظر تفصيل ذلك في : مذاهب فكرية معاصرة – للأستاذ محمد قطب – ( الديمقراطية).

[42]- الموسوعة العربية العالمية 21/248.

[43]- الموسوعة العربية العالمية 21/248.

[44]- انظر : موسوعة لا لاند الفلسفية 2/726.

[45]- الموسوعة الفلسفية العربية ( الجزء الثاني – القسم الثاني – ص /1160).

[46]- مقال : في الدولة الليبرالية – مجلة المؤرخ العربي – عدد 35- ص/73.

[47]- انظر مقال : في الدولة الليبرالية – مجلة المؤرخ العربي – عدد 35-ص/73.

[48]- موسوعة لا لاند الفلسفية 2/726.

[49]- موسوعة المورد العربية 2/1050.

[50]- انظر الموسوعة العربية العالمية 21/248

[51]- انظر الليبرالية المتوحشة ص/41.

[52]- انظر المصدر السابق ص/47-51.

[53]- انظر : المصدر السابق.

[54]- انظر في العلاقة بين الليبرالية والعولمة : كتاب " فخ العولمة " ومنه أخذت النصوص السابقة.

[55]- انظر في العلاقة بين الليبرالية والعولمة : كتاب " فخ العولمة" ومنه أخذت النصوص السابقة
  • ملف العضو
  • معلومات
ابو ايمن
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 16-12-2007
  • المشاركات : 361
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • ابو ايمن is on a distinguished road
ابو ايمن
عضو فعال
  • ملف العضو
  • معلومات
khalid
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 03-01-2007
  • المشاركات : 145
  • معدل تقييم المستوى :

    18

  • khalid is on a distinguished road
khalid
عضو فعال
رد: العلمانية بين المد و الجزر
15-02-2008, 07:22 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Mushtak مشاهدة المشاركة
لعنة الله على العلمانية و العلمانيين و إلى الجحيم يا أعداء الدين.
ـ السلام .

أرجو ان تفهم بأن تجارب الإنسانية في تسيير الأمور الدنياوية و اجب علينا معرفتها لأن عالم اليوم قرية صغيرة ن والعلمانية نمط للحكم التسييري للدول .
و إعلم يا أيها السيد المتحمس بأن المسلمين عندما وصلوا الى الى الأندلس و زاروا مشارف مدينة "نيس" الفرنسية كانوا يتميزون بما يلي :

ـ الإنفتاح على الثقافات و الحضارات الأخرى ومنها الفرس و اليونان .
ـ نقلوا من الصين كل ما خدمهم في دنياهم كالبرود.
ـإشتهروا بالترجمة للعلوم من الحضارات الأخرى .
ـ إمتازوا بالتسامح و عندما إخترعوا الساعة أهدوها الى ملك شارل لومان .
و على هذا فإن اللعنة لا تفيد بشيء ما عدا " التعصب " و " العنف"
  • ملف العضو
  • معلومات
Mushtak
زائر
  • المشاركات : n/a
Mushtak
زائر
رد: العلمانية بين المد و الجزر
15-02-2008, 08:19 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة khalid مشاهدة المشاركة
ـ السلام .

أرجو ان تفهم بأن تجارب الإنسانية في تسيير الأمور الدنياوية و اجب علينا معرفتها لأن عالم اليوم قرية صغيرة ن والعلمانية نمط للحكم التسييري للدول .
و إعلم يا أيها السيد المتحمس بأن المسلمين عندما وصلوا الى الى الأندلس و زاروا مشارف مدينة "نيس" الفرنسية كانوا يتميزون بما يلي :

ـ الإنفتاح على الثقافات و الحضارات الأخرى ومنها الفرس و اليونان .
ـ نقلوا من الصين كل ما خدمهم في دنياهم كالبرود.
ـإشتهروا بالترجمة للعلوم من الحضارات الأخرى .
ـ إمتازوا بالتسامح و عندما إخترعوا الساعة أهدوها الى ملك شارل لومان .
و على هذا فإن اللعنة لا تفيد بشيء ما عدا " التعصب " و " العنف"
إن سبب تخلف المسلمين هو الإستعمار و بعدها العلمانية. ماذا جنينا من هذه العلمانية البغيضة إلا الجهل و التخلف!!! 46 سنة بركات.
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: العلمانية بين المد و الجزر
19-02-2008, 01:34 PM
العلمانية منبع الجهل

عن ....... عجــــز العقـــل العلمانــي
عيــــد الدويهيــــس


عندما أقول : أن العلمانية منبع الجهل فهذه حقيقة فكرية أساسية يجب أن يعرفها كل من يبحث عن الحقائق ، وقد يقول قائل كيف تتهم العلمانية بأنها منبع الجهل ، وهي التي تدعو للاعتماد كلياً على العقل ، وتدعو للقراءة والتفكير والنقاش وأقول إن استخدام العقل على الطريقة العلمانية يوصل للتناقض والحيرة والضياع أي الجهل أي الفشل في الوصول على الحقائق ، أما القراءة والتفكير والنقاش فلن يؤدون إلى حقائق بل هذا يعتمد على نوعية ما نقرأ والطريق الصحيح في النقاش وإلا ستكون النتيجة هي الجدل والنقاش البيزنطي ، وإذا أخذنا الموقف العلماني من كل القضايا الفكرية الأساسية وجدناه مشوهاً ، ولا يوصلنا إلى الحقيقة ، فإذا قلنا هل الله موجود أم لا ؟ قال بعضهم نعم موجود وقال آخرون لا غير موجود ، وقال فرق ثالث أنا أشك في وجوده ، فهم بين الإيمان والإلحاد والشك ، ولست أنا وحدي من يتهم العلمانية بالجهل فالعلمانيون يتهمون بعضهم بالجهل فكل واحد منهم يتهم من يناقضونه الرأي بأنهم على خطأ أي جهل ، فالعلمانيون يتناقشون ويتكلمون ولكنهم لا يتفقون على حقائق فكرية ، بل يتناقضون ، بل هم لم يتفقوا على حقيقة فكرية واحدة مع أن العلمانية لها أكثر من ثلاثة قرون تقرأ وتتأمل وتبحث وتناقش ، بل منذ آلاف السنين من أيام الفلاسفة القدماء ، وهم لم يتفقوا على حقيقة واحدة وهذا يعني أنه لا يوجد عندهم علم فكري ولا يوجد حقائق فكرية فكل شيء خطأ ، وفي نفس الوقت كل مبدأ أو فكرة أو رأي تجد له مؤيدين منهم ، فأي شيء بإمكانه أن يكون صواباً وحقاً حتى لو كان فكرة سخيفة وكل شيء بإمكانه أن يعتبر خطأ وباطلاً حتى لو كان حقيقة فكرية عظمى تسندها الأدلة العقلية كوجود الله سبحانه وتعالى ، وكصدق الأنبياء ، فمن البديهيات أنه لا يوجد فكر علماني بل توجد مبادئ وآراء كثيرة ومتناقضة من الرأسمالية إلى الشيوعية إلى غيرها من المبادئ ، ولا يوجد وهذه قضية مهمة عقل بشري واحد ، بل توجد عقول بشرية كثيرة ، فهناك عقل رأسمالي وعقل شيوعي وعقل نازي ، وعقل اشتراكي ، وعقل انتقائي ... الخ ، فعندما قالت لنا العلمانية اتبعوني وسأوصلكم بالعقل للحقائق الفكرية وجدنا أنها لم توصلنا إلى حقائق بل إلى آراء ووجدنا أن هناك أكثر من عقل بشري ، وكل عقل يعتبر نفسه الواعي والذكي وكما قيل : " كل بعقله راض " كما أن العلمانية لم تعطنا نظاماً اقتصادياً متكاملاً بل أعطتنا أنظمة اقتصادية متناقضة رأسمالية وشيوعية واشتراكية .. الخ ، وهذا ينطبق أيضاً على النظام الاجتماعي والسياسي والتربوي ... الخ ، وإذا أوصلنا العلمانية إلى أنه لا توجد حقائق فكرية فهذا قمة الجهل ، وقمة الضياع وقمة التخلف فإذا كان ما يوجد هو آراء وليس حقائق فمعناه لا يوجد علم ، ولا يوجد جهل وهذا هو الجهل بعينه ، وبالتأكيد أن الجهل لم يحلم في تاريخه الطويل بأن يتساوى مع العلم ، وهذا هو ما وصلت إليه العلمانية
قال برتراند رسل " تدعي الفلسفة منذ القدم ادعاءات كثيرة ، ولكن حصيلتها أقل بكثير بالنسبة إلى العلوم الأخرى " (1)
وقال آلان ود " برتراندرسل فيلسوف بدون فلسفة " (2)
قال هنترميد " الفلسفة مضيعة للوقت " الفلسفة لا تحل أية مشكلة " الفلسفة لا تعالج إلا مشكلاتها الوهمية الخاصة – بل إنها تعجز عن حل هذه المشكلات " مثل هذه الملاحظات توجه إلى الفيلسوف المحترف وإلى طالب الفلسفة " (3)
وقال أ.م . بوشنسكي " ولكن الأهم من هذا كله أن كل هؤلاء الفلاسفة الماديين يقفون حيارى لا يكادون يبينون بشأن كبريات مشكلات الإنسان وهي المشكلات التي اهتم بها الفكر الأوربي في القرن العشريين الميلادي أعظم اهتمام ، ففيما يخص الألم والعذاب والأخلاق والدين فإنهم يقتصرون على القول بأنها أمور لا تحمل مشكلات للفلسفة ، أو قد يقول بعضهم : إنه من المخالف للعقل اعتبارها مشكلات فلسفية على الإطلاق " (4)
وقال " حيث يرون " الفلاسفة الماديون " أن أيه مناقشة حول أمور نفسية لا تكون بذات معنى " (5)
وقال هنترميد " حرية الإرادة في مقابل الحتمية : على الرغم من أن علم النفس الحديث قد دعم وجهة النظر الحتمية بقوة فإن الحتمية ما زالت حتى الآن فرضاً لم يتم إثباته " (6)
وقال " على أن أيا من جانبي النزاع الحاد الخاص بحرية الإرادة لم يفلح في قهر الجانب الآخر ، وما زالت هذه المشكلة ، على الأرجح أكثر أبناء الفلسفة إثارة للضجيج والمتاعب ، ولكن هناك على الأقل احتمال في أن يؤدي تطور علم النفس إلى تسوية نهائية لهذه المسألة القديمة العهد ، ولو حدث ذلك لكان هذه يوماً سعيداً لأمها الفلسفة " (7) ولاحظ هنا كلمات لم يتم إثباتها ، وهناك احتمال ، ولو حدث هذا ، وحيارى وادعاءات ، وليست ذات معنى ، وانظر إلى الفيلسوف
هنترميد وهو يقول : " ففي وسع المرء أن يستبعد المشكلات التي عرضناها حتى الآن ، ( مشكلة الله ، مشكلة حرية الإنسان ، مشكلة الدين ) على أساس أنها ليست بذات أهمية علمية ملحة مهما تكن حقيقتها ودلالتها من حيث هي مشكلات عقلية ، ولكن ها هي ذي مشكلة تعد أكثر المشكلات الإنسانية الكبرى اتصالاً بالإنسان ، وأعمقها تأصلاً فيه ، وربما أشدها إلحاحاً عليه وأعني بها وما الحياة الخيرة " ؟ (1) فهو يجعل وجود الله والدين وحرية الإنسان قضايا غير ذات أهمية عملية ، وما فعله خطأن أولهما هروب من قضايا كبرى اهتم بها الإنسان وعجزت عنها العلمانية والفلسفة والشيء الثاني أن هذه القضايا ذات أهمية عملية عظمى ، فالإيمان بالله والعقائد الدينية تترجم إلى أعمال وعبادة وجهاد وأنظمة فكرية وسلوك وأحزاب وجماعات ودول وأخلاق ومعاملات وشعارات وحرب وسلام وهذه أمور يعرفها كل إنسان عاقل حتى لو لم يكن مؤمناً بوجود الله ، ولكن العلمانية لها أساليب وآراء في تشويه الحقائق الفكرية خدعت بها كثيرين وللأسف فأحياناً تقول إن القضايا الإيمانية ليست لها علاقة في الحياة الدنيا ، بل فقط بالحياة الآخرة ، وأحياناً تقول : لا علاقة للدين بالسياسة ، وأحياناً تقول لا نحتاج الدين في حياتنا .. الخ وهذا من أساليب نشر الجهل واتباع الأوهام والظن ، وليت كل العلمانيين والفلاسفة يعترفون كما اعترف
سقراط حين قال " إنني جاهل ، وأعرف أنني جاهل ، وأما هم فجهلة ويجهلون أنهم يجهلون " ولكنهم لم يفعلوا ذلك بل نجد الأستاذ عادل ضاهر يعلق على الأسئلة الكبيرة أي أكثر كفاية من الآخرين لمعالجة أسئلة مقلقة كهذه ولا سلطة دينية أو علمانية يمكنها أن تدعي ذلك " (2) ولو قال الأستاذ عادل أن العلمانيين عجزوا لقلنا هذا صحيح ، وهذه حقيقة فكرية واضحة نتفق معهم فيها ، ولكنه تكلم بالنيابة عن أهل الإسلام والأديان السماوية ، وقال هم أيضاً ليست لديهم الكفاية لمعالجة هذه الأسئلة المقلقة في حين أن أهل الإسلام يقولون عكس ذلك ، فهم لديهم إجابات معروفة ، وأدلة عقلية ووضوح ونور وهداية وعلم وبصيرة وحكمة قال سبحانه وتعالى " أفمن يعلم أنما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر أولو الألباب الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق " سورة الرعد 19 ، 20 وقال تعالى " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " سورة الحديد 25 فما أنزله الله سبحانه وتعالى هو الحق ، أي الحقائق الفكرية التي تجيب على الأسئلة المقلقة وغيرها مما يحتاجه البشر ، وسنتحدث في مقال قادم إن شاء الله عن الطريق الإسلامي للوصول للحقائق الفكرية وأدلته العقلية ، وسنداعب العلمانيين قليلاً لنقول إن أغلبكم وليس جميعكم مقتنعون ومتفقون على قضية واحدة ، ويرون أنها صواب وحق وهي أن من يريد الحقائق والعقل فليبتعد عن الأديان السماوية فلا يوجد فيها حقائق ، ونقول لهم أن هذه " الحقيقة " الفكرية الوحيدة عندكم هي أيضاً خاطئة فالإسلام هو منبع العلم الفكري والحقائق ، وأنتم أخذتم تبحثون في مكان آخر ولهذا ضعتم وجهلتم ومشكلتنا مع العلمانية ليست فقط أنها منبع الجهل الذي أصاب العالم خلال الثلاثة قرون الماضية بل أيضاً إنها حتى هذه اللحظة لم يقتنع العلمانيون يجهلهم ،
قال أحد علماء المسلمين : " ما عصي الله بمعصية أعظم من الجهل قيل هل تعلم يا أبا محمد معصية أعظم من ذلك قال : نعم الجهل بالجهل " فمن لا يعرف الحقائق الفكرية هو أعمى فكرياً ، ومن لا يعلم أنه أعمى فكرياً فهو أعمى مركباً لأنه لم يدرك جهل وجنون العلمانية الذي جاء في قول الدكتور عبد الحليم محمود أستاذ الفلسفة وشيخ الأزهر : " إن الفلسفة لا رأي لها ، وذلك لأنها في مسائل ما وراء الطبيعة وما شابهها من القضايا الكبرى تقول الشيء وضده ، وتصدر الحكم ونقيضه ، يعني أن ما يقوله فيلسوف ينقضه آخر ، وما يبنيه واحد يأتي آخر في عصره أو بعده فيهدمه من أساسه ، وبهذا لا تستطيع الفلسفة أن تعطي رأياً واحداً محدداً في قضية كبرى " (1) ونحن لا نريد آراء متناقضة ولا حتى آراء متفقة بل نري حقائق فكرية وعلم فكري ،
قال الشافعي رحمه الله " مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل ، يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري " (2) وهنا ننبه إلى قضية هامة وهي أن العلمانيين أحياناً يصلون إلى حقائق فكرية وهذا هو الاستثناء لا القاعدة ، بمعنى أن من يعطي إجابات كثيرة متناقضة فإن بعض هذه الإجابات ستكون صحيحة ، فهناك من العلمانيين من آمن بوجود الله ، وهناك من أنكر ، وهناك من أخذ موقفاً متشككاً ، فمن آمن وصل إلى حقيقة فكرية ، وهذا ينطبق على قضايا سياسية واجتماعية واقتصادية ، فليس كل ما تقوله العلمانية خطأ وهذا ليس ذكاء منها بل لأنها تعطي إجابات كثيرة متناقضة ، ولكنها لا تدري أيها الإجابة الصحيحة من الإجابات الكثيرة التي يقدمها العلمانيون والفلاسفة ، فالعلمانية هي التي لوثت الحقائق الفكرية ، وضربت العلم الفكري بالصميم ، وفتحت الأبواب الواسعة للجهل ليتكلم وينتج الآراء والفلسفات والعقائد الباطلة ، ويبني الأنظمة والأحزاب لتختلف وتتصارع وتملأ الأرض جهلاً وشراً وظلماً وضياعاً وتفككاً ، فالجهل هو أعدى أعداء الإنسان وهو منبع الانحرافات والشر والظلام ولكن العلمانية ألبسته ثوباً عقلياً وعلمياً مزوراً ، فإذا كان الجهل سائداً فإن هذا معناه بناء الأنظمة والعقائد والعقوبات والأعمال على أسس خاطئة وباطلة
قال ابن القيم " فيا لله العجب ! كيف تستباح الفروج والدماء والأموال والحقوق وتحلل وتحرم بأمر أحسن أحواله وأفضلها لا أدري ؟ " (1) فمع اعتراف الفلاسفة والعلمانيين بالضياع والحيرة والتناقض ولا أدري إلا أنهم شرعوا الدساتير والقوانين ووزعوا الحقوق والواجبات وادعوا العلم والتقدمية والحضارة ، قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " الناس ثلاثة : " فعالم رباني ، ومتعلم على سبيل نجاة ، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق " (2)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله " والجهل والظلم هما أصل كل شر كما قال سبحانه " وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً " (3) سورة الأحزاب 72
وقال ابن القيم رحمه الله " إن كل صفة مدح الله بها العبد في القرآن فهي ثمرة العلم ونتيجته ، وكل ذم ذمه فهو ثمرة الجهل ونتيجته " (4) وقال " الجهل نوعان : عدم العلم بالحق النافع وعدم العمل بموجبه ومقتضاه فكلاهما جهل لغة وعرفا وشرعاً وحقيقة " (5)
وأقول البناء العلمي الفكري الصحيح في العقائد والأنظمة والدساتير والقوانين والحياة الزوجية والجوانب السياسية والاقتصادية هو الذي يحقق العدل والحرية والسعادة والمساواة والحب والتواضع ، وإنسان بدون حقائق فكرية ( علم فكري ) كمن يريد بناء مصنع معقد ومتطور بدون حقائق مادية ، وعلم مادي ونقول بأعلى صوتنا أن العلم الفكري هو الأساس في تحديد المعنى الصحيح للحرية والعبادة والعدل والعقيدة الصحيحة ،وهو يحد لنا من الأحرار ومن العبيد ومن الدولة العادلة ومن الدولة الظالمة ومن الواعي ومن الجاهل ،
ألم يقل الإمام علي بن أبي طالب " اعرف الحق تعرف أهله " وقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه " الناس إلى العلم أحوج منهم إلى الطعام والشراب لأن الجل يحتاج إلى الطعام والشراب في اليوم مرة أو مرتين وحاجته إلى العلم بعدد أنفاسه " (1)

(1) ، (2) ص 29 الدين في مواجهة العلم الأستاذ وحيد الدين خان

3) ص 9 الفلسفة أنواعها ومشكلاتها الأستاذ هنترميد ترجمة د. فؤاد زكريا
(4) ص 121 الفلسفة المعاصرة في أوروبا أ.م. بوشنسكي ترجمة د. عزت قرني
(5) ص 80 المصدر السابق
(6) ، (7) ص 28 الفلسفة أنواعها ومشكلاتها الأستاذ هنترميد ترجمة د. فؤاد زكريا

(1) ص 29 المصدر السابق

(2) ص 381 الأسس الفلسفية للعلمانية الأستاذ عادل ضاهر

(1) ص 40 بينات الحل الإسلامي د. يوسف القرضاوي

(2) ص 25 رسالة التقليد لابن القيم

(1) ص 37 رسالة التقليد لابن القيم

(2) ، (3) ، (4) ، (5) ص 119 ص 10 ص 126 ص 20 ذم الجهل وبيان قبيح أثره د. محمد بن سعيد بن رسلان

(1) ص 6 ذم الجهل وبيان قبيح أثره د. محمد بن سعيد بن رسلان
التعديل الأخير تم بواسطة algeroi ; 19-02-2008 الساعة 01:42 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 17-10-2007
  • المشاركات : 4,860
  • معدل تقييم المستوى :

    22

  • algeroi has a spectacular aura aboutalgeroi has a spectacular aura about
الصورة الرمزية algeroi
algeroi
شروقي
رد: العلمانية بين المد و الجزر
02-03-2008, 01:25 PM
الحلقة الثانية
هذه هي الحلقة الثانية من حلقات دك الاصول الفكرية للعلمانية
وبيان تهافت بنائها العقلي والمنطقي واثبات اعتمادها على عناصر مادية بحتة تغفل العديد من الجوانب الهامة في تعاملها مع الانسان ودراستها لمحيطه
هذا الخلل العظوي والانحراف المنهجي ادى الى قصور العلمانية ولنقل اللادينية في ادراك الحقائق والتعامل مع المتغيرات
هذا القصور في الادراك ادى الى عجز العقل العلماني عن مواجهة مشكلات الحظارة والنفوذ الى جوهر وعمق هذه المشكلات
مما جعل الحلول والنماذج ذات الخلفية اللادينية حلولا سطحية و نماذج مشوهة هي اقرب الى المسكنات المرحلية منها الى الحلول الواقعية
اسف على الاطالة واترككم مع كلام الدكتور عيــــد الدويهيــــس


الأسس الجاهلية للعلمانية
لم تستند العلمانية أبداً إلى حقائق فكرية على مختلف مدارسها الرأسمالية والشيوعية والنازية وغيرها إنما استنادها هو فقط للظن والتخمين والرأي والاحتمال والحل الوسط والتصويت ولا أدري ، وكما يقول الإنجليز في نهاية اليوم لا بد أن تتخذ عقائد وأنظمة ومبادئ ونظريات ، فأخذت مبادئها حسب درجة الضياع التي وصلت لها كل مدرسة من مدارسها الضائعة ، وتجاهلت دعوتها لنا لنتبع عقلها الذي يوصلنا للحقائق الفكرية ، ولم تعترف اعترافاً صريحاً كما اعترف بعض كبار فلاسفتها بأنها ضائعة وأنها وصلت لطريق مسدود ، وأن الطريقة العلمانية في استخدام العقل كانت خاطئة ، وإليكم بعض الطرق والوسائل والمنطلقات التي اعتمدتها المدارس العلمانية حتى نعرف مدى ضعفها وخطئها وغياب أي أسس علمية لها .
1) الإنسان مادة : اتبع الشيوعيون والفلاسفة الماديون أسلوب التجربة والمشاهدة والاستنتاج أي أسلوب الوصول للحقائق المادية في مجال الحقائق الفكرية ، فاعتبروا الإنسان مادة ، واعتبروا أن العقائد الصحيحة يمكن الوصول إليها من خلال حركة الحياة التاريخية والتعامل مع الإنسان كمادة نراقبها وندرسها ، واقتنعوا بأن المحرك للإنسان هو المصلحة فقط ، ولا توجد مبادئ ولا عقائد ولا أديان ولا حتى أمور عاطفية ولا علاقات اجتماعية ولا أخلاق ولا انتماءات عرقية ولا إله وظنوا أن الحياة تتحرك كمادة ، وأن المستقبل سيؤدي إلى حتمية معينة وهي سيطرة الشيوعية ، لأن هذا جزء من التطور المادي ، وسموا نظريتهم الاشتراكية العلمية ، وقدموا تبريرات عقلية واهية يظنون أنها تثبت نظريتهم فأخذوا بعض النظريات ولا أقول الحقائق المادية كنظرية التطور لداروين ، واختاروا بعض القصص والأحداث التاريخية كأدلة لفكرهم ، وتجاهلوا ما يعارضها وقد ذكرنا أن الإنسان يختلف عن المادة ولا يتصرف كما يتصرف الحديد أو الماء إذا أخضع لتجربة مادية ، ولكنهم تجاهلوا هذا أيضاً ولأن فكرهم هزيل ولا يصمد للنقاش فقط اضطروا إلى اضطهاد علماء الأديان السماوية ، والفلاسفة غير الماركسيين في روسيا الشيوعية ونفوا بعضهم وسجنوا آخرين وأعدموا بعضهم فلا حرية ولا نقاش ، والفكر الهزيل بحاجة على قوة تحميه وأخيراً سقطت الشيوعية سقوطاً ذريعاً ، ونقول إن أطفال المسلمين يعلمون أن هذا فكر باطل وشيطاني وجاهل ولكن روسيا احتاجت سبعين عاماً حتى تعلن ذلك ، والمشكلة ليست في العقل البشري ولكن في الطريقة العلمانية في استخدامه ، وإليكم ما قاله ميلوفان دجيلاس النائب السابق لرئيس يوغسلافيا عن الانتخابات الشيوعية " أنها سباق يعدو فيه حصان واحد " وقال عن الأحزاب الشيوعية " لقد أكدت هذه الطبقة الجديدة إنها أكثر تسلطاً في الحكم من أية طبقة أخرى ظهرت على مسرح التاريخ ، كما أثبتت في الوقت نفسه أنها تحمل أعظم الأوهام ، وأنها تركس أعتى أساليب الظلم في مجتمع طبقي جديد " (1) وهذا الفشل لا ينفي وجود نجاح جزئي بالوصول لبعض الحقائق الفكرية من خلال دراسة واقع الإنسان وتصرفاته وأحداث التاريخ والأسباب والنتائج .
2) لا توجد حقائق فكرية : أما العلمانيون الرأسماليون فكانوا أذكى بكثير من العلمانيين الشيوعيين ، فهم لم يتطرفوا في ادعاء العلم والحقائق الفكرية بل حرصوا على مصالحهم المادية وشهواتهم وأشغلوا أنفسهم بالأغاني والأفلام والروايات والفنون التشكيلية والمسرحيات والموسيقى ، وتركوا كثيراً من الأسئلة بدون إجابات ، ولم يدعوا كالشيوعيين أن علمانيتهم توصلهم لكل الحقائق ، فلم يحددوا الحق من الباطل والصواب من الخطأ في كثير من العقائد والعبادات والأمور الاجتماعية ، ولم يقدموا أدلة علمية على صواب فكرهم ، وقالوا أنت حر في عقائدك وعبادتك وحياتك الشخصية فيجوز أن تعبد الله أو تعبد صنم أو لا تؤمن بشيء ، ولتختر كل دولة ما تشاء من قوانين اجتماعية وسياسية واقتصادية ، وحاولوا من خلال مبدأ التصويت ومبدأ الحلول الوسط حل اختلافاتهم العقلية العلمانية ، ونجحوا كثيراً في قضايا العلم المادي ، وهذا هو ما أكسبهم قوة ، ونجحوا أيضاً في الوصول إلى حقائق فكرية كالديمقراطية وحرية الرأي وحقوق الأقليات كأسس وليس في كل جوانبها وهذا أعطاهم قوة فكرية جزئية ، ولكن فشلهم العقائدي والاجتماعي واضح جداً في شقائهم الاجتماعي والعقائدي والشخصي ، والرأسماليون اعتبروا ما وراء الطبيعة أي القضايا الفكرية الكبرى لا علاقة لها بالواقع ، فأعتقد ما شئت فيها أما القضايا السياسية والاقتصادية فيحلونها بالتصويت وليس بالاحتكام إلى العقل ، أما القضايا الاجتماعية والشخصية فأنت حر فيها أي ، أنهم فلسفوا عجزهم العقلي بأنه لا داعي للعقل ولا حاجة للحقائق الفكرية ، أما المهم عندهم فهو أن تقرأ لشكسبير وأن تكون قرأت قصة العجوز والبحر أو أحدب نوتردام ، أو أن تعرف الموسيقيين الكبار وتاريخ أمريكا ، وكتاب هذا السياسي ، أو ذاك فالأمور الثانوية أو غير الهامة هي التي يقيسون بها ثقافة وعلم الأفراد في حين أن الحقائق الكبرى يتجاهلونها ويجعلونها ولا يعتبرون ذلك جهلاً ونبين هنا قضية مهمة جداً وهي الفرق بين العلم والثقافة ، وبين العالم والمثقف ، فالثقافة هو أن تعرف العلم من الجهل ، فأنت جاهل مثقف ، فالقراءة والبحث لا تعني أنك صاحب علم بل العلم يقاس بكمية الحقائق الفكرية التي تعرفها .
3) العرق هو المنبع الفكري : أقام النازيون والعنصريون عموماً فلسفتهم بناء على اختلاف الأعراق سواء بين أجناس أو أمم أو شعوب أو قبائل أو عوائل ، واختاروا من أقوال العلمانيين والتاريخ وغير ذلك أدلة عقلية مزورة تثبت " صواب " عقائدهم وأفكارهم ، ولا داعي لمناقشتهم ولكن يكفي أن نقول إن المسلمين والمسيحيين يعلمون أن الله خلق البشر متساويين ، وأن أكرمهم عند الله أتقاهم ، وهذه حقائق فكرية راقية يعرفها الناس منذ عشرات القرون ، ومع هذا نجد الفكر النازي العلماني وفي القرن العشرين مقتنع بأن العرق الآري أفضل البشر ، فأصحاب الأديان السماوية يعرفون سخافة الفكر العنصري بمختلف مدارسه ، ولكن العقل العلماني الألماني مقتنع به ، أما العقل العلماني الرافض له كالشيوعي والرأسمالي فإنه عاجز عن إثبات انحرافه لأن نقاش العقول العلمانية لا ينتهي في الغالب إلى نتائج متفق عليها ، بل إلى جدل لا ينتهي لأن لكن طرف مبررات منطقية تبدو كأنها صحيحة.
4) التجربة خير برهان : قال الفلاسفة الوجوديون : إنك ستصل إلى الحقائق الفكرية من خلال تجربة حية أي من خلال التجارب الشخصية وممارسة الواقع ، فالمسألة لم تعد العقل والتفكير ، بل التجربة الشخصية ، وهذا أيضاً باب من أبواب الضلال فكل إنسان سيكون عقائده ومفاهيمه عن الحق والباطل والصواب والخطأ من خلال تجربة شخصية ، أي ستناقض الحقائق بعدد الآراء المتناقضة من التجارب الشخصية وتصور إنسان عليه أن يصل للحقائق من خلال التجربة أي عليه أن يدخل تجارب الألم والفرح واللذة والعبادة والغضب والثورة والظلم والعدل ... الخ حتى يكون مبادئه .. أفكار هزيلة ومبادئ عنكبوتية نجد أنفسنا مجبرين على نقاشها لأنها دمرت عقولاً بشرية ، ونقول لا توجد علاقة واضحة كيف سيكون الوصول إلى الحقائق عن طريق تجربة حية نعلم أن الشخص ذو الخبرة والعمر الطويل وممارسة العمل إذا كان ذكياً من المتوقع أن يكون أصوب في الرأي ونعرف أن المثل يقول : " اسأل مجرب ولا تسأل طبيب " ولكن هذا لا ينطبق على الجميع ولا حتى الأغلبية كما أن ما علاقة تجارب شخصية بالوصول إلى مئات الحقائق الفكرية في أنظمة اقتصادية واجتماعية وعقائدية ومن لديه الوقت والإمكانيات للتعرف أو لتجربة كل هذه الموضوعات ومن قال إن نتائج التجارب البشرية ستكون متشابهة وستصل إلى نفس الاقتناعات فهذا يتزوج ويمدح الزواج والآخر يتزوج ويذمه فأين الحقيقة ؟
5) البقاء للأصلح : قال الأستاذ زكريا فايد : وبالنسبة للفلسفة البرجمانية المنتشرة في أمريكا ، فعندهم أن الدين مثل أي فكرة أو أي قيمة ، فالأفكار والقيم عندهم ما هي إلا أدوات للعمل ، الواقع وحده أو بالتحديد قابلية هذه الأفكار وتلك القيم للتطبيق العملي هو الذي يحدد مدى صلاحية أو عدم صلاحية هذه القيم ، وتلك الأفكار ، ولا يستثنى من هذا شيء عندهم لا الدين ولا الأخلاق " (1) فبعض العقول الغربية قالت أن الطريق للوصول للحقائق هو ترك الواقع يحسمها بمعنى أن الواقع وليس العقل من سيقودنا وبنوا قولهم على أن الصراع بين المتناقضات وبين الحق والباطل سيؤدي إلى انتصار الحق وبقائه لأن الباطل ليست لديه عناصر العلم ، ونعلم أن البشر إذا لم ينصروا الحق سينهزم وسينتصر الباطل فأي ظالم سيتمادى بظلمه إذا لم يجد بشراً يردعونه فالظلم إذا وجد أنصاراً سيبقى ، ولو كان الحق هو الذي ينتصر لما عاش الباطل حتى عصرنا هذا ففلسفتهم هي طبق الإعدام ، فإذا نجح في ردع المجرمين فهو حق أما إذا لم ينجح فهو باطل ، ومعروف أن هناك عوامل تتدخل في الواقع من مبادئ ومصالح وظروف وغنى وفقر فهذا الطريق لا يوصل إلى الحقائق فما ينجح في بلد يفشل في بلد آخر ، فالحقيقة الفكرية تثمر في مكان ولا تثمر في مكان آخر إذا لم تكن التربة صالحة ، كما أن معنى هذا الكلام أن تطبق في بلد ما أنظمة اقتصادية رأسمالية وشيوعية وإسلامية .. الخ حتى نترك الواقع يقرر ما هو أصلح أي الذي سيبقى هو الأصلح ، وهذا قمة الفوضى والانحراف وعدم الوضوح وعدم الاستقرار ووضع الناس والأجهزة الحكومية في وضع مأساوي ، ومعنى هذا اترك الأفكار والأفراد والأحزاب والدول تتصارع والبقاء سيكون للصواب والحقيقة هي أن البقاء سيكون للأقوى ، وأن هذه هي الشريعة المطبقة في الغاية ، وإذا كانت القوى الديكتاتورية في شعب أقوى من القوى الديمقراطية فإن التطبيق سيكون للديكتاتورية ، وقد نستمر عشرات السنين بل قروناً فهل هذه هي التقدمية العلمانية أم الرجعية الحقيقية .
6) الهرم المعقد : من الأمور الغريبة التي أدت إلى ستر الجهل العلماني طويلاً هو الفيضان الكتبي حيث نجد للفلاسفة والعلمانيين آلاف الكتب بدل كتاب أو كتابين للحقائق الفكرية كما في الأديان السماوية ، وهذا جعل الباحث عن الحقائق عليه أن يقرأ الكثير من الكتب ولن يصل ليس فقط لأن ما عندهم آراء وليس حقائق بل لأنهم يعطونك آلاف الكتب وهناك صعوبة لأن يفهم بعضهم بعضاً كما أنهم يستخدمون مصطلحات كثيرة ذكرت بعضها في مقال سابق ، وكثير منها غامض ومتناقض ، وكلامهم كثير ومعقد مما يجعل الإنسان الطبيعي يمل من قراءات آلاف بل حتى مئات الصفحات من الكلام المتناقض غير المفيد بعكس الوضع مع الحقائق الإسلامية الفكرية التي يفهمها الناس لأنها واضحة وسهلة قال أ.م . بوشنسكي " والواقع أن إدراكنا أن حياة كاملة تقضى في البحث هي أمر ضروري لمعرفة فيلسوف واحد فقط " (1) وقال هنترميد : " أما أفكار معظم المفكرين الكبار فتصاغ عادة من خلال مصطلح فني أكثر تجريداً ، ينبغي أن نتعلمه مثلما نتعلم المصطلح الخاص بأي علم ، وهذا المصطلح الفني هو في الوقت ذاته الحاجز الأكبر الذي يقف حائلاً بين معظم الفلاسفة وبين عامة الناس " (2) ونقول إن مصطلحات أي علم آخر متفق عليها كما في مصطلحات الكيمياء أو الطب أو الإسلام ، أما المصطلحات الفلسفية فهي آراء متناقضة ، وهي ترجع لآراء علمانية وليس للعلم الفكري ، كما أن هذا القول يجعل كأن العلم الفكري معقد وصعب وهو ليس كذلك ولكن ضياع العلمانيين هو الذي جعلهم يصنعون هرماً عملاقاً معقداً ومتناقضاً ، فالجهل العلماني حمى العلمانية وحمى الفلاسفة بالغموض والتعقيد حتى يظن الإنسان العادي أنه لم يفهم ما يقوله هؤلاء لأنه لم يصل إلى مستواهم من العلم والنور ، فالعلم الفكري لا يتم التوصل إليه بكثرة المكتبات والكتب كما نشاهد في الغرب بل بما فيها من حق وباطل ، فالكثرة مع التناقض والاختلاف جهل وليس علماً ، ولنتذكر دائماً أنه لا يوجد شيء اسمه علم الفلسفة كما في علم الطب أو علم الفيزياء فأنت تقول يقول علم الطب ، ولكنك لا تستطيع أن تقول يقول علم الفلسفة لأنه لا يوجد علم بل توجد آراء متناقضة ، والأصح أن نقول يقول فلان الفيلسوف كذا ، ويقول الفيلسوف الآخر كذا ، ولو سألت العلمانيين هل قرأتم وفهمتم كل كتب الفلاسفة ؟ لقال كلهم لا ومع هذا يطبقون مالا يفهمونه وما يعتبر غامضاً ، فهم رفضوا تصديق واتباع رجال الكنيسة ومع هذا يتبعون رجال الفلسفة بإيمان أعمى وتقليد أعور ، أليس هذا تضييعاً للعلم والحقائق الفكرية بتصديق الفلاسفة المتناقضين ورفض تصديقهم الأنبياء المتفقين .
7) التصويت هو الحل : لجأ بعض العلمانيين إلى التصويت كطريق لحل خلافاتهم ، وهذا معناه أن ما سوف يطبق هو ما سيحصل على الأغلبية ، فلا يوجد حق ولا باطل ولا علم ولا جهل ، ولكن يوجد من ينال الأغلبية فيتحكم بالحياة وحتى لو كانت هذه الأغلبية جاهلة أو صاحبة مصالح فإن قرارها هو الصحيح لأنه لا بديل ولا طريق للوصول للحقائق ، فلتوزن الأمور بميزان الأغلبية فالحق يصبح باطلا ً إذا خسر الأغلبية والعكس صحيح ، فرضى الناس هو المقياس للحق لا العقل ولا الأدلة العقلية ، ولو طبقنا الأغلبية على المجال العلمي المادي لما استطعنا أن نصل إلى الحقائق المادية الكثيرة التي وصلنا لها ونعلم أن الحقائق المادية تخضع للتجربة والمشاهد والاستنتاج ، وما ثبتت صحته هو حقيقة حتى لو عارضها كل البشر ، وكذلك يجب أن تكون الحقائق الفكرية غير خاضعة لرأي ومزاج أغلبية ، ونمزقها بالحلول الوسط ، ونعرضها للنوايا المخلصة والفاسدة لتحددها ، وستختلف هذه " الحقائق " من شعب إلى آخر ، والتصويت ضمن شروط يصلح لأمور معينة فكرية ، أما جعله العمود الفقري للوصول للحقائق والدساتير والقوانين والعقائد والحياة الاجتماعية والاقتصادية ... الخ فهذه كارثة علمية كبيرة ، وهذا ما فعلته الحضارة العربية الرأسمالية أي إعطاء الجهل شرعية التطبيق من خلال التصويت ، وطبقوا التصويت حتى في المحاكم التي فيها حكم على دماء وأموال الناس ، فعندما تقول العلمانية لا نريد أن يفرض أحد رأيه على الآخرين والمسألة للتصويت فهي تقول الحقيقة مرفوضة حتى لو كانت تملكها أقلية أو فرد فهي مرفوضة كعقيدة أو نظام أو قانون أو رأي ، فالحل هو التصويت ويعتبرون هذه مساواة بين الجميع وهي فعلاً مساواة بين الحق والباطل والصواب والخطأ والإيمان والإلحاد بل إن حياد السلطة العلمانية ليس حياداً حقيقياً بل هو فعلاً تعصب علماني لأنه فرض المفاهيم العلمانية كالتصويت وغيره على الآخرين ، ومعناه أن الحكومة بلا مبادئ حتى إشعار آخر أي حتى يتم التصويت ، ومعارك التصويت هي التي ستحدد مبادئنا كدولة ، وستتجند كل الطاقات الفكرية والسياسية والاقتصادية لتنتصر لاقتناعاتها ومصالحها في ساحة الانتخابات والمجالس النيابية والأحزاب السياسية ، وفارق التصويت حتى لو كان قليلاً كما في الغالب هو ما سيحدد الحق من الباطل ، ولن تنتهي المعركة عند التصويت فسيحاول الخاسرون الاستعداد للمعركة القادمة ، وفي نفس الموضوع وق يتغير القانون ويصبح حراماً ما كان حلالاً أو العكس وهكذا ، ولا شك أن المشاركة الشعبية والتصويت سيؤديان إلى درجة كبيرة من التوازن بين القوى الرئيسة في الشعب من أغنياء وفقراء وانتماءات سياسية وعرقية .. الخ وسيؤدي الرأي الجماعي إلى الاعتدال والوسطية والواقعية وهذه الأمور ذات علاقة قوية بالعدل قال تعالى " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " سورة البقرة 143 كما أن وجود الرقابة الشعبية وتداول السلطة سيوجد ضغوطاً على ممثلي الشعب تدفعهم للالتزام بالعدل في أحيان كثيرة ، ولكن هذا لا يعني أن التصويت هو الطريق إلى الحقائق الفكرية لأنه ينجح فقط في القضايا الاجتهادية الفكرية إذا توفرت الضوابط الصحيحة له ولكن بالتأكيد ليس مجاله القضايا الأساسية الفكرية مثل وجود الله وصدق الأنبياء والأحكام الاجتماعية والأسس السياسية والاقتصادية .. الخ فليس التصويت هو الذي سيحدد لنا الحق من الباطل في هذه القضايا وهي التي يختلف حولها الناس في عقائدهم العلمانية والدينية بمختلف مدارسهم القديمة والحديثة فالأحكام فيها للعقل لا للتصويت ، كما أن التصويت يتأثر بالعصبيات السياسية والعرقية والطبقية والمصالح والتحالفات وشراء الذمم والصفقات السياسية والعداء الشخصي وفساد الضمائر والعقائد المتناقضة للمصوتين .. الخ ، وكل هذا يجعل دور " العقل " داخل المجالس الديمقراطية وفي اختيار أعضائها دور ضعيف وهذا واقع يعرفه كل منصف .
8) ركوب الحصان المادي : استغلت العلمانية التقدم العلمي المادي وجعلت الناس يظنون أنها التي كانت خلفه ، وهذا جزئياً صحيح وبالتالي فما تقوله في القضايا الفكرية هو أيضاً صحيح ، فإذا قالت : " الدين أفيون الشعوب صدقوها وإذا قالت المصلحة في فصل الدين من السياسة فصدقوها ، وقالت العلمانية لم يعد هناك مكان إلا للعلم ، وهي تقصد العلم المادي ، ومع هذا فالكلام والاختلاف معها هو في العلم الفكري ، فالتقدم العلمي المادي ستر العلمانية وضلل كثيرين ، وخلط الأوراق أي زاد في نسبة الجهل الفكري العالمي وإذا أضفنا إليه ما حققه التقدم العلمي المادي من غنى وإبداع ورفاهية مما جعل الناس تصدق كثيراً مما تقوله العلمانية ، فالناس أو كثير منهم لا يهتمون إلا بالمال والقوة العسكرية والرفاهية ، ولا يهمهم الحقائق الفكرية فأمريكا هي القوية والغنية ونريد أن نقلدها وهذا هو الهدف الأول للكثيرين ، ولكن تأكدوا أن الحقيقة أقوى وأغنى من أمريكا العظمى فالعلم المادي حقق قفزات كبيرة ، نعم ولكن العلمانية لم تحقق إلا الفشل والضياع ، فالعلمانية الكسيحة صعدت ظهر الحصان المادي القوي فظن الناس أن التقدم مشترك في حين أن الحقيقة غير ذلك ، كما أن العلمانية جعلت الناس تعتقد أن التقدم المادي العلمي هو الابن الشرعي لها ، وهذا خطأ فالعلمانية ساهمت في بعض النجاح لأنها تستخدم التفكير والتحليل والنقاش ، ولكن تطور العلم المادي خلال القرون الأخيرة حدث لأسباب أخرى أيضاً منها التنافس الاستعماري والقومي بين الدول الأوروبية ، وارتباط العلم والتكنولوجيا بمصالح اقتصادية وأموال وتجارة ، فلم يعد العلم قضية تهم العلماء فقط ، ولهذا حدثت استثمارات مالية كبيرة في البحث العلمي ، واهتمت الدول والشركات في الاستثمار العلمي المادي ، وإذا أضفنا إلى هذا أن العلوم المادية كانت موجودة منذ آلاف السنين سواء في الأقمشة أو التحنيط أو الطب أو صناعة السفن أو الفلك أو غير ذلك ، وهذه حقيقة تاريخية ، فإن اقتناع البعض أن العلمانية والتقدم المادي وجهان لعملة واحدة ساهم في انتشار الفكر العلماني اعتماداً على قوة الرصيد النقدي للعلم المادي .
9) الجدل البيزنطي هو العلم : من الأمور الغريبة أن البعض رفض الهدف الرئيس للفلسفة والعلمانية والذي هو الوصول للحقائق الفكرية ، وجعل هدفها هو النقد والنقاش والحوار أي نقد الأفكار والمبادئ ، و " فتح الأبواب أمام العقل " بطرح أسئلة جديدة ، فكأنها إذا فعلت هذا فقد قامت بواجبها وهذا اعتراف ضمني بالعجز الفلسفي العلماني فهو يقول ليس مهما أن أصل إلى الهدف " الحقائق " يكفي أنني أمشي للأبد باحثاً عن الحقائق ، فالمهم تأليف كتب في نقد الآخرين أو تشويههم ، ولكن إذا سألتني ما هو الصحيح وأين الحق ؟ فلا أدري أي أدري أنك على خطأ ولا أدري أين الصواب وبإمكان الفلسفة العلمانية أن تثير الشبهات حول الإسلام وتتهمه بتهم باطلة وتشوهه ، وإذا قلت لهم جدلاً نعم نحن نتفق معكم فما هو نظامكم العقائدي والسياسي والاقتصادي .. الخ ؟ قالوا لم نتفق حتى الآن ، أو قال بعضهم إنه النظام الرأسمالي ، وقال آخرون إنه النظام الاشتراكي وقال غيرهم غير ذلك ولك هذه أنظمة علمانية وع هذا لا تعطي العلمانية أي شرعية لأي منها ولا تستطيع ذلك ، كما لا تستطيع إلغاء الصفة العلمانية عن أي منها ، والعلمانية تهاجم وتنتقد وتهدم الأديان وحتى المبادئ العلمانية الأخرى ، ولكنها لا تبني بيتاً متكاملاً للبشر ، وهي تعتبر البيوت الفكرية زجاجية ، ولا تبني حتى بيتاً زجاجياً مثلها بل تكتفي أن تقول كلمات قليلة هي اتبعوا العقل وهو سيهديكم ، وما تقوله لا يختلف معها أحد ولكن عقل العلمانية عجز عن بناء فكر لها يهديها فالعلمانية جعلت نقد الآخرين هو فكرها وأحياناً تتبرأ منه أو من أجزاء منه ، فالذي يريد أن يحارب العلمانية جعلت نقد الآخرين هو فكرها وأحياناً تتبرأ منه أو من أجزاء منه ، فالذي يريد أن يحارب العلمانية يحتار فهي أحياناً بلا وجه ولا ملامح ، وأحياناً بملامح كثيرة متناقضة ، وإذا وجهت سهامك إلى نموذج علماني ثبت فشله يتبرأ منه العلمانيون ، فهي أحياناً لا شيء وأحياناً كل مبدأ علماني وأحياناً بعض المبادئ والآراء حسب مزاج العلماني ، وكل علماني يختلف عن الآخر فكيف إذن سيحددون حقائقهم العلمانية ؟ وكيف ستستطيع مناقشتهم وحالتهم من الجهل والغموض لهذه الدرجة ، وما ينطبق على العلمانية ينطبق على الفرد العلماني ، فإذا قالوا هذا الفرد علماني فأنت لا تعرف ملامحه الفكرية ، وهل هو رأسمالي أو شيوعي أو عنصري وما هي عاداته الاجتماعية .. أما إذا قالوا هذا مسلم ، وأقصد المسلم الملتزم فإنك تعرف طريقة تفكيره ، وتستطيع أن تبني علاقة معه من خلال معرفتك للإسلام ومبادئه ، ومن هنا ندرك أن الزواج العلماني زواج بين أطراف غامضة ومتناقضة في حين أن الزواج الإسلامي هو بناء علاقة على أسس واضحة .
10) عقائد بلا أدلة علمية : تعطي الفلسفة العلمانية إجابات غريبة هروباً من إعلان عجزها ، فهي تؤمن بأن لكل مخلوق خالق كمبدأ منطقي ، ومع هذا نجد من لا يؤمن بذلك من العلمانيين يقول : إن هذا الكون المنظم خلق بالصدفة أو لا أدري ولكن لست مستعداً لأن أؤمن بوجود الله لأنني أؤمن بأن الطفرة هي التي حولت القرد إلى إنسان ، ولا توجد أدلة علمية مادية أو فكرية صحيحة إطلاقاً على هذه الأمور بل هي غالباً ما تكون أقوال فلاسفة ليست لديهم معرفة كافية بالعلم المادي ولم يشاهدوا طفرة حولت قرداً إلى إنسان ، ولم يشاهدوا الصدفة التي خلقت الكون هي فقط افتراضات وظنون ونظريات لم تثبت يقيمون بناء عليها أفكاراً وعقائد وأنظمة وقوانين ودولاً وأحزاباً ، والعلمانية تعارض مبادئ منطقية صحيحة وتهرب منها بتفسيرات غير منطقية بل هي فعلاً أوهام وخرافات وجدل وعناد ومكابرة ، قال تعالى " كلا إنه كان لآياتنا عنيدا " سورة المدثر / 16
11) الهروب إلى المستقبل : من وسائل استمرار الجهل هو ما تفعله العلمانية من عمل الإنسان والمجتمع حقل تجارب لآراء ونظريات جديدة وحلول جديدة لمشاكل صنعتها العلمانية سواء كانت عقائدية أو اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية ، فإذا زادت أمراض المجتمع الاجتماعية من طلاق وعنوسة وأمراض نفسية فالحل هو زيادة ميزانية القضايا الاجتماعية وعمل مزيد من الأبحاث وتغيير القوانين ، وإذا لم تحل المشكلة كما تثبت الإحصائيات والواقع فالحل هو تجربة حلول جديدة وأفكار جديدة ، فالرأسمالية الحديثة ذات مفاهيم جديدة وأبعاد عالمية وهناك مفكرون جدد عملوا نظريات جديدة وفلسفات جديدة فالحل هو الجري وراء سراب جديد وأمل ضعيف ، فهي دائماً تقدم مشاريع وبرامج وتجري وراء سراب ، وأحياناً وهذا مشاهد تعتبر الانحراف والخطأ شيئاً مقبولاً وشرعياً حتى لو كان الشذوذ الجنسي أو تعتبر هذا الانهيار الاجتماعي كالطلاق والخيانة الزوجية جزءاً من التقدم الاقتصادي والحضارة ، فمتى كان الانحراف جزءاً من تقدم اقتصادي أو تكنولوجي بل الأغرب من هذا عندما يقول الإسلام : ومن البديهيات أن الإيمان بالله تعالى يقضي على القلق والأمراض النفسية وكثير من الأمراض الجنسية كالإيدز وغيره لا ترضى العلمانية حتى بالاعتراف بهذا الواقع المشاهد لأنها تعتبر الدين رجعية وخطأ ، وهذا التفكير أعطى الجهل عمراً أطول كما أن الحلول الجديدة العلمانية تعطي الجهل خلوداً لم يحصل عليه في كثير من العقائد الأخرى فعناد العلمانية حمى الجهل ، ومن الأمور الغريبة أن العلمانية تعرف وتعترف بأنها لم تهتد للحق والصواب ، وأنها ضائعة ولا تعلم ، ومع هذا تتهم الإسلام بالخطأ وأنه باطل ، فمن لا يعرف الحق كيف يحكم على أن هذا الشيء باطل وهذا ليس غريباً إذا عرفنا أن طبيعة العلمانية النقدية تجعلها تشوه كل شيء حتى ما يقوله العلمانيون .
12) المبادئ الجزئية : من البديهيات العقلية أن أمور الحياة متشعبة ، وأننا بحاجة إلى فكر شامل يعالج قضايا عقائدية وسياسية واجتماعية واقتصادية ، ولكن العلمانية جعلت الكثيرين يعتقدون أن الاتفاق الجزئي على بعض الآراء والأفكار والشعارات كاف لبناء الإنسان والمجتمع ، فتجد بعض العلمانيين يتفقون على بعض الآراء فيعملوا الفكر الرأسمالي أو النازي ، أي أن الجنين الفكري العلماني لم يكتمل ، ومع هذا يعيشون فيه ويعتبرون أنهم متفقون مع اختلافهم وتناقضهم في الأغلبية الساحقة من القضايا الفكرية فهذا مؤجل ، وهذا سيتم التصويت عليه ، وهذه قضايا غير مهمة ، وهذه أنت حر فيها .. الخ والفرد العلماني غالباً ما يكون ناقصاً فكرياً ، فأغلب القضايا الفكرية ليس له فيها رأي ، وإذا سألتهم أين الشمولية والتكامل والوضوح الفكري لم يدركوا أن غياب هذا يعني أنه يقع في دائرة الجهل ، وأنهم " لديهم بعض العلم الفكري حسب ظنهم " ، ويظنون أنه يكفيهم ، وهذا يفسر تصارعهم وخلافاتهم كلما سارت القافلة العلمانية سواء كانت أفراداً أو حزباً أو دولة ، وهذا الاقتناع الجزئي ببعض الآراء جعل هناك تناقضاً بين أفراد الأسرة الواحدة ، وبين ما هو صحيح وما هو خاطئ داخل الحزب والمجتمع في كثير من الأمور مع وجود اتفاق جزئي على بعض الآراء ، وقد تكون الجزئية الفكرية غير مقتطعة من فلسفة واحدة بل من عدة فلسفات حيث نجد بعض العلمانيين ذوي مبادئ متنوعة وأحياناً متناقضة ، فقد يكون للعلماني أفكار شيوعية ، وفي نفس الوقت يتعصب لأمة أو شعب ، وقد تجده رأسمالياً ولكن لا يؤمن بالديمقراطية الغربية وما نقوله موجود بكثرة في عالمنا العربي حيث نجد أن عقول العلمانيين أو من تأثروا بالعلمانية أو صلتهم إلى اقتناعات انتقائية تختلف من فرد إلى آخر ، فنجده ماركسياً ولكنه يصلي والآخر محافظ جداً في المفاهيم التي يطبقها على أخته وزوجته وابنته ومتحرر في علاقاته مع النساء الأخريات ، أما الثالث فأخذ من الفلسفات العلمانية ما جعله يعيش في بيته أنانية تدور حول مصالحه وأهوائه الشخصية وعنصريته فيصبح إنساناً انعزالياً وسلبياً فيما يتعلق بأمور مجتمعه أو حتى عائلته أو أسرته وهكذا ، وهذا التمزق والتناقض الفكري أحد أسباب تفرق العلمانيين وضعفهم محلياً وعالمياً .. ونقول إن المبادئ الجزئية تعني أنه لم يحدد العلمانيون موقفهم من القضايا الكبرى في الكون كوجود الله سبحانه وتعالى ، والغاية من خلق الإنسان ، والمفاهيم الأساسية للتربية والأخلاق والإصلاح والحياة الزوجية ... الخ وكيف يتم التعامل مع الأهواء ، والشهوات والمصالح والمناصب والمال ؟ فما الفائدة من الديمقراطية إذا قلت نسبة الرجولة في الذكور أو انعدمت وما فائدة حرية الراي إذا كنا نستخدمها في الدفاع عن مصالح فاسدة أو تشويه الآخرين أو السخرية منهم وأي حقوق للإنسان ستتحقق إن لم يكن في ضمائرنا خوف من الله سبحانه وتعالى فليس بالسياسة أو الديمقراطية فقط يحيا الإنسان ، فالفرق شاسع بين إنسان مغرور وآخر متواضع ومن يأكل المال الحرام وآخر يمتنع عنه ، ومن يتعاطى المخدرات ومن يحاربها ، ومن يبر والديه ومن يعقمها .. الخ ، وهذه الأمور هي التي نعايشها كل يوم في تعاملنا مع الناس وهي منبع كثير من سعادتهم ، أو تعاستهم وباختصار بناء الفرد والمجتمع يتطلب معرفة حقائق فكرية كثيرة ، والالتزام بها ، وإلا سيبقى النجاح سراباً كلما وصلناه لم نجد شيئاً قال تعالى " والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب " سورة النور 39
13) كل جديد صحيح : الحقيقة هي الحقيقة لا تتأثر بالزمن ، فالحقيقة الفكرية أو المادية تعتمد على الأدلة العقلية الصحيحة .. فغليان الماء حقيقة علمية مادية لم تتغير على مر السنين ، ومن الخطأ أن نرفضها لأنها حقيقة " قديمة " وكذلك في المجال الفكري ، فما قاله الأنبياء من حقائق فكرية تبقى حقائق إلى الأبد سواء ما يتعلق مها بصفات الله سبحانه وتعالى ، أو الأحكام الاجتماعية ، أو غير ذلك .. هذه البديهية العلمية رفضها كثير من العلمانيين ، وظنوا أن العلم والتقدم والوعي يتطلب فتح الأبواب لكل جيد حتى لو كان آراء سخيفة ، أو صرعات شبابية ماجنة ، أو تهجم من كاتب زنديق على الإسلام واتهموا من يعارض ذلك بأنه جامد فكرياً ، ومتعصب دينياً ، ويطالب بالعيش في الماضي أو خاضع لفكر ديني لا يقبل التجديد والتطور .. الخ ونقول ليس كل جيد صحيحاً وليس كل قديد خاطئاً فأغلب الانحرافات الحديثة من فسق وزندقة والحاد هي أيضاً أفكار قديمة ، فماذا لا يكون تشجيعها جموداً وعودة إلى الخلف .. كما أن التوحيد والصدق ، والعفاف وبر الوالدين والدفاع عن المظلومين ومساعدة الفقراء وحق التملك وشرعية الزواج .. الخ هي حقائق قديمة ، فهل نرفضها ونستبدلها بما يخالفها حتى نكون تقدميين وقبولنا للاختراعات الجديدة في العلم المادي يتم لأنها حقائق مادية جديدة لا تخالف حقائق مادية قديمة ، إن هؤلاء لا يريدونا أن نحارب الجهل الفكري لأن ميزانهم " كل جيد علم ، و " كل قديم جهل " " ولم يعد العقل ميزان تحيد الحق من الباطل ، وبالتأكيد أن كل جديد سيصبح قديماً بعد مائة سنة ، وعليهم أن يحاربوا في المستقبل ما يدافعون عنه اليوم وعليه فإنه لا يسعنا إلا أن نقول الجهل ظلمات بعضها فوق بعض ولا يظلم ربك أحدا .
الخلاصة : من الواضح أن الأسس الفكرية التي اعتمدت عليها العلمانية بمختلف مدارسها كمنبع لاتخاذ العقائد والاقتناعات والأحكام هي أسس ليس لديها أدلة عقلية تثبت صوابها ، وهي أسس يعارضها العقل السليم وأثبت الواقع فشلها ، وهذا لا يتعارض مع وجود نجاح جزئي لبعضها مثل التصويت والبحث والقراءة والحلول الوسط والتأمل في الواقع والخبرة والتجارب الشخصية .. الخ والعكس صحيح أيضاً أي أن الفشل يكون نصيب هذه الأدوات والأسس إذا استخدمت في غير مكانها كما أثبتنا ، وفي كل الأحوال هذه ليست أسساً عقلية صحيحة لتحديد الحق من الباطل في العلم الفكري ، وحتى لا نظلم العلمانية نقول إنها أرقى من أوضاع فكرية مختلفة متأثرة بالاستبداد السياسي ، والتخلف الفكري المتمثل في الخرافات والسحر والجمود وتقليد الأباء والأجداد وتجميد العقل والتفكير والطاعة العمياء لرجال الدين وعقائد واقتناعات منسوبة زوار وبهتاناً للأديان السماوية إلا أنها مختلفة جداً إذا تم مقارنتها بالحقائق الفكرية الإسلامية ، وإذا كانت الأسس التي اتبعها العلمانيون لا توصلهم للحقائق الفكرية فإن الحقائق الفكرية واضحة عند المسلمين ، ومنبعها القرآن الكريم والسنة النبوية ، قال تعالى : " ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين " سورة الأنبياء 48 وقال تعالى " ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور " سورة إبراهيم (5) وقال تعالى " ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكل بعض الذي تختلفون فيه فاتقوا الله وأطيعون " 63 إن الله هو ربكم فأعبدوه هذا صراط مستقيم 64 فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم " 65 سورة الزخرف وقال تعالى " ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين " 89 سورة النحل وقال تعالى " ألم (1) الله لا إله إلا هو الحي القيوم (2) نزل عليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل (3) من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام (4) سورة آل عمران وقال الغزالي قال تعالى " لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط " سورة الحديد 25 ، ثم قال " واعلم يقيناً أن هذه الميزان هو ميزان معرفة الله وملائكته وكتبه ورسله وملكه وملكوته " ثم قال " والخلق كلهم يتعلمون من الرسل مالهم طريق في المعرفة سواه " وقال : " فمن تعلم من رسل الله ، ووزن بميزان الله ، فقد اهتدى ، ومن عدل عنها إلى الرأي والقياس فقد ضل وتردى " (1) وقال " أما ميزان الرأي والقياس ، فحاش لله أن أعتصم به ، فذلك ميزان الشيطان ، ومن زعم من أصحابي أن ذلك ميزان المعرفة ، فأسال الله تعالى أن يكفي شره عن الدين فإنه للدين صديق جاهل ، وهو شر من عدو عاقل " (2) وقال " أزنها بالقسطاس المستقيم ، ليظهر لي حقها وباطلها ، ومستقيمها ومائلها ، اتباعاً لله تعالى وتعلماً من القرآن المنزل على لسان نبيه الصادق ، حيث قال " وزنوا بالقسطاس المستقيم " (1) سورة الشعراء (182) ، وأقول الإسلام هو عقلنا الثاني : وهو الذي نزن به الأمور فنعرف العدل من الظلم والحرية من الفوضى ، والانتماء من التعصب ، ومعاني الرحمة والقسوة والخير والشر والعقاب العادل والإخلاص والنفاق والمنفعة والمضرة وكيف نبني أسرنا ودولنا ؟ وكيف نتعامل مع الناس والأحداث ؟ وهو معيارنا في تقييم التطرف والاعتدال والإيمان والكفر والعلم والجهل والحكمة والحماقة والهداية والضلال ، وكما قيل الإسلام للعقل كالشمس للبصر فإذا لم تكن هناك شمس فلا ينفع البصر السليم ولكن العلمانية تظن أن بصرها ينفعها في سيرها في الظلام ، وأنها ليست بحاجة إلى شمس ، نحن لسنا ضد العقل بل ضد العلمانية والجهل .

وعند الله تجتمع الخصوم ... [ وداعا ]

أيّ عذر والأفاعي تتهادى .... وفحيح الشؤم ينزو عليلا

وسموم الموت شوهاء المحيا .... تتنافسن من يردي القتيلا

أيّ عذر أيها الصائل غدرا ... إن تعالى المكر يبقى ذليلا


موقع متخصص في نقض شبهات الخوارج

الشبهات الثلاثون المثارة لإنكار السنة النبوية عرض وتفنيد ونقض
نقض تهويشات منكري السنة : هدية أخيرة

الحداثة في الميزان
مؤلفات الدكتور خالد كبير علال - مهم جدا -
المؤامرة على الفصحى موجهة أساساً إلى القرآن والإسلام
أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية
مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة

موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع


الساعة الآن 09:23 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى