السيرة التي لا تطرب القلوب كثيراً !!
30-11-2020, 08:10 AM
بسم الله الرحمن الرحيم









السيرة التي لا تطرب القلوب كثيراً !!
قالوا من أين أنتم يا هؤلاء ؟؟،، فقلنا لهم نحن من وطن محاط بسياج الدموع ،، سياج تبدي الليونة في مظاهرها ولكنها أقوى من الفولاذ ,, نحن شعب يولد من أرحام الأمهات مقيداً بسلاسل الضيم والأغلال ،، أطواق الظلام تعانق الرقاب وقيود الظلم تحاط بالمعاصم ،، شعب حال مولده يرضع من أثداء الجحيم ويشرب من حمم البراكين ،، والفطام جرعات من الويلات التي تلازم الأعمار حتى الممات ،، وتلك النشأة في بلادي لا تهنأ إلا في خيام العزاء والبكاء ،، والحياة في بلادي تستلزم الركض فوق الأشواك من لحظة المهود وحتى لحظة اللحود ،، قواميسها ترفض البهجة والضحكة متى ما تجري الأنفاس ،، والبسمة فيها مستحيلة كاستحالة الغول والعنقاء ،، الانشراح والبهجة في وطني العزيز جدل كالخمر حرام على الأشراف والأبرار ،، بلادي يقال عنها سلة غذاء العالم وخيراتها تفوق مياه الأنهار ،، ورغم ذلك فهي خيرات محرمة على أهلها بشرعة الغدر وسلطة الأشرار ،، حيث الخيرات المحجوبة ظلماً وجوراً بفرية السطو والاحتكار .. وتلك اللعنات تلاحق بلادي في غياب الأنبياء في الأرجاء ،، ومن عجائب الأحوال في وطني أن القادة والحكام يقتلون الشعب قبل خطوة الجلاد !،، لا يملكون الرحمة بالسجية ولا تلين قلوبهم لبكاء الأرامل والأيتام ،، حكام يتشبثون بكراسي الحكم ولا يفلتون من الأيدي ذلك اللجام !،، أحوالهم كأحوال القراد الذي يتشبث بأذناب البعير في الحل والترحال ،، لا يزهدون تعففاً وكرامة لأنهم لا يملكون شهامة الرجال ،، لقد أصبحوا جدلاً كريهاً كأشواك الأسماك العالقة في الحلوق ،، لا خير في غيابهم ولا خير في تواجدهم بالليل والنهار ،، مجرد ابتلاءات من الله ومجرد فروض من فروض الأقدار !،، ومن سخرية الأحوال في بلادي أن هؤلاء القادة يبتغون تلك الهتافات والتصفيق ،، ويطالبون بالتقدير والتبجيل وهم لا يستحقون غير ذلك التنديد والتنكيل ،، لا يسعدون قلوب الرعية بتلك المآثر للفاروق عمر بن الخطاب ،، ولكنهم يوجعون أكباد الرعية بتلك الأكاذيب التي كانت لمسيلمة الكذاب .. والبون شاسع بين حاكم يتواجد غصباً عن رغبة الرعية وبين حاكم يمتطي أفراس الأنانية ،، متسلق يتشبث بالمناصب والكراسي بفرية الصلاح والإصلاح ،، وعفيف يهجر المناصب تزهداً في حال العجز والانتكاسة ,, فشتان بين قادة وقادة في دولة تكابد الأوجاع والويلات .

يقولون من أين أنتم يا هؤلاء ؟؟ .. فنقول لهم نحن أبناء سلة غذاء العالم ،، تلك السلة المزعومة التي لا تسمن ولا تغني من الجوع ،، سلة حلال على هؤلاء الأغنياء الغاصبين وحرام على أهلها الفقراء الكادحين ،، نحن شعب مكتوب عليه أن يكابد الويلات رغم تلك الوفرة في النعمة والخيرات ،، والحاكم في بلادي صاحب قلب كجلمود الصخر لا يلين لصرخة الجياع ،، ظالم ومجحف لا يبكي لبكاء الأيتام والصغار ,, ولكنه يبكي ويندب حظه حين يفقد حزمة ( الدولار ) ،، وتلك الوجوه للحكام في بلادي قد أصبحت ممقوتة بالفطرة لكثرة الأضرار ،، فلا خير في حكام لا يتقون الله في الرعية ولا يعرفون مكارم الأخلاق ،، يرتعون في برك الدموع للغلابة ويترفلون فوق نعوش الأموات ،، وتلك السيرة لهؤلاء القادة في وطني لا تطرب المسامع ،، ولا تشرف إطلاقاً مكانة من يتولى قيادة الأمة .

الكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد