المحاضرة الاولى في مقياس قانون مجتمع دولي لطلبة السنة الاولى حقوق
24-10-2008, 11:53 AM
المقياس: قانون مجتمع دولي
الموضوع: المجتمع الدولي في العصور القديمة
إن اكتشاف الزراعة ساعد الإنسان على الاستقرار و التجمع حيث تقتضي الزراعة الإقامة الطويلة في مكان ثابت لا يتغير كما أنها تركب فكرة التمدد الجماعي و الفردي لقد كانت الزراعة تقتضي وجود حدود لمكية الفرد أو الجماعة ولذلك تكون قد ساعدت مع مرور السنين على ظهور جماعات إنسانية متميزة استقرت في نطاق مساحة إقليمية محددة وخضعت لسلطة عليا واحدة أن تلك الجماعات الإنسانية قد تطور بعضها ليشكل فيما بعد الدول و الحضارات التي شهدها العالم القديم. 1)ففي حضارة ما بين النهرين: يضرب المثلى عادة بمعاهدة أبرمت في فجر التاريخ أي حوالي 3100 ق.م ما بين اينطام الملك المنتصر لدولة مدينة لاباش مع ممثلي شعب أوما وقد نصت تلك المعاهدة على حرمة الحدود التي اعترف بها شعب اوما مؤكدا هذا الاعتراف بالقسم ببعض آلهة سمراء و تضمن تلك المعاهدة شروطا للتحكيم في المنازعات. 2)في الحضارة المصرية: نجد الفراعنة قد أبرموا عدة معاهدات مع ملوك و قادة الشعوب المجاورة وهذه المعاهدات يمكن تصنيفها من 3 فئات: أ) معاهدات تبعية. ب) معاهدات تحالف. ج) معاهدات حماية. وهذه المعاهدات لا تقل أهمية من حيث التنظيم و الدقة عن المعاهدات المعاصرة وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى المعاهدة التي ابرمها فرعون مصر رمسيس الثاني مع خنيصار أمير الحيثيين سنة 1279 ق.م و التي كتبت بالغة البابلية لغة الدبلوماسية آنذاك و تنظم هذه المعاهدة علاقات السلام والتعاون بين الدولتين فهي تقضي إلى إنهاء القتال في سوريا واحترام كل من الطرفين حدود أراضي الطرف الأخر واتفق على تبادل المساعدة في حالة تعرضهما للهجوم من عدو مشترك وأن يقوما بعمل موحد للقضاء على الثوار ونصت أخيرا على تسليم أسرى الحرب إلى الجهات المختصة. 3)وفي الصين القديمة: بحث الفيلسوف لاوتزو في الحد من الحروب و العقوبات الدولية التي تمكن إيقاعها للمخالفين كما بحث الفيلسوف كونفوشيوس في القرن السادس ق.م فكرة التحاد بين الشعوب ونادي بإنشاء منظمة دولية تشبه في مهامها منظمة هيئة الأمم المتحدة حيث تبعث إليها الدول بمندوبين يمثلونها وتختارهم من بين أكثر المواطنين فضيلة وأوفرهم كفاءة. 4)وفي الهند: نجد قوانين مالو التي تم وضعها حوالي 1000 سنة ق.م و الذي بحث في عدة جوانب مما يسمى اليوم قانون الحرب و القانون الإنساني و القانون الدبلوماسي وجميعها يبحث فيها القانون الدولي المعاصر ففي قانون الحرب والقانون الإنساني أمر مالو بعدم تحطيم الحقول الزراعية وقطع الأشجار وأوجب على المحارب ألا يقتل عدوا استسلم ولا أسير حرب ولا عدوا نائما أو أعزل ولا شخصا مسالما غير محارب ولا عدوا مشتبكا نع خصم آخر وفي مجال القانون الدبلوماسي يقول مالو يتجلى في المرارة في تجنب الحرب وتدعيم السلم وأن من يرفع يده في وجه السفير يتعرض للهلاك وللإبادة وذلك لأن السفير يصان من قبل الآلهة. 5)كما ظهرت اليهودية بكتبها المقدسة: ومن بينها التثنية الذي يعتبر أقدم القواعد المكتوبة بالنسبة للحرب وهي قواعد تتسم بالقسوة و لم يكن مقصودا بها أن تكون قواعد دولية لأنها موجهة للشعب اليهودي ولكنها بما تضمنته من قواعد توضح المسلك اليهودي في شؤون الحرب وقد اكتسبت صفة القواعد الدولية والحق يقال في أن اليهود لم ينشئوا آثارا مثالية في العلاقات الدولية بسبب تمسكهم بالانعزالية وتعاليهم عن الشعوب الأخرى إذ كانوا يرفضون الدخول في علاقات سلمية مع بعض الشعوب السلمية الأجنبية فإذا شنوا الحرب عليهم عاملوهم بقسوة بالغة فلا يكتفون بقتل المحاربين في الميدان بل كانوا يفتكون بالمسنين و النساء و الأطفال في مساكنهم. 6)أن الحضارة اليونانية: قد ساهمت كذلك في تكوين القانون الدولي فكما هو معروف أن المجتمع اليوناني كان متكونا من نظم متعددة مستقلة كل منها عن الأخرى استقلالا كاملا مما أنشا مع مرور الزمن نوعا من قواعد القانون الدولي التي تنظم العلاقات التي كانت هذه المدن تتبادلها بحكم الضرورة وقت السلم ووقت الحرب فعرف اليونانيون التحكيم بسبب الخلافات التي تقوم بين مختلف المدن اليونانية المستقلة كما عرفوا بعض القواعد التنظيمية في حالة الحرب فمن القواعد التي كانت لديهم واجبة الاحترام قاعدة " وجوب إعلان الحرب قبل الدخول فيها" وقاعدة "إمكان تبادل الأسرى وجوب احتراما اللاجئين إلى المعابد" ولكن كل هذه القواعد خاصة بالتطبيق فيما بين المدن اليونانية ذلك أن اليونانيين قد ميزوا بين الشعب اليوناني و بين الشعوب المجاورة فاعتبروا سكان المدن اليونانية فقط يستحقون المعاملة بموجب أساليب التعامل الدولية التي أدرجوا على إتباعها بينما اعتبروا الشعوب الأخرى مجرد برابرة لم يعترفوا لها بأي حق وبالتالي لهم الحق في استعبادها وإخضاعها وكدليل على ذلك يمكن الاستشهاد بقول الفيلسوف اليوناني أرسطو حيث بحث هذا الأخير في بعض قواعد ما يسمى اليوم بقانون الحرب والقانون الدبلوماسي ولكنه أنكر في نفس الوقت حق الشعوب غير اليونانية من الاستفادة من هذه القواعد فيقول في كتابه السياسة "إن المدن اليونانية لها الحق في أن تتقدم معا لفتح أراضي الشعوب البربرية وهذا الحق يصبح واجبا بمجرد أن يصبح مستندا إلى قوة عسكرية تمنح الأمل بالنصر". 7)أما فيما يتعلق بالرومان: فقد كان القانون المدني الروماني لا يطبق إلا على الرومان دون غيرهم وبعد ذلك سمح الرومان بتطبيق القانون المدني الروماني على رعايا روما اللاتينيين الذين كان يطلق عليهم وصف الغرباء دون غيرهم من شعوب الإمبراطورية ولما كثر عدد الغرباء لجأت السلطات الرومانية إلى تعيين قضاة خاصين بهم يسمون قضاة الغرباء وكان هؤلاء يقومون بحل الخلافات التي تعرض عليهم ليس استنادا للقانون المدني إنما استنادا للأعراف السائدة بين المتقاضين وإلى مبادئ الأخلاق و العدالة وهذه القواعد هي التي سميت فيما بعد بقانون الشعوب كما كان للرومان نظام آخر يحكم العلاقات التي تقوم بينهم وبين غيرهم من الأمم وقد وضع هذا القانون وأشرف على تطبيقه هيئة تتكون من 20 من رجال الدين يطلق عليهم اسم "فاتيلاس" مهمتهم تطبيق القانون الإلهي المقدس على علاقات روما بغيرها من الشعوب وكان هؤلاء الرهبان يقومون بوظيفتهم عند إعلان الحرب وعند عقد السلم وعند إبرام المعاهدات و المخالفات فعلى سبيل المثال كان رجال الدين هؤلاء هم الذين يقررون ما إذا كان هناك سبب يبرر إعلان الحرب ضد شعب أجنبي. ووفقا لعادات الرومان كانت علاقات روما مع الشعوب الأخرى تتوقف على ما إذا كانت تربط بين روما والشعوب الأخرى معاهدة صداقة أو معاهدة ضيافة أو معاهدة تحالف فإن أفراد الشعوب الأخرى يتمتعون بالحماية في حالة انتقالهم أو وجودهم بروما أما الشعوب الأخرى التي لا تربطها بروما أية معاهدة فإن أفرادها وممتلكاتها لا تتمتع بمثل هذه الحماية بل يحل استعبادهم وقتلهم كما يحل الاستيلاء على ممتلكاتهم. 8)غير أن هذه الأحكام القليلة التي ساهمت مختلف الحضارات في تكوينها نجد بعض الفقهاء لا يعترفون بها باعتبار أن تلك الحضارات لم يكن لها قانونا مشتركا بين الدول القديمة لا يعتمد بالمساواة القانونية ومن ثمة فان الأسس الاجتماعية للقانون الدولي كانت ناقصة ويصف بعض الفقهاء بان القانون الدولي لم يعرف حتى لدى أكثر الشعوب القديمة حضارة و أن العالم القديم لم يستوعب المفهوم الأساسي لقانون الأمم لأنه لم يحترم الإنسان بوصفه إنسانا وكان يعتبر الأجنبي عدوا وفي أحسن الأحوال جاسوسا ولم للمعاهدات قدسيتها وبصفة عامة فان قانون القوة هو الذي كان يحكم العلاقات الدولية آنذاك وفي النهاية يمكن القول أننا لا ننكر مساهمة الحضارات القديمة عبر التاريخ الإنساني في تكوين بعض قوانين الدولي وذلك في ظل ما كانت تتبعه في علاقاتها مع غيرها من الجماعات من مبادئ و أحكام تتناسب مع ظروف العصر وعقائده لذلك يمكن القول أن القانون الدولي تطور بصفة مستمرة و صاحب الجماعات السياسية في نموها و اكتمال نظمها ومن أهم هذه المبادئ يمكن الإشارة إلى: أ-الاعتراف بوجود كيانات سياسية تتمتع بشخصيات معنوية مستقلة. ب- الاعتراف بإمكانية تمثيل هذه الكيانات لدى بعضها البعض من قبل ممثلين معتمدين ودائمين. ج- الإقرار بإمكانية قيام علاقات قانونية بين هذه الكيانات تتضمن حقوقا وواجبات متبادلة. د- الاعتقاد السائد في كافة هذه المجتمعات بأن التعهدات المبرمة وفقا لشروط شكلية تعتبر ملزمة للأطراف. ومهما يكن من أمر فان العلاقات التي كانت تقيمها هذه المجتمعات التي نسميها دولية بصورة تقريبية كانت علاقات محدودة جغرافيا وموضوعيا ولم يكن هناك ما يشبه المجتمع المعاصر الذي يتمتع إلى حد ما بنوع من التنظيم و الاستقرار ويخضع لقواعد قانونية ثابتة.
الموضوع: المجتمع الدولي في العصور القديمة
إن اكتشاف الزراعة ساعد الإنسان على الاستقرار و التجمع حيث تقتضي الزراعة الإقامة الطويلة في مكان ثابت لا يتغير كما أنها تركب فكرة التمدد الجماعي و الفردي لقد كانت الزراعة تقتضي وجود حدود لمكية الفرد أو الجماعة ولذلك تكون قد ساعدت مع مرور السنين على ظهور جماعات إنسانية متميزة استقرت في نطاق مساحة إقليمية محددة وخضعت لسلطة عليا واحدة أن تلك الجماعات الإنسانية قد تطور بعضها ليشكل فيما بعد الدول و الحضارات التي شهدها العالم القديم. 1)ففي حضارة ما بين النهرين: يضرب المثلى عادة بمعاهدة أبرمت في فجر التاريخ أي حوالي 3100 ق.م ما بين اينطام الملك المنتصر لدولة مدينة لاباش مع ممثلي شعب أوما وقد نصت تلك المعاهدة على حرمة الحدود التي اعترف بها شعب اوما مؤكدا هذا الاعتراف بالقسم ببعض آلهة سمراء و تضمن تلك المعاهدة شروطا للتحكيم في المنازعات. 2)في الحضارة المصرية: نجد الفراعنة قد أبرموا عدة معاهدات مع ملوك و قادة الشعوب المجاورة وهذه المعاهدات يمكن تصنيفها من 3 فئات: أ) معاهدات تبعية. ب) معاهدات تحالف. ج) معاهدات حماية. وهذه المعاهدات لا تقل أهمية من حيث التنظيم و الدقة عن المعاهدات المعاصرة وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى المعاهدة التي ابرمها فرعون مصر رمسيس الثاني مع خنيصار أمير الحيثيين سنة 1279 ق.م و التي كتبت بالغة البابلية لغة الدبلوماسية آنذاك و تنظم هذه المعاهدة علاقات السلام والتعاون بين الدولتين فهي تقضي إلى إنهاء القتال في سوريا واحترام كل من الطرفين حدود أراضي الطرف الأخر واتفق على تبادل المساعدة في حالة تعرضهما للهجوم من عدو مشترك وأن يقوما بعمل موحد للقضاء على الثوار ونصت أخيرا على تسليم أسرى الحرب إلى الجهات المختصة. 3)وفي الصين القديمة: بحث الفيلسوف لاوتزو في الحد من الحروب و العقوبات الدولية التي تمكن إيقاعها للمخالفين كما بحث الفيلسوف كونفوشيوس في القرن السادس ق.م فكرة التحاد بين الشعوب ونادي بإنشاء منظمة دولية تشبه في مهامها منظمة هيئة الأمم المتحدة حيث تبعث إليها الدول بمندوبين يمثلونها وتختارهم من بين أكثر المواطنين فضيلة وأوفرهم كفاءة. 4)وفي الهند: نجد قوانين مالو التي تم وضعها حوالي 1000 سنة ق.م و الذي بحث في عدة جوانب مما يسمى اليوم قانون الحرب و القانون الإنساني و القانون الدبلوماسي وجميعها يبحث فيها القانون الدولي المعاصر ففي قانون الحرب والقانون الإنساني أمر مالو بعدم تحطيم الحقول الزراعية وقطع الأشجار وأوجب على المحارب ألا يقتل عدوا استسلم ولا أسير حرب ولا عدوا نائما أو أعزل ولا شخصا مسالما غير محارب ولا عدوا مشتبكا نع خصم آخر وفي مجال القانون الدبلوماسي يقول مالو يتجلى في المرارة في تجنب الحرب وتدعيم السلم وأن من يرفع يده في وجه السفير يتعرض للهلاك وللإبادة وذلك لأن السفير يصان من قبل الآلهة. 5)كما ظهرت اليهودية بكتبها المقدسة: ومن بينها التثنية الذي يعتبر أقدم القواعد المكتوبة بالنسبة للحرب وهي قواعد تتسم بالقسوة و لم يكن مقصودا بها أن تكون قواعد دولية لأنها موجهة للشعب اليهودي ولكنها بما تضمنته من قواعد توضح المسلك اليهودي في شؤون الحرب وقد اكتسبت صفة القواعد الدولية والحق يقال في أن اليهود لم ينشئوا آثارا مثالية في العلاقات الدولية بسبب تمسكهم بالانعزالية وتعاليهم عن الشعوب الأخرى إذ كانوا يرفضون الدخول في علاقات سلمية مع بعض الشعوب السلمية الأجنبية فإذا شنوا الحرب عليهم عاملوهم بقسوة بالغة فلا يكتفون بقتل المحاربين في الميدان بل كانوا يفتكون بالمسنين و النساء و الأطفال في مساكنهم. 6)أن الحضارة اليونانية: قد ساهمت كذلك في تكوين القانون الدولي فكما هو معروف أن المجتمع اليوناني كان متكونا من نظم متعددة مستقلة كل منها عن الأخرى استقلالا كاملا مما أنشا مع مرور الزمن نوعا من قواعد القانون الدولي التي تنظم العلاقات التي كانت هذه المدن تتبادلها بحكم الضرورة وقت السلم ووقت الحرب فعرف اليونانيون التحكيم بسبب الخلافات التي تقوم بين مختلف المدن اليونانية المستقلة كما عرفوا بعض القواعد التنظيمية في حالة الحرب فمن القواعد التي كانت لديهم واجبة الاحترام قاعدة " وجوب إعلان الحرب قبل الدخول فيها" وقاعدة "إمكان تبادل الأسرى وجوب احتراما اللاجئين إلى المعابد" ولكن كل هذه القواعد خاصة بالتطبيق فيما بين المدن اليونانية ذلك أن اليونانيين قد ميزوا بين الشعب اليوناني و بين الشعوب المجاورة فاعتبروا سكان المدن اليونانية فقط يستحقون المعاملة بموجب أساليب التعامل الدولية التي أدرجوا على إتباعها بينما اعتبروا الشعوب الأخرى مجرد برابرة لم يعترفوا لها بأي حق وبالتالي لهم الحق في استعبادها وإخضاعها وكدليل على ذلك يمكن الاستشهاد بقول الفيلسوف اليوناني أرسطو حيث بحث هذا الأخير في بعض قواعد ما يسمى اليوم بقانون الحرب والقانون الدبلوماسي ولكنه أنكر في نفس الوقت حق الشعوب غير اليونانية من الاستفادة من هذه القواعد فيقول في كتابه السياسة "إن المدن اليونانية لها الحق في أن تتقدم معا لفتح أراضي الشعوب البربرية وهذا الحق يصبح واجبا بمجرد أن يصبح مستندا إلى قوة عسكرية تمنح الأمل بالنصر". 7)أما فيما يتعلق بالرومان: فقد كان القانون المدني الروماني لا يطبق إلا على الرومان دون غيرهم وبعد ذلك سمح الرومان بتطبيق القانون المدني الروماني على رعايا روما اللاتينيين الذين كان يطلق عليهم وصف الغرباء دون غيرهم من شعوب الإمبراطورية ولما كثر عدد الغرباء لجأت السلطات الرومانية إلى تعيين قضاة خاصين بهم يسمون قضاة الغرباء وكان هؤلاء يقومون بحل الخلافات التي تعرض عليهم ليس استنادا للقانون المدني إنما استنادا للأعراف السائدة بين المتقاضين وإلى مبادئ الأخلاق و العدالة وهذه القواعد هي التي سميت فيما بعد بقانون الشعوب كما كان للرومان نظام آخر يحكم العلاقات التي تقوم بينهم وبين غيرهم من الأمم وقد وضع هذا القانون وأشرف على تطبيقه هيئة تتكون من 20 من رجال الدين يطلق عليهم اسم "فاتيلاس" مهمتهم تطبيق القانون الإلهي المقدس على علاقات روما بغيرها من الشعوب وكان هؤلاء الرهبان يقومون بوظيفتهم عند إعلان الحرب وعند عقد السلم وعند إبرام المعاهدات و المخالفات فعلى سبيل المثال كان رجال الدين هؤلاء هم الذين يقررون ما إذا كان هناك سبب يبرر إعلان الحرب ضد شعب أجنبي. ووفقا لعادات الرومان كانت علاقات روما مع الشعوب الأخرى تتوقف على ما إذا كانت تربط بين روما والشعوب الأخرى معاهدة صداقة أو معاهدة ضيافة أو معاهدة تحالف فإن أفراد الشعوب الأخرى يتمتعون بالحماية في حالة انتقالهم أو وجودهم بروما أما الشعوب الأخرى التي لا تربطها بروما أية معاهدة فإن أفرادها وممتلكاتها لا تتمتع بمثل هذه الحماية بل يحل استعبادهم وقتلهم كما يحل الاستيلاء على ممتلكاتهم. 8)غير أن هذه الأحكام القليلة التي ساهمت مختلف الحضارات في تكوينها نجد بعض الفقهاء لا يعترفون بها باعتبار أن تلك الحضارات لم يكن لها قانونا مشتركا بين الدول القديمة لا يعتمد بالمساواة القانونية ومن ثمة فان الأسس الاجتماعية للقانون الدولي كانت ناقصة ويصف بعض الفقهاء بان القانون الدولي لم يعرف حتى لدى أكثر الشعوب القديمة حضارة و أن العالم القديم لم يستوعب المفهوم الأساسي لقانون الأمم لأنه لم يحترم الإنسان بوصفه إنسانا وكان يعتبر الأجنبي عدوا وفي أحسن الأحوال جاسوسا ولم للمعاهدات قدسيتها وبصفة عامة فان قانون القوة هو الذي كان يحكم العلاقات الدولية آنذاك وفي النهاية يمكن القول أننا لا ننكر مساهمة الحضارات القديمة عبر التاريخ الإنساني في تكوين بعض قوانين الدولي وذلك في ظل ما كانت تتبعه في علاقاتها مع غيرها من الجماعات من مبادئ و أحكام تتناسب مع ظروف العصر وعقائده لذلك يمكن القول أن القانون الدولي تطور بصفة مستمرة و صاحب الجماعات السياسية في نموها و اكتمال نظمها ومن أهم هذه المبادئ يمكن الإشارة إلى: أ-الاعتراف بوجود كيانات سياسية تتمتع بشخصيات معنوية مستقلة. ب- الاعتراف بإمكانية تمثيل هذه الكيانات لدى بعضها البعض من قبل ممثلين معتمدين ودائمين. ج- الإقرار بإمكانية قيام علاقات قانونية بين هذه الكيانات تتضمن حقوقا وواجبات متبادلة. د- الاعتقاد السائد في كافة هذه المجتمعات بأن التعهدات المبرمة وفقا لشروط شكلية تعتبر ملزمة للأطراف. ومهما يكن من أمر فان العلاقات التي كانت تقيمها هذه المجتمعات التي نسميها دولية بصورة تقريبية كانت علاقات محدودة جغرافيا وموضوعيا ولم يكن هناك ما يشبه المجتمع المعاصر الذي يتمتع إلى حد ما بنوع من التنظيم و الاستقرار ويخضع لقواعد قانونية ثابتة.
