أرشيف بريطاني حول مجازر 8 ماي ينشر لأول مرة
18-09-2010, 08:38 AM
أول الضحايا كان يحمل لافتة كتب عليها ''أطلقوا سراح مصالي الحاج''
كشف تقرير صادر عن القنصل البريطاني العام في الجزائر''جون إيريك ماكلين كارفال''، أرسله في 23 ماي 1945 إلى سلطات بلاده والخارجية الفرنسية، ونشر لأول مرّة أول أمس، بجريدة ''لوبوان'' الفرنسية، أن السلطات الفرنسية مسؤولة عن مجازر 08 ماي 1945 ومقتل الآلاف من الجزائريين، حيث يقر القنصل فيه بقوله: ''لقد فقد أحد الجنود الفرنسيين عقله، وأنا متأكد أنه ما كانت لتسيل كل هذه الدماء، لو لم يكن الجنود الفرنسيون متلهفين لإراقة الدماء''.
عادت صحيفة ''لوبوان'' الفرنسية إلى فتح ملف مجازر 8 ماي 1945، عبر الأرشيف البريطاني، الذي ينشر لأول مرة، وهو عبارة عن تقارير عسكرية لقنصلية المملكة البريطانية في الجزائر، مستقاة من معلومات جمعها الجنود البريطانيون المنتشرون في الجزائر، بالإضافة إلى مصادر رسمية من الحكومة الفرنسية، أعدتها القنصلية يوم 23 ماي 1945، وموقّعة من طرف القنصل العام البريطاني آنذاك ''جون إيريك ماكلين كارفال''.
نقل التقرير تطور الوضعية الأمنية في الجزائر ومراحل أحداث08 ماي 1945، التي دامت كما يقول 6 أيام، حيث يقر بأن هذه الأحداث بدأت بعد مظاهرات سلمية مرخصة، قادتها أفواج الكشافة الإسلامية ومناضلو حزب الشعب الجزائري في شوارع سطيف، شارك فيها حوالي 2000 شخص، منهم أطفال ونساء، لتعمّم بعدها في كل من: قسنطينة، فالمة، سوق اهراس ومنطقة القبائل الصغرى. وحملت المظاهرات شعار ''تحيا الجزائر حرة ومستقلة''، ''الديمقراطية للجميع'' وغيرها..
كما يشير التقرير إلى أن انحراف مسار المظاهرات التي أدت إلى الأحداث، تسبب فيها جندي فرنسي أراد مصادرة لافتة أحد المتظاهرين تحمل عبارة ''أطلقوا سراح مصالي الحاج''، وبعد رفض هذا الأخير تسليمها، فتح الجندي النّار عليه دون تردد، لينطلق بعدها الرّصاص من كل اتجاه، سواء من طرف الشرطة الفرنسية أو المعمّرين، الذين كانوا يتابعون المظاهرات من الشرفات. ليبدأ بعدها إطلاق النار على كل من يقع بين أيديهم من السكان الأصليين، أو يحمل علامات عنصرية كلون الشعر أو اللباس. ليضيف التقرير أن القنصلية البريطانية تلقت رسالة من السكان الأصليين لسطيف، أرفقها القنصل في ملف وجّه للسلطات البريطانية والخارجية الفرنسية، موضحا أن المعلومات حول الأحداث انتشرت بسرعة في الشمال القسنطيني وأدت إلى فوضى عارمة بين السكان، كانت تنذر بثورة قتل فيها عدد من الفرنسيين، لكن لم يتم التعرّض لا للبريطانيين ولا للإيطاليين العاملين لدى الفرنسيين. وقد واجهتها السلطات الفرنسية بإعطاء أوامر للدرك وحراس الغابات بالهجوم وإطلاق النار على كل متظاهر. ويكشف التقرير الذي نشرته الجريدة كما هو، أنه بعد تأزم الأمور، أعطت السلطات الفرنسية الأوامر للقوات المسلحة الجوية للتدخل وجنّدت 1200 طيار من الفرقة ,13 من مختلف النواحي العسكرية للهجوم على الشمال القسنطيني، بالضبط المنطقة الجوية الممتدة من سطيف إلى سوق أهراس، حيث قامت بقصف القرى عن طريق طائرات ''بي ''26 و''بي ''38، بأكثر من 300 إغارة، بين 08 ماي إلى 14 منه. ويضيف التقرير أن الملاحظات الجوية كشفت عن إبادة وتدمير كل القرى والدواوير الواقعة في هذا الخط الجوي.
كما يفيد نفس التقرير أن المعلومات حول عدد الضحايا لم تقدم، بينما اعترف الحاكم العام الفرنسي للقنصل البريطاني بسقوط بين 600 إلى 1000 ضحية. لكن الجهات الصحية الفرنسية، يقول القنصل، تتحدث عن 6000 قتيل و14 ألف جريح. بينما تذهب تقديرات أخرى إلى عدد أكبر بكثير من الضحايا فيما قتل بين 120 إلى 300 أوروبي.
من جهة أخرى، يرى التقرير أن الأحداث أثبتت أن هناك تحضيرا لثورة السكان الأصليين على فرنسا. مرجعا ذلك للظروف الاجتماعية المأساوية، التي يعيشها سكان سطيف والشمال القسنطيني. مذكرا بالمجاعة القاتلة التي عرفتها المنطقة في الشتاء، بالإضافة إلى استغلال حزب الشعب لهذه الظروف للدعاية لأفكاره الاستقلالية.