تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > سير أعلام النبلاء

> الشيخ العلاَّمة المكي بن عزوز البرجي البسكري، واهتداؤه إلى الحق...

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
جزائري أصيل
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 26-08-2007
  • المشاركات : 56
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • جزائري أصيل is on a distinguished road
جزائري أصيل
عضو نشيط
الشيخ العلاَّمة المكي بن عزوز البرجي البسكري، واهتداؤه إلى الحق...
22-02-2010, 11:04 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمدٍ أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين،
وبعد؛

1- ترجمة موجزة

هو الشيخ العلامة محمد المكي بن مصطفى بن محمد بن عزوز الحسني الإدريسي الجزائري 1270 هـ ـ 1334 هـ، كان قاضياً وفقيهاً ومحدِّثا.
هاجر أبوه من الجزائر ـ وبالضبط من البرج ولاية بسكرة ـ لاجئا إلى تونس هربا من وحشية الاحتلال الفرنسي، فولد هناك في مدينة نفطة، وتعلَّم بتونس، وولي الإفتاء بنفطة سنة 1297 هـ ثم قضاءها. عاد إلى تونس سنة 1309 هـ، وفي سنة 1313 هـ رحل إلى الآستانة إسطنبول، فتولى بها تدريس الحديث في دار الفنون ومدرسة الواعظين، واستمر إلى أن توفي بها.

2- اهتداؤه إلى الحق

لقد جاء في"رسائل الشيخ محمد المكي بن عزوز"جمع الأستاذ علي الرضا الحسيني، بعض الرسائل التي تبين اهتداءه إلى الحق، فمن ذلك:

1- رسالة بعثها إلى أحد علماء الكويت وهو الشيخ عبدالعزيز الرشيد صاحب مجلة "الكويت" ،وقد نُشِرَتْ في مجلته "الكويت" (الجزء 10 العدد الأول)، قال فيها رحمه الله:
وأيضاً لا نعرف في بلادنا المغربية إلا التقليد الأعمى، فقد كُنَّا نَعُدُّ الفتوى بحديث البخاري ومسلم ضلالاً!
وكما شدَّد علينا شيوخنا في ذلك، شدَّدْنا على تلاميذنا هناك؛ فالتاجر كما اشترى يبيع، ويزيد المكسب.
فَمِنْ ذلك: أنِّي عند سفري إلى المشرق، استعار مني ابن أختي الخضر ابن الحسين ـ الذي لقيتموه في المدينة ـ «نيل الأوطار» للشوكاني، فما تركتُه حتَّى أقسمَ لي بالله أنه لا يتَّبِعُه فيما يقول!
ومن ذلك أني وجدت في عام 1300 كتاب «الروضة الندية» للسيد صديق حسن خان يُباعُ عند كُتُبِيٍّ في مَكْسَرَةٍ ، اسْمُهُ الشيخ الأخضر السنوسي العُقبي، فنهرتُه وزجرتُه، وقلت له: حرامٌ عليك تبيع الروضة الندية! فصار يعتذر بمسْكَنَةٍ كأنَّه فعل خيانة!
أمَّا تصانيف ابن تيمية وابن القيم فو الله ما نظرت فيها سطراً؛ لِنُفْرَةِ قُلُوبنا منها، ومَنْ جَهِلَ شيئاً عاداه.
لكن في العاجز رائِحَةُ استِعْدَادٍ وشَوْقٍ للدليل، فلما ارتحلتُ إلى المشرق سنة 1316، واطَّلَعْتُ على كتب أهل هذا الشأن باستغراق الوقت ـ لا وَاشِي ولا رَقِيبٌ ـ ، وأمعَنْتُ النَّظر بدون تعصب؛ فَتَحَ الله على القلب بقبول الحقيقة، وعَرَفْتُ سوء الغِشَاوة التي كانت على بصري، وتدرَّجْتُ في هذا الأمر حتى صارت كتب: الشوكاني، وصديق خان، وشروح «بلوغ المرام»، وما والاها؛ أَرَاها من أعزِّ ما يُطَالَع.
أما كتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم فمن لم يشبع ولم يرو بها فهو لا يعرف العلم.
ويلحق بها كتب السفاريني، وجلاء العينين للسيد نعمان، وآثار إبراهيم الوزير ونحوهم.
ومنذ عرفتُ الحقائق؛ استَرْذَلْتُ الحُكْمَ بلا دليلٍ، والحمد لله .
(وإنَّا لنرجو فوق ذلك مظهراً ).
ومن اللَّطائف أن في الشهر الأول والثاني من انْفِتَاح البَصِيرة، أُلْقِيَ إليَّ في مُبَشِّرَةٍ مَنَاِمَّيةٍ قولُه تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ).


2- رسالة بعثها إلى علاَّمة الشَّام الشيخ بهجت البيطار
جاء فيها ما يلي:
ومما أتعجب منه وأتأسف، ما رأيته في نتائج مخالطاتي لأهل العلم ومناظراتي ومذاكراتي: أنِّي أجدُ الشبان والطلبة الصغار أقرب قبولاً للحق، وذوقاً للصواب، وسروراً بالدليل من الشيوخ، وأكثر الشيوخ جامدون على ما أَلِفُوه، ومن أحبارهم ورهبانهم عَرَفُوه، ولا أدري: هل ذلك لطول قعودهم في أرض التقليد؛ صاروا كمَنْ دُقَّتْ له أوتادٌ، والتَحَمَتْ تلك الأوتادُ بالأرض؛ فلا يستطيعون النهوض منها؟
أم لأنَّ غالِبَ الشيوخ أكبر مني سناً؛ فهم يأنفون من أن يستفيدوا ممن هو أصغر منهم؟
أم كيف الحال؟
وعلى كل حال أتذكَّرُ ـ عند ذلك ـ قوْلَ الشَّاعر:
إن الغصون إذا قوَّمْتَها اعتدلَتْ * ولن تلينَ إذا كانت من الخشب
وإني أحمدُ الله تعالى على أن أنقذني من أَسْرِ التقليد، وصرتُ إذا رأيتُ تعنُّتهم، واتِّخاذَهم أحبارَهم ورهبانَهم أرباباً من دون الله، أتلو قوله تعالى مُذَكراً لنفسي آلاءَ الله: (كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ)؛ لأنِّي كنت أرى قول فقيهٍ: «المعتَمَدُ كذا»، أو «اِسْتَظْهَرَ شيخُنا كذا»؛ كأنَّه بيْنَ دفَّتَيْ المصحف، ـ والله ـ بل آكد "أستغفر الله"؛ لأني أقول: الآية لا أفهمها مثله!
ونظن كل كلمة قالها مالكي فهي من مقولات مالك، أو حنفي فأبو حنيفة، أو شافعي...إلخ والخروج عن الأربعة كالكفر ولو أيَّدَه ألف حديث!
والحمدلله الذي عافانا، مع بقاء احترامهم، ومحبَّتهم في قلوبنا.
وأخبركم أني لما بدأت في الاستضاءة بنور الحديث، ووَزْنِ خلافات الأئمة والفقهاء بالأدلة، وصرت أصلي بالقبض والرفع...الخ، وذلك سنة ست عشرة وثلاثمائة وألف، أُلْقِيَ لي في المنام قوله تعالى: (سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). ، وقمتُ بها من المنام على لساني.
ولا تنسونا من الدعاء، ودمتم بخير، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في ذي الحجة سنة 1327 حافظ ودكم . محمد المكي بن عزوز .


وللحديث صلة وبقيَّة بحول الله تعالى.
التعديل الأخير تم بواسطة جزائري أصيل ; 22-02-2010 الساعة 11:50 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
جزائري أصيل
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 26-08-2007
  • المشاركات : 56
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • جزائري أصيل is on a distinguished road
جزائري أصيل
عضو نشيط
Re: الشيخ العلاَّمة المكي بن عزوز البرجي البسكري، واهتداؤه إلى الحق...
23-02-2010, 08:10 AM
فرح العلماء بتوبته وشهادتهم له بالنبوغ العلمي:

1- رسالة القاسمي إلى الألوسي
هذا نصُّ رسالة أرسلها علاَّمة الشام جمال الدين القاسمي إلى علاَّمة العراق محمد شكري الألوسي، وقد أوْرَدَهَا صاحب كتابُ «رسائل المكي بن عزوز» الذي سبق ذكره:
«إنَّ حضرة العالم النحرير، سليل العلماء الأفاضل السيد محمد المكي بن عزوز التونسي نزيل الأستانة كان من أشداء المتعصبين للجهميين والقبوريين، ثم بصّره الله تعالى الحق فاعتنقه، وأصبح يدافع عنه.
وهذا الفاضلُ لشُهْرَةِ بَيْتِه، ونَبَاهَةِ أمْرِه؛ يُعدُّ بأُلُوف! وقد هاجر من نحو اثني عشر عاماً من تونس إلى الأستانة، وكان ردَّ على الصيادي في تأليف سماه: «السيف الرباني في الرد على القرماني».
ثم إنَّ الأستاذَ الكبير صَفِيَّنَا البيطار، لماَّ زار الأستانة هذا العام مع الوفد الدمشقي، زار السيِّدَ، وجرَّ البحثُ إلى مسائل سلفية، ثم إنَّ الأستاذ كاتَبَهُ من شهر، فأجابَهُ الآن بجوابٍ نقلتُ مَحَلَّ الشَّاهِدِ منه، وأشَرْتُ إلى طالبٍ عندنا، فَنَقَلَ صورةَ ما نقلتُه، وترونَه طَيَّ هذا الكتاب.
وإذا كان لمولانا ـ أيَّدهُ الله ـ أصْدِقاءُ في الأستانة يكاتبهم، فلا بأس بمكاتبة السيد المنوَّه به، وإني في هذا البريد سأكتُبُ له بما أرسلتُ لفضيلتكم من كلامه، وأُعرِّفُه بسامي مقامكم، عساه يزداد بصيرة ونوراً، فالحمد لله على توفيق هذا السيد وهدايته لما هُدي له» .

2- جواب الألوسي عن رسالة القاسمي
ذكر هذه الرسالة الأستاذ محمد العجمي في كتابه: «الرسائل المتبادلة بين القاسمي والألوسي»، (ص 113 ـ 115 ):
«سرّني ما كان من المراسلة بين السيد محمد المكي وبين السلفيين في دمشق.
وهذا الرجل أعرفه منذ عدة سنين ؛ فإنَّ كتابه «السيف الرباني[في عُنُقِ المُعْتَرِضِ على الغَوْثِ الجيلاني]»، لمَّا طُبِعَ في حضرة تونس، أَرْسَلَ منه لنقيب بغداد عدداً كثيراً من نُسَخِه، فأعطاني النقيب يومئذ نسخة منه، فطالعتُها فرأيْتُ الرَّجُلَ من الأفاضل؛ غَيْرَ أنَّه لم يَقِفْ على الحقائق، فلذلك اسْتَحْكَمَتِ الخُرَافَاُت في ذِهْنِهِ؛ فتَكَلَّم على السَّلفيِّين، وصَحَّحَ بعضَ الأكاذيبِ الَّتي يتَعَلَّقُ بها مُبْتَدِعَةُ الصُّوفيَّة، وغير ذلك من: تجويز الاستغاثة والتوسُّل بغير الله، وإثبات التصرف لمَنْ يُعْتَقَدُ فيهم الولاية، والاستدلال بهذيان ابن دحلان ونحوه...، كما ترى بعضاً من ذلك في الورقة المنقولة عن كتابه، فأرسلت له كتاب «منهاج التَّأسيس»، مع التتمَّة المسماة بـ«فتح الرحمن»، وذلك سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة وألف، وكان إذْ ذاك في تونس لم يهاجر بعد، ولم أُعْلِمْهُ بالمُرْسِلِ، ويَخْطُرُ لي أَنِّي كَتَبْتُ له كتاباً أيضاً اِلْتَمَسْتُ منه أنْ يُطَالِعَ الكتاب كُلَّه، مع التمسُّك بالإنصاف، ولم أذْكُرْ اسمي ولا خَتَمْتُهُ بِخَتْمِي، وأرسلتُ كلَّ ذلك إليه مع البريد الإنكليزي، وبعد ذلك بمدة هاجر إلى القسطنطينية، وكان يجتمع كثيراً مع ابْنِ العَمِّ علي أفندي، ويسألُه عن كتب الشَّيخَيْنِ، ويتشَوَّقُ إليها، وقد اجتمعَ به ابْنُ العَمِّ في هذا السَّفَر الأخير، وأخبرني عنه أنَّه الآنَ تَمَذْهَبَ بِمَذْهَبِ السَّلَفِ قولاً وفعلاً، وأصْبَحَ يُجَادِلُ أعداءَهُ، ويُخَاصِمُ عنه، ولم يَزَلْ يُتْحِفُنِي بِسَلامِه، ويتفَضَّل عليَّ بالتِفَاتِهِ».
التعديل الأخير تم بواسطة جزائري أصيل ; 23-02-2010 الساعة 08:12 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
جزائري أصيل
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 26-08-2007
  • المشاركات : 56
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • جزائري أصيل is on a distinguished road
جزائري أصيل
عضو نشيط
رد: الشيخ العلاَّمة المكي بن عزوز البرجي البسكري، واهتداؤه إلى الحق...
24-02-2010, 08:53 AM
موقفه من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب
جاء في ثنايا رسالة الشيخ محمد المكي بن عزوز إلى صديقه الشيخ بهجة البيطار الدمشقي ـ التي سبق ذِكْرُها ـ، مانصُّه:
«كتبتُ إلى حبيب لي في المدينة المنورة ما نصُّه:
سؤال خصوصي:
أخبرني بإنصاف، واعْلَمْ أنَّك مسؤولٌ في عَرَصَات القِيامَةِ عن ذلك: أخبرني عن الوهابية الذين ترون: معاملاتُهم، وحالتُهُم مع السنَّة، والحضرة النبوية؟
فأنا إلى الآن ما اجتمعت بوهَّابي، وقد تناقضَتْ عندي المسموعات بالأُذُن، والمَرْئِيَّاُت في الكُتب بالأَعْيُنِ!
وبيان التناقض نقرِّره لك ـ يا حبيبُ ـ لتَعْرِفَ كيف تُجيبَنِي؛ فإن المقام خطير:
بعض الناس يقولون:
- الوهابية يُحَقِّرُون المقامَ النبويَّ، ولا يرون فَرْقاً بينه وبين بقعة خالية في الأرض!
- ويقولون لمن شَرِبَ الدُّخان: أشْرَكْتَ بالله! ـ وهذا لا معنى له ـ.
- ويُضلِّلُون مَنْ أثنى على رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنارة!
- ويُكَفِّرُون مَنْ زار قَبْرًاً، ودَعَا اللهَ عنده، ويستَحِلُّون دمه!
وهؤلاء القادحون فيهم يقولون على سبيل القدح: هم تابعون ابْنَ تيمية أحمدَ تقيَّ الدين!
فهنا جاء التناقضُ؛ فإنَّ ابنَ تيمية إمامٌ في السنَّة كبيرٌ، وطَوْدٌ عظيمٌ من أطْوَادِ العِرْفَان، حافظٌ للسُّنَّة النبوية، ومذهبِ السَّلَف، يَذُبُّ عن الدِّين، ويَقْمَعُ المارقين ؛ كالمعتزلة، والقدرية، والرَّافضة، والجهمية، ما فارقَ سبيلَ الصَّحابة والتابعين والأئمة الأربعة قَيْدَ أُنْمُلَةٍ، وإنْ كان حنبليًّا في الفروع، فهو في أصول الدِّين جامِعٌ لمذَاهِبِ الأربعةِ الأئِمَّة، والأربعة الخلفاء الراشدين ومن سلك سبيلهم.
فإنْ كان الوهابيَّةُ حقيقةً على منهج ابن تيمية وابن القيم ونحوهما من فقهاء الحنابلة السنية فهم أسعد الناس بالشريعة؛ لأنَّ ابْنَ تيميَّة وأصحابَه لم يُسِيِء القَوْلَ فيهِم؛ إلاَّ القاصرون عن درجاتِهِم عِلْماً وتحقيقاً، والرَّاسخون في العلم شهدوا بعُلُوِّ مكانتهم.
وإن كان الوهابية مُتَّصفين بالصفات الذميمة المشار إليها أولاً؛ فأوَّلُ خَصْمٍ لهُم ابْنُ تيمية ونظراؤُه من أئمَّة الحنابلة، فليسوا بتابعيهم.
وبعض الناس يقولون: الوهابية هم القائمون بالسنة، المتجنِّبُون للبِدَع، المتَّبِعُون للحديث الشريف، وعلى مذهب أحمد بن حنبل وطريقة السلف في الاعتقاد.
وقد كنت طالعتُ الرسائلَ المؤلَّفَةَ من محمد بن عبد الوهاب وأصحابِه، ورأيتُ ما كتبه الجبرتيُّ في «تاريخه» من عقائدهم وسيرتهم، فما هي إلا طريق السنة ليس فيها ما يُنْكَرُ، ورأيتُ رسائلَ القادحين فيهم يَنْسِبُون لهم الدَّوَاهي والعظائم، والوهابية ينفون ذلك عن أنفسهم، لا يحتجُّون لِحُسْنِ تلك القبائح.
تنَّبَه للفرق بين قَوْل المتَنَصِّلِ مما نُسب إليه، وقوْلِ المُحَسِّنِ ما نُسبَ إليه:
فالأول: منسلِخٌ من اعتقاد ذلك وفعله، معتَرِفٌ بقبحه، مكذِّبٌ لمَنْ وَصَفَه به.
والثاني: معترف باتصافه.
تأمَّل هذه النقطة!
وفي الحقيقة: (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
فأنا أسألك عن الوهابية الحاضرين في عصرنا؟
فإنَّ رجُلاً أخبرني أنَّهم يكونون مُقِيمِين في المدينة، ويأتون إلى المسجد ولا يقفون على القبر الشريف؛ يُسَلِّمُون عليه، وعلى الصَّاحٍبَيْنِ، ونَحْوُ ذلك؟!
فإنْ صَحَّ هذا؛ فما أَشْبَهَ هذا الجفاءَ بالعداوة لصاحب القبر الشريف.
فأريدُ منك أنْ تجتمعَ بِفُلان وفُلان في مَحَلٍّ لا رابِعَ لكُم إلاَّ الله ـ فإنْ زِدْتُمْ آخرَ تعرفونه مثلكم فيما ألاحظه منكم؛ فذلك عُهْدَتُه عليكم ـ وتقرأون كتابي هذا بتأمُّل، وتجيبونني بما تحصَّل لكم، ذاكرين قوله تعالى: (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا).
واعْلَمُوا أنَّ من البلايا المتسَلِّطَة على الدِّين، وإيمان المسلمين؛ أنَّه صار الذي يَصْدَعُ بالحديث النبوي الصَّحيح مُقَدِّماً له على عُصَارَةِ المُتَفَقِّهِين؛ يُقَالُ له: أنْتَ وهَّابي! وأحكي لكم لطيفةً: كنتُ سألتُ بعضَ متفَقِّهَة مكة الحنفية عن رَجلٍ أعْرِفُه من أكبر الفضلاء،قلت له: كيف حال فلان؟ فقال لي: ذلك وهابي! قلت له: كيف وهابي؟ قال: يتَّبعُ البُخاري!!
فلما حكيتُها للسيد عبدالرحمن الجزولي عليه الرحمة والرضوان ـ وأنا نَزِيلٌ عنده إذ ذاك ـ ضَحِكَ، وقال: هل البخاري شيخ الوهابية؟
وقد سمعت كثيراً من الناس يقولون:
مَنْ يَتَّبِعُ الحديثَ؛ فهو وهَّابي!
ومَنْ يعتقِدُ عقيدةَ السَّلِف؛ فهو وهابي!
فقلت لهم: أنا لا أعرف الوهابية، وكلامكم يدل على أنهم سُنِّيُون صِرْفاً؛ فقد مدحتموهم مدحاً كبيراً من حيث قدحتم فيهم، نتمنَّى أن يكون مُقَلِّدَةُ المذاهب كلهم هكذا إن كنتم صادقين فيما تقولون، لكنَّ الجاهِلَ يَهْرِفُ بما لا يعرف؛ ولذلك يقال له: (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ)، وقال تعالى: (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ).
وليكن جوابُكم بما شاهدتُموه، لا بِمَا يَنْقُلُه المغَفَّلُون، والأعداءُ المتَعَصِّبُون.
هدانا الله وإياكم للقول السديد ..».
التعديل الأخير تم بواسطة جزائري أصيل ; 28-02-2010 الساعة 07:47 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
جزائري أصيل
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 26-08-2007
  • المشاركات : 56
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • جزائري أصيل is on a distinguished road
جزائري أصيل
عضو نشيط
Re: الشيخ العلاَّمة المكي بن عزوز البرجي البسكري، واهتداؤه إلى الحق...
25-02-2010, 08:36 AM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جزائري أصيل مشاهدة المشاركة
فَمِنْ ذلك: أنِّي عند سفري إلى المشرق، استعار مني ابن أختي الخضر ابن الحسين ـ الذي لقيتموه في المدينة ـ «نيل الأوطار» للشوكاني، فما تركتُه حتَّى أقسمَ لي بالله أنه لا يتَّبِعُه فيما يقول!
تنبيه هام: الاسم الملون بالأزرق هو الشيخ محمد الخضر الحسين الذي كان شيخا للأزهر من سنة 1952م إلى 1954م.
وقد كان من كبار المصلحين، وله مؤلفات عديدة.
وقد ظنَّ بعضهم أنَّه تونسي وهوفي الحقيقة جزائري من البرج ، ولاية بسكرة، و لايزال بعض أفراد عائلته هناك ، و الشيخ محمد المكي بن عزوز المترجَمِ له في هذه السطورخَالُهُ.
التعديل الأخير تم بواسطة جزائري أصيل ; 25-02-2010 الساعة 08:44 AM
  • ملف العضو
  • معلومات
جزائري أصيل
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 26-08-2007
  • المشاركات : 56
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • جزائري أصيل is on a distinguished road
جزائري أصيل
عضو نشيط
رد: الشيخ العلاَّمة المكي بن عزوز البرجي البسكري، واهتداؤه إلى الحق...
28-02-2010, 08:52 AM
شَكْوَاهُ من غُرْبَةِ الدِّين الحَقٍّ في زَمَانِه
1- مقتطفات من رسالته للشيخ العلامة بهجة البيطار الدمشقي
«وما أشرتُم إليه في مَكْتُوبِكُمْ من السَّيْرِ على منهاج الكتاب والسُّنَّة، وعقيدة السلف، فأنْفُثُ نَفْثَةَ مَصْدُورٍ، مُغْتَمَّ القلب بما يَرَى ويَسْمَعُ من قَلْبِ حقَائِقِ الأُمُور:
أنتم مَنَّ اللهُ عليكم بِجُلَسَاء مُوافِقِين لِمَشْرَبِكُم في الْتِمَاس الحَقَائق، والتِزَام أقْوَمِ الطَّرَائِقِ؛ ذَوْقٌ وإِنْصَافٌ، واتِّصَافٌ بأجْمَلِ الأوْصَافِ، كرُفَقَائِكُم الَّذين شَرَّفوا مَنْـِزَلَنا، وأكْرَمُونا بتلك الأخْلاقِ الكريمة، وكالأستاذ الجمال القاسمي وغيرهم ممن لم نَحْظَ بِرُؤْيَتِهم، فَبَلِّغوهُم سَلاَمِي، وخُلُوصِ غرامي.
وأما الحقير هنا ـ أيْ: في الأستانة ـ فكما قال القائل:
ما أكْثَرَ النَّاسَ؛ لا بَلْ ما أَقَلَّهُم * اللـهُ يَعْـَلُم أَنِّي لَمْ أَقُلْ فَنَدا
إنِّي لَأَفْتَـُح عَيْنِي حِيــنَ أَفْتَحُـــــها * على كَثِيرٍ ولكن لا أَرَى أَحَداً
فلا أجد من أُطارحه مسائلَ العلم الصحيح؛ لأنَّ الناس ـ بالنظر إلى هذا المقام ـ على قسمين:
- جاهل لم يُزَاولِ العلمَ أصلاً؛ فهو لا يفقه ما نقول، وحسبه إن سأل أن أجيبَه بزبدة الحكم، وهو أحبُّ إليَّ ممَّنْ عرف بعض العلم إن لم يفتنه فاتن؛ لأنه وإن لم أستفد منه مذاكرة تُفكِّه عقلي، وتُنَقِّحُ نقلي، فقد أفادني من الله أجراً، وقد يكونُ لِغَيْرِهِ سَلْسَبِيلُ تلكَ الإِفَادَةِ أَجْرَى.
- والقسم الثاني: طالبُ علمٍ زاوَلَ العلمَ؛ فَشَمَّ رائحتَه، وجَمِدَ على ما عَهِدَ من شيخٍ مثْلِه، فهذا أحسنُ أخلاقه أنْ لا يسْمَعَ لقوْلِكَ، ولا يَتَحدَّثَ بما يُؤذي!
وإنما قلْتُ: أحسنُ؛ لأنَّ غيْرَهُ ـ من أهل العِنَاد الحَمْقَى ـ يُضَلِّلُون من خالَفَ ما اعْتَادوه.
سُئِلْتُ مرَّةً في مجلس: هل تجوز الاستغاثة بأولياء الله؟ فقلت: لا يُستغاث إلا بالله. وفي المجلس شيخ كبير ممن يعاني تدريس العلم عارضني بأنه يجوز، فقلت له: ما دليلك؟ فقام مغضباً قائلاً وهو ذاهب: دليلي قول اللقاني:
وأثبِتَنْ للأوليا الكرامَهْ * ومَنْ نفاها فانْبَذَنْ كــلامَهْ
فانظُرُوا الدَّليلَ، وتَنْـِزيلَهُ على الاعْتِرَاضِ!
هؤلاء لا يفرِّقون بيْن معنى الاسْتِغَاثة، ومعنى الكرامة، وهو من الضروريات!!»
2- مقتطفات من رسالته للشيخ عبد العزيز الرشيد الكويتي
«دخل عليَّ السُّرورُ ـ ما اللهُ به عليمٌ ـ في التَّعرَّف بكم، وظَفْرِي بصاحبٍ مثْلَكُم؛ وذلك أنَّ قلْبِي مُوجَعٌ من غُرْبَةِ العلم والدِّين وأهلِه، وقِلَّة أنْصَارِه. وإيضاحُ هذا:
أنَّي لست أعني بالدِّينِ الدِّينَ الذي قَنَعَ به أكثرُ طلبة العَصْرِ، والمنتسبين إلى العلم في الشرق والغرب من كل مذهب من مذاهب أهل السنة.
سارت مشرِّقِةً وسِرْتَ مُغَرِّباً ** شَتَّان بين مُشــرِّقٍ ومُغَرِّبِ

ولكنِّي أعني بالعلم والدين: عِلْمَ السُّنَّة، وما الدِّيُن إلاَّ اتِّبَاعُهَا، وإيثَارُها على عُصَارَات الآراء، وهجومات المتفقِّهَة.
وما التَّوحيدُ إلاَّ توحيدُ السلف الصالح، وأمَّا غيُره فأشْبَهُ بالضَّلالات، وزلقات الهفوات.
إنَّنا نجِدُ فقيهاً تقيًّا، مُحِبًّا للسنَّة، ومُبْغِضاً للبدعة، متعفِّفاً من تناول الحرام، واقفاً موقف النصح والإرشاد للخلق، حَسَنَ النيَّة، لكنَّه جاهِلٌ بعبادات النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه في شؤونه كلها.
وقد يكونُ عارِفاً بها أو ببعضها، ويتركُ المتابعةَ النبويَّةَ عَمْداً؛ لأنَّها خالَفتْ قَوْلَ فقهائه، ولو تُخْبِرُه بإصَلاحِ عِبَادة، أو تَحْرِيرِ حُكْمٍ شرعيٍّ بِنَصٍّ نَبَوي؛ يَنْفُرُ منك نُفْرَتَه من العدو، ورآك مخادعاً ، ولربما اتخذك عدواً مبيناً بعد المحبَّة والصُّحبة، ويحكم بضلالك؛كل ذلك لغُلُوِّه في التقليد!
ولا يخفى أن أولئك لا يقال لهم علماء إلا مجازاً، بلا خلاف في ذلك كما قاله ابن عبدالبر وغيره.
وتجد آخَرَ متفنِّناً بعدَّة علوم، وربما يكون مطَّلِعاً على دواوين الحديث نبيهاً، له هِمَّةٌ تَنْبُو به عن التقليد، يبالغ في تتبُّع الأدلَّة، فينقلب عن الدين، ويَتِيهُ في اعتقاد تأثير الطبيعة حتَّى يُنْكِرَ معجزات الأنبياء، وينكر كونها خارقةً للعادة، ونحو ذلك من القول بنَفْيِ حَشْر الأجساد في الآخرة، ونفْيِ تَنَاسُل البَشَر من آدم وحواء....الخ.
وإياها أعني في عدة مباحث من «العقيدة الإسلامية» التي رأيتموها بجُدَّة، وبعض هؤلاء أيضاً لهم حسن نية في تعديهم الحدود.
فهذان الفريقان اللذان هما على طرَفَيْ نقيض: أحدهما مُفْرِطٌ، والآخَرُ مُفَرِّطٌ، كلاهما يعُدُّهما المغفلون من علماء الدين، ولكُلٍّ منهما أتباعٌ وأنصار! (انعق بما شئت تجد اتباعاً) .
- والقسم الثالث: وهم الأوْسَطُون الذين تَفَقَّهُوا بِفِقْهِ الأئِمَّة رضوان الله عليهم، واعْتَنَوْا بالحديث الشَّريف مع تَفَنُّنٍ في الأصول والعلوم العربية، ودقَّقُوا مسائِلَهُم الدينية؛ فَمَا كان من الفقه سالماً من مُصَادَمة سُنَّةٍ بَقَوْا عليه، وما صادَمَها نَبَذُوه، وعَذَرُوا قائِلَه بعَدَم بُلُوغ الخَبَر له، هذا فيما يتعلق بالعلم العملي، وأما الاعتقادي فهو معذور في الابتداء في كتب المتكلمين، ثم يترقَّى بطريقة السلف، ولا تؤخذ حقيقتهما إلاَّ من كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وصاحبِه ـ الذي هو نُسْخَةٌ صحيحةٌ، لا تَحْرِيفَ فيها ـ الشَّمسُ بْنُ القيم؛ فيعتقد ما هناك بأدلَّة متينة وإيمان راسخ، فيصبح من الفرقة الناجية التي عرّفها النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم على ما كان عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
وهذا القسم الثالث الذي هو على الصراط المستقيم، المدعوُّ بالهداية إليه في الفاتحة بكل ركعة، قليل في الوجود مع الأسف، قال الله تعالى: (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
فأنا أنظر شرقاً وغرباً فأرى كما قيل:
ما أكْثَرَ النَّاسَ؛ لا بَلْ ما أَقَلَّهُم *** اللـهُ يَعْـَلُم أَنِّي لَمْ أَقُلْ فَنَدا
إنِّي لَأَفْتَـُح عَيْنِي حِيــنَ أَفْتَحُـــــها *** على كَثِيرٍ ولكن لا أَرَى أَحَداً
ورُبَّما أجدُ في مليون من الخلق واحداً؛ فأنا أشَدُّ فَرَحاً مِنْ وِلادَةِ ولَدٍ ذَكَرِ لابْنِ السِّتِّينَ، الفَاقِدِ البَنِينَ!».
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 11:23 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى